1
1
2014
1682060029336_742
111-119
https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/46/43
الحمد لله و كفىٰ وسلٰمٌ علىٰ عباده الذين اصطفىٰ اما بعد! أعوذ بالله من الشيطٰن الرجيم طبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِط
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ•[1]
دینُ الاسلامِ دین کامل و جامع یحیط بکل شعبة الحياة، إما تتعلق بالعقائد أوالعبادات أوالمعاملات۔ اصلاح المعاملات في الحقيقة أمر مهم للشريعة بعدصلاح العقيدة و عبادة الله۔ في باب المعاملات اجاز الاسلامُ بيعَ الاشياء كما قال الله تعالي و أحل الله البيع و حرم الربوا[2]۔ إذا باع أحد علي الاخر شيئا والمشتري لا يستطيع أن يؤدي الثمن في الحال فحكمُ الاسلامِ أن يكتب دينا إلى أجل مسمى على ذمةِ المشترى فإن كانت الكتابة لا يمكن لعارضٍ أو يخاف البائعُ على عدم أداء دينه فيجوز له أن يأخذ شيئا من المشتري إلى أداء الثمن، و لا يشترط البيعُ للرهن في كل حال بل إن كان أحد يريد أن يُعطيَ قرضا للاخر و يخاف من العود فله أن يأخذَ من المقروض شيئا إلى أداء القرض، ففي المسئلة المذكورة الشيئُ الماخوذُ أمانة في يد الراهن و له دين أو قرض على الاخر ويقال للشئ الماخوذ ببدل الثمنِ الرهنُ ۔
معني الرهن حبس الشيئ في حق شيئ وهو جائز بالكتاب والسنة، لكن غرض الرهن حفاظة الدَين و اعجال المقروض ان يؤدي قرضه في اول الفرصة لا الغرض منه الانتفاع من المرهون۔ اذا تمّ عملُ الرّهنِ فلا يجوز الانتفاع من المرهونة لا للراهن و لا للمرتهن، لكن في زماننا يُرتهن لهذا الغرض خاصة اعني الانتفاع من المرهونة و هو تبديل الوضع لأن في الشريعة وُضعَ الرهنُ لحفاظة الدَين لا للانتفاعِ، و هي مسئلةٌ دقيقةٌ حقيقةُ الطّلب مختلفةٌ بين الفقهاءِ المتقدمين ولهذا أردنا أن نذكرَ اختلافَ الفقهاءِ و تطبيقاتها في هذه المسئلة حتي الوسع و نبيّنُ الراجحَ من المرجوحِ والله هو الموفقُ و المعينُ۔
الرهنُ لغةً:
هو الامساك و الحبس بأي سببٍ كان كما في تهذيب اللغة
وكلُّ أَمْرٍ يُحبَس بِهِ شيءٌ فَهُوَ رَهنُه ومُرْتَهنَه، كَمَا أنَّ الْإِنْسَان رَهينُ عَملِه.[3]
يعني ما يُحبس الشيء في مقابلة الشيء فشيء محبوسٌ رهن و مرتهَن كما أن الانسان محبوس في حق عمله و غرض الرهن حفاظة الدَين اعني ان كان المديونُ لا يؤدّي الدَينَ فلدّائنِ شيئ في يده من المديون، و راعىٰ في لسانِ العربِ هذا المعنى و قال :
الرَّهْنُ: مَعْرُوفٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرَّهْنُ مَا وُضِعَ عِنْدَ الإِنسان مِمَّا يَنُوبُ مَنَابَ مَا أُخذ مِنْهُ ۔۔۔۔۔۔ يُقَالُ: هَذَا راهِنُ لَكَ أَي دَائِمٌ مَحْبُوسٌ عَلَيْكَ۔[4]
الرهنُ اصطلاحا:
الرهن في الشريعة حبس الشيئ في حق الشيئ كما قال في الهداية: جعل الشيء محبوسا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون۔[5]
يعني يمكن استيفاء الحق من المرهون كالديون مثلاً إن كان للرجل دين علي الاخر و يأخذ شيئا من المديون ففي صورة عدم أداء الدين يمكن للدائن ان يأخذ حقه من الشئ المحبوس۔ الذي يعطي شيئا يقال له الراهنُ والذي يأخذ يقال له المرتهنُ والشئ المأخوذ والمحبوس يقال له المرهون والرهين كما قال العلامة العيني:
