Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Bannu University Research Journal in Islamic Studies > Volume 1 Issue 1 of Bannu University Research Journal in Islamic Studies

دلالة النص على مبادئ الشريعة الإسلامية في الدساتير العربية وأثره في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين |
Bannu University Research Journal in Islamic Studies
Bannu University Research Journal in Islamic Studies

Article Info
Authors

Volume

1

Issue

1

Year

2014

ARI Id

1682060029336_792

Pages

120-148

PDF URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/43/40

Chapter URL

https://burjis.com/index.php/burjis/article/view/43

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

ملخص البحث

يتناول البحث موضوع دلالة النص على القاعدة الدستورية المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدساتير العربية، وأثر هذه القاعدة على تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين في المجالات المختلفة؛ المساواة أمام القانون، المساواة أمام القضاء، المساواة في الحقوق والحريات. وبشكل خاص يسلط البحث الضوء على أثر النص على هذه القاعدة في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين المسلمين وغير المسلمين، وبين الرجال والنساء من المواطنين المسلمين.

     ولذلك قد تم تقسيم البحث إلى أربعة مباحث تناولنا فيها على التوالي؛ ماهية الشريعة الإسلامية والتشريع في الفقه الإسلامي، ودلالات الصياغات المتعددة لقاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدستور ومكانتها، ومبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، وأخيراً أثر النص على مبادئ الشريعة الاسلامية في الدساتير العربية في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين.

وقد خلص البحث إلى مجموعة من النتائج والتي يمكن إجمالها بأن كل صيغة من الصياغات المختلفة للقاعدة الدستورية المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدساتير العربية، لها دلالات ونتائج مختلفة، تؤدي إلى اختلاف الالتزامات الواقعة على الهيئات التشريعية في طريقة تنظيمها لمبدأ المساواة سواء في وثيقة الدستور أو في القوانين العادية. كما خلص البحث إلى أن الشريعة الإسلامية كمبدأ عام لا تتعارض مع القانون الوضعي في الإقرار بمبدأ المساواة بين المواطنين في المجالات المختلفة، ولكنها تختلف أيضا مع القانون الوضعي في فهم وتطبيق بعض من مجالات المساواة بين جميع المواطنين على اختلاف اديانهم واجناسهم.

     وقد أوصى الباحث بمجموعة من التوصيات أهمها توضيح الصياغة المتعلقة بنص قاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية في الدساتير العربية بما لا يدع مجالاً للتفسيرات المختلفة له، واقترح الباحث تبني صيغة: المبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. وكذلك أن تكون صياغات مبدأ المساواة بين المواطنين بكافة مظاهره في الدساتير العربية، تنسجم مع المادة المتعلقة بالمبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، مع ضرورة أن تتضمن كافة النصوص المتعلقة بالمساواة بين المواطنين، وكذلك بين الرجل والمرأة، عبارة بما لا يتعارض مع المبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية.

مقدمة:

خلال السنوات القليلة الماضية، استطاعت بعض من الاحزاب والحركات الاسلامية، الوصول إلى سدة الحكم في عدد من الدول العربية، وذلك نتيجة ثوارات شعبية شهدتها تلك الدول، الأمر الذي استدعى العمل على وضع دساتير جديدة تكفل احترام القانون والحقوق والحريات، وتحقق العدالة الاجتماعية لمواطنيها كافة، وذلك على أساس مبدأ المساواة فيما بينهم.

 وقد ثار الجدل في حينه حول طريقة صياغة بعض القواعد الدستورية العامة ضمن هذه الدساتير، وبشكل خاص القاعدة الدستورية المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، وهل تكون صياغتها مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، أم المصدر الرئيسي للتشريع، أم مصدر رئيسي للتشريع، أم مصدر من مصادر التشريع، وما تأثير الصياغات المختلفة لهذه القاعدة على بقية قواعد الدستور وعلى القوانين العادية اللاحقة؟.

      في هذا البحث سنحاول الاجابة على هذا التساؤل، ونقوم أيضاً بتوضيح المقصود بدلالة النص على مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع بصياغاتها المختلفة، كذلك نوضح تفصيلات مفهوم مبدأ المساواة في الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي، مع التركيز على الجوانب المتعلقة بالمساواة بين المواطنين على اختلاف اجناسهم وأديانهم، وذلك أمام القانون والقضاء وفي الحقوق والحريات.

أهمية البحث:

بشكل عام تكمن أهمية إعداد هذا البحث في كون الدساتير هي التي تتولى وضع القواعد الدستورية العامة التي تحدد الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية العامة للشعوب، على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية، والتي يجب أن تعمل في نطاقها وجوه النشاط المختلفة في الدولة، سواء الحكومية منها أو الفردية، وبالتالي يجب أن تنال هذه القواعد العامة رضا وقبول من مختلف شرائح المجتمع، المكونة للنظام السياسي لهذه الدولة أو تلك، كما يجب أن تكون هذه القواعد محل رضا من الاشخاص الذين يتولون عملية تطبيق وتنفيذ قواعده الدستورية.

    وبشكل خاص تكمن أهمية اعداد هذا البحث في كون تبني مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والحريات في دساتير الدول والالتزام به لمواطنيها كافة، بات يعد مقياساً على مدى رقي وحداثة هذه الدول وتطورها في احترام شعوبها ومواطنيها. 

أهداف البحث:

يهدف البحث بشكل أساسي إلى الآتي:

1-  تبيان موقف الشريعة الإسلامية من مبدأ المساواة بين المواطنين على اختلاف أجناسهم وأديانهم وفق المفهوم الذي تتبناه الاتفاقيات والمواثيق الدولية، والذي تأخذ به غالبية النظم الديمقراطية الحديثة في قوانينها الوضعية.

2- تبيان أوجه الاتفاق والاختلاف في فهم مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والحريات وبين الرجل والمرأة، وفق مبادئ الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي.

3- اقتراح صيغة قانونية واضحة لقاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، يمكن تبنيها في دساتير الدول العربية  تكفل مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والحريات بين المواطنين، بما لا يتعارض مع المبادئ الاصلية للشريعة الإسلامية ويتفق مع القانون الوضعي.

مشكلة البحث:

تتلخص مشكلة البحث في استيضاح دلالة النص على مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع بصياغاتها المختلفة في دساتير الدول العربية، وأثرها في تنظيم وصياغة مبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والحريات وبين الرجل والمرأة، حيث تعد هذه المسألة واحدة من القضايا الأكثر حساسية في دساتير الدول العربية والتي تتطلب صياغة ترضي جميع الاتجاهات المكونة لمجتمعاتها.

أسئلة البحث:

أولاً- هل يشكل تبني الدساتير العربية لقاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، عائقاً أمام تبنيه أيضاً لمبدأ المساواة لجميع المواطنين أمام القانون وفي الحقوق والحريات؟.

ثانياً- هل النص على مبدأ المساواة أمام القانون والقضاء، وفي الحقوق والحريات بين المواطنين على اختلاف اديانهم، وبين الرجل والمرأة، في الدساتير العربية يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية؟.

ثالثاً- هل هناك امكانية لصياغة دستورية عامة لمبدأ المساواة أمام القانون وفي الحقوق والحريات، بين جميع المواطنين وبين الرجل والمرأة، تتفق مع مفهومها وفق القانون الوضعي وبما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيس للتشريع؟.

فرضيات البحث:

اتساقاً مع مشكلة البحث فإننا ننطلق من ثلاث فرضيات مترابطة، وهي:

1-  تختلف دلالة ومكانة النص المتعلق بمبادئ الشريعة الاسلامية في الوثائق الدستورية تبعا للصياغة المعتمدة فيها.

2-  يتوقف مدى التزام المشرع في اقراره  لمبدأ المساواة بين المواطنين على اطلاقه من عدمه، في كل من الوثيقة الدستورية أو التشريعات العادية، تبعا للصياغة التي يعتمدها في الدستور لنص القاعدة الدستورية المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.

3-  ان تنظيم مبدأ المساواة أمام القانون والقضاء وفي الحقوق والحريات في القانون الوضعي، يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية الاصلية، باستثناء القضايا المتعلقة بالمساواة بين المسلمين وغير المسلمين في بعض الوظائف العامة، وبين الرجل والمرأة في مجال الأحوال الشخصية.

منهجية البحث:

في هذا البحث سيتم استخدام كل من المنهج الوصفي التحليلي، والمنهجين الاستقرائي والاستنباطي، وذلك من

خلال بيان وتحليل قاعدة الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع بصياغتها المختلفة، ومكانتها بالنسبة لنصوص الدستور ذاته ونصوص التشريعات العادية والثانوية، وأثر هذه القاعدة في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون وفي الحقوق والحريات وبين الرجل والمرأة. وسيتم ذلك من خلال استعراض النصوص القانونية والشرعية المتعلقة بموضوع البحث وتحليلها تفصيليا، وكذلك البحث التفصيلي المتتابع في جزئيات عنوان موضوع البحث، ومن العام إلى الخاص، وبالعكس، محاولين استخلاص النتائج أثناء تناول كل جزء منه، وسنستند في بحثنا هذا إلى العديد من المصادر والمراجع؛ القرآن الكريم والسنة النبوية وآراء بعض من فقهاء الشريعة الإسلامية القدامى منهم والمعاصرين، وأحكام القضاء الدستوري والاداري المصري، وفقهاء القانون الدستوري، والكتب المتخصصة والعامة.

هيكلية البحث:

مقدمة:

المبحث الأول: ماهية الشريعة الإسلامية والتشريع في الفقه الإسلامي.

المبحث الثاني: دلالة الصياغات المختلفة لقاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدستور ومكانتها.

المبحث الثالث: مبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي.

المبحث الرابع: أثر النص على مبادئ الشريعة الاسلامية في الدساتير العربية في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين.

