1
2
2020
1682060026458_555
1-28
https://islamicjournals.com/ojs/index.php/IRJIS/article/download/20/13
https://islamicjournals.com/ojs/index.php/IRJIS/article/view/20
Caliph Jerusalem Kiblah Islam Muslims Caliph Jerusalem Kiblah Islam Muslims
الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين ، سيدنا محمّد سيد الأوّلين والآخرين ، إمام أهل الدين ، أما بعد :
إنّ أعظم من قام بنشر دعوة الإسلام في التطبيق والمنهجية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،هم الصحابة الكرام رضي الله عنهُم فبنوا لنا المجد والتاريخ ،وأقاموا لنا أُسس الحضارة الإسلامية، وصاروا نجوماً يَهتدي بهم الحيارى، وكانت الهِمم العالية مع زكاة أنفسهم العنوان الأسمى لها رفعة الدين، وكان الواحدُ منهم مدرسةً في التربية والأخلاق، وحازوا قصب السبق في كلّ شيء، فهُم القِمة في الدّين والورع و الجهاد في سبيل الله، والعلم والعمل والتربية وزكاة النفوس، وأشدّ الناس إخلاصا ًوتحريّاً للحق وسعيا ًإليه، وهم الذين قرنوا العلم بالعمل، وإذا جهلوا أمراً سألوا عنه، وكانوا أشد الخلق تشوقاً إلى العلم والتفقه في دين الله ، وكان الواحد منهم لا يستحي أن يقول لا أعلم .. ، أو الله ورسوله أعلم ، وقد أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن والسنة والعمل بهما، وإذا فات أحدهم شيءٌ من العلم لم يَغمض له جفنٌ حتى يدركه، ولهذا تحقق لهم من الخير والمجد ما جعلهم خير القرون.
لهذا فإن الحديث عن هؤلاء والكتابة عنهم، أو الإقتداء بهم هو بحق ثمرةٌ مباركة تُؤتي أُكلها كلّ حينٍ بإذن الله ، بل إن السعي إلى دراسة آثارهم من أهم الواجبات علينا اليوم، في زمن اختلطت فيه الأفكار واضطربت الموازين، وعَلت فيه أصواتُ أهل الباطلِ والشهواتِ للصدِّ عن سبيل الحق بدعوى باطلةٍ وأماني سراب.
قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام([1])
قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ([2])
ثم إن دراسة حياة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، أو التركيز على جانب من الجوانب يُعد من أهم الواجبات ونَصب الحجة والبرهان والدليل على عظمة التربية الإسلامية وأثرها في الأشخاص الذين تربوا على هذا الدين الحق و تبياناً لمدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم التربوية والأخلاقية التي صنعت هذا الجيل الفذ الذين درسوا في المدرسة المحمدية، والاستفادة من هذه التربية الربانية العظيمة في إعادة صياغة الأمة الإسلامية، وإصلاحها كما قال الإمام مالك رحمهُ الله تعالى :((لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)). ([3])
إن لفت أنظار أبناء الأمة الإسلامية إلى هؤلاء الرجال الأفذاذ، والاستفادة من تراثهم التربوي والأخلاقي والنفسي يُعتبر سفينة النجاة للأجيال المسلمة الواعية ؛ لأنهم جعلوا قدوتهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم.
ولما كان الصحابة هم خير جيلٍ عرفته البشرية، ولم يتسنَّ للتاريخ أن يذكر لهم مثيلاً في الصفات والأفعال،كان لِزاماً على كلّ باحثٍ عن الحق والهدى أن يَردَ ماءَهم، وينهل من منهلهم العذب، الذي لا يأسن ويستقي من صفوِ علمهم، وأن يقتدى بأفعالهم وأن يدل أبناء الإسلام إلى هذا الخير الوفير.
لهذا كانت هذه الدراسة عن علمٍ من أعلام الصحابة، جعل الله له من الخير ما جعله، ونزل الوحي مُصدقاً على آراءهِ، وهو الذي لا حظَّ ولا حُظوة للشيطان بين يديه، ولا يستطيع أن يسلك مسلكاً قد سلكه، وقد بلغ علمه ونظره في مالآت الأمور ومقاصد الشرع ومصالح الأمة، والموازنة بين المصالح والمفاسد ، حيث كان رضي الله عنه مدرسةً مستقلةً، ليس في زمانه بل على مدى تاريخ الإسلام، ألا إنه هو الصحابي الجليل ((عمر بن الخطاب رضي الله عنه) .
فقد بيّن الباحث في هذا البحث الذي يتكلم عن بعض الجوانب المتعلقة بشخصية سيدنا عمر ( ألا وهو البعد النفسي والتربية) في النظر إلى أهمية القدس عنده رضي الله عنه ومدى أهميتها عند أصحاب الحضارات الإنسانية، ومدى أهتمام العرب والمسلمين فيها على الصعيد النفسي، أو الجغرافي، أو الإقتصادي، أو السياسي، أو الثقافي والحضاري.
ومن هنا بيّن الباحث في بحثه تلك الأهمية للقدس في نظر سيدنا عمر بن الخطاب زمن الجاهلية وأثر اهتمامه بها في شخصيته ومسلكه ، وهل كانت القدس في نظره واهتمامه، منذ اللحظة الأولى في تاريخ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد الإسلام ، وأبرز تلك الاهتمامات أو الأبعاد النفسية والوجدانية في العهد النبوي الشريف، وفي خلافة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
وقد أبرز الباحث أسباب الإهتمام لسيدنا عمر بن الخطاب بالقدس أثناء خلافته رضي الله عنه، وتسيير الجيوش لفتحها، ومدى أهمية القدس في عيون الصحابة الكرام رضي الله عنهم ، ولماذا القدس ؟، التاريخ والموقع ، وما الذي فعله سيدنا عمر بالتشاور مع الصحابة للوصول إلى الهدف المنشود بيت المقدس مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، ومكان اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم ،ومدى تعبئة جند الله لأهمية القدس.
مرحلة فتح القدس وحصارها والجيوش التي انطلقت من اليرموك ،والمساندة بجيش خالد بن الوليد رضي الله عنه، تحت لواء أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، من أجل الوصول إلى قلب القدس وتحريرها، وإعلاء الأذان على أسوار القدس ومقدساتها، وماذا فعل الصحابة للتفاني عنها؟، وما الأبعاد النفسية والوجدانية والتربوية عندهم؟
فتح القدس وما كان فيه من فيضٍ في الاتجاهات النفسية والوجدانية، والآثار التربوية الناجمة عن الفتح، وأخلاقيات الصحابة الكرام مع غيرهم، وإظهار عدالة الإسلام والعهدة العمرية، وما نجم عنها في التعامل مع أهل القدس ومقدسات القدس، ودعوة الناس إلى دين الحق ، وأبرز تلك المحطات في التعامل مع الأقليات تأسيساً لفقه الأقليات في تاريخ الإسلام،
قال تعالى : ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ([4])= تساؤلات الدراسة: =
هذه الدراسة تحاول الإجابة عن التساؤلات التالية:
- ما مدى اهتمام الحضارات والأمم السابقة وأمة الإسلام بالقدس .
- ما معالم اهتمام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالقدس ..
- ما معالم الفكر التربوي عند سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..
- ما ملامح حياة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
- ما أهم الآراء والأفكار والدلالات التربوية والنفسية عند سيدنا عمر بن الخطاب تجاه القدس.
أهداف الدراسة:
- إبراز معالم الفكر التربوي عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- إبراز أهمية القدس عند الحضارات السابقة والحضارة الإسلامية.
- ما المعالم والدلالات التربوية والنفسية عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه تجاه القدس ..
- إبراز الدور التربوي للصحابة الكرام والاستفادة منه في واقعنا المعاصر.
- محاولة تأصيل سبب الإهتمام بالقدس عند الصحابة الكرام ،وسيدنا عمر بن الخطاب خاصة.
أهمية البحث:
رغم أن المكتبة الإسلامية تحتوي بعض الدراسات التي اعتنت بحياة و فكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولكنها جميعاً تفتقد إلى إبراز الجانب التربوي والتعليمي والنفسي من سيرته ، إذ جميعُها أغفل هذا الجانب، وركزت على جانب الخلافة والورع والفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم التي اشتهر بها.
ولقد كان عمر بن الخطاب نموذجاً فريداً في تربيته للأمة ، حيث كان يمارس ويطبق آراءه في المجال التربوي، والنفسي، والتعليمي، والديني، والأخلاقي، في بيئةٍ علمية نقلت لنا كثيراً من أفكاره الثاقبة، ونظره في فقه الموازنات والمقاصد، وعلمه بأحوال الناس وفطنته وخبرته بأعراف البشر، وسبره للتاريخ ومعرفة البلدان وأحوالها، والمجالات التربوية والنفسية، وكيف كان يتعامل مع قضية القدس قبل الفتح وبعده ؟.
ويمكن أن نوجز أهمية هذه الدراسة فيما يلي:
- مكانة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الإسلام وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما امتاز به من علمٍ وجهاد ودعوة إلى الله تعالى و تأثيره في مجريات عصره .
- إن شخصية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه التربوية والنفسية لم تحظَ بالدراسة المتكاملة، التي توضح أبعادها الكاملة في إطار شمولي متكامل.
- إن مدرسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في جانبها التربوي والنفسي لا تقل أهمية عن الجوانب الأخرى، في الخلافة والإمامة، والشورى، والفقه، والتفسير، والحديث ،والقراءات وغيرها من العلوم التي اشتهرت بها هذه المدرسة، والتي حظيت باهتمام الباحثين في تلك المجالات.
- إن كشف علاقة سيدنا عمر بن الخطاب بالقدس وسرّ اهتمامه بها، يُعطينا التصور الكامل في آليات تكوين منظومة من بذل الجهد والوسع ،والحرص على الإهتمام بالقدس وعدم الغفلة عن أحقية المسلمين بمعالم المكان الطاهر المقدس.
- ضرورة تأصيل الفكر التربوي الإسلامي المعاصر، وذلك من خلال إعادته إلى أصوله الأساسية الكتاب والسنة، وفهم وتطبيق الصحابة لهذين المصدرين، ولعل فكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه التربوي خيرُ مثالٍ على ذلك.
- إن دراسة تاريخ التربية الإسلامية ودراسة شخصياتها التاريخية تُعد مصدرا حيويا ًيمدنا بالحلول لكثيرٍ من المشكلات التي تصادف مشروعنا التربوي المعاصر، وذلك في جميع جوانبه النظرية أو التطبيقية، وإعداد الجيل وبناء المجتمع وتأهيله في توثيق آليات الحفاظ على القدس الشريف وتخليصه من براثن وأوساخ اليهود الأنجاس ...الخ.
مشكلة البحث:
تعتبر دراسة الفكر التربوي الإسلامي من خلال التجربة العربية الإسلامية عملاً يكشف بوضوح ملامح تلك التجربة في إيجابيتها وسلبيتها، مع الكشف عن أبعاد تلك التجربة وآثارها، لا لإحلال الماضي محل الحاضر بل لإعادة بنية الوعي، واستمراريته عبر الماضي، وربطه بالحاضر،و إعادة تأسيسه في الوعي التربوي الإسلامي المعاصر.
من أعظم شخصيات الإسلام التربوية، وأكثرها أثرا ًو تأثيراً على مرّ العصور شخصية الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولهذا فإبراز هذه الآراء التربوية، ومحاولة إيجادها من خلال تتبع آثار ومرويات هذا الصحابي الجليل، وتتبع أقوال وشهاداتِ أصحابه ومعاصريه لرسم الشخصية التربوية للصحابي، ليسهل على المربين المسلمين الاستفادة منها والتزود بها هي غاية هذه الدراسة.
منهجية البحث
يعتمد الباحث في دراسته على المنهج الاستقرائي التاريخي ، تبعاً لطبيعة البحث بالعمل على جمع المعلومة من مظانّها من مصادرها القديمة والحديثة، وذلك لمعرفة ما أبرز الإتجاهات النفسية والوجدانية لسيدنا عمر بن الخطاب، إضافة إلى المنهج الاستنباطي حيث قام الباحث بدراسة النصوص دراسة تحليلية للنصوص من السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، والكتب التربوية والنفسية؛ لاستخلاص البعد النفسي والتربوي في التعامل مع القدس والمسرى الشريف.
الدراسات السابقة:
جميع الدراسات التي كتبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اقتصرت على الجانب التاريخي، أو الورع والزهد والفتوحات والخلافة والفقه، أو هي دراسة سيرته أو صور من حياته ولم تبرز الفكر التربوي والنفسي عنده وصور تطبيقاته، و تهدف هذه الدراسة بمشيئة الله تعالى إلى إبراز ذلك، أما الدراسات التي وقف الباحث عليها فهي أقرب إلى دراسة سيرته و إبراز الجوانب العلمية (الفقه – الحديث – التفسير، القراءات) ومن هذه الدراسات:
1- دراسة للطالبة انتصار يوسف عبد القادر،بعنوان ((القيم التربوية في حياة عمر بن الخطاب ) ، رسالة ماجستير لكلية التربية تخصص أصول التربية، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عام 2010 وقد اشتملت الدراسة على تعريف بسيرة سيدنا عمر بن الخطاب وتحليل بعض المواقف التربوية في مسيرة حياته، لكن لم تتعرض الباحثة الى علاقته بالقدس والمواقف التربوية والنفسية في ذلك.
