1
1
2014
1682060029336_967
95-110
https://burjis.com/index.php/burjis/article/download/42/39
تمهيد:
وحدته تعالى من جميع الوجوه منشأ الاشتغال بمشكلة علاقة الصفات بالذات بصورة علمية وموضوعية، كيف يمكن المحافظة على وحدانية الله تعالى مع القول بثبوت الصفات له؟ والمعالجة الفكرية أنتجت عدة مذاهب في هذه المسألة. تقع وحدة الذات في إطار وحدة الحق من جميع الوجوه، حيث أنه واحد فى ذاته وواحد فى صفاته وواحد في أفعاله، فهي واحدة غير متعددة ولا مركبة لأنها لا تتكون من جنس وفصل. ولابن عربى ([1]) محاولة في نفي الكثرة عن الذات من ناحية الصفات يبتعد فيها عن معطلة الصفات كما يبتعد عن المغالات في الإثبات إلى درجة التجسيم والتشبيه والتصوير بدرجاتها المتعددة. نعرض في البداية آراء الفرق باختصار ثم نصل إلى رأي ابن عربي.
۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔
أستاذ مساعد في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر.
الآراء حول علاقة الذات بالصفات
فقد ذهب الإتجاه الفلسفى إلى القول بالوصف السلبى فحسب، زعموا أن للعالم صانعا لم يزل ليس بعالم ولا قاد، ولا حي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قديم، وعبروا عنه بأن قالوا: نقول عين لم يزل([2]). وقالوا بأن الذات تنوب مناب الصفات.
وذهب المعتزلة إلى قريب من مذهب الفلاسفة، ويصور الشهرستاني مذهب المعتزلة قائلا:" وادعت– المعتزلة- أن صفاته عين ذاته. قال بعضهم: إن الله عالم بذاته وقادر بذاته لا بعلم وقدرة. وقال البعض إن الله عَلِمَ بعلم هو ذاته، وقادر بقدرة هو ذاته وهكذا لأن الصفات لو شاركته في القدم الذي هو أخص وصف له لشاركته في الإلهية، واتفقت على أن الإرادة والسمع والبصر ليست معان قائمة بذاته. إنّ حملَها كمعان قائمة بالذات ستلحق بالله العوارض من ناحية والآلة من ناحية" ([3]).
وإثبات صفات لله زائدة على ذاته-في نظرهم- يؤدى إلى تشبيه الخالق تشبيها بصفات المخلوقين من ناحية، وتعدد القدماء من ناحية أخرى. وذلك أن الله تعالى حكم بكفر النصارى، لأنهم قالوا بقدماء ثلاثة مع الله في الأزل. قال تعالى:
﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾([4]). وتثليت النصارى هو إثباتهم الأقانيم قدماء مع الله تعالى. فقد أثبتوا لله تعالى أقانيم ثلاثة. وقد عنوا بالأقانيم الصفات كالوجود والحياة والعلم وسموها الأب والإبن وروح القدس، فالوجود هو الأب، والعلم هو الابن، والحياة هي روح القدس. وإذا كان المثبت للقدماء الثلاثة كافرا فما الظن بمن أثبت سبعة قدماء أو أكثر. يبدو أن المعتزلة في نفيهم الصفات الزائدة على الذات كانوا متأثرين بفكرتهم الخاصة عن التوحيد. قالوا بهذا من أجل إثبات الوحدانية الكاملة لله تعالى التي تقتضى تنزيهه تعالى عن كل شائبة من شوائب التشبيه أو التعدد.
أما الأشاعرة ([5]) فقد صرحوا بزيادة صفات المعانى على الذات وأنها قائمة بها، فالله تعالى عالم بعلم، وقادر بقدرة، مريد بإرادة، وحي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، فقالوا: إن هذه الصفات ليست هي الذات، لأن للذات مفهوما وللصفة مفهوما آخر، ويمكن توهم انتفاء الصفات مع بقاء الذات([6]). وإذن فهذه الصفات ليست هي عين الذات، بل زائدة على الذات.
وأكدوا عدم استقلالية الصفات بالوجود عن الذات الإلهية، وبالتالى أنها غير الذات فخرجت عنهم عبارتهم المشهورة في علاقة الذات بالصفات أنها "لا هي هو ولا هي غيره". يقول الاسفرايينى ([7]( : "وإنما قلنا: "لا هي هو" لأن هذه الصفات لو كانت هي هو لم يجز أن يكون هو عالما ولا قادرا ولا بشيء من هذه الأوصاف، لأن العلم لا يكون عالما، والقدرة لا تكون قادرة، ولا بشيء من هذه الصفات، وإنما قلنا لا يقال "إنها غيره"، لأن الغيرين يجوز وجود أحدهما مع عدم الآخر. ولما استحال هذا المعنى في الذات والصفات لم يجز فيه الخلاف المغاير"([8]). فالصفات ليست غير الذات لأن معنى الغيرية جواز مفارقة أحد الشيئين للآخر على وجه من الوجوه كما ذكره الأشعرى([9]) وهذا لا يتصور فى العلاقة بين الذات والصفات. وذهبوا أيضا أنه كما لا يجوز أن يقال إن صفات ذاته أغيار له، ولا أنها في أنفسها متغايرات بحيث يقال: إن هذه الصفة تغاير تلك الصفة، فكذلك لا يقال أنها توافقه أو تخالفه أو تباينه أو تشبهه، لأن جميع ذلك يتضمن المغايرة، وذلك يتضمن جواز عدم أحدهما مع وجود الآخر. وذلك محال ولا يجوز أن يقال علمه قدرته، ولا أن يقال أنه غيرها أو يخالفها أو يوافقها أو يشبهها أو لايشبهها لأن جميع ذلك يتضمن المغايرة. وذلك يتضمن جواز وجود أحدهما مع عدم الأخرى وذلك محال([10]).فلم يجعل الأشاعرة الصفات أعيانا مستقلة زائدة على ذاته حتى لاتتعدد القدماء، قالوا هي معانى قائمة بذاته. ذات واحدة متصفة بجميع صفات الكمال، وهذا لا يعدد القدماء، وإنما وجود ذوات متعددة هو الذي يؤدى إلى المحظور وصفات ذاته قديمة بقدم ذاته تعالى.