خاتمة: نتائج وتوصيات

المبحث الأول: ماهية الشريعة الإسلامية والتشريع في الفقه الإسلامي

المطلب الأول: ماهية الشريعة الإسلامية

نكتفي في هذا المطلب بتوضيح ماهية الشريعة الإسلامية من خلال بيان المقصود باصطلاح الشريعة الإسلامية وكذلك المقصود بمبادئها وذلك على النحو الآتي:

الفرع الأول: المقصود باصطلاح الشريعة الإسلامية

ورد فى لسان العرب أن الشريعةُ والشِّرْعةُ: هي ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أَعمال البرِّ، ومنه قوله تعالى: }ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُون{ (الجاثية: 18). وقوله تعالى:}لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنهاجا{ (المائدة: 48). ويقول ابن تيميه: "الشريعة جامعة لكل ولاية وعمل فيه صلاح الدين والدنيا، والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات‏"[1].

    ولان مصطلح الشريعة استعمل تاريخيا أيضا بمعنى النظام القانوني الاسلامى بأصوله التشريعية وفروعه الاجتهادية ومصادره الاصليه والتبعية يقول ابن تيميه أيضاً عن مفهوم الشريعة الآتي: "ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء‏:‏ شرع مُنَزَّل، وهو‏:‏ ما شرعه الله ورسوله‏.‏ وشرع مُتَأَوَّل، وهو‏:‏ ما ساغ فيه الاجتهاد‏.‏ وشرع مُبَدَّل، وهو‏:‏ ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر من الشرع، أو البدع  أو الضلال الذي يضيفه / الضالون إلى شرع‏‏ الله "[2].

    ويعرفها فقهاء الشريعة الإسلامية المعاصرون بأنها: مجموعة الأوامر والأحكام الاعتقادية والعملية التي يوجب الإسلام تطبيقها لتحقيق أهدافه الاصلاحية في المجتمع[3]. ويقصد بأحْكَامَ الشَّريعَةِ: قَوَاعِدَهَا وشَرَائِعَهَا وأحكام الله أي أوامره، وأحكام العبادات أي قواعدها، ويقال يطبق أحكام مناسك الحج أي يطبق قواعد شعائر الحج[4].

     وبحسب الفقه الإسلامي فإن أحكام الشريعة الإسلامية تنقسم إلى قسمين، قسم الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، وهي التي لا شك فيها ولا اجتهاد معها؛ لأنها ثبتت بالنصوص الواضحة التي لا خلاف فيها كوجوب الصلاة والزكاة وكحد السرقة والزنى. وقسم الأحكام غير قطعية الثبوت أو الدلالة أو كليهما، وهي التي تحتمل أكثر من تفسير واجتهاد حسب الأصول العامة وما يقتضيه السياق، وهي تمثل معظم أحكام الشريعة الإسلامية والمساحة الواسعة منها، كما أنها دليل على سعة الشريعة الإسلامية وقدرتها على تلبية حاجات الناس المتغيرة، وعلى شمولها لكل زمان ومكان[5].

   وحول معنى الشريعة الإسلامية يقول الدكتور يوسف القرضاوي: إن الشريعة الإسلامية تعني "النصوص المعصومة التي بعث الله بها آخر أنبيائه وأنزل بها آخر كتبه ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور وليهديهم إلى التي هي أقوم ولكن الشريعة ليست معلقة في الهواء، فهناك أشياء صريحة في الشريعة وقاطعة، ولكن هناك أشياء تحتاج إلى استنباط، وأهل العلم عليهم أن يعملوا اجتهاد عقولهم ليستخرجوا الحكم الشرعي من النصوص لأن النصوص بعضها يعني قاطع في دلالاته وبعضها ظني في دلالاته وبعض الأشياء ليس فيها نصوص قط فنحن نعلن لنُلحق ما لا نص فيه، على ما فيه نص، أو نستخرج من القواعد الكلية من الفقه، فالفقه لابد منه لاستنباط الأحكام، والشريعة توجد داخل الفقه لكن نحن حينما نقول الفقه لا نقصد الفقه القديم، يعني بأننا سنذهب إلى كتب الفقهاء القدامى ونأخذ الأحكام منها كما سطروها في القرن الثاني الهجري أو القرن الثالث أو القرن الرابع،  فنحن نريد فقها جديدا فقها لعصرنا لمجتمعاتنا لحل مشاكلنا، فقهاؤنا القدامى اجتهدوا لعصرهم وحلوا مشاكلهم بعقولهم نحن علينا أن نحل مشكلات عصرنا بعقولنا مستفيدين من الفقه القديم ومضيفين إليه الاجتهادات الجديدة التي تربطنا بالأصل ولا تفصلنا عن العصر"[6].

الفرع الثاني: المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية

حتى يتسنى لنا بيان المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية فإنه يجدر بنا تحديد المعنى اللغوي والمعنى الإصطلاحي لكلمة مبادئ، فالمبدأ لغة: مبدأ الشيء: أوله وأساسه ومادته التي يتكون منها، كالنواة مبدأ النخل؛ أو يتركب منها، كالحروف مبدأ الكلام، والجمع: مبادئ، أما المعنى الاصطلاحي، فيقال مبادئ العلم أو الفن أو الدستور أو القانون: أي قواعده الأساسية التي يقوم عليها ولا يخرج عنها[7].

     ونظراً لأن الشريعة الإسلامية تحتوي على مصطلحات كثيرة تتداخل فيما بينها في الدلالة والمعنى، وليس من بينها مصطلح المبادئ، فهناك مصطلحات: مقاصد الشريعة، وكليات الشريعة، وأحكام الشريعة، وقواعد التشريع  ومصطلح الضوابط الشرعية العامة، فقد أدى ذلك إلى تعدد التفسيرات بشأن المقصود بهذه المبادئ، فالدكتور عبد الرازق السنهوري لا يفرق بين مصطلحي الأحكام والمبادئ وهو يستخدمها كمرادفات لبعضهما البعض، ولكنه يفرق بين المبادئ أو الأحكام الشرعية الكلية القطعية التى مصدرها الأصول، القرآن الكريم والسنة النبوية، ويسميها المبادئ العامة التي لا يجوز مخالفتها، وبين المبادئ والأحكام التي مصدرها مذاهب الفقه الإسلامي، وهنا لا يشترط التقيد بمذهب معين فيمكن الرجوع إلى أي من المذاهب الأربعة، كما يمكن الرجوع إلى مذاهب أخرى كالزيدية والامامية[8].

   وفي المعنى نفسه اتفقت المحكمة الدستورية في مصر مع الدكتور السنهوري في تفسيرها لمبادئ الشريعة الإسلامية فقد فسرت أن المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية هو أحكام الشريعة الإسلامية، لكنها فرقت بين الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، والأحكام غير القطعية (الظنية). حيث ورد في نص حكم المحكمة الدستورية قولها: "....فلا يجوز لنص تشريعى، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. ومن غير المتصور بالتالي أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هي عصية على التعديل ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها..."[9].

   وهنا تجدر الاشارة أن النظم القانونية والسياسية المختلفة تستقي مسمياتها ومبادئها من أصولها الفكرية والعقائدية فمثلاً يقال نظام ليبرالي، أو نظام اشتراكي، أو نظام إسلامى، وكل منها يقوم على مبادئ أساسية تبعاً لمعتقداته والفكر الذي قام عليه النظام، ومثال هذه المبادئ، مبدأ الحرية الفردية للإنسان في النظام الليبرالي أو مبدأ الملكية الجماعية  لوسائل الإنتاج في النظام الاشتراكي. وكذلك النظام القانوني الإسلامي يقوم على مبادئ أساسية في المجالات الحياتية للمجتمع الإنساني كافة؛ مجال تنظيم الأسرة (الاحوال الشخصية)، مجال تنظيم المعاملات المدنية، مجال تنظيم العقوبات للجرائم، ومجال النظام الدستوري، والنظام الإداري، والنظام المالي، والنظام الدولي، وهذه المبادئ الأساسية على اختلاف أنواعها تضمنتها نصوص الشريعة الإسلامية الأصلية في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن هذه النصوص قطعية الثبوت والدلالة، لا يجوز مخالفتها بأي حال من الأحوال، ومنها غير قطعية أي ظنية  وهي محل تفسير مختلف من فقيه أو مجتهد إلى آخر وبالتالي يمكن مخالفة هذا التفسير.

المطلب الثاني: ماهية التشريع في الفقه الإسلامي

نتناول ماهية التشريع في الفقه الإسلامي من خلال بيان المقصود بالتشريع وبيان دلالته في الفقه الإسلامي، وذلك على النحو الآتي:

الفرع الأول: المقصود بالتشريع في الفقه الإسلامي

يقصد بالتشريع من وجهة نظر الفقه الإسلامي أحد معنيين، أحدهما إيجاد شرع مبتدأ، وثانيهما بيان حكم تقضيه شريعة قائمة، فالتشريع بالمعنى الأول في الإسلام ليس إلا لله فهو سبحانه ابتدأ شرعا بما أنزله في قرآنه، وما أقر عليه رسوله، وما نصبه من دلائل، وبهذا المعنى لا تشريع إلا لله[10].

  وأما التشريع بالمعنى الثاني وهو بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة، فهذا هو الذي تولاه بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صحابته الخلفاء الراشدين، ثم خلفاءهم من فقهاء التابعين وتابعيهم من الأئمة المجتهدين، فهؤلاء لم يشرعوا أحكاما مبتدأة، وإنما استمدوا الأحكام من نصوص القرآن أو السنة النبوية، وما نصبه الشارع من الأدلة وما قدّره من القواعد العامة[11].