2- محمد رواس قلعة جي: موسوعة فقه عمر بن الخطاب، دار النفائس، الرياض، 1992م ضمن سلسلة موسوعات فقه السلف، يعرض المؤلف في هذه الموسوعة فقه عملاقٍ من عمالقة الفقه الإسلامي، مرتباً على الطريقة المعجمية، وهي طريقة إنفرد بها المصنِّف، تُيسر الوصول إلى أي حكم شرعي ومعرفة رأي المجتهد موضوع البحث بسهولة وسرعة ، ولم يتعرض للجوانب التربوية والنفسية وتحليل المواقف فيما يخص العلاقة مع القدس .
ونسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى إبراز الفكر التربوي عند هذا الصحابي الجليل ، ومدى اهتمامه بالقدس وابرز المحطات في ذلك۔
المبحث الأول: موجز عن تاريخ القدس
استوطن الكنعانيون العرب في مدينة القدس منذ قرابة خمسة الآف عام وأسموها "أورسالم" أي مدينة السلام، وقيل أن الملك العربي الذي بناها اسمه سالم ،([5]) ثم خضعت مدينة القدس للحكم الفرعوني من القرن 16 – 14 ق.م، وخلال هذه الفترة هاجر أبناء سيدنا يعقوب عليهم أفضل الصلاة والسلام، الذي يسمى كذلك "إسرائيل" إلى مصر حيث كان أخوهم يوسف قائمًا على خزائن الأرض حفيظاً لها وعالماً بأحوالها ، فاستقر الموحدون المسلمون في مصر وكثر عددهم، ولكنهم تعرّضوا للاضطهاد على يد الفرعون رمسيس الثاني الوارد ذكره في القرآن الكريم فقرر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام الخروج بهم إلى أرض كنعان، فتبعهم فرعون وجنوده وغرقوا في البحر، ومكث بنو إسرائيل في الصحراء أربعين سنة( مرحلة التيه ) قبل أن يتمكنوا من دخول فلسطين بقيادة سيدنا داوود بعد موت سيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام، وعندما هزم داوود جالوت ودخل وقومه القدس، وأقاموا فيها مملكتهم أربعين عاماً، ثم خلفه من بعده ولده سيدنا سليمان الذي حكمها ثلاثة وثلاثين عاماً، والذي أعطاه الله تعالى مُلكاً لم يكن لأحد من بعده ، وبعد وفاة سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام ، انقسمت الدولة بين مملكتي "إسرائيل" و"يهودا"، وقد أصبحت القدس جزءاً من مملكة "يهودا"، فاحتلها الفراعنة ثم الآشوريون ثم الكلدانيون.
ثم بعد ذلك حاول اليهود التمرد والخروج على حكم بلاد ما بين النهرين، فهاجم الملك البابلي نبوخذ نصّر الثاني مدينة القدس عام 586 ق.م، ودمرها ونقل اليهود أسرى إلى بابل، وتسمى هذه الفترة لدى اليهود بـ "الأسر البابلي" ، ومع سيطرة الفرس على بلاد ما بين النهرين سمح الملك الفارسي قورش عام 532 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس ، ثم جاء عصر وحقبة الإسكندر الأكبر، وقد سيطر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة. ([6])
وفي عام 63 ق.م سيطرالرومان على القدس، وخلال فترة حكمهم ولد السيد المسيح، وحوربت دعوته، وفيها تمرّد اليهود فقمعهم الحاكم الروماني "تيطس" بالقوة وأحرق المدينة وأسر كثيراً منهم عام 70م، ثم عاود اليهود التمرد مرتين في عامي 115 و132م ،وتمكنوا بالفعل من السيطرة على المدينة، إلا أن الإمبراطور الروماني "هدريان" قمعهم مجدداً وأخرجهم منها مبقياً المسيحيين، وأسفر ذلك عن تدمير القدس للمرة الثانية، ومع إعلان الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول المسيحية ديانة رسمية للدولة الرومانية، ثم انقسامها عام 395م إلى قسمين متناحرين، أغار الفُرس على القدس وسيطرواعليها من 614م إلى 628م، قبل أن يستعيدها الرومان مرة أخرى۔([7])
المبحث الثاني : منزلة القدس في الإسلام
في الحديث عن ميمونة، مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: "أفتنا يا رسول الله في بيت المقدس"([8])، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلّوا فيه، فإنّ صلاةً فيه كألفِ صلاةٍ "، وفي رواية أخرى: "فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يُسرج قناديله"([9])۔
وفضل الصلاة في المسجد الحرام تفضل على غيرها بمائة ألف صلاة والصلاة في المسجد النبوي تفضل على غيرها بألف صلاة والصلاة في المسجد الأقصى تفضل على غيرها بخمسمائة صلاة روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصلاة في هذا المسجد ( أي بيت المقدس )، أفضل من ألف صلاة في غيره ، إلاّ المسجد الحرام ). ([10])
وعن أبي الدرادء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة). ([11])
المسجد الأقصى المبارك، هو شقيق المسجد الحرام الذي يكبره بأربعين سنة. عن أبي ذر الغفاري ، رضي الله تعالى عنه، قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال:" المسجد الحرام"، قال: قلت ثم أي؟ قال:" المسجد الأقصى"، قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصله، فإن الفضل فيه"([12]).
وفي الأقصى وحوله تعتصم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم "لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله"([13])، وفيه تطلب البركة، ولفضله "ملائكة الله باسطة أجنحتها على الشام"، وفيه تضاعف الأجور، حيث الصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة. وهو من الأماكن التي يلوذ الناس بها ويحتمون في زمن فتنة المسيح الدجال ، فقد وضعت القدس في أعلى درجات الاهتمامات الدينية لدى المسلمين – عندما تم الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وهذا يعني أن المدينة هي مدينة عربية إسلامية خالصة ، والقرآن الكريم قد حدد خصوصية هذه المدينة ، وجعل لها رابطاً قوياً مع قبلة الإسلام الأبدية المسجد الحرام، والكعبة المشرفة بحيث لها البعد العقائدي والنفسي والروحي، ومضاعفة الأجور وواجب الدفاع عنها وخصوصية شد الرحال إليها.([14])
قال تعالى ﴿سُبحَانَ الذي أَسرَى بِعبدهِ ليلاً مِنَ المسجِدِ الحرَام إِلى المسجدِ الأقَصَى الذي بَاركنا حَولَهُ لِنُريهُ مِن آياتنا إنّهُ هُو السَميعُ البَصِير ﴾([15])
وهذا يعني أن مدينة القدس ليست مجرد حجارة وعمارة وزخارف ، وإنما هي معيار حقيقي لثقافة دينية وسياسية وتاريخية ، وركيزة أساسية في تشكيل هوية القدس الدينية والعقائدية والروحية والنفسية الثقافية.
للبلدة القديمة في القدس مكانة دينية خاصة، فهي أرض الأنبياء، وموطن الرسالات، وهي عند المسلمين بوابة السماء، فإليها أُسريَ بالنبي محمّد صلى الله عليه وسلم ومنها عُرج به إلى السماء، ومسجدها الأقصى كان القبلة الأولى للمسلمين في صلاتهم، وهو أحد ثلاثة مساجد تُشدّ إليها الرحال، وفيها الصخرة التي ستكون أرض المحشر والمنشر، وهي الأرض المقدّسة والمبارك ما حولها۔([16])
كان الخلفاء كانوا يأخذون البيعة السياسية لهم في هذه المدينة ، كما فعل معاوية بن أبي سفيان الذي بويع سنة 41هـ في مدينة القدس، وكذلك فعل سليمان بن عبد الملك ، واهتم الخلفاء الأمويون والعباسيون بالمدينة المقدسة ، وعمارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة ، فالقدس مدينة عربية منذ أكثر من ستة آلاف سنة، أسسها اليبوسيون، في الألف الرابع قبل الميلاد، حيث سمّوها "يبوس"، وفي عهد أحد ملوكهم -ملكي صادق- ظهرت في المدينة أول جماعة موحدة۔([17])
ثم إن منزلة القدس ومكانتها عند المسلمين لا تنتهي مهما وُصفت ، بجمالها ، وروحانياتها ، وحجارتها ، وأسوارها ، والقباب التي فيها، ومساجدها ومصلياتها، وقبة الصخرة المشرفة۔([18])
وهناك دلالة لنا كمسلمين وعلاقة وطيدة أصّلت وأسست الحب للقدس والمسجد الأقصى، ألا وهي الإرتباط الوثيق بركن الصلاة وفرضيته، حيث من هناك عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السموات العليا ،حيث جاء من عند ربه بالركن الثاني من أركان الإسلام وهو الصلاة ،في وقت كانت فلسطين ولاية من ولايات الرومان۔([19])
ولقد أعطى الله سبحانه وتعالى القدسية للقدس ـ،وجعلها حرماً مقدساً مثلما جعل مكة حرماً مقدساً، وأطلق القرآن الكريم على هذه المدينة المقدسة مصطلح " مسجد " أي قبلة للساجدين۔([20])
وقد حدث هذا من العام الثاني قبل الهجرة النبوية، عند حدوث معجزة الإسراء والمعراج الشريفين۔([21])
وأيضاً ففي القدس :
الإسراء والمعراج الشريفين
قال تعالى ﴿ سُبحَانَ الذي أَسرَى بِعبدهِ ليلاً مِنَ المسجِدِ الحرَام إِلى المسجدِ الأقَصَى الذي بَاركنا حَولَهُ لِنُريهُ مِن آياتنا إنّهُ هُو السَميعُ البَصِير ﴾ .([22])
من أبرز الآيات والمعجزات معجزتا الإسراء والمعراج .
والإسراء هو السير برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، والمتدبر والمتفكر في الآية الكريمة يقف على أسرارٍ عظيمة من أسرارِ الإسراء۔([23]) لا مجال لذكرها خوفاً من اتساع البحث.
« وهناك بالمسجد الأقصى بيت المقدس الذي بإيلياء معدن الأنبياء من لَدُن إبراهيم الخليل عليه السلام، ولهذا جُمعوا له هناك كلهم فأمّهم (أي محمد صلى الله عليه وسلم ) في محلتِهم ودارهم يدل على أنه الإمام الأعظم والرسول المقدم ، صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين » ([24])
حائط البراق الشريف
من أبرز معالم قدسية بيت المقدس " البراق الشريف " ،وهو مكان له قدسيته ، فقد ورد ذكره في الحديث الشريف ، وفي كتب السيرة النبوية المطهرة ، وهو المكان الذي مر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليلة الإسراء ، وربط البراق بحلقة من الحديد في الحائط وهو قسم من أقسام مسجد البراق .
