2
1
2017
1682060030498_698
31-42
https://jirs.uoh.edu.pk/index.php/JIRS/article/download/277/108
https://jirs.uoh.edu.pk/index.php/JIRS/article/view/277
Fasl Wasl Al-Balaghah ‘Ilm Ul-Bayan Arabic Al-Zamakhshari Fasl Wasl al-Balaghah ‘ilm ul-Bayan Arabic al-Zamakhshari
تمهيد:
الفصل والوصل باب ذو قيمة بلاغية، به تُعرف العلاقة بين الجمل، وهذا هو الذي يجعل القاري متمتعا بأساليب القرآن الكريم. وله حظ وافر في فهم إعجاز القرآن الكريم. وهكذا أُشير إلى ميزته البلاغية فى كتاب "دراسة فى الفصل والوصل": "الفصل والوصل من أهمّ أبواب البلاغة، فيه يعرف وجه اقتران الجمل، وعلاقة المفردات والجمل ببعضها، وكيفية ربط المعاني وبناء بعضها على بعض، فبسببه نجيب عن أسئلة كثيرة: لماذا جاء هذا التركيب أو هذه الجملة مقترنا بالواو وجاء ذلك بدونه؟ ولماذا جاء هذا التركيب أو الجملة مقترنا بالفاء والأخرى ب "ثم" أو غيرها؟ وما علاقة التراكيب ببعضها عند العطف وعدمه؟ وغير ذلك من الأمور لا تتطلع عليها إلا بعض تأمل كثير وتعمق دقيق".[1]
تعريف الفصل والوصل:
الوصل: هو عطف بعض التراكيب أو الجمل على بعض، والفصل: ترك ذلك العطف.[2]
ومواضعهما ستة: أربعة منها يتعين فيها الفصل، وموضعان يتعين فيهما الوصل؛ لأن الواو تفيد الجمع والتشريك، كما أنها تفيد التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه؛ فمقتضى إفادتها الجمع أنها لا تأتي بين أمرين متباينين؛ لعدم وجود جهة جامعة تربط بينهما أو لاختلافهما خبرا وإنشاءً، وهو ما يطلق عليه كمال الانقطاع بلا إيهامٍ.
ومقتضى إفادتها المغايرة أنها لا تأتي بين أمرين متحدين اتحادا تاما في المعنى؛ كأن تكون الثانية تأكيداً للأولى أو بيانا لها أو بدلا منها، فالجملة التي هذه صفتها متصلة بما قبلها اتصالا ذاتياً، ولا تحتاج إلى رابطٍ يربطها بما قبلها، وكيف يأتي الرابط بين الشيء ونفسه، فمثل هذه الجمل يتعين فيها ترك الواو، وهذا يسمى كمال الاتصال. كما أن هناك جملا ليست متصلة بما قبلها اتصالا كاملاً –وإنما هي بمنـزلة المتصلة- وهي الجملة الواقعة جوابا عن سؤالاً اقتضته الجملة الأولى، فمثل هذه الجمل يتعين فيها ترك الواو كما تترك بين سؤال والجواب الصريحين، وهذا يسمى شبه كمال الاتصال. كما أن هناك جملاً بينها وبين ما قبلها مناسبة تسوغ العطف بينهما إلا أن العطف يوهم معنى غير مقصود وهو ما يسمى شبه كمال الانقطاع، فهذه أربعة مواضع يتعين فيها ترك الواو بين الجمل.
فإذا لم تكن الجملتان متحدتين ولا متباينتين ولم يكن بينهما شبه اتحاد ولا شبه تباين، بأن كانتا متناسبتين وفي وضع بين الاتحاد والتباين –وهو ما يتفق مع ما تفيده الواو من الجمع والمغايرة- فالوصل حينئذ واجب، وهو ما يعرف بالتوسط بين الكمالين.
كما أن هناك جملا متباينة –لاختلافهما خبرا وإنشاء- يتعين فيها الفصل، إلا أن الفصل يوهم معنى غير مقصود فمثل هذه الجملة يتعين فيها الإتيان بالواو لدفع هذا الإيهام، وهذا الموضع يسمى كمال الانقطاع مع الإيهام.
مواضع الفصل والوصل
فنلخص من هذا أن المواضع التي يتعين فيها الفصل وهي: كمال الاتصال، شبه كمال الاتصال، كمال الانقطاع بلا إيهام، شبه كمال الانقطاع، وموضعان يتعين فيهما الوصل، وهما: التوسط بين الكمالين وكمال الانقطاع مع الإيهام، قال الإمام عبدالقاهر الجرجاني: "فترك العطف إما للاتصال إلى الغاية، أو الانفصال إلى الغاية، والعطف لما هو واسطة بين الأمرين وكان له حال بين الحالين فاعرفه"[3].
اعلم أن مواضع الفصل والوصل ليست مقصورة على التراكيب أو الجمل التي لا محل لها من الإعراب، وعلى العطف بالواو خاصة، وإنما تتحقق فى الجمل بنوعيها وبالواو وغيرها من حروف العطف.
الفصل والوصل في المفردات، و الجمل التي لها محل من الإعراب
وقد قصر معظم البلاغيين البحث في الفصل والوصل على العطف بالواو دون غيرها من حروف العطف، على الجمل أو التراكيب التي لا محل لها من الإعراب دون غيرها من الجمل التي لها محل من الإعراب، ودون المفردات.
وحجتهم في ذلك: أن الوقوف على سر الفصل والوصل في العطف بالواو وتركه، وفي الجمل التي لا محل لها من الإعراب، أمر خفي دقيق، يحتاج إلى كثرة تأمل وإعمال فكر، فخُص بالدارسة لخفائه ودقته.