والراهن الَّذِي يرْهن، وَالْمُرْتَهن الَّذِي يَأْخُذ الرَّهْن، وَالشَّيْء مَرْهُون ورهين وَالْأُنْثَى رهينة.[6]
جوازُ الرهن:
الرهن جائزٌ بالكتاب والسنة، كما قال الله تعالى :وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ[7]
حكمُ الشريعة اذا اعطىٰ أحدٌ دَينا لاٰخر فلْيكتبه ولْيستشهدْ شهيدين فأن كان ذلك لا يمكنُ لوجهِ السفرِ او لعذرٍ اٰخر فلْيرتهنْ شيئاً لتوثيق الدَين، ففي آية المتذاكرة ذُكِرَ قيدُ السفرِ لأن في السفر لا يوجَدُ الكاتبُ كثيرا أعني ذكرُ السفرِ في الاية ليس لتّحديد بل نبّه بذكر السفر على كل عذرٍ و يجوز الرهن لعذرٍ اخر ايضا كما رُوي أن النبيﷺرهن درعه في الخضر روى البخاري: وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ و ذكر الحديث في باب الرهن في الخضر[8]
خلاصة البحث أن الرهن جائز بالكتاب والسنة في السفر والخضر لتوثيق الدَين۔
حکم الانتفاع من المرهون للراهن عند الفقهاء :
يجوز الانتفاع من المرهونة للراهن اذا انفق عليها عند الشافعي وابراهيم النخعي وجماعة من اهل الظواهر[9]كما قال ابن حزم الاندلسي الظاهري المتوفي 456 ه:
وَمَنَافِعُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لَا تَحَاش مِنْهَا شَيْئًا لِصَاحِبِهِ الرَّاهِنِ لَهُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الرَّهْنِ وَلَا فَرْقَ - حَاشَا رُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ، وَحَاشَا لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ، فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ كَمَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يُضَيِّعَهُمَا فَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا.وَيُنْفِقُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ: رُكُوبُ الدَّابَّةِ، وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ، بِمَا أَنْفَقَ لَا يُحَاسَبُ بِهِ مِنْ دَيْنِهِ كَثُرَ ذَلِكَ أَمْ قَلَّ.[10]
العبارۃ المذكورة ظاهرة في أن عند أهل الظواهر انتفاع المرهونة للمنفق عليها۔ اذا أنفق عليها الراهن فحق الانتفاع له و اذا انفق عليها المرتهن فحق الانتفاع له واحتجوا هؤلاء بهذاالحديث:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ، إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ[11]
يدل الحديثُ المذكورُ أن انتفاع المرهون يتعلق بالنفقة من انفق عليها (الراهن أو المرتهن) فله حقُ االانتفاع لكن حديث المذكور يوافق مسلك بعض الظاهرية أعني ابن حزم و اصحابه و أما الشوافع و بعض الظواهر فاختصوا حق الانتفاع للراهن كما قال العلامة العيني في ذيل الحديث المذكور:
"احْتج بِهَذَا الحَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة الظَّاهِرِيَّة على: أَن الرَّاهِن يركب الْمَرْهُون بِحَق نَفَقَته عَلَيْهِ.
