Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 7 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

الصراع الجيوسياسي الإقليمي وعلاقته بموارد الطاقة في الدول المطلة على الخليج العربي |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Article Info
Authors

Volume

2

Issue

7

Year

2022

ARI Id

1682060055167_2321

PDF URL

https://drive.google.com/file/d/1nK4qxpOlJCSeBUZvSCqNV4SuzKhk9279/view?usp=sharing

Subjects

الصراع الجيوسياسي موارد الطاقة دول الخليج العربي

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

The Regional geopolitical conflict and its relationship to energy resources in the countries bordering the Persian Gulf


الباحث: وجدي حميد الجابري: كلية الآداب / جامعة ذي قار

أ.د مهدي فليح ناصر الصافي: كلية الآداب / جامعة ذي قار

Abstract

This study aims to define the regional geopolitical conflict axes competing for control of energy resources in order to identify their plans and geostrategic goals that they use to achieve their immediate goals and future aspirations, and in order to achieve those desired goals, the analytical approach that is relied upon in geopolitical and geopolitical studies has been relied upon. The study reached a number of results, the most prominent of which is that the energy resources in which the Arab Gulf region abounds in terms of oil and natural gas have made it a fertile ground for regional and international conflicts due to the strong movement of the axes of these conflicts in order to find a foothold in this vital region and to win these energy resources and provisions Controlling it and ensuring the continuity of its flow and keeping other active forces away from reaching it.

Keywords: geopolitical conflict, energy resources, Arab Gulf states

المقدمة والإطار المنهجي للدراسة:

لقد شهدت منطقة الخليج العربي نتيجة لأهميتها الكبيرة عدة صراعات على المستويين المحلي والإقليمي عكست وبشكل كبير مصالح القوى المتصارعة وتعقد مطامعها المتضاربة، ويظهر الصراع الإقليمي بشكل جلي وواضح فيما اذا كانت هناك مصالح متضاربة بين الدول المتجاورة في نطاقها الإقليمي كما هو الحال في النزاعات الحدودية في دول منطقة الخليج العربي وهي كثيرة الا اننا سنركز على الصراعات التي لم تحسم بعد وبقيت عالقة والتي من الممكن ان تتفجر في اي لحظة وتأثر على امدادات الطاقة في المنطقة.

وعليه فقد جاءت مشكلة الدراسة (Problem of the Search) في سؤال جوهري مفاده (ما مدى تأثير موارد الطاقة النفط والغاز الطبيعي على طبيعة الصراع الإقليمي في الدول المطلة على الخليج العربي).

اما فرضية الدراسة (Hypothesis Search) فقد جاءت لتجيب على مشكلة البحث اعلاه والذي ثبت من خلالها ان لموارد الطاقة دور كبير في تأجيج الصراع الجيوسياسي الإقليمي في الدول المطلة على الخليج العربي.

وفيما يتعلق بمنهجية الدراسة (The Method of Research) فقد تم الاعتماد على المنهج التحليلي الذي يعتمد عليه في الدراسات الجغرافية السياسية والجيوبولتيك لغرض فهم وتحليل دور موارد الطاقة في الصراع الإقليمي في الخليج العربي فضلا عن المنهج التاريخي من اجل الرجوع الى الجذور التاريخية لبوادر هذا الصراع وعلى اختلاف المراحل الزمنية.

اما حدود الدراسة (The borders of the Study) تتمثل الحدود المكانية للدراسة بالمنطقة الجغرافية الواقعة في الجنوب الغربي من قارة اسيا، وتحديدا بالدول المطلة على الخليج العربي (السعودية، إيران، العراق، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين وعمان) اما زمانيا فتتحدد بالفترة التي تلت عام 1979 وحتى عام 2020 ينظر خريطة (1).

اما عن هيكلية الدراسة (Arrangement Research) فقد قسمت الدراسة الى محورين سبقتهما مقدمة عامة تناول المبحث الاول محاور الصراع الجيوسياسي الإقليمي، بينما القى المبحث الثاني الاضواء على مستقبل الصراع الجيوسياسي الإقليمي وعلاقته موارد الطاقة في الخليج العربي، واختتم البحث بجملة من الاستنتاجات والتوصيات فضلاً عن قائمة المصادر.

المبحث الأول: محاور الصراع الجيوسياسي الإقليمي

سيتم في هذه المبحث دراسة الصراع الجيوسياسي في الدول المطلة على الخليج العربي وعلاقته بموارد الطاقة وعلى مبحثين تناول المبحث الاول محاور الصراع الجيوسياسي في منطقة الخليج العربي مسلطا الضوء على محاور الصراع الإقليمي والمتمثلة بـ (العراقي - الكويتي، السعودي - الإيراني، الإيراني - الإماراتي، السعودي- اليمني، الإيراني - الإسرائيلي) وعلاقتها بموارد الطاقة في منطقة الخليج العربي، وتتباين محاور الصراع في منطقة الخليج العربي تبعا لتباين مصالحها وأهدافها ومستويات ابعادها إقليميا ودوليا، لذا فالصراع في منطقة الدراسة وعلاقته بموارد الطاقة يكون على المستوى الإقليمي.

خريطة (1) : الموقع الجغرافي والفلكي لدول منطقة الدراسة

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على: (الغوري، 2010: 16).

أولاً: الصراع العراقي - الكويتي

مما لا شك فيه ان الصراع الحدودي المستمر بين العراق والكويت منذ فترة طويلة يعد من المواضيع الشائكة والمعقدة بين الدولتين اذ نتجت عنه الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية وكانت سببا في تأزم الوضع بين الدولتين، وقد كان جوهر الأزمة حول الخلاف الحدودي الذي مر بالعديد من التطورات، غير اننا سنتطرق اليها بشكل مختصر بما يخدم الدراسة محاولة منا للوقوف على بوادر هذا الخلاف وما مدى علاقته بموارد الطاقة من حيث التأثير والتأثر بها.

ان مشكلة الحدود العراقية الكويتية نشأت مع وصول الدول الاستعمارية الى منطقة الخليج العربي، وبدأت تحديدا عندما توصلت الدولة العثمانية مع بريطانيا الى اتفاقية لندن عام 1913 ضمن القسم الخاص بالكويت (عبد القادر، 2000: 224). وعليه يرجع الخلاف العراقي الكويتي حول الحدود الى فترة الحكم العثماني والذي وضع التقسيمات الإدارية لمناطقه وفقا لرؤيته ومصالحه الخاصة بعد ما كانت الكويت قائمقامية تابعة للبصرة حتى عام 1914 عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى واحتلت القوات البريطانية العراق وقامت بفصل الكويت عنه، وقد ظل وضع الكويت غير مستقر الى ان عقدت معاهدة لوزان بين بريطانيا وتركيا عام 1923 والتي بمقتضاها تنازلت تركيا عن جميع ممتلكات الدولة العثمانية السابقة في الشرق العربي كله، لكن ذلك لم ينهي التساؤل عن وضع مشيخة الكويت التي لم تكن تفصلها حدود عن جوارها في تلك الحقبة (طاهر، 2014: 4).

وعليه فقد واجهت العلاقات العراقية الكويتية بعد تأسيس الدولة لعراقية الحديثة عام 1921مشكلات كثيرة منها تهريب البضائع والأسلحة بين الدولتين، اذ اتهمت الحكومة العراقية الكويت بانها تشجع عمليات التهريب التي تضر بالاقتصاد العراقي، وقد دفعت هذه العمليات العراق الى استخدام القوة المسلحة سواء البحرية ام البرية لوقف عمليات التهريب، مثلما حدث عام 1934 عندما اعترض زورق عراقي مسلح قاربين كويتيين ودخول سيارات عراقية مسلحة ارض الكويت في ايار من العام ذاته وقيامها بتفتيش احد المناطق الكويتية ويمكن اجمال عناصر الصراع بين العراق والكويت في العهد الملكي (1921- 1958) بالنقاط التالية (طاهر، 2014: 4-6): -

  • النزاع حول عائديه ام قصر والخط الفاصل بين الدولتين.

  • مطالبات الكويت المستمرة بترسيم الحدود بين الدولتين.

  • مطالبة العراق بأحقيته في جزيرتي (وربة، بوبيان).

  • محاولة الملك غازي ضم الكويت الى العراق.

  • محاولة نوري السعيد ضم الكويت الى الاتحاد الهاشمي.

    مع مجيء عام 1961 لتشهد أزمة حقيقية بين الدولتين، اذ عادت المطالبة العراقية بالكويت كلها بعد ما كانت قد تحولت الى خلاف على مناطق محددة (مشكور، 1993: 99). عندما دعا الرئيس عبد الكريم قاسم الى ضم الكويت الى العراق وهدد كل دولة تعترف باستقلال الكويت او تعترف معها بالتمثيل الدبلوماسي بقطع العلاقات معها، وان الجمهورية العراقية قررت حماية الشعب العراقي في الكويت والمطالبة بالأراضي التي استولى عليه الاستعمار بالقوة والتي هي جزء من لواء البصرة(العصيمي، 2012: 69) 0وبالتالي اعتبار الكويت جزءا منه وحينها قام العراق بتحشيد قواته على الحدود الا ان تدخل الدول العربية والصديقة ارغم العراق على التراجع عن تهديداته، اما خلال الفترة الممتدة بين عامي (1968 - 1988) نشبت العديد من الأزمات الحدودية بين الدولتين واحتل العراق عددا من المراكز الكويتية على الحدود وطالب بضم جزيرتي وربة وبوبيان(ابو داود، 2003: 219).

    وفي 15 تموز عام 1990 تزايد التوتر بين العراق والكويت عندما اتهمت الحكومة العراقية رسميا الحكومة الكويتية بالتجاوز على الأراضي العراقية واستيلاء على ابار من حقل الرميلة العراقي المحاذي للحدود الكويتية اثناء انشغال العراق بحربه مع إيران فضلا عن قيام الكويت والإمارات بإغراق السوق العالمية بالنفط مما ادى الى تدهور الأسعار وخسارة كبيرة للاقتصاد العراقي، وقد ردت الحكومة الكويتية على ما اسمته (بالادعاءات) بالقول ان الكويت قامت باستخراج النفط من ابار تقع ضمن أراضيها وعلى مساحة كافية من الحدود الدولية، واشار الرد الكويتي الا ان العراق لديه سجل حافل بالتجاوزات على الأراضي الكويتية وهو سجل مدعوم بالوثائق لدى الجهات المعنية(طاهر، 2014: 9)0 حتى الت تلك الاتهامات والصراعات المتبادلة بين الطرفين الى اندلاع الأزمة ودخول القوات العراقية للكويت في 2 / 8/ 1990 متخذة الخلافات الحدودية والاستيلاء على الابار النفطية سببا لها والتي استمرت قرابة ستة اشهر وبذلك شهدت العلاقات بين العراق والكويت انعطافه جديدة في تاريخ الدولتين والمنطقة برمتها.