أما المفردات والجمل التي لها محل من الإعراب، والعطف بغير الواو فمعرفة سر الفصل والوصل فيها أمر ظاهر جلي؛ وذلك وجود الحكم الإعرابي في المفرادت، والجمل التي لها محل من الإعراب، فهي بمنـزلة المفرد. وهذا الحكم الإعرابي يكفي في معرفة وجه الجمع بينها. وكذلك العطف بغير الواو الأمر فيها ظاهر، لإفادة هذه الحروف معاني خاصةً مع اشتراكها مع الواو في إفادة التشريك والجمع، كإفادة الترتيب مع التعقيب من الفاء، والترتبيب مع التراخي من ثم، وغيرهما من حروف العطف التي تفيد معنى زائداً عن مجرد الجمع والتشريك، ومعاني هذه الحروف تكفي في معرفة وجه الفصل والوصل بها.
وما ذهب إليه البلاغيون من وضوح أمر الفصل والوصل في المفرادات، والجمل التي لها محل من الإعراب، وفي العطف بغير الواو أمر ليس مسلما به على عمومه؛ لأن العطف في المفرادات، والجمل التي لها محل من الإعراب، والعطف بغير الواو لا يخلو من دقائق وأسرار تجعل معرفة وجه الفصل والوصل فيها أمراً خفياً، كما أن اشتراط تحقق المناسبة الخاصة بين المعطوف والمعطوف عليه أمر مشترك في المفردات، والجمل بنوعيها في العطف بالواو وغيرها، وأيضاً ما ذكره البلاغيون من مواضع الفصل والوصل تجري جميعها في الجمل بنوعيها؛ بل إنهم استشهدوا كثيراً بالجمل التي لها محل من الإعراب في مواضع الفصل والوصل.
فلا وجه لتخصيص مبحث الفصل والوصل بنوع من الجمل دون نوع آخر، وبحرف من حروف العطف دون بقية الحروف؛ لأن" الجملة التي لا محل لها وغيرها سيان في اقتضاء العطف وعدمه، والواو وغيرها سواء في اقتضاء الوصل وعدمه، فليس المعتبر غير الجهة الجامعة، سواء أكانت الجملة الأولى لها محل أم لا، وسواء أكان العطف بالواو أم بغيرها. ".[4]
وهذا هو رأي الدكتور محمد محمد أبو موسى "سوف نذهب في دراسة هذا الباب مذهباً آخر، فندخل فيه العطف وتركه في المفرادات، والجمل التي لها محل من الإعراب، والاستئناف الذي انتظم عندنا في صور ثلاثة: الاستئناف البياني، والاستئناف بالواو، والفاء، والاستئناف من غير واو ولا فاء، وهو المسمى كمال الانقطاع وذلك كله لاعتبارات رأينا في إهمالها إهداراً لأسرار ومعان لا يجوز أن تهدر وسوف تظهر في تناولنا إن شاء الله. "[5] .
ولأجل هذا اتخذ الإمام عبد القاهر عطف المفردات مدخلاً لحديثه عن الجمل، فيقول: "واعلم أن سبيلنا أن ننظر إلى فائدة العطف في المفرد، ثم نعود إلى الجملة فننظر فيها، ونتعرف حالها".[6]
الزمخشري ودراسة الفصل والوصل في الكشاف
هذا هو السبب الذى لم يقتصر العلامة الزمخشري دراسة الفصل والوصل فى الكشاف على الجمل التى ليس لها محل من الإعراب، وعلى العطف بالواو فقط، بل أورد الأسئلة والأجوبة فى الجمل التى لها محل من الإعراب، والمفردات، وكذلك فى العطف بغير الواو من بقية حروف العطف.
فهو فرض السؤال فى تفسير آية من سورة المائدة وهى: "وَأَنِ احْكُـم بَيْنَهُم بِمَا أَنْـزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِـع أَهْوَاءَهُـم..."[7] ويقول: "فإن قلت: "وأن احكم بينهم" معطوف على ماذا؟ قلت: على "الكتاب" فى قوله: "وأنزلنا إليك الكتاب" كأنه قيل: وأنزلنا إليك أن احكم، على أنَّ "أن" وصلت بالأمر؛ لأنه فعل كسائر الأفعال، ويجوز أن يكون معطوفاً على "بالحقِّ" أي: "أنزلناه بالحق وبأن احكم".[8]
وكذلك قال فى تفسير آية من سورة الأنعام وهي: "الحَمـدُ للهِ الذِى خَلَقَ السَّمـواتِ والأرضَ وَجَـعَلَ الظُّلُمـتِ والنُّور ثُمَّ الـذِيْنَ كَفَرُوا بِرَبِّهِـم يَعْدِلُـون"[9] : "فإن قلتَ: على ماذا عطف قوله: "ثم الذين كفروا بربهم يعدلون"؟ قلت: هو إما معطوف على قوله: "الحمد لله" على معنى: أنَّ الله حقيق بالحمد على ما خلق؛ لأنه ما خلقه إلا نعمةً، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته، وإما على قوله: "خلق السموات" على معنى: أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه، ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شىء منه"[10]
سيبويه ودراسة الفصل والوصل في "الكتاب"
فقد اهتم سيبويه في كتابه "الكتاب" بعطف المفردات، وبيان أدواته ومعانيها، وهذه الدراسة منتشرة في معظم كتابه، منها ما ذكره في (باب ما أشرك بين الاسمين في الحرف الجار فجريا عليه كما أشرك بينهما في النعت فجريا على المنعوت).