وَيشْرب لبنه، كَذَلِك" [12]
ظهر من عبارة المذكورة أن عندهم حق الانتفاع للراهن خاصة لاللمنفق مطلقا أي للمرتهن ليس له حق الانتفاع في حال و أن كان ينفق على المرهون، كذالك قال الامام الكبير لفقه الشافعي الامام المزني في كتابه و قال:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ۔ (قَالَ): وَمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ رَهَنَ ذَاتَ دَرٍّ وَظَهْرٍ لَمْ يُمْنَعْ الرَّاهِنُ مِنْ ظَهْرِهَا وَدَرِّهَا، وَأَصْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَذَا الْبَابِ أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ حَقًّا فِي رَقَبَةِ الرَّهْنِ دُونَ غَيْرِه [13]
خلاصة البحث أن عند الشوافع و ابراهييم النخعي وجماعة الظاهريه حق الانتفاع للراهن سواء كما كانت قبل الرهن و لا فرق لأجل الرهن ۔
اما امام الاعظم امام ابوحنيفه و اصحابه والثوري ومالك و احمد فهم يقولون أن الراهن ليس له ان ينتفع من المرهون كما قال العلامة العيني:
وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة: لَيْسَ للرَّاهِن ذَلِك لِأَنَّهُ يُنَافِي حكم الرَّهْن، وَهُوَ الْحَبْس الدَّائِم، فَلَا يملكهُ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ لَهُ أَن ينْتَفع بالمرهون استخداماً وركوباً ولبناً وسكنى وَغير ذَلِك۔[14]
العبارة المذكورة ظاهر في أن للراهن ليس له حق الانتفاع لأنه خلاف حكم الرهن لان الرهن وضع لتوثيق الدَين والتوثيق انما يأتي بقبض الدائم فان كان المرتهن يُدفِع المرهونَ للراهن للانتفاع فليس له حبس الدائم و ذلك يضرُّ التوثيق َالذي وُضع له الرهنُ، و كذلك أن كان الراهنُ يحصل الانتفاعَ سواءً بعدَ الرهنِ كما كان قبلَ الرهن فلا يجد ضرراً ولا يعجّل في اداءِ الدَين فلذا قال الائمة المذكورون أن للراهن ليس له حق الانتفاع ۔
وأما الحديث المذكور الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ ما احتج به الشوافع و اصحابه ففيه قال الامام السرخسي الحنفي:
ثُمَّ قِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَرْفُوعًا، وَلَوْ ثَبَتَ، فَالْمُرَادُ انْتِفَاعُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ الدَّرَّ يُحْلَبُ، وَظَهْرُهُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَالنَّفَقَةُ بِإِزَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَكُونُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَالِكِ، وَهَذَا حُكْمٌ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَنْتَفِعُ بِالرَّهْنِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَسَخَ ذَلِكَ، بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً [15]
يعني أن الحديث المذكور لیس بمرفوع إلى النبي صلي الله عليه و سلم بل هذا قول أبي هريرةؓ ولو ثبت مرفوعا فمعنى الحديث أن حق الانتفاع للمرتهن لا للراهن لأن المرتهن يُنفق على المرهون في الغالب لا الراهن و ذُكر في الحديث الانتفاع بمقابلة النفقة، والانتفاع بمقابلة النفقة ينانسب في حق غيرِ المالكِ و غيرُ المالكِ هو المرتهنُ لأن الراهنَ هو المالك والرهن لا يُزيل الملكَ من الراهن فعلم من ذلك أن حق الانتفاع ليس للراهن بل للمرتهن لكن هذا الحكم في ابتداء الاسلام ثمّ انتسخ ذلك بنهي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً، أعني فيه شبهة الربوا ولذا ليس للمرتهن ايضا حق الانتفاع سيأتي تفصيله في ذيل إن شاء الله تعالى۔
خلاصة البحث أن عند الاحناف والمالكيه والحنابله في روايةٍ لا يجوزُ الانتفاعُ من المرهون للراهن أصلا ۔
حكم الانتفاع من المرهون للمرتهن عند الفقهاء
لا يجوز الانتفاع من المرهون للمرتهن عند جمهور الأئمة والامام الشافعي ايضا متفق في هذا القول مع الاحناف كما قال ابن قدامه:
وَلَا يَنْتَفِعُ مِنْ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ [16]
انتفاعُ المرتهنِ من المرهون فيه شبه الربوا لأنه قرضٌ جرّ نفعاً وكل قرضٍ جرّ نفعاً فهو ربا و لِذا قال الجمهور بعدم جوازه لقول النبي صلى الله عليه و سلم:
كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الرِّبَا [17]
