Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 7 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

الإعلام البديل ودوره في تشكيل الرأي العام الوطني: موريتانيا أنموذجا |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Article Info
Authors

Volume

2

Issue

7

Year

2022

ARI Id

1682060055167_2318

PDF URL

https://drive.google.com/file/d/19iYvZCdo81Cpgzukgi5UPWJJVKYuXBRN/view?usp=sharing

Subjects

الإعلام البديل تشكل الرأي العام الرأي العام موريتانيا

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

Alternative media and their role in the formation of national public opinion. Mauritania as a model

 

د. الحضرامي أحمد عبد الله الشيخ: أستاذ متعاون مع قسم الإعلام والاتصال بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، موريتانيا

 

Abstract:

The purpose of this document is to propose a complete and specific definition of the concept of alternative media and to show the important role they play in the initial formations of mauritanian public opinion. The study concludes that the alternative media contribute significantly to the formation and to the creation of public opinion in its various manifestations, whether it is related to submissive or enlightened public opinion. It came out from the analysis that the alternative media have an important influence in the political decision-making. It has been clear that many of the decisions taken by governments are based on the desires of public opinion and its positions on issues discussed through social networking sites.

Keywords: Alternative media, Formation, public opinion, Mauritania

 



المقدمـــة:

أصبح العالم قرية صغيرة تحول فيها الإنسان المعاصر إلى كائن تقني تواصلي إعلامي حاجته إلى للمعلومات راهنة ودائمة من أجل الإبانة عن أغراضه والإفصاح عن مكنونه والتواصل مع أقرانه وفهم خطاباتهم المختلفة.

وإذا كان للقرن التاسع عشر أثره البارز في تاريخ الإعلام الورقي فإن للقرن العشرين وبدايات القرن الحالي أثرهما البارز في ثورة الاتصال والمعلومات التي انبثق عنها إعلام الكتروني يختلف عما سبقه من وسائل الإعلام أخرى، حيث أصبحت الأخبار تتداول فيه بين الناس في كل دقيقة بل وفي كل ثانية. ويعتبر الإعلام البديل استمرارا للإعلام القديم الذي بدأ ثورته الأولى باختراع الطباعة على يد جوتنبرج 1450 م. ولا شك أن الإعلام البديل في العصر الراهن يلعب دورا لا يستهان به في صناعة وتشكيل الرأي العام بصفة عامة، فقد بات من الواضح أن جل القرارات التي تصدرها الحكومات اليوم تنطلق في الغالب من القضايا التي يتم نقاشها عبر مواقع التواصل الاجتماعي من طرف صفحات المدونين أو ما يعرف اليوم بصحافة المواطن.

إشكالية الدراسة:

حول الإعلام البديل المجتمع الموريتاني إلى عالم افتراضي وتخطت مجالات استخدامه حدود الاتصال والتواصل والترفيه والتسلية إلى متابعة الأخبار السياسية والاجتماعية وكل الأحداث الجارية في موريتانيا، بل وفي العالم بأسره، ما يشير إلى دوره الكبير في تشكل الرأي العام الوطني إزاء القضايا المطروحة للنقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولعل إشكالية الدراسة تتضح أكثر من خلال التساؤلات الآتية:

 

  • ما دور الإعلام البديل في تشكل الرأي العام الموريتاني؟

  • هل يؤثر الإعلام البديل في القرارات التي تتخذها الحكومة الموريتانية؟

    ويمكن فهم إشكالية الدراسة بشكل أكثر وضوحا من خلال الأسئلة المتفرعة من السؤالين السابقين

    • إلى أي حد يمكن القول إن الرأي العام الموريتاني تتشكل رؤيته للأحداث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟

    • هل بالفعل أصبح الرأي العام الموريتاني يأخذ مواقفه من القضايا المطروحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟

    أهداف الدراسة:

    تهدف هذه الدراسة إلى:

    • معرفة الدور الذي تلعبه الوسائط الإعلامية الجديدة في توسيع جمهور وسائل الإعلام

    • المساهمة في إثراء الدراسات العربية والمجلات العلمية بمواضيع جديد تبدو غائبة عن البحث العلمي الأكاديمي

    • مساعدة الطلاب والباحثين في الدراسات المتعلقة بحقل الإعلام والاتصال بشكل عام والوطن العربي على وجه الخصوص وموريتانيا بشكل أشد خصوصية

    • اكتشاف مدى تأثر الرأي العام الموريتاني بشبكات الإعلام البديل

    أهمية الدراسة:

    تتضح أهمية هذا الموضوع من كونه يتميز بالجدة على ساحة البحث العلمي بصفة عامة، مما يجعله يضع لبنة جديدة تنضاف إلى لبنات أخرى في حقول الإعلام والاتصال. وفي هذه الدراسة نحاول أن نسلط الضوء على الأدوار التي يلعبها الإعلام البديل في توجيه وتنوير وتشكل بل وإقناع الرأي العام الوطني في موريتانيا.

    المبحث الأول: الإعلام البديل والرأي العام: المفاهيم والمميزات

    قبل أن نتحدث عن تشكل الرأي العام الموريتاني لا بد أن نقف وقفة تأمل في هذا المبحث مع مفهومي الرأي العام والإعلام البديل وخصائص كل واحد منهما، ولعل ذلك يتطلب منا أن نقسم المبحث نفسه إلى نقطتين رئيسيتين


    أولا: مفهوم الإعلام البديل ومميزاته:

    يعتبر مفهوم الإعلام البديل من المفاهيم المثيرة للجدل، فعلى الرغم من أن الباحثين في مجال الإعلام وضعوا له العديد من التعريفات إلا أننا لم نقف له تعريف جامع مانع، فتارة يعرفه بعضهم بأنه: "اندماج الكومبيوتر وشبكات الكومبيوتر والوسائط المتعددة"0.

    ويعرفه البعض الآخر على أنه: " جملة الممارسات الإعلامية التي أفرزتها الوسائط الإعلامية الجديدة والتي تشتغل داخل بيئة تواصلية متغيرة تسهم في تشكيلها تقنيات المعلومات والاتصال"0.

    وأحيانا يعرف الإعلام البديل أنه «الطرق الجديدة في الاتصال والبيئة الرقمية التي تسمح للمجموعات الصغيرة من الناس بإمكانية الالتقاء عبر الأنترنت وتبادل المنافع والمعلومات وتسمح هذه البيئة للأفراد والجماعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم أجمع".

    وعلى أية حال فقد تم تداول مصطلح الإعلام البديل أو الجديد في موريتانيا، وتم إطلاقه على هذه الأدوات والوسائط والقنوات المستجدة، مما لا يدخل ضمن الإعلام التقليدي الذي بات يطلق على التلفزيونات والإذاعات والصحافة الورقية.

    هذا الإعلام متعدد الوسائط الذي يخاطب حواسا مختلفة ويوفر خاصتي الآنية والتفاعلية ويمتاز بمخاطبة مختلف الحواس ويوفر المزيد من تكثيف المعلومات الواردة والتدفق الإعلامي الوارد للرأي العام وكأن ما نشهده من انفجار للإعلام البديل وإعلام وسائل التواصل الاجتماعي بصفة عامة هو نوع من إشباع الرغبات أو الطلب المتزايد على العرض الإعلامي النوعي الذي لا يحتكر فقط تلك الأدوات التقليدية، بل يعمد إلى استثمار البعد التكنلوجي والبعد التقني خدمة لدمقرطة المعلومة وللمزيد من نشرها وتكثيفها وتوفير الخيارات المتعددة بالنسبة لمستهلكي المادة الإعلامية.