فكر ابن عربي:
أين يقف ابن عربى من هذا المعترك الفكرى بين فرقتين الكلاميتين الكبيرتين المعتزلة والأشاعرة. لقد عالج ابن عربى مشكلة كثرة الصفات مع وحدة الذات بطريقته الخاصة التى نستطيع إجمالها في النقاط التالية:
أولا : عرضه لنظرية الأشاعرة:
لايوافق ابن عربي الأشاعرة في نظريتهم في كون الصفات زائدة على ذاته، يعرض فى النص التالى مذهب المخالف له، فيقول:" والمخالف لنا– أى في مسألة زيادة الصفات على الذات- يقول: إنه يعلم بعِلْمٍ ويقدر بقدرة ويبصر ببصر وهكذا جميع ما يتسمى به-إلا صفات التنزيه- فإنه جعل ذلك كله معاني قائمة بذات الله، لا هي هو ولا هي غيره، ولكن هي أعيان زائدة على ذاته([11])، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ([12]) جعل السبعة أصولا، لا أعيانا زائدة على ذاته اتصفت بها ذاته"، ويضيف قائلا: "وأجمع المتكلمون من الأشاعرة على أن ثم أمورا زائدة على الذات، ونصبوا على ذلك أدلة، ثم إنهم مع إجماعهم على الذات لم يجدوا دليلا قاطعا على أن هذا الزائد على الذات هل هو عين واحدة، لها أحكام مختلفة، أو هل هذا الزائد أعيان متعددة. لم يقل حاذقوهم في ذلك شيئا، بل قال بعضهم: يمكن أن يكون الأمر في نفسه يرجع إلى عين واحدة، ويمكن أن يرجع إلى أعيان مختلفة، إلا أنه زائد ولا بد ولا فائدة جاء بها هذا المتكلم إلا عدم التحكم، فإن الذات إذا قبلت عينا واحدة زائدة جاز أن تقبل عيونا كثيرة زائدة على ذاتها، فتكون القدماء لا يحصون كثرة" ([13]). وهذا قريب من الاعتراض الذي وجهه المعتزلة للأشاعرة من أن إثبات صفات زائدة يؤدى إلى تعدد القدماء. ويرى ابن عربي بأن الإله عند المتكلمين مجموع ذوات. فإن الصفات أعيان زائدة، موجودة قائمة بذات الحق وبالمجموع يكون إلها. ويتساءل:" فأين التوحيد الذي يزعمونه؟ وكذلك العقلاء من الفلاسفة، عندهم مجموع نسب([14]) فأين الوحدانية عندهم؟" ([15]). فإثبات الزائدة ينافى الوحدانية فى نظره. ويعتبر ابن عربى قول الأشاعرة بأنها "لا هي هو ولا هي غيره" خلفا من الكلام، وقولا لا روح فيه، ويدل على نقص عقل قائله وقصوره فى نظره أكثر من دلالته على تنزيهه.
ثانيا: الانتقادات التي وجهها للقائلين بالزيادة
يعيب على الأشاعرة اعتمادهم على بعض الأدلة التي لا يجوز اعتمادها فى الأمور الإلهية، إذ العقائد مبنية على الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، ولا يصح الاستقراء وقياس الغائب على الشاهد. يقول حاكيا قول الأشاعرة فى مسألة زيادة الصفات:" وتتبعنا الأدلة في المحدثات فما وجدنا عالما لنفسه، وإنما الدليل يعطى أن لا يكون عالم إلا بصفة زائدة على ذاته تسمى علما، وحكمها فيمن قامت به أن يكون عالما وقد علمنا أن الحق عالم فلا بد أن يكون له علم، ويكون ذلك العلم صفة زائدة على ذاته قائمة به، ويضيف:" فهذا من الاستقراء، وهذا الذي دعا المتكلمين أن يقولوا في صفات الحق لا هي هو ولا هي غيره". ثم يعلق:"وفيما ذكرناه ضرب من الاستقراء الذي لا يليق بالجناب العالى"([16]) لأن مبناها على الأدلة اليقينية لا على الاستقراء الظني، فينكر ابن عربي أن يكون الاستقراء طريقا في العلم بالله.