الفرع الثاني: دلالات التشريع في الفقه الإسلامي

يفرق الفقه الإسلامي بين دلالتين للتشريع، نوضح المقصود بكل دلالة بشكل مبسط ثم نبين العلاقة فيما بينهما وذلك على  النحو الآتي:

أولاً: الدلالة القانونية للتشريع (التقنين)

يقصد بالدلالة القانونية للتشريع، أي حق الدولة بأجهزتها الرسمية المختصة بإصدار القوانين اللازمة لتنظيم حياة الناس وضبط

سلوكهم في المجتمع، وذلك من خلال إصدار قواعد قانونية مكتوبة. وأصل هذه الدلالة القانونية للتشريع في الفقه الإسلامي، يعود إلى العديد من القواعد والمفاهيم القانونية الاسلاميه التي تعبر عنها، ومثال هذه القواعد الآتي: قاعدة: للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات وقاعدة: أمر الإمام يرفع الخلاف، وقاعدة: أمر الإمام نافذ. ومفاد هذه القواعد وغيرها كثير، إن الدولة تملك الحق في تبنى قواعد فقهية بشكل مقنن، أي بصيغة قواعد قانونية (القواعد التبعية أو الفروع) وتصبح هذه القواعد ملزمه للناس وواجبة الاحترام. وهذه القواعد يتفق الفقه الإسلامي أيضاً على جواز تعديلها أو إلغائها بما يتناسب مع ظروف وتطور المجتمعات والدول بحسب الزمان والمكان[12].

    كذلك لو عدنا إلى مفهوم التعزير في الفقه الجنائي الاسلامى، وهو العقوبة التي يقررها الحاكم للجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة ولا قصاص، فنجد أن هذا المفهوم يعطي الدولة الحق في تبنى عقوبات معينه كجزاء على مخالفات معينه للنظام القانوني، لتصبح ملزمه للناس، رغم أنها لم ترد في القواعد الأصلية للشريعة الإسلامية.

ثانياً: الدلالة الدينية (الشرع)

التشريع طبقا لهذه الدلالة هو حق وضع القواعد - الحدود التي لا يباح تجاوزها، والتي اسماها فقهاء الشريعة الإسلامية بالأصول (القواعد الأصلية)، وهو ما ينفرد به الله تعالى، ويستدل على ذلك من القرآن الكريم  كقوله تعالى: }شرع لكم من الدين ما وصينا به نوحاً والذي أوحينا إليك{. } الشورى: 13{وهذه القواعد لا يجوز تعديلها أو إلغاؤها بأي حال من الأحوال من قبل البشر وهي ملزمة للناس كافة في كل زمان ومكان. لذلك فهذه الدلالة لمصطلح تشريع تتعلق بالقواعد الأصلية في الشريعة الإسلامية[13].

ثالثاً: العلاقة بين الدلالتين الدينية والقانونية

الفكر القانوني الاسلامى يجعل العلاقة بين الدلالتين الدينية والقانونبه لمصطلح تشريع علاقة تحديد وتكامل بمعنى ان الفكر القانوني الاسلامى لا ينفى حق الدولة في إصدار قواعد قانونيه، لكن يحدد مصدر هذه القواعد وطبيعتها من خلال تحديده لهذه القواعد القانونية بالقواعد – الحدود التي ينفرد بحق وضعها الله تعالى، يقول الهضيبي (اعتقاد عامة الناس أن لولي الأمر حق إصدار أو وضع التنظيمات التي تنظم جوانب من حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بناء علي نصوص من القران الكريم والسنة الشريفة اعتقاد ليس فيه شبهة الكفر أو الشرك بل هو اعتقاد في أصله حق)[14].

   لذا فإن الفكر القانوني الاسلامى يرفض جعل العلاقة بين دلالتي مصطلح تشريع علاقة إلغاء وتناقض كما في الفكر القانوني الليبرالي ومذهبه في العلمانية (اللادينية) أو علاقة خلط كما في بعض المذاهب الإسلاميه التي تقول أن الشارع هو الله تعالى – وهي مضمون الدلالة الدينية لمصطلح تشريع - وتنفي حق البشر في وضع القواعد القانونية إطلاقا، فضلا عن نفى حق الدولة في إصدار قواعد قانونيه[15].

 

المبحث الثاني:دلالة الصياغات المتعددة لقاعدة الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدستور ومكانتها

تتحدد دلالة (معنى) ومكانة نص القاعدة الدستورية المتعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع بحسب صياغتها

الواردة في الدستور؛ صياغة الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، أم صياغة المصدر الرئيسي للتشريع، أم صياغة مصدر رئيسي للتشريع، أم صياغة مصدر من مصادر التشريع.

المطلب الأول: دلالة الصياغات المتعددة لقاعدة الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدستور

نتناول من خلال هذا المطلب دلالة الصياغات المتعددة لقاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع وتبرير كل صباغة من وجهة نظر المنادين بها، وذلك على النحو الآتي:

الفرع الأول:  مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع (الخلط بين الدين والدولة)

يخلط القائلون بوجوب هذه الصياغة بين الدين والدولة، أي بين الدلالة الدينية والدلالة القانونية للتشريع، وهم يرون أن الصياغة السليمة تكون:  "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع"

أولاً- تبرير ودلالة الصياغة المقترحة

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الأخذ بغير مبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر وحيد للتشريع فيه خروج على مبادئ وأحكام الدين الإسلامي، ويعللون ذلك بأن الإسلام قد بني على مبادئ وقواعد دستورية هي من عند الله عز وجل، ولا يجوز لأي شخص أو نظام ما الخروج عليها، ويقررون ان الحاكمية لله وحده وأن التشريعات هي جميعها جاءت من عند الله،  ولا يجوز مخالفتها، وبالتالي الاستناد إلى تشريعات وضعية أخرى فيه شرك بالله. ويستندون في ذلك إلى قوله تعالى: " وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ". } المائدة: 44{وقوله تعالى:"وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".

} المائدة: 45{

   ووفقاً لذلك ينبغي أن تكون الشريعة الإسلامية وحدها مصدر التشريع، وألا يكون أي مصدر آخر نداً أو مساوياً لها، فهذه الصيغة تقتضي أن الشريعة هي المصدر الوحيد الذي يجب أن يستقي منه المشرع أحكامه فالشريعة الإسلامية بمصادرها الرحبة والمتعددة صالحة لجميع شؤون الحياة في كل زمان ومكان[16].

ثانياً- الرأي المخالف للصياغة المقترحة:

هذا الرأي سالف الذكر قد خالفه  كثير من علماء المسلمين على أساس أنه يخلط بين الدين والدولة ويساوي بين مصادر النظام القانوني الاسلامى الاصليه (القرأن الكريم والسنة النبوية)، ومصادره التبعية (الإجماع والقياس والاستحسان والاستصحاب وشرع من قبلنا والمصالح المرسله) ويخلط بين دلالتين للتشريع، الدلالة القانونية التي هي حق للبشر، والدلالة الدينية التي هي حق لله وحده، ويستند هؤلاء في مخالفة هذا الموقف أيضاً إلى قول الامام الشافعي: "ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما سواهما تبع لهما"[17].

الفرع  الثاني: مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع (فصل الدين عن الدولة)

يرى أصحاب هذه الصياغة ضرورة فصل الدين عن الدولة ويدعون عدم صلاحية الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع[18].

أولاً- تبرير ودلالة الصياغة المقترحة:

يرى أصحاب هذا الرأي أن تحكيم الشريعة قعد عن ملاحقة التطور والوفاء بمقتضياته، إذ أن الشريعة أساسها الدين وهو ثابت لا يتغير. كما يرون أن الإسلام دين فحسب فهو مجرد معتقدات وعبادات تؤدى في المساجد، أما نظام الدولة ومنهج المجتمع وما يحكم معاملاته من قوانين يجب أن يرجع كله إلى ما يراه الناس حسب ما تقتضيه مصالحهم وأحوالهم وأزمانهم[19]. إلا أنهم لا يمانعون بصيغة عامة تكون غير ملزمة للمشرع العادي عند سنه للقوانين، ويقترحون صيغة استرضائية للإسلاميين تكون على النحو الآتي: "مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع".

ثانياً- الرأي المخالف للصياغة المقترحة:

يرفض هذا الرأي فقهاء وعلماء الشريعة الاسلامية، ويرون أن نفي الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشريع يمكن تصوره أو طرحه في المجتمعات الغربية العلمانية، ولكن لا يمكن تصوره في المجتمعات الاسلامية، باعتبار أن هذا الطرح من شأنه أن يؤدي إلى تشريعات وضعية تخالف مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، كما أنهم يرون أن الدعوة إلى العلمانية (اللادينية) في المجتمعات الاسلاميه هو في جوهره الدعوة إلى التخلي عن الإسلام كدين ومنهج حياة للمسلمين، بمعنى أن تستبدل القيم والآداب والقواعد الاسلاميه التي تشكل الهيكل الحضاري للمجتمع المسلم، بالقيم والآداب والقواعد الغربية التي تشكل الحضارة الغربية[20].

الفرع الثالث: مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع (الجمع والتساوي بين المصادر)

يحاول هذا الاتجاه تقديم صيغة توافقية تجمع بين كافة الاتجاهات ويطرحون صيغة أن "مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع".

أولاً- تبرير ودلالة الصياغة المقترحة:

يرى أصحاب هذه الصياغة أن الشريعة الإسلامية تعد مصدراً رئيساً للتشريعات العادية إلى جانب مصادر رئيسة أخرى يمكن أن يلجأ إليها المشرع العادي والمقصود هنا البرلمان، وهذا يعني أن الشريعة الاسلامية تعد مصدراً أساسياً يتم اللجوء إليه عند العمل على اعداد القوانين العادية من قبل البرلمان، ولكن في المقابل يعني ذلك أيضاً أن هناك مصادر رئيسية أخرى يمكن أن يلجأ إليها المشرع العادي في اعداده للقوانين العادية، حتى وإن كانت مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية، مثل الشرائع الدينية الأخرى كالمسيحية واليهودية وغيرها إن وجدت، كذلك الاتفاقيات الدولية يمكن أن تكون مصدراً رئيسياً للتشريع يتم الاستناد إليه عند تنظيم مسائل معينة بتشريعات عادية.