وذلك قولك: مررت برجل وحمار قبل. فالواو أشركت بينهما في الباء فجريا عليه، ولم تجعل للرجل منـزلة بتقديمك إياه يكون بها أولى من الحمار، كأنك قلت مررت بهما. فالنفي في هذا أن تقول: ما مررت برجل وحمار، أي ما مررت بهما، وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا بشيء مع شيء، لأنه يجوز أن تقول: مررت بزيد وعمرو والمبدوء به في المرور عمرو، " ويجوز أن يكون زيداً " ، ويجوز أن يكون المرور وقع عليهما في حالة واحدة.
فالواو تجمع هذه الأشياء على هذه المعاني.
ومن ذلك "قولك": مررت بزيد فعمرو، ومررت برجل فامرأة. فالفاء أشركت بينهما في المرور، وجعلت الأول مبدوءاً به. ومن ذلك: مررت برجل ثم امرأة، فالمرور ههنا مروران، وجعلت ثُمَّ الأول مبدوءاً به وأشركت بينهما في الجر."[11]
ولا تذكر الواو ولا تأتي بين النعت والمنعوت إلا إذا كان الموقف موقف تعديد للصفات، أو بحسب المعاني الدالة على ذلك. هذا ما عالجه الإمام سيبويه في (باب مجرى النعت على المنعوت)،" فأما النعت الذي جرى على المنعوت فقولك: مررت برجل ظريف قبل، فصار النعت مجروراً مثل المنعوت؛ لأنهما كالاسم الواحد. فإن أطلت النعت فقلت: مررت برجل عاقل ٍكريمٍ مسلمٍ، فأجره على أوله."[12]
وقال بعد صفحات: "ومنه: مررت برجلٍ راكب وذاهب، واستحقَّهما لا لأن الركوب قبل الذهاب. ومنه: مررت برجل راكب فذاهب استحقهما إلا أنه بيَّن أن الذهاب بعد الركوب، وأنه لا مهلة بينهما وجعله متصلاً به. ومنه: مررت برجل راكب ثم ذاهب، فبيَّن أن الذهاب بعده، وأن بينهما مهلة، وجعله غير متصل به فصيَّره على حِدةٍ."[13]
كما ذكرت سابقا أن البلاغيين قصروا مبحث الفصل والوصل على عطف التراكيب أو الجمل على التراكيب أو الجمل التي لا محل لها من الإعراب وتركه، وبالواو خاصة دون حروف العطف الأخرى، وذكروا له ستة مواضع. وهي كمال الاتصال، وكمال الانقطاع، والتوسط بين الكمالين. وشبه كمال الاتصال، وشبه كمال الانقطاع، وكمال الانقطاع مع الإيهام.
والإمام سيبويه في كتابه لم يصرح بهذه المصطلحات، ولم يعالجها معالجة البلاغيين، وبالرغم من ذلك فإن له نصوصاً تدلّ على بعض أنواع الفصل والوصل.
من ذلك ما ذكره في (باب بدل المعرفة من النكرة، والمعرفة من المعرفة، وقطع المعرفة من المعرفة مبتدأة) بقوله: "وأما الذي يجيء مبتدأ فقول الشاعر، وهو مُهلهلٌ:
ولقد خبَطنَ بيوتَ يَشكُرَ خَبطةًأخوالُنا هُمُ بنو الأعمامِ
كأنه حين قال: خبطنَ بيوت يشكرَ قيل له: وما هم؟ فقال: أخوالُنا وهم بنو الأعمام.
وقد يكون مررتُ بعبد الله أخوك، كأنك قلت: مررت برجل كامل؛ لأنك أردت أن ترفع شأنه ، وإن شئت استأنفت ، كأنه قيل له: مَن هو؟"[14].
فما ذكره الإمام سيبويه من أمثلة يدخل في مباحث فصل الجمل، أو ما يسمى (بكمال الاتصال) إذا كانت الجملة الثانية بدلا من الأولى، أو ما يسمى (بشبه كمال الاتصال) إذا كانت الجملة الأولى تتضمن سؤالاً وتقع الجملة أو الآية الثانية جواباً عنه، فتفصل الثانية عنها، كما يُفصل الجواب عن السؤال، ويُسمّى عدم إتيان الواو بين الجملتين حينئذ استئنافا بيانيا. وهذا ما ذكره الإمام سيبويه حين جعل الجملة الثانية استئنافاً عن الجملة الأولى.
