1
3
2021
1682060055167_1826
https://www.benkjournal.com/archives/1617
المشترك الإنساني قيم التعايش ثقافة السلم والأمان الأديان والثقافات والحضارات
د. مونير يونس: باحث في العقيدة والفكر الإسلامي، جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال المملكة المغربية
البريد الإلكتروني:mouniryounes2015@gmail.com
Abstract:
This research deals with the topic of dialogue and civilized communication and its role in establishing a culture of coexistence in a world of multiple religions, cultures and civilizations, and through this we aspire to confirm the legitimacy of the claim of civilized dialogue and acquaintance, even if we are in a time rife with wars with a religious and political background. In dialogue and communication to understand and understand the other.
However, our optimism about the success of dialogue between civilizations and cultures cannot make us lose sight of the many realistic difficulties it faces, especially the growing tendency to war of all kinds, excessive obsession with armaments and a wrong view of the other. Therefore, dialogue and civilized communication require more intellectual and field work by researchers to expand the phenomenon of moderation and tolerance in the world, and it needs parallel cultural diplomacy or the so-called "culture of spreading peace", and a lot of boldness in taking positions and decisions by the ruling political class.
Keywords: The common human, values of coexistence, a culture of peace and security, religions, cultures and civilizations.
المقدمة:
إن الظروف التي نعيشها اليوم من صراعات دينية ومذهبية وطائفية التي تجتاح العالم، بفعل الفشل في إدارة الخلاف والاختلاف التي تشكل واقعاً ثابتاً، وسنّة كونية بين مكونات المجتمع البشري على مر العصور ﴿وَلَوْ شَآءَٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ وَلَتُسَْٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾0، ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾0، في ظروف كهذه تتزايد الحاجة بإلحاح أكثر من أي وقت مضى إلى تجاوز هذا الفشل والإخفاق بالنزوع إلى تعميق وترسيخ قيم التعايش والتسامح والتساكن وأسس العيش المشترك، وفقاً لما رسمه الإسلام وأسس له في هذا النطاق، سعياً إلى توفير السلم والاستقرار، وتحقيق التنمية الشاملة في العالم.
لقد شرع الإسلام أرقى المناهج السلوكية تقنيناً وضبطاً للتعامل بين الفرد ونظيره، وبين الأفراد والجماعات، في أبهى صور التعامل القائم على تقبل الآخر واحتضانه ضمن العائلة الإنسانية الكبرى في إطار التعايش المتكامل تحت سقف واحد وعلى صعيد مشترك، يتمتع كل فرد فيه بحفظ خصوصيته عبر احترام معتقده ونفسه وماله وعرضه، وقد شرع الإسلام هذا المنهج الحكيم المتميز من خلال منظومة قيم وأخلاقيات تشكل بمجموعها ما بات يعرف اليوم في مجال علم الاجتماع السياسي اصطلاحاً بمبادئ «التسامح وأسس العيش المشترك .«
إن خصوصية التعايش التي وردت في الآية الكريمة أصرح دليل على تبني الشريعة الإسلامية الغراء لمبادئ وأسس العيش المشترك بين الإنسانية جمعاء، لما يتطلبه حصول التعارف من ضرورة الاحتكاك والاختلاط بين القبائل والشعوب والأمم، والجماعات والعائلات والأسر والأفراد، في وضع يسمح لكل من موقعه بفرصة المساهمة في جو يطبعه التعاون بتوحيد الجهود البشرية والإندماج الجماعي في العمل المتكامل المنسجم، تحقيقاً لعمارة الأرض واستمرار ديمومة الجنس البشري، وتجسيداً لحكمة خلافة بني آدم في الأرض.
الإشكاليات المطروحة في البحث:
بناءا على ما سبق نطرح الأسئلة التالية،ما الذي تغير في ثقافة وفلسفة التعايش الديني في مختلف بقاع العالم؟ هل ما زلنا نقبل الإختلاف الديني كما عهدنا في السابق؟ ما دور وسائل الإعلام والعولمة في تفعيل التعايش بين الشعوب والأديان؟ هل التاريخ بين مختلف الأديان والحضارات والثقافات هو نفسه الحاضر؟ هل ما زلنا نعيش بدون تمييز وبدون النظر للآخر كمسيحي أو يهودي أو حتى مسلم سني أو شيعي؟ ولا ننسى أن الحضارة والمنطقة العربية هي مهد الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام، فأين نحن من التسامح والتعايش والتساكن الذي ننشده؟هل يمكن اعتبار حوار الأديان والحضارات والثقافات مشروعا واقعيا أنطولوجيا أمام واقع العنف والصراع المتزايد؟.
المنهجية المعتمدة في البحث:
استندت في هذا البحث على المنهج التحليلي لبيان الفرضيات الضرورية، للوصول إلى إجابات وتقديم الحلول والأفكار المناسبة في ظل الدبلوماسية الثقافية، من أجل نمو وتوسيع ظاهرة الحوار الديني والثقافي بين الأديان والحضارات والثقافات.
أهمية البحث في الموضوع:
يعد موضوع المشترك الإنساني من الموضوعات التي تكتسي أهمية كبرى لدى جميع الثقافات والشعوب، في الوقت الراهن وفي المستقبل المنظور، نظرا لفشل الخطابات العنصرية والذرائعية والقومية وانفضاح الفلسفات المحرضة على الكراهية والصراع والصدام الحضاري وتذويب الثقافات، في مقابل تكاثر النداءات العالمية التي تستحسن القيم العالمية المشتركة من قبيل الحديث عن"الأخلاق العالمية" و"الأخلاق الكونية"0، ناهيك عن تداخل المصالح المشتركة وتشابك العلاقات الدولية وتبادل الخدمات في جميع المجالات والميادين، وعلى كل المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية والفكرية والثقافية والعمرانية.
المبحث الأول: دراسة مفهوم الدين والحضارة والثقافة
أولا: مفهوم الدين "Religion".
جاءت لفظة الدِّين في اللّغة على عدة معاني، ومنها: المجازاة، كما يقول الدكتور السوري محمد الزحيلي: "الدّين هو الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب، ومنه قول العرب: كما تدين تدان، أَيّكَمَا تصنع يصنع بك"0، كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾0،ومنه الدّين بمعنى الإسلام0. الطاعة: إذ يأتي الدِّين بمعنى الطَّاعَةُ والِانْقِيَادِ، وَالذُّلِّ، والدِّينُ يأتي بمعنى الْعَادَةُ.0والتوحيد: إذ يأتي الدّين بمعنى التّوحيد، فقد قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾0. ويأتي بمعنى الحُكمُ، فقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿كَذلِكَ كِدنا لِيوسُفَ ما كانَ لِيَأخُذَ أَخاهُ في دينِ المَلِكِ﴾0، ويأتي بمعنى المِلّة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ﴾0.
تعدّدت تعاريف العلماء المسلمين لمعنى الدّين اصطلاحاً، فمنهم من عرف الدّين بأنه: "الشّرع الإلهي المُتلقّى عن طريق الوحيّ"0، وعرفه الدكتور السوري فراس السواح وهو مفكر وباحث في الميثولوجيا وتاريخ الأديان: "أنه عملية استرضاء وطلب عون أقوى أعلى من الإنسان، يعتقد أنها تتحكم بالطبيعة والحياة الإنسانية، وهذه العملية تنضوي على عنصرين، واحد نظري والآخر تطبيقي عملي، فهناك أولا الاعتقاد بقوى عليا، يتلوه محاولات لاسترضاء هذه القوى، ولا يصح الدين بغير توفر هذين العنصرين، ذلك أن الاعتقاد الذي لا تتلوه ممارسة هو مجرد لاهوت فكري، أما الممارسة المجردة عن أي اعتقاد فليست من الدين في شيء"0. ويقول الدكتور الأردني سعدون محمود الساموك أستاذ الأديان في جامعة بغداد سابقا: "ليس بين المؤسسات البشرية مؤسسة تضاهي الدين في سيطرته على نفسية الفرد وزجره وكبح جماح شهواته، سواء أكان الفرد بدائيا أو متمدنا. فالدين بنى كيانه منذ نشأته على الحلال والحرام، فالحرام مالا يجوز مسه أو التقرب منه أو أكله، وحمل الفرد على الإعتقاد بأن من يخالف هذا التحريم يأثم ويستحق العقاب"0، وجاء في قاموس الأنثروبولوجيا بأن: "الدين نظام اجتماعي يقوم على علاقة الإنسان بكائن، أو كائنات، أو قوى فوق طبيعية، أو إله، أو آلهة يؤمن بها، ويعبدها عن طريق وسطاء يعتقد أنهم يمثلونه أو يمثلونهم، ويتجسد الدين بنسق سلوكي وقانوني أخلاقي، كما تأخذ العلاقة بين العابد والمعبود شكل نسق اجتماعي مقرر، ونمط ثابت."0. أما الغربيون فلهم في تعريف الدين تعريفات شتى نذكر نماذج منها: "يقول سيسرون في كتابه (عن القوانين) الدين هو الرباط الذي يصل الإنسان بالله، ويقول كانت في كتابه (الدين في حدود العقل) الدين هو الشعور بواجباتنا من حيث كونها قائمة على أوامر إلهية، ويقول شلاير ماخر في (مقالات عن الديانة) قوام حقيقة الدين شعورنا بالحاجة والتبعية المطلقة، ويقول الأب شاتل في كتاب (قانون الانسانية) الدين هو مجموعة واجبات المخلوق نحو الخالق، وواجبات الإنسان نحو الخالق، ونحو الجماعة، ونحو نفسه.."0. ويقول عالم الإجتماع الفرنسي إميل دوركهايم في تعريف الدين أنه: "مؤسسة اجتماعية قوامها التفريق بين المقدس والدنيوي، لها جانبان: أحدهما روحاني مؤلف من العقائد والمشاعر الوجدانية، والآخر مادي مؤلف من الطقوس والعادات"0.
يحتوي تعريف الدّين الإسلاميّعلى أربعة عناصر أساسيّة: أولاً المصدر، وهو الله عز وجل، قال الله في كتابه العزيز: ﴿الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي أَنزَلَ عَلى عَبدِهِ الكِتابَ وَلَم يَجعَل لَهُ عِوَجًا﴾0. ثانياً الوحيّ، وهو الذي يكون وساطة بين العبد وربه، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾0. ثالثاً الموحى به، وهو المنهج أيّ القرآن الكريم، والسنّة الشريفة، قالتعالى: ﴿كَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾0. رابعاً الموحى إليه، وهم الأنبياء والرّسل جميعاً، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ*وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ*صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾0.
ثانيا: مفهوم الحضارة "Civilisation".
جاءت كلمة الحضارة من مصدر حضر، من الحضر والحضرة وهي خلاف البادية وهي المدن والقرى وسميت بذلك لأن أهلها حضروا الأمصار ومساكن الديار التي يكون لهم بها قرار0، يقول الفيروز آبادي: "الحضارة هي الإقامة في الحضر"0. واصطلاحا تطلق حضارة بمعناها الذاتي المجرد على مرحلة سامية من مراحل التطور الإنساني المقابلة لمرحلة الهمجية والتوحش0. وذهب ول وايريل ديورانت المؤرخ والمفكر الأمريكي إلى أن الحضارة هي: "نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، والحضارة تتألف من عناصر أربعة: الموارد الإقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون، وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمن الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وإزهارها"0. ويعرف الفقيه والمؤرخ وعالم الاجتماع المغربي عبد الرحمان بن خلدون الحضارة بأنها: "غاية للبداوة وأن العمران كله من بداوة وحضارة وملك وسوقة له عمر محسوس...فلتعلم أن الحضارة في العمران أيضا كذلك، لأنه غاية لا مزيد وراءها. وذلك أن الترف والنعمة إذا حصلا لأهل العمران، دعاهم بطبعه إلى مذاهب الحضارة والتخلق بعوائدها...والحضارة كما علمت هي التفنن في الترف واستجادة أحواله...والحضارة تتفاوت بتفاوت العمران، فمن كان العمران أكثر كانت الحضارة أكمل."0.
