30
1
2015
1682060034497_907
318-346
http://www.al-idah.pk/index.php/al-idah/article/download/212/202
المقدمة:
إنَّ تفرد الراوي بحديث لا يشاركه في روايته غيره يثير استغرابا لذلك الحديث، وبالتالي يكون الحديث مظنّة العلة، لكنّها لا تستلزم أن يكون الحديث معلولا، بل مثل هذا الحديث يحتاج إلى بحث ودراسة لكشف علته، ولذلك اهتمّ علماء الحديث النقّاد بالأحاديث الأفراد في كتبهم، ولا شك أن الأئمة انتقدوها على أساس منهج علمي.
وهذا المنهج النقدي شائع في كتب مصطلح الحديث على سبيل الإجمال، وقد فصّل هذا الإجمال كثير من الباحثين في الدراسات المتعلقة بالتفرد إلى حدّ ما، وذكروا بعض الضوابط لتعليل التفرد أو قبوله، لكنّ الحاجة ماسّة إلى جمع هذه الضوابط في بحث مستقلّ مع تطبيقات المحدثين النقاد.
أهمية البحث:
تظهر أهمية البحث من خلال الأمور التالية:
الأول: دراسة الضوابط التي تجعل التفرد مقبولا في ضوء كلام الأئمة النقاد.
الثاني: إبراز منهجية المحدثين في قبول التفرد.
مشكلة البحث:
قد شاع في كتب مصطلح الحديث، أنّ الراوي الثقة إذا انفرد برواية حديث يقبل حديثه اعتماداً على ثقته وكمال ضبطه، وأما إذا تفرد الضعيف بشيء تردّ روايته استناداً على ضعفه وقلة ضبطه.
ولكن هل يُجعل ذلك حكماً عاماً؟، وهل يقتضي كون الراوي ثقة قبول روايته، أو ينبغي أن يخصّص ذلك؛ لأنه يجوز أن يكون المتفرّد قد ضبط الحديث، ويجوز أن يكون وهم فيه، فلا يحكم بقبول الحديث ولا بصحته ما لم يتّضح بالقرائن ضبط الراوي للحديث.
ولذلك لا بدّ من دراسة قضية قبول التفرد في ضوء تطبيقات المحدثين النقاد من خلال أقوالهم.
التمهيد:
التفرّد لغة:
يقال: شجرة فاردة متنحية، وظبية فاردة انقطعت عن القطيع، وراكب مُفرِّد: ما معه غيرُ بعيرِه، وفرَّد اعتزل الناس، وفرِد وانفرد واستفرد بالأمر تفرّد به([1]).
التفرد عند أهل الاصطلاح:
هو رواية الراوي حديثاً لا يرويه غيره.
ذكر الخطيب رحمه الله مصطلح الغريب، ووصفه بقوله: "وأكثر ما يوصف بذلك الحديث الذي ينفرد به بعض الرواة بمعنى فيه لا يذكره غيره إما في إسناده أو في متنه"([2]).
وقال ابن الصلاح: "الحديث الذي يتفرَّد فيه بعضهم بأمر لا يذكر فيه غيره"([3]).
أقسام التفرد:
قد ذكر أئمة الحديث للتفرد أقساماً متعددة، وأهمّ هذه الأقسام قسمان:
القسم الأول: التفرد المطلق، وهو أن يروي الراوي متن الحديث لا يشاركه فيه غيره، فلا يكون له إلا طريق واحد، ويطلق عليه العلماء لفظ الغرابة، فيقولون: حديث غريب، أو حديث فرد.
القسم الثاني: التفرد النسبي، وهو أن يروي الراوي الحديث بإسناد لا يشاركه فيه غيره، وقد عرف متنه عن غير ذلك الشيخ([4]).
حكم التفرد:
وصفُ أئمة النقد الحديثَ بالتفرد لا يقتضي تضعيفاً ولا تصحيحاً؛ لأنه يجوز أن يكون المتفرّد قد ضبط الحديث، ويجوز أن يكون وهم فيه، فلا يحكم بضعف الحديث ولا بصحته ما لم يتّضح ضبط الراوي للحديث أو وهمه فيه.
قال الدكتور المري: "والخلاصة مما تقدّم هي أن الغرابة عند النقاد لا تقتضي صحّة ولا ضعفاً، وإنما هي مجرد الاستغراب، وأكثر ما يطلقون الغرابة حينما لا يكون لذلك التفرّد عندهم علّة تردّه"([5]).
وهذا ما يظهر من صنيع أئمة المصطلح في تقسيم الغرائب والأفراد باعتبار الصحة والضعف.
قسّم الحاكم الغريب إلى ثلاثة أنواع: غرائب الصحيح، وغرائب الشيوخ، وغريب الإسناد والمتن.
وقسّم ابن الصلاح الغريب إلى صحيح وغير صحيح، فقال: "ثم إن الغريب ينقسم إلى: صحيح كالأفراد المخرجة في الصحيح وإلى غير صحيح، وذلك هو الغالب على الغريب"([6]).
ضابط قبول التفرد أو ردّه:
قد شاع عند كثير من المتأخرين في حكم التفرد، أنّ الراوي الثقة إذا تفرد برواية شيء يقبل حديثه اعتماداً على ثقته، وأما الراوي الضعيف إذا انفرد بشيء يردّ حديثه استناداً على ضعفه.
قال ابن الصلاح : "إذا انفرد الراوي بشيء.....فينظر في هذا الراوي المنفرد : فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، وإن لم يكن ممن يوثّق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارماً له مزحزحاً عن حيز الصحيح"([7]).
وما قاله ابن الصلاح في حكم التفرد ينبغي أن يخصّص ولا يؤخذ حكماً عاماً، فإنّ مقياس قبول التفرد أو ردّه ليس كون الراوي ثقة أو ضعيفاً فحسب، بل هناك قرائن التي تصاحب التفرّد، فيترجّح بها جانب القبول أو جانب الرد لما تفرد به الراوي، فإذا ترجّح بالقرائن جانب القبول يحكم بصحة الحديث حينئذ، وإذا ترجّح بالقرائن عدم ضبط الراوي أو عدم قبول روايته، يحكم النقاد بأن الحديث معلول ([8]).
وتبين من هذا أن التفرّد مظِنّة العلة، فلا يكون التفرّد مردوداً مطلقاً، كما لا يكون مقبولاً مطلقاً، بل ينظر إلى القرائن التي ترجّح جانب قبوله أو ردّه.
الضوابط التي تجعل التفرد مقبولا:
الأولى: تقدّم الطبقة التي وقع فيها التفرد:
الثانية: كون المتفرِّد معروفاً بالعدالة والاتقان
الثالثة: كون المتفرِّد من أهل الاختصاص بشيخه
الرابعة: احتمال أئمة المحدثين عن المتفرِّد روايته
الخامسة: اعتضاد الراوي المتفرِّد بالمتابعة
السادسة: اعتضاد الرواية التي فيها التفرد بالشاهد.