ولإمام سيبويه إشارة أخرى لذلك المعنى في (باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمَراً) قال فيها: "وأمّا قولهم: نعم الرجل عبد الله، فهو بمنـزلة: ذهب أخوه عبد الله، عمل نِعم في الرجل ولم يعمل في عبد الله. وإذا قال: عبد الله نعمَ الرجلُ، فهو بمنـزلة: عبد الله ذهب أخوه؛ كأنه قال نِعمَ الرجلُ فقيل له مَن هو؟ فقال: عبد الله. وإذا قال عبدُ الله، فكأنه فقيل له: ما شأنه؟ فقال: نِعم الرجل."[15]
الاستئناف بين النحاة والبلاغيين
تجدر الإشارة هنا إلى أنه لا خلاف بين الاستئناف الذي يلهج به النحاة، والاستئناف الذي يهتم به البلاغيون. أو بينه وبين القطع. "وإن كان القطع يطلق على نهاية الخبر الأول، والاستئناف يطلق عند بداية الخبر الثاني مع ما فيهما من ترادف".[16]
هذا هو الاستئناف الذى أشار إليه العلامة الزمخشري في تفسير قوله -تعالى-: )وَبَيْنَـهُمَا حِجَـابٌ وَعَـلَى الْأَعْـرافِ رجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنادَوْا أَصْحَابَ الْجَنةِ أَنْ سلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهمْ يَطْمَعُون(.[17] فيقول: "فإن قلت: ما محل قوله: لم يدخلوها وهم يطمعون؟ قلت: لا محل له، لأنه استئناف؛ كأن سائلاً سأل عن حال أصحاب الأعراف فقيل: لم يدخلوها وهم يطمعون، يعني حالهم أنّ دخولهم الجنة استأخر عن دخول أهل الجنة، فلم يدخلوها لكونهم محبوسين وهم يطمعون لم ييأسوا. ويجوز أن يكون له محل، بأن يقع صفة لرجال".[18]
والإمام سيبويه أول من اشترط الجامع بين المعطوف والمعطوف عليه، فلا يجوز عنده عطف الإنشاء على الخبر لعدم وجود الجامع بينهما، بيد أن بعض العلماء يتناقلون أن عطف الجملتين المختلفتين خبرا وإنشاء عند الإمام سيبويه، وهذا ما يطلق عليه كمال الانقطاع عند البلاغيين، وهم لا يجيزون معه الوصل بين الجملتين لعدم تحقق ما ألزموا به أنفسهم من ضرورة وجود ذلك التشريك الإعرابي، والجامع بين الموصولين عقلياً كان أم وهمياً أم خيالياً.
ومن أهم هؤلاء العلماء أبو حيان الأندلسى صاحب تفسير البحر المحيط، والآخرون من النحاة والبلاغيين تناقلوا مذهبه ذلك من نصه وهو "فعلى هذا يجوز عطف الجملة الخبرية على الجملة غير الخبرية وهذه المسئلة فيها اختلاف ذهب جماعة من النحويين إلى اشتراط اتفاق المعانى، والصحيح أن ذلك ليس بشرط وهو مذهب سيبويه".[19]
ولكن وجدت في كتابه "الكتاب" عبارة تدل على عدم جوازه وهو: (واعلم أنه لا يجوز: مَن عبد الله وهذا زيدٌ الرجلين الصالحين، رفعتَ أو نصبتَ؛ لأنك لا تُثني إلا على من أثبتّه وعلمتَه، ولا يجوز أن تَخلِط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنـزلة واحدة، وإنما الصفة علَمٌ فيمن قد علمتَه."[20]
فالإمام سيبويه لا يجيز مثل هذا التعبير ؛ لأن فيه وصفاً للمجهول بصفة المعلوم؛ إذ كان عبد الله مستفهما عنه، فهو في حكم المجهول، والآخر زيد مخبراً به، فهو في مقام معلوم، وحينئذ لا يجوز وصفهما معاً بصفة واحدة، وهذا لا يدل كما فهم أبو حيان على تجويز سيبويه عطف الإخبار على الإنشاء أو العكس.
هل تجب وجود الجهة الجامعة بين المعطوف والمعطوف عليه؟
تأثراً بسيبويه فرض العلامة الزمخشرى سؤالاً –وهو يدل على وجوب وجود الجهة الجامعة بين المعطوف والمعطوف عليه فى تفسير آية من سورة الغاشية وهي: ﴿أفَـلَا ينْظـُرونَ إلَى الإبِـلِ كَيـفَ خُلقَـتْ وإلَى السَّـمَاءِ كَيفَ رُفِـعتْ٭ وإلى الجبـال كيف نصبت٭وإلى الأرض كيف سطحتِ٭﴾([21]) فهو يقول: "فإن قلت: كيف حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض ولا مناسبة؟([22]) والعلامة أجاب عن هذا السؤال بوجهين: أحدهما أن فى الآية الأولى من هذه الآيات الكريمة وهى ﴿أفَلَا ينْظُرونَ إلَى الإبِلِ كَيفَ خُلقَتْ٭﴾ استعارة مصرحة حيث شبه السحاب بالإبل: ثم حذف المشبه وصرح بالمشبه به ووجه الشبه بينهما كثرة المنافع مع العلو، والقرينة ذكره مع السماء والجبال؛ فإن السحاب يلابسهما ويلائمهما. ففى هذه الصورة مناسبة الإبل مع السماء والجبال والأرض واضحة. هذا ما أشار إليه صاحب فتوح الغيب: "استعار الإبل للسَّحاب بعد التشبيه به، والقرينة انضمامه مع السماء والجبال"[23]
وثانيهما: أن "الإبل" فى هذه الآية الكريمة على معناه المشهور وليست فيه الاستعارة، ومناسبته السماء والجبال والأرض أن القرآن نزل على لغة العرب، ومعظمهم كانوا من أهل البوادى، وكان خيار أموالهم الإبل ومدار السقي لهم على ماء السماء ورعيهم فى الأرض والجبال أيضاً، وهذه المذكورات مركوزة على خيال أهل البادية على هذا الأسلوب وإن لم يكون كذلك عند الحضرى فإن جمعه على مجرى الإلف والعادة، ولما كان المخاطبون هم العرب وأكثرهم أهل البادية فأمروا بحسب المعنى بالنظر إلى ما هو الحاضر فى خيالهم.