والحضارة الإسلامية يمكن أن تتخذ أشكالا متنوعة في تركيبها المادي والتشكيلي، ولكن الأصول والقيم التي تقوم عليها ثابتة، يضيف سيد قطب موضحا الأسس التي تقوم عليها هذه الحضارة وهي: "العبودية لله وحده، والتجمع على آصرة العقيدة واستعلاء إنسانيةالإنسان على المادة وسيادة القيم والإنسانية التي تنمي إنسانيةالإنسان لا حيوانيته... وحرمة الأسرة، والخلافة في الأرض على عهد الله وشرطه، وتحكيم منهج الله وشريعته وحدها في شؤون هذه الخلافة"0.
أما الحضارة بمعناها الموضوعي فهي أعلى مستوى لتجمع ثقافي بشري للإنسانية، وتمثل أوسع مستوى من مستويات الهوية الثقافية التي يمتلكها الكائن البشري وتميزه عن الكائنات الأخرى، ومحدداتها هي العناصر الإيجابية المشتركة مثل اللغة والدين والتاريخ والمؤسسات، وهي تتداخل وتتقاطع وقد تحتوي على حضارات فرعية0. وهناك من يعرف الحضارة بأنها حركة أنسنة الإنسان في المجتمع، أو أنها حالة متطورة أو متقدمة من المجتمع الإنساني0. كما يعرف العالم والسياسي الأمريكي صامويل هنتنغتون الحضارة بأنها: "الكيان الثقافي الأوسع الذي يضم الجماعات الثقافية مثل القبائل والجماعات العرقية والدينية والأمم وفيها يعرف الناس أنفسهم بالنسب، والدين، واللغة، والتاريخ والقيم والعادات، والمؤسسات الإجتماعية بدرجات متفاوتة وفقا للجماعات الثقافية الداخلة تحت حضارة واحدة"0.
إنّ المفهوم الذي يُشابه مفهوم صراع الحضارات في القرآن هو التّدافع والتّلاقح، حيث تكمل بعض الحضارات بعضًا وتَتَعاقَب وتَتَواصلُ، فهي خُلاصة الفكر البشريّ والإبداع الإنسانيّ، وحركة التاريخ هي في المفهوم الإسلامي سنة اللَّه في الكون، فالصراع بين الحضارات ليس واردًا بما يشبه المفهوم الغربي، لأن دورات التاريخ تطَّرِد وفق المشيئة الإلهية، ولأن التاريخ هو من صنع الله، والإنسان يؤثر في مسار التاريخ ويصوغه ويبدع فيه، يقول الدكتورالسعودي عبد العزيز بن عبد الرحمن التويجري وهو أستاذ الإدارة والتخطيط: "إن التفاعل الحضاري يستند في مفهوم الفكر الإسلامي، إلى مبدأ التفاعل الحضاري، لا الصراع الحضاري، وهو المبدأ القرآني المحض"0. والتدافع الحضاريّ مفهوم قرآنيّ جامع للمعاني والدلالات حول تفاعل الحضارات معًا، يقول اللَّه تعالى: ﴿ولولا دفع االله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض﴾0، ويقول: ﴿ولولا دفع اللَّه الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللَّه كثيرًا﴾0، كما يأمر اللَّه عباده بالدفع بالتي هي أحسن ما أمكن ذلك، ففي قوله تعالى: ﴿ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم﴾0، ودفع اللَّه الناس بعضهم ببعض لا يلغي كل أشكال الصراع بالضرورة، إلا أنه لا يشمل الصراع المؤدي لفساد الأرض، فهذا التدافع بالأساس هو لمنع فساد الأرض، ويشمل الحوار والتنافس الإيجابي.
ثالثا: مفهوم الثقافة"the culture"
إنَّ كلمة الثَّقافة تحمل عددًا من المعاني فياللغةً، فيُقال ثقف الشَّيء إذا حذقه ومنه يُقال هذا رجلٌ ثقف أو امرأةٌ ثقفة، وتأتي الثَّقافة بمعنى الذَّكاء والفطنة، ومن المعاني التي تحملها هي الضَّبط والسُّرعة في التَّعلم، فيُقال عن الرجل ثقف إذا كان قائمًا بعلمه وضابطًا له، ومن معاني كلمة الثَّقافة لغةً الظَّفر بالشَّيء والغلبة عليه، ومن هنا يقول الإمامالقرطبي في تفسير ثقف في الآية القرآنية الآتية: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ﴾0، أي: "هي أسر العدو والغلبة عليه وتجعلهم في ثقاف، أو تلقاهم بحال ضعف تقدر عليهم وتغلبهم. يقال: ثقفته أثقفه ثقفا، أي: وجدته، وفلان ثقف لقف، أي سريع الوجود لما يحاوله ويطلبه وثقف لقف، وامرأة ثقاف"0، ومن المعاني التي يدلُّ عليها مصطلح الثَّقافة في التعريف الاصطلاحي، ما أشارت إليه الدكتورة المصرية نادية شريف العمري: "أن الثقافة تتناول العقيدة والنشاط الإنساني في شتى مجالات الآداب والعلوم والفنون والعادات، والأدب الشعبي وأدب الخاصة، والنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية كنظم الحكم والإدارة، ونظم الأسرة، ولا يخرج عن هذه الدائرة تخطيط المدن وتطوير القرى ووسائل النقل وأساليب المأكل والمشرب والزينة والزي ووسائل الترفيه النفسي والاجتماعي"0. ويشير مفهوم الثَّقافةكذلك إلى مجموعة من العلوم كالدِّين والأدب والعلوم والفلسفة،كما أنَّ الثَّقافة تدلُّ على العادات والتَّقاليد الموروثة لأمَّة ما وانتقالها من جيلٍ لآخر، وقد يكون للتَّوجه الدِّيني والمذهبي الأثر الكبير في تشكيل الثَّقافة، يقولعالم الاجتماع الأمريكي والباحث في الأنثروبولوجيا الثقافية دنيس كوش: "لا توجد الثقافات بمعزل عن العلاقات الاجتماعية التي تكون دوما، علاقات غير متساوية"0. وتقول الدكتورة زينب إبراهيم شوربا: "الثقافة هي متعددة. ولن تصير واحدة ما دامت تتعلق بإنتاج المعنى الذي يتميز به عالم الإنسان، والمعنى يزهر تنوعا ويثمر فرادة، أي هو سبيل لإنتاج الاختلاف والتعدد"0.
ويعد مفهوم الثقافة من المفاهيم المحورية في علم الإجتماع بصفة عامة، والأنثروبولوجيا الثقافية بصفة خاصة. ويشكل مفهوم الثقافة أحد الأفكار الكبرى، التي ساعدت البشرية على إنجاز الكثير من التقدم العلمي والتطور الفكري، فالثقافة مفهوم يتميز بأنه ذات طبيعة تراكمية ومستمرة. فهي ليست وليدة عقد أو عدة عقود، بل هي ميراث اجتماعي لكافة منجزات البشرية.
المبحث الثاني: أهمية الثقافة في استيعاب متطلبات الحضارة الإنسانية
إنه سؤال يبدو للوهلة الأولى سؤالاً ساذجاً أو بسيطاً، ولكنه في حقيقة الأمر أعقد مما نتصور وذلك لأن مفهوم الحضارة متشابك مع مفاهيم أخرى عديدة لا تقل عنه أهمية أبداً. وعلى كل حال فإن الحضارة في مفهومها العام "هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته، سواء أكان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصودة، وسواءً أكانت الثمرة مادية أم معنوية"0.
إنّ هذا التعريف الأولي والمبدئي للحضارة يبيّن لنا بوضوح العلاقة الوطيدة بين الأسس الثلاث التي تعمل على إبداع الحضارة الإنسانية، وهي: "الزمان، والفكر، والإنسان" .وهذه الأسس الثلاث برأي الدكتور والمؤرخ المصري حسين مؤنس، هي:"المنطلق الجوهري والأساسي لقيام أية حضارة كانت"0. فالقيمة الحقيقية لأي إبداعٍ حضاري لا تتجلى إلا إذا أخضعها الانسان لتجربته مرّة إثر أخرى وعلى مجالٍ زمنيّ طويل. فالزمن هو أحد العناصر الهامة في اكتشاف القيمة الحضارية لأية ثمرة إبداعية جديدة، وعندما نتحدث عن الثمار الإبداعية فإننا بطبيعة الحال نتحدث عن دور الفكر أو العقل في إنتاج هذه الإبداعات الحضارية. ومما لا شك فيه أن التفكير المنظّم والمدروس عبارة عن عملية حضارية بحدّ ذاتها حيث أنها احتاجت إلى زمن طويل لتصبح بعد ذلك عنصراً فعّالاً في توجيه أعمال الإنسان وصنع الحضارات وتطويرها باستمرار.
إن مفهوم الحضارة مرتبط بالجانب الأخلاقي لدرجة لا يمكن الاعتراف بالتقدم والتطور البشري والإنساني، ما لم يكن هذا التقدم مقترناً بالاستعداد الشخصي للعمل الإيجابي من جهة، وبالمبادئ والتعاليم الأخلاقية السامية من جهة أخرى. وهذا ما يؤكد عليه الفيلسوف الألماني ألبرت اشفيتسر في تعريفه للحضارة حيث يقول: "إن الحضارة بكل بساطة، معناها بذل المجهود، بوصفنا كائنات إنسانية، من أجل تكميل النوع الإنساني وتحقيق التقدم، من أي نوع كان، في أحوال الإنسانية وأحوال العالم الواقعي. وهذا الموقف العقلي يتضمّن استعداداً مزدوجاً: فيجب أولاً أن نكون متأهبين للعمل إيجابياً في العالم والحياة، ويجب ثانياً أن نكون أخلاقيين"0.
فالحضارة، تبعاً لذلك تنشأ حينما يشحذ الناس هممهم لبلوغ التقدم والازدهار لدفع الحياة الإنسانية إلى الأمام على نهج أخلاقي واضح وصريح؟ يقول الدكتور والفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري: "تلك هي الأخلاق التي تكون فضائل في حالات ورذائل في أخرى، أما الأخلاق المحمودة المعدودة فضائل فقلما تجتمع كلها في إنسان واحد، وأما المعدودة نقائص ومعايب فقلما يوجد إنسان يخلو من جميعها، خاصة لمن لم يرض نفسه ويؤذبها. ولذلك كان أولى الأمور بالإنسان أن يتفقد أخلاقه ويتأمل عيوبه ويجتهد في إصلاحها، فإن الناس إنما يتفاضلون بأخلاقهم"0. ولو أردنا أن نستعرض آراء كل الفلاسفة والمفكرين وعلماء الاجتماع المتعلقة بتعريف الحضارة لرأينا أن هناك تقارباً كبيراً في تعريفاتهم لها، ولكن يمكن أن تكون هناك بعض الاختلافات الفرعية أو الإضافات الفكرية الأخرى التي يتبناها البعض، وقد رأينا كيف أن الفيلسوف الأخلاقي ألبرت اشفيتسر قد ربط مفهوم الحضارة بالأخلاق، بحيث لا يمكن أن يعتبر أن هناك خطوات أخلاقية إنسانية ما لم تكن تلك الخطوات مترافقة تماماً مع التقدم الأخلاقي والتطور الإيجابي المنعكس على الوجود الإنساني العام. وبالمقابل فإن هناك بعض الفلاسفة الآخرين أمثال دوركهايم وداوسن وماوسن رأوا أن الحضارة عملية أصيلة خاصة من الإبداع الثقافي، وهي بشكل خاص عند المؤرخ والفيلسوف الألماني أوزفالد شبنجلر: "المصير الحتمي للثقافة"0.