الضابطة الأولى:
تقدّم الطبقة التي وقع فيها التفرد
التمهيد:
الطبقة التي وقع فيها التفرد لها أثر عميق في الحكم على التفرد قبولاً أو ردّاً، والمراد من الطبقة القوم المتعاصرون الذين اشتركوا في السِّنِّ ولقاءِ المشايخ([9])، فالتفرد في طبقة الصحابة صحيح وغير قادح؛ لأن تفرّدهم أمر طبيعي لقلّة الرواية في الصحابة، وكذلك تفرد صحابيّ بالحديث بلفظ ويرويه آخر بلفظ آخر جائز ومقبول؛ لأنّ الصحابة والسلف كثيراً ما كانوا ينقلون معنى واحداً في أمر واحد بألفاظ مختلفة([10]).
قال الذهبي رحمه الله: "فانظر أوّل شيء إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبار والصغار، ما فيهم أحد إلا وقد انفرد بسنة، أفيقال له: هذا الحديث لا يتابع عليه؟"([11]).
والتفرد في طبقة التابعين يصحّ غالباً إذا كان من الثقات، وهو أسهل وأمكن لكونها طبقة من شأنها عدم شهرة الحديث وعدم تعدد روايته في الغالب.
قال الذهبي رحمه الله بعد ذكر طبقات الحفاظ: "فهؤلاء الحفاظ الثقات، إذا انفرد الرجل منهم من التابعين، فحديثه صحيح، وإن كان من الأتباع، قيل: صحيح غريب"([12]).
وقال الدكتور حمزة المليباري: "إذا تفرّد الراوي بحديث في طبقة من شأنها عدم شهرته وعدم تعدد روايته في الغالب....مثل طبقة الصحابة والتابعين، فهذا النوع من التفرد مقبول ومحتجّ به بشرط أن يكون الراوي ثقة معروفاً"([13])۔
المثال الأول:
قال الإمام النسائي: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ» قَالَ: الشَّمْسُ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ» قَالَ: الشَّمْسُ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ» فَنَزَلَ فَجَدَحَ فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَاهُنَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْأُفُقِ - فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».
خريج الحديث:
أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/380) عن سفيان بن عيينة، والأئمة أحمد في المسند (4/380) ومسلم في الصحيح (3/132) من طريق هشيم، والبخاري في الصحيح (2/685)، و(5/2029) من طرق عبد الواحد وجرير.
كلهم (ابن عيينة وهشيم وعبد الواحد وجرير) عن الشيباني به بنحوه.
دراسة التفرد في الحديث:
الحديث بهذا اللفظ لم يروه إلا عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وروي عن غيره بلفظ آخر، ومعناه واحد.
قال الإمام النسائي رحمه الله: "وحديث عاصم بن عمر وحديث ابن أبي أوفى صحيحان"([14]).
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا عبد الله بن أبي أوفى"([15]).
رأي الباحث:
تفرّد الصحابة مقبول ومحتجّ به؛ لأن تفرّدهم أمر طبيعي لقلّة الرواية في الصحابة، وكذلك تفرد صحابيّ بالحديث بلفظ ويرويه آخر بلفظ آخر جائز ومقبول؛ لأنّ الصحابة والسلف كثيراً ما كانوا ينقلون معنى واحداً في أمر واحد بألفاظ مختلفة([16])، ولذلك حكم الإمام النسائي على حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه بالصحة مع أنّ لفظ حديث بن أبي أوفى رضي الله عنه غير لفظ عاصم بن عمر.
المثال الثاني:
قال الخليلي: حدثنا جدي حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي حدثنا خشيش بن أصرم حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عن عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من ماء زمزم وهو قائم.
تخريج الحديث:
أخرجه الأئمة البخاري في الصحيح 5/2130، من طريق سفيان الثوري، ومسلم في الصحيح 3/1610، من طريق عاصم، والبزار في المسند 11/474، من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم في الصحيح 3/1601، من طريق أبي عوانة، وأحمد في المسند 1/287، من طريق ابن المبارك.
كلهم (الثوري وعاصم وابن عيينة وأبو عوانة وابن المبارك) عن عاصم الأحول، عن الشعبي به.
دراسة التفرد في الحديث:
الحديث لم يروه عن ابن عباس رضي الله عنه غير الشعبي، وهو عامر بن شراحيل الشعبي، من التابعين الثقات([17]).
والحديث وصفه الخليلي بالتفرد بقوله: "تفرّد به الشعبي عن ابن عباس"([18]).
رأي الباحث:
الحديث تفرّد بروايته الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنه، والشعبي من طبقة التابعين الثقات، والتفرد في هذه الطبقة يصحّ غالباً إذا كان من الثقات، وهو أسهل وأمكن لعدم شهرة الحديث وعدم كثرة روايته في هذه الطبقة في الغالب، وقد وصف الحديث الخليلي بتفرد الشعبي مع أنّ الحديث صحيح مخرّج في الصحيحين، وتبيّن من هذا أن كون الراوي من طبقة التابعين الثقات يجعل تفرده مقبولا ومحتجاً.
المثال الثالث:
قال أبو نعيم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظِ، ثنا سَلْمُ بْنُ مُعَاذٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شُكْرٌ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، أَخِي بَنِي فِهْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ فِي الْيَمِّ , فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ؟ .
تخريج الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/228) ومسلم في الصحيح (8/156) وابن ماجه في السنن (2/1376) من طرق عن إسماعيل به.
وأخرجه الأئمة الطبراني في الكبير (20/717)، والحاكم في المستدرك (4/355) والبيهقي في شعب الإيمان (7/324) من طريق إبراهيم بن مهاجر عن قيس عن المستورد رضي الله عنه.
دراسة التفرد في الحديث:
قال الحافظ البزار رحمه الله: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا المستورد، وقد رواه جماعة عن إسماعيل "([19]).
قال الحافظ أبو نعيم رحمه الله: "هذا من صحيح حديث إسماعيل وعيونه"([20]).
وقال الإمام الدارقطني رحمه الله: "يرويه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المستورد، وهو صحيح عنه"([21]).
رأي الباحث:
الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا المستورد رضي الله عنه، ولم يروه عن المستورد رضي الله عنه إلا قيس بن أبي حازم([22])، وهو من ثقات التابعين، والتفرد في هذه طبقة مقبول ومحتج به إذا كان من الثقات، ولذلك أورد الحديث الإمام مسلم في صحيحه، وصحّحه الأئمة أبو نعيم والدارقطني.