    ثانيا: الرأي العام - المفهوم والخصائص

    تختلف تعريفات الرأي العام عبر الزمان مع اختلاف المجتمع واختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية... وعلى ذلك فقد وضع العديد من المفكرين والعلماء والباحثين وأساتذة الجامعات تعريفات عدة للرأي العام متنوعة ومختلفة الرؤى والاتجاهات، وسنختصر في هذا المبحث على نماذج مختصرة - نعتقد أنها تفي بالغرض - من تعريفات الباحثين لهذا المصطلح:

    يعرف الدكتور إبراهيم إمام الرأي العام فيقول: "هو الفكرة السائدة بين جمهور من الناس تربطهم مصلحة مشتركة تجاه موقف من المواقف، أو مسألة من المسائل العامة التي تثير اهتمام الناس أو تتعلق بمصالحهم المشتركة".0

    في حين يعرفه الدكتور مختار التهامي على أنه: "الاتجاه السائد بين أغلبية الشعب الواعية في فترة معينة بالنسبة لقضية أو أكثر يحتدم فيها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه الغالبية أو قيمها الإنسانية الأساسية مسا مباشرا"0.

    وعرفه الدكتور أحمد بدر بأنه: "التعبير الحر عن آراء الناخبين أو من في حكمهم بالنسبة للمسائل العامة المختلف عليها على أن تكون درجة اقتناع الناخبين بهذه الآراء وثباتهم كافية للتأثير على السياسة العامة والأمور ذات الصالح العام، بحيث يكون هذا التعبير ممثلا لرأي الأغلبية0.

    ويعتبر الدكتور عبد الكريم علي الدبيسي أن" الرأي العام ثمرة تفاعل الأفكار في أحد المواقف التي تمر بها مجموعة من الناس، أي أنه يستخدم للتعبير عن مجموع الآراء التي تتخذها جماعة من الناس تجاه مسألة أو موقف أو مشكلة معينة تؤثر على مصالحهم العامة والخاصة"0.

    وقد عرف الدكتور عزام أبو الحمام الرأي العام المتشكل عبر شبكات الإعلام البديل على أنه:

    "مجموعة الآراء والاتجاهات البارزة للجمهور من خلال النقاشات وأشكال التعبير المختلفة التي تتعلق بقضايا أو مسائل تتصل بمصالح الناس وشؤونهم الحيوية التي يمكن معاينة تعبيراتها في مختلف الوسائط الإلكترونية خصوصا شبكة الإنترنت ويتولى التعبير عن هذا الرأي نخب من قادة الرأي والنجوم في الفضاءات الإلكترونية من إنترنت ووسائل الإعلام الأخرى"0.

    وتتفق معظم التعاريف على تحديد معنى الرأي العام بمجموعات آراء الأفراد، بحيث يكون لهذه الآراء خواص معينة ذات دلالة وأهمية، ويميل علماء السياسة إلى تحديد معنى الرأي العام التي يعتنقها الناخبون، هذه الآراء التي يمكن أن تؤثر على السياسة العامة.

    وإذا كانت هذه الجوانب هي محور اهتمام علماء السياسة فإن الباحثين الآخرين يركزون اهتمامهم على الطريقة التي تتكون بها الآراء، أو نوعية الآراء التي يتم التعبير عنها أو تأثيرها، غير ذلك من الصفات.

    وعلى أية حال فلا وجود لتعريف موحد للرأي العام، فهناك من يناقشه على أنه: الرغبة العامة لمجتمع سياسي، ويناقشه البعض الآخر من زاوية كونه: آراء وضعت بواسطة جمهور عن طريق الإعلام

    هذا الرأي الذي يختص ببروز مسألة أو قضية عامة تهم الجمهور، ويعمد إلى استقطاب جمهور يهتم بالمسألة أو القضية وإلى المزيد من المناقشة والحوار حول من مواقفه هذه القضية أو المسألة التي تهمه

    ويمتاز إلى جانب ذلك بكونه يمثل وجهة نظر الأغلبية، ويهدف إلى تحقيق الصالح العام من خلال التعبير عن آراء الجمهور بصفة عامة والتأثير إما على سلوك الأفراد والجماعات، وإما على السياسة العامة للدولة وصانعي القرار السياسي للانسجام جميعا أو التوافق إلى أكبر الحدود.