    بعد غزو العراق للكويت عام 1990 اخذت العلاقات العراقية الكويتية منحا اخر متخذة ابعادا جيوستراتيجية واقتصادية واجتماعية خطيرة سواء بأغلاق منافذ الخليج العربي بوجه العراق وتحكم الكويت بها او بفرض الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي لمدة (13) عام وما آل اليه من تدمير ثروات العراق واقتصاده وبنيته الاجتماعية وبقيت العلاقات بين الدولتين في مستوى الجمود اذا لم يكن العنوان الظاهر لها هو العداء حتى عام 2003 (إبراهيم، 2016: 5). وفي العام ذاته ومنذ الحرب الأمريكية على العراق قدمت الكويت الدعم اللوجستي الكبير للقوات الأمريكية ابان حربها على العراق وفتحت أراضيها لهذه القوات لتكون قاعدة انطلاق لها، وسمحت لقوات التحالف باستخدام بعض القواعد الجوية كقاعدة (علي السالم واحمد الجابر) والبرية (مخيم الدوحة ومخيم عرفيجان) وقدمت ما قيمته (266) مليون دولار كدعم مباشر لهذه القوات(العبيدي، 2008: 3)0 ولم تتغير العلاقات بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عما قبل الاحتلال تغيرا كبيرا، فبعد القطيعة الطويلة بين الدولتين والمشاكل العالقة فيما بينهم والتي يقف في مقدمتها ملف التعويضات فضلا عن مشاكل ترسيم الحدود والتي مازالت ملفات عالقة تثير الشكوك والصراع بين الطرفين (إبراهيم، 2016: 5).

    وفقا لما تقدم تجدر الاشارة الى الدور الأمريكي ومن خلفة الدور الأوربي في اذكاء هذا الصراع فقد كان هذا الدور واضحا وجليا في تطور الصراع العراقي الكويتي خاصة بعد مطالبة الكويت بحماية أمريكية تطورت فيما بعد الى تدخل مباشر واخضاع المنطقة الخليجية للنفوذ الأمريكي، وان التدخل الأمريكي والغربي تجاه هذا الصراع لم يكن خاليا من تحقيق أهداف خفية من ابرزها(عودة، 1991: 98-99): -

    أ- احكام السيطرة على النفط العربي الخليجي من حيث كمية الانتاج وأسعاره، خاصة وان العراق قد اعطى اهتمامه البالغ بحركة النفط العالمية اثناء حربة مع إيران.

    ب- اخراج العراق كقوة عسكرية يمكن ان تلعب دورا في خلق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، بغية افساح المجال امام الأخيرة كي تبدو القوة النوعية الوحيدة في المنطقة التي يصعب التصدي لها، وبالتالي خدمة المخططات الصهيوأمريكية الهادفة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي.

    ج- عدم السماح للقوة العسكرية العراقية بلعب دور إقليمي في المنطقة من خلال ابعاد قوة العراق وجعل حاجة المنطقة الى قوات اجنبية لدولة عظمى يمكن ان تواجه الاطماع الإيرانية الساعية لفرض دور إيراني فاعل في المنطقة وفي ظل انتهاء القطبية الثنائية فان دور الولايات المتحدة الأمريكية يبرز كقوة مهيمنة طامحة بالتواجد في المنطقة تحت مبررات حماية دول المنطقة الخليجية من الاطماع الإيرانية.

    الا ان بعد عام 2003 وزوال النظام السابق عن الحكم في العراق بدأت المحاولات من الجانبين لإعادة المياه الى مجاريها غير ان أحداث الماضي رمت بظلالها على واقع العلاقات العراقية الكويتية (إبراهيم، 2016: 14)0 الامر الذي ادى الى بروز قضية الحدود من جديد في تموز عام 2005 نتيجة لقيام الكويت بأنشاء حاجز حديدي على حدودها مع العراق بحجة تامين أراضيها من الهجمات والأحداث التي تشهدها الساحة العراقية، واقامت الكويت ذلك الحاجز الحديدي على بعد مئات الامتار داخل الأراضي العراقية متجاوزة حتى ترسيم الحدود الذي اقرته الامم المتحدة بين الدولتين عام 1993، مما دفع ذلك التجاوز العشرات من العراقيين الى مهاجمة ذلك الحاجز وازالته مؤكدين تجاوزه على أراضيهم وانه اقيم داخل الأراضي العراقية (العبيدي، 2008: 16).

    ولم يتوقف الامر عند هذا الحد فمع مجيئ عام 2010 جاءت معه قمة التأزم في العلاقات والتصارع بين الطرفين خاصة عندما وضعت وزارة النقل العراقية حجر الأساس لميناء الفاو الكبير في محافظة البصرة، وبعد عام واحد تحديدا في نيسان من عام 2011 وضعت الحكومة الكويتية حجر الأساس لبناء ميناء مبارك الكبير الذي رأى العراق فيه اعتداء كويتي على الممرات البحرية المؤدية للموانئ العراقية وطالب العراق وقف العمل بهذا المشروع الا ان الكويت اعلنت استمرارها بالبناء باعتبار الميناء يقام على ارض كويتية وليس من حق العراق ان يتدخل في السيادة الكويتية على أراضيها (الزيدي، 2011: 22).

    وعليه فهناك العديد من القضايا العالقة بين العراق والكويت التي كانت وما زالت تؤدي دورا كبيرا في تأجيج حالة الصراع بين فترة واخرى وهي (إبراهيم، 2016: 10-11).

    أ- قضية الحقول النفطية المشتركة على الحدود العراقية الكويتية والتي هي من ضمن القضايا الخلافية بين الدولتين حيث عمدت الكويت الى استغلال الأوضاع السياسية والأمنية التي يمر بها العراق وانشغاله بأحداث الداخل لصالحها ومن اهم الحقول النفطية الروضتين وبحرة والصابرية وفي جنوب العراق حقول الزبير والقرنة وجزيرة مجنون اضف الى ذلك هناك حقل مهم يمتد في أراضي الدولتين من الشمال الى الجنوب والى الغرب من منفذ صفوان العبدلي الحدودي اذ تطلق الكويت على الجزء الداخل في أراضيها اسم (الرتقة) فيما يطلق العراق على الجزء الداخل في أراضيه اسم (الرميلة)، والاتفاق على هذا الحقل يمثل اهم صعوبات التعاون النفطي بين الدولتين.

    ب- قضية التعويضات المفروضة على العراق منذ عام 1990 والتي ترتبت بناءا على غزو الأخير للكويت بموجب القرار الصادر من مجلس الامن رقم (674) والذي بموجبه يدفع العراق للكويت تعويضات من عائدات النفط العراقية اذ كان نسبة ما يستقطع من عائدات العراق خلال الفترة الممتدة 1991-2000 (30%) ثم انخفضت الى 25% خلال المدة من 2001 – 2003 ومنذ عام 2003 يقوم العراق بدفع نسبة 3% من عائداته النفطية لذات الغرض. حتى تمكن العراق من سد كافة المديونية والتعويضات في عام 2021.

    ج- قضية المفقودين الكويتيين والتي شكلت واحدة من اهم القضايا الخلافية بين الدولتين والتي اكد الجانب العراقي التزامه الاخلاقي بالبحث المستمر عن المفقودين جراء غزو الكويت من قبل النظام السابق.

    من الملاحظ أن أزمة الخلاف العراقي - الكويتي هي واحدة من الأزمات ذات العلاقة الوثيقة بالمشكلات الحدودية التي زرعها المستعمر بين دول المنطقة ولم تحسم جذريا حتى الان، زد على ذلك ان النزاعات الحدودية تعد جزءا من الارث الاستعماري وضعتها الدول الغربية لضمان هيمنتها على النفط العربي بحيث تثيرها وتستغلها كلما شعرت بان مصالحها النفطية معرضة للتهديد او الخطر، فموارد الطاقة بشكل عام والنفط بشكل خاص كانت وما زالت عاملا مهما من عوامل عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي (عبيد، 2013: 52). وقد اصبح واضحا للعيان ان مشكلة النزاع على الحدود العراقية الكويتية لاتزال جمرا تحت الرماد قد يجري تأجيجها في اي وقت اخر.

    خلاصة القول ان الخلاف العراقي الكويتي الطويل ليس ببعيد عن موارد الطاقة لا بل ان الأخيرة هي احد أسباب ذلك الصراع خاصة اذا ما علمنا ان الخلافات الحدودية ماهي الا نتيجة للتقسيمات الاستعمارية الهادفة الى السيطرة على منطقة الخليج العربي والتحكم في مواردها النفطية، بيد ان هذا الصراع والخلافات يبقى بمثابة السيف المعلق بين الدولتين والتي من الممكن ان يتفجر الى صراع جديد بدافع من اي قوة خارجية كالولايات المتحدة وإسرائيل على سبيل المثال لا للحصر والمحصلة النهائية ستكون لهذا الصراع اثار لا تحمد عواقبها على الطاقة وامداداتها في منطقة الدراسة مستقبلا.

    2- الصراع الإيراني - السعودي

    يعد الصراع الإيراني-السعودي واحد من اهم الصراعات في الشرق الاوسط بصورة عامة ومنطقة الدراسة بصورة خاصة التي تؤدي دورا كبيرا في رسم السياسات والخريطة الجغرافية السياسية لهذه المنطقة، وما يعزز ذلك الصراع الثقل السياسي والاقتصادي والعسكري لكلا الدولتين، ناهيك عن طموحاتهما الإقليمية والدولية في احتلال مرتبة الريادة في المنطقة الامر الذي ادى الى ان تكون العلاقات بينهما عنوانا للتوتر الدائم والصراع المستمر بينهما.

    لقد بدأت مشاهد الصراع والتوتر بين إيران ودول الخليج العربي بالظهور بعدما انسحبت القوات البريطانية من منطقة الخليج مخلفة ورائها الكثير من الاشكاليات والخلافات الحدودية في المنطقة، فهناك خلاف بين إيران والإمارات حول الجزر الإماراتية الثلاث واحتلالها من قبل إيران عام 1971 وادعاء ملكيتها من كلا الدولتين مما شكل هذا الصراع عقبة في تطبيع العلاقات بين الدول العربية الخليجية وإيران (الجندي، 1999: 13).

    لا شك ان بداية التحول في الصراع العلني بين الدولتين هو ظهور الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 ومن ثم قيام الحرب العراقية - الإيرانية، عندما اعلن عن التحالف السعودي العراقي ضد إيران، ومن خلال ذلك سعت السعودية الى تقديم كافة اشكال الدعم الى العراق محليا ودوليا ليس من بعد قومي بل لمنع تصدير الثورة الإيرانية الى المنطقة، خاصة بعد سقوط الشاه عام 1979 ومجيئ المرشد الأعلى للثورة الإسلامية روح الله الخميني برؤية جديدة اعتبرتها السعودية تهديدا لها ولأمنها واتهمت الأخيرة إيران بمحاولة تصدير ثورتها الى دول الخليج العربي مما جعل السعودية تقف الى جانب العراق في حربه مع إيران ومن هنا تمحورت اهم ملفات الصراع لتشكل تحديات مهمة في العلاقات السعودية الإيرانية، اما التحول الثاني هو الانتقال من مرحلة الصراع فقط الى مرحلة التنافس والصراع على النفوذ في المنطقة لتصبح العلاقات متداخلة ومتشابكة في مجمل التفاعلات الجارية في المنطقة، ومع غزو العراق للكويت عام 1990 تغير مجرى العلاقات بين الطرفين ولو بشكل ملحوظ مع العداء الذي اضحى مشتركا لنظام صدام حسين بالرغم من الاختلافات السياسية والايديولوجية لكل منهما ومن هنا سعت إيران الى اعادة علاقاتها نوعا ما مع السعودية (البريزات، 2017: 55).