وعلى ما يبدو فإن المفكر والباحث الأمريكي المعاصر صامويل هنتنغتون صاحب الكتاب الشهير الذي رأى النور في أوائل التسعينيات "صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي" قد تأثر بآراء أولئك الفلاسفة والمفكرين وعلماء الاجتماع، الذين يرون أن الحضارة بأبعادها المختلفة: هي صنيعة الثقافة العامة. ولذلك نراه يؤكد في أكثر من مكان في كتابه المذكور، والذي ترجم إلى معظم اللغات العالمية الحية على أن: "الحضارة هي أعلى تجمّع ثقافي من البشر وأعرض مستوى من الهوية الثقافية يمكن أن يميّز الإنسان عن الأنواع الأخرى. وهي تعرف بكل من العناصر الموضوعية العامة مثل اللغة والتاريخ والدين والعادات والمؤسسات والتحقق الذاتي للناس"0.
وهكذا، يصبح من المسلّم به عموماً أن استمرار التقدم والتطور والازدهار والرفاهية في المستقبل يعتمد كليّاً على استمرار الجهد الإنساني، على افتراض أن الدماغ البشري لا يعتريه الانحطاط ولا يعرف الارتداد إلى الوراء بشكل سلبي. ولكن هذه الفكرة، من الناحية النظرية، تعني أن التقدم الانساني يسير دائماً في الاتجاه المرغوب فيه، ولكي نحكم أننا نتحرك في الاتجاه الصحيح والمرغوب فيه، علينا أن نعرف وبشكل مستمر ما الغاية من هذا التحرك الانساني. ويربط الباحث جون بانيل بيوري مؤرخ بريطاني وباحث في تاريخ العصور الكلاسيكية بين فكرة التقدم ومفهوم الحضارة،بحيث يرى أن الحضارة نفسها يمكن أن تنحرف عن مسارها الصحيح والمطلوب منها أن تسير عليه، وبالتالي ليس من السهل علينا أن نثبت أن القصد الذي يتقدم نحوه الإنسان هو القصد المرغوب فيه، يقول جون بانيل بيوري: "وتعني هذه الفكرة تحرك الحضارة واستمرار تحركها في الحاضر والمستقبل في اتجاه مرغوب. ولكن إذا أردنا التيقن نت تحركنا صوب الإتجاه المرغوب، فإن علينا أن نعرف على وجه الدقة: ما هو هذا الهدف؟ ويظن أغلب الناس أن الثمرة المرغوبة للتقدم الإنساني عبارة عن حالة من المجتمع ينعم فيها كل سكان الأرض بحياة رغيدة هنيئة، غير أنه من المتعذر أن نتأكد من أن الحضارة في الإتجاه الصحيح"0.
إن هذه الفكرة التي يتبناها بيوري عن احتمال انحراف الحضارة عن مسارها الصحيح هي فكرة منطقية تماماً من الناحية العلمية، فالعلم بلاشك دليل الحضارة ولكن هل كل اكتشاف علمي في البلدان المتحضرة، أو على الأقل التي تدعي الحضارة، توجه هذا الكشف العلمي لخدمة المجتمع الإنساني وتخفيف المعاناة عنه؟!. بالطبع لا، وما حدث في "هيروشيما وناكازاكي" في نهاية الحرب العالمية الثانية خير دليل على ذلك، فاكتشاف الذرة ودراستها علمياً وتطبيقياً لم يوجه في تلك الفترة لخدمة وراحة الإنسان، بل تتم ذلك التخلص من الإنسان وإذلاله من خلال حرب تعد فاتحة لحروب كونية أخرى قد تجري في أي وقت لاحق وسيكون الإنسان فيها هو وقود المحرقة أولا وأخيرا.
ومن هنا تبرز أهمية الثقافة في استيعاب متطلبات الحضارةالإنسانية ودراسة المجتمعات، فالثقافة ابتكار بشري، وهي صورة مبتكرة عن الحياة ونهج إنساني إبداعي للتعامل والتفاعل مع الوجود وعندما تكون الثقافة صورة لتفاعل الإنسان مع الوجود، فمن الطبيعي أن تكون هذه الصورة التفاعلية صلة الوصل بين الإنسان والحياة،وقد عني الباحثون في العلوم الاجتماعية والإنسانية بدراسة الظواهر الثقافية وعلاقتها بالسلوك الإنساني وبالحياة الجمعية العامة. "وقد استخدموا لذلك مفهومين، مازالا من المفاهيم الأساسية في الحقل الإجتماعي، وهما: الثقافة والمجتمع. ومعروف أن العلاقة وثيقة بين المفهومين، نظريا وفي الواقع الإجتماعي كذلك، وحتى لو أمكن التفرقة النظرية بينهما، إلا أن الظواهر التي يعبران عنها لا ينفصل بعضها عن بعض في الحقيقة والواقع. فالثقافة لا توجد إلا بوجود المجتمع، ثم إن المجتمع لا يقوم ويبقى إلا بالثقافة. إن الثقافة طريق متميز لحياة الجماعة، ونمط متكامل لحياة أفرادها. ومن ثم تعتمد الثقافة على وجود المجتمع، ثم هي تمد المجتمع بالأدوات اللازمة لاطراد الحياة فيه.لا فرق في ذلك بين الثقافات البدائية، والثقافات الحديثة"0. نستنتج أن من الصعب تماماً أن يتم التفريق بين الثقافة والمجتمع ولو من الناحية النظرية، فالثقافة هي ابنة المجتمع وهي شجرته التي تنمو في أحضان تربته الغنية، والمجتمع بدوره لا يحمل أي معنى ما لم يكن مزوداً وباستمرار بالنبض الثقافي والحضاريوالاجتماعي الذي يغذي عروقه وشرايينه.
لعل من أبسط تعريفات الثقافة وأكثرها وضوحاً وعمقا وارتباطا بالمجتمع وأفراده، هو تعريف عالم الاجتماع الحديث روبرت بيرستد الذي قدم تعريفا عاماً للثقافة في كتابه "النظام الإجتماعي" الذي ظهر في بداية الستينيات من القرن العشرين، حيث يقول بيرستد في تعريفه للثقافة: "إن الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه، أو نقوم بعمله. أو نتملكه كأعضاء في مجتمع"0، ولا يبدو هذا التعريف للثقافة بعيداً في مرماه عن تعريف العالم الإنجليزي ومؤسس الأنثروبولوجيا الثقافية0 إدوارد بيرنت تايلور، إذ يقول في تعريفه الأكثر تفصيلاً: "إنها كل مركب يشتمل على المعرفة والمعتقدات. والفنون والأخلاق، والقانون والعرف، وغير ذلك من الإمكانيات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع"0. وهذا يعني أن الثقافة تمثل المرآة التي تعكس صورة كل ما يحيط بها، فهي الانعكاس الصادق للعلوم وللمعتقدات الفلسفية والروحية المتنوعة، بالإضافة إلى أنها انعكاس فكري لشتى أنواع الفنون وكافة المبادئ الاخلاقية، والقوانين والأعراف الاجتماعية.
ولكن الفكرة الهامة التي لا نستطيع أن نغفل عنها أو أن نتجاوزها هي فكرة احتكار الثقافة كما يحاول البعض في العصر الحديث أن يروج لها. فالثقافة على صلة وطيدة مع الحضارة حتى أن الثقافة تكاد تكون سلم الحضارة وعنوانها. وبما أنهما توأمان يولدان سوية من رحم المجتمع، فهذا يعني أنهما إرث عام مشترك لكل بني البشر وذلك لأن المجتمعات تعتمد على بعضها البعض في إكمال بعضها البعض. فالثقافة اليونانية لم تكن في يوم من الأيام حكراً على أبناء "اسبرطة"0 أو "أبناء أثينا"، ونتاج الحضارة الفارسية ليس وقفاً على "الإيرانيين" فقط بل هو ملك عام للإنسانية جمعاء، ولا نعتقد أن هناك من الألمان من يقف ويقول مخاطباً العالم: ابتعدوا عن فكر "غوتة"0 فهو ملك لنا وحدنا نحن الألمان، ومن هنا يبرز الدور التفاعلي والوظيفة الفكرية والمعرفية للنشاطات والحركات الثقافية بين أبناء المجتمعات المختلفة والمتباعدة جغرافياً.
فالإطار العام للثقافة الواعية يقود إلى رؤية إنسانية أكثر شمولية تكشف عن الجوهر الواحد للإنسان وعن روح التفاعلات الاجتماعية والثقافية المتبادلة، وهذا ما عبر عنه الفيلسوف الهندي رادها كريشنان بقوله: "إذا ما تعالينا عن مظاهر الاختلاف بين المعتقدات والثقافات، فسنجدها جميعاً واحدة، لأن الإنسانية في جوهرها واحدة، وإن تنوعت وتعددت ثقافاتها"0. وهذا يعني أن الثقافة ليست بضاعة مادية لأمة من الأمم، وإنما ثقافة كل أمة ملك البشرية كلها، لأنها خلاصة تفكير البشرية جمعاء. فثقافة أي أمة من الامم كما يقول عنها الأديب المصري توفيق الحكيم: "ليست سوى عسل استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال"0. كما أن كل ظاهرة من ظواهر الثقافة الإنسانية، من الطقوس واللغة إلى اللباس والتنظيم الاجتماعي، موجهة في نهاية الأمر نحو إعادة تنسيق الجهاز الإنساني والتعبير عن الشخصية الإنسانية0. وكنتيجة لذلك، فإن الحضارة الإنسانية يزداد سموها بقدر عمق واتساق ثقافتها. وبقدر طاقة تلك الثقافة على إعادة تنسيق وتنظيم التشكيلات الإنسانية والتعبير عن حاجات ومتطلبات الكينونة الإنسانية.يقول الدكتور العراقي عماد الدين خليل الطائي: "صحيح أن الصيغة الحضارية تؤثر في العملية العقلية، وتؤدي دورا أكيدا في توجهاتها.. ولكن مفتاح الحركة، والكلمة الفاعلة فيها هي للعقل أولا وأخيرا"0.
المبحث الثالث: الحوار والتواصل الحضاري المشترك وفق المنهجية الإسلامية
مارس المسلمون الحوار والتواصل والتفاعل مبكرا على مستويات شتى، مع حضارات وديانات ذات منحى فكري فلسفي لا يلتقي بالضرورة مع الأفق الفكري الفلسفي للرسالة الإسلامية، بيد أن نقاط الالتقاء أسهمت في خلق مناخ ملائم لاستعراض الأفكار ومعالجة الإشكاليات التي ارتهنت عقل الآخر وأثارت تحفظاته ضد القيم الجديدة، وكان المنهج القرآني حاضرا في الحوارات العقدية والفكرية، وكان المسلمون أشد حرصا على الانطلاق من نقاط الالتقاء استجابة لقوله تعالى:﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾0.