الضابطة الثانية:
كون المتفرِّد معروفاً بالعدالة والاتقان
التمهيد:
إنّ لحال الراوي من حيث العدالة والضبط أثراً كبيراً في قبول تفردّه أو ردّه، فالمتفرد قد يكون من طبقة متأخرة كطبقة أتباع التابعين، لكن إذا كان معروفاً بأنه من أهل العدالة والضبط، فيكون الأصل قبول روايته، ولذلك يكون تفرّد الثقة أولى بالقبول من تفرّد الضعيف، وكذلك تفرد إمام من الأئمة الحفاظ أمثال شعبة والثوري ومالك ويحيى القطان، يكون أولى بالقبول، ولا يخرج عنه إلا ببينة واضحة، وذلك لأمرين: الأول: أن الأئمة الحفاظ أهل إتقان وتثبت، بحيث يندر غلط الواحد منهم. الثاني: أن الأئمة الحفاظ كانوا يتنافسون على الطلب والجمع بحيث يحمل ذلك بعضهم على الحرص أن يسمع ما لم يسمع غيره([23]).
قسّم الخليلي الأفراد إلى أربعة أقسام، وذكر القسم الأول منها: ما يتفرد به حافظ مشهور ثقة أو إمام عن الحفاظ والائمة، فهو صحيح متفق عليه([24]).
وقسّم المقدسي الغرائب والأفراد إلى خمسة أنواع، وذكر النوع الأول منها، فقال: "غرائب وأفراد صحيحة وهو أن يكون الصحابي مشهوراً برواية جماعة من التابعين عنه، ثم ينفرد بحديث عنه أحد الرواة الثقات لم يروه عنه غيره، ويرويه عن التابعي رجل واحد من الأتباع ثقة، وكلّهم من أهل الشهرة والعدالة، وهذا حدّ في معرفة الغريب والفرد الصحيح"([25]).
المثال الأول:
قال الإمام الطبراني: حدثنا محمد بن أسد بن يزيد الأصبهاني حدثنا أبو داود عن محمود بن غيلان عن أبي داود الطيالسي حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: [اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون] فقال: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا أفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه.
دراسة التفرد في الحديث: أخرجه الأئمة أحمد في المسند (1/338)، والترمذي في الجامع (4/288)، والنسائي في الكبرى (6/313)، من طرق عن شعبة به.
قال الإمام الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا شعبة"([26]).
وقال الإمام الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"([27]).
رأي الباحث:
هذا الحديث تفرّد بروايته شعبة عن الأعمش حيث لم يشارك فيه عن الأعمش غير شعبة، وهو من أتباع التابعين والتفرد في هذه الطبقة يندر غالبا، لكنّ شعبة من الأئمة الحفاظ، وتفرد إمام مثله لا يخرج عنه إلا بدليل واضح يجعل تفرده مردودا، وإذا لم يوجد دليل واضح لردّ تفرده فالأصل أن تفرده يكون مقبولا.
المثال الثاني:
قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى البَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ القَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: يَقُولُونَ لِي: تَكُونُونَ فِي التِّيهِ وَقَدْ رَكِبْتُ الْحِمَارَ وَلَبِسْتُ الشَّمْلَةَ وَقَدْ حَلَبْتُ الشَّاةَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَعَلَ هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ مِنَ الكِبْرِ شَيْءٌ»:
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الأئمة الترمذي في الجامع (4/362) عن علي بن عيسى البغدادي، والحاكم في المستدرك (4/204) من طريق العباس بن محمد الدوري، والبيهقي في شعب الإيمان (6/290) من طريق علي بن سهل. ثلاثتهم (علي بن عيسى والعباس بن محمد وعلي بن سهل) عن شبابة بن سوار به بنحوه.
الحديث لم يرو إلا من طريق شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن العباس([28])، به.
ومحمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب، ثقة فاضل من السابعة([29]).
وشبابة بن سوار الفزاري، ثقة حافظ من التاسعة([30]).
قال الإمام الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن جبير بن مطعم، ولا نعلم له طريقاً عن جبير إلا هذا الطريق"([31]).
رأي الباحث:
القاسم بن العباس من التابعين الثقات وتفرده مقبول، وتفرد ابن أبي ذئب وشبابة وهما من أتباع التابعين، والتفرد في هذه الطبقة محتمل في بعض الأحيان إذا كان من الثقات، ولذلك نجد الإمام الترمذي أنه وصفه بالغرابة لأجل التفرد فيه، ووصفه بالتحسين لإمكانية قبول هذا التفرد.
المثال الثالث:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: نَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: نَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَعَنْ رَجُلٍ، آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِهِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ بِمِنًى، فَقَالَ: "أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَغْتُ؟ "قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، قَالَ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى مِنْهُ، لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (5/39) والبخاري في الصحيح (5/108) ومسلم في الصحيح (5/108) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأحمد في المسند (5/49) ومسلم في الصحيح (5/108) من طريق أبي عامر العقدي، كلاهما (يحيى بن سعيد وأبو عامر) عن قرة بن خالد به بنحوه.
الحديث فيه التفرد، ولم يروه عن محمد بن سيرين إلا قرة بن خالد.
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا قرة عن محمد"([32]).
رأي الباحث:
محمد بن سيرين، ثقة ثبت([33])، وقرة بن خالد، ثقة ضابط ومن طبقة أتباع التابعين([34])، والتفرد في هذه الطبقة قلما توجد، لكنّ قرة بن خالد من الحفاظ الذين يندر الخطأ في حديثهم، وهذا الذي يجعل تفرده مقبولا، ولذلك نجد أنّ الحديث مخرج في الصحيحين.
الضابطة الثالثة:
كون المتفرِّد من أهل الاختصاص بشيخه التمهيد: الراوي المتفرّد بالرواية قد لا يكون في الدرجة العليا من الثقة، كأن يكون صدوقاً إلا أنّه قد يقبل تفرده في شيخ يكون من أقاربه، وأهل بيته، وأصهاره، وقد يكون المتفرّد بالرواية من الثقات، ويكون من طبقة متأخرة، لكن يقبل تفرده في شيخ معين لكونه مختصّاً به إلا أن يتبين غلطه ووهمه في حديث.
قال الإمام ابن معين رحمه الله: "كان معتمر بن سليمان أعلم الناس بحديث أبيه، لم يكن أحد من الناس يقوم فى سليمان مقامه"([35]).
وكذلك إذا تفرّد بعض الرواة قد يتكلّم في روايته في الجملة، ويضعف فيها، لكنّه يكون في بعض الشيوخ ثبتاً لخصوصية طول ملازمة وغيرها([36]).
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: "بل الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له، وأكمل لرتبته، وأدلّ على اعتنائه بعلم الأثر وضبطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهمّ إلا أن يتبين غلطه ووهمه في الشئ"([37]).
المثال الأول:
قال الحافظ أبو نعيم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ حَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الإمام الترمذي، حَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالُوا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يَا جِبْرِيلُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟» قَالَ: فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] الْآيَةُ.