    ولا شك أن الإعلام البديل في موريتانيا شكل بل وصنع رأيا عاما بهذا المفهوم الذي حددناه لمصطلح الرأي العام.

    وعلى هذا أصبح بإمكاننا أن نبين الدور الذي يلعبه الرأي العام الموريتاني في تشكل الرأي العام الوطني في موريتانيا.

    المبحث الثاني: دور الإعلام البديل في تشكل الرأي العام الموريتاني

    يعتبر تأثير الإعلام البديل على الرأي العام الموريتاني كبير جدا، لذلك نجد بعض الباحثين يبالغ بالقول إن كل الأمور التي كنا نعيشها واقعا قد تحولت إلى صفة افتراضية، وبأن المجتمع الموريتاني كغيره من المجتمعات بات يعيش الواقع بشكل افتراضي سواء من حيث التأثير أو التأثر. وهذا تأكيد للمدارس المكلوهانية0 التي تعتقد وتعتبر بأن الوسيلة هي أهم ما في الرسالة الإعلامية وأن الوسيلة الحديثة والعصر الحديث ما يميزهما أساسا هو هذه العتبة الرقمية وما وفرته من انفجار الكرتوني ومن تعميق لديمقراطية المعلومات بصفة عامة.0

    واعتقد بأن مساءلة مستويات التأثير والتأثر بالنسبة للرأي العام الموريتاني ستبدو كبيرة على الرغم من عدم وجود دراسات قياسية محددة لهذه الظاهرة باستثناء مبعض الدراسات التي يعدها طلبة المتريز وتلك التي يعدها بعض طلبة موريتانيا في الخارج.

    ولا شك أن هذا المبحث يتطلب منا أن نقسمه إلى مجموعة من النقاط:

    أولا: تأثير وسائل الإعلام البديل على الرأي العام الموريتاني:

    الحديث عن تأثير الإعلام البديل على الرأي العام الموريتاني لا يزال موضوعا بكرا بالنسبة للباحثين في مجال الإعلام بموريتانيا، نتيجة لأنه بحاجة إلى معلومات إحصائية وبحاجة إلى دراسات تجمع بين البعد الإحصائي والبعد الاجتماعي وتعمد إلى إسقاط تأثير وسائل الإعلام البديل على المجتمع بصفة عامة.

    ومع ذلك فإن انعدام هذه الدراسات لا يجعلنا نكتفي بعدم إصدار الأحكام على حقيقة وجود هذا المؤثر الكبير (الإعلام البديل) في حياتنا اليومية، فقد بات ما نستقيه من أخبار يكون أساسا مصدره وسائل الإعلام البديل، حيث تم العزوف في كثير من الحالات عن وسائل الإعلام التقليدية باستبداديتها وعدم تفاعليتها، وذهب كثيرون في تعاطيهم مع وسائل الإعلام إلى الاعتماد على وسائل الإعلام البديل التي بات لها جوهرها والتي خلقت فضاء افتراضيا يتم فيه تداول وتناول الشأن العام بصفة عامة ويظهر فيه أبطال وشخوص جدد لهما كبير تأثير بحساب مستوى تفاعليتهما مع الأخبار التي ترد من حين لآخر عبر وسائل الإعلام البديل.

