1
1
2017
1682060025806_1145
70-80
http://www.arjish.com/index.php/arjish/article/download/14/12
http://www.arjish.com/index.php/arjish/article/view/14
أبو الحسن السندي منهج المصطلحات الأصولية المباحث اللغوية صحيح البخاري أبو الحسن السندي منهج المصطلحات الأصولية المباحث اللغوية صحيح البخاري
كل محدث من القدامى والجدد الذي يشرح الأحاديث ويفسرها يعتني بتوضيح المصطلحات من أصول الفقه والفقه واللغة، لأن الفهم في الحديث لا يحصل للقارئ الكريم حتى تتبين له هذه المصطلحات. و بمعرفة هذه المصطلحات يستطيع أن يعطي لجميع المسائل الشريعة حقها ويضعها في موضعها وبهذا يستقيم رأيه في المسائل والشرح للحديث الشريف.
نظرا لهذه الأهمية الكبيرة اهتم الشيخ السندي بتنقيح كل من هذه المصطلحات العلمية بالمنهج العلمى. لقد اعتنى في تعليقاته هذا ببيان المصطلحات الأصولية، واعتنى فيها بمصطلحات علم أصول الفقه وأحيانا تعرض لمصطلحات علم أصول التفسير وهذا قليل جدا، ولم ينس كذلك الاعتناء بالمباحث اللغوية.
أما منهجه في تنقيحها فهو عند التعليق على الحديث الذي يؤخذ منه هذه الأصول أو القواعد يتعرض لها، وأحيانا يذكر لها الدلائل دون أن يشير إلى أسماء الأصوليين والفقهاء واللغويين والمصادر لهذه العلوم إلا في بعض المواضع من المباحث اللغوية كما سيـأتي فيما يلي. وكذلك لا يطيل فى تنقيحها وإنما يتناولها بالاختصار والإيجاز. وفيما يلي أتناول هذه المصطلحات بالترتيب مع ذكر الأمثلة:
مصطلحات أصولية
دلالة صيغة الأمر
والراجح عند الأصوليين أن صيغة الأمر لا تدل بوضعها على وجوب المأمور به على الفور أو التراخي، وإنما يستفاد الفور أو التكرار من القرائن أو الأدلة الخارجة عنها فقوله تعالى "اقيموا الصلاة"[1] لا يدل بذاته على أن الأداء على الفور، وإنما استفيد الفور من تحديد الأوقات يتم فيها الأداء ويحرم التأخير عنها[2]. ينقح الشيخ هذه الدلالة للأمر قائلا بأن الأمر إذا كان مقيدا بالظرف يدل عندئذ على الفور وإلا فلا:
المثال:
كما قال عند التعليق على قطـعة "ألم يقل الله استجيبـوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم"[3] من حديث أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه:
"لا يقال الأمر لا يدل على الفور لأنا نقول ذاك إذا كان مطلقا، وأما المقيد بظرف كما ههنا فلابد فيه من مراعاة التقييد وعند اعتبار التقييد ههنا يلزم وجوب الاستجابة عند النداء ولو في الصلاة كما لا يخفى"[4].
العموم
ومعنى العموم لغة الشمول والإحاطة، تقول العرب عمهم الصلاح والعدل أي شملهم، وعم الخصب أي شمل البلدان أو الأعيان. ومنه سميت النخلة الطويلة عميمة وقد عرفه الأصوليون[5] بأنه لفظ وضع وضعا واحدا لكثير محصور مستغرق جميع ما يصلح له وذلك كلفظ السارق في قوله تعالى "والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"[6]، ولفظ المطلقات في قوله تعالى "والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء"[7]. ومن ألفاظ العموم لفظ " كل" الذي اعتنى به الشيخ في المثال الآتي:
المثال:
قـال الشيـخ عند التعليق على قطعة "أولكلكم ثوبان" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"إذ الأصل فى الأحكام هو العموم والخصوص لا يثبت بلا دليل فإذا ثبت جواز الصلاة في ثوب واحد لشخص أو في حال فالأصل هو الجواز للكل وفى جميع الأحوال إلا إذا دل الدليل على خلافه ففي هذا الجواب بيان لقاعدة أن الأصل في أحكام الشرع هو العموم[8].