يصور ابن عربي شبهة أخرى للقائلين بالزائد، وهو مبني على قياس الغائب بالشاهد، فيقول: " سلكوا في العبارة عن ذلك مسلكا آخر فقالوا: ما عقلناه بالاستقراء وإنما قلنا: أعطى الدليل أنه لا يكون عالم إلا من قام به العلم، ولا بد أن يكون أمرا زائدا على ذات العالم، لأنه من صفات المعانى يقدر رفعه مع بقاء الذات. فلما أعطاه الدليل ذلك طردناه شاهدا وغائبا يعنى في الحق والخلق". ينقد ابن عربي هذا الاحتجاج بدوره قائلا:" إن هذا هرب منهم وعدول عن عين الصواب"([17]) فيعارض ابن عربي استخدام منهج الإستقراء السقيم المبني على الظن وقياس الغائب على الشاهد في الأمور الإلهية.
وعمدة الأشاعرة في إثبات الزائد وغيريته هو قياس الغائب على الشاهد، واستدلوا على ذلك بأنَّ النصوص قد وردت بكونه تعالى عالماً وحياً وقادراً ونحوها وكون الشيء عالماً معلل بقيام العلم به في الشاهد، فكذا في الغائب، فإن العلة والحد والشرط لا تختلف غائباً وشاهداً، ولا شك أنَّ علة كون الشيء عالماً في الشاهد هي العلم فكذا في الغائب، وحدّ العالم ههنا من قام به العلم، فكذا حده هناك. وشرط صدق المشتق على واحد منا ثبوت أصله، فكذا شرطه في الغائب عنَّا، أي واجباً كان ذلك الغائب أو ملكاً أو جنياً ويقاس على هذا سائر الصفات.
ولقد تعرض هذا المسلك في الاستدلال إلى الانتقادات من قبل الأشاعرة أنفسهم حيث نرى الإيجي يقول:" كيف والقائس معترفٌ باختلاف مقتضى الصفات شاهداً وغائباً.... وقد يمنع ثبوت العلم والقدرة وغيرهما من الصفات في الشاهد، بل الثابت فيه بيقين هو العالمية والقادرية والمريدية، لا ما هي مشتقة منها، فيضمحل القياس بالكلية([18]). فالمتكلمون أنفسهم لم يرتضوا استخدام هذا المنهج في الأمور العقدية. فيتفق ابن عربي معهم في نقده والقول بعدم صلاحيته في العلوم الإلهية.
ثالثا: رأيه في المسألة
إن الذات المقدسة غنية عن كل شيء ومنزهة عن التوقف على أي شيء. فكل الصفات والأسماء مضافة إلى الألوهية التي هي مرتبة لهذه الذات والتي لا يستحقها إلا الله وذهب إلى كون الصفات نسبا وإضافات وأحكاما تطلبها الممكنات لتكون مألوهة وموجودة والنسب لا توصف بالوجود فهي أشبه شيء بالحال الاعتزالى فكثرتها اعتبارية لا تؤثر في الذات لأن النسب لا عين لها، وينكر أن تكون الصفات أعيانا وجودية زائدة على ذاته، يقول:" وأما عندنا أنها–أي الأسماء- نسب وأحكام على حقائق معقولة غير وجودية، فالذات غير متكثرة بها، لأن الشيئ لا يتكثر إلا بالأعيان الوجودية، لا بالأحكام والإضافات والنسب"([19])، ويقول فى مكان آخر:" الأسماء الإلهية نسب وإضافات ترجع إلى عين واحدة، إذ لا يصح هناك كثرة بوجود أعيان فيه كما زعم من لا علم له بالله من بعض النظار والصفة ليست مغايرة للموصوف في حال اتصافه بها بل هي عين الموصوف([20]). وابن عربي لا يقول بعينية الصفات للذات كما يقول متكلموا الأشاعرة، ولا يمنع من القول بأنها لا هي هي ولا هي غيرها، على المعنى الذي يقصده، أي دون تصور زائد على الذات.
يبطل ابن عربي أن تكون الصفات أعيانا زائدة على الذات ويتساءل:" ولو
كانت الصفات أعيانا زائدة وما هو إله إلا بها لكانت الألوهية معلولة بها فلا يخلو أن تكون هي عين الإله فالشيء لا يكون علة لنفسه أو لاتكون (هي عين الإله) فالله لا يكون معلولا لعلة ليست عينه، فإن العلة متقدمة على المعلول بالرتبة فيلزم من ذلك افتقار الإله من كونه معلولا لهذه الأعيان الزائدة التي هي علة له وهو محال. ثم إن الشيء المعلول لا يكون له علتان وهذه كثيرة ولا يكون إلها إلا بها، فبطل أن تكون الأسماء والصفات أعيانا زائدة على ذاته تعالى"([21]). وثم القول بالزيادة يؤدي إلى افتقاره تعالى إلى غيره، أو إلى النقص في ذاته، وكلا الأمرين محال عليه تعالى.