    واتساقا مع ما تقدم بنا فلم تستقر علاقة السعودية بإيران منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 الى يومنا هذا، أذ عرفت هدوءآ واستقرارا في مراحل معينة قبل ان تتحول الى الصراع والقطيعة ولا يزال الخلاف والتباين في المواقف قائما نتيجة الحرب الباردة بين الدولتين بشأن الادوار ومواقع النفوذ بينهما بالإضافة الى ملفات المنطقة الساخنة في كل من لبنان وفلسطين وسوريا والعراق والبحرين واليمن فضلا عن الموقف السعودي من البرنامج النووي ومن ثم الاتفاق النووي الإيراني (فرحان، 2018: 113). حيث وجدت السعودية في هذا الاتفاق خطرا عليها وتحديا لنفوذها، اذ انه سيسهم في فك الطوق السياسي والاقتصادي والأمني عن إيران والاعتراف بنفوذها في المنطقة في الوقت الذي تخوض فيه السعودية صراعا مع إيران على الدور والنفوذ في المنطقة العربية عامة والخليجية خاصة (المجالي، 2012: 69).

    كما ويعد البعد الايديولوجي هو العامل الاكثر شيوعا للصراع بين الدولتين والذي يتمحور حول البعد الطائفي اي ان دافع الصراع في المنطقة هو في الأساس (سني / شيعي) والولايات المتحدة الأمريكية هي من عملت على اذكاء ذلك الصراع وهذا ما سعى الى تأكيده الرئيس الأمريكي الاسبق بارك اوباما الذي عد ما يجري في الشرق الاوسط بانه صراع يعود الى الف عام بيد ان احالة ما يحدث الى أسباب طائفية يختزل الحقيقة ويبسط ديناميكيات الصراع (ظاهر، 2020: 29).

    اما لبنان فان الأحداث والاختلافات الإقليمية تعد من اهم الأسباب التي ادت الى تنامي الصراع الإيراني السعودي، لذا يعتبر ملف لبنان السياسي والأمني حاضرا وباستمرار في ادامة الصراع بين السعودية وإيران منذ عام 1980، خاصة وان إيران تسعى الى بسط نفوذها المتنامي في المنطقة من خلال حزب الله وما يشكله من حركة واسعة النطاق على الصعيدين العربي والإقليمي بما يمتلكه من قوة مجتمعية وعسكرية وكذلك قوة سياسية فاعلة على المستويين التنفيذي والتشريعي مما اعطى دور كبير لإيران في التدخل في شؤون لبنان مما اثار غضب السعودية وحلفاؤها الدوليين من تنامي الدور الإيراني كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والاتحاد الأوربي(عذيب، 2019: 15-17).

    كما يمثل العراق تحديا اخر للصراع الإيراني السعودي بعد ان اصبحت السعودية تنظر اليه كمصدر أساسيا لعدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي، حيث تجد في العراق بانه يمثل الحديقة الخلفية للنفوذ الإيراني والذي اعطى إيران عمقا استراتيجيا مهما في المنطقة وزاد من المخاوف السعودية في مجالها الحيوي(فرحان، 2018: 117) 0فالسعودية تخشى من تحالف إيراني عراقي في ظل حكومات موالية لإيران وان اي تحالف بين الجارتين يمكن ان يكون مدمرا بشكل محتمل لتقدم المصالح السعودية في المنطقة ومن جانب اخر ترى إيران من جانبها بان السعودية تقف وراء التقدم الذي احرزته عصابات داعش في العراق وهذا ما يؤكد التصارع بينهما ويبعد ويزيد من تباعد هوة العلاقات بين الدولتين(البريزات، 2017: 63).

    وقد شكل ملف الأزمة السورية عام 2011 منعطفا خطيرا في تزايد نبرة الصراع الإيراني السعودي بعدما وقفت السعودية موقفا مؤيدا لأسقاط النظام السوري والتعجيل بالإطاحة ببشار الاسد وتسليح المعارضة السورية عبر حلفائها سواء كانت دول او مجاميع متطرفة، وبالتالي فقد لعبت السعودية بمالها واعلامها وتشريعاتها والمجموعات التابعة لها دورا في حرف الأزمات العربية عامة والسورية خاصة عن مسارها بما ينسجم وتطلعاتها ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما اثار غضب إيران باعتبارها الحليف الاستراتيجي لسوريا (الجابري، 2015: 133).

    والجدير بالذكر ان نبرة الصراع بين الدولتين لم تستمر على وتيرة واحدة بل اخذت بالتصاعد وخاصة عام 2014 عندما اتهمت إيران بانها تدعم عسكريا وماليا الحوثيين في اليمن الذين سيطروا على صنعاء وعلى مقر الحكومة ومقرات الوزارات والمقرات الاستراتيجية، وفي 26 اذار من عام 2015 بدأت عشرة دول بقيادة السعودية العملية العسكرية (عاصفة الحزم) ضد الحوثيين واثارت هذه الخطوة السعودية انتقادات واسعة في إيران، وفي تموز من عام 2015 نجحت مفاوضات الملف النووي الإيراني مع دول (5+1) وهو ما قوبل بقلق سعودي، ومع بداية عام 2016 تصاعد التوتر بين الدولتين بعد قيام السعودية بإعدام (47) محكوما من بينهم رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر وهو ما لاقى موجة غضب وادانة شديدة في إيران وبعدها بيوم تعرضت السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد الى اقتحام من قبل المتظاهرين فقررت السعودية من جراء ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران والى اليوم لم تشهد العلاقات تحسنا بين الطرفين(الصمادي، 2016: 122-123).

    كما شكلت البحرين محورا هاما للصراع الإيراني السعودي، فقرب البحرين من السعودية غالبا ما يجعل الأخيرة تولي اهتماما خاصا بها خاصة وان السعوديين يشككون بالنوايا الإيرانية تجاه مملكة البحرين في مجال طموح إيران وباستمرار الى اعادة وتحيد الجزيرة مع الوطن الام حسب المعتد الإيراني شأنها شان الجزر الإيرانية الثلاث لذا فقد شكلت البحرين ساحة خصبة للصراع بينهما باعتبارها عمق استراتيجي لكلا الدولتين(البريزات، 2017: 64-65).

    زد على ذلك فان ملف النفط من الملفات التي اسهمت بشكل او باخر في تصاعد التوتر والخلاف بين الدولتين، اذ اتخذت السعودية اجراءات من شانها خفض أسعار النفط، في محاولة منها لضبط السلوك الإيراني بعد انتهاء مرحلة العقوبات على إيران واستعادتها حوالي 100 مليار دولار، هذا مع انها الاكثر تأثرا بهذا المستوى من الأسعار ( تمثل ايرادات النفط اكثر من 92% من صادرات السعودية و 80% من دخل ميزانيتها ) في حين تعتمد إيران على 47% من دخلها على النفط ولهذا تنتقد إيران سياسة السعودية النفطية لعدة سنوات مضت وتتهمها بعدم رغبتها في خفض الانتاج لعد التأثير على مصالح الولايات المتحدة(ظاهر، 2020: ص31) 0ومن هنا يمكن الاشارة الى ان اهم مظاهر الصراع بين الدولتين بالاتي(البريزات، 2017: 56-57): -

  • سعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى التأثير على توجهات دول منطقة الخليج العربي بما يتماشى ومصالحها، وهو ما ترفضه السعودية وترى فيه تعديا صارخا على نفوذها الاستراتيجي في نطاق دائرة الجوار المباشر.

  • توسع النفوذ الإيراني في بعض الدول العربية وخلق حالة من التوتر في العلاقات بين الاشقاء العرب والتدخل المباشر في الملف الفلسطيني والأزمات المتلاحقة في لبنان والعراق كل هذا ادى الى تراجع الدور السعودي في دائرتها العربية.

  • التنافس الشديد بين الجانبين على قيادة العالم الإسلامي، لذا تسعى إيران جاهدة الى اضعاف الدور السعودي في هذه الدائرة.

  • الدور الإيراني المباشر او غير المباشر في اثارة القلاقل الداخلية في السعودية وذلك من خلال تشجيع وتبني طروحات ومواقف قوى المعارضة الداخلية والتضخيم الاعلامي لبعض الأحداث الداخلية التي قد تحدث في المملكة.

    بما لا يدع مجالا للشك ان مستقبل الصراع الإيراني السعودي يتجه نحو المزيد من التصعيد والتصادم وعليه فما زالت الطرق طويلة امامهما لأدراك ان لا جدوى من الصراع بينهما، وبالتالي فالصراع بينهما يتحول الى حرب بالوكالة مغلفة بمنازعات عرقية ( عربية - فارسية ) وطائفية ( سنية - شيعية )، اي انها على هذا حلقة مفرغة حيث تشغل الطموحات الإقليمية وسياسة الهوية غاية قصوى في كلا الدولتين مما يؤدي الى تفاقم خلافاتهما الجيوسياسية(ميسوم، 2019: 126).

    في ضوء ما سبق ايضاحه يمكن القول ان الصراع الإيراني السعودي بدأ يظهر بقوة ابان انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 واخذ يبلغ ذروته بالتزامن مع العديد من الملفات والقضايا العالقة في المنطقة والتي سرعان ما اصبحت تغذي ذلك الصراع لتذكي اليه المزيد من التشنج والتوتر كالملف النووي الإيراني وملف لبنان والتدخل في شؤون العراق والأزمة السورية والثورة اليمنية وملف فلسطين والبحرين وغيرها من الملفات الشائكة بين الدولتين والتي اوجدت بيئة خصبة لاستدامة الصراع وتفاقمه، وبالتالي فلا يختلف اثنان من ان هذا الصراع سيشكل خطرا على امدادات الطاقة في المنطقة خاصة وانه يحدث بين محورين لهما ثقلهما في ميزان الطاقة العالمي.