عطف الإنشاء على الخبر
تطبيقاً لهذه القاعدة قال العلامة الزمخشري في تفسير آية من سورة البقرة وهي: )فَـإِنْ لَمْ تَفْعَلُـوا وَلَنْ تَفْـعَلُوا فَاتَّقُـوا النَّـارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّـاسُ وَالْحِجَـارَةُ أُعِدَّتْ لِلْـكَافِرِينَ * وَبَشِّـرِ الَّذِيـنَ آَمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ أَنَّ لَهُـمْ جَنَّـاتٍ تَجْـرِي مِـنْ تَحْتِهَـا الْأَنْهَارُ ... الآية(.([24]) فيقول:
"فإن قلت: على ماذا عطفت آية "وبشر الذين ءامنوا..." ولم يذكر قبله أمر ولا نهي حتى يصح عطفها عليه؟ قلت: لم يراعِ فى هذا العطف الأمر حتى نبحث عن أمر أو نهي ليصح عطفه عليه، بل روعيت قصة وصف ثواب المؤمنين فهي عطفت على قصة وصف عقاب الكافرين كما يقال: زيد يُعاقَب بالقيد والإرهاق، وبشِّر عمراً بالعفو والإطلاق. ويجوز لك أن تقول: أو هو معطوف على قوله: "فاتقوا"، كما تقول: يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم، وبشِّر يا فلان بني أسد بإحساني إليهم. وفي قراءة زيد بن عليّ -رضي الله عنه- ألا وهي: "وَبُشِّرِ" على صيغة الفعل المجهول فهو معطوف على "أعدّت"."[25]
والعلامة الزمخشري في تحليله الأول يتفقد نوعاً من أنواع العطف التي توقف عندها الإمام عبد القاهر، وأسماه عطف مجموع جمل على مجموع جمل أخرى. أو عطف قصة على قصة. وهو لون لا يشترط فيه –كما ذهب العلامة الزمخشري- التناسب اللفظي من حيث الإخبار، أو الطلب الذي لهج به جمهور النحاة والبلاغيين، فالمشهور عند الجمهور من البلاغيين امتناع عطف الجملتين خبراً وإنشاء، بيد أن بعض البلاغيين يثبتون من النص السابق للعلامة الزمخشرى أنه كان يجيز عطف الإنشاء على الخبر، فقد ذكر سيف الدين الأبهري، والعلامة التفتازانى أن صاحب الكشاف لم يجعل التباين بين الجملتين خبراً وطلباً موجباً للفصل، وقال –أى الزمخشرى- إذا كان بينهما مناسبة جاز عطف إحداهما على الأخرى.[26]
والحقيقة أن الزمخشرى لم يقل هذا، وهو منه براء؛ لأن المتأمل فى هذا الكلام يجد أن العلامة الزمخشرى صرح بداية بأنه لا يجوز عطف الإنشاء على الخبر، وهو ما عناه بقوله: "ليس الذى اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له كل من أمر أو نهى يعطف عليه" فالأمر لا يعطف إلا على أمر أو نهى، والعطف فى هذه الآية ليس من هذا القبيل، إنما هو من قبيل عطف مضمون كلام على مضمون كلام آخر؛ أى عطف قصة وصف ثواب المؤمنين على قصة وصف عقاب الكافرين، وهذا ضرب من الوصل غير الوصل بين الجملتين، الذى يجب فيه الاتفاق فى الخبرية والإنشائية. فعطف ﴿وَبَشِّرِ﴾ فى هذه الآية "ليس من باب عطف الجملة على الجملة ليطلب مناسبة الثانية مع الأولى، بل من باب ضم جملة مسوقة لغرض إلى أخرى مسوقة لآخر، والمقصود بالعطف المجموع وشرطه المناسبة بين الغرضين"[27]
ويجوز لك أن تجعل العطف فى الآية من قبيل عطف الجملة، بشرط أن تقدر معطوفا عليه أمراً ليكون متفقا مع المعطوف، وقد اختلف البلاغيون حول تقدير المعطوف عليه، فمنهم.[28] من قدر "قل" قبل ﴿يَا أَيُّهَا النَّـاسُ اعْبُـدُوا رَبَّكُـمُ﴾،[29] ومنهم.[30] من قدره قبل ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُـوا ولَن تَفْعَلُـوا﴾. وقال الخطيب.[31] ان المقدر "فأنذرهم" قبل المعطوف مباشرة أى: فأنذرهم وبشر الذين آمنو.
نلخص من ذلك إلى أن الخبر لا يعطف على الإنشاء، والواو التى تقع بين الخبر والإنشاء إما أن تكون لعطف القصة على القصة، وإما أن تكون لعطف الجملة على الجملة، والمعطوف عليه مقدر، أو إن احدى الجملتين ضمنت معنى الأخرى، ولا تقدير. كما فى قوله –تعالى-: ﴿وَأُخْـرى تُحِبُّونَهَـا نَصْـرٌ منَ اللهِ وَفتْـحٌ قريبٌ وَبَشّـِر المُؤمِنيـنَ﴾[32] فقد ذهب العلامة الزمخشري إلى أن ﴿وَبَشِّرِ﴾ معطوف على "تؤمنون"؛ لأنها فى معنى الأمر، أى: آمنوا، بدليل جزم الجواب فى قوله: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ﴾،[33] وقيل إن ﴿وَبَشِّرِ﴾ معطوف على مقدر دل عليه ما قبله، أى: فأبشر يا محمد وبشر المؤمنين.[34]
وفرضه السؤال فى تحليل آية من سورة فاطر وهى: ﴿وَهُـم يصْـطرخُون فيهَـا ربَّنـا أخرجْنـا نَعمَـل صَالِحاً غَيـر الَّـذِى كُنَّـا نَعمَـل أوْ لَم نُعمِّركُـم مَا يَتَـذَكَّر فِيه مـن تـذكَّر وَجَاءَكُـم النّـذِير فَذُوْقُـوا فَـمَا لِلـظَّالِمِين مِن نَصِـير﴾[35] دليل واضح على مذهبه فى عدم جواز عطف الخبر على الإنشاء والعكس، ورد واضح على الذين يتهمونه بالجواز. فهو يقول: "فإن قلت: على ما عطف "وجاءكم النذير"؟ قلت: على معنى "أولم نعمركم"؛ لأن صيغته صيغة استخبارٍ، ومعناه معنى إخبار، كأنه قيل: قد عمّرناكم وجاءكم النذير[36].