ومن هنا اختار ابن عربي أن يسمي الصفات نسبا وإضافات، حيث يقول:" كون البارى عالما حيا قادرا إلى سائر الصفات نسب وإضافات له لا أعيان زائدة لما يؤدى إلى نعتها بالنقص، إذ الكامل بالزائد ناقص بالذات عن كماله بالزائد وهو كامل لذاته، فالزائد بالذات على الذات محال وبالنسب والإضافة ليس بمحال"([22](۔
ويؤكد نفس الفكرة في كتاب المسائل حيث يقول: "كون البارى حيا عالما قادرا إلى غير ذلك من أوصاف الكمال عندنا أحكام للذات أضيفت، والوصف بها لا ترجع إلى أعيان زائدة على الذات لأنه كامل الذات، فمحال كماله بالزائد، فإن فيه نقص الذات والنقص محال، فالكمال بالزائد محال"([23]). وفي كتاب الجلالة عندما يتحدث عن الصفات يقول:" إن من أثبت أعيانها زائدة على الذات الموصوفة فقد أثبت العدد والكثرة والإفتقار فى الله"([24]).
تحصل لدينا مما سبق من نصوصه عدة انتقادات للقائلين بالزيادة، منها:
أولا: أن القول بالزيادة يؤدى إلى كون الألوهية معلولة به.
ثانيا: أنه يؤدي إلى كون الإله ناقصا بالذات مكتملا بالغير.
ثالثا: أنه يؤدي إلى التعدد والكثرة.
وكل هذه الأقوال مآله افتقار الإله إلى الغير وهذا محال. فهو غني علي الإطلاق. فهو لا يوافق الأشاعرة من المتكلمين في نصف مقولتهم "لاهي غيره"، يذكر عند الكلام على صفة العلم: "والعلم ذاتي للعالم وهو قول المتكلم ما هو غيره فقط، وأما قوله: وما هو هو، بعد هذا فهو لما يري أنه معقول زائد على هو، فنفى – اي المتكلم- أن يكون هو، وما قدر على أن يثبت هو من غير علم يصفه به، فقال: ما هو غيره، فحار فنطق بما أعطاه فهمه، فقال: إن صفة الحق لا هي هو ولا هي غيره ثم يبين أنه لا يقول بالزائد:" ولكنّـا إذا قلنا نحن مثل هذا القول ما نقوله على حدِّ ما يقوله المتكلم، فإنه يعقل الزائد ولا بدَّ ونحن لا نقول بالزائد، فما يزيد المتكلم على من يقول إن الله فقير إلا بحسن العبارة"([25]). يتبين أنه يثبت الصفات نفس الذات أو بمعنى أن وجودها هو عين وجود الذات ليس أمرا زائدا على ذاته، وعلى هذا الرأى معظم الصوفية كما يذكر الجامي: "وأما الصوفية-قدس الله أسرارهم- فذهبوا إلى أن صفاته تعالى عين ذاته بحسب الوجود وغيرها بحسب التعقل"([26]).
وإذا كان ابن عربي لا يوافق الأشاعرة فى زيادة الصفات ولا يوافق الفلاسفة القائلين بأن الذات الإلهية مع الصفات مجموع نسب،-كلا المذهبين ينافي التوحيد والوحدانية في نظره، فهل يعنى أنه يوافق المعتزلة فيما ذهبوا إليه في إنكار صفات المعاني القائمة بذاته!
لا نستطيع أن نجزم بأنه قائل بمذهب المعتزلة رغم التشابه القائم بين المذهبين، إذ يقول عنهم: "أنهم لما هربوا من إثبات صفة زائدة على ذات الحق تنزيها للحق قالوا: إن الله قائل بالقائلية، عالم بالعالمية، قادر بالقادرية، فقاربت الأمر"([27])، فالمعتزلة فى نظره لم تتوصل إلى حقيقة الأمر كاملة وقد أنكروا وجود صفات المعانى القائمة بذاته لاعتقادهم أن إثباتها يؤدى إلى التركيب ومن ثم الجسمية أو القول بتعدد القدماء وبالتالى تعدد الآلهة، وكلاهما باطل مناف للألوهية. فأنكرت المعتزلة الصفات الوجودية الزائدة على ذاته هربا من إثبات تعدد القدماء، ولكنها لم تستطع إنكار ما ثبت من الصفات الثبوتية عن طريق النقل، فأثبتت الأحكام المترتبة لهذه الصفات مثل العالمية والقادرية التى هي الأحوال، فإثبات مثل هذه الأحوال لا يؤدى إلى تعدد الذوات لأنها لا تتصف بالوجود ولا بالعدم([28]). وإنما يأتى التعدد عن طريق إثبات موجوادات قائمة بذاته كما فعلت الأشاعرة. وكان غرض المعتزلة من هذا الإنكار للزائد هو إثبات الوحدانية الكاملة للذات الإلهية، وهو نفس الغرض الذى رمى إليه ابن عربى، لكن من غير إنكار ما ثبت من الصفات.