وهو بذلك مكان له قدسيته ، لأنه جزء لا يتجزأ من الحرم القدسي ولصلته برحلة الإسراء، وهو مِلك للمسلمين كافة، لأنه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف، ولكونه وقفاً إسلامياً ، هو والرصيف معاً وجميع الأراضي المجاورة لجدران المسجد الأقصى وقفٌ إسلامي عامٌ . وكان "الممر" لمرور القاطنين في حارة المغاربة الى مسجد البراق ثم الى الحرم الشريف ، والمنطقة التي يقطنها مسلمون ، وهي بذلك منطقة إسلامية تماماً.([25])
ومن الجدير بالذكر هنا أن الأفضل بن صلاح الدين ، كان قد أوقف حي المغاربة ، في سنة 589هـ . على المغاربة ، وقام بإنشاء مدرسة إليهم نُسبت إليه فقيل المدرسة الأفضلية ، وقد ورد في نص الوقفية أن حدود ذلك الحي كانت كما يلي: ( يحدها من الجنوب سور القدس، من الشمال طريق السلسلة المؤدي إلى الحرم الشريف ، ومن الشرق حائط الحرم الشريف ، ومن الغرب حارة الشرف) وعلينا أن نعلم أن مصادر التاريخ الإسلامي لم تتحدث عن أهمية الحائط عند اليهود ، ولم تتحدث عن زيارتهم له ، ولا نجد حديثاً فيها يُسمى (حائط المبكى ) أو( الحائط الغربي ) وهما اسمان لم يظهرا الا في رحلات الاوروبين فيما بعد ، ويؤكد ما تقدم أن الرحالة ناصر خسرو مثلا، وقد قام بزيارة القدس في سنة 438هـ ، لم يذكر مبكى لليهود ، ولم يشر الى بكائهم عنده ، ولم يشر الى ذلك الإمام الغزالي رحمه الله ، وقد زار القدس وأقام فيها نحو سنة ، وفي أواخر العصر المملوكي قام راهب الماني هو ( فلكس فابري) بزيارة القدس ، في سنة 1484م ، دوّن رحلته ، ولم يذكر فيها ما يسمى حائط المبكى۔([26])
المعراج
هي تلك الرحلة السماوية المجللة بقدرة الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل النبي صلى الله عليه وسلم بالروح والجسد من بيت المقدس إلى السماوات العُلا ثم الى سدرة المنتهى ثم اللقاء بينه وبين الله سبحانه وتعالى([27])
قال تعالى ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( ) وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى ( ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ( ) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( ) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى () وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ( ) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( ) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى () فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ( ) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ( ) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ( ) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى () عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ( ) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ( ) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ( ) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ( ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ()﴾ ([28])
و قد جُمع الأنبياء للرسول صلى الله عليه وسلم ، فرأى منهم إبراهيم وموسى وعيسى وأمّ بهم فصلوا في المسجد الأقصى ، فكان هذا الاجتماع للأنبياء بهذا المكان تكريماً للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وإيذاناً بعموم رسالته وخلود أمانته وإنسانية تعاليمه وهي تعاليم رسالة الإسلام مع صلاحيتها لكل زمان ومكان ، وعند عروجه صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، استقبله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بكل حفاوة وتبجيلٍ احتفاءً بمَقدَمه وزيادةً في تكريمه صلى الله عليه وسلم ، وهناك فرض الله سبحانه وتعالى عليه وعلى المسلمين الصلوات الخمس ، ثم عاد من هذه الرحلة المباركة إلى مكة وفي ليلته ، وعندما أخبر الناس بما حدث له أثار ذلك العجب والاستغراب لدى أهل مكة، ولم يصدقوا ذلك حتى أُخبر أبو بكر فكان أول المصدقين له لما عرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الصادق الأمين ، فقال أبو بكر : إنني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء، أفلا أصدقه بخبر الأرض، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي هو وأصحابه وهم في مكة الى بيت المقدس والكعبة بين يديه ، أي بينه وبين بيت المقدس وإلى أن هاجر إلى المدينة فكان يصلي إلى بيت المقدس واستدبر القبلة ، وكان يحب أن تكون قبلته الكعبة لأنها قبلة إبراهيم عليه السلام، وكان يكثر الدعاء الى الله تعالى حتى جاء أمر الله سبحانه وتعالى بتحويل القبلة الى الكعبة في السنة الثانية للهجرة ،
قال تعالى: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾([29])
المبحث الثالث : القدس عند عمر بن الخطاب
لقد عرفنا أهمية القدس عند المسلمين باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأنها التي تشد إليها الرحال مع المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وأنها مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنها عَرج إلى السموات العليا، ووصل إلى سدرة المنتهى وكان في الحضرة الإلهية وأخذ حينها الصلاة المفروضة على أمته صلى الله عليه وسلم، ورجع من السموات العليا إلى بيت المقدس، ليركب دابته البراق ليعود إلى بيت الله الحرام بعدما كان إماماً للأانبياء هناك ، وفيها الصخرة المشرفة وهي الأرض المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين وهي المكان التي بورك فيها ومن حولها من رب العزة (وأنه أرض المحشر والمنشر…الخ.
وعلى هذا قد علم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهُ هذا كله وهو من النفر القليل الذين كان لهم اطلاع على ثقافات الأمم الأخرى حول أهمية المكان وقدسيته كونه يعلم القراءة والكتابة ، كما أنه كان كثير الترحال والسفر ، ولذلك كانت القدس لا تغيب عن مخيلته وقد ذكر فضلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدة مشاهد وأحاديث ، وقد كانت القدس تحت حكم الرومان واحتلالهم ، روى البخاري في صحيحه عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ۔([30])
رضي الله تعالی - قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ([31])، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا}۔([32])
هكذا أتت البشارة النبوية بفتح بيت المقدس واضحة صريحة، وحددت بدقة أن الفتح لن يكون في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم بل بعد لحاقه بالرفيق الأعلى، جاءت البشارة في زمن كان الروم لهم السطوة على المدينة المباركة، حتى إن الناظر إلى حالها يتيقن تماما أنهم لن يخرجوا منها، وظن الروم أن المدينة التي استرجعوها من بين أنياب الفرس لن تخرج من أيديهم مرة أخرى أبدا۔
لقد خرجت البشرى من رحم الواقع الصعب، لكنها إلهية المصدر، وليست اجتهادا من النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم، ولأنها إلهية فإن كثرة المعوقات،وصعوبة الطريق لن تحول بينها وبين التحقق
قال الله تعالى :(وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي ٱلأَرضِ كَمَا ٱستَخلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرتَضَىٰ لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعدِ خَوفِهِم أَمنا يَعبُدُونَنِي لَا يُشرِكُونَ بِي شَيا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلفَٰسِقُونَ )([33])
لقد كانت الذاكرة النبوية وهو في تبوك، على مقربة من بيت المقدس، تستحضر وضع المدينة المباركة، والأَسْر الطويل الذي وقعت فيه، فلا زالت القوى الغريبة عنها تسيطرعليها۔
والملاحظ لشخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يرى أن هناك عوامل جعلت نظرَه يرنو تجاه القدس،علاوة على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم واهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتباط المسجد الأقصى بحياة المسلمين، إلاّ أن عمر رضي الله عنه كان له اهتمام مسبق ببيت المقدس، فقد نشأ في قريشٍ، وامتاز عن معظمهم بتعلم القراءة. وعمل راعيًا للإبل وهو صغير وكان صاحب ذهن مفتق ، وكان يرعى لوالده ولخالاتٍ له من بني مخزوم. وتعلم المصارعة وركوب الخيل والفروسية، والشعر، وكان يحضر أسواق العرب وسوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز، فتعلم بها التجارة، التي ربح منها وأصبح من أغنياء مكة، رحل صيفًا إلى بلاد الشام و شتاء إلى اليمن وزار بيت المقدس أثناء التجارة والترحال، وقد عرف وخبر طبيعة المكان، وتعرف إلى أحوال الناس في بلاد الشام، وعرف طباعهم وعاداتهم، مما أسهم في زيادة المخزون الثقافي والمعرفي عن المنطقة، مما كان له الأثر الكبير والبالغ في تكوين التغذية الراجعة في فتح البلاد، ونشر دعوة الإسلام في بلاد الشام والأردن والقدس الشريف، والعمل على إعداد الخطط الاستراتيجية والحربية، واستغلال الأوقات المناسبة لتسيير الجيوش حيث أن هذه المنطقة متعددة التضاريس، وهي من البلاد الباردة التي لم يعتد عليها الجند، فكان التخطيط وحسن الإدارة ونباهة القيادة والتزام الجيوش والجند والقادة بتعليمات قائدهم الأعلى، وأخذهم لمبدأ الشورى والاستعانة ببعض أهل المنطقة حينذاك ، ومعرفة طباع الناس هنا في هذه المنطقة له النتيجة الطيبة، وتخليص البشر من أوساخ ودرن الصليبيين، وبداية عهد النور والعلم والتوحيد وحرية الرأي وإحترام آدمية البشر ومعتقداتهم ، وكان عمر من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة فهو سفير قريش، فإن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً فمن خلال تنقله وسفارته وتجارته وقراءته ومخالطته بأفراد العرب وغيرهم ممن حضر تاجراً أو متنسكاً إلى مكة المكرمة، وعلاقته ببعض أصدقاءه وأصحابه ممن كان لهم الثقافة الواسعة عن البلاد والعباد فقد عرفت صحبته لعمرو بن العاص أذكى أذكياء العرب، وصفوان بن أمية وعمرو بن وهب ،وهم من النفر أصحاب الفطنة والترحال في شرق البلاد وعرضها ؛ فكان له الأثر الواسع في تكوين ثقافة واسعة حول طبيعة المنطقة وأهميتها وفضلها والآمال والتطاعات نحو المستقبل القريب المشرق .([34])
ومن المواقف الدالة على اهتمام الفاروق رضي الله عنه :(( العهدة العمرية )) :
لما كان جيش المسلمين الفاتحين على أعتاب بيت المقدس في منطقة الجابية، وهي منطقة قريبة من الجولان ، جاء سكان إيليا وهي القدس إلى المسلمين وطلبوا بعقد هدنة، والتسليم صلحاً للمسلمين وطلبوا تسليم مدينتهم للقيادة مباشرة ؛ لأنهم يعلمون من خلال كتبهم ووثائقهم الأوصاف المتعددة لمن يتسلم مفاتيح المدينة المقدسة، والتي يأمنون عليها أن تكون في عهدة المسلمين دون غيرهم، لما يعلمونه ويسمعوه عن عدالة الإسلام ورحمته، ومدى تخلق أفراد وعامة المسلمين بالأخلاق التي ورثوها من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ....،جاء الخليفة من المدينة المنورة مع مولاه وخادمه دون حرس أو مظاهر أو مراسم، حتى وصل بيت المقدس إلى الجابية، وهناك يعقد لهم العهد والميثاق وسمي ذلك العهد بـ " العهدة العمرية ". ونصها :
بسم الله الرحمن الرحيم "هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل ايلياء من الأمان، وأعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم ولا ينتقص منها ، ولا من حيزها ولا من صُلبهم، ولا من شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحدٌ من اليهود ، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن ، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم ، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من يبلغوا الجزية ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بِيعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم ، ومن كان بها من أهل الأرض فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم ، ومن شاء رجع الى أهله وانه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية ".
شهد على ذلك ( خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان) وكُتب وحضَر سنه خمس عشر للهجرة.([35]) وهنا يكمن التلاقي ضمن واقعتين ، الأولى معجزة الإسراء والمعراج وبها كانت القدس المكان الذي أخذ به الرسول صلى الله عليه وسلم فرائض الدين الإسلامي ، أما الواقعة الثانية فكانت وثيقة العهد العمرية، التي منحها الخليفة عمر بن الخطاب إلى بطريرك القدس (صفرينوس)، والتي اعتمدت لتكون مرجعية للعلاقة العامة بين الأمة الإسلامية وأهل الذمة ليس فقط في القدس بل في كلّ أقطار الأرض التي فتحها المسلمون ، ومن هذا الواقع نقول لا توجد في الرسالة السماوية الخاصة بالأمة الإسلامية أي دعوة إلى التمييز والسيطرة على الأمم الأخرى، إلا بما أمر الله به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم۔([36]) وقد خالف هذا النص في طوله وفي كثير من بنوده ما يرد عادة في نصوص المعاهدات الإسلامية لأهل المدن والتي عرفت باختصارها وقصرها، وهو نموذج أيضًا عن الروايات التي تناولت الوجود اليهودي في القدس.
وهناك العديد من الروايات التي تختلف قليلاً في نصوص العهدة العمرية موجودة في كتب التاريخ الإسلامي ، وبعد التمحيص رأى الباحث أنه أصح تلك الروايات هي ما ذكره الطبري وهي الموجودة في البحث۔
وبالمقابل فقد كتب أهل إيلياء أيضاً عهداً الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما روى عنه ذلك الإمام البيهقي وغيره ،ويقول في كتابه الأنس الجليل إن هذه الشروط اعتمدها أئمة الإسلام وعمل بها الخلفاء الراشدون.([37])=
المبحث الرابع :آليات التعامل من قبل سيدنا عمر تجاه الأقليات وأهل الذمة =
أخذ أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتجول في أسواق مدينة القدس، وكانت لا تزال تُعاني من الفوضى والدمار الذي أحدثه الغزو الفارسي الذي سبق الفتح الإسلامي للقدس بسنوات قليلة ، فبدأ بالتنظيم الإداري والقضائي وقسم البلاد الى مناطق وعين عليها أمراء ورتب البريد ، وعين مفتشاً يطوف على المأمورين ويحقق في الشكايات ، وأسس الحسبة لمراقبة الموازين ومنع الغش وتنظيف الطرق، ومم يذكر أنّ عمر رضي الله عنه وقف على رأس السوق وقال :لمن هذا الصف ؟ ( يعني صف سوق البزازين)، فقالوا: للنصارى . فقال : لمن الصف الغربي؟ ( الذي فيه حمام السوق) فقالوا : للنصارى . فأشار بيده وقال: هذا لهم، وهذا لهم ( يعني النصارى ) وهذا لنا مباح ( يعني السوق الأوسط الذي بين الصفين )، وبذلك أعطى عمر درساً لمنع الاعتداء على حقوق النصارى.([38])
وبينما كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبحث في شؤون المدينة، ويتفقد أحوال سكانها وما أصابهم من مكروه أثناء الفتح، أتاه رجل من النصارى له ذمةٌ ( عهد ) مع المسلمين في كرم عنبٍ، فشكى قائلاً: يا أمير المؤمنين إن المسلمين استباحوا كرمي، وأنا رجل لي ذمة مع المسلمين ، فركب عمر برذوناً . ([39]) له على عجل ، وخرج يركض حتى آتى الكرم فنظره ، فإذا هو قد أسرعت الناس فيه ، فدعا عمر الذمي وقال له : كم كنت ترجو منه غلة كرمك هذا ، فقال كذا ، فقال فخلِّ سبيله ، ثم أخرج عمر ثمنه الذي قال ، وأعطاه إياه ثم أباحه للمسلمين . فقد ثبت بهذا التصرف مبادئ الحق والعدالة بين سكان مدينة القدس .