أخرجه الأئمة البخاري في الصحيح (4/1760) عن أبي نعيم، وأحمد في المسند (1/233) عن وكيع، والترمذي في الجامع (5/316) من طريق يعلى بن عبيد، والنسائي في الكبرى (6/394) من طريق أبي عامر، ومن طريق حجاج بن محمد، كلهم، عن عمر بن ذرّ، به.
دراسة التفرد في الحديث:
قال الإمام الترمذي: "هذا حديث حسن"([38]).
وقال الحافظ أبو نعيم: "غريب من حديث سعيد وذر، تفرد به عنه ابنه عمر بن ذر، وهو حديث صحيح متفق على صحته"([39]).
رأي الباحث:
الحديث تفرد به عمر بن ذر([40]) عن أبيه([41])، وهو من طبقة أتباع التابعين، والتفرد في هذه الطبقة يقبل من الأئمة الحفاظ، لكنه من أهل الاختصاص بشيخه، وهذا الاختصاص يجعل تفرده مقبولا، ولذلك أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، وصححه أبو نعيم، أما تحسين الإمام الترمذي لهذا الحديث فلأجل التفرّد فيه، إذ قد ينزل الحديث عن الصحة إلى الحسن بالتفرد، وإلا فرجال الحديث كلهم ثقات، وهو مخرّج في الصحيح.
المثال الثاني:
قال الحافظ البزار: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ عِنْدِي فِي مَوْضِعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَفِي مَوْضِعٍ لَيْسَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ لَهُ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا: «ارْجِعِي إِلَيَّ» ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ أَرَكَ، قَالَ: «ائْتِي أَبَا بَكْرٍ».
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه إلا جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه متصل عنه، ولا نعلم روى سعد بن إبراهيم، عن محمد بن جبير حديثاً مسنداً غير هذا الحديث، وإسناده صحيح"([42]).
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/83) والبخاري في الصحيح (3/1338)، ومسلم في الصحيح (7/110) والإمام الترمذي في الجامع (5/615) وأبو يعلى في المسند (13/328)، من طريق إبراهيم بن سعد به بنحوه.
الحديث لم يرو إلا من طريق إبراهيم بن سعد([43])، عن أبيه([44])، عن محمد بن جبير عن أبيه.
قال الإمام الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه"([45]).
رأي الباحث:
الحديث غريب من هذا الوجه، لكنه محتمل، ووجهه أن إبراهيم بن سعد ثقة ومن أتباع التابعين، والتفرد في هذه الطبقة يقبل من الحفاظ، إلّا أنه من أهل الاختصاص بشيخه، فيقبل تفرده لاختصاصه بشيخه، ولذلك أخرجه الأئمة أصحاب الصحيحين البخاري ومسلم، فالحديث من غرائب الصحاح.
المثال الثالث:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: نَا سَلْمُ بْنُ أَبِي الذَّيَّالِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَالْحَكَمِ الْغِفَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
قال الحافظ البزار: "وهذا الكلام قد أخرجناه، عن عمران من وجه آخر حسن، وإنما أعدناه ها هنا لمكان سلم بن أبي الذيال؛ لأن سلماً لم يسند إلا خمسة أحاديث أو ستة، فأردنا أن نخرجه عن سلم لعزة حديث سلم"([46]).
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الإمام الطبراني في الكبير (3/211) والأوسط (2/92) من طريق معتمر بن سليمان عن سلم بن أبي الذيال به.
الحديث رواه معتمر عن سلم بن أبي الذيال([47])، عن ابن سيرين عن عمران والحكم الغفاري.
وقال الطبراني رحمه الله: "لم يروه عن سلم إلا معتمر"([48]).
ومعتمر بن سليمان التيمي ثقة ومن الطبقة الصغرى من أتباع التابعين روى له الجماعة([49]).
رأي الباحث: الحديث لم يروه عن سلم إلا معتمر، ومعتمر ثقة ومن أتباع التابعين، والتفرد في هذه الطبقة يقبل من الأئمة الحفاظ، لكنّ معتمراً من خواصّ سلم، فقد سمع معتمر من سلم بن أبي الذيال حديثه في البحر كان يغزو معه([50]).
الضابطة الرابعة:
احتمال أئمة المحدثين عن المتفرِّد روايته
التمهيد:
قد لا يكون الراوي في الدرجة العليا من الثقة، وينفرد بحديث دون أن يشاركه فيه غيره، فيكون روايته موضع استغراب، لكن يروي عنه أهلُ العلم من المحدثين كأمثال يحيى القطان ووكيع وشعبة وغيرهم، ويحتملون عنه الحديث الذي تفرّد به من غير إنكار عليه، وهذا الذي يجعل تفرّده محتملاً([51]).
ويلاحظ استخدام هذه القرينة في الكتب التي اهتمّ أصحابها ببيان حال الحديث غرابة مثل سنن الإمام الترمذي ومسند الحافظ البزار وغيرهما.
فنجد من خلال سنن الإمام الترمذي أنه يقول بعد بيان الغرابة في الحديث: "لا نعرفه إلا من حديث فلان"، "وروى عنه فلان وغير واحد من الأئمة"([52]).
ومن المحدثين الذين أكثروا استخدام هذه القرينة في كتبهم الحافظ البزار، فقد أكثر إيراد الألفاظ مثل: حدّث عنه أو روى عنه أهل العلم أو غير واحد من أهل العلم أو جماعة من أهل العلم أو حدّث عنه جماعة ثقات أو حدّث عنه فلان وفلان وغيرهما أو حدّث عنه فلان وغيره أو حدّث عنه الناس واحتملوا حديثه.
ومن النقّاد نجد ابن عدي حيث يورد غرائب أحاديث الراوي، وعندما يعين درجة أحاديثه يقول أحيانا: وقد حدّث عنه جماعة([53]).
المثال الأول:
قال أبو نعيم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، وَفَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، فِي جَمَاعَةٍ قَالُوا: ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَ يخْدُمُنِي وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ وَقَالَ جَرِيرٌ: «إِنِّي رَأَيْتُ الْأَنْصَارَ يَصْنَعُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا أَرَى أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ».
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام البخاري في الصحيح (3/1058)، وأخرجه الإمامان مسلم في الصحيح (7/176) من طرق نصر بن على ومحمد بن المثنى وابن بشار، والطبراني في الكبير (2/293) من طريق أبي مسلم الكشي،
كلهم (البخاري ونصر بن على وابن المثنى ومحمد بن بشار وأبو مسلم) عن محمد بن عرعرة به.
دراسة التفرد في الحديث:
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا محمد"([54]).
وقال أبو نعيم: "هذا حديث صحيح متفق على صحته تفرد به محمد بن عرعرة عن شعبة وحدّث به عنه الأعلام: عمرو بن علي، ونصر بن علي، وبندار، ومحمد بن المثنى، وأحمد بن سنان" ([55]).