يدل الحديث المذكور أن من أعطىٰ لأحد قرضا و أخذ من المقروض شيئا في الرهن فأن كان ينتفع من هذا الشيئ فهو نفع بمقابلة القرض و هو صورة الربوا والربوا حرام فالانتفاع من المرهون حرام، و لأن الرهن وُضع لتوثيق الدين وللمرتهن حق الحبس فقط لا الانتفاع، كذا ذُكر في البدائع والصنائع:
وَكَذَا لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَرْهُونِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّهنُ عَبْدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ، وَإِنْ كَانَ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا، وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ، وَإِنْ كَانَ دَارًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا، وَإِنْ كَانَ مُصْحَفًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يُفِيدُ مِلْكَ الْحَبْسِ لَا مِلْكَ الِانْتِفَاعِ.وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْعَلَ فِي الرَّهْنِ مَا يُعَدُّ حِفْظًا لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا لَهُ وَانْتِفَاعًا بِهِ ۔ [18]
صرّح في عبارة المذكورة أن الانتفاع من المرهون للمرتهن لا يجوز لأنه خلافُ وضعِ الرهنِ، الرهن ُ يفيد ملكَ الحبسِ و الحفظِ فقط لا ملكَ الانتفاعِ و للمرتهنِ يجوز كل ما من قبيل الحفظ ولا يجوز كل ما يعدّ من قبيل الاستعمال والانتفاع، كذا ذُكر في الكتاب المذكور في مقام اخر:
(وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلرَّاهِنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ فَقَطْ[19]
يعني من أجل الرهن لا يُبدّل ملكُ المرهونِ فأنه للراهن الاٰن كما كان قبلَ الرهنِ و أنما الرهنُ يفيد ملكَ الحبس فقط، كذا قال العلامة العيني:
"لَيْسَ للْمُرْتَهن أَن ينْتَفع بالمرهون حَتَّى لَو كَانَ عبدا لَا يستخدمه أَو دَابَّة لَا يركبهَا أَو ثوبا لَا يلْبسهُ أَو دَارا لَا يسكنهَا أَو مُصحفا لَيْسَ لَهُ أَن يقْرَأ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ إلاَّ بِإِذن الرَّاهِن."[20]
خلاصة البحث أن عند الجمهور لا يجوز للمرتهن الانتفاع من المرهون أصلاً و انما له حقُّ الحبسِ و الحفظِ فقط دونَ الانتفاعِ، لكن قال بعضُ الفقهاء خلافَ ذلك و هم يقولون إنْ أذِنَ له الراهنُ بالانتفاع فلا بأس به كذا ذُكر في الهدايه:
وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن لا باستخدام، ولا بسكنى ولا لبس، إلا أن يأذن له المالك"؛ لأن له حق الحبس دون
الانتفاع [21]
ظهر من عبارة المذكورة أنّ بأذن الراهن يجوز للمرتهن الانتفاع به، قال العلامة العيني في شرح هذا القول:
ش: فإذا استعمله بوجه من الوجوه المذكورة كان غاصبا، وضمن قيمته بالغة ما بلغت.وإن كان بإذن الراهن فلا ضمان عليه؛ لأن الحجر لحقه وقد رضي به [22]
يعني إنِ استعملَ المرتهنُ المرهونَ بغير إذنِ الراهنِ فهو كالغاصبِ وإن استُهلك في الاستعمال كان ضامنا و إن أجاز الراهنُ بالاستعمالِ فلا يضمنُ لأنّ المنعَ حقَّ الراهنِ و قد أعطى حقه برضاه فلا بأس ، كذلك قال الامام الخصفكي:
(وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَكْلِ الزَّوَائِدِ) أَيْ أَكْلِ زَوَائِدِ الرَّهْنِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مَهْمَا زَادَ فَكُلْهُ (فَأَكَلَهَا) ظَاهِرُهُ يَعُمُّ أَكْلَ ثَمَنِهَا، وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ.[23]
أي إنْ أذنَ الراهن ُ للمرتهنِ بأن يأكلَ زوائدَ الرهنِ فدخل فيه ركابُه إن كان مرْكباً و لبنُه إن كان ذاتَ لبنٍ و لُبْسه إن كان لباساً والسكنىٰ فيه إن كان داراً وغيرها و كذلك لا بأس بأكْلِ ثمنِ منافعِ المرهونِ، قال الامامُ الخصفكي و به افتى المصنف أي صاحب الهدايه، أوْرَدَ صاحبُ ردِّ المختارِ في المسئلةِ المذكورة اقوالاً و رجح جانب جواز الانتفاع بحيث قال:
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ سَمَرْقَنْدَ إنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ، لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الرِّبَا لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ كَامِلًا فَتَبْقَى لَهُ الْمَنْفَعَةُ فَضْلًا، فَتَكُونُ رِبًا وَهَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ.