عام مخصوص منه البعض
هو مصطلح أصولي مشهور وهو ثالث أقسام[9] العام، والمراد به العام الذي خصص منه البعض، فالتخصيص بيان له وتفسير له بمعنى أن ما أخرجه الدليل المخصص من العام لم يكن داخلا فيه ابتداء. والمعلوم إنه لا خلاف بين الأصوليين في جواز تخصيص العام وإخراج بعض ما تناوله من الأفراد بدليل مخصص. مثاله: "اقتلوا المشركين"[10] دل هذه الآية على جواز قتل كل مشرك ظاهرا فإذا جاء قوله تعالى: "وان احد من المشركين استجارك فاجره"[11] عرفنا أن لفظ المشركين في الآية الأولى كان مرادا منه غير طالب الإجارة والأمان، إذن خصصت الآية الثانية الآية الأولى. وفي المثال الآتي تعرض الشيخ لهذا المصطلح كما يلي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "والشؤم في ثلاث" من حديث ابن عمر رضي الله عنه:
"هذا معارض في الظاهر لقوله "لا طيرة" وأجيب بأن لا طيرة عام مخصوص إذ قوله والشؤم الخ في معنى الاستثناء من الطيرة أى الطيرة المنهي عنها".[12]
تخصيص العام
كما أننا عرفنا أنه لا خلاف في تخصيص العام ولكن وقع الخلاف بين الأصوليين في شروطه فالأحناف يشترطون شروطا ثلاثة وهي:
الأول: أن يكون دليل التخصيص لفظيا ولا يكون عقليا أو حسيا فمثال العام المقصور على بعض أفراده بواسطة العقل قوله تعالى: "الله خالق كل شىء"[13] فان العقل يقصره على غير ذاته تعالى فليست مخلوقة له. ومثال العام الذي قصره الحس على بعض أفراده قوله تعالى في بلقيس ملكة سبا: "واوتيت من كل شيء"[14] فإن الحس يدل على أن بلقيس لم تؤت بعض الأشياء فقصر العام على بعض أفراده بواسطة الحس لا يسمى تخصيصا ولا يـأخذ حكمه.
والثانى : أن يكون دليل التخصيص مستقلا ويقصد بالمستقل ما لا يحتاج إلى غيره وغير المستقل يحتاج إلى غيره، وعلى ذلك يخرج قصر العام على بعض أفراده بواسطة الاستثناء أو الشرط أو الصفة أو الغاية عن التخصيص فلا يعتبر تخصيصا ولا يأخذ حكمه فمثال الاستثناء قوله عليه السلام: "لا نكاح إلا بولي"، وقوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب". ومثال الشرط قوله تعالى: "فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله"[15]. ومثال الصفة قوله تعالى: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم التي دخلتم بهن"[16]. ومثال الغاية قوله تعالى: "اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق"[17]. فقصر العام على بعض أفراده بهذه الأدلة المتصلة من الاستثناء والشرط والصفة والغاية ليس تخصيصا بالمعنى الاصطلاحي عند الأحناف.
والثالث: أن يكون الدليل المخصص مقارنا للعام بمعنى صدورهما في وقت واحد فإن علم تقدم أحدهما وتـأخر الآخر كان المتأخر ناسخا للمتقدم. ومثل ما اجتمعت فيه هذه الشروط الثلاثة قوله تعالى: "احل الله البيع وحرم الربا"[18].