    وعلى هذا يمكن القول الإعلام البديل له تأثير كبير في أوساط الرأي العام الموريتاني، وأنه بدأ يجذر ويكرس ذاته من خلال تأثيره على المعطى الاجتماعي في موريتانيا سواء في العلاقات التي تربط المجتمع، وسواء في تأمين هذه التفاعلية التي توفرها وسائل الإعلام البديل بدلا من الاستبدادية اليت تبلغ وسائل الإعلام التقليدية بوصفها لا ترجع صدا وإنما تكتفي بالإرسال وسواء في دمقرطة المعلومات وتكثيف انتشارها داخل المجتمع، وسواء في الآنية التي تؤمن مواكبة مباشرة للجمهور بمختلف المستجدات التي تحدث كل هذه الخصائص خلقت ووفرت جمهورا عريضا لهذه الوسائط بفضل خاصيتها التي تحمل وبفضل النفاذ إلى التكنولوجيا الجديدة، وإلى الهواتف الذكية أيضا وإلى البنية الاتصالية التي تتطور باطراد في موريتانيا.

    ثانيا: تجليات تشكل الرأي العام الموريتاني من خلال الإعلام البديل:

    إن الحديث عن تجليات تشكل الرأي العام الموريتاني في الإعلام البديل وعن أنماط التحول التي عرفها المجتمع الموريتاني مع وسائل الإعلام البديل حديث طويل فهذا الإعلام أصبح متجذرا في كل مفاصل المجتمع ومع ذلك يمكن أن نحدد عدة مستويات يتجلى فيها تشكل الرأي العام الموريتاني مع ظهور الإعلام البديل.

  • مستوى التعاطي اليومي بين أفراد الرأي العام الموريتاني:

    يعتبر أغلب الآراء التي نحملها و الأخبار التي نتلقاها نستقيها غالبا من وسائل الإعلام البديل بفعل آنيتها وبفضل قيم الديمقراطية التي يحملها الإعلام البديل ويعززها بمعنى أنه لم يعد المستهلك في الإعلام البديل مكتفيا بدور المستقبل الذي يتلقى الرسائل من الآخرين وإنما بات أيضا متفاعلا مع مختلف ما يجري سواء في ما يتعلق بتقاسم الفضاء مع مختلف ما يجري سواء في ما يتعلق بتقاسم الفضاء الافتراضي بصفعة عامة، وفيما يتعلق بتملك زمام المبادرة من خلال إطلاع الآخرين على مستجد لديه من أخبار أو ما يحمله من آراء حول قضية معينة.

    هذا على المستوى الديمقراطي وعلى مستوى حرية الأفراد في تعاطيهم مع المعلومات التي يحملها الإعلام البديل داخل موريتانيا.

  • تشكل الرأي العام على المستوى الاجتماعي:

    التقارب الواقعي الذي ظل سائدا مندو زمن بعيد حل محله تقارب افتراضي لم نعد بحاجة معه في كثير من الحالات إلى الانتقال إلى مركز لتلقي معلومات أو استقاء أنباء، وعززت ذلك أبعاد انغلاقيه كبيرة فقد أصبح كل فرد من أفراد المجتمع الموريتاني معتد بما لديه مما توفره هذه الوسائط الجديدة،0 ولم يعد يستسقي أخبارا من الآخرين وبات مستقلا بشكل يجعله يستسقي كل المعلومات دون أن يتنقل أو يجسد ذلك البعد الواقعي.

    وحتى في الزيارات الاجتماعية العادية أصبح استخدامه لهذه الوسائل ليس لاستسقاء الأخبار فقط وإنما للتواصل ولتخفيف كل التنقلات الجسدية التي كانت تحمل ما تحمله من حرارة إنسانية لدى المجتمع الموريتاني، ومن تواصل جسدي ومكنت هذه الوسائل أيضا من تعويض تلك النزعة الواقعية التي كانت تطبع سلوكنا.