فالعلامة الزمخشري أشار فى هذا الجواب أن الجملة "وجاءكم النذير" معطوفة على جملة "أولم نعمركم" والعطف محمول على معنى "أولم نعمركم" لا على لفظه؛ لأن لفظه إنشاء، ولفظ المعطوف ومعناه خبر، ولا يجوز عطف الخبر على الإنشاء بلا تأويل، والتأويل هنا أن "أولم نعمركم" وإن كان إنشاء صورة لكنه خبر فى المعنى؛ لأن الاستفهام فيه للتقليل والتثبيت، فالمعنى: أمرناكم قدر ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ولم يبق لكم عذرٌ فى ترك التذكر.
وكذلك أورد أسئلة كثيرة تتعلق بعطف الصفات بعضها على بعض تأثرا بالإمام سيبويه، ومن ضمنها قوله عند تفسير قوله تعالى )وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا(.[37] فيقول: "فإن قلت: ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات؟ قلت: إما أن تدلّ على ترتب معانيها في الوجود، كقوله:
يا لَهـفَ زيـابـة لِلـْحَـرْثِ الـ صّــَابِـحِ فالغــانمِ فـالآيِـبِ
كأنه قيل: الذي صبَّح فغنم فآب، وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه، كقولك: خذ الأفضل فالأكمل، واعمل الأحسن فالأجمل. وإما على ترتيب موصوفاتها في ذلك؛ كقوله: "رحم الله المحلقين فالمقصرين" فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات فإن قلت: فعلى أي هذه القوانين هي فيما أنت بصدده؟ قلت: إن وحدت الموصوف كانت للدلالة على ترتب الصفات في التفاضل، وإن ثلثته فهي للدلالة على ترتب الموصوفات فيه، بيان ذلك: أنك إذا أجريت هذه الأوصاف على الملائكة وجعلتهم جامعين لها، فعطفها بالفاء، يفيد ترتباً لها في الفضل: إما إن يكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة، وإما على العكس، وكذلك إن أردت العلماء، وقواد الغزاة. وإن أجريت الصفة الأولى على طوائف والثانية والثالثة على أخر، فقد أفادت ترتب الموصوفات في الفضل، أعني أن الطوائف الصافات ذواتُ فضل، والزاجرات أفضل، والتاليات أبهر فضلاً، أو على العكس ، وكذلك إذا أردت بالصافات: الطير، وبالزاجرات: كل ما يزجر عن معصية، وبالتاليات: كل نفس تتلو الذكر، فإن الموصوفات مختلفة."[38]
ومن ضمن الأسئلة التى تتعلق بعطف المفردات، وقد اهتم بهذا الجانب كثيرا، قوله في تفسير قوله –تعالى-: )لَـنْ يَسْتَنْكِـفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُـونَ عَبْـدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَـةُ الْمُقَرَّبُـونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِـفْ عَـنْ عِبَـادَتِهِ وَيَسْتَكْبِـرْ فَسَيَحْشُرُهُـمْ إِلَيْهِ جَمِيـعًا(.[39] فيقول:
"فإن قلت: علام عطف قوله: "وَلاَ الملائكة" ؟ قلت: هذا لا يخلو إمّا أن يكون معطوفاً على "المسيح"، أو على اسم "يكون" أو على الضمير المستتر في "عبداً" لما فيه من معنى الوصف؛ لدلالته على معنى العبادة، كقولك: مررت برجلٍ عبد أبوه؛ فالعطف على المسيح هو الظاهر، لأداء غيره إلى ما فيه بعض انحراف عن الغرض، وهو أن المسيح لا يأنف أن يكون هو ولا من فوقه موصوفين بالعبودية، أو أن يعبُد الله هو ومن فوقه."[40]
وكذلك في تفسير قوله –تعالى-: )وَأَنْ أَقِيمُـوا الصَّـلَاةَ وَاتَّقُـوهُ وَهُوَ الَّـذِي إِلَيْـهِ تُحْشَـرُونَ(.[41] فيقول:"فإن قلت: علام عطف قوله: "وَأَنْ أَقِيمُواْ"؟ قلت: على موضع "لِنُسْلِمَ" كأنه قيل: وأمرنا أن نسلم، وأن أقيموا، ويجوز أن يكون التقدير وأمرنا لأن نسلم ولأن أقيموا، أي: للإسلام ولإقامة الصلاة."[42]
فضل السبق في الإشارة إلى الفصل والوصل
من كل هذه التفاصيل وصلت إلى نتيجة أنه كان لسيبويه فضل السبق في الإشارة إلى الفصل والوصل. مع أنه لم يصرح بهذا المصطلح ولكن في كتابه وعباراته تلميحات إليه، كما ذكرت سابقاً.