أما الشافعية فهم لا يشترطون ما يشترطه الأحناف من كون الدليل المخصص لفظيا مستقلا مقارنا، فالتخصيص عندهم يكون بالدليل اللفظي والعقلي والحسي ويكون بالدليل المستقل وبغيره ويكون بالمقارن وبغيره. وفي المثال الآتي اعتنى الشيخ هذا المصطلح من هذه الناحية:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "عند موته تـأثما" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:
"وكون الخاص يخصص العام سواء كان متقدما أو متأخرا مذهب بعض الأصوليين فيجوز أن معاذا لا يرى ذلك بل يرى أن المتأخر منهما ناسخ للمتقدم كما هو مذهب أصحابنا الحنفية، وعلى هذا يمكن أن يكون التأخير إلى الموت للتردد فيما بين التخصيص والنسخ أو لعدم الكتمان قبل ذلك".[19]
ما تستعمل فيه صيعة الأمر
استعملت صيغ الأمر في معان عدة، فمنها الوجوب كقوله تعالى: "اقيموا الصلاة". ومنها الندب كقوله تعالى: "فكاتبوهم"[20]. ومنها: الإباحة كقوله تعالى: "واذا احللتم فاصطادوا"[21]. ومنها التهديد كقوله تعالى: "اعملوا ما شئتم"[22] إلى غير ذلك من المعاني التي لا يصار إليها إلا بالقرينة. وفي المثال الآتي اعتنى الشيخ بهذا المبحث.
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة " إذا أتيت مضجعك فتوضأ" من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه:
"أي لئلا يأتيك الموت بغتة فتكون على هيئة كاملة والأمر للندب.[23]
النهي للتنزيه
وهو أيضا مصطلح أصولي مشهور، وصيغته تستعمل في سبعة معان ذكرها الغزالي والآمدي وغيرهما. أحدها: التحريم كقوله تعالى: "ولا تقتلوا النفس"[24].
والثاني: الكراهة كقوله تعالى: لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول.
والثالث : الدعاء كقوله تعالى: "ربنا لا تزغ قلوبنا"[25].
والرابع : الإرشاد كقوله تعالى: "يايها الذين امنوا لا تسئلوا عن اشياء"[26] الآية.
والخامس: التحقير كقوله تعالى: "ولا تمدن عينيك"[27] الآية .
والسادس : بيان العاقبة كقوله تعالى: "ولا تحسبن الله غافلا"[28].
والسابع : اليأس كقوله تعالى: "لا تعتذروا اليوم"[29] الآية.[30]
وتدل صيغته على غيرها من المعاني من باب المجاز بواسطة القرينة كما مر في مبحث الأمر. واعتناه الشيخ به من ناحية استعمال صيغته من باب المجاز مع ذكر القرينة كما في المثال الآتي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
"والنهي للتنزيه إذ لو كان للتحريم لبطل النذر وسقط لزوم الوفاء به".[31]
منسوخ التلاوة باقي الحكم
المثال:
قال الشيخ عنـد التعليق على قطعة "انزل الله اية الرجم" من حديث ابن عباس رضي الله عنه:
"وهي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة لكن نسخت تلاوتها دون حكم".[32]
المصطلحات الفقهية
تعني المصطلحات التي يبحث عنها في علم الفقه من الوجوب والندب والحل والحرمة وغيرها من المصطلحات كما نقول الصلاة فرض. اهتم الشيخ السندي في تعليقاته بهذه المصطلحات الفقهية حسبما يلي:
سنة أو ندب
المثال:
قال الشيخ عنـد التعليق على قطعة "ثم اسجد" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"إن هذا الحديث صريح في الدلالة على جلسة الاستراحة بل ظاهره وجوب جلسة الاستراحة ولا أقل من كونها سنة أو ندبا".[33]
وجوب
المثال:
كما قال الشيخ عند التعليق على قطعة "فان لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف" من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه:
"قد حمل الليث الحديث عملا بظاهر الأمر وأن يؤخذ ذلك منهم إن امتنعوا قهرا وقال أحمد بالوجوب على أهل البادية دون القرى وتأوله الجمهور على المضطرين فان ضيافتهم واجبة".[34]
الجواز وعدم الجواز
المثال:
كما قال عند التعليق على قطعة "صام عنه وليه" من حديث عائشة رضي الله عنها:
"وهذا الحديث صريح في جواز الصوم عن الغير".[35]
وكما قال عند التعليق على قطعة "فلا تختلفوا عليه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"استدل به على عدم جواز صلاة المفترض خلف المتنفل لما فيها من الاختلاف بين الإمام والمأموم نية وهو ضعيف، لأن المراد عدم الاختلاف في الأفعال بدليل التفسير بقوله فإذا ركع الخ كيف ولو كان شاملا للاختلاف نية لما كانت صلاة المتنفل خلف المفترض جائزة مع أنه جائز".[36]
الكراهة
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "ليعلموا أنها سنة" من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف:
"فهذا الحديث لا يفيد الوجوب نعم هو يرد قول من يقول بكراهة فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة".[37]
الإباحة
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "وعندي جاريتان" من حديث عائشة رضي الله عنها:
"لم يرد به الاستدلال على أن اللعب والغناء من سنن العيد إذ مثل اللعب لا يوصف بالسنية بل غايته أن يوصف بالإباحة".[38]
المصطلحات الحديثية
قول الصحابي كنا نؤمر بكذا
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على كلمة "بالعتاقة" من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها:
"وقد وضح برواية زائدة السابقة أن الأمر في رواية عثام هو الرسول وفيه تقوية للقائل ان قول الصحابي كنا نؤمر بكذا له حكم الرفع وهو الأصح".[39]
قول الصحابي من السنة كذا
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "ليعلموا أنها سنة" من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف:
"إن قول الصحابي من السنة كذا في حكم الرفع".[40]
جهالة الرواة من الصحابة
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "ذكر لي" من حديث عباس عن طريق عبيد الله بن عبد الله:
"بالبناء للمفعول ولا يضر جهله لأنه صحابي والصحابة كلهم عدول".[41]
الضعيف
المثال:
قال شيخ عند التعليق على قطعة "يخرج كما هو" من ترجمة باب الجامع الصحيح:
"ما رواه الترمذي في فضائل علي وحسنه من قوله صلى الله عليه وسلم يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ....لأنه حديث ضعيف كما صرح به كثير من الحفاظ".[42]
الرواية الشاذة
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "قال أطلقوا ثمامة" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"والأقرب أن رواية ابن خزيمة شاذة لتعارضها لروايات الصحيحين".[43]
المرسل
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "كنا نأكل معه الجراد" من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه:
"زاد في رواية ويأكل معنا وأما خبر أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجراد فقال لا اكله ولا أحرمه فمرسل".[44]
المسائل اللغوية
اهتم الشيخ السندي في تعليقاته هذا اهتماما كبيرا ببيان المسائل اللغوية وتوضيحها، فذكر مسائل علم البلاغة والنحو واللغات المختلفة في الألفاظ. أتناولها فيما يلي:
البلاغة عند أهل المعاني يطلق على معنيين:
أحدهما: بلاغة الكلام وتسمى بالبراعة والبيان والفصاحة أيضا، وهي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.
وثانيهما : بلاغة المتكلم وهي ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ أي لا يعجز بها عن تأليف كلام بليغ. فالبلاغة بمعنييه أخص مطلقا من الفصاحة فكل بليغ كلاما أو متكلما فصيح ولا عكس وهو يسمى أيضا علم المعاني والبيان. فمن مصطلحات علم البلاغة:
اللف والنشر