ثانياً- الرأي المخالف للصياغة المقترحة:

القول بأن هناك مصادر رئيسة أخرى يمكن أن يلجأ إليها المشرع العادي في إعداده للقوانين العادية حتى وإن

كانت مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية، قول فيه تعدي على حدود الله وهو خروج عن الإسلام[21].

ومن الجدير بالذكر أن المشرع الفلسطيني قد تبنى هذه الصياغة في القانون الأساسي المعدل، المعمول به في السلطة الفلسطينية، حيث تنص المادة (4) منه على: "1- الإسلام هو الدين الرسمي في فلسطين ولسائر الديانات السماوية احترامها وقدسيتها. 2- مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"[22].

وكذلك استمر في نيته على هذا التوجه في حال قيام الدولة الفلسطينية حيث يتضح ذلك من خلال نص المادة (7) من مشروع دستور فلسطين لعام 2003م، الذي جرى اعداده من قبل لجنة مختصة لم يتم تمثيل الاتجاه الاسلامي الفاعل في الساحة الفلسطينية ضمن هذه اللجنة، اذ ورد فيها: " مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. ولأتباع الرسالات السماوية تنظيم الأحوال الشخصية وشؤونهم الدينية وفقا لشرائعهم ومللهم الدينية، وبما يحفظ وحدة الشعب الفلسطيني واستقلاله"[23].

الفرع الرابع: مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع (علاقة الدين بالدولة علاقة وحدة وتمييز)

يعبر هذا الاتجاه عن موقفه بطرح الصيغة الآتية: أن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي – الاساسى للتشريع.

    ومفاد هذه الصياغة يعني أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع الذي يجب الاستناد إليه من قبل المشرع العادي في اعداده للتشريعات العادية، ولكن في المقابل يمكن اللجوء إلى أي مصادر أخرى (مصادر فرعية) بشرط عدم مخالفتها للمبادئ العامة التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية، باعتبار أن المصدر الرئيسي او الأساسى هو الذى يحدد المصادر الفرعية، فالنص في الدستور على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع يعني أنها مصدر يعلو على سائر المصادر الأخرى، فطالما وصفت وحدها بأنها مصدر رئيسي يكون ما سواها من مصادر لها صفة ثانوية، ولذلك فإن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون المصدر الأول الذي يجب أن يستقى منه المشرع قواعده، أما المصادر الأخرى فتأتي في مرتبة دنيا، ومن ثم لا يجوز أن يستمد من هذه المصادر ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ذات المرتبة الأعلى[24]. ويعلل هذا الاتجاه موقفه بالقول أن علاقة الدين بالدولة ( وهنا يقصد بين الدلالتين الدينية والقانونيه لمصطلح تشريع) هي علاقة وحدة (لا خلط كما في الثيوقراطيه)، وتمييز (لا فصل كما في العلمانية). فهي علاقة وحده لان السلطة بأجهزتها الثلاثة (التشريعية والقضائية والتنفيذية) في الإسلام مقيده بالمبادئ الاساسية التي لا يباح تجاوزها.

    كما أنها علاقة تمييز لان الإسلام ميز بين النوع السابق من القواعد القانونية والتي اسماها تشريعا" طبقا لدلالته الدينية"، وجعل حق وضعها لله تعالى وحده استنادا إلي مفهوم التوحيد، وهي القواعد التي لا يجوز مخالفتها، والقواعد القانونية التي تخضع للتطور والتغير زمانا ومكانا، والتي اسماها اجتهادا، ومحلها الفقه في الإسلام، والتي جعل سلطة وضعها للجماعة استنادا إلي مفهوم الاستخلاف، وهي قواعد يجوز مخالفتها.

    وطبقا لهذا الموقف فان الدلالة الدينية لمصطلح التشريع لا تلغى دلالته القانونبه ولكن تحددها، بمعنى أن هذا الموقف كما ذكرنا سابقاً لا ينفى حق الدولة في إصدار قواعد قانونيه، لكن يحدد مصدر هذه القواعد وطبيعتها من خلال الزامية عدم مخالفتها للمبادئ القانونية العامة التي هي من عند الله تعالى.

   وقد أفصحت اللجنة الخاصة بالإعداد لتعديل الدستور المصري عام 1980م فيما يتعلق بتعديل المادة الثانية من دستور 1971م لتصبح الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع بأن هذه المادة: "تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها، مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكماً صريحاً، فإن وسائل استنباط الأحكام من المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية اللازمة التي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة في الشريعة"[25].

    وقد صدر بتاريخ 20/6/2011م وثيقة الأزهر لمستقبل مصر وتنص على أنه: " ... نعلن توافقنا نحن المجتمعين على المبادئ التالية لتحديد طبيعة المرجعية الإسلامية النيرة، التي تتمثل أساساً في عدد من القضايا الكلية، المستخلصة من النصوص الشرعية القطعية الثبوت والدلالة، بوصفها المعبرة عن الفهم الصحيح للدين، ونجملها في المحاور التالية:

أولاً: دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة، يفصل بين سلطات الدولة ومؤسساتها القانونية الحاكمة. ويحدد إطار الحكم، ويضمن الحقوق والواجبات لكل أفرادها على قدم المساواة، بحيث تكون سلطة التشريع فيه لنواب الشعب، بما يتوافق مع المفهوم الإسلامي الصحيح حيث لم يعرف الإسلام لا في تشريعاته ولا حضارته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية الكهنوتية التي تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية في بعض مراحل التاريخ، بل ترك للناس إدارة مجتمعاتهم واختيار الآليات والمؤسسات المحققة لمصالحهم، شريطة أن تكون المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وبما يضمن لأتباع الديانات السماوية الأخرى الاحتكام إلى شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية ... "[26] .

وهذا التمييز بين النوعين من القواعد قرره العديد من علماء الإسلام، حيث يقول ابن القيم: "الأحكام على نوعين نوع لا يتغير عن حاله واحده هو عليها، والثاني ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة زماناً ومكاناً وحالاً"[27].

ومن الجدير بالذكر أن المادة (2) من الدستور المصري الجديد لعام 2012م تنص على أنه: "الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"[28].

المطلب الثاني: مكانة قاعدة الشريعة كمصدر للتشريع بالنسبة للدستور والتشريعات العادية

تختلف مكانة قاعدة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع بالنسبة للدستور عنها بالنسبة للتشريعات العادية، نتناولهما على النحو الآتي:

الفرع الأول: مكانة قاعدة الشريعة كمصدر للتشريع بالنسبة لنصوص الدستور

الأصل أن جميع القواعد الدستورية تكون بنفس المكانة والمرتبة القانونية بغض النظر عن مصدرها، ولا تسمو قاعدة دستورية على الأخرى، بمعنى أن مكانة القاعدة الدستورية المتعلقة بقاعدة الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع توازي في قيمتها القانونية بقية القواعد الدستورية المدونة في صلب الوثيقة الدستورية، ولا تسمو عليها؛ وذلك لأن جميع مواد الدستور لها نفس القوة.

ويقول المستشار/ حامد الجمل عن المادة الثانية من الدستور المصري والتي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للتشريع: "... المادة الثانية لا يمكن تفسيرها وحدها، بمعزل عن المواد الأخرى في الدستور، ومنها ما يتعلق بالمساواة، وعدم التمييز بين المواطنين، كذلك المواد الأخرى المتعلقة بسيادة القانون، واستقلال القضاء، وأن المحاكم هي التي تتولى الفصل في المنازعات"[29].

ويقول المستشار/ طارق البشري عندما تحدث عن المادة الثانية من الدستور المصري: " ... نقطة أخيرة أختم بها حديثي، فنحن عندما نفسر أي قانون ونستقرئ أحكامه لا ننظر إلى كل نص فيه على حدة، نحن نتفهم كل حكم بما يعنيه، ثم نضع أحكام القانون كلها جنبا إلى جنب؛ لأن كل نص إنما يحد من إطلاق غيره، ولأن المعنى المستفاد من أي نص إنما يتداخل في المعاني المستفادة من النصوص الأخرى، ولأن السياق هو الذي يضبط المعنى ويظهر وجه التفسير، واللفظ الواحد يتكشف معناه من موضعه في الجملة، والحكم الواحد تتكشف حدود معناه وضوابطه من موضعه من الأحكام الأخرى، وهذا ما يطلق عليه تعبير: النصوص يفسر بعضها بعضاً.

‏     وطبقاً لهذا المفاد فإن وجود نص المادة الثانية من الدستور بين نصوص هذا الدستور وبين الأحكام الأخرى المتعلقة بالمساواة بين المواطنين، وإن اختلفت أديانهم أو مذاهبهم، إنما يجعل حكم الدستور دائرا في تفسير كل نص ما يفضي به النص الآخر، ومن ثم يكون ملزماً - من وجهة النظر الدستورية في تفسير مصدرية الشريعة الإسلامية للقوانين- أن يكون ما هو دستوري من هذه المصدرية ما يتجانس مع مبادئ الدستور الأخرى وأحكامه الأخرى، وذلك في نطاق ما تسعه مبادئ الشريعة الإسلامية من وجهات نظر"[30].

واعترف بذلك الفقيه الدستوري/ يحيى الجمل إذ قال: "كيف لا يكون لمبادئ الشريعة سيادة على هذه المواد المخالفة للشريعة، إن هذا وحده يجعل المادة الثانية صورية ولا قيمة حقيقية لها، بل كان يجب أن يكون لها السيادة على كل مواد الدستور جميعها، بل وإلغاء كل المواد المخالفة لها تماماً"[31].

الفرع الثاني: مكانة قاعدة الشريعة كمصدر للتشريع بالنسبة للتشريعات العادية:

إن إيراد مادة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في الدستور يجعل منها مادة سامية على التشريعات العادية إذ إن ما يرد في الدستور أسمى وأعلى مما يرد في القوانين الأخرى، وهذا ما يسمى بمبدأ سمو الدستور. فالدستور قمة القواعد القانونية في الدولة، فهو التشريع الأعلى الذي يسمو على جميع القواعد القانونية الأخرى، ويساعد في ترسيخ مبدأ الشرعية وإخضاع الحكام والمحكومين للقانون[32].