    ثالثا: الصراع الإيراني - الإماراتي

    يضم الخليج العربي بين ثناياه عددا كبيرا من الجزر التي شكلت دائما محور صراع مستمر بين الإمارات المنتشرة على ساحله الغربي وإيران المتكئة على ساحله الشرقي واهم هذه الجزر هي ( صرى، قشم، هنجام، طنب الكبرى، طنب الصغرى وابو موسى ) وبالرغم من ضاله مساحة هذه الجزر فان اهميتها تكمن في وقوعها قرب بوابة الخليج قبالة مضيق هرمز وعلى الطرق الملاحية القائمة بين هذه الجزر والشاطئ اضافة الى كون بعضها يحوي على بعض الثروات الطبيعية كأوكسيد الحديد الاحمر والبترول(القاسمي، 1997: 19)0 ناهيك عن الاهمية الاقتصادية الكبيرة التي امتلكتها الجزر الثلاث ( طنب الكبرى، طنب الصغرى وابو موسى) في الآونة الأخيرة نتيجة الثروة النفطية التي شهدتها منطقة الخليج العربي التي ادت الى انعكاس الاهمية الاقتصادية على العسكرية للدول ذات المصالح التجارية والنفطية (القطاونة، 2021: 31).

    يتمحور الصراع الإيراني الإماراتي حول الخلاف الحدودي على عائديه ثلاث جزر تقع عند مدخل الخليج العربي وهي طنب الكبرى التي تقع على بعد (15) ميلا من قشم الإيرانية و (40) ميلا من الإمارات، اما طنب الصغرى فتبعد (8) ميلا غرب طنب الكبرى و (20) ميلا من قشم و (45) ميلا من شواطئ الإمارات، اما جزيرة ابو موسى فتبعد (23) ميلا جنوب غرب طنب الصغرى و (32) ميلا من البر الغربي و (40) ميلا من البر الإيراني، وان هذه الجزر تكاد تنحصر اهميتها في موقعها الاستراتيجي حيث تقع عند مدخل الخليج العربي ومن يستطيع التحكم بمضيق هرمز الذي اصبحت له اهمية عالمية كبيرة، كما ان بسط السيطرة على هذه الجزر من شانه توسيع المياه الإقليمية للدولة المسيطرة التي قد تصل الى مناطق تضم ثروات نفطية(مشكور، 1993: 133-134).

    وعليه فقد تذهب الادعاءات الإيرانية في احتلالها للجزر الثلاث الى مجموعة من الاسس اولها ان اسماء الجزر الثلاث فارسية المصدر والجذور فهي تسمى ابو موسى او (بو موسى ) وطنب الكبرى (تتب بمرزك) وطنب الصغرى (تتب كوجك)، ناهيك عن الادعاءات التاريخية التي تستند على ان الجزر الثلاث تاريخيا تابعة للإمبراطورية الفارسية وتأكيدا لذلك فقد صرح شاه إيران عندما احتلت القوات الإيرانية الجزر الثلاث بان هذه الجزر فارسية التبعية ويضيف الإيرانيون الى ما سبق من حجج وادعاءات (ان القواسم الذين حكموا هذه الجزر عام 1887 هم مواطنون إيرانيون )، بينما تستند الادعاءات الإماراتية بمطالبتها بملكية الجزر على أساس عائديه هذه الجزر الإدارية الى قبيلة القواسم وهي من اهم القبائل العربية التي تقيم على الساحل الغربي للخليج العربي وان السيادة العربية على الجزر الثلاث قديمة فقبيلة القواسم العربية حكمت الجزر منذ عام 1750 وان سكان الجزر هم فرع من القبائل العربية التي عاشت على البر العربي في امارتي الشارقة واراس الخيمة(عباب، 2012: 8-9).

    وبناءً على ما سبق فقد كان قرار الانسحاب البريطاني من الخليج العربي عام 1971 فرصة لإيران لتأكيد دورها في منطقة الخليج العربي وبعد صدور اعلان الانسحاب البريطاني حتى اخذت التصريحات الإيرانية تتصاعد منذ عام 1968 بشان استخدام القوة العسكرية لاحتلال الجزر الثلاث ولعل ابرزها تصريح شاه إيران (محمد رضا بهلوي) في 19 شباط عام 1971 قائلا (ان بلاده لن تتردد في استخدام القوة اذا انتهى الامر في حال فشل الوسائل السلمية لتسليم الجزر الى إيران قبل حلول موعد الانسحاب البريطاني من الخليج العربي) (الطفيلي، 2016: 5). واستمرت تلك التهديدات المتمحورة حول استخدام القوة العسكرية واحتلال الجزر مالم يتم تسليمها حتى قامت القوات الإيرانية في الثلاثين من تشرين الثاني عام 1971 بأنزال قواتها العسكرية يساندها سلاح البحرية بمهاجمة جزيرتي (طنب الكبرى، طنب الصغرى) واحتلالها بعد معركة بين رجال الشرطة التابعة لأمارة راس الخيمة والقوات الإيرانية مما ادى الى مقتل ستة اشخاص من افراد القوة العربية ومقتل ثلاث اشخاص من افراد القوة الإيرانية، كما احتلت القوات الإيرانية فيما بعد جزيرة ابو موسى في عام 1992 (الطفيلي، 2016: 12).

    وفي ضوء ما سبق فقد ترتكز ابعاد الصراع الإيراني - الإماراتي حول الجزر الثلاث الى بعدين رئيسيين هما (المومني، 2012: 8-9):

    أ- العبد الاستراتيجي

    يتمثل البعد الاستراتيجي في رغبة إيران في توسيع رقعة مياهها الإقليمية لتمكنها من السيطرة على السواحل الهامة المطلة على الخليج العربي والهيمنة عليها، والتحكم بحركة الملاحة البحرية عبر مضيق هرمز، رغم انها تمتلك بعض الجزر التي تؤدي الى هذه الهيمنة مثل (قشم، هنجام، لارك) وقيامها بالدور المحوري في منطقة الخليج العربي واحتلال المراكز الاقوى والاهم فيه، ومنعها لحدوث اي تغيير جيوستراتيجي في الخليج العربي يهدد مصالحها الحيوية في تصديرها للنفط عبر مضيق هرمز الى خارج الخليج العربي.

    ب- البعد الاقتصادي

    يتمثل في محاولة إيران التغطية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الداخلية المتدهورة واستيعاب حالة عدم الرضا السائد ومطالبتها لدولة الإمارات بدفع التعويضات عن حربها مع العراق واتهامها لأمارة الشارقة باستغلال حقل مبارك النفطي بمعدلات اكبر من المتفق عليه بينهما، غير ان الحقيقة تكمن في ان وضع إيران الاقتصادي السيئ دفعها لمحاولة زيادة عائداتها النفطية فبالغت باتهام الإمارات باستغلال حقل مبارك ذلك ان شركة (كريسنت) التي تستثمر حقل مبارك تنتج (7500) برميل يوميا، وهي كمية قليلة جدا بمقياس الكميات المنتجة في الخليج العربي وان عملية الشحن في الناقلات تتم بحضور مندوبين إيراني وإماراتي كما ان اقتسام النفط يتم مناصفة حسب الاتفاق الاصلي بين الطرفين.

    وبعد عام 1992 عندما احتلت القوات الإيرانية جزيرة أبو موسى جاء الدور الأمريكي عندما وقفت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل الى جانب الإمارات بسبب موقفها الهادئ والسلمي في حسم الصراع مقابل التعنت الإيراني وعارضوا بشده الاجراءات التي قامت بها إيران في الجزر الثلاث وقد اكدت الولايات المتحدة ومعها العديد من الدول الأوربية كفرنسا وبريطانيا والمانيا على اعادة الحق لأصحابه، ومن هنا يبدو ان المعادلة الأمريكية في هذا الموضوع ترى بان امن الولايات المتحدة يمر عبر استقرار الإمارات العربية المتحدة وذلك لضمان استمرار تدفق النفط ولمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد لذا فقد زادت من تواجدها في الخليج العربي وعملت على تزايد روابطها مع دول الخليج لاحتواء إيران وحلفاؤها الإقليميين (مسعد، 2000: 270).

    أن قضية الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى) تمثل نقطة اتفاق وتلاق بين عموم المحافظين والأصلاحيين حول تأكيد السيادة الإيرانية على هذه الجزر، فليس في إيران من يقبل التنازل عن الجزر والدليل على ذلك هو عدم تعاون إيران مع اللجنة الثلاثية التي تكونت من السعودية وقطر وسلطنة عمان الخاصة لبحث الخلاف الإيراني الإماراتي عام 2000 وفي ظل هذا الموقف الإيراني تجاه قضية الجزر ستبقى إيران متمسكة باحتلالها للجزر وسترفض الحلول والمقترحات الرامية لحل هذه القضية في الوقت الحاضر والمستقبل المنظور.

    وبهذا فقد انتهجت الإمارات الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع القضية فعملت على سد الطرق في وجه إيران لتحصل على الاعتراف الدولي بتبعية الجزر لها، وحاولوا نقل القضية الى محكمة العدل الدولية الا ان تلك الجهود اصطدمت بالموقف الإيراني الرافض لفكرة عودة الجزر الى الإمارات وعدم السماح بتدخل طرف ثالث حتى شهر شباط من عام 2009 عندما اعلن الناطق باسم الخارجية الإيرانية لا حوار حول تبعية الجزر لإيران وان هناك سوء فهم إداري ويمكن ان يحل عبر التفاوض الثنائي وليس عبر طرف ثالث (المومني، 2012: ص16).

    تبقى قضية الجزر الثلاث تمثل المحور الأساسي في العلاقات بين إيران والإمارات العربية المتحدة، اي ان العلاقات بقيت على حالها (الحمداني، 2003: 97)0 بيد ان اصرار الجانبين الإيراني والإماراتي على حقهم في الجزر فانه لا يتصور ان يتخلى اي من الطرفين عما يتصوره حقه في الجزر لاعتبارات تاريخية وقومية واقتصادية واستراتيجية، رغم ان احتلال الجزر جاء في حكم الشاه الا انه من غير المتصور ان تتخلى إيران ربما لنفس الأسباب عن الجزر، وعليه فقد حرصت الحكومات الإيرانية المتعاقبة على اظهار نوع من التشدد ازاء تمسك الإيرانيين بتلك الجزر، وفي نفس الوقت لم يتبدل الموقف الإماراتي ازاء تمسك دولة الإمارات بحقها بالجزر، كما ان تصلب الطرفين في مواقفهما قد يؤدي الى تفجير النزاع ليحوله من حالة الصمت الى حالة اكثر توترا واكثر صراعا (محمد، 2012: 143).

    نستنتج مما تقدم ان الصراع الإيراني الإماراتي القائم حول الجزر الثلاث التي تم الاستيلاء عليها من قبل إيران عام 1971 يكمن في اهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، زد على ذلك ان بوادر هذا الصراع لازلت قائمة وبدون حلول ترضي الجانبين وبقائه على هذا الوضع هو بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في اي لحظة وهذا ما يهدد امن المنطقة واستقرارها وينعكس بشكل او باخر على امدادات الطاقة في منطقة الدراسة ويعرضها للخطر.