    3ـ على المستوى التعليمي:

    مع ظهور جائحة كوفيد19 التي اجتاحت العالم بأسره ولم تكن موريتانيا إلا كغيرها من دول العالم، فقد عرفت هذه الجائحة في مرحلة صعبة من تاريخها السياسي والاجتماعي، وقد تعطلت فيها جميع أنشطة الحياة بما في ذلك مؤسسات التعليم، لكن الإعلام البديل لم يكن غائبا عن المشهد في موريتانيا، فقد ساير السنة الدراسية من خلال ما يوفره من منصات تفاعلية جمعت بين المعلم وتلاميذه وبين الأستاذ وطلابه، بحيث لم يعد التنقل الجسدي إلى المدرجات الجامعية وإلى مقاعد الدراسة مرتبطا بتلقين الأساتذة هناك وإنما بات بالإمكان أن تعوض وسائل الإعلام البديل حضور المعلم والأستاذ في ظل جائحة كوفيد190

    4ـ على المستوى المهني والأخلاقي

    لم يعد الصحفيون المهنيون في موريتانيا هم وحد هم من يوفر المعلومة وإنما دخل متسللون جدد على وسائل الإعلام التقليدي في وقارها وعلى الصحفيين في حريتهم وأصبح بالإمكان أن يعمل كما يعمل هؤلاء بمجرد اقتنائهم أو امتلاكهم لأداة ذكية توفر هذه التفاعلية والآنية والفورية.

    إذا كل مظاهر حياتنا الاجتماعية الآن تأثرت بهذا البعد سواء في المصطلحات التي كان المجتمع يستخدمها أو درجة الحرارة الإنسانية التي يؤمنها للتواصل الجسدي الواقعي.

    ارتفع منسوب الافتراضية في الرأي العام الموريتاني وقل منسوب الواقعية في تشكله ليكشف باحثون لاحقا أن هذه الافتراضية لم تعد زائرا لطيفا وخفيقا، وإنما ستكون جزاء مما ستتشكل عليه الحياة اليومية للرأي العام الموريتاني.

    وكأن الافتراضية تحولت إلى واقع معاش، بمعنى مسلكيات المجتمع وطبيعة العلاقات التي تربط بعضنا مع بعض تأثرت إلى حد كبير بهذا المعنى الجديد (الإعلام البديل) وقد استطاع المدونون الموريتانيون من خلال وسائل الإعلام البديل تحويل المواطن الموريتاني العادي إلى صحفي مشارك في صناعة الأحداث بل وأكثر من ذلك استطاعوا المشاركة من خلال تدويناتهم عبر وسيلة (فيسبوك، واتويتر) وغيرهما في صناعة القرار السياسي...0

    إذا يجب ألا نبالغ في عملية التوصيف وألا نستعجل في استصدارها فهذا الإعلام البديل لا ينبغي أن يوصف بالخطر المحدق ولا بالبشارة المبشرة وإنما هو واقع لا نملك منه انفكاكا ولا نملك عنه بديل، فنحن أمام خيار واحد آلية تعاطينا معه هي التي ستجعلنا نعرف لاحقا ما إذا كان ضارا أو غير ذلك، بعبارة أخرى فهذا الكائن الجديد في الحقيقة له مكاسب وله سلبيات، يجب علينا أن نوظف المكاسب توظيف محكما وأن نتجنب السلبيات حتى لا ننسلخ من هويتنا العربية والإسلامة.

    الخــاتمـة:

    تبين لنا من خلال دراستنا لتشكل الرأي العام الموريتاني في ظل الإعلام البديل خاصة وسائل التواصل الاجتماعي أن الإعلام البديل يواجه عدة إخفاقات وتحديات كبيرة في وجود بيئة اتصالية تمكنه من الوصول إلى الرأي العام على عموم تراب موريتانيا، ولعل من أبرز التحديات:

    • ضعف نفاذ الرأي العام الموريتاني إلى الإعلام البديل لأن ذلك يرتبط أيما ارتباط بالبنية الاتصالية والبنية الاتصالية عندما نتكلم عنها في موريتانيا يجب أن نوضح أن مناطق كبيرة داخل الحيز الجغرافي الموريتاني لا تتوفر لحد الآن على شبكة الانترنت. وهذا يعني أنه حتى ولو توفرت لدى الرأي العام الموريتاني الإرادة لاستخدام وسائل الإعلام البديل فإن البنية التقنية تبدو عائقا وحائلا دون ذلك.