         ويترتب على سمو الدستور منع تعارض التشريعات العادية مع نصوص الدستور، فإذا تعارضت نصوص التشريعات العادية مع الدستور كانت غير دستورية وليس لها أية قوة قانونية. ومن باب أولى لا يمكن للتشريعات الفرعية (الأنظمة أو اللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية) أن تعارض مبادئ الشريعة الإسلامية.

         وتتوقف مكانة مادة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع بالنسبة للتشريعات العادية على صياغتها  فإذا كانت المادة تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع أو أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، فإن مؤدى ذلك منع تعارض أي تشريع عادي مع مبادئ الشريعة الإسلامية وإلا كان التشريع العادي غير دستوري، أما إذا كانت صياغة المادة مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر من مصادر التشريع، أو أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، وكان هناك مصدر رئيسي آخر يخالف مبادئ الشريعة، فإن معنى ذلك أنه قد تتعارض التشريعات العادية مع مبادئ الشريعة الإسلامية؛ نظراً لعدم التزام المشرع بالأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية وفق الصياغتين الأخيرتين.

وقد قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية على أنه: " وحيث إنه يتبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية ... أن المشرع أتي بقيد على السلطة المختصة بالتشريع قوامه إلزام هذه السلطة وهي بصدد وضع التشريعات بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة الإسلامية لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع"[33].

كما قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية في تحديدها لمدى التزام المشرع بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، بأن: "سلطة التشريع اعتباراً من تاريخ العمل بتعديل العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980م، أصبحت مقيدة فيما تسنه من تشريعات مستحدثة أو معدلة لتشريعات سابقة على هذا التاريخ، بمراعاة أن تكون هذه التشريعات متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وبحيث لا تخرج في الوقت ذاته، عن الضوابط والقيود التي تفرضها النصوص الدستورية الأخرى على سلطة التشريع في صدد الممارسة التشريعية. ولما كان ذلك وكان إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه الإلزام، بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال، ومن ثم فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن إعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية ..."[34].

         ونخلص من كل ذلك أن النص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع يقيد المشرع في سن التشريعات العادية، إذ لابد أن تكون متوافقة مع الشريعة الإسلامية ولا تخالفها، وأي تشريع لاحق على النص على هذه القاعدة، يجب أن يكون متوافقاً مع مبادئ الشريعة الإسلامية وإلا وصم بعدم الدستورية.

المبحث الثالث: تنظيم مبدأ المساواة بين الناس في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي

نتطرق في هذا المبحث  لكل من مبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية ومبدأ المساواة في القانون الوضعي من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: تنظيم مبدأ المساواة بين الناس في الشريعة الإسلامية

نتناول تنظيم مبدأ المساواة في الشريعة الاسلامية من خلال بيان مفهوم مبدأ المساواة فيها، ثم نوضح مجالات المساواة بين الناس في ضوء مبادئ الشريعة الإسلامية.

الفرع الأول: مفهوم مبدأ المساواة بين الناس في الشريعة الإسلامية

يعني المساواة كمصطلح من الناحية اللغوية المماثلة والمعادلة والتكافؤ قدراً وقيمة، فيقال: هذا يساوي درهماً أي أن قيمته تعادل درهماً ويقال استوى فلان مع فلان بالمال والمنصب، أي أن قيمة ما يملكه أحدهم تعادل ما يملكه الآخر، ومكان ما يشغله أحدهم من منصب يكافئ المكان الذي يشغله الآخر[35].

     أما عن مفهوم المساواة بين الناس في الشريعة الإسلامية هو أن جميع الناس سواسية في القيمة الإنسانية وأنه لا تفاضل بينهم في إنسانيتهم، ولذلك هم متساوون في الحقوق والواجبات المقررة وفق أحكام الشريعة الإسلامية، فلا يوجد فرق بين غني وفقير، ولا بين حاكم ومحكوم،  ولا بين أبيض وأسود، ولا بين عربي وأعجمي، إلا بالتقوى والقرب من الله عز وجل،  ويستدل على هذا المعنى من العديد من الآيات القرآنية، ومنها قوله تعالى: }يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير{. سورة الحجرات، الآية (13). كما يستدل على مبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية من السنة النبوية، حيث يؤكد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى في قوله في حجة الوداع: "يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب إن أكرمكم عند الله أتقاكم، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأحمر على أبيض إلا بالتقوى ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، ألا فليبلغ الشاهد الغائب"[36]. كما يقول الله صلى الله عليه وسلم: " الناس سواسية كأسنان المشط"[37].

     أما الاختلاف بين الناس في شكل الخليقة كالطول والقصر والجمال واللون، أو في القدرة العقلية كالذكاء والفطنة والنباهة، أو في بنيان الجسم من ناحية القوة والضعف والذكورة والانوثة، أو في الصفات والطبائع كالطيب والخبيث، أو في الثروة بين غني وفقير، أو النسب والحسب، أو في الجاه والمنصب، أو في العلم والمعرفة، فهي أمور تقرها الشريعة الإسلامية لانها من سنن الله في خلقة، فهذه جميعاً أمور لا تتحقق فيها المساواة بين الناس. فمثلاً على الاختلاف في هذه المجالات قوله سبحانه وتعالى "هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون"  ( سورة الزمر، الآية 9) وقال "لا يستوي الخبيث والطيب" ( سورة المائدة، الآية 100)

الفرع الثاني: مجالات المساواة بين الناس في ضوء مبادئ الشريعة الإسلامية

أولاً- المساواة بين الناس أمام القانون

يقصد بالمساواة أمام القانون في الشريعة الإسلامية أي خضوع المسلمين جميعاً لقانون واحد فلا حصانة لأحد في مواجهة القانون، فالحاكم والمحكوم أمام القاعدة الشرعية سواء، لا حصانة لأحد ولا امتياز لطائفة عن أخرى ومرد ذلك أن خطاب التكاليف الشرعية على اختلافها وتنوعها جاء عاماً لا استثناء لأحد، مهما كان حسبه أو نسبه، أو لونه أو جنسه، أو منصبه، ويستدل على ذلك من أحكام القرآن الكريم في العديد من الآيات القرآنية، فمثلاً قوله تعالى: }وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة{. (سورة البقرة، الآية 110) فهذه الآية تخاطب الناس المكلفين كافة فكل مكلف مطالب بإقامة الصلاة، وكل من امتلك مالأ أوجب الزكاة مطالب باخراجها بقدر ما يملك ووفق ما حددته أحكام الشريعة الإسلامية في هذا المجال  وكذلك في الصوم قوله تعالى: }يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون{. (سورة البقرة، الآية 183) [38]

وقد أكد الخليفة أبي بكر الصديق على خضوع الحاكم للقانون في خطبته الشهيرة للناس عندما تولى الخلافة بعد وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حين قال: (أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن احسنت فأعينوني وان أسأت فقوموني….. إلى قوله … أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)[39].

ثانياُ- المساواة بين الناس أمام القضاء

يقصد بالمساواة أمام القضاء أن جميع الناس لهم الحق في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم، وأن لهم ذات الحق بالكلام وعرض الادلة والاستعانة بالشهود، وكذلك ذات الحق في الدفاع بكافة الوسائل، كما يقصد بها أن جميع الناس يطبق عليهم حكم القضاء بشكل عادل ومتساوٍ فيما بينهم، ولا فرق فيما بينهم مهما اختلفت أجناسهم ومكانتهم فلا فرق بين حاكم ومحكوم ولا بين غني وفقير.

   وحق التقاضي أمر قرره الإسلام، وجعل القضاء بين الخصوم، فريضة محكمة من أركان الدين، ويستدل على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية وأفعال الصحابة رضي الله عنهم، فيقول الله سبحانه وتعالى: }.. فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوآءهم عما جآءك من الحق..{ (المائدة: 48).

وطالب الله سبحانه وتعالى القاضي بالنزاهة والعدالة والمساواة بين الخصوم في قوله تعالى: }ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى{. (المائدة، الآية 8). وقولة تعالى: }إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل..{ (النساء: 58)

    والشريعة الإسلامية تقر كما أسلفنا بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القضاء  بإستثناء موضوع الشهادة بين الرجل والمرأة، فالقاعدة العامة شهادة رجل تساوي شهادة امرأتين، لقوله تعالى: }واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى{ (البقرة : 282) وفي حالات معينة تتساوى الشهادتين، وذلك في حالة قيام أحد الزوجين باتهام زوجه بالخيانة في فراش الزوجية، فهنا يلزم من يتهم الأخر أن يشهد اربع شهادات، وللزوج للأخر أن يردها باربع شهادات أيضاً، ويستدل على ذلك من قوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ.. وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ.. عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ.. وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ{ (النور 6-9) وفي حالات أخرى تكون شهادة المرأة مقدمة على الرجل ويؤخذ بها بشكل منفرد في الأمور المتعلقة بخصوصيات المرأة التي لا تراها إلا امرأة مثلها، أو أمور متعلقة بالمرأة نفسها فإن جاءت وقالت: أنا أرضعت فلانا عددا معينا من الرضعات فإن القاضي يأخذ بشهادتها ولا قيمة هنا لشهادة الرجل.