    رابعاً: الصراع السعودي - اليمني

    لم يكن الصراع السعودي - اليمني وليد القرن العشرين بل ان جذوره تمتد الى فترات تاريخية قديمة، لكن الصراع الحالي بين الدولتين خلال الحقبة المعاصرة كان اكثر قوة واستمرارية (وجيه: 50). كما يعد الصراع بين السعودية واليمن واحد من اعقد النزاعات التي مرت بها الجزيرة العربية، وذلك لسببين تمثل الاول بظهور النفط في شبه الجزيرة العربية والذي يعد محركا أساسيا لبوادر هذا النزاع فضلا عن التنافس المحتوم بين الشركات النفطية، اما السبب الثاني فقد تأثر تكوين الحدود بالأوضاع الداخلية في اليمن وخاصة فيما يتعلق بانفصال الجنوب عن الشمال وسيطرة بريطانيا على الجنوب عام 1839 (ابو داود، 2003: 204). أضف الى ذلك ان قضية الصراع على الحدود السياسية بين الدولتين يعود الى عام 1925 عندما قامت اليمن بطرد الادارسة من تهامة وتضييق الخناق عليهم في المنطقة الجبلية من عسير، وبناء على ذلك فقد ظهرت نية اليمن في ضم إقليم عسير اليه (السرياني: 269).

    وعليه فان العلاقات السعودية اليمنية وعلى امتداد المراحل الزمنية كانت تتسم بالتوتر، اذ ان الهوية الإسلامية المضادة للجانبين اعطت لقضية الحدود بعدا ايديولوجيا، حيث تفاجأ المجتمع الدولي بغزو مسلح للجيش اليمني الجنوبي عام 1972 على مدينة الوديعة السعودية واعلنتها مدينة يمنية وبعد فشل المفاوضات قامت القوات البرية السعودية مدعومة بسلاح الجو باستعادة المنطقة بعد قتال ضاري، وفي عام 1976 طرأ تطور ايجابي على العلاقات بين الدولتين، وفي عام 1990 تم اعلان الوحدة بين شطري اليمن، الا ان المشاكل لم تنتهي لان للسعودية مشاكل حدودية مع جانبي اليمن وعادت العلاقات للتوتر بسبب تأييد اليمن للعراق ابان غزو الكويت عام 1990 (الزيادي، 2013: 20).

    كما مرت العلاقات السعودية اليمنية بعدة مراحل من الحرب الباردة حتى وصل الامر الى الحرب الفعلية، فقد كان لأهمية موقع اليمن الجغرافي خصائص جيوسياسية متنوعة حيث تنضم الجمهورية اليمنية الى مصاف الدول الفقيرة والتي لم تجد لها مكان في الاقتصاد العالمي الا بالاعتماد على الموقع الجيوسياسي الذي يميزها، حيث اخذت تسعى الا ان تضع اقدامها عالميا لتدخل ركب الاقتصاد العالمي من خلال توظيف هذا الموقع وتحقيق دخل قومي من الملاحة البحرية التي تفد اليها من العالم وخاصة في تجارة النفط الخليجي الا ان هذه الميزة اصبحت محط صراع جيوبولتيكي مزمن على اليمن ادى لابتزاز اهميتها الجيواقتصادية التي دعت للتصارع حولها دول الخليج عامة والسعودية خاصة وبدعم أمريكي كبير مع وجود الدعم المضاد من إيران للحوثيين (عبد الله، 2020: 264).

    والجدير بالذكر ان الاهم في قضية الصراع على الحدود السعودية - اليمنية يكمن في مناطق التماس اذ لا تزال تلك المناطق خارج اطار الاستكشاف النفطي في الوقت الحاضر الذي تتحدث فيه تقارير كثيرة عن وجود احتياطي نفطي هائل في المنطقة الواقعة بين الجوف ومارب وصحراء الربع الخالي (الارياني، 2013: 76). ولهذا ان الصراع الحدودي هو ليس بمنأى عن موارد الطاقة وخاصة النفط، فاليمن لم تكن لديها الامكانيات او ان الحكومة لم تكن راغبة في التنقيب عن النفط في الجوف وشبوة وحضرموت واكتفت باكتشافات نفطية في مارب حتى منتصف الثمانينيات وهو ما شكل رعبا حقيقيا للسعودية خاصة عندما اثبتت تقارير سرية أمريكية عن احتمال ان تكون المنطقة الواقعة بين اليمن والسعودية هي المخزون الاكبر للنفط في الجزيرة العربية ويقع الجزء الاكبر من تلك المنطقة في اليمن وبالتالي فالسعودية تنظر الى اي اكتشافات نفطية تجارية في اليمن سيؤثر على السعودية وستعمل على دعم اليمن وبناء الدولة وهذا ما يتعارض مع السعودية والمشروع السعودي الرامي الى ابقاء اليمن في حالة فقيرة حتى تتمكن من تحقيق التوازن في المنطقة التي يجعلها مرجعية للجميع اقتصاديا وسياسيا واستمرت الخلافات الحدودية بين شد وجذب حتى 12/6/2000 اذ تم توقيع معاهدة جدة الخاصة بالحدود بين الدولتين والتي انهت نزاعا حدوديا دام اكثر من ستون عاما (الارياني، 2013: 76-77).

    ما يود ذكره هنا صحيح ان الصراعات على الحدود بين الدولتين انتهت بموجب معاهدة جدة المشار اليها انفا، لكن اثار تلك الصراعات بقيت طافية على السطح وتضرب بأطنابها على واقع العلاقات بينهما، وهكذا استمر موقف كل دولة تجاه الاخرى بالشك والريبة والتذمر.

    وعلى الرغم من بقاء السعودية بعيدة عن الحروب الخمسة السابقة في اليمن عن المشاركة الفعلية لكنها في الحرب السادسة التي اندلعت في 11/8/2009 شعرت بالخطر المحدق بها لذا اعربت عن قلقها فيما يحصل في اليمن من أحداث مؤكدة على اهمية امن واستقرار اليمن للمنطقة والدول المجاورة بما فيها السعودية غير ان هذا لا يعني انها كانت غائبة عن اعلام وخطابات الحوثيين التي ظلت تتهم الحكومة اليمنية بانها تخوض الحرب ضدهم نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية محاولين بذلك اضفاء صبغة المذهبية على سلوك الحكومة اليمنية تجاههم خاصة وانهم يتحدثون عن تخندق الوهابية والسلفيين في جبهة الحكومة وقد تبادل كل من السعودية والحوثيين الاتهامات حول تهديدات متبادلة على مقربة من الحدود بين بين السعودية واليمن في منطقة جيزان وجبل دخان وفي سياق تلك الادعاءات تطورت الأحداث الى تفجير النزاع المسلح بينهما عام 2009 (التمامي، 2010: 66-67).

    ومع مجيئ الثورة اليمنية الشعبية عام 2011 اصبحت الأوضاع خطيرة جدا حتى جاء التدخل السعودي في اليمن مجددا تحكمه العديد من العوامل كان من ابرزها المخاوف المتزايدة جراء تنامي وتزايد قوة الحركة الحوثية في اليمن حيث كانت سيطرتهم على صنعاء وتمددهم السريع جنوبا بمثابة انذار خطير للاستراتيجية الإقليمية السعودية لا سيما وان القادة الحوثيين قد بينوا عدائهم للنظام السعودي بشكل علني من خلال العديد من التصريحات الاعلامية (جازع، 2011: 33).

    والجدير بالذكر ان الدور الأمريكي كان واضحا في دوامة الصراع السعودي اليمني فالولايات المتحدة الأمريكية تنظر الى النفوذ الإسلامي في اليمن يهدد الامن الأمريكي في المنطقة، لذلك سعت بكل ما تملك ومن خلال حلفائها في المنطقة الى تجفيف منابع التيارات الإسلامية التي تهدد مصالحها الى الحد الذي وصفت فيه الحركة الحوثية بانها حركة او تنظيمات ارهابية متمردة ودعمت السعودية سياسيا وعسكريا وماديا واعلاميا للوقوف ضدها (صالح، 2018: 11).وقد حاولت الاستراتيجية الأمريكية الربط بين الملف الإيراني والملف اليمني على أساس كبح قدرة إيران على توسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعم هذه الحركات الإسلامية ومنهم الحوثيين، ولذلك دعت الولايات المتحدة الى تقييد عملية ايصال المساعدات الإيرانية وخاصة الصواريخ الى الحوثيين خاصة وانهم يستخدمونها بشكل متكرر لاستهداف السفن العسكرية الأمريكية والحليفة التي تعبر المياه قباله ساحل اليمن، هذا ويعبر اكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يوميا مضيق باب المندب الذي يصل خليج عدن بالبحر الاحمر ونظرا لقرب إيران من مضيق هرمز في الخليج العربي فقد اثارت عمليات نقل الصواريخ مخاوف الولايات المتحدة من احتمال تهيئة إيران نفسها للسيطرة على مضيقين أساسيين للطاقة في المنطقة (جازع، 2011: 32).

    اما عن الدور الإيراني في الصراع السعودي اليمني فتاريخيا لم تكن إيران عاملا مهما في الشؤون اليمنية حيث حافظت منذ فترة طويلة على وجودها الدبلوماسي في صنعاء ولكن خلال حروب صعده الستة بين عامي 2004-2010 اكيد الرئيس السابق علي عبد الله صالح ان إيران كانت تدعم الحوثيين ومع تطور الأحداث في اليمن ازداد دعم إيران للحوثيين وخاصة في عام 2011 واستمر الدعم الإيراني للحوثيين سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا واعلاميا وماليا وهذا الدعم نابع من عدة دوافع إيرانية كان من ابرزها ما يأتي (ساحلي، 2020، 16).

    وعليه فقد تدخلت السعودية عسكريا لضرب اليمن من خلال عاصفة الحزم عام 2015 وبهذا اتخذت المملكة تحالف عربي بقرار التدخل العسكري في العام ذاته بعد دخول الحوثيين الى صنعاء، كما اتخذت السعودية رد الفعل العسكري اعتراضا على تهديد صادراتها من النفط عبر التحكم الحوثي اليمني في مضيق باب المندب، اذ انها تود ان تستمر الملاحة النفطية في مضيق باب المندب منسابة بشكل سلس دون اي عراقيل من اي نوع حتى اصبح الوجود الحوثي في اليمن احد مهددات الامن النفطي عبر مضيق باب المندب، مما حدى بالسعودية حيث جهزت تحالفا عسكريا للقيام بعاصفة الحزم شمل دول الخليج العربي اجمع ماعدا عمان وشمل التحالف باكستان ودول شمال افريقيا مصر والمغرب والسودان والاردن وتدعمهم لوجستيا من قبل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية (ساحلي، 2020: 6-7).

    وفي ضوء ذلك فثمة أسباب دعت السعودية للإعلان بحملة عاصفة الحزم، منها أسباب داخلية واخرى خارجية سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية وهي في المجمل كالاتي (عبد الله، 2020: 27).

    أ- أسباب سياسية: تهديد السعودية بصورة مباشرة من قبل مسؤولين إيرانيين فقد صرح مندوب طهران في البرلمان الإيراني بان الحوثيين اذا ما حققوا النصر في اليمن فان السعودية ستكون الهدف القادم، كما صرح علي اكبر ولايتي بان إيران تدعم ما يقوم به انصار الله (الحوثيين) واعرب عن ان الحوثيين يقومون بالدور نفسه الذي يقوم به حزب الله في لبنان.