    • الإعلام البديل يفكك تلك الإمكانات التي كانت قائمة بالنسبة للإعلام التقليدي بحيث أصبحنا أمام إعلام جديد فاعلوه جدد وآلياته التي يستخدمها جديدة وطبائع تأثيراته وتفاعلاته من طرف المستهلكين جديدة.

    وثمة إكراهات أخرى مرتبطة بطبيعة المضامين المقدمة من طرف وسائل الإعلام البديل ومنها:

    • غياب الغربلة اللازمة في رسالة الإعلام البديل والحرص على التدفق دون كبير مهنية وتجربة وحرفية ولا شك أن الضوابط الأخلاقية والدينية بالنظر إلى أن لكل مجتمع شرعيته ولكل مجتمع ضوابطه سواء كانت دينية أو قانونية أو اجتماعية أو تنظيمية أو أخلاقية ومن واجب كل مجتمع حماية قيمه وإلا لما كان تحقق التمايز ولما تحقق التنوع وهذا ما طرح تحديات كبيرة للإعلام البديل في موريتانيا من الناحية القانونية والدينية والأخلاقية حيث واجه هذا الإعلام إشكاليات كبيرة وبقيت مطروحة على مستوى المنتجين أو الموفرين لفيسبوك أو وسائل التواصل الاجتماعي بصفة عامة حيث يمنعون بعضا من المحاذير والقيم التي تحكم تلك المجموعة ولكن تلك القيم قد تصطدم مع بعض القيم في مجتمعات إسلامية كموريتانيا وغيرها من دول الإسلام وهذا ما جعل بعض الدول تسارع إلى وضع اتفاقيات ما يعرف بالمحتوى المحلي.

    • وعمدت كثير من الدول إلى وضع ترسانة قانونية تحفظ هوية البلد وقيمه وتشريعاته ومقدساته الدينية ومن هذه الدول موريتانيا، ولعل هذا من التحديات التي تواجه الإعلام البديل في موريتانيا فلا شك أنه يصطدم في بعض جوانبه مع هوية المجتمع الموريتاني.

    • الإعلام البديل في عملية تشكيله للرأي العام الوطني خلق تحولات كبيرة على مستوى العادات والتقاليد والمسلكيات التي كان سائدة في المجتمع مندو زمن وعلى مستوى التواصل الإنساني الواقعي الحميمي الذي حل محله التواصل الافتراضي الذي ينغلق فيه الإنسان على ذاته.

    • وعلى مستوى التعاطي مع الأخبار تحول المجتمع من مجرد مستهلك للأخبار إلى منتج تسوده صحافة المواطن التي كرسها الإعلام البديل بفضل تفاعليته وآنيته وفوريته ودمقرطته للمعلومات.. ونحن في نهاية هذه الدراسة نوصي بأنه يجب أن يتملك المجتمع الموريتاني القدرة على إنتاج التدفق اللازم بدلا من التركيز على الحماية التي تحاول الدول أن تجعلها عائقا أمام الإعلام البديل.

    التوصيات:

    يجب على الدولة الموريتانية أن تركز على سعي مستخدمي هذه الوسائل من موطنين وغيرهم إلى تملك قدرات خاصة تؤمن لهم تملك واستخدام هذه الوسائل بشكل راشد وعقلاني على أن يكون الزجر القانوني والضبطي عملا لا حقا حتى إذا ما تسربت للإعلام البديل هذه المحاذير وكل هذه الحواجز تم تعديلها بمعنى أن نعمل أو نعزز وأن نكيف ترسانتنا القانونية بما يكفل حماية مجتمعنا لأن المفهوم الضبطي بصفة عامة هو حماية للحرية وحماية منها حينما تجنح إلى أن تتحول إلى المساس بالمجتمع في منظومته القانونية وفي مقدساته الإسلامية ونحن في نهاية هذه الدراسة نأمل أن يفتح هذا المقال آفاقا جديدة للباحثين في مجال الإعلام البديل بصفة عامة وفي موريتانيا بصفة خاصة أو أن يؤسس ويمهد على الأقل الطريق للباحثين.