هو مصطلح مشهور عند أهل البلاغة وهو من إحدى وجوه تحسين الكلام المعنوي في علم البديع، وكما أننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب، وأوتي الحكمة من عند الله تبارك وتعالى فنجد في كلامه صلى الله عليه وسلم من أسرار البلاغة والفصاحة، ثم بعده بلغ أصحابه الذين اتبعوه في ساعة العسرة واهتدوا بهديه مبلغا من البلاغة والفصاحة فنجد في كثير من الأحاديث من المصطلحات البلاغية. لأجل توضيح المعاني للحديث اعتنى الشيخ السندي بهذه المصطلحات العلمية حسبما يلي:
المثال الاول:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية" من حديث أنس رضي الله عنه:
"وعمـرة في ذي القعدة على اللف والنشر ويلزم على هذا الوجه ترك ذكر عمـرة الجعرانة".[45]
القلب
وهو أيضا من مصطلحات البلاغية ومن إحدى وجوه تحسين الكلام اللفظي. تعرض لهذا المصطلح العلمي الشيخ السندي بالأسلوب الآتي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "سمي النفاس حيضا" من ترجمة باب الجامع الصحيح:
"والأقرب عندي القول بالقلب ولا شك أن القلب من جملة البلاغة إذا تضمن نكتة لطيفة كما هنا وهي الإشارة إلى أن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم اسم النفاس ينبغي أن يعتبر أصلا وتسمية أم سلمة له حيضا هو كالفرع المحتاج إلى البيان".[46]
الاستعارة
وهو أيضا من مصطلحات البلاغية، ومن قسم علم البيان. وهي اللفظ استعمل فيما شبه بمعناه الأصلي لعلاقة المشابهة كأسد في قولنا "رأيت أسدا يرمي"، وكثيرا ما يطلق الاستعارة على فعل المتكلم أعني على استعمال اسم المشبه به في المشبه، فعلى هذا يكون بمعنى المصدر ويصح منه الاشتقاق فهما إذن فالمشبه به والمشبه مستعار منه ومستعار له، ولفظ المشبه به مستعار لأنه بمنزلة اللباس الذي استعير من أحد فالبس غيره[47]، وسر بلاغة الاستعارة من ناحية اللفظ أن تركيبها يدل على تناسى التشبيه ويحمل الانسان عمدا على تخيل صورة جديدة تنسيه روعتها ما تضمنه الكلام من تشيبه خفي مستور كقول البحتري في رثاء المتوكل وقد قتل غيلة:
صريع تقاضاه الليالي حشاشة يجود بها والموت حمر أظافره[48]
اعتنى به الشيخ السندي شرحا للحديث الشريف ومبينا للنقاط البلاغية كما يلي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "ويحك يا انجشة" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:
"وأراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت في المشي واشتدت فأزعجت الراكب ولم يؤمن على النساء السقوط، وإذا مشت رويدا أمن على النساء وهذا من الاستعارة البديعة لأن القوارير من الزجاج المكني بها عن النساء أسرع شيئا تكسرا فأفادت الكناية من الحض على الرفق بالنساء في السير ما لم تفده الحقيقة لو قال ارفق بالنساء".[49]
الكناية
وهي في اللغة مصدر كنيت بكذا عن كذا أو كنوت إذا تركت التصريح به، وفي الاصطلاح لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه[50].
ومن أسباب بلاغة الكناية أنها تضع لك المعاني في صور المحسات. اعتنى به الشيخ السندي كالمثال الآتي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "أنا وكافل اليتيم" من حديث أبي حازم:
"قال أنا وكافل اليتيم الخ كأنه كناية عن زيادة قرب الكافل اليتيم إليه صلى الله عليه وسلم من بعض الوجوه وإلا فمعلوم أن درجته صلى الله عليه وسلم أرفع".[51]
أسلوب الحكيم
وهو من مصطلحات البلاغية ومن قسم البديع واستعمل في الكتاب والسنة كقوله تعالى: "يسالونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج" ومثال الحديث سيأتي. قد اعتنى به الشيخ السندي كما في المثال الآتي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "وإني بأرضك السلام فقال أنا موسى" من حديث ابن عباس رضي الله عنه:
"هذا جواب من أسلوب الحكيم".[52]
مسائل النحو
بفتح النون وسكون الحاء في اللغة الجانب والطريق والقصد. وفي الاصطلاح علم يعرف به كيفية التركيب العربي صحة وسقما، وموضوع هذا العلم اللفظ باعتبار هيئة التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية لا مطلقا فإنه موضوع العلوم العربية. أما مسائله الأحكام المتعلقة بالموضوع كقولهم الكلمة إما معرب أو مبني، والغرض منه الاحتراز عن الخطـأ في التأليف والاقتدار على فهمه والإفهام به.[53] ودون هذا العلم في القرون المتقدمة بعد أن توسعت ربقة الإسلام ودخل فيها من ليس لغتهم الأم اللغة العربية ولأجل أنهم بدءوا يخطئون في اللغة العربية كثيرا ربما يصل إلى الإفساد في اللغة، وهذا كان هو السبب في تدوين هذا العلم المهم. وأصبح هذا العلم علما مدونا له مصطلحات تختص بها ويمتاز بها عن غيرها من العلوم. فنرى الشيخ السندي في تعليقاته هذا يعتني به كما في الأمثلة الآتية:
المفعول له
المثال:
قال الشيخ عنـد التعليق على قطعة "إيمانا واحتسابا" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
"أى طلبا للأجر وهما في الإعراب مفعول له أي الحامل له على ذلك الإيمان بالله أو بما ورد في فضله مثلا، وكذا الحامل له طلب الأجر من الله لا الرياء والسمعة، وقرره القسطلاني حالا في المواضع كلها فقال أي حال كون قيامه إيمانا واحتسابا[54] وهكذا ولا يخفى بعده، أما أولا فلأن القيام لا يكون نفس الإيمان فلا يصح الحمل بين الحال وصاحبها، وأما ثانيا فلأن ظاهر كلامه يقتضى أنه حال من القيام ولا ذكر القيام إلا في ضمن الفعل فكأنه جعله حالا من الفعل نفسه ولا يخفى أن الفعل لا يصلح أن يكون ذا حال فافهم".[55]
مبتدا خبر
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "لا نورث ما تركنا صدقة" من حديث عائشة رضي الله عنها:
"ما مبتدا وصدقة خبر أي الذي تركناه صدقة ".[56]
منع الصرف
المثال:
قـال الشيـخ عند التعليق على قطعة "في بئر أريس" من حديث ابن عمر رضي الله عنه:
"بمنع صرف أريس على الأصح بالمدينة قرب مسجد قباء وهو موضع".[57]
حتى تعليلية
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على قطعة "حتى يصده" من ترجمة باب الجامع الصحيح:
"حتى تعليلية".[58]
البدل
المثال:
قال الشيع عند التعليق على قطعة "يقول يوم قريظة" من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
"أي بدل قوله يوم خندق".[59]
تهذيب اللغات
يوجد في اللغة العربية الألفاظ التي فيها لغات متعددة منها رديئة ومنها جيدة مثلا بعض الناس نطقوا كلمة واحدة بكسر عين الماضي وفتح عين المضارع وبعضهم نطقوها بفتح عين الماضي وكسر عين المضارع. والأئمة اللغة أمثال الإمام الأزهري وابن الأثير والنووي وغيرهم يهتمون بها حيث يبينون في كتبهم اللغوية لغة رديئة من جيدة عند اللغويين الذين يعتد بهم. والقسم الثاني من تهذيب الأسماء واللغات يحتوي على هذا النوع من اللغة. اتباعا لمنهج اللغويين المتقدمين اعتنى الشيخ السندي في تعليقاته بتهذيب هذه الألفاظ التي تختلف فيها اللغات كما في المثال الآتي:
المثال:
قال الشيخ عند التعليق على كلمة "يخطفها" من حديث عائشة رضي الله عنها:
"بفتح الطاء أي يأخذها الكاهن وماضي يخطف خطف بالكسر ويقال خطف يخطف بالفتح في الماضي والكسر في المضارع وهي لغة رديئة".[60]
خلاصة:
نظرا للأهمية الكبيرة للمصطلحات العلمية من الأصول والفقه ومسائل اللغة اهتم الشيخ السندي بتنقيح كل من هذه المصطلحات العلمية بالمنهج العلمى في حاشيته علي صحيح البخاري . وهو اعتنى في حاشيته هذا ببيان وتنقيح لهذه المصطلحات العلمية بالاختصار غير المخل كما رأينا.