    ب- أسباب أمنية: مخاوف سيطرة إيران على نشاط الحركة الحوثية سوف يهدد امن المملكة العربية وعموم دول الخليج العربي بسبب الموقع الجيوبولتيكي الذي يربط اليمن بمنظومة امن الخليج العربي، حيث ترى السعودية ان إيران ستحكم السيطرة عليها في حال حكم الحوثيين اليمن من خلال وجود الحوثيين جنوب السعودية.

    ج- أسباب دينية: متمثلة بالصراع على حكم العالم الإسلامي بين قطبي السعودية المتمثلة بالمذهب السني وجمهورية إيران متمثلة بالمذهب الشيعي، الامر الذي دفع للتدخل السعودي والخليجي عموما بحجة الدفاع عن المقدسات.

    يتضح مما تقدم بنا ان ديدن الصراع السعودي اليمني ينبثق من قضيتين أساسيتين اولهما النزاع على الحدود منذ فترات تاريخية قديمة وثانيهما هو التدخل السعودي العسكري في اليمن والذي برز بشكل واضح اثناء اندلاع الثورة الشعبية اليمينة اي ضد الحوثيين والذي عظم من المخاوف السعودية من تنامي التواجد الإيراني في منطقة مجالها الحيوي الى الحد الذي وصف به هذا الصراع على انه حرب بالنيابة بين إيران والسعودية، ناهيك عما تنذر به بوادر هذا الصراع من خطر على موارد الطاقة في منطقة الدراسة مستقبلا خاصة في حالة تجدد هذا الصراع وتفجره مرة اخرى بدافع من اطراف إقليمية او دولية وليس ادل على ذلك من ضرب الحوثيين لشركة ارامكو السعودية على سبيل المثال لا للحصر والحقوا خسائر فادحة بها.

    خامساً: الصراع الإيراني - الإسرائيلي

    لا يخفى على المختصين ان الصراع الإيراني الإسرائيلي واحد من اعقد واطول الصراعات في الشرق الاوسط والمنطقة بوصفه صراعا تتصادم عوامله ومسبباته ايديولوجيا وسياسيا وفكريا واقتصاديا وثقافيا لتضفي المزيد من التوتر والتعقيد بين الدولتين ناهيك عن سياسة واستراتيجية كلا منهما التي ترمي الى تقييد حجم الاخر وتحجيم نفوذه، وما الملف النووي الإيراني وملف لبنان وسوريا وفلسطين الا ملفات شائكة اضفت الكثير من معالم التناحر والتصارع بين الطرفين إقليميا ودوليا.

    مرت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية بتاريخ طويل من التذبذب بين القوة والضعف وذلك حسب الظروف السياسية التي سادت إيران منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي وحتى قيام الثورة الإسلامية عام 1979. التي سعت بعدها الاستراتيجية الإيرانية مستقلة ومعارضة للوجود والمصالح الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة (صالح، 2018: 255-256)0وقد شهدت العلاقات الإيرانية الإسرائيلية تغيرا كبيرا في مسارها بعدما اطيح بنظام الشاه عقب الثورة الإسلامية عام 1979 ووصول الإسلام السياسي الى سدة الحكم وكان بمثابة زلزال سياسي كبير كان الخاسر الاكبر منه الصهاينة اذ فقدت مصدرا مهما للطاقة فضلا عن فقدانها حليفا قويا اذ تحولت إيران من دولة حليفة وداعمة لإسرائيل الى دولة مواجهة لها (الغامدي، 2013: 47، 58).

    وبعد عودة الامام الخميني الى طهران عام 1979 وبدا اعلان اول حكومة هي حكومة (مهدي بازركان) قطعت العلاقات الدبلوماسية بين إيران وإسرائيل وتوقف كل شيء بينهما، وفي العام نفسه تم طرد (167) صهيونيا من إيران من بينهم (22) دبلوماسيا واغلقت السفارة الإسرائيلية آنذاك ورفع العلم الفلسطيني عليها وطهرت اجهزة الدولة من المتعاملين مع إسرائيل وقطع جميع العلاقات معها بما فيها التعامل التجاري وحركة الطيران (ظاهر، 2019: 138).

    وعليه فلا يختلف اثنان من ان أسباب العداء والصراع الإيراني الإسرائيلي تمثل في موقف الثورة الإيرانية المعارض لسياسة إسرائيل في المنطقة وقطع العلاقات الدبلوماسية منذ اكثر من 36 عاما، بالإضافة الى دعم إيران للمقاومة اللبنانية والفلسطينية والنشاط الإيراني والاعلامي والاستخباراتي ضد إسرائيل (ظاهر، 2019: 138-139).كما لا نحيد عن الحقيقة كثيرا اذا قلنا ان سر العداء الإيراني الإسرائيلي هو جزء من العداء الأمريكي الإيراني والذي يعد بدوره حالة فريدة لم يشهدها التاريخ الدبلوماسي والعداء بينهما استراتيجيا عميقا، بعد ان اطاحت الثورة الإيرانية عام 1979 بكل المصالح الأمريكية في المنطقة فقد قضيت على نظام الشاه كأحد المرتكزات الأساسية للاستراتيجية الأمريكية فيها (الديب، 2015: 39).

    وفقا لما تقدم بنا فقد تزايدت حدة الصراع بين الدولتين وذلك لتبني إيران سياسة معادية لإسرائيل فهي تنظر الى الأخيرة بانها كيان معتدي غاصب محتل لأراضي إسلامية وان وجود إسرائيل في المنطقة بحد ذاته هو خطرا كبيرا عليها وذلك بحكم الشراكة الاستراتيجية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وإسرائيل تحاول وبشتى الطرق والوسائل تقليص قدرات إيران العسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة (الهبيده، 2013: 44).

    ولما كان الملف النووي الإيراني الملف الاكثر صراعا بين إيران وإسرائيل فقد اتبعت الأخيرة استراتيجية ذات بعدين في التعامل مع الملف النووي الإيراني هو تجفيف المنابع الخارجية التي تحصل عليها إيران والاعداد لتوجيه ضربة للمفاعلات النووية الإيرانية، حيث ان امتلاك ذلك الملف يعني التوازن تلقائيا يصب في مصلحة إيران ولذلك قامت إسرائيل بخلق العديد من المشاكل من اجل منع إيران من تطوير ملفها النووي وعدم اقامة اي اتفاقية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية (العليكم، 1999: 29).

    مما لا شك فيه ان إيران النووية تمثل تهديدا للنفوذ والمكانة الإسرائيلية في المنطقة لان هذا يحرمها من ميزة التفرد في امتلاك التكنولوجيا النووية في المنطقة، وسيزيد من الضغوط الإقليمية والدعوات الدولية لنزع السلاح النووي وجعل المنطقة خالية منه كما سيزيد من الضغوط عليها لتوقيع معاهدة منع الانتشار النووي واخضاع برنامجها النووي لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما انه قد يدفع بعض الدول العربية خاصة في الخليج العربي الى امتلاك تكنولوجيا نووية قد تشكل خطرا على إسرائيل على المدى القريب والبعيد (ظاهر، 2019: 148 ).

    لذا فقد تولي إسرائيل المشروع النووي الإيراني اهمية قصوى وتنظر فيما اذا تمكنت إيران من تطوير مشروعها فان المنطقة تعرف واقعا جيوستراتيجيا له انعكاسات شتى عليها لا تحمد عواقبها والتي تتمثل بالنقاط التالية (الشيخ، 2012: 83-84).

  • وضح حد لاحتكار إسرائيل للسلاح النووي.

  • تهديد وجود إسرائيل وأحداث تغير استراتيجي في ميزان القوى في الشرق الاوسط والمنطقة بصورة جذرية وغير مسبوقة.

  • خلق واقع جديد تصبح فيه إيران دولة إقليمية قوية للغاية وذات مكانة وتأثير ونفوذ في المنطقة وبالتالي ستصبح محورا قويا وهاما جدا في مواجهة السياسة الإسرائيلية.

  • خلق حالة من الخوف والهلع داخل المجتمع الإسرائيلي الذي من الممكن ان يقود في المراحل الأولى الى وقف الهجرة الى إسرائيل وزيادة الهجرة المعاكسة وانخفاض الاستثمارات فيها.

  • يشكل بروز إيران النووية ضغط على العديد من الدول خاصة مصر والسعودية وسوريا وتركيا ودافعا ها الى محاولة اللحاق بها.

    يتضح مما سبق ان إسرائيل تسعى جاهدة لمنع إيران من ان تصبح ذات قوة نووية اذ ان امتلاك إيران أسلحة نووية سوف يشكل تهديدا كبيرا على وجود إسرائيل لذا فهي تسعى لخلق موقف دولي بالتعاون مع الولايات المتحدة مؤيد الى تحجيم إيران.

    تشكل إيران في ضوء المتغيرات السريعة الجارية في الشرق الاوسط مركز ثقل مهم وحساس في ميزان القوى الإقليمي، مما يضعها تحت مجهر الرصد العالمي بشكل عام والإسرائيلي بشكل خاص، كما ان صراع القوى والهيمنة على المنطقة الغنية بالموارد الاقتصادية يثير قلق إسرائيل قبل غيرها، لان هذا التوسع الإيراني سوف يحد من طموحاتها الرامية الى وئد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وطي صفحته الأخيرة الى الابد، فضلا عن أهدافها الخفية في تقسيم الدول العربية الى دويلات ضعيفة غير قادرة على المواجهة، ناهيك عن ظهور إيران كلاعب جديد في الساحة النووية الدولية وما يخلفه ذلك من تبعات خطيرة من شانها تغيير قواعد اللعبة في المنطقة برمتها، مما جعل إسرائيل في حالة استنفار قصوى لاسيما بعد أحداث سوريا والدعم الإيراني للنظام هناك (ياسين، 2017: 153).

    لا شك في ان إيران تدعم سياسيا وعسكريا بعض الحركات الجهادية المقاومة لإسرائيل مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله في جنوب لبنان، رغم ان كل المؤشرات تدل على ان علاقة إيران بحزب الله تصل الى مستوى التحالف الاستراتيجي، فضلا عن وجود فكرة لبناء استراتيجية عسكرية مشتركة تجمع إيران مع سوريا وحزب الله في حلف ثلاثي قادر على مواجهة الاعمال العدوانية لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لذا فمن الطبيعي ان تنظر إسرائيل بعين القلق لهذا التحالف وتخشى ان يمتد ليشمل المجال النووي (حمد، 2018: 7).

    فالتنافس الاستراتيجي حاضرا بين إيران وإسرائيل حول العالم العربي اذ تخشى إيران من ان يؤدي اي سلام بين إسرائيل والعرب الى تهشيمها إقليميا فتصبح معزولة، في المقابل فان إسرائيل تخشى من الورقة الإسلامية التي تلعب بها إيران على الساحة العربية ضدها، فالسلام بين إسرائيل والعرب يضر بمصالح إيران الاستراتيجية في المنطقة ويباعد بينها وبين الاطراف العربية خاصة سوريا، مما يؤدي الى عزلها استراتيجيا كما ان التسوية السلمية ستؤدي الى زيادة النفوذ الأمريكي وتكثيف تواجد القوات الأمريكية وزيادة الخلل في ميزان القوى الإقليمي لغير صالح إيران(عبد اللطيف،: 21). ولهذا فان العداء الإيراني لإسرائيل يدفعها الى الرفض القاطع لأي عملية تسوية معها وهذا ما ينعكس على طبيعة جميع التيارات الإسلامية المعارضة لإسرائيل كحزب الله في لبنان وحركة حماس (الشيخ، 2012: 83).