ولقد اتهمه د/ على سامى النشار باتباع المعتزلة في مسألة الصفات إن من يتوقف على نصوص ابن عربى يعلم على أنه كان ملما بآراء الفلاسفة والمتكلمين في هذا الصدد. نستطيع أن نقول أنه لم يوافق الأشاعرة في جعل الصفات زائدة على الذات وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نجزم بأنه تأثر أو يردد آراء المعتزلة.وهو يعالج المسألة عن طريق إثبات صفات المعانى نسبا وإضافات للذات العلية. وتعدد النسب على عين واحدة لا يوجب تعدد العين. أما المعتزلة فقد نفوا أصلا وجود هذه الصفات لاعتقادهم أنه يؤدى إلى تعدد القدماء، وركز المعتزلة على هذه النقطة في ردهم للأشاعرة بينما نرى ابن عربى يركز على الناحية الكمالية والغنى.
رابعا : مفهوم النسب عند ابن عربي
علم النسب عنده أحد أقسام العلم الإلهي ويعالج به عدة قضايا إلهية وقفت أمامها العقول عاجزة عن تفسيرها وحائرة عن فهمها، وهذا العلم أحد مفاتيح فهم معضلات ابن عربى. وبالإضافة إلى القضية السابقة التى استعان فيها بنظرية النسب لتفسير كثرة الصفات مع أحدية الذات نراه يفسر به عدة قضايا رئيسية([29]).
والنسب كما يصوره هو أمر معقول غير موجود بين اثنين، وليست أعيانا ولا أشياء، وإنما هي أمور عدمية بالنظر إلى حقائق النسب ولا تقبل معنى الحدوث ولا القدم، فإنه لا يقبل هذا الوصف إلا الوجود أو العدم ولا تدرك كشفا، وإنما تعلم عن طريق الدليل، والنسب متميزة بعضها عن بعض، ومعقولية النسب لا تتبدل وإن لم يكن لها وجود عنيى([30]). فتصوره للنسب قائم على أنها أمر معقول بين اثنين، يبدو أن هذه الفكرة شبيهة بنظرية الأحوال الإعتزالي، وابن عربى نفسه صرح بهذا عندما قال " وهي-أى النسب- كما لاتتصف بالوجود لاتتصف بالعدم أيضا كالأحوال "([31])، وإن تشابهت الفكرتان من حيث الواسطية إلا أننا يمكن أن نلاحظ الفرق الأساسي التالي بين الفكرتين وهي:
إن الأحوال نظرية كلامية بحتة أثبتها المعتزلة للهرب من إثبات تعدد القدماء، فى حين يرتقى ابن عربي بفكرة النسب إلى بناء نظام كونى شامل، يشمل الوجود كله، وما اعتباره الصفات نسبا إلا مجرد لبنة فى هذا النظام. وهاك بعض النماذج التى استعان فيها ابن عربي بفكرة النسب للخروج من المشاكل التي تعترض الباحث فى الأمور الإلهية والكون.
يفسر به مثلا ظهور العالَم من العدم للوجود، فذات الحق تعالى عنده لم يظهر عنها شيء أصلا من كونها ذاتا غير منسوب إليها أمر آخر وهو أن ينسب إلى هذه الذات أنها قادرة على الإيجاد والعالَم يطلب من الحقائق الإلهية أربع نسب. الحياة، العلم، الإرادة، القدرة. إذا ثبتت هذه الأربع النسب للواجب الوجود صح أنه الموجد للعالم. فإذا اسندتَ العالَم إليه تعالى في الوجود وقلتَ إنه موجد العالم لم يتمكن لك أن تعقل هذا إلا بنسب تثبتها من حياة وعلم وقدرة وإرادة. فإن كانت أعيانا زائدة على ذات فما أوجد شيئا بها إلا عن تعلق بالذي حدث والتعلق نسبة منها إلى المتعلق، وإن كانت هذه الصفات ليست بزائدة وإنما ثم عين واحدة وهي الذات وتوجهاتها على إيجاد الممكنات، فالتوجهات نسب. وهي مختلفة لما يظهر في العالم من الاختلاف([32])، سواء قلنا إن الصفات زائدة على الذات أم قلنا ذات واحدة لها توجهات ففى كلتا الحالتين لابد أن نثبت النسب حتى يمكن تفسير ظهور العالم.
ويرى ابن عربي بأن حقيقة الممكنات هي التي أعطت هذه النسب للذات، فتظهر النسب عندما ننظر إلى الحق من حيث ما يطلبه الممكن. وكونه قادرا فيطلب المقدور ومريدا فيطلب المراد. فاذا أوجد الموجِد قيل فيه إنه قادر على الإيجاد، ولولا ذاك ما أوجد. وإذا خصّص الممكنَ بأمر دون غيره مما يجوز أن يقوم به قيل مريدٌ، وسبب هذا كله إنما تعطيه حقيقة الممكن([33]). فالممكنات هي التي أعطت هذه النسب للذات.