ثالثاً- المساواة بين الناس في الحقوق والحريات

حقوق الانسان في الشريعة الإسلامية هي في حقيقتها ليست منّة من حاكم أو دولة أو اية جهة محددة وإنما هي حقوق وهبها الله للانسان حين خلقه في أحسن صورة وأحسن تقويم. وقد كفلت الشريعة الإسلامية الحقوق والحريات للإنسان كافة بشكل متساوٍ، ولم تميز بين إنسان وإنسان في التمتع بهذه الحقوق والحريات، وقد كفلت أنواع الحقوق كافة، الحقوق الأساسية للإنسان، وأمثلتها حق الحياة، الذي وهبه الله تعالى الى جميع البشر، وحرية العبادة والاعتقاد الديني، من خلال احترام بيوت العبادة لغير المسلمين، إلا أن حرية العقيدة في الاسلام مقيدة للمسلمين بعدم الردة فالنظام الاسلامي الذي منح غير المسلمين حرية العقيدة وسمح لهم بالعيش في الدولة الاسلامية لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين فهو لم يسمح لهم ولا لسواهم أن يدخل أحدهم في الاسلام متى شاء بنية الخروج منه متى شاء بدعوى حرية العقيدة[40].

      كما كفلت الشريعة الإسلامية الحقوق السياسية للناس بشكل متساوٍ كحرية الرأي والتعبير، وترتبط هذه الحرية بما يعرف بحق الشورى الذي يعني ضرورة التشاور بين المسلمين من الرعية والحكام، قال تعالى (وشاورهم في الأمر). كما أقرت الشريعة الإسلامية حقوق الأسرة ونظمتها، وقررت فيها المساواة بين الزوجين في الحقوق والواجبات، قال تعالى(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، ولكن هذه المساواة ليست مطلقة في الجزئيات بل يفضل كل منهما الآخر في جانب، ويتفرع من حقوق الأسرة في الأمومة والأبوة[41].

   كما أكدت الشريعة الاسلامية على ضرورة ضمان مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل متساوٍ بين الناس، وأمثلتها حق العمل حيث أمر الله تعالى الانسان بالعمل، قال تعالى (وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). وحق الضمان الاجتماعي، وعرف هذا الحق في الفكر الاسلامي المعاصر تحت عنوان (العدالة الاجتماعية في الاسلام) وأعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق التكافل الاجتماعي لعمال الدولة على وجه الخصوص فقال (من ولي لنا عملاً، وليس له منزل، فليتخذ له منزلاً – أي من بيت المال – أو ليس له زوجة فليتزوج، أو ليس له دابة فليتخذ دابة). وفي حديث آخر لرسول الله (ص) قال (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع الى جنبه، وهو يعلم. وحق التملك، حيث اعترفت الشريعة الإسلامية بحق الملكية الفردية للانسان وتمكين المالك من سلطة التصرف بالشيء والاستفادة منه واستغلاله[42].

رابعاً- المساواة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية

يتفق الفقه الإسلامي بشأن عدم وجود مساواة بين المرأة والرجل، وفق المفهوم الذي ينادي به التيار العلماني هذا المفهوم الذي تمت صياغته في أحكام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ثم نقلته غالبية الدول في تشريعاتها المحلية، والذي يساوي بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق والحريات دون استثناء.

    ويبررون ذلك بأن القول أن عدم المساواة بين الرجل والمرأة وفق الشريعة الاسلامية ينطلق من فلسفة خاصة أساسها ان التفرقة فيما بينهما يستند في أصله إلى اختلاف الفطرة لكل منهما التي فطر الله كل منهما عليها ويستدل على ذلك من قوله تعالى: " وليس الذكر كالانثى"، لذلك فليس مدلول المساواة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية أن يطالب أحدهما بما يطالب به الآخر، فإذا خص الشرع الحضانة للمرأة لأولادها الصغار بالنظر لما لها من عطف وحنان وجدارة، فلا يجوز للرجل أن يطالب بهذا الحق مدعيًا المساواة في الحقوق بالمرأة، وإذا أوجب الإسلام النفقة على الرجل، فلا يجوز فرضها على المرأة بحجة المساواة بينهما، وسنقوم بتوضيح الموضوعات التي لاتتساوى فيها المرأة بالرجل عند حديثنا لاحقاً عن المقارنة بين مفهومي مبدأ المساواة بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي[43].

خامساً- المساواة بين المسلمين وغير المسلمين 

إلى جانب قضية عدم المساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام وفق المفهوم الذي أسلفنا بيانه، كذلك الإسلام لا يأخذ بالمساواة الكاملة بين المسلمين وغير المسلمين، وفق مغزى مفهوم المساواة في الفقه القانوني الوضعي (الدولي والدستوري)[44].

وتتلخص مظاهر عدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين من رعايا الدولة الإسلامية فيما هو آت:

أ. فيما يتعلق بأعضاء الهيئات النيابية التشريعية: وهم ممن يطلق عليهم أهل الشورى أو أهل الحل والعقد على حد تعبير علماء المسلمين، فهم يتكونون من علماء المسلمين ووجوه الناس، وليس لغير المسلمين أن يكونوا ضمن مجالس هؤلاء[45].

ب. فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية: يفرق علماء المسلمين في هذا الصدد بين وزارتي التفويض والتنفيذ، فيمكن لغير المسلمين تولي وزارة التنفيذ بالمساواة مع المسلمين، فمهمة الوزير تقتصر على مجرد تنفيذ ما يأمر به الخليفة، فالوزير في هذه الحالة لا يبرم أمراً وفق رأيه واجتهاده، ولكن لا يمكن لهم تولي وزارة التفويض، حيث يستوزر الخليفة من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه، بمعنى تفويض الوزير بمزاولة جميع سلطات الخليفة، وله أن يتصرف وفق رأيه واجتهاده[46].

    ويرجع منع غير المسلمين من تولي وزارة التفويض في دولة الإسلام كما يقول الماوردي إلى أربعة أسباب وهي: أنه يجوز لوزير التفويض مباشرة الحكم في المظالم، أي الدعاوي ضد رجال الحكم، وأنه يجوز لوزير التفويض أن يستأثر بتقليد الولاة، وأنه يجوز لوزير التفويض أن ينفرد بتسيير الجيوش وتدبير الحروب، وأنه يجوز لوزير التفويض أن يتصرف في أموال بيت المسلمين، وهذه الأمور لا يمكن إعطاءها لغير المسلمين[47]

ج. فيما يتعلق بالسلطة القضائية: يجوز لغير المسلم تولي وظيفة القضاء على غير المسلمين ويكون قضاءه نافذا بحقهم[48].

المطلب الثاني: تنظيم مبدأ المساواة بين الناس في القانون الوضعي

الفرع الأول: مفهوم مبدأ المساواة في المواثيق الدولية

يستدل من النصوص الواردة في المواثيق الدولية المتعلقة في حقوق الإنسان أن للمساواة معنيين، المعنى الأول المساواة القانونية، أي المساواة بين المواطنين ذوي المراكز القانونية المتماثلة بشكل كامل في الحقوق والحريات، وخضوعهم جميعاً لحكم القانون والقضاء، وعدم التمييز بينهم بسبب الجاه أو الثروة أو النفوذ، أو بسبب عرقي أو جنسي أو ديني وغيره وهو ما تنادي به الأنظمة الديمقراطية القائمة على أساس المذهب الفردي الحر، حيث تنص المادة (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على مبدأ المساواة بين جميع الناس، وقد فيها أنه: " يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وُهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء". ثم أكدت المادة (2) منه على مبدأ المساواة وعدم التمييز من خلال النص على أنه: "لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي وغير السياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاً أو موضوعاً تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعاً لأي قيد آخر على سيادته".

    والمعنى الثاني هو المساواة الفعلية المادية، أي التخفيف من الفوارق بين الأفراد خاصة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، بمعنى أن تقوم الدولة باتخاذ الإجراءات والضمانات كافة التي من شأنها كفالة أن يعيش المواطن الفقير حياة كريمة، وهو ما تطمح إليه المذاهب الاشتراكية.

   وقد تضمنت المواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان عدداً من المواد التي تشير بشكل مباشر وغير مباشر لهذا المعنى، فمثلاً  تنص المادة 25 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الفقرة 1 على انه: " لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أوالعجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.

الفرع الثاني: مجالات المساواة بين المواطنين في المواثيق الدولية

أولاً- المساواة أمام القانون

يعود تقرير مبدأ المساواة أمام القانون لنشوء فكرة الديمقراطية التي قامت على أساس المذهب الفردي بحيث يشترك جميع المواطنين في شؤون الحكم ويتمتعون بالحماية القانونية على قدم المساواة دون تمييز بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو الإنتساب إلى مركز اجتماعي معين.

وتماشياً مع هذا المعنى المتعلق بالمساواة القانونية فقد تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية النص على المساواة أمام القانون لكافة المواطنين إذ تنص المادة (26) منه على أنه:  الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.

ثانياً- المساواة أمام القضاء

كفلت العديد من المواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان لكافة المواطنين الحق في التقاضي بشكل متساوٍ فيما بينهم، ومن ضمن هذه المواثيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تنص المادة 14 الفقرة 1 منه على انه: "الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون..."

ثالثاً- المساواة في الحقوق والحريات بين المواطنين

تكفل كافة المواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات على اختلاف أنواعها مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية نتناولها على النحو الآتي:

أ. المساواة في الحقوق المدنية والسياسية

الحقوق المدنية والسياسية هي مجموعة الحقوق المرتبطة بالحريات، وتشمل الحق في المساواة، والحق في الحياة والحرية والأمن وعدم التعرض للتعذيب، والحق في عدم الاسترقاق أو الإخضاع للعبودية، والحق في المشاركة السياسية، وحرية الرأي والتعبير، وحرية المعتقد والدين، وحرية عقد الاجتماعات، والحق في تأسيس الجمعيات، وحق كل مواطن في الأمان على شخصه وعدم اعتقاله أو توقيفه تعسفاً، وحق كل مواطن في الملكية الخاصة، وحقه في حرية التنقل  وحرية اختيار مكان إقامته داخل حدود الدولة ومغادرتها والعودة إليها، وغيرها من الحقوق.

وقد كفل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لجميع المواطنين التمتع بالحقوق المدنية والسياسية بشكل متساوٍ، حيث ينص بشكل مباشر في المادة 2 الفقرة 1 منه على أنه: "تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب".