وقد تطورت العلاقة في ظل المنهج القرآني إلى مستوى الدخول في دين الله أفواجا بعد التخلي عن ترسبات الماضي الثقافي الجاهلي والانفتاح على الحضارة الإسلامية الوافدة الجديدة.وبالأسلوب القرآني ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ 0حسم المسلمون الحوار والمعارك الكلامية، وفتحوا أمام الدعوة الجديدة آفاقا رحبة امتدت لتصل أقاليم الشرق والغرب، متحدية بنموذجها كل الحضارات البشرية القائمة على الجهل واللادين، وهو نموذج فرض نفسه عبر معطيات منجزه الحضاري الذي أثر في الحياة، وأفاد الأمم بزخم معرفي انتزعها من واقعها السيء، وارتقى بها إلى مستوى إنساني رفيع في أعقاب ردح طويل من الزمن عاشته في ظل عبودية استبدادية قوامها القوة والعنف والتزوير. ويستشعر القارئ لكتاب روجي جارودي المفكر الفرنسي المسلم "في سبيل حوار الحضارات" أن المعاني التي حملها لم تقرأ فعلا كما أراد لها، وروح التسامح العابرة للقارات والأجناس والديانات لم تجد صدورا رحبة تستلهم منها تجربة إنسانية جديدة، فالمشكلة حسب روجي جارودي هي: "مشكلة إحداث تغيير جذري في الأنموذج الغربي لعلاقتنا مع الطبيعة، بفضل حكمة الصين وإفريقية والهند والإسلام، مشكلة إقامة توازن في مفهومنا ذي النزعة التقنية، بالإفادة من تجربة حية وشعرية وصوفية، هي تجربة اتصالنا ومشاركتنا في طبيعة لا نملكها بل تملكنا"0. لقد أنفق روجي جارودي جل عمره في سبيل ترسيخ مبادئ حوار الحضارات التي تجاهلها الغرب نيفًا من الزمن. وقد وجد ضالته في تبنيه للمنهج الإسلامي، وسطر قاعدته المأثورة التي تؤمن بأن تحقيق الحوار المنشود بين الإسلام والغرب يقتضي إعادة طرح جديد يُبنى على الوضوح ويلتزم بأخلاقيات الحوار، ويعيد النظر في الأهداف والوسائل الموصلة إلى ذلك، ولن يتأتى هذا الهدف المنشود والمتوخى إلا بتوسيع قاعدة هذا الحوار ليصير حوارًا ثقافيًّا مدنيًّا، يشمل كل المكونات والفعاليات الثقافية في المجتمعات المتحاورة.
ولم يواجه الحوار الحضاري الإسلامي في مراحله الأولى تحديا إلا من قبل شعوب كانت تحتفظ بأنساق فلسفية وسياقات فكرية تتحكم في أداء العقل وتمنع أي مراجعة من شأنها تقويض البنى الفكرية له. فاضطرت هذه الشعوب أخيرا إلى التكيف مع الوافد الإسلامي بعد مقاومة عنيدة، ونجحت في تقديم نموذج حضاري إسلامي ممزوج بفضائل موروثها الثقافي على أساس أن: "التنوع والتعدد الثقافي حق طبيعي يؤسس للثقافات البشرية فضاء حيويا للنمو والتفتح والإزدهار والتبادل في أحضان حضارة إنسانية يؤمل دائما أن تكون رحبة لجميع مكوناتها".0 يقول الدكتور طه جابر العلواني وهو مفكر وفقيه إسلامي عراقي. كان رئيس المجلس الفقهي بأمريكا، ورئيس جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بهرندن الأمريكية: "لقد استطاع المسلمون أن يتجاوزوا بذلك ثنائية الشرق والغرب، كما استطاعوا استيعاب التعدديات الدينية والثقافية والحضارية كلها في إطار عالمية الخطاب الاسلامي، وإذا كان أقصى ما وصلت إليه الحضارة المعاصرة هو إقرار التعدد فإن عالمية الخطاب الاسلامي عملت وتعمل على استيعاب التعدد بعد الاقرار به، ودفعه باتجاه العالمية ليتحول إلى عامل دفع في إطار تنوع بشري إيجابي تظلل عليه أنوار الهدى ودين الحق."0.
كما لم يتخلَّ المسلمون عن شروط الحوار مع الآخر، رغم تماديه وإصراره على التمسك بموروثه الثقافي المثقل بحمولته الفكرية اللادينية واللاحضارية في أحيان كثيرة. فلم يرفضوا الآخر ولم يتعالوا عليه، وظل بعده الإنساني نقطة مضيئة في نسيج الحضارة الإسلامية. وبهذا الشكل ظلت العلاقة تحتضنها الروح الإسلامية بخصائصها الإنسانية وبشجاعتها في الانفتاح على الآخر مهما كانت درجات الاختلاف معه. يرى الدكتور والفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري حول دعوات الحوار والرؤى الحالمة لعالم أفضل أنها لم تتجاوز فيما يبدو الخطابات الطوباوية والكتابات المتفائلة والقاعات المغلقة يقول أن: "الذين يرفعونه واقفين عند منطوقه ينطوي موقفهم على نوع من الغفلة، ذلك لأن الحوار بين الحضارات إما أنيكون عفويا تلقائيا نتيجة الإحتكاك الطبيعي فيكون عبارة عن تبادل التأثير، عن أخد وعطاء، بفعل الصيرورة التاريخية، وهذا النوع من تلاقح الحضارات لا يحتاج إلى دعوة ولا يكون بتخطيط مسبق، بل هو عملية تاريخية تلقائية"0.
وقد أثمر الانفتاح تخصيبَ العلاقة وتطويرَها، ومن تم استثمار العناصر الإيجابية في الحضارات الأخرى بغية تمثلها وإعادة صياغتها في ضوء البنى الفكرية والعقدية للحضارة الإسلامية. ولعل الترجمة عن اليونان والفرس والهنود والروم تؤكد صدقية الإسلام في الانفتاح على الحضارات الأخرى، كما أن نجاح الإسلام في إقامة دول في: المدينة المنورة، والشام، وبغداد، والقيروان، والمغرب، والأندلس، وآسيا الوسطى، وتركيا، يؤكد حجم التأثير في الأوساط التي امتد إليها بفعل الغزارة المعرفية والعلمية والقدرة والإحاطة على توصيل المعرفة الإسلامية للآخر في إطار الشمولية الإسلامية. يقول الدكتور التونسي عبد المجيد النجار: "إن وظيفة الخلافة التي جعلت غاية للوجود الإنساني تعني بما تقدم من المعاني مباشرة الإنسان للكون بالروح وبالجسم: اعتبارا به واستثمارا لمنافعه وخيرراته، كل ذلك تكميلا للذات في بعدها الفردي والجماعي وترقية لها في وجهتها إلى الله تعالى غير منهاج العبادة ائتمارا بما أمر وانتهاء عما نهى"0.
لذلك، لم يكن الغرب في شتى مراحل تطوره بعيدا عن التأثر بإشعاعات الحضارة الإسلامية، وقد اعترف كثير من علمائهم بفضل الثقافة الإسلامية على تطور العنصر العلمي والمعرفي الغربي الذي أوجد النهضة الحضارية الحديثة. والحق يقال أنه بالتوازي مع نبرات الكراهية والعداء وصناعة الحروب، كانت تتعالى على الدوام من بين العوالم المختلفة، أصوات العقل و الحكمة ودعوات السلام لجعل الأرض مكان أفضل للعيش المشترك ولو من باب تسجيل المواقف، فقد رأى الدكتور هارولد موللر مثلا في مشروعه المضاد للمفكر الأمريكي صامويل هنتنغتون، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة فرانكفورت، وعضو الهيئة الاستشارية للأمين العام للأم المتحدة لشؤون نزع السلاح، ومدير مؤسسة هيسن لأبحاث السلم والنزاعات في فرانكفورت الالمانية: "أن صراع الثقافات ليس من صنع قوى الطبيعة بل من صنع البشر ولذلك يمكن لهم أن يتخطوه"0.
وعندما نراجع فصول الحوار الحضاري التي خاضها المسلمون في القرون الأولى من تاريخ حضارتهم، لا نجد أي إشكالية تعيق حركة الحوار آنذاك أو تغير وجهته، فإشكاليات الحوار الحضاري مع أي حضارة تتلخص في الاعتراف بالآخر المختلف وعدم إلغائه وتهميشه، والقدرة على الانفتاح والتفاعل الثقافي معه. وهذه الصورة البانورامية أكد عليها الباحث السعودي في الدراسات الإسلامية الدكتور زكي الميلاد في تبنيه لمفهوم تعارف الحضارات الذي رأى أنه أكثر ضبطا وصوابا من مفهوم حوار الحضارات، وأوضح تعبيرا عن الرؤيا الإسلامية يقول أن: "التعارف هو الذي يؤسس للحوار وينهض به، وما تحتاح إليه الحضارات في عالم اليوم هو التعارف الذي يرفع الجهل بصورة كافة، الجهل المسبب للصدام بين الحضارات، في المقابل أن التعارف هو الذي حافظ على تعاقب الحضارات في التاريخ الإنساني"0. حيث إن التفاعل الحضاري لا يمكن أن يتم ويتحقق إلا عن طريق حوار بناء وفعال بين الأديان، ولعالم اللاهوت السويسري هانز كونج0 قول شهير في الموضوع بحيث يقول: "لا حوار بين الحضارات بدون سلام ولا سلام بدون حوار بين الأديان"0، والهدف من هذا الحوار هو تحقيق "العيش المشترك" في عالم يسع الجميع مهما كانوا متباينين على المستوى العقائدي والثقافي والحضاري، ويطلق على هذا المصطلح كما حددته الدكتورة والخبيرة المغربية في الأديان مريم آيت أحمد ب"حوار الحياة"، حيث إن عملية التفاعل مع الآخر الحضاري، لا تعني الذوبان أو الانسلاخ من المدى الثقافي الأصيل، والانتقال أو القفز إلى المدى الثقافي المضاد، المهيمن، والغالب. وإنما التفاعل يعني إن ما من جسم حضاري إلا وله ركائزه ومقوماته ونقاط قوته، يحاول تعميمها ونشرها في ربوع دول العالم. يقول الدكتور راغب السرجاني وهو داعية إسلامي مصري مهتم بالتاريخ الإسلامي ومشرف على موقع قصة الإسلام: "لقد اتفقت الكثير من العلوم الإنسانية على أن وصول الإنسان إلى المدنية والتقدم الحالي، وهي مصلحة بشرية مشتركة لم يأت إلا من خلال التقارب والتعارف"0.
إن مفهوم الآخر في الإسلام كيف ما كان انتسابه الديني والعرقي، يتصف بذات المواصفات الإنسانية للفرد المسلم، وعند اعتناقه الإسلام يقف على قدم المساواة في الحقوق والواجبات مع جميع المسلمين بقطع النظر عن انحداره الطبقي أو القبلي أو الإقليمي. وقد جاءت معظم خطابات القرآن الكريم موجهة إلى مطلق الإنسان: "يأيها الإنسان" "يأيها الناس" واعترفت تلك الخطابات القرآنية أيضا بمعتنقي الديانات الأخرى: "يأهل كتاب"، ولم يشعر المخاطب بأي لون من ألوان التهميش أو الرفض. ولم يعش الآخر في ظل النموذج الحضاري الوافد عليه أية دونية أو تبعية تختزل الإنسان أو تشيئه، وظلت تشمله كغيره من المسلمين قيم التفاضل والعيش المشترك على أساس التقوى، بعيدا عن اللون واللغة والجنس والدين والثقافة. لأن القرآن الكريم هو: "كتاب حوار فهو الذي يجب أن ندرسه دراسة واعية، لنجد فيه الوثيقة الرائعة من وثائق الحوار الديني الذي يتعلق بكل قضايا العقيدة ابتداء من فكرة وجود الله، ووحدانيته، إلى الأحكام الشرعية"0، وسار على هذا النهج المفكر السوداني أبو القاسم حاج حمد بحيث يقول: "بهذا يصبح المنهج الإلهي بديلًا… فليس إعجاز القرآن في المبنى اللساني ولكنه في المعنى المنهجي الذي يعتبر حجته الآن على أهل الحضارات العلمية ضمن أرقى أشكالها الوضعية العالمية… التي تظل محتوى للوعي الكوني أكبر من موروث النبوات، بل هو الحكمة المهيمنة على حكمة الأنبياء والوعي الذي يتجاوزهم زمانًا ومكانًا، كما يتجاوز كل زمان ومكان،… لقد منحنا الله بمحمد منهجًا يرقى على كلالمناهج ونورًا نافذًا إلى كل التفاصيل، وساطعًا في كل الأرجاء، محيطًا بكل التجارب ويتجاوزها في الوقت نفسه بالنقد والتحليل… وبه ندرك أبعاد الماضي والحاضر والمستقبل"0. ومن الشواهد الغربية يقول العالم الأمريكي والبروفيسور الجيولوجي أليسون بالمر: "إن القرآن الكريم بما يحتويه من حقائق وأسرار علمية لا يزال العقل يجهل بعضها ويعجز عن تفسير البعض الآخر..إنما هو كتاب للماضي والحاضر والمستقبل..فهو كتاب القرن العشرين الذي ينبغي على العلماء أن يزيدوا من اهتمامهم به في المستقبل"، جاء هذا التصريح أثناء عقد المؤتمر الطبي العالمي الذي عقد بالقاهرة بجمهورية مصر العربية عام 1409ه/1989م، تحت عنوان "الإعجاز الطبي في القرآن الكريم والسنة الشريفة"0.