قُلْت: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْإِذْنِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الدِّيَانَةِ وَمَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ عَلَى الْحُكْمِ ثُمَّ رَأَيْت فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى إذَا كَانَ مَشْرُوطًا صَارَ قَرْضًا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَهُوَ رِبًا وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ۔[24]
أي ذكر صاحبُ ردِّ المختارِ(ابن عابدين) في هذا المقام بأنّ محمد بن اسلم السمرقندي لا يُجيز بإنتفاعِ المرهونِ أصلاً و إنْ أذن له الراهنُ لأنه عينُ الربوٰا لأنّ المرتهنَ له دَينٌ كاملٌ على الراهن و لا ينقص فيه بشيء فالأنتفاع يبقي فضلا بغير عوض و هو عين الربوا والربوا لا يجوز بإذن أحد و هذا مثلا إن أذن أحد بالزنىٰ فلا يجوز الزنىٰ بإذنه وقال صاحب رد المختار بأنّ قولَ محمد بن أسلم مخالف لكتب عامة الفقهاء بأنهم يجيزون الانتفاع بإذن الراهن و دفع هذا التعارض أي بين محمد بن أسلم و عامة الفقهاء بأن قال ابن عابدين أنْ يُحمَلَ قولُ محمد بالديانة أي لا يجوز ديانةً و يُحمل قولُ عامةِ الفقهاءِ على الحكمِ أي يجوز قضاءً، قال ابن عابدين فضلا بأن قرأتُ في جواهرِ الفتاوى اذا كان الانتفاعُ مشروطا من قبلُ فهو ربوا و إن لم يشترطْ فلا بأس به ۔
خلاصةُ عباراتِ المذكورةِ أنّ عند عامة الفقهاء ألانتفاعُ من المرهونِ للمرتهنِ إنْ لم يشترطْ وقتَ الرهنِ فجائزٌ لا بأس به و إن اشترطَ فهو داخل في حكم الربوا و لا يجوز لكن ههنا نكتةٌ و هي إن كا المرتهنُ ينعقدُ الرّهنَ بهذه النيةِ أي بنيةِ الأنتفاعِ فهل يجوزُ له ذلك ديانةً أم لا؟ فالحقيقةُ بأنّ الأنتفاعَ للمرتهنِ في الصورةِ المذكورةِ لا يجوزُ و لو أذنَ لهُ الراهنُ كما ذُكرتْ دلائلهّ منْ قبلُ۔
التّوهمُ و دفْعه:
يُورَد في هذا المقام إشكالٌ و هو إنْ كان الانتفاعُ للمرتهن لايجوز أصلاً ولو أذن له الراهنُ فكيف قيل بجوازه في كتب المعتبرة مثلُ الهداية في شرح بداية المبتدي و غيرها؟
والجواب بأن المراد في تلك المواضع المجوّزَة ليس جوازُ الانتفاعِ بل المراد إن استعملَ المرتهنُ المرهونَ بإذن الراهنِ و استُهلِك فلا ضمان عليه وهو مثل العارية وإن استعمل بغير إذنه فعليه الضمان وهو مثل الغصب، والانتفاع لا يجوز في كل حال أذنَ الراهن ُأولم يأذنْ كما ذُكر تصريحُ علامةِ العينى من قبلُ وكذلك قال الامام السرخسي:
فَإِنْ رَكِبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّابَّةَ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ سَيْفًا فَتَقَلَّدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَيَكُونُ كَالْغَاصِبِ۔۔۔فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ [25]
أي صرّح الامامُ السرخسي هناك إن كان المرتهنُ تصرّف في المرهونة بغير إذن الراهنِ فهو كالغاصب وضمن في صورة الاستهلاك أوالنقصان وإن اسْتعملَ بإذن الراهنِ واسْتُهلِك أوانْتُقِص فلا ضمان عليه وظهر من العبارة المذكورة أنّ الإذنَ من الراهن لا أثر له في الجواز وعدمِه بل يتعلق بالضمان و عدمِه كذلك صُرِّح في فقه السنة:
فإنه لا يحل للمرتهن أن ينتفع بالعين المرهونة، ولو أذن له الراهن، لانه قرض جر نفعا، وكل قرض جر نفعا فهو ربا۔[26]