أما منهجه في تنقيحها فهو عند التعليق على الحديث الذي يؤخذ منه هذه الأصول أو القواعد يتعرض لها، وأحيانا يذكر لها الدلائل دون أن يشير إلى أسماء الأصوليين والفقهاء واللغويين والمصادر لهذه العلوم إلا في بعض المواضع من المباحث اللغوية كما شاهدنا. وكذلك لا يطيل فى تنقيحها وإنما يتناولها بالاختصار والإيجاز.
حوالہ جات
- ↑ البقرة: 43
- ↑ السرخسي، شمس الأئمة، محد بن أحمد بن أبي سهل، الأصول، بيروت، دار المعرفة، ج1 ص 26
- ↑ الأنفال: 24
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج3 ص97
- ↑ السرخسي، شمس الأئمة، محد بن أحمد بن أبي سهل، الأصول، بيروت، دار المعرفة، ج1 ص157
- ↑ المائدة: 38
- ↑ البقرة: 228
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج1 ص76
- ↑ والاثنان هما: الباقي على عمومه كقوله تعالى: حرمت عليكم امهاتكم الآية و الآخر: العام المراد به الخصوص. كشاف اصطلاحات الفنون، التهانوي: محد علي، بيروت: دار صادر، ج3 ص1017
- ↑ التوبة: 5
- ↑ التوبة: 6
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج4 ص19
- ↑ الزمر: 62
- ↑ النمل: 23
- ↑ البقرة: 230
- ↑ النساء: 23
- ↑ المائدة: 6
- ↑ البقرة: 275
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج1 ص37
- ↑ النور: 33
- ↑ المائدة: 2
- ↑ فصلت: 40
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج4 ص99
- ↑ الانعام: 151
- ↑ آل عمران: 8
- ↑ المائدة: 101
- ↑ طه: 131
- ↑ ابراهيم: 42
- ↑ التحريم: 7
- ↑ البيضاوي، عبد الله بن عمر، نهاية السول في شرح منهاج الوصول، بيروت، عالم الكتب، ج2 ص293
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج4 ص158
- ↑ نفس المصدر ج4 ص179
- ↑ نفس المصدر ج4 ص89
- ↑ نفس المصدر ج4 ص71
- ↑ نفس المصدر ج1 ص334
- ↑ نفس المصدر ج1 ص133
- ↑ نفس المصدر ج1 ص231
- ↑ نفس المصدر ج1 ص170
- ↑ نفس المصدر ج2 ص79
- ↑ نفس المصدر ج1 ص231
- ↑ نفس المصدر ج4 ص217
- ↑ نفس المصدر ج1 ص60
- ↑ نفس المصدر ج2 ص62
- ↑ نفس المصدر ج3 ص 309
- ↑ نفس المصدر ج1 ص395
- ↑ نفس المصدر ج1 ص65
- ↑ التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر، مختصر المعاني، ملتان، المكتبة الحقانية، ص370
- ↑ البحتري، الوليد بن عبيد بن يحي، ديوان البحتري، مصر، دار المعارف
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج4 ص73
- ↑ مختصر المعاني ص432
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج4 ص52
- ↑ نفس المصدر ج1 ص36
- ↑ التهانوي، محد علي،كشاف اصطلاحات الفنون، بيروت، دار صادر، ج3 ص1431
- ↑ القسطلاني، أحمد بن محد بن أبي بكر، إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري، بيروت، دار الفكر، ج3 ص351 . وقال ابن المنير: والأولى أن يكون منصوبا على الحال وقال غيره انتصب على أنه مفعول له. فتح الباري شرح سحيح البخاري، ابن حجر، أحمد بن علي بن محد، القاهرة، دار الريان للتراث، ج8 ص350
- ↑ السندي، أبو الحسن محد بن عبد الهادي، حاشية السندي علي صحيح البخاري، مصر، دار إحياء الكتب العربية، ج1 ص325
- ↑ نفس المصدر ج4 ص164
- ↑ نفس المصدر ج4 ص35
- ↑ نفس المصدر ج4 ص 74
- ↑ نفس المصدر ج4 ص254
- ↑ نفس المصدر ج4 ص20
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Volume 1 Issue 1 | 2017 | ||
Article Title | Authors | Vol Info | Year |