رأي الباحث:
هذا الحديث تفرّد به تفرد به محمد بن عرعرة عن شعبة، وشعبة من الأئمة الحفاظ، وله تلاميذ كثيرون، ومثله يندر التفرّد عنه، لكن الحديث رواه عن محمد بن عرعرة جماعة من الأئمة الثقات، ونجد أبانعيم أنه أشار إلى صحة الحديث معه ذكر التفرد فيه، كما أنه بيّن القرينة التي جعلت هذا التفرد مقبولا حيث قال: "وحدّث به عنه الأعلام".
المثال الثاني:
قال الحافظ البزار: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا كَانَ طَعَامُنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْأَسْوَدَيْنِ يَعْنِي التَّمْرَ وَالْمَاءَ، وَقَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ.
تخريج الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/275)، والحاكم في المستدرك (4/118)، من طريق روح بن عبادة، والطبراني في الكبير (19/25) وأبو نعيم في الحلية (2/302)، من طريق جعفر بن سليمان، كلاهما (روح بن عبادة وجعفر بن سليمان) عن بسطام به بنحوه.
دراسة التفرد في الحديث:
الحديث لم يروه عن معاوية بن قرة عن أبيه إلا بسطام بن مسلم([56])۔
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن معاوية بن قرة إلا بسطام بن مسلم، وهو رجل مشهور من أهل البصرة، حدّث عنه شعبة وغيره"([57]).
قال أبو نعيم: "رواه من الأئمة عن روح جماعة منهم أحمد وأبو خيثمة وبندار"([58]).
رأي الباحث:
الحديث تفرّد به بسطام بن مسلم، وهو ثقة ومن أتباع التابعين، والتفرد في هذه الطبقة يقبل من الحفاظ، لكن الحديث رواه عن بسطام غير واحد من الثقات، ورواه عن روح جماعة من الأئمة، فالحديث فيه التفرد، وهو محتمل لرواية جمع من الأئمة واحتمالهم هذا الحديث عن الراوي الذي تفرد به.
المثال الثالث:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نَا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ، عَنْ أَبِي الْوَازِعِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: «اعْزِلِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ». =
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/420) ومسلم في الصحيح (8/34) من طريق يحيى بن سعيد، وأحمد في المسند (4/420) وابن ماجه في السنن (2/1214) من طريق وكيع، من طريق يزيد بن زريع، وابن عدي (2/73) من طريق سهل بن يوسف، أربعتهم (يحيى ووكيع ويزيد بن زريع وسهل بن يوسف) عن أبان بن صمعة به.
الحديث رواه الحافظ البزار من طريق أبان بن صمعة([59])، عن أبي الوازع([60])، عن أبي برزة رضي الله عنه.
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن أبي برزة، وأبو الوازع رجل من أهل البصرة روى عنه أيوب وشداد بن سعيد ومهدي بن ميمون وغيرهم"([61]).
رأي الباحث: الحديث تفرد بروايته أبان بن صمعة، وهو من طبقة التابعين، لكنه اختلط([62])، واختلاط الراوي مظنة الخطأ في روايته، وقد يجعل تفرده قادحا في صحة الحديث، لكن هذا الحديث حدّث عنه أئمة الحديث يحيى بن سعيد ووكيع ويزيد بن زريع، واحتملوه عنه.
الضابطة الخامسة:
اعتضاد الراوي المتفرِّد بالمتابعة
التمهيد:
الراوي المتفرد بالحديث قد لا يكون بدرجة من الضبط، لكن يوجد له متابِع، ويدفع عنه ريبة التفرد، فيترجّح جانبُ إصابته على جانب خطئه، والمتابِع الحديث الذي يشارك رواتُه رواة الحديث الفرد، مع الإتحاد في الصحابي.
والقاعدة في باب الاعتضاد بالمتابعات أو الشواهد أن الحديث الذي يُحتمل أن يكون خطأً ويُحتمل أن يكون ثواباً، هو الذي يصلح، بأن يوجد في الرواية ما يكون مظِنّة للخطأ، أو سبباً لوقوع الخطأ، ولمــّا يتحقّق منه، فإذا وُجد متابع أو شاهد، رَجَحَ جانبُ إصابته([63]).
قال ابن الصلاح رحمه الله: "ثم اعلم: أنه قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لا يحتجّ بحديثه وحده بل يكون معدوداً في الضعفاء،....وليس كلّ ضعيف يصلح لذلك"([64]).
أما الحديث الذي ترجّح فيه الخطأ، وكان جانب الخطأ فيه أقوى من جانب الإصابة؛ فهو الذي لا يصلح في باب التقوية، ورجحان الخطأ يكون بأحد أمرين:
الأول: أن يكون الراوي المتفرِّد ضعفه شديداً، لكذب أو تهمة أو شدة غفلة.
الثاني: أن تكون رواية الراوي المتفرِّد من قبيل المنكر أو الشاذ([65]).
قال الإمام الترمذي عند تعريفه للحديث الحسن: "كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتّهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك"([66]).
المثال الأول:
قال الإمام مسلم: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الأُتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِى بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا ». ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ « أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ فَيَأْتِى فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. أَفَلاَ جَلَسَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا وَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ لَقِىَ اللَّهَ تَعَالَى يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِىَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعِرُ ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رُئِىَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». بَصُرَ عَيْنِى وَسَمِعَ أُذُنِى.
دراسة التفرد في الحديث:
أخرجه الأئمة البخاري في الصحيح (6/2559)، ومسلم في الصحيح (6/11) وابن خزيمة في الصحيح (4/54)، من طريق أبي أسامة به بمثله.
وأخرجه الأئمة البخاري في الصحيح (6/2632) ومسلم في الصحيح (6/12) من طريق عبدة عن هشام به مثله.
وأخرجه الإمام مسلم في الصحيح (6/12) من طريق ابن نمير عن هشام به مثله.
وأخرجه الإمام أبو عوانة في المسند (4/390) من طريق أنس بن عياض عن هشام به مثله.
وأخرجه الإمام ابن حبان في الصحيح (10/373) من طريق حماد بن سلمة عن هشام به مثله.
وأبو أسامة حماد بن أسامة ثقة ثبت ربما دلس، من كبار التاسعة([67]).
رأي الباحث:
الحديث أعله الحافظ البزار بتفرد أبي أسامة، حيث قال: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه إلا أبو أسامة بهذا اللفظ"([68]). ويُتعقّب إعلاله بأن أسامة لم يتفرّد به، بل رواه عبدة وابن نمير وأنس بن عياض عن هشام مثل قول أبي أسامة، كما مرّ في التخريج.
ورواه الإمام مسلم من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة، وأشار إلى متابعته بقوله: "وفى حديث عبدة وابن نمير: فلما جاء حاسبه. كما قال أبو أسامة"([69]).
المثال الثاني:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ: نَا سَعِيدُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ.