ومثال آخر على ربط ابن عربي قضية أخرى بمفهوم النسب، وهي كيفية تعلق الوجوب الإلهي على الحضرة الإلهية عن طريق علم النسب. وذلك أن الله قد أوجب على نفسه واجبات، ونحن لا نوجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه. وقد أوجب التعريفَ على نفسه بقوله تعالى:﴿وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾([34])﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾([35])﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾([36])، يرى أنه "على الحقيقة إنما وجب ذلك على النسبة لا على نفسه (أي ذاته)، فإنه يتعالى أن يجب عليه من أجل حدّ الواجب الشرعى، فكأنه لما تعلق العلم الإلهي أزلا بتعيين الطريق التي فيها سعادتنا ولم يكن للعِلم بما هو عِلم صورة التبليغ وكان التبليغ من صفة الكلام، تعين التبليغ على نسبة كونه متكلما بتعريف الطريق التي فيها سعادة العباد التي عينها العلم. فأبان الكلام الإلهي بترجمة عن العلم ما عيّنه من ذلك. فكان الوجوب على النسبة فإنها نسب مختلفة، وكذلك سائر النسب الإلهية من إرادة وقدرة وغير ذلك"([37])۔
وهكذا يستخدم ابن عربي مفهوم النسب في تفسير العديد من الأمور الإلهية المتعلقة بالكون والنسب عنده ليست أعيانا ولا أشياء، وإنما هي أمور عدمية بالنظر إلى حقائق النسب، يمثل على عدميته بقوله:" فاذا لم يكن في الوجود شيء سواه فليس مثله شيء لأنه ليس ثم" ([38])، أى إذا لم يكن في الوجود غير النسب، وهذه النسب لا يماثل الحق، لأنه ليس ثم وجود مستقل يماثله، وإنما هي نسب، وهي لا تتصف بالوجود حتى يماثله، وإذا كان الحق يؤثر في الممكنات عن طريق النسب والإضافات وهذه النسب أمور عدمية فكيف يؤثّر العدم في إيجاد الممكنات؟
ولم يغفل ابن عربى هذه النقطة عند ما قال بفكرة النسب حيث يقول:" فإن العجب ليس من موجود يؤثّر وإنما العجب من معدوم يؤثر. والنسب كلها أمور عدمية، ولها الأثر والحكم"([39]). ومع تصريحه المتكرر على عدمية النسب نراه يجعل لها نوعا من الوجود حتى يظهر الكون من العدم للوجود. فنراه مثلا يقول: "... فما خرج موجود عن تأثير وجودي وعدمي. ولا مؤثر في الحقيقة إلا النسب، وهي أمور عدمية عليها روائح وجودية، فالعدم لا يؤثر من غير أن تشم منه روائح الوجود، والوجود لا أثر له إلا بنسبة عدمية"([40]). والعدم المطلق لا أثر له، والوجود يؤثر عن طريق نسبة عدمية. وفى الحقيقة هذه قضية صعب تصورها. أراد ابن عربي حل قضية تأثير النسب، التي لا وجود لها فى نفس الأمر۔ فى عملية الإيجاد. وهذا الحل كما أرى ليس له مستند لا عقلي ولا شرعي لعل مذهبه الأساسي فى الوجود الواحد ( وحدة الوجود) كان مصدر وحيه لنظرية النسب أو القول بها حتى لا يعدد الوجود.
وختاما: نستطيع أن نقول بأن علاج ابن عربي في حل قضية علاقة الصفات بالذات الإلهية عن طريق مفهوم النسب محاولة جيدة ولكنها لم تحل القضية من أساسها، كما أن حلول الأشاعرة والمعتزلة لم تسلم من الانتقادات، ولكن المؤكد أن الكل أراد تنزيه الباري سبحانه تعالى عن التعدد وإن اختلفت الأساليب، ولا شك أن عقيدة التوحيد أخص صفة تتميز بها ديننا الإسلام، ويعتبر ابن عربي من أساطين القول بوحدة الوجود الذي لا يرى وجودين في هذا العالم، وبالتالي حاول إنكار كل مفهوم يؤدي إلى إثبات وجودين واخترع مفهوم النسب حتى لا يثبت صفات زائدة على ذاته تعالى مما يؤدي إلى التعدد. سواء أصاب أم أخطأ في هذه القضية إلا أنه وضع لبنة في الفكر الإسلامي مع الأشاعرة والمعتزلة في شرح قضية كانت من أمهات المسائل بين الفرق الإسلامية. والله أعلم.
أهم المصادر والمراجع:
& القرآن الكريم.
& ابن عربي، محيى الدين، الفتوحات المكية فى معرفة الأسرار المالكية والملكية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى1418هـ-1998م، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع.
& ابن عربي، محيى الدين، كتاب الجلالة، وهو كلمة الله. الهند، مطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية- حيدرآباد الدكن، 1361هـ.
& ابن عربي، محيى الدين، كتاب المسائل، الهند، مطبعة جمعية دائرة المعارف العثمانية -حيدرآباد الدكن، 1367ه.
& ابن عربي، محيى الدين، رسالة الدرة البيضاء. تحقيق وتقديم / سعيد عبد الفتاح. ضمن رسائل ابن عربي، بيروت، ط:1،2002م، مؤسسة الإنتشار العربي.
& الاسفراييني، أبو مظفر، التبصير فى الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرقة الهالكين. بيروت، ط.الثانية1420هـ-1999م، دار الكتب العلمية .
& الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين. تحقيق: محمد محي لدين عبد الحميد، القاهرة، المكتبة المصرية،1411هـ -1990م.