    يتضح مما تقدم بنا ان الصراع الإيراني الإسرائيلي على اختلاف صوره واشكاله وتعدد أسبابه هو من ابرز محاور الصراع الجيوبولتيكي في المنطقة في اطار سعي كلا منهما للسيطرة على منطقة الخليج العربي وتوسيع مناطق نفوذه لما لهذه المنطقة من اهمية كبيرة من الناحية الأمنية والسياسية والطاقوية، وعليه فمن غير المستبعد ان يتطور هذا الصراع مستقبلا وفقا للسياسة الإسرائيلية التي تقوم على معادلة جوهرها ان شرط بقائها هو اضعاف ما حولها وهذا ما يصطدم بالاستراتيجية الإيرانية الرامية الى ان تكون إيران قوة إقليمية يحتذى بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا على المستوى الإقليمي والدولي، وهذا ما يجعل المنطقة مرشحة للمزيد من الصراع الإيراني الإسرائيلي والذي سيعرض الطاقة وامداداتها للخطر المحدق.

    المبحث الثاني: مستقبل الصراع الجيوسياسي الإقليمي وعلاقته موارد الطاقة في الخليج العربي

    ان كل ما يحدث في منطقة الدراسة من صراع إقليمي مهما تنوعت أشكاله وتعددت أسبابه الا واقترن بموارد الطاقة خاصة وان الاحتياطات النفطية والغازية تتواجد في مناطق محدودة من العالم الامر الذي زاد من حدة الصراع من اجل السيطرة على تلك المناطق الغنية بتلك الموارد ومنها منطقة الخليج العربي، ومن اجل رسم الصورة المستقبلية للصراع الجيوبولتيكي الإقليمي على موارد الطاقة في منطقة الدراسة يمكن وضع ثلاث مشاهد مستقبلية قد تساعدنا على الاقتراب من الحقيقة والوقوف على جوهرها وعلى النحو الاتي:


    المشهد الاول - تفاقم حدة الصراع الى الصدام

    يقوم هذا المشهد على ان موارد الطاقة في منطقة الخليج العربي ستؤدي مستقبلا الى تطور الصراعات الإقليمية وتفاقم حالاتها وصولا الى الصراع والحرب على هذه الموارد خاصة اذا ما اقترن موضوع التنافس والتصارع على هذه الموارد بالخلافات الحدودية والصراعات الايديولوجية بين ضفتي الخليج العربي ناهيك عما تتطلع اليه كل من إيران والسعودية لريادة دور إقليمي مهيمن على المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهذا المشهد غير مرجح من قبل الباحث لعدة أسباب: -

  • على الرغم من مرور العلاقات الخليجية - الإيرانية بمنعطفات مختلفة تأرجحت ما بين الصراع وما يشبه الانفراج، الا ان دول الخليج العربي دأبت على التعامل مع إيران وفق مبدا حسن الجوار وعدم التدخل في شؤونها الداخلية كما ابدت دول مجلس التعاون الخليجي ولا تزال حرصا بالغا على الملفات العالقة بين الجانبين وحلها وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية (محمد، 2015: 520).

  • في ضوء معطيات البيئة الإقليمية الراهنة فان المشهد الاكثر تحققا بين ضفتي الخليج العربي هو المد والجزر وليس الصدام والحرب، اي ان العلاقات بين الطرفين ستستمر وتتراوح بين التقارب والتعاون تارة وبين التباعد والنزاع تارة اخرى (عيد، 2015: 4).

  • ان نقطة الخلاف الرئيسية في المستقبل بين إيران ودول الخليج العربي هي عدم رغبة الأولى في تواجد اي قوة اجنبية في المنطقة، لذا ستسعى إيران الى توثيق علاقاتها مع دول المنطقة وخاصة قطر واستخدامها كورقة سياسية واقتصادية في علاقاتها الإقليمية مع دول المنطقة كأحد الوسائل لتوطيد مركزها الإقليمي في منطقة الخليج العربي وهذا لا يتوافق مع مشهد الصدام بين الطرفين.

    المشهد الثاني - تراجع الصراع

    يستند هذا المشهد على أساس ان محوري الصراع الإقليمي الإيراني - الخليجي يربطهما عامل الجوار الجغرافي الذي له من الخصوصية والدور الفاعل والمؤثر في العلاقات الدولية للدول المطلة على الخليج العربي، ناهيك عن الروابط الدينية والتاريخية التي ترتبط بها هذه الدول المتجاورة، زد على ذلك عدم وجود اجماع بين دول مجلس التعاون الخليجي حول عدائية إيران مثل سلطنة عمان والكويت وقطر المنفتحة تجاه إيران مؤخرا، كل هذه المتغيرات قد تدفع باتجاه التعاون الإقليمي سياسيا واقتصاديا خاصة في مجال الطاقة الامر الذي يقود الى تراجع حالات التصعيد والصراع الإقليمي بين دول المنطقة، الا ان الباحث لا يتفق مع هذا المشهد للأسباب التالية: -

    1- الأيديولوجية المذهبية التي تحكم العلاقات الدولية بين ضفتي الخليج العربي لازالت حاضرة وبقوة والتي تزيد من بوادر الصراع لأطول فترة ممكنة.

    2- صعوبة كبح الصراعات الداخلية وفي مقدمتها الصراعات الحدودية وخاصة في المناطق الحاوية على موارد الطاقة ناهيك عن التنافس الإقليمي بين القوى الخليجية الثلاث (الإمارات، قطر والسعودية ) من جهة وإيران من جهة اخرى.

    3- التقاطع الكبير في سياسات بعض دول مجلس التعاون الخليجي وإيران في عدد من الدول العربية منها سوريا واليمن والبحرين والعراق وهو ما انتهى الى توتر كبير في الفترة بين عامي (2013-2016) الى درجة دفعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك اوباما (2009-2017) الى التصريح بان على السعودية وإيران ان يبذلا جهدا للتخفيف من التوتر والا فان الولايات المتحدة لا تجد مصلحة لها في الانخراط بالصراع الطائفي في المنطقة (القميري، 1993: 7).

    4- وجود الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها صاحبة النفوذ واليد الطولى يجعل من الصراع الإقليمي بين دول المنطقة يأخذ مسارات متزايدة باتجاه التفاقم بفعل تورط العامل الدولي فيه والذي يضاعف من حدة الصراعات الإقليمية بدلا من تسويتها وما ينتج عن ذلك من ضعف مستمر في العلاقات بين دول المنطقة ومزيدا من التوتر في العلاقات الخليجية الإيرانية.

    5- التهديد الإيراني بأغلاق مضيق هرمز في ضوء اهميته الاستراتيجية ودوره الكبير في التأثير على التجارة العالمية خاصة تجارة النفط والغاز الطبيعي، اذ يقع هذا المضيق في الخليج العربي فاصلا بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة اخرى، وبالتالي فهو نقطة الدخول والخروج من الخليج العربي وهو المنفذ الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر وهذا ما يزيد من مخاوف العراق ودول مجلس التعاون الخليجي ويدفع باتجاه تعكر العلاقات وزيادة حدة الصراع اكثر منه الى التهدئة (ثابت، 2020: 230).

    المشهد الثالث - بقاء الصراع على ما هو عليه (حالة اللاحرب واللإسلام)

    يقوم هذا المشهد على احتمالية بقاء الصراع الإقليمي حول موارد الطاقة في منطقة الخليج العربي على ما هو عليه نتيجة الخلافات التصارعية الكبيرة بين ضفتي الخليج العربي فضلا عن كثرة الملفات العالقة بين دول المنطقة، ناهيك عن الحضور الفاعل والقوي للفواعل الدولية التي تعمل على استمرار الصراع الإقليمي وعدم صفو العلاقات بين ضفتي الخليج العربي، وهذا ما يميل اليه الباحث ويرجح كفته على حساب المشهدين السابقين للأسباب التالية: -

  • ان الصراع الإقليمي في منطقة الخليج العربي هو صراع خليجي- إيراني غير مباشر بدوافع قوى دولية كبرى تحاول ان تستخدم ادواتها الفاعلة في المنطقة وكأنها حرب بالنيابة وتربك الوضع لتحقيق الأهداف الجيوسياسية المرجوة وكسب المزيد من الوقت لتحقيق المغانم وفي مقدمتها النفط والغاز الطبيعي.

  • عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية باستقرار منطقة الخليج العربي وحصول تكامل إيراني خليجي بين ضفتي الخليج العربي لان ذلك بحد ذاته سيشكل تهديدا خطيرا للولايات المتحدة والقوى العالمية ذات النفوذ في المنطقة، والدليل على ذلك الصعوبات التي واجهتها الولايات المتحدة الأمريكية في الحصول على النفط الخليجي مثلما تعرضت له ابان حرب 1973 بين العرب وإسرائيل وما صاحبها من قطع امدادات النفط العربي عنها.

  • التغذية المستمرة للصراعات الإقليمية في منطقة الخليج العربي من قبل دول اعطت لنفسها الحق في التدخل لحماية مناطق نفوذها لوضع يدها على موارد الطاقة والسيطرة عليها وتوجيه مسارات نقلها طبقا لمصالحها الاقتصادية والتنافسية كالولايات المتحدة الأمريكية والغرب (عيد، 2015: 6).

  • ان الصراع الإقليمي في منطقة الخليج العربي مرتبط الى حد كبير بموضوع السيادة على المنطقة وهذا ما يشغل اهتمامات إيران ولفترة طويلة من الزمن منذ عام 1979 وهذا ما قوبل بنفس الخطى والسعي من جانب المملكة العربية السعودية لإظهار الزعامة على العالمين العربي والإسلامي بحكم عاملي الرمزية الإسلامية على وجود الحرمين الشريفين والثروة النفطية (جيلاني، 2015: 5).

    الاستنتاجات:
  • اوضح البحث وبرهن على ان حالة عدم الاستقرار التي ارقت منطقة الدراسة منذ القدم مرتبطة الى حد كبير بطبيعة العلاقات بين دول المنطقة والتي غلبت عليها النزاعات المستمرة بسبب الخلافات الحدودية التي ورثتها من الارث الاستعماري والتي جعلت منها منطقة غير مستقرة مليئة بالانقسامات والتوترات وبدورها اثرت بشكل او باخر على واقع ونقل واستثمار موارد الطاقة فيها وحدت من فرص التكامل الاقتصاد.