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام الطبراني في الكبير (18/147) من طريق يوسف بن موسى القطان به بمعناه.
وأخرجه الإمام الطبراني في الكبير (18/148) من طريق عمران القطان عن قتادة به بمعناه.
وأخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/429)، والترمذي في الجامع (3/431)، والطبراني في الكبير (18/175) من طرق عن الحسن عن عمران رضي الله عنه بمعناه.
وأخرج الإمام أحمد في المسند (4/441) من طريق معمر عن محمد بن سيرين عن عمران رضي الله عنه بمعناه.
دراسة التفرد في الحديث:
الحديث فيه التفرد النسبي، ولم يروه عن قتادة عن الحسن عن عمران إلا سعيد بن أبي عروبة، تفرد به عنه عمرو بن حمران([70])، ومتن الحديث قد عُرف عن عمران رضي الله عنه من غير وجه.
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً رواه، عن قتادة إلا سعيد، ولا نعلم أحداً رواه عن سعيد إلا عمرو بن حمران، ولم يكن به بأس، وقد روي نحو كلامه، عن عمران من غير وجه بألفاظ مختلفة"([71]).
رأي الباحث:
الحديث تفرد به عمرو بن حمران، وهو ليس بدرجة من الضبط، ومثله لا يحتجّ به إذا انفرد، إلا أنه صالح للمتابعة، وقد تابعه عن قتادة عمران القطان. وأورده الإمام الطبراني بعد رواية سعيد عن قتادة عن الحسن، ولم يعلّه، وكأنه أورده متابعة لطريق سعيد عن قتادة، وعمران القطان صدوق يهم([72])، لكنه صالح للمتابعة.
المثال الثالث:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرُ، قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: نَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ النَّوْحِ.
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام الطبراني في الكبير (18/178) من طريق الحكم بن عبد الملك به بنحوه.
وأخرجه أحمد في المسند (4/437) والنسائي في الكبرى (1/607) والطبراني في الكبير (18/186) من طريق شعبة عن عبد الله بن صبيح عن محمد بن سيرين عن عمران بنحوه.
دراسة التفرد في الحديث:
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه عن عمران بأحسن من هذا الإسناد، وقد رواه شعبة عن عبد الله بن صبيح، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين"([73]).
الحديث رواه الحافظ البزار من طريق الحكم بن عبد الملك عن منصور بن زاذان عن الحسن عن عمران رضي الله عنه.
والحكم بن عبد الملك القرشي البصري ضعيف من السابعة ([74]).
رأي الباحث:
الحكم بن عبد الملك من طبقة أتباع التابعين، وهو ضعيف لكنه توبع، فقد تابعه عبد الله بن صبيح البصري، وهو صدوق([75]).
الضابطة السادسة:
اعتضاد الرواية التي فيها التفرد بالشاهد:
التمهيد:
الشاهد: اسم فاعل من شهد، وسمّي بذلك؛ لأنه يشهد أن للحديث الفرد أصلاً ويقوّيه، كما يقوي الشاهد قول المدعي ويدعمه.
واصطلاحاً: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنى، أو معنى فقط، مع الاختلاف في الصحابي([76]).
فالراوي المتفرد بالحديث قد لا يكون بدرجة من الضبط ولا يقبل تفرده، لكن يوجد للحديث شواهد يترجّح بها جانبُ إصابة الراوي على جانب خطئه.
والقاعدة في باب التقوية بالشواهد أن الحديث الذي يُحتمل أن يكون خطأً ويُحتمل أن يكون ثواباً، هو الذي يصلح، فإذا وُجد متابع أو شاهد، رَجَحَ جانبُ إصابته([77]). أما الحديث الذي ترجّح فيه الخطأ، وكان جانب الخطأ فيه أقوى من جانب الإصابة؛ فهو الذي لا يصلح في باب التقوية.
المثال الأول:
قال الإمام البخاري: حدثنا محمد بن صباح حدثنا إسماعيل بن زكرياء حدثنا بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في مدحه، فقال: "أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل".
تخريج الحديث:
أخرجه الأئمة أحمد في المسند (4/412) والبخاري في الصحيح (2/947)، ومسلم في الصحيح (8/228) ثلاثتهم عن محمد بن الصباح عن إسماعيل بن زكرياء عن بريد بن عبد الله عن أبى بردة عن أبي موسى رضي الله عنه بنحوه.
وأخرج الأئمة أحمد في المسند (5/41، 47) والبخاري في الصحيح (2/946، 5/2252) ومسلم في الصحيح (8/227) وأبو داود في السنن (4/401) وابن ماجه في السنن (2/1232) من طرق عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه بنحوه.
قال الحافظ البزار عقب رواية حديث أبي بكرة رضي الله عنه: "وهذا الحديث قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، وهذا الوجه أحسن وجهاً يروى، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولا نعلم لأبي بكرة طريقاً غير هذا الطريق"([78]).
دراسة التفرد في الحديث:
حديث أبي موسى رضي الله عنه فيه التفرد، واستمرّ التفرد فيه في طبقات متأخرة، وهي طبقة محمد بن الصباح البزاز أبو جعفر البغدادي، وهو ثقة حافظ([79])، ومن الآخذين عن أتباع التابعين([80])، والتفرد في هذه الطبقة لا يكون إلا نادراً، لكنّ حديث أبي بكرة رضي الله عنه يقويّه ويشهد له، وحديث أبي موسى رضي الله عنه مخرّج في الصحيحين، وقد أورده الإمامان البخاري ومسلم بعد إيراد حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وهذا يشعر بأنهما روياه استشهادا.
المثال الثاني:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: نَا الْمُهَاجِرُ أَبُو مَخْلَدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ إِذَا أَحْدَثَ تَوَضَّأَ فَخَلَعَ خُفَّيْهِ.
تخريج الحديث:
أخرجه الأئمة ابن ماجه في السنن (1/184) وابن خزيمة في الصحيح (1/96) وابن حبان في الصحيح (4/153)، والدارقطني في السنن (1/194) والبيهقي في السنن (1/281) من طرق عن عبد الوهاب به بنحوه.
وأخرج الإمام أحمد في المسند (4/240) والإمام الترمذي في الجامع (1/159) وابن خزيمة في الصحيح (1/13) من طرق عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال رضي الله عنه.
دراسة التفرد في الحديث:
حديث أبي بكرة رضي الله عنه فيه التفرد حيث لم يرو إلا من طريق أبي مخلد([81])، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه.
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه، وإسناده حسن"([82]).
قال الإمام الترمذي عقب تخريج حديث صفوان رضي الله عنه: "هذا حديث حسن صحيح". ثم نقل عن البخاري أنه قال: "أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن عسال"([83]).
قلتُ: مهاجر بن مخلد ليّن الحديث وانفرد به، ومثله لا يقبل روايته إذا انفرد، لكن له شاهد من حديث صفوان رضي الله عنه.