& الجويني، أبو المعالي، بدون ت، الشامل فى أصول الدين. وضع حواشيه عبد الله محمود محمد عمر، بيروت، دار الكتب العلمية، ط:1، بيروت .
& الرازي، فخر الدين، بدون، معالم أصول الدين، مراجعة وتقديم: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية.
& السنوسي، أبو عبد الله محمد بن يوسف، شرح السنوسي على عقيدة أهل التوحيد الكبرى. مع حاشية لإسماعيل الحامدي. مصر، ط.الأولى1354هـ-1936م، مصطفى البابى الحلبى.
& السيالكوتي، عبد الكريم، والثانية للمولى حسن جلبى محمد شاه الف.
& نارى، شرح المواقف، تصحيح السيد محمد بدر الدين النعسانى، القاهرة، ط.الأولى1325هـ-1907م، مطبعة السعادة .
& الشعراني، عبد الوهاب، بدون، اليواقيت والجواهر فى بيان عقائد الأكابر، القاهرة، ملتزم الطبع: عبد الحميد أحمد حنفي .
& الشهرستاني ، محمد عبد الكريم، الملل والنحل. تصحيح وتعليق: الأستاذ أحمد فهمي حمد، بيروت، ط. الأولى 1410هـ-1990م، دار الكتب العلمية.
الهوامش
( [1] ) هو محمد بن على بن عبد الله الطائي الحاتمي الملقب بـ"محيى الدين" و "الشيخ الأكبر"، والمعروف بـ"ابن عربي"، ولد ليلة الإثنين 17 رمضان سنة 560هـ في مرسيه بأندلس، نشأ في بيت علم، واهتم بالعلم والمعرفة منذ نعومة أظفاره وعكف على دراسة جميع العلوم المعروفة في عصره، وتنقل بين البلدان في الشرق والغرب في رحلات علمية واستكشافية. ترك ثروة فكرية عظيمة لا تقدر بثمن، ومن أشهر كتبه الفتوحات المكية، توفي رضي الله عنه سنة 638هـ، ودفن بسفح جبل قاسيون بسوريا. (أنظر ترجمته في: التلمساني، أحمد بن محمد المقري، 1367هـ-1949م، نفح الطيب من غصن أندلس الرطيب، القاهرة ، مطبعة السعادة. جـ1، صـ95. وكحالة، لعمر رضا، بدون تاريخ، معجم المؤلفين، بيروت، مكتبة المثنى، جـ11،صـ40. و بلاثيوس، آسين، 1965م، ابن عربي حياته ومذهبه، ترجمة : د/عبد الرحمن بدوي ، 1965م، القاهرة، مكتبة الإنجلو المصرية ).
( [2] ) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين. لأبي الحسن الأشعري ، تحقيق: محمد محي لدين عبد الحميد، القاهرة، المكتبة المصرية،1411هـ -1990م. 2/177، 483.
( [3] ) الملل والنحل، للشهرستاني ، تصحيح وتعليق: الأستاذ أحمد فهمي حمد، بيروت، ط. الأولى 1410هـ-1990م، دار الكتب العلمية. صـ 1/201.
( [4] ) سورة االمائدة :73.
( [5] ) هم أتباع الإمام أبو الحسن الأشعري المولود بالبصرة سنة 260ه، وإليه ينسب فكر أهل السنة والجماعة، وله مصنفات عديدة في الرد على أهل البدع والزيغ والضلال، وكان له تلاميذ وأتباع، ومن أشهرهم الباقلاني، والجويني، والغزالي، وفكره يدرس في العديد من الجامعات العالمية، وهو يمثل فكر أهل السنة والجماعة مع الإمام الماتريدي. توفي سنة 324ه. ( راجع كتاب تاريخ المذاهب الإسلامية، للإمام محمد أبوزهرة – دار الفكر العربي، القاهرة، صـ 151-164)
( [6] ) معالم أصول الدين، فخر الدين الرازي، مراجعة وتقديم: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية.الرازي، معالم أصول الدين: ص57، وراجع: الجويني، الشامل:ص 308
( [7] ) الإسفراييني هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الملقب بركن الدين. وهو الأصولي الفقيه المتكلم، وله مصنفات في فنون عديدة، منها: جامع الخلي في أصول الدين والرد على الملحدين. توفي سنة 418ه. ( أنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي ، دار الحديث ، القاهرة، طبعة 2006م ، 13/101).
( [8] ) التبصير فى الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرقة الهالكين. أبو مظفر الإسفراييني، بيروت، ط.الثانية1420هـ-1999م، دار الكتب العلمية البغدادي، صـ 152.
( [9] ) اللمع فى الرد على أهل الزيغ والبدع . للإمام أبي الحسن الأشعرى ، صححه وقدم له وعلق عليه: د/ حمودة غرابة ، المكتبة الأزهرية للتراث، بدون تاريخ ، ـ صـ 29.
( [10] ) التبصير في الدين: صـ 152.