نعم هذا هو الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قيل فيه ( عدلت فأمنت فنمت) يا عمر۔([40])
إن كتاب الصلح الذي أبرمه عمر رضي الله عنه يشهد شهادة حق بأن الإسلام دين تسامح وليس دين إكراه، وهو شاهد عدل بأن المسلمين عاملوا النصارى الموجودين في القدس معاملةً لم تخطر على بالهم، إن عمر وهو الفاتح كان يستطيع أن يفرض عليهم ما يشاء، وأن يجبرهم على ما يريد، ولكنه لم يفعل لأنه كان يمثل الإسلام، والإسلام لا يُكره أحداً على الدخول فيه ولا يقبل من أحدٍ إيماناً إلا عن طواعية وإذعان، إن الإيمان ليس شيئاً يُجبر عليه الناس، لأنه من عمل القلوب، والقلوب لا يعلم خباياها إلا الله سبحانه وتعالى ، فقد يريك الإنسان أنه مؤمن وليس كذلك، وتكون مضرته لأهل الإيمان أكثر ممن يجاهرون بالكفر والإلحاد ولهذا آثر المسلمون أن يعطوا الناس حرية العبادة، ويؤمنوهم على كل عزيز لديهم على أن يعيشوا في كنف المسلمين، ويؤدوا الجزية مقابل حمايتهم والذود عنهم، وفي ظلال الحياة الهادئة الوديعة وفي رحاب الصلات والجوار، وفي كنف المسلمين وعدالتهم، سيرى غير المسلمين عن قرب جمال الإسلام وسماحته وإنصافه وعدالته وسَيَرون فيه الحقائق التي قد عميت عليهم لبعدهم عنه، وعندئذٍ يدخلون في دين الله أفواجاً، كما حدث في كل البلاد التي فتحها المسلمون، وأعطوا أهلها مثل هذا الأمان۔([41])
عمر رضي الله عنه يصلي في المسجد الأقصى حيث قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكعب: أين ترى أن أصلي؟ فقال: إن أخذت عنّي، صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلُّها بين يديك، فقال عمر: ضاهيت اليهودية، لا ولكن أصلي حيث صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة فصلّى، ثم جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة في ردائه وكنس الناس([42]) وقال ابن تيمية: المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد.. وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلّى الذي بناه عمر بن الخطاب في مَقدمهِ، والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين، أفضل من الصلاة في سائر المسجد، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس، وكان على الصخرة زبالةٌ عظيمةٌ، لأنَّ النصارى كانوا يقصدون إهانتها، مقابلة لليهود الذي يصلّون إليها، فأمر عمر بإزالة النجاسة عنها. وقال كعب: أين ترى أن نبني مصلى للمسلمين؛ فقال: خَلْفَ الصخرة، فقال: يا ابن اليهودية: خالطت اليهودية بل أبنيه أمامها، فإنّ لنا صدور المساجد([43])
وهذا موقف آخر جليل وعظيم من مواقف أمير المؤمنين التي لا تحصى، والتي برهن فيها عملياً على أن الإسلام يحترم جميع الأديان السماوية ويجعل كل المقدسات محترمة ولا يختصر شيئاً منها، إن هذه الصخرة التي أزال عنها عمر التراب والأوساخ بيده وحملها في قبائه لينفيها عنها هي قبلة اليهود والصخرة المعظمة عندهم التي كلم الله عليها يعقوب عليه السلام كما يعتقدون، فكما كان موقف عمر من النصارى رائعاً وجليلاً حين منحهم حرية الاعتقاد، وأمّنهم على صلبانهم وكنائسهم لم يَضنَّ على اليهود مع ما ارتكبوه في حق المسلمين من الجرائم بمثل هذا الموقف الرائع الجليل، حيث رفع التراب عن الصخرة، وأظهر عنايتهُ بها وحرصه على احترامها([44])
ويلاحظ من العهدة العمرية نصها على ( ولا يسكن بإيلياء معهم أحدٌ من اليهود). وهذه حاشى لله أن تكون عبثية وللمتفكر فيها يجد ملمحاً مهماً وتاريخياً ،يدل على أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له اطلاع على الثقافات القديمة والعهد القديم والجديد، وهذا له دلالة على اهتمامه بقضية بيت المقدس وتاريخها وأهم الصراعات التي مرت على هذه المنطقة مما يكون مزيداً من استقراء المعلومات للتحضير لمرحلة في النفس فيها الآمال والتطلعات ، فلمَ جاءت هذه العبارة ؟ :
السبب في ذلك لأن أهل القدس في تاريخهم يعلمون أن اليهود قد منعوا من دخول المدينة المقدسة منذ سنة 135م ، لما أثاروا الشغب على النصارى ، وقام الإمبراطور من التنكيل بهم وقتل الكثير منهم وسبى البعض منهم ودمر مدينة أور سالم ( أورشليم ) ولم يسمح إلاّ للنصارى بسكنى المدينة وسمى المدينة ( ايلياكابيتولينا) وهي اسم عائلة الامبراطور وأخذت المدينة اسمها من هذا الاسم .
وعندما حصل الغزو الفارسي لبلاد الشام عاث اليهود فساداّ في هذه البلاد واستغلوا الفوضى المصاحبة للاوضاع ،وعلاوة على هذا أنهم كانوا يشترون الأسرى من النصارى ليذبحوهم حقداً وكراهية حتى جاء الامبراطور هرقل عام 627م، وطردهم ونظف المدينة منهم ومنعهم من دخولها لما قاموا فيه من الفساد وذلك بمشورة رجال الدين النصارى۔([45])
فالخليفة سيدنا عمر كان مطّلعاً على هذا وعلى تاريخ القدس، وعنده المعلومات الكافية حول المدينة المقدسة وعنده من بعد النظر في آليات التعامل مع هذه المدينة، فهو دليل على اهتمامه ومراعاته لأحوالها النفسية والتاريخية درءاً للقهر والتذكير للدماء التي هدرت سابقاً .
والدليل على أنه كان يطلع على الثقافات والأديان السابقة والتوراة والانجيل ، ما ورد في الحادثة التالية:
وروى النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورقةً من التوراة فقال : (( أمتهوكون([46]) يا ابن الخطاب ؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، ولو كان موسى حياً واتبعتموه وتركتموني ضللتم )) . وفي رواية : (( ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي )) . فقال عمر : " رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً "([47])، فهذا يدل دلالة واضحة على أنّ عمر رضي الله عنه منذ زمن الجاهلية وصدر الإسلام عنده الاطلاع على ما ورد في الكتب السماوية وتاريخ اليهود والنصارى والبلاد التي أفسدوا فيها ، فكان أحد الأسباب التي زادت من الاهتمام ببيت المقدس۔
المبحث الخامس : فتح القدس 16هـ وتصرفات الخليفة
كان على فلسطين قائدٌ رومانيٌ يدعى (الأرطبون) أي القائد الكبير الذي يلي الإمبراطور، وكان هذا أدهى الروم وأذكاها، وكان قد وضع بالرملة جنداً عظيماً، وبإيلياء جنداً عظيماً([48])، وكتب عمرو بن العاص إلى عمر رضي الله عنهما، يخبره بذلك، ويستشيره ويستأمره، فقال عمر كلمته الشهيرة: قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عما تنفرج ([49]) وكان يقصد بذلك، أن كلا القائدين أدهى الرجال في قومهما، وكانت معركة أجنادين الثانية (15هـ) التي انتصر فيها عمرو على الروم قد مهدت الطريق إلى فلسطين([50])، وقد بدأت معركة القدس عملياً، قبل معركة أجنادين الثانية (15هـ) ذلك أن أرطبون الروم كان قد وزع (جنداً عظيماً) له في كل من إيلياء والرملة كما سبق أن قدمنا وبين الرملة وإيلياء أي القدس، ثمانية عشر ميلاً، وذلك تحسباً لأي هجوم من قبل المسلمين، بقيادة عمرو بن العاص، على المدينتين اللتين كانتا أهم مدن (كورة فلسطين)، إذ كانت الرملة (قصبة فلسطين)، وكانت إيلياء أكبر مدنها([51])، وكان على الروم في إيليا حاكمها الأرطبون وهو الأرطبون نفسه الذي كان قد لجأ مع جيشه إليها بعد هزيمتهم في أجنادين، وكان عليهم في الرملة التذارق ( أي الحراسة )([52]) وكانت حامية إيلياء تصد المسلمين عن أسوارها، وكان القتال يستعر حول المدينة المقدسة بينما كان المسلمون والروم يحتشدون للقتال في أجنادين وكانت معركة أجنادين عنيفة([53])، إذ يقول الطبري فيها: اقتتلوا – أي المسلمون والروم – قتالاً شديداً كقتال اليرموك، حتى كثرت القتلى بينهم([54])، فقد نازل أرطبون العرب أرطبون الروم في أجنادين فهزمه، وارتدّ أرطبون الروم وجنده ليحتموا بأسوار المدينة المقدسة فأفرج له المسلمون حتى دخلها([55])، ويذكر الطبري أن كلاً من علقمة ومسروق ومحمد بن عمرو وأبي أيوب التحقوا بعمرو بن العاص في أجنادين، وسار عمرو بجيشه جميعاً نحو إيلياء لمحاصرتها۔([56])
اجتمع المسلمون، بقيادة عمرو بن العاص حول إيلياء، وضرب عمرو على المدينة حصاراً شديداً، وكانت المدينة حصينة ومنيعة، ويصف الواقدي أسوار المدينة بأنها كانت محصنة بالمجانيق والطوارق والسيوف والدرق والجواشن والزرد الفاخرة، ويذكر أن القتال بدأ بعد ثلاثة أيام من الحصار، حيث تقدم المسلمون نحو أسوار المدينة فأمطرتهم حاميتها بوابل من السهام والنبال التي كان المسلمون يتلقونها (بدرقهم) وكان القتال يمتد من الصباح إلى غروب الشمس، واستمر على هذا المنوال عدة أيام، حتى كان اليوم الحادي عشر إذ أقبل أبو عبيدة على المسلمين ومعه خالد وعبد الرحمن بن أبي بكر، ومعهم فرسان المسلمين وأبطال الموحدين([57]) مما ألقى الجزع في قلوب أهل إيلياء، واستمر الحصار أربعة أشهر، ما من يوم إلا وجرى فيه قتال شديد (والمسلمون صابرون على البرد والثلج والمطر([58])، إلى أن يئس الروم من مقاومة حصار المسلمين لمدينتهم، فقرر بطريقهم (البطريق صفرونيوس) القيام بمحاولة أخيرة، وكتب إلى عمرو بن العاص، قائد جيش المسلمين، رسالة يغريه فيها بفك الحصار؛ نظراً لاستحالة احتلال المدينة۔([59]) وكتب عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب يخبره بما جاء على لسان الأرطبون أنه لا يفتح المدينة إلا هو، ويستمده، ويستشيره قائلاً إني أعالج حرباً كؤوداً صدوماً وبلاداً ادُّخرت لك، فرأيك([60])، فخرج الخليفة–بعد الاستشارة–إلى الشام، بعد أن استخلف على المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونزل بالجابية، فجاءه أهل إيلياء (فصالحوه على الجزية، وفتحوها له)۔([61])
وفي رواية أن أبا عبيدة سرّح إلى بيت المقدس خمسة وثلاثين ألف مقاتل بقيادة سبعة قادة، مع كلّ قائد خمسة آلاف، وهم: خالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والمرقال بن هاشم بن أبي وقاص، والمسيّب بن نجيه الفزاري، وقيس بن هبيرة المرادي، وعروة بن المهلل بن يزيد، سرّحهم في سبعة أيام، كل يوم قائد، ثم لحق بهم بعد أن نشب القتال، عدة أيام، بينهم وبين حامية المدينة([62])، ويستطرد الواقدي فيقول إن أهل إيلياء جاءوا إلى أبي عبيدة يعرضون عليه دخول المدينة صلحاً، على أن يتم الصلح على يدي خليفة المسلمين عمر، فسار الخليفة إلى بيت المقدس ونزل عند أسوار المدينة، فخرج إليه بطريقها وتعرف إليه وقال: هذا والله الذي نجد صفته ونعته في كتبنا ومن يكون فتح بلادنا على يديه۔([63]) ثم عاد إلى قومه يخبرهم فخرجوا مسرعين وكانوا قد ضاقت أنفسهم من الحصار، ففتحوا الباب، وخرجوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه العهد والميثاق والذمة ويقرون له بالجزية۔([64])
وبينما عمر في الجابية إذا بجماعة من الروم بأيديهم سيوف مسلولة، فسار إليهم المسلمون بالسلاح، فقال عمر: إن هؤلاء قوم يستأمنون، فساروا نحوهم، فإذا هم جند من بيت المقدس يطلبون الأمان والصلح من أمير المؤمنين حين سمعوا بقدومه، فأجابهم ـ رضي الله عنه ـ إلى ما سألوا، ثم واصل مسيره في جماعة من الصحابة ووجوه المسلمين نحو بيت المقدس.([65])
وجاء وقت الصلاة، فتوجه أمير المؤمنين وصحبه إلى القبلة، وهم يقفون على قمة جبل يشرف على القدس، وعلا صوت عمر بن الخطاب بالتكبير، ومنذ ذلك اليوم سمى الجبل بجبل المكبِّر.