المثال الثالث:
قال الحافظ البزار: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْعَوَّامِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ سَمِعْتُ أَبِيَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ يُقْبِلُ بِيَدَيْهِ مِنْ مُقَدِّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ، وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدِّمِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا، وَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلِهِ، وَخَلِّلْ لِحْيَتَهُ».
تخريج الحديث:
أخرجه الإمام الحافظ البزار (9/133، 134) عن محمد بن صالح بن العوام به.
وأخرج الإمام مسلم في الصحيح (1/142) من طريق أبى النضر عن أبى أنس أَنَّ عُثْمَانَ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ، فَقَالَ: أَلاَ أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا.
وأخرج الإمام البخاري في الصحيح (1/71) وأبو داود في السنن (1/39) من طريق حمران مولى عثمان أنه رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، وذكرا الحديث بمعناه.
دراسة التفرد في الحديث:
قال الحافظ البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وبكار بن عبد العزيز ليس به بأس، وعبد الرحمن صالح الحديث قد تقدّم ذكرنا له"([84]).
الحديث لم يُرو إلا من طريق محمد بن صالح بن العوام حدثنا عبد الرحمن بن بكار عن أبيه عن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبي بكرة.
قلت: بكار ضعيف، لكن يصلح حديثه للاعتبار، وكذلك عبد الرحمن بن بكار صالح الحديث، وله شاهد صحيح من حديث عثمان رضي الله عنه.
نتائج البحث:
- التفرد في رواية الحديث مظِنّة العلة فيه وليس دليلا العلة، فلا يحكم بقبول الحديث أو ردّه بمجرّد تفرد راويه.
- إن قبول تفرد الراوي لكونه ثقة ليس حكما عاما، بل ينظر في القرائن التي تجعل التفرد مقبولا.
- من الأمور التي تجعل التفرد مقبولا: تقدّم الطبقة التي وقع فيها التفرد، وكون المتفرِّد معروفاً بالعدالة والاتقان، وكون المتفرِّد من أهل الاختصاص بشيخه، واحتمال أئمة المحدثين عن المتفرِّد روايته، واعتضاد الراوي المتفرِّد بالمتابعة، واعتضاد الرواية التي فيها التفرد بالشاهد.
- تقدّم الطبقة التي وقع فيها التفرد يؤثّر في قبول التفرد، فالتفرد في طبقة الصحابة صحيح؛ لقلّة الرواية في الصحابة، والتفرد في طبقة التابعين يصحّ غالباً إذا كان من الثقات،.
- إذا كان المتفرِّد معروفاً بالعدالة والضبط، فيكون الأصل قبول روايته، وكذلك تفرّد الأئمة المحدثين يكون أولى بالقبول.
- يقبل تفرد الراوي في شيخ معين لكونه مختصّاً به وإن لم يكن في الدرجة العليا من الثقة، وذلك ما لم يتبين غلطه ووهمه في حديث معيّن.
- قد يكون تفرد الراوي موضع استغراب لتأخّر طبقة الراوي أو نزوله عن درجة الثقة، لكن يروي أهلُ العلم من المحدثين عن الحديث الذي تفرّد به من غير إنكار عليه، وهذا الذي يجعل تفرّده مقبولا.
- الراوي المتفرد قد لا يكون بدرجة من الضبط، لكن يوجد للحديث متابعات أو شواهد يترجّح بها جانبُ إصابة الراوي على جانب خطئه.
حوالہ جات
- ↑ - انظر: الصحاح للجوهري 2/518، تحقيق: أحمد عبد الغفور، دار العلم، بيروت، الطبعة الرابعة، 1407هـ/1987م. القاموس المحيط للفيروز آبادي ص 305، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثامنة، 1426هـ/2005م.
- ↑ - الجامع لأخلاق الراوي 2/126، للخطيب البغدادي مكتبة المعارف، الرياض، 1403هـ.
- ↑ - علوم الحديث لابن الصلاح ص 157.
- ↑ - انظر: معرفة علوم الحديث ص 153، محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، تحقيق: السيد معظم حسين، الطبعة الثانية، 1397هـ/1977م، دار الكتب العلمية، بيروت، علوم الحديث لابن الصلاح ص 157.
- ↑ - انظر: إعلال الحديث الغريب بالمشهور للدكتور المري، ص 53- 67، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 1431هـ/2010م.
- ↑ -علوم الحديث لابن الصلاح ص 157.
- ↑ -علوم الحديث لابن الصلاح ص 167.
- ↑ - الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها للدكتور المليباري ص 73، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1422هـ/2001م.
- ↑ - نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر لابن حجر ص 255.
- ↑ - انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 323.
- ↑ - ميزان الاعتدال للذهبي (5/170.
- ↑ - الموقظة للذهبي ص 77.
- ↑ - الموازنة بين المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها للدكتور المليباري، ص 78.
- ↑ - السنن الكبرى للنسائي 2/252.
- ↑ - مسند البزار 8/264.
- ↑ - انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 323.
- ↑ - الجرح والتعديل 6/322، وتهذيب الكمال 14/28-40،
- ↑ - الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي 2/555، مكتبة الرشد، الرياض، تحقيق: د. محمد سعيد، الطبعة الأولى، 1409 هـ.
- ↑ - مسند البزار 8/387.
- ↑ - حلية الأولياء لأبي نعيم 7/229.
- ↑ - العلل للدارقطني 13/56.
- ↑ - وقيس بن أبي حازم أبو عبد الله الكوفي ثقة. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/102، سؤالات الآجري لأبي داود ص 113، كتاب الثقات لابن حبان 5/307.
- ↑ - انظر: إعلال الحديث الغريب بالمشهور للمري 70، 83- 92.
- ↑ - الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي 1/167.
- ↑ - أطراف الغرائب والأفراد 1/53، الحافظ محمد بن طاهر المقدسي، تحقيق: محمود محمد حسن نصار والسيد يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ/1998م.
- ↑ - المعجم الصغير 2/133.
- ↑ - الجامع 4/288.
- ↑ - والقاسم بن العباس الهاشمي أبو العباس المدني ثقة وروى له الجماعة إلا البخاري وأبو داود. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/114، كتاب الثقات لابن حبان 7/335، تقريب التهذيب لابن حجر 2/20.
- ↑ - ومحمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب القرشي، ثقة روى له الجماعة من السابعة، ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/314، تهذيب الكمال 5/255، تقريب التهذيب لابن حجر 1/105.
- ↑ - وشبابة بن سوار المدائني، ثقة ورمي بالإرجاء، وروى له الجماعة. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4/392، تقريب التهذيب لابن حجر 1/410.
- ↑ - مسند البزار 8/369.
- ↑ - مسند البزار 9/86.
- ↑ - أنظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/280، معرفة الثقات للعجلي 2/240، تقريب التهذيب لابن حجر 2/85.
