Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 6 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

المواقيت المكانية: دراسة تحليلية موضوعية |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Article Info
Authors

Volume

2

Issue

6

Year

2022

ARI Id

1682060055167_2336

PDF URL

https://drive.google.com/file/d/13om3b2klLFCYKeAudbJE9gKwmGQC8xA1/view?usp=sharing

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

Spatial timings: an objective analytical study

 

Abstract:

Among the rites, the Prophet, peace be upon him, defined the spatial timings that it is not permissible to cross without entering a state of ihram for the person who wants to perform Hajj or Umrah. The spatial timings are of great importance. Many Muslims fall into embarrassment and confusion. Because they do not understand the issues of Hajj and Umrah, their Hajj may not be performed, and they may have to pay the ransom, and this is precisely what the researcher is trying to read in an analytical way. Therefore, the researcher analyzed the hadiths mentioned in the spatial times, with an explanation of jurisprudential issues and an objective study. The study came out with several results, including: The necessity of Ihram from the timings, and who left it, must pay the ransom. The timings are endowments that may not be exceeded by the aspirant of pilgrimage. Also, the legality of alignment and it is considerable. And that the debate over the issue of whether Jeddah is a meqat, is to clarify what is meant by alignment. Jeddah is not a miqat except for its people and those who are adjacent to it from the west. And that the timings are for their family and for those who passed by other than her family. Permissibility of entering ihram from planes and ships in alignment.

Keywords: pillars of Islam, Hajj, rituals of Hajj, spatial times

الإطار المنهجي للدراسة:

المقدمة:

الحمد لله القائل: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]، وأشهد ألا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، القائل: "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ"(0)، فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إن الله عزوجل قد فرض علينا فروضًا لأدائها، وحدَّ لنا حدودًا فلا نتجاوزها، ونحن إذ نفعل ذلك مأجورون، وإنَّ من جملة العبادات والقربات التي نتقرب بها إلى الله عزوجل حج بيته الحرام، وقد فرضه الله على نبيه ، فكان يعلم الناس مناسك الحج، ويقول: "لتأخذوا مناسككم"، ولكل هذه العبادات التي فرضها الله علينا أزمنةً مؤقتةً، وأماكن محددةً، فالأزمنة هي المواقيت الزمانية (شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة)، والأماكن هي تلك المواقيت المكانية (وهي موضوع دراستي).

لقد حدَّ النبي  المواقيت كلها، وجعلها محيطة بالجهات الأربع – شمالًا وجنوبًا، وشرقًا وغربًا – وسمَّى أهلها والواردين عليها من جميع الجهات، وبيَّن أنَّ هذه المواقيت ليست خاصة لأهل تلك الجهات فحسب! بل هي لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها، وهذا من تمام حكمة التيسير وكمالها.

إن المواقيت المكانية ذات أهمية كبيرة؛ لأنها من واجبات الحج، يكمل الحج بالإتيان بها، فهي أول أفعاله ومقاصده، ولتكرر الحج كل عام، ومناسك العمرة كل وقت، يقع الكثير من المسلمين في حرج وإشكال؛ لعدم فقههم بمسائل الحج والعمرة، فربما لا يتم حجه، وربما تجب عليهم الفدية، ولذا تكلَّم العلماء فيها وتوسعوا في شرحها وبيانها وإيضاحها.

المنهج البحثي:

لقد سار الباحث في إعداد دراسته على المنهج التحليلي في الدراسات الشرعية، والذي يعرف بأنه: أسلوب يقوم على وصف منظم ودقيق لنصوص مكتوبة أو مسموعة من خلال تحديد موضوع الدراسة وهدفها. كما يعرف بأنه: أسلوب البحث الذي يهدف إلى تحليل المحتوى الظاهري ووصفها وصفًا موضوعيًا ومنهجيًا(0). وقام بتحليل الأحاديث الواردة في المواقيت المكانية من حيث ذكر الحديث وتخريجه، والتعريف براويه، والمعنى الإجمالي له، وبسط مسائله الفقهية، وذكر فوائده المستنبطة.

مشكلة البحث:

يقع كثير من الحجاج والمعتمرين في بعض الأخطاء في مسائل المواقيت المكانية، وكثرة التساؤولات عن تلك المسائل مما كان له الأهمية البالغة في بيانه وتوضيحه، ولهذا السبب تدور مشكلة الدراسة حول بيان المواقيت المكانية في الحج.

أسباب اختيار الموضوع:

إن الدواعي التي من خلالها اخترت البحث تكمن فيما يلي:

  • أن الحج من أركان الإسلام، والمواقيت جزء من مناسك هذا الركن، فوجب بيانه؛ لأداء مناسك الحج والعمرة بشكل صحيح.

  • تكرار الحج في كل عام، والعمرة بشكل دائم، ولذا يتكرر وقوع الأخطاء من الحجاج والمعتمرين.

  • كثرة المسائل المستجدة التي لها علاقة بالمواقيت، كالإحرام من الطائرات.

  • اختلاف العلماء في بعض المسائل؛ للبحث عن أدلتهم، وبيان الراجح منها.