حال عمر عند سيره إلى بيت المقدس:
كان في ذاكرة عمر، وهو مرتحل من المدينة إلى بيت المقدس، أنه مسافر من مدينة النبي إلى مدينة الأنبياء، وهو حال يستوجب التواضع والهيبة، فظهرت على أمير المؤمنين في هذه الرحلة علامات عبقرية الأمير، الذي يزداد بتواضعه رفعة وسموّا.
كان هو وخادمه يتناوبان ركوب دابة واحدة في طريقهما التاريخي من المدينة إلى بيت المقدس، حتى إذا أتعب السير أحدهما ترجَّل له صاحبه عن بعيره ليركبه، وعلى مشارف القدس كان رفيق عمر هو صاحب الدَّوْر في امتطاء البعير، فأبى أمير المؤمنين إلا أن يركب صاحب الدور، وإلى جانبه سار الخليفة الفاتح على قدميه.
وقدم عمر الجابية على طريق إيلياء على جمل أورق، وتظهر رأس الأمير للشمس ليس عليه قلنصوة ولا عمامة، تهتز رجلاه بين شعبتي الرحل بلا ركاب، معه كساء صوف يتخذه سرجاً إذا ركب وفراشاً إذا نزل، ومعه شملة محشوةٌ ليفا يتخذها حقيبة إذا ركب ووسادة إذا نزل، وعليه مرقعة من الصوف فيها بضع عشرة رقعة بعضها من جلد.([66])
وعندما جاء ميعاد زيارة بيت المقدس وهمَّ الخليفة بالركوب بهيئته الزاهدة قال المسلمون: يا أمير المؤمنين، لو ركبت غير بعيرك جوادًا، ولبست ثيابًا لكان ذلك أعظم لهيبتك في قلوب القوم، فقال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فلا نطلب بغير الله بديلاً". لكنهم أقبلوا يسألونه ويطوفون به إلى أن أجابهم إلى ما يريدون، ونزع مرقعته ( وهي لباس الصالحين كالجبة وههؤلاء أصحاب الأحوال)، ولبس ثيابًا بيضاء وطرح على كتفه منديلاً من الكتان ليس جديدًا ولا بالخَلِق، دفعه إليه أبو عبيدة وقدّم له بِرْذَوْنًا أشهب (وهو نوع من الحمير الكبيرة) من براذين الروم، فلما صار عمر فوقه جعل البرذون يَحْجِل، فنزل عنه مسرعًا، ثم صاح: أقيلوني أقال الله عثرتكم يوم القيامة، لقد كاد أميركم يهلك مما داخله من الكبر، وإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من الكبر".. فأُتي بجمله فركبه.([67])
وحين قدم عمر الشام عرضت له مخاضة ماء، فنزل عن بعيره ونزع موقيه (وهو ما يلبس فوق الخفين)، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه البعير، فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض، فضرب عمر صدره برفق، وقال: "أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة! إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس، فأعزَّكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله"..([68]) وقد خطب عمر رضي الله عنه بالجابية، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فقال: أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئُ قوم يحلف أحدهم على اليمين قبل أن يُسْتَحْلَف عليها، ويشهد على الشهادة قبل أن يُستشهد، فمن أحب منكم أن ينال بُحْبُوحة الجنة، فليلزم الجماعة، فإنّ الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلونَ رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان، ومن كان منكم تسرُّه حسنته وتسوؤه سيئته فهو مؤمن۔([69])
ولما قدم عمر الشام قال لأبي عبيدة رضي الله عنه: اذهب بنا إلى منزلك، قال: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك عليّ، قال: فدخل فلم ير شيئاً، قال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لَبَداً وصحفة وشناً([70])، وأنت أمير أعندك طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى جونة([71])، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك إنك ستعصر عينيك عليّ، يا أمير المؤمنين يكفيك ما يُبلغُك المقيل، قال عمر: غيَّرتنا الدنيا كلّنا غيرك يا أبا عبيدة([72]) وعلق الذهبي على هذه الحادثة فقال: وهذا والله هو الزهد الخالص لا زهد من كان فقيراً معدماً([73])، وجاء في رواية عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قدم عمر –رضي الله عنه- الشام، فتلقاه أمراء الأجناد، وعظماء أهل الأرض، فقال عمر: أين أخي؟ قالوا: من؟ قال: أبو عبيدة بن الجراح، قالوا: يأتيك الآن، فجاء على ناقة مخطومة بحبل فسلم، عليه، فسأله ثم قال للناس: انصرفوا عنا فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم ير في بيته إلا سيفه، وترسه، ورحله([74])
المبحث السادس: الفكر التربوي والنفسي عند سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
من خلال تتبع سيرة الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يظهر للباحث المنهج التربوي الذي تربى عليه عمر بن الخطاب وكل الصحابة الكرام ألا هو القرآن الكريم، المنزّل من عند رب العالمين، فهو المصدر الوحيد للتلقي، فقد حرص الحبيب المصطفى على توحيد مصدر التلقي وتفرده، وأن يكون القرآن الكريم وحده هو المنهج والفكرة المركزية التي يتربى عليها الفرد المسلم والأسرة المسلمة، والجماعة المسلمة، فكانت للآيات الكريمة التي سمعها عمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أثرها في صياغة شخصية الفاروق الإسلامية، وتطهّر قلبه، وزكت نفسه، وسَمت مشاعره وأهدافه وسلوكه وتطلعاته وتعاظمت فطرته، وتقلب نظره في آلاء الله تعالى ، وعمق يقينهُ بالله والغيب ، وزاد حرصهُ على محاربة الشيطان وأعوانه والفلتان من مصائده وحبائله ووساوسه....الخ([75]) حيث تعتبر العهدة العمرية وثيقةً تدل على بعد نظر عمر في مسائل الحكم والإدارة، وتفصح عن نهج ونظام حكم وإدارة متكامل، فقد تضمنت الوثيقة أموراً غاية في الأهمية، فحق أن تكون وثيقة نفيسة، لما احتوته من قواعد ومبادئ أساسية للحكم متكاملة الجوانب الدينية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.([76])
يظهر جلياً الحرص الشديد، على تقوى الله، والخشية منه في السر والعلن في القول والعمل، لأن من اتقى الله وقاه ومن خشيه صانه وحماه ، والالتزام بالعدل، لأنه أساس الحكم، وإن إقامته بين الرعية، تحقيق للحكم قوة وهيبة ومتانة سياسية واجتماعية، وتزيد من هيبة واحترام الحاكم في نفوس الناس . وقد اعتنى سيدنا عمر بالمسلمين الأوائل من المهاجرين والأنصار لسابقتهم في الإسلام، الذي قام على أكتافهم، فهم أهله وحملته وحماته وهم الذين ساهموا في الفتوحات وايصال دعوة الإسلام إلى البلاد والعباد ، فكانت لفتةً، مباركة من سيدنا عمر رضي الله عنه أنه جعل كبار الصحابة يوقعون على الوثيقة والعهدة مع أهل القدس حتى يكون لها الهيبة واحتراماً لجهود الصحابة الكرام في الفتوحات وحمل مشعل الإسلام إلى الناس كافة دون هدر الدماء أو استنزاف الثروات وسرقتها . شهد على ذلك (خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان) وكتب وحضر سنه خمس عشر للهجرة.([77])
ويظهر جلياً لنا فكر سيدنا عمر بن الخطاب في آلية التعامل مع أهل القدس وإعطاءهم العهدة وكتابة الصلح معهم الذي فيه الملمح الاجتماعي والنفسي، ثم إنّ هذه البلاد تعتبر من البلاد الباردة وحصارها كان أكثر من أربعة أشهر، وطاقات الجند والجيوش والذين هم بشر لها حدود الطاقات البشرية مع عدم انكار الهمم العالية ، لكن الخليفة أراد إراحة الجند وتجنب إبقاء المقاتلين لمدة طويلة في الثغور بعيداً عن عائلاتهم وتلافياً لما قد يسببه ذلك من ملل وقلق وهبوط في المعنويات، فمن الضروري منحهم إجازات معلومة في أوقات معلومة يستريحون فيها ويجددون نشاطهم خلالها، من جهة، ويعودون إلى عائلاتهم لكي يحافظ على معنوياتهم ورباط الأسر الاجتماعي والعمل على سد كفاية الجند مالياً ونفسياً۔
كما أننا نرى في فكر الخليفة رضي الله عنه عدم تكليف أهل الذمة فوق طاقتهم إن هم أدوا ما عليهم من التزامات مالية للدولة ، وعدم التعدي على أراضيهم ولا أملاكهم ولا كنائسهم وعدم امتهان صلبانهم ، والمحافظة على الأمن العام لبيت المقدس وتخليصها من الفساد الإداري والمالي، بحيث كان التصريح بضرورة إخراج اللصوص من المدينة المقدسة؛ لأن ذلك يؤدي إلى الخلل بالسلم الإجتماعي واجتناب الأثرة والمحاباة واتباع الهوى، لما فيها من مخاطر تقود إلى انحراف الراعي، وتؤدي إلى فساد المجتمع واضطراب علاقاته الإنسانية ، فكان التخيير للعرب من أهل القدس البقاء فيها مع دفع الجزية والرومان أيضاً آمنين على أنفسهم وممتلكاتهم حتى يصلوا إلى مأمنهم ولا يتعرض لهم أحد بسوء۔
ومن خلال تحليل تصرفات الخليفة المبنية على أسس منظمة وليست وليدة الصدفة نراه يرسخ مبدأ احترام الرعية وتوقيرها والتواضع لصغيرها وكبيرها، ولما في ذلك من سمو في العلاقات الاجتماعية،التي تؤدي إلى زيادة تلاحم الرعية بقائدها وحبها له والتربية بالقدوة فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه نعم القدوة هو والصحابة الكرام ، فرجلٌ مثله رضي الله عنه يأتي يسوق الدابة بخادمه محافظة على الكرامة الإنسانية واحترام آدمية الإنسان واحترام حقوق الآخرين حتى ولو بركوب الدابة ويمشي وتغطس أرجله في الطين، ويحمل نعله تحت إبطه ويأتي بثيابه الطبيعية غير المزركشة ولا المزينة بالذهب ولا الياقوت، فيراه العالم أجمع فيذهل الحضور ويتقدم إليه أبو عبيدة، يسرُ له يا أمير المؤمنين هؤلاء الناس يريدون تسليم مفتاح مدينتهم لك لو أنك ركبت ولبست النعل فتنطلق منه ( لو قالها غيرك يا أبا عبيدة )۔([78])
ومن تلك الأبعاد النفسية نرى في شخص الخليفة العادل اجتناب الظلم بكل صوره وأشكاله، خاصة مع أهل الذمة، لأن العدل مطلوب إقامته بين جميع رعايا الدولة مسلمين وذميين، لينعم الجميع بعدل الإسلام ،واتباع الحق، والحرص على تحقيقه في المجتمع، وفي كل الظروف والأحوال، لكونه ضرورة اجتماعية لابد من تحقيقها بين الناس([79])، كما أنّ الخليفة رضي الله عنه سطّر لنا في عمق فكرهِ ونظرته تجاه أهل بيت المقدس مبداً لم يكن يقوم على أساس الأقوى والأضعف بل كان من باب احترام الأديان وآدمية البشر وحفظ حقوقهم .
من خلال النظر في اسلوب سيدنا عمر بن الخطاب مع أهل القدس نراه أنه كتب العهد باللغة العربية ،وهذا له بعيد نظر إلى التأكيد على عروبة المدينة تاريخياً وحضارياً ، وابتعد عن المحسنات اللفظية والجناس والطباق وادخال موضوعات أخرى على الوثيقة بل التزم وحدة الموضوع ؛ لاثبات أهمية ما أبرمهُ واظهار جلالة الموضوع وأنه لا يقبل التشتيت مع مسائل أخرى۔
من الأمور في الفكر التربوي تأسيس ما يسمى المرجعية وفقه الاستراتيجيات ، فالتعامل مع أهل القدس بالتوثيق ووضع استراتيجيات التعامل مع النصارى كان التغذية الراجعة والمرجع الأساس لمن بعده في آليات التعامل مع النصارى في البلاد المفتوحة وخاصة نصارى الشام ، والتركيز على مبدأ التعليم بالقدوة حيث تكون بالسلوك والجمع بين الجانبين النظري والتطبيقي، فكان الخليفة رضي الله عنه يتكلم ويخطب بالناس والصحابة الكرام ينظبطون بضوابط الشرع الحنيف ، والتطبيق بدءاً من النفس ثم على العامة ، واهتمام الخليفة بدُور العبادة لأن الأمم التي تهتم بالدين لا تعيش في الفوضى ، واهتمامه رضي الله عنه بالجوانب العلمية والتدريس وتحفيظ كتاب الله وانشاء المراكز في القدس الشريف.([80])
الخاتمة
فإن من أهم النتائج والتوصيات:
النتائج:
القدس عربية تاريخياً منذ زمن الكنعانيين أكثر من خمس آلآف سنة، بناها الملك سالم وسميت باسمه ( أور سالم) أي مدينة سالم ، وليست يهودية ولا يوجد لليهود فيها أصل ولا تاريخ ، بل كانوا يفسدون في الأرض وعاثوا فيها فساداً منذ القدم .