    قائمة المصادر والمراجع:

    1ـ مقابلة مع الحسين ولد مدو: رئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في موريتانيا، وأستاذ الإعلام بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، في مكتبه بنواكشوط، يوم 20ــ 3ــ 2021م.

    2ـ بشير جميل إسماعيل: مدخل الإعلام الجديد المفهوم والنماذج، دراسة منشورة على الأنترنت، جامعة بغداد، كلية الآداب

    3- إبراهيم إمام: الإعلام والاتصال بالجماهير، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1981م.

    4 ـ مختار التهامي: الرأي العام والحرب النفسية، ج 1، ط 3، دار المعارف، القاهرة، 1984

    5 ـ أحمد بدر: مناهج البحث في الاتصال والرأي العام والإعلام الدولي، دار قباء، القاهرة، 1798

    6ـ مقابلة مع حبيب الله ولد أحمد صحفي ومدون ورئيس جريدة أشطاري الشعبية الساخرة في مكتبه بالعاصمة الموريتانية انواكشوط، بتاريخ1-4-2021 على تمام الساعة العاشرة.

    7ـ عبد الكريم علي الدبيسي: الرأي العام عوامل تكوينه وطرق قياسه، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 2011.

    8ـ عزام أبو الحمام: الرأي العام التقليدي والإلكتروني بين القطيعة والتشاركية، مجلة علوم الإعلام والاتصال، العدد1، 2018.

    9ـ ـ مقابلة مسجلة عبر الوات ساب مع الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله: أستاذ بالمعهد العالي المهني للغات والترجمة والترجمة الفورية بنواذيبو، ومكلف بمهمة لدى وزارة الثقافة الموريتانية، بتاريخ 14ـ 4ـ 2021.





    0 ـ بشير جميل إسماعيل: مدخل الإعلام الجديد المفهوم والنماذج، دراسة منشورة على الأنترنت، جامعة بغداد، كلية الآداب، بدون تاريخ نشر، ص9

    0ـ نفس المصدر: ص 9.

    0 ـ إبراهيم إمام: الإعلام والاتصال بالجماهير، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1981، ص193.

    0 ـ مختار التهامي: الرأي العام والحرب النفسية، ط 3، القاهرة، دار المعارف، ج1، 1984، ص 14.

    0 ـ أحمد بدر: مناهج البحث في الاتصال والرأي العام والإعلام الدولي، دار قباء، القاهرة، 1798، ص 20.

    0 ـ عبد الكريم علي الدبيسي: الرأي العام عوامل تكوينه وطرق قياسه، عمان، دار المسيرة للنشر، 2011، ص 23.

    0 ـ عزام أبو الحمام: الرأي العام التقليدي والإلكتروني بين القطيعة والتشاركية، مجلة علوم الإعلام والاتصال، العدد1، 2018، ص 15.

    0 ـ مقابلة مع الحسين ولد مدو: مرجع سابق

    0 ـ نفس المقابلة

    0 ـ مقابلة مسجلة عبر الوات ساب مع الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله: أستاذ بالمعهد العالي المهني للغات والترجمة والترجمة الفورية بنواذيبو ومكلف بمهمة لدى وزارة الثقافة الموريتانية، بتاريخ 14ـ 4ـ 2021.

    0 ـ الحسين ولد مدو مقابلة سبق ذكرها.

    0 ـ مقابلة مع حبيب الله ولد أحمد صحفي ومدون ورئيس جريدة أشطاري الشعبية الساخرة في مكتبه بالعاصمة الموريتانية انواكشوط، بتاريخ1-4-2021 على تمام الساعة العاشرة.

    Elhadramy Ahmed Abdallahi Cheikh || Alternative media and their role in the formation of national public opinion. Mauritania as a model || Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 7 || Pages 719 - 731.

    0



 

Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...