والدكتور عبد الفتاح لاشين يثبت هذا الفضل للقاضي عبد الجبار ونقل عبارته من المغنى في تفسيره قوله -تعالى-: )هُـوَ الَّـذِي أَنْزَلَ عَلَيْـكَ الْكِتَـابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَـمَاتٌ هُـنَّ أُمُّ الْكِتَـابِ وَأُخَـرُ مُتَشَـابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِيـنَ فِي قُلُوبِهِـمْ زَيْـغٌ فَيَتَّبِعُـونَ مَا تَشَابَـهَ مِنْـهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَـةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِـهِ وَمَا يَعْلَـمُ تَأْوِيلَـهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُـونَ فـِي الْعِلْمِ يَقُولُـونَ آَمَنَّا بِهِ كُـلٌّ مِنْ عِنْـدِ رَبِّنَـا وَمَا يَـذَّكَّرُ إِلَّا أُولُـو الْأَلْبَـابِ(.[43]
وعلق عليه وقال: "وقد كانت هذه بداية علمية طيبة من القاضي عبد الجبار كانت لها ثمارها الطيبة فيمن بعده وآثارها العلمية فيمن وليه من العلماء. ونقول: بداية علمية؛ لأن حديث للفصل والوصل نراه عند الجاحظ إذ يقول: وقيل للفارسي: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل والوصل. ولكن ما هو؟ ليس عنده إشارة أو تفصيل سوى ذلك."[44]
ومع كل هذا أصبحت شجرة الفصل والوصل ذات ثمرة على يد الإمام عبد القاهر الجرجاني، وله في هذا الباب خلق وإبداع لم يسبقه فيه سابق.
كما تأثر العلامة الزمخشرى بسيبويه كذلك تأثر الإمام الفراء وقد فرض سؤالاً فى تفسير آية سورة إبراهيم وهي: )وَإِذْ قَالَ مُـوسَى لقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمـةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَـاكُمْ مِنْ آَلِ فِـرْعَوْنَ يَسُومُونـكُمْ سُوءَ الْعَـذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُـونَ نِسَـاءَكُمْ وَفِي ذَلِـكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُـمْ عَـظِيمٌ(.[45] وهو: "فإن قلت: في سورة البقرة "يُذَبّحُونَ" وفي الأعراف "يَقْتُلُونَ" وههنا "وَيُذَبِّحُونَ" مع الواو؛ فما الفرق؟ قلت: الفرق أنّ التذبيح حيث تركت الواو جُعل تفسيراً وتحليلا للعذاب وموضحا له، وحيث أثبتت الواو جُعل التذبيح؛ لأنه يؤدي معنى جنس العذاب بطريقة حسنة، أي أنه أوفى على جنس العذاب، وزاد عليه زيادة ظاهرة –كأنه نوع أو جنس آخر".[46]
وهذا ما أشار إليه الإمام الفراء قبله بزمن، حيث قال: "ويذبحون" وفي مكان آخر "يذبحون" بدون واو، وفي آية أخرى "يقتلون" بغير واو، فمعنى الواو أنهم يمسهم العذاب غير التذبيح، كأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح، ومعنى ترك الواو كأنه تفسير لصفات العذاب".[47]
التوافق بين عبارتيها من حيث المعنى يدل أن العلامة الزمخشري تأثر بالإمام الفراء، بل عبارته أكثر وضوحاً وقريبا إلى الفهم من عبارة العلامة الزمخشري.
نتائج البحث
من خلال هذا البحث توصلت إلى بعض النتائج، أهمها:
- لا يجوز عطف الإنشاء على الخبر وهذا هو مذهب الجمهور، ولم يخالفهم العلامة الزمخشري، بل الأجاب عن الآية التى فيها عطف الإنشاء على الخبر حسب الظاهر، ألا وهي "وبشر الذين ءامنوا..." أن فيها عطف القصة على القصة، وليس عطف الإنشاء على الخبر كما توهم بعض المحققين واتهم العلامة الزمخشري بجواز هذا العطف .
- أن موضوع الفصل والوصل من أدق موضوعات علم البلاغة، ووسيلة من وسائل إبراز الجمال بين الجمل.
- الإمام سيبويه من السابقين الأولين الذي عالج سر هذا اللون البلاغي فى مواضع من تأليفه العظيم (الكتاب) وأشار إلى بعض أنواعه.
- لقد كان لعلماء النحو والبلاغة والمفسرين على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم جهودا مشكورة فى الكشف عن أسرار الفصل والوصل .
- إن لثنائية الفصل والوصل رسالة كبيرة وأثرا عظيماً فى إثراء المعاني القرآنية .
- القرآن الكريم كان يزاوج فى تلوينه للعبارة بين الفصل والوصل فى مخاطبته للطبيعة العربية.
- قد يكون الفصل أبلغ من الوصل ويزيد الأسلوب جزالة وفخامة.
- الإمام عبدالقاهر الجرجاني أول من تناول الفصل والوصل وأسرارهما البلاغية فى كتابيه العظيمين "أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز" .
حوالہ جات
- ↑ الهوامش والمصادر - الدكتور عادل محمد محمد الأكرت، دراسة في الفصل والوصل، الطبعة الأولى، هـ1423/2003م، الناشر هو المؤلف، صـ 4.
- ↑ - جلال الدين محمد بن عبد الرحمن المعروف بالخطيب القزوينى، الإيضاح فى علوم البلاغة، تحقيق: الدكتور أحمد شتيوي، الطبعة الأولى،هـ1435/2014م، دار الغد الجديد، القاهرة – مصر، صـ 169.
- ↑ - عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي، دلائل الإعجاز، تحقيق: أبو فهر محمود محمد شاكر، الطبعة الثالثة، عام 1413 هـ /1992م، مطبعة المدني، القاهرة – مصر، صـ 243.