ب. المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية  

ترتبط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحق كل إنسان، في أن يحيا في مستوى معيشة لائق، وبحد أدنى من الرفاه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وبما يحفظ كرامته الإنسانية ولا يعرضه للفقر أو المرض أو الجهل، وتشمل حق الإنسان في التعليم، والحق في العمل، والحق في الرعاية الصحية، والحق في الغذاء الكافي، والحق في الضمان الاجتماعي والحق في السكن، والحق في التنمية، والحق في بيئة نظيفة، والحق في تلقي الخدمات العامة.

وقد تضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية عدداً من المواد التي تشير بشكل مباشر وغير مباشر لضرورة كفالة الحق بالمساواة بين المواطنين في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خيث تنص المادة 2 الفقرة 2 منه على أنه: "تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.

رابعاً- المساواة في تولي الوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص

يعد الحق في تقلد الوظائف العامة شكلاً من أشكال المشاركة السياسية للمواطنين في الحكم، فعن طريق ممارسة هذا الحق يستطيع المواطنون المشاركة في إدارة الشئون العامة للدولة بمختلف مجالاتها، ويشترط لإعمال هذ الحق أن تعمل الدولة على إقرار مجموعة من القواعد العامة المجردة التي تبين شروط التوظيف، وأن تضع الوسائل التي تُمكن من تطبيق هذه القواعد على المواطنين كافة بشكل متساوٍ، وعلى قاعدة تكافؤ الفرص.

  وقد كفل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هذا الحق حيث تنص المادة 25 يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة: (ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.

خامساً- المساواة بين الرجل والمرأة

تنص المادة (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة حيث جاء فيها: "تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوى الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد". كما تنص المادة 23 على المساواة بين الجنسين في مسائل الزواج وتأسيس الاسرة حيث جاء فيها: 1- الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة. 2- يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة. 3- لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه. 4- تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم.

   وكذلك تنص المادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه: "تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد.

المطلب الثالث: مقارنة بين مفهومي مبدأ المساواة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي

نسلط الضوء بايجاز شديد وبشكل نقاط على أوجه التقارب والاختلاف بين مفهومي المساواة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي على النحو الآتي:

الفرع الأول: أوجه التقارب بين المفهومين

أولاً- تتفق الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في الاقرار بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون ولا أختلاف بينهما.

ثانياً- تتفق الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي في الاقرار بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القضاء  بإستثناء موضوع الشهادة بين الرجل والمرأة، فالاصل عدم المساواة بينهما، واستثناء تتساوى الشهادتين، وفي حالات معينة تقدم شهادة المرأة على الرجل.

ثالثاً- تتفق الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي بشكل عام في الاقرار بمبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والحريات.

الفرع الثاني: أوجه التعارض بين المفهومين

أولاً- تختلف الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي بشأن القضايا المتعلقة بالمساواة بين المرأة والرجل في مجال الأحوال الشخصية للمسلمين، وهي مبادئ أصلية ثابتة قطعية الدلالة لا يجوز مخالفتها، نذكر القضايا محل الخلاف على النحو الأتي:

أ. عدم مساواة المرأة بالرجل في الميراث، فلها نصف ما للرجل من إرث. لقوله تعالى: }... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ...{  } النساء: 3{

ب. لا تتساوى المرأة مع الرجل في النفقة، فهي غير ملزمة بالنفقة حتى وإن كانت غنية، فالنفقة واجبة على الزوج. لقوله تعالى:  }وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا.{ } البقرة: 233{.

ج. عدم مساواة المرأة مع الرجل بالقوامة، فالقوامة للرجل. ويستند في ذلك إلى قوله تعالى:}..الرجال قوامون على النساء{ } النساء: 3{. وقوله تعالى: }...وللرجال عليهن درجة{ }البقرة: 228{. 

د. عدم مساواة المرأة بالرجل في حرية الزواج وتعدده، فلا يجوز للمرأة الزواج بغير المسلم، أو الزواج بالمسلم دون موافقة وليها، أو أن تعدد الأزواج، على عكس الرجل حيث يستطيع أن يزوج نفسه بمن شاء حتى وإن لم تكن مسلمة، ويستطيع أن يجمع بين أكثر من زوجة.

ه. عدم مساواة المرأة بالرجل بإيقاع الطلاق فهو بيد الرجل. لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ....{. } الطلاق: 1{

ثانياً-  تختلف الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي فيما يتعلق بالمساواة بين المسلمين وغير المسلمين في مجالات تولي بعض الوظائف العامة، وزارة التفويض في السلطة التنفيذية، وعضوية مجلس الشورى.

المبحث الرابع:أثر النص على مبادئ الشريعة الإسلامية في الدساتير العربية في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين

نتناول أثر النص على مبادئ الشريعة الإسلامية في الدساتير العربية في تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين من خلال المطلبين الآتيين:

المطلب الأول: أثر النص على مبادئ الشريعة الإسلامية في تنظيم مبدأ المساوة في داخل الوثائق الدستورية

ذكرنا آنفاً عند حديثنا عن المرتبة الدستورية لقاعدة مبادئ الشريعة الاسلامية كمصدر رئيسي للتشريع أنها تأخذ نفس المرتبة للقواعد الدستورية الأخرى، بغض النظر عن طريقة صياغة هذه القاعدة ضمن الوثيقة الدستورية، وبالتالي فإنه من الناحية الدستورية فلا تأثير لمرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية على تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين في صلب الوثائق الدستورية، ذلك لأنها تقف معها بنفس المرتبة، بمعنى أن حدود تنظيم موضوعات مبدأ المساواة بين المواطنين في الوثائق الدستورية يمكن أن يستند إلى مصادر اخرى غير مبادئ الشريعة الإسلامية، قد تتوافق معها وقد تخالفها.

 ولكن على الرغم من ذلك فقد قرر عدد من فقهاء القانون الدستوري المعاصر كما أسلفنا توضيحه، أن هذا لا يعني تنافر وعدم انسجام القواعد الدستورية مع بعضها البعض بل يجب ان تأتي منسجمة مع بعضها وأن لا تتعارض قاعدة مع أخرى.

المطلب الثاني: أثر النص على مبادئ الشريعة الإسلامية في تنظيم مبدأ المساواة في التشريعات العادية

مبدأ سمو الدستور يفرض كما أسلفنا توضيحه أن تكون التشريعات العادية الصادرة عن السلطات التشريعية المختصة، متوافقة مع القواعد الدستورية وان لا تخالفها وإلا أصبحت عرضة للالغاء من قبل الجهة المكلفة بالرقابة على دستورية القوانين.

وأما فيما يتعلق بأثر مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية على تنظيم المساواة فهذا يتوقف على طريقة صياغة هذا المبدأ في وثيقة الدستور، فإذا كانت الصياغة بالنص على مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع. فهذا يعني ان المشرع العادي ملزم عند تنظيمه لمبدا المساواة في التشريعات العادية أن يستند إلى مفهوم مبدأ المساواة وحدوده وتنظيمه في الشريعة الإسلامية، ولكن في المقابل يمكن اللجوء إلى أي مصادر أخرى (مصادر فرعية) بشرط عدم مخالفتها للمبادئ العامة التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بمبدأ المساواة، باعتبار أن المصدر الرئيسي او الأساسى هو الذى يحدد المصادر الفرعية.

  أما إذا كانت الصياغة بالنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فهذا يعني كما أسلفنا توضيحه أن الشريعة الإسلامية تعد مصدراً رئيسياً للتشريعات العادية إلى جانب مصادر رئيسيىة أخرى يمكن أن يلجأ إليها المشرع العادي وهنا المقصود البرلمان، وبالتالي فإن تنظيم مبدا المساواة في التشريعات العادية ليس بالضرورة أن يستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية فهناك مصادر رئيسية أخرى يمكن أن يلجأ إليها المشرع العادي في تنظيمه لمبدأ المساواة، وليس بالضروة أن تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية  فمثلاً يمكن أن يستند المشرع في تنظيمه لمبدأ المساواة في التشريعات العادية إلى الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان.

خاتمة:

نختتم بالقول، أن النص على مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في صلب دساتير الدول العربية والإسلامية هو أمر في غاية الأهمية ولا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال، كما أن عملية الصياغة لهذا المبدأ يجب أن تكون واضحة دون محاولة للتلاعب بالالفاظ، بحيث تأخذ بعين الاعتبار التزاماً أساسياً على المشرع وهو عدم الاتيان بأحكام وتشريعات عادية تخالف مبادئ الشريعة الأصلية، لأن وجه الخلاف بين النظام القانوني الاسلامى (الشريعة الإسلامية) وغيره من النظم القانونية الوضعية، ليس في إنكار أو إقرار مبادئ معينة في صلب الوثيقة الدستورية أو من خلال التشريعات العادية، بل أن وجه الخلاف الحقيقي يتمثل في مصدر هذه المبادئ ومدى جواز مخالفتها، إذ أن مصدرها فى النظم القانونية هو الإنسان وبالتالي يستطيع الإنسان مخالفتها متى شاء من خلال تعديلها أو الاتيان بغيرها، أما مبادئ الشريعة الإسلامية الاصلية فمصدرها الله سبحانه وتعالى وهي ثابتة، ولا يجوز للإنسان الاتيان بما يخالفها، والقول أن دساتير الدول الاسلامية المعاصرة  ليست دينية، فهذا لا يعني قبول وجود قواعد تخالف مبادئ الدين أو تحمل امراً ضد الدين.

     لذلك فإن وجود مادة واحدة في دستور أي دولة تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية الأصلية  لابد وحسب رأي الباحث الشخصي أن يقف عائقاً أمام قبول التيار الإسلامي أو الملتزمين دينياً بشكل عام  لهذا الدستور، وهذا أمر يمكن أن يؤدي إلى عدم ثبات الدساتير والسعي الدائم لتغييرها.