القدس مكانتها في الإسلام بالغة ال([81])أثر في العقيدة والتاريخ الإسلامي، فهي أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وإليها تشد الرحال ، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة ضعف عن غيره ، وإليها كان مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلم إماماً بالأنبياء عليهم أفضل الصلاة والتسليم ، وفيها مكان ربط البراق الشريف الذي نقله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس ليلاً في رحلة الإسراء والمعراج ، ومن بيت المقدس عُرج به صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلا حيث وصل إلى سدرة المنتهى، وكان في حضرة رب العزة سبحانه وتعالى وتلقى حينذاك فرضَ الصلاة هي خمسٌ وهي خمسون لتفرض على أمته منذ ذلك الوقت ، وفيها الصخرة التي عُرج من عليها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السموات العلا ، وإليها الرجوع من السماء للرجوع إلى مكة في نفس الليلة بالروح والجسد تسريةً له صلى الله عليه وسلم لما عاناه من أذى قريش له ولأصحابه رضوان الله عليهم، وبسببها يخلد لأبي بكر لقبه على مدار الزمان (الصديق ) ؛ لأنه صدقهُ بخبر الأرض فكيف بخبر السماء ، وهي أرض المحشر والمنشر ، وهي التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها لو كان للشخص مثل حبل فرسه خير له من الدنيا وما فيها ، ومنها تخرج الطائفة المنصورة لا يضرهم من خالفهم ، وفي أكنافها يُقتل الدجال ويستريح العالم منه ومن فتنته۔* اهتمام الصحابة الكرام بالقدس والمسجد الأقصى ، لأنهم سمعوا كثيراً من الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم حول أهميتها بعدما سمعوا بعض الآيات الدالة على تلك الأهمية .
- اهتمام سيدنا عمر بن الخطاب بالقدس وله اطلاع على تاريخها وحضارتها والمراحل التي مرت عليها وتطلعاته إلى تخليصها من كل الشوائب الحادثة عليها.
- معالم الفكر التربوي والنفسي مهمة جداً ، وقد تبين اهتمام الخليفة عمر بن الخطاب بهذا الجانب بالتزامن مع الجانب العسكري والسياسي.
- مراعاة سيدنا عمر لأحوال الجند المسلم والتفكير بأحوالهم الاجتماعية والنفسية والمالية ومراعاة الأوقات لغياب الجند عن بيوتهم وزوجاتهم وأهلهم للمحافظة على الدافعية لديهم ؛ لأن الانهزام النفسي لا يصنع الفتوحات .
- اهتمام الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأهل الذمة وعدم التعدي عليهم والمحافظة على أملاكهم وأماكن العبادة عندهم، وقد قرأنا في كتب التاريخ أنه رفض أن يصلي في الكنيسة؛ لأنه بفكره ونظره إلى المآلات خشي أن يبنيَ الناسُ مكانهُ مصلى أو مسجداً وتهدم الكنيسة ، وفعلاً حصل هذا وبني المسجد في المكان الذي صلى فيه وسمي بمسجد عمر وهو الآن خارج الكنيسة .
- اهتمام الخليفة تربوياً بمحاربة الفساد والفاسدين وكانوا صنفين الصنف الأول اليهود؛ لأنهم تاريخياً عاثوا فساداً في بيت المقدس وقتلوا النصارى ودمروا البلاد وأحرقوا الحرث والنسل ، فوجب المحافظة على الأمن الاجتماعي أن يخرجوا من البلد المقدس ، والصنف الآخر هم اللصوص وفي فكر الخليفة لا يليق أن يبقى قطاع الطرق واللصوص في بلد طاهر مقدس صلى فيه الأنبياء وفيه قبورهم وشواهدهم ، وفي هذا أيضا الحفاظ على منظومة الأمان والسلم المجتمعي .
- ضرب لنا الخليفة عمر بن الخطاب صورةً مشرقةً أن العزة لا تكون إلا بالإسلام، فمتى كانت العزة بغيره كان الذل حليفاً ، وأن المظاهر الخادعة للدنيا لا تغير من الجوهر ومن النقاء الموروث من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ، يقود خادمه بيده دون مراسم ولا ترتيبات ، ويمشي بالطين ، ويضع نعله تحت إبطه ، ويلبس ثيابه الطبيعية دون زركشة ولا تعطير، وإنما يلفها ويغلفها ذرات التعرق الناتجة عن المسير تحت حر الشمس ....لله درك يا ابن الخطاب رضي الله عنك .
التوصيات :
- ضرورة تعاون المجتمع الدولي ، للوقوف ضد تهويد مدينة القدس على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية والمحلية والالتزام بالاتفاقيات الخاصة بمدينة القدس باعتبارها قبلة المسلمين الأولى، التي ترنو إليها أفئدة مليار ونصف مليار مسلم أي ما يعادل ثلث سكان العالم ، وهذا الرقم يجب أن يُحترم من كل الدول التي تنادي بالحرية والديمقراطية والمساواة بين الشعب .
- الاهتمام بتدريس التاريخ الإسلامي للطلبة بجميع المراحل التدريسية والتركيز على أهمية القدس في حياة المسلم ، وشحذ الهمم للابقاء على القضية حارّةً في أذهان الجيل ، وأن الصراع بيننا وبين اليهود هو صراع عقيدة .
- ضرورة الإهتمام بسيرة الأبطال الذين كان لهم الجهود الواضحة في الفتوحات الإسلامية وفتح القدس ، كسيرة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والصحابي الجليل أبو عبيدة عامر بن الجراح ، وسيدنا خالد بن الوليد ، وسيدنا معاذ بن جبل ، وسيدنا شرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم ، والقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى ، والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذي رفض التنازل عن شبرٍ من أرض القدس۔
- من حق الذمي اللجوء الى القضاء الإسلامي إذا تعرض للظلم أو الاعتداء ،ومن حقه الإقامة حيث شاء في الدول الإسلامية أينما شاء دون أن تكون أحياء خاصة لأهل الذمة لا يستطيعون تجاوزها في الدول الإسلامية ، ومن حقهم أن يعملوا في التجارة وغيرها بحرية تامة باستثناء ما حرم الله سواء كان يعمل لحساب نفسه أم لغيره ، ومن حقه أن يستلم الوظائف في دولة الإسلام فلا يمنع من ذلك۔
- الاهتمام بالجانب الإعلام الإسلامي والجانب الدعوي، وغرس روح التسامح والمحبة والتعاون واحترام الحرية الدينية والفكرية، وتوظيف جميع الوسائل الإعلامية لخدمة أهداف الأمة والدفاع عن قضاياها المصيرية، وعلى رأسها القدس الشريف والقضية الفلسطينية ، وحماية المسجد الأقصى من خطر الحفريات والتي تجريها قوات الاحتلال حول المسجد الأقصى، والتي باتت تشكل خطراً عل أساساته ،والخوف كل الخوف من سقوطه وانهياره ودعوة العالم للتحرك لإيقاف هذا العمل الإجرامي بحق المسجد الأقصى ، وتوجيه التهديد للصهاينة بأنه إذا حدث مكروه لا قدر الله للأقصى فإن الأمة الإسلامية والعربية لن تقف حينها مكتوفة الأيدي.
- الوقوف مع اخواننا المرابطين في بيت المقدس ودعمهم مادياً ،للدفاع عن قضية القدس والأقصى والوقوف إلى جانبهم ضد ممارسات الآلة الصهيونية الغاشمة۔
- دعم المناضلين بالدعاء بظهر الغيب لاخواننا المرابطين في بيت المقدس وهو السلاح الذي لا قِبَل للعدو به، والمحافظة على الدعاء في الأوقات المفضلة للاستجابة التي ينبغي للمؤمن أن يتحراها، كوقت السحر ونزول المطر والسفر وأثناء السجود ودُبر الصلوات وفي القنوت وغيرها.
- الدعوة الى إقامة مؤتمراتٍ وندواتٍ وحواراتٍ ، وحلقاتٍ تلفزيونية وإذاعية ، والعمل على نشر الأبحاث وتشجيع الباحثين للنشر حول موضوعات القدس وأهميتها ؛ لتبقى القدس حاضرة في أذهاننا جميعاً كما كانت في فكر وذهن وهمّ الصحابة الكرام ومن تبعهم على ذلك ، وهذ الفكر يناقش تاريخ القدس ومستقبلها وما الذي يتوجب علينا القيام به لحماية بيت المقدس۔
نسأل أن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً، وأن يحرر بلادنا من كل غاصب أو معتدي.آمين.
المصادر والمراجع
- الإصابة في تمييز الصحابة،ابن حجر، أحمد بن علي،ط1، دار الكتاب العربي، بيروت، 1978.
- الأحكام السلطانية، الماوردي، علي بن محمد، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1985م
- الأحكام السلطانية، أبو يعلى الفراء، محمد بن الحسين، ط1، دار الفكر، بيروت، 1994م.
- أحكام القرآن، ابن العربي، محمد بن عبدالله، ط1، دار الفكر، بيروت، 1988م.
- البداية والنهاية ،ابن كثير ، أبو الفداء اسماعيل، مكتبة دار المعارف، بيروت، 1990م.
- تاريخ الرسل والملوك ،الطبري، محمد بن جرير،ط2،دار المعارف، القاهرة، 1963.ودار الكتب العلمية ، بيروت .
- جامع الأصول ، ابن الأثير، الناشر حلواني وصلاح, دمشق, 1392هـ .
- الجامع لأحكام القرآن ،القرطبي ،محمد بن أحمد ، ط2، دار الشعب، القاهرة، 1372هـ.
- حلية الأولياء ،أبو نعيم ،أحمد بن عبدالله ،ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت، 1988م.
- الخراج، أبو يوسف،يعقوب بن إبراهيم، ط1، المطبعة السلفية ومكتبتها، القاهرة، 1382هـ.
- الرحيق المختوم ،المباركفوري، صفي الدين،ط1، المكتبة الثقافية، بيروت،1976
- زاد المعاد، ابن القيم، محمد بن أبي بكر،دار الفكر، بيروت، 1997.
- سبل السلام ،الصنعاني ، محمد بن اسماعيل، ط4، دار احياء التراث، بيروت، 1960م.
- سنن الدارقطني ، الدارقطني، علي بن عمر، ط1، دار إحياء التراث، بيروت، 1993.
- سنن أبي داود، أبو داود، سليمان بن الأشعث، ط1، دار الجيل، بيروت، 1992.
- السنن الكبرى، البيهقي، أحمد بن الحسين، دار المعرفة، بيروت، 1992.
- سنن ابن ماجه، ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني، ط1، دار الفك، بيروت.
- سنن النسائي ،النسائي، أحمد بن شعيب، ط2، دار البشائر، بيروت، 1986.
- السياسة الشرعية، ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، ط1، دار الفكر، بيروت، 1991.
- السيرة الحلبية ،الحلبي ،ابن برهان الدين ،بيروت ، دار إحياء التراث العربي ،1988م.
- السيرة النبوية ،مروان شيخ الأرض ،سوريا ، المطبعة التعاونية ، 2003م.
- السيرة النبوية ،ابن هشام ، أبو محمد عبد الملك ، ط1، دار الجيل، 1991م.
- صحيح البخاري، البخاري، محمد بن إسماعيل، ط1، دار الفكر بيروت،1991.
- صحيح مسلم ،الإمام مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري،ط1، مؤسسة عز الدين، بيروت، 1987.
- الطبقات الكبرى، ابن سعد، ط1، دار صادر ، بيروت ، 1980م.
- فتح الباري، ابن حجر، أحمد بن علي، ط2، دار الفكر، بيروت 1922.
- فتح القدير، الشوكاني، محمد بن علي، ط1، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1993م.
- فقه السيرة النبوية، البوطي، محمد رمضان،ط1، دار الفكر، دمشق،1991
- الكامل في التاريخ، ابن الأثير ، علي بن محمد ، ط1، دار الفكر ، بيروت
- كتاب الخراج ، يحيى بن آدم، ط2، تحقيق أحمد شاكر، المطبعة السلفية .
- كنز العمال، الهندي، علاء الدين المتقي بن حسام الدين، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993م.
- لسان العرب ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، ط1، دار صادر وبيروت، 1980.
- مجمع الزوائد، الهيثمي، علي بن أبي بكر، دار الفكر، بيروت، 1981م.
- المسـتدرك على الصحيحين،الحاكم النيسابوري، محمد بن محمد،ط1، دار المعرفة، بيروت، 1988.
- المسند ،ابن حنبل، الإمام أحمد بن محمد،ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت،1996.