- ↑ - بهاء الدين السبكى، عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح، تحقيق: عبد الحميد هنداوى، الطبعة الأولى، عام 1423 هـ/2003م، المكتبة الوقفية، القاهرة – مصر، جـ 3، صـ 5.
- ↑ - الدكتور محمد محمد أبو موسى، دلالات التراكيب دراسةً بلاغيةً، الطبعة الخامسة، عام 1435 هـ /2014م، مكتبة وهبة، القاهرة-مصر، صـ 284.
- ↑ - عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي، دلائل الإعجاز، تحقيق: أبو فهر محمود محمد شاكر، الطبعة الثالثة، عام 1413 هـ/1992م، مطبعة المدني، القاهرة – مصر، صـ 306.
- ↑ - المائدة، الآية 49.
- ↑ - أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى الخوارزمى، الكشاف عن حقائق التـنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل، تحقيق: يوسف الحمادى، الطبعة الأولى، [ب ت]، مكتبة مصر، القاهرة – مصر، جـ 2، صـ 33.
- ↑ - الأنعام، الآية 1.
- ↑ - الكشاف، جـ 2، صـ 78.
- ↑ - أبو بشر عمرو بن عثمان بن قمر، الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، الطبعة الثالثة، هـ1427/2006م، مكتبة الخانجى، القاهرة-مصر، جـ 1، صـ 438.
- ↑ - الكتاب، جـ 1، صـ 421.
- ↑ - الكتاب، جـ 1، صـ 429.
- ↑ - الكتاب، جـ 2، صـ 16.
- ↑ - الكتاب، جـ 2، صـ 176-177.
- ↑ - الدكتور عبد القادر حسين، أثر النحاة في البحث البلاغي، الطبعة الأولى، [ب ت]، مكتبة دار غريب، القاهرة-مصر، صـ 96.
- ↑ - الأعراف، الآية 46.
- ↑ - الكشاف، جـ 2، صـ 159.
- ↑ - محمد بن يوسف المعروف بأبى حيان الأندلسي الغرناطي، البحر المحيط، الطبعة الثانية، عام 1403 هـ/1983م، دار الفكر، بيروت-لبنان، جـ 1، صـ 110.
- ↑ - الكتاب، جـ 2، صـ 60.
- ↑ - الغاشية، الآية 17-20.
- ↑ - الكشاف، جـ 4، صـ 584.
- ↑ - شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي، فتوح الغيب فى الكشف عن قناع الريب، الطبعة الأولى، عام 1434 هـ /2013 م، جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، جـ 16، صـ 412.
- ↑ - البقرة، الآية 24، 25.
- ↑ - الكشاف، جـ 1، صـ 253.
- ↑ - سيف الدين الأبهرى، علم المعانى فى شرح الفوائد الغياثية، تحقيق: الدكتور عادل محمد محمد الأكرت، رسالة دكتوراه، مخطوط بمكتبة كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهر، القاهرة-مصر، صـ 370، المطول، سعد الدين مسعود بن عمر التفتازانى، تحقيق: الدكتور عبد الحميد الهنداوى، الطبعة الثالثة، عام 1434 هـ/2013م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، صـ 263.
- ↑ - السيد الشريف الجرجاني، حاشية السيد على المطول، مطبعة أحمد كامل، هـ1330، صـ 263، وحاشية السيد على الكشاف، السيد الشريف الجرجاني، الطبعة الأولى، عام 1428 هـ/2008م، دار الفكر، بيروت-لبنان، جـ 1، صـ 253.
- ↑ - أبو يعقوب يوسف بن محمد بن علي السكاكى، مفتاح العلوم، تحقيق: الدكتور عبد الحميد هنداوي، الطبعة الأولى، عام 1420هـ/2000م، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، صـ 113.
- ↑ - سورة البقرة، الآية 21.
- ↑ - الخلخالى، مفتاح تلخيص المفتاح، تحقيق: الدكتور هاشم محمد هاشم، رسالة دكتوراه، مخطوط بمكتبة كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهر، القاهرة-مصر، جـ 2، صـ 333.
- ↑ - الإيضاح فى علوم البلاغة، صـ 94.
- ↑ - الصف، الآية 13.
- ↑ - الصف، الآية 12، الكشاف جـ 4، صـ 99-100.
- ↑ - الإيضاح فى علوم البلاغة، صـ 94.
- ↑ - فاطر، الآية 37
- ↑ - الكشاف، جـ 3، صـ 637.
- ↑ - الصافات، الآية 1-3.
- ↑ - الكشاف، جـ 3، صـ 334.
- ↑ - النساء، الآية 172.
- ↑ - الكشاف، جـ 1، صـ 515.
- ↑ - الأنعام، الآية 72.
- ↑ - الكشاف، جـ 2، صـ 103، 104.
- ↑ - آل عمران، الآية 7.
- ↑ - الدكتور عبد الفتاح لاشين، بلاغة القرآن في آثار القاضي عبد الجبار وأثره في الدراسات البلاغية، الطبعة الأولى، [ب ت]، دار الفكر العربي، القاهرة-مصر، صـ 217.
- ↑ - إبراهيم، الآية 6.
- ↑ - الكشاف، جـ 2، صـ 527.
- ↑ - أبو زكريا يحي بن زياد بن الفراء، معاني القرآن، تحقيق: الدكتور صلاح عبد العزيز السيد، والدكتور محمد مصطفى الطيب، والدكتور عبد العزيز محمد فاخر، الطبعة الأولى، عام 1434هـ/2013م، دار السلام، القاهرة-مصر، جـ 2، صـ 69.
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Article Title | Authors | Vol Info | Year |