- ↑ - وقرة بن خالد السدوسي أبو خالد البصري، ثقة وروى له الجماعة. ينظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد 2/93، تحقيق: وصي الله بن محمد عباس، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1408هـ/1988م، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 9/94، تهذيب الكمال للمزي 23/577.
- ↑ - تاريخ ابن معين رواية ابن محرز ص 116، تحقيق: محمد كامل القصار، مجمع اللغة العربية، دمشق، الطبعة الأولى، 1405هـ/1985م.
- ↑ -انظر: التفرد في رواية الحديث ومنهج المحدّثين في قبوله أو ردّه، ص 580، د. عبد الجواد حمّام، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2008، دار النوادر، بيروت.
- ↑ - ميزان الاعتدال للذهبي 5/169.
- ↑ - الجامع 5/316.
- ↑ - حلية الأولياء 4/297.
- ↑ - وعمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني ثقة من السادسة. أنظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/107، الثقات للعجلي 2/165، تقريب التهذيب 1/716.
- ↑ - هو ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني ثقة من السادسة. أنظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/453، كتاب الثقات لابن حبان 6/294، تقريب التهذيب 1/287.
- ↑ - مسند البزار 8/360.
- ↑ - ثقة، روى له الجماعة. ينظر: معرفة الثقات للعجلي 1/202، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/101، تهذيب الكمال للمزي 2/88، تقريب التهذيب لابن حجر 1/56.
- ↑ - وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي ثقة فاضل ، روى له الجماعة. ينظر: تاريخ ابن معين رواية الدوري 3/206، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، مركز البحث العلمي، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1399هـ/1979م، معرفة الثقات للعجلي 1/389، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4/79، تهذيب الكمال للمزي 10/240.
- ↑ - جامع الترمذي 5/615.
- ↑ - مسند البزار 9/82.
- ↑ - ثقة وروى له مسلم وأبو داود. ينظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد 2/298، تاريخ ابن معين رواية الدارمي ص 127، تهذيب الكمال للمزي 11/220.
- ↑ - المعجم الأوسط للطبراني 2/92.
- ↑ - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/403، معرفة الثقات للعجلي 2/286.
- ↑ - العلل ومعرفة الرجال لأحمد 3/21.
- ↑ - قال الحافظ البزار بعد رواية حديث من طريق ريحان بن سعيد (2/310): "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه ، ولا رواه عن أيوب إلا عباد بن منصور ، ولا عن عباد إلا ريحان بن سعيد وريحان بن سعيد بصري كتب عنه أهل الحديث: علي بن المديني وإبراهيم بن محمد بن عرعرة وإبراهيم بن سعيد الجوهري وغيرهم، وحدّث بأحاديث كثيرة عن عباد عن أيوب لم يحدّث بها عنه غيره، واحتملت عنه على تفرده بها من غير إنكار عليه".
- ↑ - انظر: جامع الترمذي 2/341، 2/345، 3/376، 3/512، 4/259، 4/309، 4/494، 4/7.
- ↑ - انظر: الكامل 2/413، 3/310،
- ↑ - المعجم الأوسط 3/42.
- ↑ - حلية الأولياء 2/230.
- ↑ - ثقة روى له النسائي وابن ماجه. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/414، العلل ومعرفة الرجال لأحمد 1/545، تهذيب الكمال 4/78.
- ↑ - مسند البزار 8/452.
- ↑ - حلية الأولياء لأبي نعيم 2/302.
- ↑ - وأبان بن صمعة الأنصاري صدوق إلا أنه تغير بأخرة السابعة . ينظر: معرفة الثقات للعجلي 1/198، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/298، العلل ومعرفة الرجال لأحمد 2/498، تاريخ ابن معين رواية الدوري 4/187، الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 149، تقريب التهذيب لابن حجر 1/51.
- ↑ - هو جابر بن عمرو الراسبي صدوق لكنه يهم، [م ت ق] ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/495، كتاب الثقات لابن حبان 4/103، الكامل لابن عدي 2/337، تقريب التهذيب لابن حجر 1/153.
- ↑ - مسند البزار 9/306.
- ↑ - رماه يحيى القطان وأحمد والنسائي بالاختلاط. وقال ابن مهدي: لقيته وقد اختلط البتة قبل أن يموت بزمان. وانظر: الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط ص 35.
- ↑ - انظر: الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات، ص 43، 44، لأبي معاذ طارق بن عوض الله، ط1، 1418ه/1998م، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.
- ↑ - علوم الحديث لابن الصلاح ص 148.
- ↑ - أما الشاذ فقد ذكر الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث (ص 183) في تعريفه، فقال: ما يتفرّد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابِع لذلك الثقة. وأما المنكر فقال ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث (ص 46) عند ما قسّم المنكر إلى قسمين، وذكر القسم الثاني: وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده.
- ↑ - العلل الصغير للترمذي ص 758.
- ↑ - حماد بن أسامة القرشي الكوفي ثقة ثبت وربما دلّس، روى له الجماعة. ينظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد 1/390، معرفة الثقات للعجلي 1/318، الجرح والتعديل 3/132، تقريب التهذيب 1/236.
- ↑ - مسند البزار 9/159.
- ↑ - صحيح مسلم 6/12.
- ↑ - وعمرو بن حمران البصري لا بأس به. ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/227، مسند البزار 9/28.
- ↑ - مسند البزار 9/28.
- ↑ - وعمران بن داور أبو العوام القطان البصري صدوق إلّا أنه يهم، روى له الأربعة. ينظر: العلل ومعرفة الرجال لأحمد 3/25، الكامل لابن عدي 6/164، تهذيب الكمال للمزي 22/328.
- ↑ - مسند البزار 9/48.
- ↑ - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/123، المجروحين لابن حبان 1/248، تقريب التهذيب لابن حجر 1/232.
- ↑ - ينظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/85، كتاب الثقات لابن حبان 5/55، تقريب التهذيب لابن حجر 1/502.
- ↑ - انظر: علوم الحديث لابن الصلاح ص 148، التقييد والإيضاح 1/111، زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، المكتبة السلفية، الطبعة الأولى، 1389هـ/1969م.
- ↑ - انظر: الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات، ص 43، 44.
- ↑ - مسند البزار 9/95، 96.
- ↑ - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/289.
- ↑ - تقريب التهذيب لابن حجر 2/88.
- ↑ - ومهاجر بن مخلد أبو مخلد مقبول من السادسة ، روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه. ينظر: كتاب الثقات لابن حبان 7/486، تقريب التهذيب لابن حجر 2/217، تهذيب الكمال للمزي 28/579.
- ↑ - مسند البزار 9/91.
- ↑ - جامع الترمذي 1/159.
- ↑ - مسند البزار 9/134.
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Article Title | Authors | Vol Info | Year |