  • ان موارد الطاقة التي تزخر بها منطقة الخليج العربي من النفط والغاز الطبيعي جعلت منها ارضية خصبة للصراعات الإقليمية والدولية نظرا لتحرك محاور هذه الصراعات بقوة من اجل ايجاد موطئ قدم لها في هذه المنطقة الحيوية والظفر بهذه الموارد الطاقوية واحكام السيطرة عليها وضمان استمرارية تدفها وابعاد القوى الفاعلة الاخرى من الوصول اليها.

  • اثبت البحث من خلال التحليل الجيوبولتيكي والرؤيا المستقبلية ان الصراع الجيوسياسي الإقليمي والدولي حول موارد الطاقة في منطقة الدراسة سيستمر على ما هو عليه في المستقبل القريب والبعيد.

    قائمة المصادر والمراجع:

    1- إبراهيم، وسناء محمد، العلاقات العراقية الكويتية بعد عام 2003 (الحدود والوجود)، مجلة قضايا سياسية، العدد (43-44)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2016.

    2- ابو داود، عبد الرزاق سلمان، نظرية الحدود الدولية وسياساتها في شبه الجزيرة العربية، مجلة ام القرى للعلوم التربوية والاجتماعية والانسانية، العدد (2)، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة الملك عبد العزيز، السعودية، 2003.

    3- ابو داود، عبد الرزاق سلمان، نظرية الحدود الدولية وسياساتها في شبه الجزيرة العربية، مجلة جامعة ام القرى للعلوم التربوية والاجتماعية والانسانية، المجلد (15)، العدد (2)، السعودية، 2003.

    4- الارياني، اسهام عبد الله محمد، مستقبل الخلافات الحدودية بين السعودية واليمن، مجلة حمورابي، العدد (49)، جامعة صنعاء، اليمن، 2013.

    5- البريزات، رايق سليم، الصراع السعودي الإيراني وتأثيره على دول الجوار العربي، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، العدد (8)، كلية التجارة الاسماعيلية، جامعة قناة السويس، مصر، 2017.

    6- التمامي، عبد الله سعد عبد الله، البعد الأمني للعلاقات السعودية اليمنية (200-2010)، رسالة ماجستير، جامعة مؤته، الاردن، 2010.

    7- ثابت، عامر حسن، بدائل العراق في ظل التحديات التي تحيط بامن الخليج العربي: تحديات امن الملاحة في مضيق هرمز انموذجا، مجلة تكريت للعلوم السياسة، العدد (19)، جامعة تكريت، 2020.

    8- الجابري، وجدي حميد، المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة السورية دراسة في الجغرافية السياسية، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة ذي قار، 2015.

    9- جازع، جواد صندل، الحركة الحوثية في اليمن دراسة في الجغرافية السياسية، مجلة ديالى، العدد (49)، جامعة ديالى، 2011.

    10- الجندي، صالح عبد العزيز، التقارب السعودي - الإيراني دوافعه وابعاده، فيصل نور للنشر، جدة، السعودية، 1999.

    11- جيلاني، عباسة، الامن الطاقوي وصراع الدول الصناعية الكبرى على موارد الطاقة، مجلة قضايا دولية معاصرة، العدد (10-11)، كلية العلوم الانسانية، جامعة وهران، الجزائر، 2015.

    12- حمد، حامد مرهون، غزوان مجيد رشيد، إيران تحت المجهر الإسرائيلي دراسات استراتيجية، ط1، مؤسسة دار الصادق الثقافية للطبع والنشر والتوزيع، بابل، العراق، 2018.

    13- الحمداني، ضاري سرحان حمادي، سياسة إيران الإقليمية تجاه دول الجوار الجغرافي وانعكاساتها على الوطن العربي (1990-2000)، رسالة ماجستير، معهد القائد المؤسس للدراسات القومية والاشتراكية، الجامعة المستنصرية، 2003.

    14- الديب، كنعان رزاق ديب، الصراع الإيراني الإسرائيلي على الدور والمكانة في الشرق الاوسط 2005- 2015، اطروحة دكتوراه، جامعة الاقصى، فلسطين، 2015.

    15- الزيادي، حسين عليوي ناصر، التحليل الجغرافي لمشكلة الحوثيين في اليمن دراسة في الجغرافية السياسية، مجلة البحوث الجغرافية، العدد (13)، جامعة الكوفة، 2013.

    16- الزيدي، مفيد، العلاقات العراقية الكويتية: رؤى وتصورات مستقبلية، مجلة اراء الخليج، العدد (58)، الإمارات العربية المتحدة، 2011.

    17- ساحلي، مبروك، التدخلات الخارجية وانعكاساتها على أزمة اليمن، دراسات الشرق الاوسط، مركز دراسات الشرق الاوسط، الاردن، 2020.

    18- الشيخ، نورهان، علاقة إسرائيل بالقوى الإقليمية في اعقاب ثورات الربيع العربي: احتواء وتوظيف عن بعد، مجلة حمورابي، العدد (3)، القاهرة، 2012.

    19- شيماء معروف فرحان، العلاقات السعودية - الإيرانية بين التهدئة والتصعيد، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، العدد(64)، الجامعة المستنصرية، 2018.

    20- صالح، صباح محمد، الحركة الحوثية في اليمن والموقف السعودي منها بعد عام 2011، مجلة الدراسات التاريخية والحضارية، المجلد (10)، العدد (37)، جامعة تكريت، 2018.

    21- الصمادي، فاطمة، إيران والسعودية حدود التنافس والصراع، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، قطر، 2016.

    22- طاهر، قحطان حسين، تاريخ النزاع العراقي الكويتي، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والانسانية، العدد (18)، جامعة بابل، 2014.

    23- الطفيلي، ستار علك عبد الكاظم، حسن احمد إبراهيم المعموري، موقف بريطانيا من قضية الجزر العربية الثلاث ( طنب الكبرى-طنب الصغرى-ابو موسى) دراسة تاريخية، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والانسانية، العدد (26)، جامعة بابل، 2016.

    24- ظاهر، سعدون شلال، رسل إبراهيم مردان، العلاقات الإيرانية السعودية بعد عام 2015 واثرها في استقرار الشرق الاوسط، مجلة البحوث الجغرافية، العدد(32)، كلية التربية للبنات، جامعة الكوفة، 2020.

    25- ظاهر، سعدون شلال، ظلال جواد كاظم، هدى عيدان جبار الربيعي، تحليل جغرافي سياسي للسياسة الصهيونية تجاه الخليج العربي، مجلة ابحاث البصرة للعلوم الانسانية، المجلد (44)، العدد (4)، جامعة البصرة، 2019.

    27- عباب، احمد جاجان، الابعاد الجيوبولتيكية للنزاع الإماراتي الإيراني حول الجزر العربية الثلاث (ابو موسى، طنب الكبرى، طنب الصغرى) وادعاءات كل من الطرفين حول ملكيتها، مجلة ادأب الفراهيدي، العدد (13)، كلية الآداب، جامعة تكريت، 2012.

    28- عبد القادر، محمد عبد الله خالد، الحدود الكويتية العراقية دراسة في الجغرافيا السياسية، ط1، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت، 2000.

    29- عبيد، رعد علي، نفط الخليج العربي وبحر قزوين وميزان القوى العالمي، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2013.

    30- العبيدي، محمد عبد الرحمن يونس، الكويت والمتغيرات السياسية في العراق 2003-2006، مجلة دراسات إقليمية، المجلد (5)، العدد (12)، مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، 2008.

    31- عذيب، قاسم عبد علي، ماجد صدام سالم، التنافس السعودي الإيراني في لبنان، 2019، على الموقع الالكتروني www.researchgate.net

    32- العصيمي، خالد عبد الرحمن، ترسيم الحدود العراقية الكويتية واثره على السياسية الخارجية الكويتية، رسالة ماجستير، كلية الآداب والعلوم السياسية، جامعة الشرق الاوسط، الاردن، 2012.

    33- العليكم، حسن حمدان، الامن والاستقرار في منطقة الخليج دراسة استشرافية، سلسلة اوراق فصلية، العدد (3)، الإمارات العربية المتحدة، 1999.

    34- عودة، عودة بطرس، حرب الخليج من المسؤول، دار الكرمل، عمان، الاردن، 1991، ص98-99.

    35- عيد، محمد بدري، مستقبل العلاقات الخليجية - الإيرانية بعد الاتفاق النووي، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 2015.

    36- الغامدي، نايف بن محمد بن سعيد، العلاقات الإيرانية الإسرائيلية للفترة (1951-2012) وتأثيرها على مجلس التعاون لدول الخليج العربية، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الاردنية، 2013.

    37- القاسمي، خالد بن محمد، الجزر الثلاث بين السيادة العربية والاحتلال الإيراني، ط1، الإمارات العربية المتحدة، 1997.

    38- القطاونة، نور احمد محمد، الوسائل السلمية والخلاف الإيراني الإماراتي حول الجزر العربية الثلاث، ط1، المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، برلين، 2021.

    39- القميري، عطا، الخطر الإيراني في الرؤية الإسرائيلية، مجلة الدراسات الفلسطينية، المجلد (4)، العدد (14)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1993.

    40- المجالي، عصام نايل، تأثير التسليح الإيراني على الامن الخليجي منذ الثورة الإسلامية 1979، ط1، عمان، 2012.

    41- محمد، زهير قاسم، احتلال الجزر العربية الثلاث واثره على العلاقات الإماراتية - الإيرانية عام 1971، مجلة سر من راى، المجلد (8)، العدد (29)، جامعة سامراء، 2012.

    42- محمد، فيان احمد، الممرات المائية وامن الطاقة العالمي مضيق هرمز انموذجا، مجلة الآداب، العدد (108)، المجلد (4)، جامعة بغداد، 2015.

    43- مسعد، نيفين عبد المنعم، العرب وإيران في حال الامة العربية، المؤتمر القومي العربي العاشر، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000.

    44- مشكور سالم، نزاعات الحدود في الخليج معضلة السيادة والشرعية، ط1، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، 1993.

    45- المومني، محمد خالد، خالد حامد شنيكات، رؤية شاملة لأبعاد الصراع في قضية الجزر العربية الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، ابو موسى)، المجلة الاردنية للعلوم الاجتماعية، المجلد (5)، العدد (1)، الأردن، 2012.

    46- ميسوم، الياس، مستقبل الصراع الإيراني السعودي وتداعياته، مجلة مدارات إيرانية، المجلد (2)، العدد (5)، المركز الديمقراطي العربي، برلين، 2019.

    47- الهبيده، سعد مجبل فلاح، البرنامج النووي الإيراني واثره على توجهات السياسة الخارجية الكويتية للفترة (2003-2012)، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة الشرق الاوسط، الاردن، 2013.

    48- ياسين، حشوف، اشكالية الامن في منطقة الخليج بين السياسات الإقليمية والاستراتيجيات الدولية، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير بسكرة، الجزائر، 2017.



    Wajdi Hamid Al-Jabri & Mahdi Falih || The Regional geopolitical conflict and its relationship to energy resources in the countries bordering the Persian Gulf || Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 7 || Pages 1109 - 1140.

    0



Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...