وفي ظل الوضع الكارثي لاغتراب البشر في هذا العالم عن الشرط الإنساني نفسه، فإن رفع رهان الاعتراف بالآخر والمعرفة العميقة به، بات شرطا ضروريا لرهان التكامل، وإلا فإن العكس قد يحيل الآخرين إلى اللامعنى الذي يلغي قيمة الوجود الإنساني نفسه، لذلك فإن المشهد العالمي يحتاج إلى حضارة إنسانية موحدة تختزل نتاج الآخرين ووجودهم، وتكرس تبعيتهم دون إرادة منهم، بل يكتمل بتكافؤ تمثيل جميع الحضارات بأطيافها العرقية وألوانها الثقافية وتركيباتها الاجتماعية. يقول الدكتور عمر عبيد حسنة وهو مفكر إسلامي سوري بارز، أديب صحفي واسع الاطلاع على التراث العربي والفكر الغربي، مدير مركز البحوث والدراسات التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، وعضو مجلس كليّة الشريعة والقانون والدراسات الإسلاميّة بجامعة قطر: "ولولا هذا التدافع وإمكانية دفع سنة بسنة وقدر بقدر، لكانت الحياة عبارة عن قوالب حديدية تصب فيها حركة الإنسان كسائر المخلوقات المبرمجة غريزيا، بعيدا عن أية إرادة وقدرة"0. يقول في هذا الصدد الدكتور العراقي ماجد الغرباوي: "التسامح ضرورة حياتية تبقى الحاجة قائمة لها ما دام هناك انسان يمارس العنف والاقصاء والتكفير، ويرفض التعايش السلمي مع الآخر المختلف أيا كان الاختلاف: ثقافيا أو دينيا أو سياسيا. بل الحاجة إلى التسامح تشتد مع اتساع رقعة التنوع الاثني والديني، لامتصاص تداعيات الاحتكاك بين القوميات والثقافات والاديان، والخروج بها من دائرة المواجهة إلى مستوى التعايش والانسجام"0.
المبحث الرابع: متطلبات الحوار الديني المعاصر كرافعة للتدافع الإنساني المشترك
تبقى غاية البحث عن مساحة مشتركة بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات على اختلافها للعيش السلمي المشترك، بعيدا عن أي عنف سواء كان ماديا أو معنويا، من هنا جاءت ضرورة بحث سبل إرجاع الإنسانية إلى إنسانيتها بالدين نفسه، وليس من خلال النظريات الجاهزة التي قد لا تنسجم مع الواقع الديني للمجتمعات،0 يقول الدكتور السوري وهبة الزحيلي حول التسامح أو السماحة في المفهوم الحضاري الإسلامي: "وغايته الانفتاح على الشعوب الأخرى، وإشعاع الخير والمعروف، والحفاظ على تألق الحضارة، ونشر ثقافة الحوار ونبذ التعصب والصراع، واحترام كرامة الإنسان، والحرص على توفير الأمن والسلام، والحب والعطاء، والعيش الودي المشترك بين المذاهب والأديان والفلسفات والقيم الخلقية السامية، ونشدان الإستقرار، وزرع الثقة والطمأنينة بين الناس"0. ولذلك سيكون البحث عن المتطلبات الدينية للحوار الديني والحضاري والثقافي بشكل لا يبقى معه أي جاهز أو معوق قد يسهم في إرباك عملية الحوار أو تعطيلها، ويمكن إجمال مجموعة من المتطلبات للإقرار والاعتراف بالتعددية والمشترك الإنساني:
أولا: إعادة فهم النص الديني: والسؤال هنا هل هناك مشروعية لإعادة قراءة النص المقدس عموما والنص الذي يحدد وينظم العلاقة بالآخر على وجه الخصوص، أو أنه يجب أن يبقى على القراءات السابقة له؟ وهل تعد القراءة الجديدة له خروجا من دائرة المسموح إلى دائرة المحذور؟ ثم هل النص القرآني يتحمل قراءات جديدة؟ وهل يمكن وصف القراءة الجديدة بأنها نقد أو توجيه للقراءة القديمة؟0، إن إعادة قراءة وفهم النص المقدس، تكفل إيجاد بيئة معرفية مناسبة للحوار الديني والانفتاح على الآخر معرفيا وأخلاقيا من دون إلغاء للثوابت الدينية من جهة، وحفظ خصوصية الهوية الدينية التي ينتمي إليها أطراف الحوار الديني من جهة أخرى، ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل يتعداه إلى إعادة بناء خطاب ديني جديد يسهم في إنجاح عملية الحوار وتقبل الآخر. تقول الدكتورة المصرية منى إبراهيم اللبودي: "تزداد حاجة الأفراد إلى امتلاك مهارات الحوار البناء في مواجهة التحديات التي تفرضها طبيعة الحياة المعاصرة، حيث يتعرض الفرد في كل وقت لسيل من المعلومات والأفكار والثقافات، عبر الاقمار الصناعية وشبكات المعلومات وأجهزة الإعلام والاتصالات"0، وتستطرد الدكتورة منى ابراهيم الحديث عن أهمية لغة الحوار والتواصل الفعال بين الأفراد والجماعات وتقول: "وتأتي أهمية استخدام أساليب الحوار البناء، لإشباع حاجة الإنسان للاندماج في جماعة والتواصل مع الآخرين مع الاحتفاظ بمسافة بينه وبينهم، للحفاظ على وجوده وتفرده. فالحوار الفعال يحقق التوازن بين حاجة الإنسان للاستقلالية وحاجته للمشاركة والتفاعل مع الآخرين"0.
ثانيا: بناء خطاب ديني جديد: فالبناء الجديد هو المجيء بأمر لم يكن موجودا سابقا، فلا يكفي أن يأتي خطاب ديني قديم بعبارات معاصرة، بل لا بد من المجيء بخطاب ديني يقوم على أساس فهم صحيح للنص الديني من جهة والموروث الديني من جهة أخرى0، ولا تتوقف تلك الصياغة على الألفاظ فقط بل تتعداها إلى المعاني والأسس المعرفية والأخلاقيةالتي يتضمنها النص الديني.يقول الدكتور إدريس هاني الباحث في فلسفة الدين والكلام الجديد حول الخطاب الديني والأخلاقي: "لقد عانى الوسط الديني من ظاهرة تراجع الأخلاق ما عانت منه قطاعات أخرى حتى كاد أن يصبح الدين نفسه في بعض الأوساط ممارسة سطحية بلا روح. وهاهنا يصبح الخطر مضاعفا، لما يستعيض المكلف الشرعي عن مكارم الأخلاق"0.
ثالثا: تفعيل الحوار والتواصل من النظرية إلى التطبيق: يعتبر من أهم المتطلبات وهو تفعيل أسس التواصل والحوار وشرعيته وضوابطه وإخراجها من حيز التنظير في بطون الكتب والمؤلفات والأبحاث إلى حيز التطبيق العملي في المجتمعات المتعددة الأديان والمذاهب والثقافات0، وهذا لا يتم إلا من خلال:
أ-توعية العقل الجمعي إزاء قضية الحوار الديني وتفعيل متبنياته العقدية والفكرية وهي من القضايا الكبرى المعاصرة.
ب-الحد من توظيف الدين سياسيا: ويقصد به جعل الدين طوع الغايات السياسية وفي خدمتها لغرض تحقيق مصالح سلطوية تتلبس بلباس ديني لإضفاء المشروعية عليها من جهة، واستقطاب النفوس والتأثير فيها لإحراز عدم المعارضة لها من جهة أخرى0.
ج-توجيه الإعلام الديني: وتتلخص خطوات توجيه الإعلام الديني فيما يتعلق في بيان حقيقة العلاقة مع الآخرين في ضوء التعاليم الدينية من خلال ما يأتي:
-
تنقية الإعلام الديني الداخلي من الإزدواجية التي تحكمه، إذ يكون الإعلام الديني الداخلي يتسم بالتطرف والتعصب الديني والمذهبي وفي الوقت نفسه، يكون إعلامه الخارجي داعيا للإنفتاح على الآخر واحترامه، مما يفقد ذلك الإعلام مصداقيته وتأثيره في المتلقي.
-
الإستماع إلى الآخر وإعطائه فرصة الحديث عن نفسه، من غير التخوف أن يكون ذلك جزء من الترويج للأفكار الخاطئة.
-
قراءة الواقع الديني الذي تعيشه المجتمعات قراءة واعية، بعيدا عن أية مؤثرات قد تؤدي إلى فقدان الموضوعية في إيصال حقيقة ذلك الواقع إلى الناس0.
-
في ظل الأوضاع الدولية المتغيرة، ينبغي على المجتمعات المحافظة على موقف موحد في الشؤون المتعلقة بالمصالح الخاصة بهما والقضايا الدولية والإقليمية الهامة وتوسيع المساحة الإقليمية والدولية للحوار السياسي. وفضلا عن ذلك، في موجة العولمة الاقتصادية، يجب على المجتمعات توسيع عمق ونطاق التعاون الاقتصادي لتحقيق الفوز المشترك في التبادلات الاقتصادية والتجارية والصناعية. يمكننا أن نقول إن التبادلات الثقافية والحوار الحضاري بصورة فعالة وعميقة، أساس وضمان لتوسيع التعاون السياسي والاقتصادي والأمني.
-
تلعب التبادلات الثقافية والحوار الحضاري بين المجتمعات دورا نموذجيا على الساحة الدولية. في سياق وجود الثقافات المختلفة والمتعددة العناصر في العالم في الوقت الحاضر، يجب على الشعوب من الحضارات المختلفة تعزيز ثقافة الحوار، الذي يعتبر الطريقة الفعالة الوحيدة للبشرية لتحقيق التعايش والتساكن والتطور معا.
-
علينا أن نحترم تنوع الثقافات وإجراء التبادلات الثقافية والحوار الحضاري. هذا طريق ضروري لدفع تطور الحضارة الإنسانية بصورة سليمة ومنسجمة. لأن التبادلات الثقافية تعتبر قوة محركة لكل الحضارات. ويساهم الحوار في دفع التبادلات والاندماج الثقافي بين الدول المختلفة، وأنه قوة هامة لتقدم المجتمع البشري وازدهار الحضارة الإنسانية.
-
تقول العرب "الأقوال ورقة والأفعال ثمرة". وإن مسيرة تحقيق حلم الحضارات المختلفة في العالم، هي عملية تطور مادي ومعنوي في نفس الوقت. مع التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المطرد.