- المصباح المنير، الفيومي ، أحمد بن محمد، ط1 ، دار العلم، بيروت، بدون سنة نشر.
- المصنف في الآحاديث والآثار، ابن أبي شيبة، عبدالله بن محمد، مكتبة الرشد، الرياض، 1409هـ.
- المعجم الأوسط ،الطبراني، سليمان بن أحمد ،دار الحرمين، القاهرة، 1415هـ.
- المعجم الكبير،الطبراني، سليمان بن أحمد، ط2، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، 1983م.
- معجم لغة الفقهاء، قلعجي، محمد رواس وقنيبي، محمد صادق، ط1، دار النفائس، عمان/ الأردن.
- المغازي ، الواقدي، محمد بن عمر، عالم الكتب، بيروت، 1984م.
- المغني ،ابن قدامة ، عبدالله بن أحمد ، دار هجر للطباعة ، القاهرة ، 1992م.
- نيل الأوطار، الشوكاني، محمد بن علي، ط1، دار الحديث، القاهرة، 1993
- القدس ، جاسر العناني ، دراسات قانونية وتاريخية ، جمعية عمال المطابع التعاونية ط1، 2001 .
- حقيقة القدس ، د. محمد حسين محاسنه ، الشركة الجديدة للطباعة والتجليد ، ط 1، 2004، نشر بدعم من أمانة عمان الكبرى.
- د. حسن مصطفى خاطر، موسوعة القدس والمسجد الأقصى المبارك، مؤسسة الرسالة، القدس، 2004.
- القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 .
- مخلص يحيى برزق، القدس من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مؤسسة القدس، ص 29 وما بعدها.
- - موقع الفسطاط : http://www.fustat.com/I_hist/al-Quds.shtm
- الأهمية الدينية للقدس، مركز المعلومات الفلسطيني: http://www.pnic.gov.ps/arabic/alquds/city.html
- المسجد الأقصى المبارك وما يتهدده من حفريات اليهود ، محمد علي أبو حمده ، مكتبة الرسالة الحديثة ، طبعة سنة 1982.
- مجلة العربي ، العدد 606، مايو 2009، وزارة الإعلام ، دولة الكويت ، مقالة من يعيد للقدس زمنها الأول .
- الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1، 1990 .
- فصل الخطاب في سيرة عمر بن الخطاب (الطبعة الأولى سنة 2002). علي محمد محمد الصلابي. مكتبة الصحابة، مكتبة التابعين. ،www.wikpedia.org عمر بن الخطاب على شبكة الانترنت ويكبيديا
- عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه د.علي أحمد الخطيب .
- السيف والبيان في تحرير قدس الرحمن،عدنان ساري الزين،غير معروف مكان الطبع،ط1، 1996.
- المسجد الأقصى والصخرة المشرفة عبر الموروث الثقافي،د.إبراهيم الفنّي، منشورات أمانة عمان الكبرى،ط1،
- عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الأول والثاني ، 2010م ،
- وقائع فلسطينية ، الفتح العمري لبيت المقدس ، الأستاذ سعود أبو محفوظ ، اصدار اللجنة الأردنية للدفاع عن القدس ، 1990.
- مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد ، ابن النحاس الدمياطي ، تهذيب د. صلاح الخالدي ، دار النفائس ، الأردن ، 1999م.
- بحث على شبكة الإنترنت بعنوان عمر بن الخطاب ، للدكتور ناصر بن محمد الأحمد .
- المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ ، علي القدومي ، كتاب مصور ، ط2 ، مركز بيت المقدس للدراسات والتوثيق ، 2008 إ
- محموعة الوثائق السياسية في العهد والخلافة الراشدة ، طبع لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة .
- خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية ، عبدالله التل ، دار القلم ، القاهرة ، ط2 ، 1965 .
- تاريخ القدس ، عارف باشا ، دار المعارف ، ط2 ، القاهرة .
- أحمد فتحي خليفة، موسوعة بيت المقدس، قرص ليزري (نابلس/فلسطين: مؤسسة سلسبيل للكمبيوتر) 1999م
- ـ أحمد فتحي خليفة، دليل أولى القبلتين/ثاني المسجدين (مؤسسة الأقصى /)2002 ـ WWW.islamic- aqsa. com
- ـ دائرة الأوقاف الإسلامية، المسح الأثري لقسم الآثار (القدس) د ت .
- ـ المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، دليل المسجد الأقصى الشريف (القدس: مطبعة بيت المقدس ) دت ـ الأرجح 1357هـ/ 1938م
- ـ رائف نجم وآخرون، كنوز القدس(عمان: مطبوعات منظمة المدن العربية ومؤسسة آل البيت، 1983م
- ـ روحي الخطيب، تهويد القدس (عمان:لجنة إنقاذ القدس)،ج1 /1970م، ج2 / 1971م
- ـ عارف العارف، تاريخ قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك، ولمحة عن تاريخ القدس، القدس: مطبعة دار الأيتام الإسلامية، 1955م
- ـ عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس ط2، القدس: منشورات مكتبة الأندلس 1986
- ـ عبد القادر الريحاوي، تاريخ المسجد الأقصى القدسي الشريف وآثاره، بحث مقدم إلى الندوة العالمية الأولى للآثار الفلسطينية (جامعة حلب) 1981م
- ـ علي بركات، خطر التهدم الحضاري على المسجد الأقصى القدسي، دراسة في كتاب "يوم القدس"، الرابع (عمان)1993
- ـ عيسى محمود بيضون، دليل المسجد الأقصى المبارك (كفركنا/فلسطين المحتلة: مركز التخطيط والدراسات)1993م
- يوسف بن الحسن بن عبدالهادي الدمشقي الصالحي الحنبلي، محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، دار أضواء السلف، الرياض، د.ت، ج1
- مجدي فتحي السيد، صحيح التوثيق في سيرة وحياة الفاروق عمر بن الخطاب، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط1، 1417ﻫ- .
- السيف والبيان في تحرير قدس الرحمن،عدنان ساري الزين، مؤسسة الرسالة ، بيروت،ط1، 1996.
- المقدسي، محمد بن عبد الواحد بن أحمد (ت 643هـ/1245م):"فضائل بيت المقدس"، تحقيق محمد مطيع الحافظ، ط1، دار الفكر، دمشق، 1984م.
- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله،(ت571هـ/1175م):
- " تاريخ دمشق الكبير"، تحقيق عبد السلام تدمري، ط1، دار الفكر العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1407هـ/1987م.
- سير أعلام النبلاء"،17جزء، تحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، ط1، دار الفكر، بيروت، 1418هـ/1997م.
- تذكرة الحفاظ"، طبعة 1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1998م."العبر في خبر من غبر"، 4أجزاء، حققه وضبطه محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
- الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ/1347م):
- تذكرة الحفاظ"، 4أجزاء، وضع حواشيه الشيخ زكريا عميرات، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت 1419هـ/1998م.
- تاريخ الخلفاء ، جلال الدين السيوطي ، دار صادر ، بيروت ، 1997 ،
- الأوقاف الإسلامية في العصر الإسلامي ، بحث مقدم لمؤتمر فلسطين الدولي للأوقاف الإسلامية ، منشور على الانترنت ، للاستاذ عبد الحميد الفراني ، والاستاذ عوني العلوي ، 2011م .
- القدس ، جاسر العناني ، دراسات قانونية وتاريخية ، جمعية عمال المطابع التعاونية ط1، 2001 .
- قاسم المجالي ، محاضر في جامعة مؤتة ، بحث منشور على شبكة الانترنت .
- المعالم الإسلامية في البلدة القديمة ، فادي عبد الغني شامية ، 2008 ، بحث منشور على شبكة الانترنت .
- الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب ، فاروق مجلاوي ، الناشر روائع مجدلاوي للنشر والتوزيع ، 2003م.
This work is licensed under an Attribution-NonCommercial 4.0 International (CC BY-NC 4.0)
حوالہ جات
- ↑ () سورة البقرة، الآية 204.
- ↑ () سورة لقمان، الآية 6.
- ↑ () أوردها القاضي عياض ، كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، ج2 ، ص88 ، ابن تيمية ، اقتضاء الصراط المستقيم ، ج2 ، ص762.
- ↑ () سورة النحل، الآية 125.
- ↑ - المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القدس.. قصة مدينة، تونس، ط1، ص 24 . - أنيس صايغ وآخرون، الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984، باب القدس، ج3، ص 510 وما بعدها. - موسوعة ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، القدس: ar.wikipedia.org - موقع الجزيرة نت، المعرفة، القدس عبر التاريخ العربي الدائم: www.aljazeera.net/NR/exeres/0523578F
- ↑ () ـ أحمد فتحي خليفة، موسوعة بيت المقدس، (نابلس/فلسطين: مؤسسة سلسبيل للكمبيوتر) 1999م ـ أحمد فتحي خليفة، دليل أولى القبلتين/ثاني المسجدين وثالث المسجد الأقصىين (مؤسسة الأقصى /فلسطين)2002 ـ نشر في WWW.islamic- aqsa com ـ دائرة الأوقاف الإسلامية، المسح الأثري لقسم الآثار (القدس) د تـ المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، دليل المسجد الأقصى الشريف (القدس: مطبعة بيت المقدس ) د ت ـ الأرجح 1357هـ/ 1938م، ص67. ـ رائف نجم وآخرون، كنوز القدس(عمان: مطبوعات منظمة المدن العربية ومؤسسة آل البيت، 1983م ـ روحي الخطيب، تهويد القدس (عمان:لجنة إنقاذ القدس)،ج1 /1970م، ج2 / 1971م ـ عارف العارف، تاريخ قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك، ولمحة عن تاريخ القدس، القدس: مطبعة دار الأيتام الإسلامية، 1955م ـ عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس ط2، القدس: منشورات مكتبة الأندلس 1986 ،ص19 ـ عبد القادر الريحاوي، تاريخ المسجد الأقصى القدسي الشريف وآثاره، بحث مقدم إلى الندوة العالمية الأولى للآثار الفلسطينية (جامعة حلب) 1981م ـ علي بركات، خطر التهدم الحضاري على المسجد الأقصى القدسي، دراسة في كتاب "يوم القدس"، الرابع (عمان)1993 ـ عيسى محمود بيضون، دليل المسجد الأقصى المبارك (كفركنا/فلسطين المحتلة: مركز التخطيط والدراسات)1993م
- ↑ ( )- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، القدس.. قصة مدينة، تونس، ط1، ص 24 . - أنيس صايغ وآخرون، الموسوعة الفلسطينية، دمشق، 1984، باب القدس، ج3، ص 510 وما بعدها. - موسوعة ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، القدس: ar.wikipedia.org - موقع الجزيرة نت، المعرفة، القدس عبر التاريخ العربي الدائم: www.aljazeera.net
- ↑ ( )الهيثمي ، مجمع الزوائد ، ج4 ، 9 ، ورجاله ثقات ،و أخرجه ابن ماجة في سننه، باب: إقامة الصلاة في المسجد الأقصى، حديث رقم 1379، وهو حديث صحيح ورجاله ثقات . موسوعة الكتب التسعة الإلكترونية، مكتبة العريس، بيروت.
- ↑ ( )أخرجه أبو داود في سننه، باب: الصلاة، حديث رقم 386 . وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير زياد بن أبي سودة،وهو ثقة كما في " التقريب " ، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات ".الدمشقي عن مروان بن محمد أنه قال:" عثمان بن أبي سودة وأخوه زياد- من أهل بيت المقدس- ثقتان ثبتان
- ↑ الامام أحمد ، مسند ابن حنبل ، جزء 18، ص261. وقال عنه أحمد شاكر : اسناده صحيح .الْمُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ لِلْحَاكِمِ (4479 ) ومُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ لِلطَّبَرَانِيِّ ( 1830 ) حسن لغيره .
- ↑ حديث : " فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة " . أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ( 4 / 7 ) وعزاه للطبراني في الكبير ثم قال : " رجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام ، وهو حديث حسن.وأخرجه النسائي ، سنن النسائي ، كتاب المساجد ، باب فضل الصلاة في المسجد الحرام.
- ↑ أخرجه البخاري في صحيحه، باب: أحاديث الأنبياء، حديث رقم 3115.
- ↑ أخرجه مسلم في باب الإمارة، الحديث رقم 3550، وابن ماجة في باب الفتن، حديث رقم 3842، والإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث رقم 21361.
- ↑ - القدس ، جاسر العناني ، دراسات قانونية وتاريخية ، جمعية عمال المطابع التعاونية، ط1، 2001، ص13، ص 58.
- ↑ - سورة الإسراء / الآية 1
- ↑ () حقيقة القدس ، د. محمد حسين محاسنه ، الشركة الجديدة للطباعة والتجليد ، ط 1، 2004، نشر بدعم من أمانة عمان الكبرى ، ص، 292. المسجد الأقصى الحقيقة والتاريخ ، علي القدومي ، كتاب مصوّر، ط2 ، مركز بيت المقدس للدراسات والتوثيق ، 2008 ، ص16-22.