    كما يجب أن يكون واضحاً للجميع أن الدساتير يجب أن توضع بالتوافق التام بين مكونات المجتمع كافة، ووجود أغلبية ما لاتجاه سياسي معين لا يعطيها الحق أن تفرض رأيها على شكل وصياغة قواعد الدستور، لأن هذه الأغلبية يمكن أن تتغير خلال مدة قصيرة وتصعد بدلاً منها أغلبية أخرى، تعاود العمل على تغيير ما جاء في الدستور، وهكذا دواليك.

التوصيات:

أولاً- فيما يتعلق بصياغة مرجعية الشريعة الإسلامية في دساتير الدول العربية والاسلامية المعاصرة

توضيح النص والمقصود به في صلب الوثيقة الدستورية لكل دولة عربية واسلامية، وذلك بما لا يدع مجالاً للتفسيرات المختلفة له ونقترح الصيغة الأتية:

1- المبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع.

2- يقصد بالمبادئ المشار إليها في الفقرة الاولى من هذه المادة، القواعد والأحكام والأسس المستقاة من النصوص قطعية الدلالة في القرآن الكريم والسنة النبوية، ذات العلاقة بتنظيم المجالات الحياتية المختلفة للمواطنين.

ثانياً: فيما يتعلق بتنظيم مبدا المساواة بين المواطنين

أ. تنظيم مبدأ المساواة في الوثائق الدستورية

نقترح أن تكون صياغات مبدأ المساواة بين المواطنين بكافة مظاهره في الوثائق الدستورية تنسجم مع المادة المتعلقة

بمرجعية المبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، مع ضرورة أن تتضمن كافة النصوص المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة عبارة بما لا يتعارض مع المبادئ الأصلية للشريعة الإسلامية.

ب. تنظيم مبدأ المساواة بين المواطنين في التشريعات العادية

ان مسألة توافق التشريعات العادية اللاحقة لاصدار الدستور هو أمر بديهي كما أوضحنا سابقاً، لذلك نوصي بضرورة قيام كل دولة بتشكيل لجنة من خبراء قانونيون لاعادة دراسة كافة القوانين التي تتعلق بالمساواة بين المواطنين فيها، واعادة العمل عليها بما يضمن تحقيق مبدا المساواة وفق نصوص دستورها.

حواشي ومتعلقات:


[1] : الحنبلي، علاء الدين اليعلي، الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، مكتبة الرياض للنشر، د.ت، ص223.

[2] :      المرجع السابق، ص224.

[3] : الزرقاء، مصطفى أحمد خليل، المدخل الفقهي العام، الجزء الأول، مطابع الف باء، الأديب، دمشق، الطبعة التاسعة، 1967-1968، ص30.

[4] : آبادي، مجد الدين أبي طاهر الفيروز، الإمام اللغوي، القاموس المحيط.

[5] :      الزرقاء، مصطفى، مرجع سابق، ص31.

[6] : االقرضاوي، يوسف، الدستور ومرجعية الشريعة، وقائع حلقة تلفزيونية، برنامج الشريعة والحياة، منشورة على موقع الشيخ يوسف القرضاوي .www.qaradawi.net بتاريخ، 2/12/2012.

[7] : قاموس المحيط، مرجع سابق.

[8] :  السنهوري، عبد الرازق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، مصادر الالتزام، الجزء الاول، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، د.ت، ص48-49.

[9] : نادي القضاة المصري، قرص مدمج، موسوعة الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية، قضية رقم 5 لسنة 8 قضائية، 1996.

[10] : راجع، عاليه، سمير، نظرية الدولة وآدابها في الإسلام، دراسة مقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت، 1988، ص 42.

[11] : المرجع السابق، ص 42.

[12] : الهضيبي، حسن، دعاة لا قضاة، دار التوزيع والنشر الإسلامي، نسخة الكترونية، القاهرة، 1977، ص69-78.

[13] : المرجع السابق، ص73.

[14] : المرجع السابق، ص73.

[15] : المرجع السابق، ص74

[16] : إبراهيم دعيج الصباح، الشرعية الإسلامية والشرعية الدستورية، ط1، دار الشروق، القاهرة، 2000م، ص328-329.

[17] : المطلبي، محمد بن ادريس الشافعي، جماع العلم، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، د.ت، ص11.

[18] : راجع، يوسف القرضاوي، الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه، بلا طبعة، مكتبة وهبة للنشر، القاهرة، 1997، ص76 وما بعدها.

[19] : محمد عبد الظاهر حسين، مرجع سابق، ص122 وما بعدها.

[20] : القرضاوي، يوسف، الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه، مكتبة وهبة للنشر، القاهرة، 1997، ص74-85.

[21] : عاليه، سمير، مرجع سابق، ص42-43.

[22] : راجع، القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003م وتعديلاته، المادة (4).

[23] : راجع، مشروع دستور فلسطين لسنة 2003م، المادة (7).

[24] : محمد عبد الظاهر حسين، مرجع سابق، ص185-186.1

[25] : علي حسين نجيدة، مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في مصر، بلا طبعة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1990م، ص42 وما بعدها.

[26] : راجع، وثيقة الأزهر حول مستقبل مصر، منشورة على موقع مشيخة الأزهر الشريف: http://onazhar.com/، 23/12/2013.

[27] : الجوزية، ابن القيم، اعلام الموقعين عند رب العالمين، الجزء الثاني، ادارة الطباعة المنيرية، مصر، د.ت.، ص 216-217.

[28] : راجع، الدستور المصري الجديد لسنة 2012م (المعطل بعد أحداث 3 يوليو 2013م)، المادة (2).

[29] : حامد الجمل: مقال بعنوان: "مخاوف الأقباط وهمية"، منشور على موقع مؤسسة الأهرام بتاريخ 11/4/2011م، http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx ، 24/12/2013م.

[30] : طارق البشري، مقال حول المادة الثانية من الدستور، منشور موقع شبكة المحامين العرب: http://www.mohamoon.com/montada، 25/12/2013م.

[31] : تقرير بعنوان: "المادة الثانية في ميزان الإسلام، حقائق مغيبة"، منشور على موقع المجلس العلمي: http://majles.alukah.net/t94568/ 25/12/2013م.

[32] : هاني الطهراوي، النظم السياسية والقانون الدستوري، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2008م، ص352 وما بعدها.

[33] : المحكمة الدستورية العليا دعوى رقم 20 لسنة 1 ق دستورية جلسة 4/5/1985م مجموعة الأحكام الصادر عن المحكمة الدستورية العليا جـ 3، ص209 قاعدة رقم 20 وكررت المحكمة نفس القول في حكمها الصادر في 14/4/1987م في الدعوى رقم 141 لسنة 4ق حكم غير منشور. مشار اليه: علي حسين نجيدة، مرجع سابق، ص43.

[34] : راجع: حكم المحكمة الدستورية العليا المصرية في 4/5/1985م في الدعوى 20 لسنة 1 ق دستورية و7 لسنة 9 ق عليا دستورية، الجريدة الرسمية، العدد 20، في 16 مايو 1985م، ص997،998 مشار إليه: علي حسين نجيدة، مرجع سابق، ص72.

[35] : آبادي، مرجع سابق، قاموس المحيط.

[36] : سيرة ابن هشام، ج4، ص194.

[37] : العجلوني، كشف الخلفاء ومزيل الألباس، الجزء الثاني، ص326.

[38] :ايضاّ.

[39] : ليو، مازن راضي، المدخل لحقوق الإنسان، نسخة الاكترونية، د.ن، ص37.

[40] : الزحيلي، محمد، حقوق الإنسان في الإسلام، دراسة مقارنة، دار الكلم الطيب، الطبعة الثانية، دمشق-بيروت، 1997، ص9-35.

[41] : المرجع السابق، ص34.

[42] : المرجع السابق، ص35.

[43] : شلتوت، محمود، الإسلام عقيدة وشريعة، مطبوعات الادارة العامة للثقافة الإسلامية، 1959، ص 243.

[44] : عبد الحميد متولي، الشريعة الاسلامية كمصدر أساسي للدستور، تقديم الامام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الازهر، الطبعة الثالثة، الاسكندرية، منشأة المعارف، ص48.

[45] : المرجع السابق، ص49. ولمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع أنظر بحثنا المفصل حول هذا الموضوع بعنوان: دلالة النص على مبادئ الشريعة الاسلامية في مشروع الدستور الفلسطيني وأثره في تنظيم السلطة التشريعية. (مقبول للنشر في مجلة الدراسات الاسلامية والقانونية بالجامعة الإسلامية بغزة، سينشر بالعدد القادم من عام 2015)

[46] : حسن ابراهيم حسن، وعلي ابراهيم حسن، النظم الاسلامية، (د.م)، (د.ن)، 1939، ص151. ولمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع أنظر بحثنا المفصل حول هذا الموضوع بعنوان: دلالة النص على مبادئ الشريعة الاسلامية في مشروع الدستور الفلسطيني وأثره في تنظيم السلطة التنفيذية. ( جاري النشر)

[47] : الماوردي، الأحكام السلطانية، ص24-25.

[48] : عبد الله المراغي، التشريع الاسلامي لغير المسلمين، مرجع سابق، ص98. ولمزيد من التفصيل حول هذا الموضوع أنظر بحثنا المفصل حول هذا الموضوع بعنوان: دلالة النص على مبادئ الشريعة الاسلامية في مشروع الدستور الفلسطيني وأثره في تنظيم السلطة القضائية. (جاري النشر)

Loading...
Issue Details
Showing 1 to 10 of 10 entries
Article TitleAuthorsVol InfoYear
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Volume 1 Issue 1
2014
Article TitleAuthorsVol InfoYear
Showing 1 to 10 of 10 entries
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...
About Us

Asian Research Index (ARI) is an online indexing service for providing free access, peer reviewed, high quality literature.

Whatsapp group

asianindexing@gmail.com

Follow us

Copyright @2023 | Asian Research Index