استنادا إلى ما سبق، نعتبر أن التقاء الأديان والثقافات والحضارات هو معلم من معالم التاريخ الحضاري للإنسانية جمعاء، وهو قدر لا سبيل إلى مغالبته أو تجنبه، وقد تم دائمًا وأبدًا وفق هذا القانون الحاكم التمييز بين ما هو مشترك إنساني عام وبين ما هو خصوصية حضارية.ففي نظر زعيم الثورة الفكرية الفرنسي روجي جارودي لا سبيل للخروج من هذه الحلقة المفرغة إلا بفتح الحوار والتواصل بين الأديان والحضارات والثقافات يقول: "إننا نحن مالكي الحضارة التقنية وعبيدها إنما علينا أن نرقب من ثقافة الآخرين قدرتنا على البقاء"0. يقول عالم الدراسات المستقبلية الدكتور المغربي المهدي المنجرة في هذا الصدد: "إن الدعوة للسلام المبنية على احترام ميثاق الأمم المتحدة ضرورة أخلاقية وقانونية ولعل مرجعيتنا في الماضي وبوجه خاص خلال الحرب العالمية الثانية لا يمكنها أن تتخلى عنها لا في الزمان ولا في المكان لان الإنسانية كانت حينها قادرة على تدمير نفسها..إن بناء نظام عالمي جديد يمر باحترام القواعد القانونية العالمية المثبتة في ميثاق الأمم المتحدة وقد أصبح من المستعجل العمل على احترامها إذا ما كنا نطمح لسلام دائم."0.
الخاتمة:
في الختام لابد من القول إن الحاجة إلى تكريس مبدأ التعايش الديني ضرورة ملحة في وقتنا الحالي لما وصلنا إليه من مظاهر العنف وأدواته، وارتكابه بحق الإنسانية والإنسان عموماً في كل بقاع الأرض، وباتت الدعوة لأهمية التعايش الديني والحضاري والثقافي، هدفاً ومبتغى في آن، فلابد من نشر مبادئ العيش المشترك، وتطبيق تلك المبادئ بين تلك الأمم المختلفة، دون أن يتم تهميش حضارة دون أخرى. وأن يكون التعايش والمشترك الإنساني بكلّ صوره الإيجابية قائماً ومصاناً من طرف الجميع.
من هنا نؤكّد على ضرورة مواصلة المشروع الأخلاقيّ البشريّ باعتباره بداية جديدة من أجل علاج تجاوز منطق الإختلاف الديني بين الأديان والحضارات والثقافات إلى رحابة المشترك الإنساني الموحد، حيث تستشعر البشريّة حاجاتها إلى لغة إنسانيّة جديدة، قادرة على الحوار والتواصل والإقناع والتفاهم، مثلما هي في حاجة إلى التأكيد على أهداف وغايات مغايرة، لأهداف الحضارة التقنيّة الماديّة؛ التي تحيا في حيرة بين حرّيّات تعمّق التفاوت في الرفاهية بين البشر، وفي إقامة العدل والمحافظة على الكرامة الإنسانيّة وهي قيم تكاد تكون مفقودة لا تجد لها مكانًا في أسواق العولمة اليوم. ممّا يطرح علينا بإلحاح ضرورة التوجّه نحو المستقبل والحديث ليس فقط عن أخلاقيّات اليوم بل أخلاق الغد. ويأتي الحديث عن "أخلاقيّات المستقبل" في ذلك السياق الذي ينشد العيش المشترك والضيافة العالميّة والمواطنة الكونيّة ممّا أسماهالإمام القشيري قديمًا "نحو القلوب"0، ويمكن أن نطلق عليه ب: "قانون الرّوح" أو "دستور المثال الأعلى الكوني".
النتائج:
-
إن انتهاج مبدأ التسامح والحوار واعتماد أسس العيش المشترك هو الخيار الوحيد لإيجاد صيغة تعايش حضاري، تأخذ في الحسبان ضرورة مراعاة حقيقة الاختلاف البشري في ظل حياة مستقرة، وظروف آمنة، تحفظ حياة الفرد، وتصون المصالح العامة على وجه يجعل من الأوطان فضاء مشتركاً يسع كل أبنائها وقاطنيها على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وتوجهاتهم، تحت سلطة القانون والنظام، بعيداً عن الاستقطاب وراء الشعارات الضيقة والانتماءات القائمة على أسس العقائد أو المذاهب والطوائف والأعراق.
-
إن بوابة العيش المشترك في كل الأمم والمجتمعات، هي صيانة حقوق الإنسان وحماية كرامته وتعزيز حضوره ودوره في مشروعات التنمية والعمران. مشيراً إلى أن الاختلاف في الهوية أو الانتماء الأيديولوجي أو القناعات الفكرية لا يشرع بأي حال من الأحوال انتهاك الحقوق، فالاختلافات ليست سبباً أو مدعاة لنقصان الحقوق، وإنما تبقى حقوق الإنسان مصانة وفق مقتضيات العدل ومتطلبات العيش المشترك.
-
على الإنسان قبول الأديان على الرغم من اختلافها واختلاف معتنقيها، والتعايش هو دعوة إلى الحياة بمختلف تجلياتها، والمساهمة الوازنة لوسائل الاعلام في نشر ثقافة التعايش الديني بين الديانات، ونبذ التعصب والتمييز بين الناس على اختلاف أديانهم وثقافتهم.
-
إن العيش المشترك، يقتضي العمل على إعادة صياغة العلاقة بين مختلف المكونات والتعبيرات، وبالأفكار التي شكلتها أو انبثقت عنها. لأن العيش المشترك لا يعني حبس كل فئة في إطارها الفكري الضيق، وإنما يعني الانفتاح والتواصل المستدام مع بقية المكونات، من أجل نسج العلاقات الايجابية، وتجاوز كل الأوهام والهواجس تجاه بعضنا البعض. بتعبير آخر فالعيش المشترك في أي تجربة إنسانية، ليس وصفة جاهزة، وإنما هو رؤية واضحة وإرادة صلبة وعمل مستدام؛ باتجاه خلق الحقائق وتعزيز متطلبات التلاقي والتفاهم بين الجميع.
-
تتّسع أهداف المشترك الإنسانيّ لتتضمّن القيم الإنسانيّة بمفهومها العام والشامل، تلك التي تؤكّد عليها الأديان من فهم الذات واحترام الآخر وتعدّد الثقافات الاجتماعية والإثنية، وتنوّع المعتقدات والمذاهب في سبيل تحقّيق الذوات المشتركة المثلى.
-
التأكيد على ضرورة الوعي الشامل؛ المؤمن بحقوق الإنسان أيًّا كان بلده ودينه وعرقه. سواء أكان رجلاً أم امرأة؛ أوروبيا أم أفريقيًّا أم أمريكيًّا، يحيا في الصحراء أم في المدينة، يتمتّع ببيئة طبيعيّة خضراء متفائلة وصافية، لا تنخر فيها نفايات العداوة والحقد والكراهيّة.
-
الأخلاق والقيم الكونيّة المشتركة أو ما نطلق عليه؛ "أخلاق المستقبل" و "قانون الرّوح" و "المشترك الثقافي"، هي ما يمثّل الأساس الذي يقوم عليه الحوار الدينيّ والحضاري والثقافي، وهي قيم تقوم على الإيمان بالتعدّد والاختلاف واحترام الآخر والتنوّع الثقافيّ للجماعات والأمم وما قدّمته الحضارات المتعدّدة من إسهامات تمثّل فينومينولوجيا الرّوح0 للبشريّة؛ وذلك بما طرحته أحدث الفلسفات في عالم اليوم، وهي الفلسفة النقديّة التواصليّة الداعيّة للحوار وجميع الأفكار المؤسّسة لتلاقي وتعاون وتلاقح الثقافات.
-
إنّ الحوار بين الثقافات يؤكّد أهمّيّة كلّ ثقافة وهويّتها وإسهامها التاريخيّ في تطوّر البشريّة، ممّا يطرح علينا التأكيد على مفهوم الهويّة المنفتحة باعتبارها أساس الوعي الجمعيّ التاريخيّ المتنوّع المنفتح على الغير.
التوصيات:
-
تأسيس معاهد ومراكز البحث العلمي، للتوفيق بين الأديان والحضارات والثقافات، ونشر مجلات ودراسات تختص بشؤون العالم الإسلامي، وهذا يشتمل على: إعادة النظر في المناهج و الكتب الدراسية التي تتعلق بالعالم العربي والإسلامي، وكذلك العالم الغربي، وضرورة أن يتم تنقيح هذه الكتب على أسس تعاون متبادل بين الطرفين، وكذلك القيام بمثل هذه الأعمال مع العالم الغربي.
-
ضرورةأن تعتني وسائل الإعلام والتثقيف والتوعية بقيم التعايش والتسامح والعيش المشترك، وتعمل على تكريسها في خطابها الثقافي والإعلامي، حتى يتوفر المناخ المناسب؛ لأن تصبح هذه القيمة جزءاً من نسيجها الثقافي والاجتماعي.
-
ضرورة إشاعة وتعميق متطلبات التسامح والتعايش الديني والحضاري في واقعنا الاجتماعي والثقافي،وتجريم كل أشكال الكراهية والحقدفي الدساتير بين المجتمعات.
-
-إعادة النظر في مفاهيم الوحدة والاختلاف، لأن الوصول إلى حقيقة الوحدة في المجتمع الإنساني، تتطلب احترام الاختلافات وإدارتها بعقلية حضارية ومنفتحة، فالوحدة مهما كان شكلها أو مستواها، لا تُبنى حين نغرس بذور العداوة والكراهية والخصومة، فهذه الأمور تزيد الواقع تشظياً وانقساماً وتباعداً بين الأمم والمجتمعات، وبالتالي ضياع الوحدة وضياع فرص التعايش الإنساني المشترك ووحدة المصير.
-
-أضحى العالم بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضىى، لسيادة التسامح، في إطار من الأخوة الإنسانية الجامعة، التي لا تفرق بين المجتمعات؛ بناء على الدين أو العرق أو الجنس، أو غير ذلك من مظاهر التنوع البشري. فالتسامح هو الضامن الأساسي لتحقق التعايش والتآخي والرحمة، الكفيلة؛ بإحلال الأمن والاستقرار، ونبذ كل أشكال العنف والكراهية والتشاحن، الدافع لإقصاء الآخر المختلف دينيا وثقافيا.
-
إن الاحتفال باليوم العالمي للتسامح يشكل دعوة للمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني، إلى تنسيق جهودها وتكثيفها لنشر قيم التسامح من أجل التعايش، لتحقيق الأهداف المشتركة، وإقامة نظام عالمي جديد على أساس من التسامح والقيم الأخلاقية المثلى والمبادئ الإنسانية السامية.
-
تؤكد مبادئ التسامح الواردة في "إعلان اليونسكو" على أن "هذا التسامح يتعزز بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد"، محددا مسألة التسامح ليس فقط كواجب أخلاقي، ولكن أيضا كشرط سياسي وقانوني للأفراد والجماعات والدول ومختلف الثقافات والحضارات والأديان.
-
أكد جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشريفة في الرسالة السامية التي بعثها إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي لحوار الثقافات والأديان بفاس سنة 2018: "وأما النظام الجديد للسلم العالمي، فهو ما نرجو أن نسهم في بنائه جميعا، على أساس مبدأ التعايش وقبول التعدد والاختلاف، بما يسمح بالبناء والتطوير، وتوطيد الأمن والنمو والازدهار".
-
جاء دستور2011 للمملكة المغربية ليجدد التأكيد على هذه القيم، حيث شدد في ديباجته على أن "المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات ھويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية–الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاھم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء".0
قائمة المصادر والمراجع:
القرآن الكريم برواية ورش.
1-ابن فارس القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة العربية، تحقيق الدكتور عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1399ه/1979م..
2-ابن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1414ه/1994م.
3-ألبرت اشفيتسر، فلسفة الحضارة، ترجمة الدكتور عبد الرحمن بدوي، مراجعة الدكتور زكي نجيب محمود، دار الأندلس، بيروت، لبنان، 1417ه/1997م.
4-إي كريساك بول، نقد التعددية الدينية عند جون هيك، ترجمة الدكتور فراس سلوادي، الطبعة الأولى، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1437ه/2017م.