- ↑ () د. حسن مصطفى خاطر، موسوعة القدس والمسجد الأقصى المبارك، مؤسسة الرسالة، القدس، 2004، ج2 ص 10 وما بعدها. - مخلص يحيى برزق، القدس من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مؤسسة القدس، ص 29 وما بعدها. - موقع الفسطاط : http://www.fustat.com/I_hist/al-Quds.shtm
- ↑ - حقيقة القدس ، د. محمد حسين محاسنه ، الشركة الجديدة للطباعة والتجليد ، ط 1، 2004، نشر بدعم من أمانة عمان الكبرى ، ص، 292.
- ↑ - المسجد الأقصى المبارك وما يتهدده من حفريات اليهود ، محمد علي أبو حمده ، مكتبة الرسالة الحديثة ، طبعة سنة 1982، ص11.
- ↑ - مجلة العربي ، العدد 606، مايو 2009، وزارة الإعلام ، دولة الكويت ، مقالة من يعيد للقدس زمنها الأول ، ص55.
- ↑ - القدس سيناريوهات مستقبلية ، جاسر علي العناني ، الشركة الجديدة للطباعة والتجليد ، ط1، 2004، ص115
- ↑ - سورة الإسراء / الآية 1
- ↑ - الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، ط1، 1990، ص31وص54. مخلص يحيى برزق، القدس من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مؤسسة القدس، ص 29 وما بعدها.
- ↑ - الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ، ص31وص54. تاريخ القدس ، عارف باشا ، دار المعارف ، ط2 ، القاهرة ، ص 66.
- ↑ - الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ، ص31وص54. مخلص يحيى برزق، القدس من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، مؤسسة القدس، ص 29 وما بعدها.
- ↑ - الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ، ص31وص54 ، خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية ، ص 36 ، تاريخ القدس ، عارف باشا ، دار المعارف ، ط2 ، القاهرة ، ص 66.
- ↑ - الفيوض الربانية في الرحلة النورانية ، معجزة الإسراء والمعراج ، محمد محمود صلاح ( أبو الدرداء ) ،ص31وص54. الإسراء والمعراج، هاشم محمد علي المشهداني، موقع دار الإسلام الالكتروني ، حقيقة القدس ، د.محمد حسين محاسنة ،ص123. فقه السيرة النبوية، البوطي، محمد رمضان،ط1، دار الفكر، دمشق،1991، ص66.
- ↑ - سورة النجم / الآيات من 1-18
- ↑ - سورة البقرة / الآية 144
- ↑ - عوف بن مالك (؟ - 73 هـ = ؟ - 692 م) هو: عوف بن مالك بن أبي عوف، أبو عبد الرحمن، الأشجعي الغطفاني. صحابي من الشجعان الرؤساء رضي الله عنه. وأول مشاهده خيبر، وكانت معه راية أشجع يوم الفتح. روى عن النبي ( وعن عبد الله بن سلام. وروى عنه أبو مسلم الخولاني وأبو إدريس الخولاني وجبير بن نفير وعبد الرحمن بن عامر وغيرهم. له 67 حديثًا. راجع: (الإصابة فی معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني، (4/742). و(سیر أعلام النبلاء للذهبی، (2 / 478 – 490). و(الأعلام للزرکلي، (5/96).
- ↑ - قصاع الغنم: داء يأخذ الغنم فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجاءة وقال ابن فارس: القصاع داء يأخذ في الصدر کأنه يکسر العنق. (عمدة القاري: باب الجزية والموادعة 22/341). راجع: (الإصابة فی معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني، (4/742). و(سیر أعلام النبلاء للذهبی، (2 / 478 – 490). و(الأعلام للزرکلي، (5/96).
- ↑ - أخرجه البخاري في صحیحه، كِتَابُ الجِزْيَةِ، بَابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الغَدْرِ، رقم الحدیث: (2901)، (4/101).
- ↑ - سورة النور / (55)
- ↑ - عمر بن الخطاب، حياته، علمه، أدبه د.علي أحمد الخطيب ص 153 ، الخليفة الفاروق، تأليف: العاني، ص16.، فصل الخطاب في سيرة عمر بن الخطاب (الطبعة الأولى سنة 2002)،علي محمد محمد الصلابي،مكتبة الصحابة، مكتبة التابعين. ،www.wikpedia.org عمر بن الخطاب على شبكة الإنترنت ويكبيديا .
- ↑ - الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الأمم والملوك،( دار الكتب العلمية – بيروت، ط: 1 ، 1407هـ) ، ج2ص449.، السيف والبيان في تحرير قدس الرحمن،عدنان ساري الزين،مؤسسة الرسالة ، بيروت،ط1، 1996، ص19.
- ↑ - المسجد الأقصى والصخرة المشرفة عبر الموروث الثقافي،د.إبراهيم الفنّي، منشورات أمانة عمان الكبرى،ط1، 2007،ص28
- ↑ - مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة ، ص13 ، تاريخ الأدب العربي (العصر الإسلامي ) ، ص 133 ، بيت المقدس المكانة والأمانة ، www.islamway.net ، مقال على شبكة الإنترنت لزياد عابد المشوفي ، اليعقوبي ، بيت المقدس والمسجد الأقصى ، ص88 .
- ↑ () القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 .
- ↑ - المعجم الوسيط، د.إبراهيم أنيس وآخرون، مجمع اللغة العربية، الإدارة العامة للمعجمات واحياء التراث، والبرذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال، عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء، قوي الأرجل، عظيم الحوافر(مج)للفظ الذي اقره " مجمع اللغة العربية " (ج) لبيان الجميع، ص48.
- ↑ - اللقاء الإسلامي المسيحي الخامس السلام والعدل،بحث حول القدس: انموذج التعايش الديني السلمي على مدى العصور، عقد في شامبيزي(جنيف-سويسرا)12/2-15/2/1988،أعده المهندس رأفت نجم,مطابع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية،ص18-19. يُنظر: الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي، للدكتور: محمد ياسين مظهر صديقي، ترجمة :دكتور سمير عبد الحميد إبراهيم، (رابطة الجامعات الإسلامية، ط:1، 1408هـ - 1988م)،ص106 وما بعدها.محموعة الوثائق السياسية في العهد والخلافة الراشدة ، طبع لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة ، ص 19.
- ↑ () جولة في عصر الخلفاء الراشدين، محمد سيد الوكيل ص200، 201. القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 .
- ↑ () البداية والنهاية (7/57) هذا إسناد جيد.
- ↑ () بيت المقدس والمسجد الأقصى ، محمد شراب ، ص 63 ، مجموعة الرسائل الكبرى (2/57،58).
- ↑ () جولة في عصر الخلفاء الراشدين ص203-204 .
- ↑ () عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الأول والثاني ، 2010م ، ص 206-220 ، منزلة القدس في الإسلام ، قاسم المجالي ، محاضر في جامعة مؤتة ، بحث منشور على شبكة الإنترنت ، ص6-15.
- ↑ () أمتهوكون: التهوك كالتهور، وهو وقوع في الأمر بغير رؤية.
- ↑ )- أخرجه الإمام أحمد (14641) ، الدارمي في مقدّمة سننه (440) ، و بوّب الإمام البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، و قال ابن حجر في شرحه (15\ 276): "هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد وابن أبي شيبة و البزار من حديث جابر” أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه عليه فغضب وقال: لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني ” ورجاله موثقون إلا أن في مجالد ضَعفا"،خرّج الإمام الألباني هذا الحديث في إرواء الغليل (1589) و حسّنه.
- ↑ () حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي د. ياسين سويد ص35 ، وقائع فلسطينية ، الفتح العمري لبيت المقدس ، الأستاذ سعود أبو محفوظ ، اصدار اللجنة الاردنية للدفاع عن القدس ، ص 39 . عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الاول والثاني ، 2010م ، ص 206-220 ، خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية ، عبدالله التل ، دار القلم ، القاهرة ، ط2 ، 1965 ، ص27.
- ↑ () تاريخ الطبري ، الطبري ، (4/431).
- ↑ () حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي ص35 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 .
- ↑ () حروب القدس في التاريخ الإسلامي، ص35-36 ، خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية ، عبدالله التل ، ص27.
- ↑ () تاريخ الطبري (4/432).
- ↑ () حروب القدس في التاريخ الإسلامي ، ص36 ، خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية ، عبدالله التل ، ص27.
- ↑ () تاريخ الطبري (4/433).
- ↑ () تاريخ الطبري (4/433).
- ↑ () حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي ص37 . عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الأول والثاني ، 2010م ، ص 206-220،
- ↑ () حروب القدس ص38 . عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الأول والثاني ، 2010م ، ص 206-220
- ↑ () حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 .
- ↑ () القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 .
- ↑ () تاريخ الطبري (4/433).
- ↑ () تاريخ الطبري (4/434).
- ↑ () فتوح الشام (1/213-216).
- ↑ () المغازي ، الواقدي، محمد بن عمر، عالم الكتب، بيروت، 1984م ، ص 237 .
- ↑ () حروب القدس ص40 ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، المجلد الثاني ، دار صادر ، بيروت ، 1979 ، ص500 .
- ↑ () بيت المقدس والمسجد الأقصى ، محمد شراب ، دار القلم ، دمشق ، والدار الشامية ؟، بيروت ، ص 86 .
- ↑ () تاريخ الطبري (4/434) ، حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 . تاريخ الخلفاء ، جلال الدين السيوطي ، دار صادر ، بيروت ، 1997 ، ص78، الأوقاف الإسلامية في العصر الإسلامي ، بحث مقدم لمؤتمر فلسطين الدولي للأوقاف الإسلامية ، منشور على الإنترنت ، للأستاذ عبد الحميد الفراني ، والأستاذ عوني العلوي ، 2011م ، ص8-19 .
- ↑ () تاريخ الطبري (4/434) ، حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 . الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج1 ، ص17 ، عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد الأول والثاني ، 2010م ، ص 206-220.
- ↑ () محض الصواب ، لابن عبد الوهاب ، (2/590) إسناده صحيح.
- ↑ () مسند أحمد الموسوعة الحديثية رقم 177 حديث صحيح ورجاله ثقات.
- ↑ () اللَّبد السرج والشنّ القربة القديمة.
- ↑ () الجونة: السلة.
- ↑ () سير أعلام النبلاء (1/17) ، تاريخ الطبري (4/434) ، حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 . تاريخ الخلفاء ، جلال الدين السيوطي ، دار صادر ، بيروت ، 1997 ، ص78، الأوقاف الإسلامية في العصر الإسلامي ، بحث مقدم لمؤتمر فلسطين الدولي للأوقاف الإسلامية ، منشور على الإنترنت ، للأستاذ عبد الحميد الفراني ، والأستاذ عوني العلوي ، 2011م ، ص8-19 .
- ↑ () سير أعلام النبلاء (1/17)
- ↑ () محض الصواب ، لابن عبد الوهاب ، (2/589، 590) إسناده صحيح إلى عروة. تاريخ الطبري (4/434) ، حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 . الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج1 ، ص17 ، عزت محمود فارس ، بعنوان قراءات في العهدة العمرية ،مجلة جامعة دمشق ، م 26 ، العدد اأاول والثاني ، 2010م ، ص 206-220.
- ↑ () فتح الباري (7/47-48)، شرح النووي (15/165-167).السيرة النبوية للصلاَّبي (1/145). الإدارة الإسلامية في عصر عمر بن الخطاب ص381،
- ↑ () الإدارة الإسلامية في عصر عمر بن الخطاب ، فاروق مجدلاوي ، ص381.
- ↑ - الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير ، تاريخ الأمم والملوك،( دار الكتب العلمية – بيروت، ط: 1 ، 1407هـ) ، ج2ص449.، السيف والبيان في تحرير قدس الرحمن،عدنان ساري الزين،غير معروف مكان الطبع،ط1، 1996، ص19.
- ↑ () تاريخ الطبري (4/434) ، حروب القدس ، ص38 . القدس الشامخة عبر التاريخ ، محمد هاشم غوشة ، ص13 ، د.رعد شمس الكيلاني ، القضاء في بيت المقدس ، مجلة كلية العلوم الإسلامية ، العدد 17 ، ص167 . الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج1 ، ص17 .المعالم الإسلامية في البلدة القديمة ، فادي عبد الغني شامية ، 2008 ، بحث منشور على شبكة الإنترنت ، 5-18 .
- ↑ () الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني ص173-175 ، عصر الخلافة الراشدة ص102.
- ↑ () مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد ، ابن النحاس الدمياطي ، تهذيب د. صلاح الخالدي ، دار النفائس ، الأردن ، 1999م، ص 451 ، الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني ص173-175 ، عصر الخلافة الراشدة ص102.
- ↑ () مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد ، ابن النحاس الدمياطي ، تهذيب د. صلاح الخالدي ، دار النفائس ، الأردن ، 1999م، ص 451 ، الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب للعاني ص173-175 ، عصر الخلافة الراشدة ص102.
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Volume 1 Issue 2 | 2020 | ||
Article Title | Authors | Vol Info | Year |