خلاصةُ البحثِ أنّ الرهنَ وُضع لتوثيقِ الدَينِ لا للإنتفاعِ فإن ارْتهنَ بنيةِ الإنتفاعِ لا يجوزُ الإنتفاعُ و لو إنتفعَ فهو داخلٌ في حكمِ الربوا و إن ارتهنَ لتوثيقِ الدَين لا بنيةِ الإنتفاعِ و أذنَ الراهنُ للإنتفاعِ بعدُ فانْتفعَ فلا بأسَ كما صرّح به العلامةُ الجزيري حيث قال:
أما المرتهن فإن في جواز انتفاعه بالمرهون بإذن الراهن خلافاً: فبعضهم يقول: لا يحل الانتفاع بالمرهون ولو أذنه الراهن، سواء كان سبب الدين بيعاً أو قرضاً لأنه يستوفي دينه كاملاً. فتبقى له المنفعة زيادة بدون مقابل، وهذا هو عين الربا، ولكن الأكثر على أنه يجوز انتفاع المرتهن بالمرهون إذا أذنه الراهن بشرط أن لا يشترط ذلك في العقد، لأنه إذا شرطه يكون قرضاً جر نفعاً وهو ربا. ونظير هذا: ما لو اقترض من شخص مالاً ثم أهدى له هدية. فإن كانت الهدية مشروطة فإنها تكون مكروهة أما إذا كانت بدون شرطها فإنها جائزة له ۔ [27]
ظهر من عبارة المذكورة أن بعض الفقهاء يقولون بعدم جواز الانتفاع من المرهون للمرتهن مطلقاً أذن الراهنُ أو لم يأذنْ لأنه ربا، والأكثر يقولون بجوازه بإذن الراهن إذا لم يشترط في العقد كما إذا أعطى شخص لأحد قرضا وأعطى المقروضُ هديةً له فإن كانت غيرُ مشروطةٍ في العقد تكون جائزة وإن كا نت مشروطة فإنها غير جائزة له كذلك إن كان الانتفاع من المرهون معروفا في القرية فهو كالمشروط و غير جائز كما صرّح به الامام انور شاه كشميري:
" ثم أعلم ان الراهِنَ إن أجاز للمرتَهِن أَن ينتفع بالمرْهُون، فإِن لم يكن مَشْروطًا في العَقْد، ولا معروفًا في العُرْف جاز، ويَحِل له الانتفاعُ به"[28]
ظهر من العبارۃ المذکورة أنّ المعروفَ کالمشروط أی إذا کان الانتفاع من المرهون معروفاً فی البلد فهو غیر جائز و إن لم یشترط ذلک فی العقد وهذا هو القول الفصل في الباب۔
الخاتمه
الحمد لله الذي نصّر عباده في كل حال و أفاض علينا نعمه على الكمال أما بعد: بعد الإتمام هذا العمل نحب أن نلخص في الخاتمة أهم النتائج التي وصلنا اليها من خلال البحث:
الرهنُ وُضِع لتوثيقِ الدَين إذا تمّ عقدُ الرهنِ فلا يجوز الانتفاعُ من المرهونِ للراهنِ ولا للمرتهنِ، لأنّه إن اُجيز للراهنِ يتخلّلُ حكمُ الرهنِ وهو الحبسُ الدائمُ في يد المرتهنِ ولأنّ الراهنَ يُعجّل في أداءِ القرضِ إذا حُرِّم من إنتفاعِ المرهونِ فإذا انتفعَ من المرهونِ سواء فلا ضرر له ولا يُعجّل في أداءِ القرضِ، و إن اُجيز للمرتهنِ فهو نفع ببدلِ القرضِ و هو عين الربوا و كذلك هو تبديل الوضع لأن الرهن وضع لتوثيق الدين لا للإنتفاع فإذا ارتهن بنية الإنتفاع فهو تبديل الوضع إلا إذا كان يُرتهنُ في البلد لتوثيق الدين ولا عُرفَ للإنتفاع من المرهون فإن أذن الراهن فلا بأس بالإنتفاع أما إذا اشترط في العقد أو كان عُرفا في البلد فالإنتفاع داخل في حكم الربوا و حرام ۔
أما في زماننا فالرهن يُنعقَد للإنتفاع خاصة خصوصاً رَهنُ قطعِ الأرضِ والدّوَرِ وظهر من البحث المذكور أنّ الرهنَ بنية الإنتفاع ليس بجائزٍ ولا يجوز الإنتفاع منه بل هو حرام وصورةٌ من صُوَر الربوا فالإجتناب منه لازمٌ وما علينا إلا البلاغ و اخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين۔
الهوامش
[1] : البقرۃ 2: 283
[2] : البقرۃ 2: 275
[3] : الازهری(م370ه)،تهذيب اللغة:6/147،ابواب الهاء والراء، دار احیاء الترث العربی بیروت، 2001م۔
[4] :ابن منظور (م711ه)، لسان العرب، حرف ن، فصل الراء، في ذيل لفظ رهن، 13/ 188،دار صادر بيروت، 1414ه۔