5-برهان غليون، فلسفة التجدد الإسلامي، مجلة الاجتهاد، العدد الأول، 1411ه/1991م.
6-توفيق الحكيم: من أدب الحياة، مطبوعات وزارة التربية، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1417ه/1997م.
7-جون بانيل بيوري، فكرة التقدم، ترجمة الدكتور أحمد حمدي محمود، مراجعة الدكتور أحمد خاكى، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1403ه/1982م.
8-جميل صليبا، المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، 1402ه/1982م.
9-حب الله حيدر، التعددية الدينية نظرة في المذهب البلورالي، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1421ه/2001م.
10-حسين مؤنس، الحضارة، سلسلة عالم المعرفة، الطبعة الثانية، دولة الكويت، العدد 237، 1418ه/1998م.
11-عبد العزيز بن عبد الرحمن التويجري، صراع الحضارات في المفهوم الاسلامي، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إيسيسكو، الرباط، المملكة المغربية، 1422ه/2002م.
12-زكي الميلاد، تعارف الحضارات، دار الكتاب اللبناني بيروت، الطبعة الأولى، 1434ه/2014م.
13-الساعدي نور مهدي كاضم، أثر النص القرآني في التعددية الدينية: دراسة في متطلبات الحوار الديني المعاصر، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1437ه/2017م.
14-سعود بن عبد العزيز الخلف، دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1418ه/1997م.
15-صامويل هنتنغتون، صدام الحضارات: صنع النظام العالمي الجديد، ترجمة الدكتور طلعت الشايب، تقديم الدكتور صلاح قنصوه، الطبعة الثانية، 1419ه/1999م.
16-طوني بينيت، لورانس غروسبيرغ، ميغان موريس، مفاتيح اصطلاحية جديدة: معجم مصطلحات الثقافة والمجتمع، ترجمة الدكتور سعيد الغانمي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1430ه/2010م.
17-قرم جورج، تعدد الأديان وأنظمة الحكم، دار الفارابي، الطبعة الرابعة، بيروت، لبنان، 1431ه/2011م.
18-الكربابادي علي أحمد، قراءة في تعدد القراءات، دار الصفوة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1430ه/2010م.
19-لويس ممفورد، أسطورة الآلة: التكنولوجيا والتطور الإنساني، ترجمة الدكتور إحسان حصني،منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1401ه/1981م.
20-مايكل كاريذرس، لماذا ينفرد الإنسان بالثقافة؟ الثقافات البشرية: نشأتها وتنوعها، سلسلة عالم المعرفة، ترجمة الدكتور شوقي جلال، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت، العدد 229، 1418ه/1998م.
21-مجموعة من الكتاب: نظرية الثقافة، سلسلة عالم المعرفة،ترجمة، الدكتور علي سيد الصاوي مراجعة وتقديم، الأستاذ الدكتور الفاروق زكي يونس، دولة الكويت، العدد 223، 1417ه/1997م.
22-ول وايريل ديورانت، موسوعة قصة الحضارة، تقديم الدكتور محيي الدين صابر، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الطبعة الأولى، تونس، 1433ه/2013م.
23-الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، إشراف الدكتور محمد نعيم العرقسوسي، منشورات مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1418ه/1998م.
24-محمد الزحيلي، وظيفة الدين في الحياة وحاجة الناس إليه، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، الطبعة الأولى، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1401ه/1991م.
25-سعدون محمود الساموك، موسوعة الأديان والمعتقدات القديمة: محور العقائد، دار المناهج، الطبعة الأولى، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية، 1422ه/2002م.
26-دنيس كوش، مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، ترجمة الدكتور منير السعيداني، مراجعة دكتور الطاهر لبيب، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1427ه/2007م.
27-ميلاد حنا، قبول الآخر فكر واقتناع وممارسة، دار الشروق، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1418ه/1998م.
28-نادية شريف العمري، أضواء على الثقافة الإسلامية، مؤسسة الرسالة للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة التاسعة، 1422ه/2001م،
29-هارالد موللر، تعايش الثقافات: مشروع مضاد لهنتنغتون، تعريب الدكتور ابراهيم أبو هشهش، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الأولى، 1425ه/2005م.
30-مريم آيت أحمد، جدلية الحوار: قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر، تقديم الدكتور عبد المجيد النجار، منشورات مجلة علوم التربية، الرباط، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 1431ه/2011م.
31-محمد أبو القاسم حاج حمد، جدلية الغيب والإنسان والطبيعة: العالمية الاسلامية الثانية، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1425ه/2004م.
32-محمد حسين فضل الله، الحوار في القرآن الكريم: قواعده، أساليبه، معطياته، دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة، 1417ه/1996م.
33-عبد المجيد النجار، خلافة الإنسان بين الوحي والعقل: بحث في جدلية النص والعقل والواقع، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة المنهجية الإسلامية، هيرندن، فيرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الطبعة الثالثة، 1420ه/2000م.
34-إبراهيم بسيوني، الإمام القشيري: حياته، وتصوفه، وثقافته، مكتبة الآداب، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1413ه/1992م.
35-محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر: العولمة، صراع الحضارات، العودة إلى الأخلاق، التسامح، الديمقراطية ونظام القيم، الفلسفة والمدينة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1427ه/2007م.
36-أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد الحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1427ه/2006م.
37-راغب السرجاني، المشترك الإنساني: نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1432ه/2010م.
38-محمد عابد الجابري، العقل الأخلاقي العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1421ه/2001م.
39-عمر عبيد حسنة، الوراثة الحضارية، منشورات المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1424ه/2003م.
40-منى إبراهيم اللبودي، الحوار فنياته واستراتيجياته وأساليب تعليمه، منشورات مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1423ه/2003م.
41-إدريس هاني، الإسلام والحداثة: إحراجات العصر وضرورات تجديد الخطاب، دار الهادي، مركز دراسات فلسفة الدين، الطبعة الأولى، بغداد، جمهورية العراق، 1426ه/2005م.
42-زينب ابراهيم شوربا، نحو فهم معاصر للإجتهاد: حوارات في الاجتهاد وإمكانيات التجديد، دار الهادي، مركز دراسات فلسفة الدين، الطبعة الأولى، بغداد، جمهورية العراق، 1425ه/2004م.
43-فراس السواح، دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، منشورات دار علاء الدين، الطبعة الرابعة، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1422ه/2002م.
44-جلال الدين سعيد، معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية، دار الجنوب للنشر، الطبعة الأولى، تونس، جمهورية تونس، 1424ه/2004م.
45-المهدي المنجرة، الحرب الحضارية الأولى: مستقبل الماضي وماضي المستقبل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة، الدار البيضاء، المملكة المغربية، 1421ه/2001م.
46-عبد الرحمان محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عادل بن سعد، الدار الذهبية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1426ه/2006م.
47-سيد قطب، معالم في الطريق، دار الشروق، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة السادسة، 1399ه/1979م.
48-طه جابر العلواني، الخصوصية والعالمية في الفكر الاسلامي المعاصر، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مركز دراسات فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد، الطبعة الاولى، 1424ه/2003م.
49-ماجد الغرباوي، التسامح ومنابع التسامح: فرص التعايش بين الأديان والثقافات، منشورات الحضارية للطباعة والنشر، معهد الابحاث والتنمية الحضارية، بغداد، جمهورية العراق، الطبعة الأولى، 1429ه/2008م.
50-غيورغ فلهلم فردريش هيغل، فنومينولوجيا الروح، ترجمة وتقديم الدكتور ناجي العونلي، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، منشورات المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1426ه/2006م.
51-محمد حلمي، علماء الغرب يدخلون الاسلام، النهضة العربية للصحافة والاعلان، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1414ه/1994م.
52-فاروق مصطفى اسماعيل، الأنثروبولوجيا الثقافية، كلية الاداب جامعة الاسكندرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الاسكندرية، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1400ه/1980م.
53-دستور المملكة المغربية، نشر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادرة بتاريخ 30 يوليوز 2011 الظهير الشريف عدد 1,11,91، 01 غشت 2011م.
0-سورة النحل، الآية 93.
0--سورة هود، الآية118.
0 - نستحضر هنا نظرية التواصل عند الفيلسوف الألماني كارل أوتو آبل في رسالته "في مسألة التأسيس العقلي للأخلاقيات في عهد العلم" و يورغن هابرماس في كتابه "الأخلاق والتواصل".
0-الدكتور محمد الزحيلي، وظيفة الدين في الحياة وحاجة الناس إليه، منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، الطبعة الأولى، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1401ه/1991م، ص: 15.
0-سورة المطففين، آية 11.
0-ابن منظورالأنصاري الأفريقي المصري، لسان العرب، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1414ه/1994م، جزء13/صفحة: 169.
0-ابن فارس القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة العربية، تحقيق الدكتور عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1399ه/1979م، جزء2/صفحة: 319.
0-سورة آل عمران، آية: 19.
0-سورة يوسف، آية: 76.
0-سورة التوبة، آية: 33.
0-سعود بن عبد العزيز الخلف، دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية، مكتبة أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1418ه/1997م، ص:9.
0-الدكتور فراس السواح، دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني، منشورات دار علاء الدين، الطبعة الرابعة، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1422ه/2002م، ص: 25.
0-الدكتور سعدون محمود الساموك، موسوعة الأديان والمعتقدات القديمة: محور العقائد، دار المناهج، الطبعة الأولى، عمان، المملكة الأردنية الهاشمية، 1422ه/2002م، ص: 18.
0-الدكتور شاكر مصطفى سليم، قاموس الأنثروبولوجيا: انجليزي-عربي، منشورات جامعة الكويت، الطبعة الأولى، دولة الكويت، 1401ه/1981م، ص: 815-816.
0-الدكتور محمد عبد الله دراز، الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، دار القلم للنشر، الكويت، 1371ه/1951م، ص: 34.
0-الدكتور جلال الدين سعيد، معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية، دار الجنوب للنشر، الطبعة الأولى، تونس، جمهورية تونس، 1424ه/2004م، ص: 200.
0-سورة الكهف، آية: 1.
0-سورة النساء، آية: 163.
0-سورة الشورى، آية: 7.
0-سورة الشورى، آية: 51-53.
0-ابن منظور الأفريقي المصري، لسان العرب، جزء 1/صفحة: 197.
0-الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، إشراف الدكتور محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة الطبعة السادسة، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1418ه/1998م، ص: 376.
0-الدكتور جميل صليبا، المعجم الفلسفي: بالألفاظ العربية والفرنسية والإنجليزية واللاتينية، منشورات دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، 1402ه/1982م، جزء 1/صفحة:476.
0-ول وايريل ديورانت، موسوعة قصة الحضارة، تقديم الدكتور محيي الدين صابر، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود، منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الطبعة الأولى، تونس، 1433ه/2013م، جزء1/صفحة:3.
0-عبد الرحمان محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عادل بن سعد، الدار الذهبية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1426ه/2006م، ص: 404.
0- سيد قطب، معالم على الطريق، دار الشروق، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة السادسة، 1399ه/1979م، ص: 120.
0-دكتورميلاد حنا، قبول الآخر فكر واقتناع وممارسة، دار الشروق، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1419ه/1998م، ص: 48.
0-طوني بينيت، لورانس غروسبيرغ، ميغان موريس، مفاتيح اصطلاحية جديدة: معجم مصطلحات الثقافة والمجتمع، ترجمة الدكتور سعيد الغانمي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1430ه/2010م، ص: 299.
0-صامويل هنتنغتون، صدام الحضارات: صنع النظام العالمي الجديد، ترجمة الدكتور طلعت الشايب، تقديم الدكتور صلاح قنصوه، الطبعة الثانية، 1419ه/1999م، ص: 10.