( [11] ) والمشهور من مذهب الأشاعرة أنهم لم يثبتو الصفات أعيانا زائدة، بل معاني زائدة قائمة بذاته تعالى. ولعل الذي دعا ابن عربي هو تعريف بعضهم لصفات المعاني بأنها الصفات الوجودية التي لها وجود فى نفسها، فهم يثبتون لها وجودا فى نفسها. (حاشية الصاوى على شرح الخريدة البهية.لأبي البركات أحمد الدردير ، مطبعة الاستقامة . بدون تاريخ، ص76) ولعل ابن عربي اعتبر إثبات الوجود فى نفسها أعيانا زائدة، وينقل أحد العلماء عن جمهور أهل السنة قولهم بعينية الصفات. وهو العلامة السيد عبد الرحيم الكردي الملقب بالمولوي في كتابه الوسيلة في شرح الفضيلة عبد الرحيم الكردي الملقب بالمولوي ( نقلا عن موقع الإمام الرازي من شبكة الإنترنت www.al-razi.net ص538 قال:" وذهب جمهور أهل السنة إلى أنها غير ذاته تعالى وزائدة عليه حيث نطقت النصوص بأنه تعالى حي عالم مريد قادر سميع بصير متكلم، وصدق المشتق على شيء يقتضي ثبوت مأخذ الاشتقاق له، وليس المأخذ الذي هو الحياة والعلم ونظائرهما من الاعتباريات كالإمكان والوجوب والامتناع حتى يقال بزيادتها على الموصوف ذهناً لا عيناً، بل هي حقائق عينية، فإن العلم مفقود في زيد مثلاً، ثم يحصل فيزداد شيئاً فشيئا،ً وبه يحصل التفاوت بين الناس، وليس المراد بهذا الكلام القياس حتى يقال: إن قياس الغائب على الشاهد غير مفيد، مع أن ما يفيده القياس هو الظن، ولا يعتبر في الاعتقاديات، بل المقصود التنبيه على بداهة كونه عينياً بملاحظته في زيد، فإنَّ العلم علم، وإن كان للذات قديماً شاملاً وفينا حادثاً وغير شامل". فدل هذا على أن هناك من الأشاعرة من يرون عينيتها، فاعتراض ابن عربي على الأشاعرة كان فى مكانه.
( [12]) سبقت ترجمته في هامش رقم 7.
( [13] ) الفتوحات المكية فى معرفة الأسرار المالكية والملكية، لمحيى الدين بن عربي، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت. 1/265 .
( [14] ) لأنهم اعتقدوا أن ذاته واحدة لاكثرة فيها بوجه من الوجوه، وإنما الصفات ليست وراء الذات معانى قائمة بذاته، بل هي ذاته، وترجع إلى السلوب واللوازم. ( راجع الملل والنحل– للشهرستاني 1/59).
( [15] ) الفتوحات المكية: 2/607.
( [16] ) المرجع السابق 1/357.
( [17] ) المرجع السابق : 1/357.
( [18] ) شرح المواقف: 8/53.
( [19] ) الفتوحات المكية: 4/295.
( [20] ) المرجع السابق :1/218. 2/112.
( [21] ) المرجع السابق : 1/218.
( [22] ) المرجع السابق: 1/82.
( [23] ) ابن عربي، كتاب المسائل: صـ22.
( [24] ) ابن عربي، كتاب الجلالة: صـ10، راجع الفتوحات المكية: 4/105، وأيضا: 2/607 ، 1/218 ، 4/199 ، 105.
( [25] ) الفتوحات: 4/105، 199.
( [26] ) رسالة الدرة البيضاء. لابن عربي ، ضمن رسائل ابن عربي، بيروت، ط:1،2002م، مؤسسة الإنتشار العربي. صـ 19،و راجع أيضا : اليواقيت والجواهر ، للإمام الشعراني : 1/ 80.
( [27] ) الفتوحات المكية: 2/426 بتصرف.
( [28] ) لا تتصف بالوجود لأن الوجود مشترك زائد على الماهية -عند المعتزلة القائلين بالأحوال- ليس بموجود، وإلا لساوى وجوده وجود غيره فيزيد وجوده، فينقل الكلام إلى هذا الوجود الثانى ثم كذلك ويتسلسل ولا تتصف بالعدم، وإلا لا اتصف الشيء بنقيضه، إذ المعدوم نقيض الموجود فكيف يكون صفة له، فإذن تعين أنه واسطة بين الموجود والمعدوم.( شرح السنوسي على عقيدة أهل التوحيد الكبرى ، أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي، مصطفى البابى الحلبى، 1936م . صـ214)
( [29] ) الفتوحات المكية: 4/223.
( [30] ) راجع الفتوحات المكية: 1/ 58ـ 2/58، 288، 505.
( [31] ) المرجع السابق :1/322.
( [32] ) المرجع السابق : 3/538 ، 3/537، 1/227، 367.
( [33] ) انظر:المرجع السابق: 1/539، 1/283.
( [34] ) النحل:9.
( [35] ) الروم:47.
( [36] ) الأنعام: 54.
( [37] ) الفتوحات المكية: 1/272.
( [38] ) المرجع السابق : 2/505.
( [39] ) المرجع السابق : 3/385.
( [40] ) المرجع السابق : 4/69.
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Article Title | Authors | Vol Info | Year |