[5] : برهان الدين ابو الحسن، علي بن ابي بكر (م593ه)، الهداية في شرح بداية المبتدي، كتاب الرهن، 4/412، دار احیاء الترث العربی بیروت،بدون التاریخ۔
[6] : العيني، بدر الدين، محمود بن احمد (م855ه)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري،كتاب الرهن، باب الرهن فی الحضر، 13/6، دار احیاء الترث العربی بیروت،بدون التاریخ۔
[7] : البقرۃ 2: 283
[8] : البخاري (م256ه)، الصحيح البخاري، كتاب الرهن، باب الرهن في الحضر، رقم الحديث 2508، دار طوق النجاة 1422ه۔
[9] : جماعة الظواهر: هم تابعي ابي سليمان الداؤد الظاهري ، يعملون بظواهر النصوص، وُلد ابو سليمان الداؤد في سنة 202ه ومات في سنة 270ه۔[ابن عابدين، محمد أمين بن عمر الحنفي المتوفي 1252ه،رد المحتار على الدر المختار،1/85 ،دار الفكربيروت]
[10] : الاندلسی، ابن حزم، احمد بن سعید، الظاهری (م456ه)، المحلى بالآثار: 6/365، دارالفکر بیروت بدون التاریخ۔
[11] : البخاری، الجامع الصحيح البخاری،ج3 ،كِتَاب الرَّهْنِ، بَابٌ:الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ وَمَحْلُوبٌ،رقم الحدیث2511۔
[12] : العینی، عمدۃ القاری فی شرح صحيح البخاری: 13/73، دار الفکر بیروت، بدون التاريخ۔
[13] : المزنی، مختصر المزني (ملحقا بالأم للشافعي)،8/197، دارالمعرفه، بیروت، 1410ه.
[14] : العینی، عمدة القاری فی شرح صحيح البخاری،کتاب الرهن، باب الرهن فی الحضر 13/73۔
[15] : السرخسی (م483ه)، المبسوط: 21/108، کتاب الرهن، باب رهن الحیوان، دارالمعرفه بیروت، 1414ه ۔
[16] : ابن قدامه (م620ه)، المغنی: 4/251، دار احیاء التراث العربی، 1405ه۔
[17] : البيهقي، ابو بکر احمد بن الحسین (م458ه)، السنن الكبرى، محقق:عبد القادر عطا، كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ كُلِّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا،5/573، رقم الحدیث: 10933،دارالکتب العلميه بیروت لبنان، 1424ه۔
[18] : الکاسانی(م587ه)، بدائع الصنائع: 6/146، کتاب الرهن، باب فی حکم الرهن، دارالکتب العلميه، بیروت، 1406ه۔
[19] : ايضا ص164۔
[20] : العینی، عمدۃ القاری فی شرح صحيح البخاری،کتاب الرهن،باب الرهن فی الحضر 13/73۔
[21] : برهان الدين، الهدايه، كتاب الرهن، 4/415۔
[22]: العيني، البناية شرح الهداية، كتاب الرهن، الرهن بالدرك،12/487 دارلكتب علميه بيروت، 1420ه۔
[23] : الحصفکی، علاؤالدین(م 1088ه)، الدرالمختار شرح تنویر الابصار، تحقیق عبد المنعم خلیل ابراهيم ، ص694، دارالکتب علميه بیروت، لبنان، 1423ه۔
[24] : ابن عابدین،(م1252ه)، رد المحتار على الدر المختار: 5/166، دارالفکر بیروت، لبنان، 1412ه ۔
[25] : السرخسی، المبسوط: 21/108، کتاب الرهن، باب رهن الحیوان۔
[26] : سید سابق (م1420ه)، فقه السنة: 3/156، دارالکتاب العربی بیروت لبنان ، 1397ه۔
[27] : الجزیری، محمد عوض(م 1360)، الفقه على المذاهب الأربعة،2/300، دارالکتب علميه بیروت لبنان ، 1424ه ۔
[28] : کشمیری، انورشاه، فيض الباري في شرح صحيح البخاري، كتاب الرهن، باب إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالمرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ،2/42،دارالكتب علميه بيروت بدون التاريخ ۔
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Article Title | Authors | Vol Info | Year |