0-الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، صراع الحضارات في المفهوم الإسلامي، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إيسيسكو، الرباط، المملكة المغربية، 1422ه/2002م، ص: 8.
0-سورة البقرة، آية 251.
0-سورة الحج، آية 40.
0-سورة فصلت، آية: 34.
0-سورة الأنفال، آية: 57.
0-أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد الحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1427ه/2006م، جزء 10/ صفحة:47-48.
0-الدكتورة نادية شريف العمري، أضواء على الثقافة الإسلامية، مؤسسة الرسالة للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة التاسعة، 1422ه/2001م، ص:15.
0-دنيس كوش، مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، ترجمة الدكتور منير السعيداني، مراجعة الدكتور الطاهر لبيب، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1427ه/2007م، ص: 120.
0-الدكتورة زينب ابراهيم شوربا، نحو فهم معاصر للإجتهاد: حوارات في الإجتهاد وإمكانيات التجديد، دار الهادي، مركز دراسات فلسفة الدين، الطبعة الأولى، بغداد، جمهورية العراق، 1425ه/2004م، ص: 338.
0-الدكتور حسين مؤنس، الحضارة، سلسلة عالم المعرفة، الطبعة الثانية، دولة الكويت، العدد 237، 1418ه/1998م، ص: 13.
0-نفس المصدر، ص: 17.
0-ألبرت اشفيتسر، فلسفة الحضارة، ترجمة: الدكتور عبد الرحمن بدوي، مراجعة الدكتور زكي نجيب محمود، دار الأندلس بيروت، لبنان،1417ه/1997م، ص: 5.
0-الدكتور محمد عابد الجابري، العقل الأخلاقي العربي: دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1421ه/2001م، ص: 333-334.
0-صامويل هنتنغتون، صدام الحضارات: إعادة صنع النظام العالمي، ص: 69.
0-نفس المرجع، ص: 71.
0-جون بانيل بيوري، فكرة التقدم، ترجمة الدكتور أحمد حمدي محمود، مراجعة الدكتور أحمد خاكى، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1403ه/1982م،ص:30.
0-مجموعة من الكتاب والباحثين: نظرية الثقافة، سلسلة عالم المعرفة، ترجمة الدكتور علي سيد الصاوي، مراجعة وتقديم الأستاذ الدكتور الفاروق زكي يونس، دولة الكويت، العدد 223، 1417ه/1997م، ص: 8.
0-نفس المرجع، ص: 9.
0-الدكتور فاروق مصطفى اسماعيل، الأنثروبولوجيا الثقافية، كلية الاداب جامعة الاسكندرية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الاسكندرية، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1400ه/1980م، ص: 11-42.
0- مجموعة من الكتاب والباحثين: نظرية الثقافة، سلسلة عالم المعرفة، ص: 9.
0-أساطير عديدة حيكت حول إسبرطة، المدينة اليونانية التي حكمت العالم القديم فترة قصيرة في القرن الخامس قبل الميلاد والتي قيل إنها أُسست من قِبل أحد أبناء زيوس وإن رجالها لم ينالوا حظهم من الثقافة والتعليم؛ بل خُلقوا ليكونوا محاربين متوحشين.
0-يوهان فولفغانغ فون غوته (1749-1832): هو أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، والذي ترك إرثاً أدبياً وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، وما زال التاريخ الأدبي يتذكره بأعماله الخالدة التي ما زالت أرفف المكتبات في العالم تقتنيها كواحدة من ثرواتها، وقد تنوع أدب غوته ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر وأبدع في كل منهم، واهتم بالثقافة والأدب الشرقيين، واطلع على العديد من الكتب فكان واسع الأفق مقبلاً على العلم، متعمقاً في دراساته. ونظراً للمكانة الأدبية التي مثلها غوته تم إطلاق اسمه على أشهر معهد لنشر الثقافة الألمانية في شتى أنحاء العالم وهو "معهد غوته"، والذي يعد المركز الثقافي الوحيد لجمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يمتد نشاطه على مستوى العالم.
0-مايكل كاريذرس، لماذا ينفرد الإنسان بالثقافة؟ الثقافات البشرية: نشأتها وتنوعها، سلسلة عالم المعرفة، ترجمة الدكتور شوقي جلال، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت، العدد 229، 1418ه/1998م، ص: 13.
0-الدكتور توفيق الحكيم، من أدب الحياة، مطبوعات وزارة التربية، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1417ه/1997م، ص: 105.
0-لويس ممفورد، أسطورة الآلة: التكنولوجيا والتطور الإنساني، ترجمة الدكتور إحسان حصني،منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1401ه/1981م، جزء 1/صفحة 17.
0-الدكتور عماد الدين خليل طائي، حول إعادة تشكيل العقل المسلم، سلسلة كتب الأمة، تقديم الدكتور عمر عبيد حسنة، الطبعة الأولى، 1403ه/1983ه، ص: 64.
0-سورة آل عمران، آية 64.
0-سورة النحل، آية 125.
0-روجي جارودي، في سبيل حوار الحضارات، تعريب الدكتور عادل العوا، عويدات للنشر والطباعة، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة، 1419ه/1999م، ص: 215.
0-الدكتورالداودي عبد الرزاق، الفلسفة في عصر العولمة وتكنولجيات الاتصال، مجلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1432ه/2012م، جزء 41/صفحة: 79.
0-الدكتور طه جابر العلواني، الخصوصية والعالمية في الفكر الاسلامي المعاصر، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مركز دراسات فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد، الطبعة الاولى، 1424ه/2003م، ص: 67.
0-الدكتور محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر: العولمة، صراع الحضارات، العودة إلى الأخلاق، التسامح، الديمقراطية ونظام القيم، الفلسفة والمدينة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1427ه/2007م، ص: 131.
0-الدكتور عبد المجيد النجار، خلافة الإنسان بين الوحي والعقل: بحث في جدلية النص والعقل والواقع، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، هيرندن، فيرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الطبعة الثالثة، 1420ه/2000م، ص: 63.
0-هارالد موللر، تعايش الثقافات: مشروع مضاد لهنتنغتون، تعريب الدكتور ابراهيم أبو هشهش، دار الكتاب الجديد المتحدة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1425ه/2005م، ص: 10.
0-الدكتور زكي الميلاد، تعارف الحضارات، منشورات دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1434ه/2014م، ص: 87.
0-وهو من أشهر اللاهوتيين(توفي في 21 أبريل 2021) الذين وجهوا انتقادات حادة للكنيسة الكاثوليكية، مطالبا إياها بإدخال إصلاحات جوهرية، فيما يتعلق بعصمة "بابا الفاتيكان"، كذلك نادى بالسلام بين الأديان باعتباره مدخلا للسلام العالمي، كما أنه من المستشرقين الكبار الذين أظهروا احتراما عظيما للإسلام، وتجاه النبي-صلى الله عليه وسلم-، مبديا تعجبه من المؤسسات الدينية المسيحية التي تظهر الاحترام لشخص المسلم العادي، في حين أنها تنكر الاعتراف بالقرآن الكريم، أو برسول الإسلام، فيقول: "إن إحدى مفارقات الفاتيكان أن يقرر النظر للمسلم العادي بكل احترام، وفي الوقت نفسه يتجنب الإشارة للقرآن أو محمد"، ولعل هذا الاحترام كان وراء ترويج البعض لإسلامه.
0-الدكتورة مريم آيت أحمد، جدلية الحوار: قراءة في الخطاب الإسلامي المعاصر، تقديم الدكتور عبد المجيد النجار، منشورات مجلة علوم التربية، الرباط، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 1431ه/2011م، ص: 8.
0-الدكتور راغب السرجاني، المشترك الإنساني: نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1432ه/2010م، ص: 16.
0-الدكتور محمد حسين فضل الله، الحوار في القرآن الكريم: قواعده، أساليبه، معطياته، دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، الطبعة الخامسة، 1417ه/1996م، ص: 10.
0- محمد أبو القاسم حاج حمد، جدلية الغيب والإنسان والطبيعة: العالمية الإسلامية الثانية، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1425ه/2004م، ص: 691.
0-الدكتور محمد حلمي، علماء الغرب يدخلون الاسلام، النهضة العربية للصحافة والاعلان، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1414ه/1994م، ص: 13.
0-الدكتور عمر عبيد حسنة، الوراثة الحضارية، منشورات المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى، دمشق، جمهورية سورية العربية، 1424ه/2003م، ص: 66.
0-الدكتور ماجد الغرباوي، التسامح ومنابع التسامح: فرص التعايش بين الأديان والثقافات، منشورات الحضارية للطباعة والنشر، معهد الابحاث والتنمية الحضارية، بغداد، جمهورية العراق، الطبعة الأولى، 1429ه/2008م، ص: 11.
0-إي كريساك بول، نقد التعددية الدينية عند جون هيك، ترجمة الدكتور فراس سلوادي، الطبعة الأولى، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1437ه/ 2017م، ص: 17.
0-الدكتور وهبة الزحيلي، مقال ثقافة التسامح بين الغرب والشرق، تحرير الدكتور عماد علايلي، مجلة التسامح تصدر عن وزارة الاوقاف والشؤون الدينية، مسقط، سلطنة عمان، العدد 23، 1429ه/2008م، ص:280.
0- الكربابادي علي أحمد، قراءة في تعدد القراءات، دار الصفوة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1430ه/2010م، ص: 55.
0- منى ابراهيم اللبودي، الحوار فنياته واستراتيجياته وأساليب تعليمه، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 1423ه/2003م، ص: 21.
0-نفس المرجع، ص: 21.
0- برهان غليون، فلسفة التجدد الإسلامي، مجلة الإجتهاد، العدد الأول/ص: 327، 1411ه/1991م.
0- إدريس هاني، الإسلام والحداثة: إحراجات العصر وضرورات تجديد الخطاب، دار الهادي، مركز دراسات فلسفة الدين، الطبعة الأولى، بغداد، جمهورية العراق، 1426ه/2005م، ص: 456.
0- حب الله حيدر، التعددية الدينية نظرة في المذهب البلورالي، مركز الغدير للدراسات الإسلامية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1421ه/2001م، ص: 19.
0- قرم جورج، تعدد الأديان وأنظمة الحكم، دار الفارابي، الطبعة الرابعة، بيروت، لبنان، 1431ه/2011م، ص: 15-21.
0- الساعدي نور مهدي كاضم، أثر النص القرآني في التعددية الدينية: دراسة في متطلبات الحوار الديني المعاصر، دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1437ه/2017م، ص: 278.
0-روجي جارودي، في سبيل حوار الحضارات، ص: 78.
0- المهدي المنجرة، الحرب الحضارية الأولى: مستقبل الماضي وماضي المستقبل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة السابعة، الدار البيضاء، المملكة المغربية،1421ه/2001م، ص: 81.
0- إبراهيم بسيوني، الإمام القشيري: حياته، وتصوفه، وثقافته، مكتبة الآداب، القاهرة، جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى، 1413ه/1992م، ص: 64-65.
0-غيورغ فلهلم فردريش هيغل، فنومينولوجيا الروح، ترجمة وتقديم الدكتور ناجي العونلي، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، منشورات المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 1426ه/2006م، ص: 13-32.
0-دستور المملكة المغربية، نشر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادرة بتاريخ 30 يوليوز 2011 الظهير الشريف عدد 1,11,91، 01 غشت 2011م.
Mounir Younes || The human commonality between religions, cultures and civilizations: A study in light of the values of coexistence, tolerance and coexistence || IbnKhaldoun Journal for Studies and Research || Volume 1 || Issue 3|| Part 3 || Pages 759 - 794.
0
-
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Volume 1 Issue 3 | 2021 | ||
Volume 1 Issue 3 | 2021 | ||
Volume 1 Issue 3 | 2021 | ||
Article Title | Authors | Vol Info | Year |