    الدراسات السابقة:

    بعد تتبع دليل الرسائل العلمية والباحث العلمي، وجد الباحث عدة أبحاث عن المواقيت المكانية، وكلها بعيدة عن موضوع دراستي؛ لأن دراسته اشتملت على الدراسة الحديثية الفقهية المقارنة، ما عدا البحث الموسوم بـ: "أحاديث مواقيت الحج والعمرة المكانية: دراسة حديثية موضوعية"، للدكتور: عبد الرحمن بن أحمد العواجي، مجلة العلوم الشرعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. إلا أن الأخير اقتصر في المسائل الفقهية على أربع مسائل، وقد ذكرتها وزدت عليها ثمان مسائل مع البسط فيها دارسة فقهية مقارنة، مع الاختلاف في منهج الدراسة.

    هيكل البحث:

  • الإطار المنهجي للدراسة.

  • المبحث الأول: نص الحديث، وتخريجه، ولغوياته، وفيه ثلاثة مطالب:

  • المبحث الثاني: التعريف بالراوي الأعلى، والمعنى الإجمالي، ويحتوي على مطلبين:

  • المبحث الثالث: فقه الحديث، وفيه اثنتا عشرة مسألة:

  • المبحث الرابع: الفوائد المستنبطة من الحديث.

  • الخاتمة: وفيها أهم النتائج، والتوصيات

    خطوات إعداد البحث:

    يحاول الباحث أن يبسّط مسائل المواقيت المكانية قدر المستطاع، ملمًا فيه شمل المسائل والأقوال التي تفرقت في بطون الكتب والأسفار، مع زيادة إيضاح لها بإبراز المسائل المستجدة فيها، وبيان الراجح منها. ولذلك فقد سار الباحث في إعداد هذا البحث على النحو الآتي:

  • كتابة الآيات القرآنية برسم المصحف الشريف ، مع ذكر اسم السورة ورقم الآية.

  • وضع الأحاديث النبوية بين علامتي التنصيص، والإشارة إليها في الحاشية بعزوها وتخريجها بمصادرها الأصلية، فأذكر اسم الكتاب الأصلي ورقم الحديث، فإن كان في فالصحيحين فإني أكتفي بالعزو إليهما، فإن لم أجده فيهما خرجته من السنن الأربع وهكذا، عدا المطلب الثاني [تخريج الحديث]، فخرجته من الكتب التسعة فقط.

  • بيان درجة الأحاديث، فما كان في الصحيحين فالعزو إليهما مؤذن بالصحة، وما سواهما فأنقل حكمًا للمتقدمين إن وجدت وحكمًا للمعاصرين مكتفيًا بالإمام الألباني.

  • إستكشاف الآثار من مصادرها الأصلية.

  • أذكر معاني الكلمات الغريبة، بالرجوع إلى معاجم اللغة والغريب، والاستعانة بكتب الشروح إن لزمت الحاجة.

  • العناية بقواعد اللغة العربية، والإملاء، وعلامات الترقيم.

  • إذا كانت المسألة تحتاج تعريفًا لغويًا، فإني أذكر التعريف اللغوي من كتب اللغة، ولا أعتمد على كتب المصطلح فيها.

  • استعين بأقوال شُرَّاح الحديث في فقه الحديث وشرحه.

  • التركيز على موضوع البحث، وتجنب الاستطراد.

  • الاعتماد على أمهات الكتب والمصادر والمراجع الأصلية في التوثيق والعزو والتخريج.

    المبحث الأول: نص الحديث وتخريجه ولغوياته.

    أولا: نصُّ الحديث

    قال البخاري -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ  وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ"(0).

    ثانيا: تخريج الحديث

    أخرجه البخاري في "صحيحه"، (كتاب الحج، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة)، (2/134/1524)، بهذا اللفظ، و(كتاب الحج، باب مهل أهل الشام)، (2/134/1526)، بنحوه، و(كتاب الحج، باب مهل من كان دون المواقيت)، (2/134/1529)، بنحوه، و(كتاب الحج، باب مهل أهل اليمن)، (2/135/1530)، بمثله، و(كتاب جزاء الصيد، باب دخول الحرم ومكة بغير إحرام)، (3/17/1845)، بمثله.

    ومسلم في "صحيحه"، (كتاب الحج، باب مواقيت الحج والعمرة)، (4/5/1181[1-2])، بمثله.

    وأبو داود في "سننه"، (كتاب المناسك، باب في المواقيت)، (2/411/1738)، بمعناه(0).

    والنسائي في "المجتبى"، (كتاب مناسك الحج، باب ميقات أهل اليمن)، (5/124، 123/2654)، بنحوه، و (كتاب مناسك الحج، باب من كان أهله دون الميقات)، (5/125، 126/2657، 2658)، بنحوه.

    والنسائي في "الكبرى"، (كتاب المناسك، ميقات أهل اليمن)، (4/18/3620)، بنحوه، و (كتاب المناسك، من كان أهله دون الميقات)، (4/19/3623، 3624)، بنحوه.

    وأحمد في "مسنده"، (مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي )، (4/32، 31/2128)، بنحوه، و(4/109/2240)، بنحوه، و(4/130/2272)، بمثله، و(5/191/3065)، بنحوه، و(5/242/3148)، بنحوه.

    والدارمي في "مسنده"، (كتاب المناسك، باب المواقيت في الحج)، (2/47/1792)، بمثله.

    ثالثاً: لغويات الحديث

    لغويات الحديث:

    قوله: (وَقَّتَ): من التوقيت، والتحديد، قال ابن فارس: "الواو والقاف والتاء: أصل يدل على حد شيء وكنهه في زمان وغيره"(0)، وقال ابن الأثير: "والتوقيت والتأقيت: أن يجعل للشيء وقت يختص به، ثم اتسع فيه فأطلق على المكان، فقيل للموضع: ميقات"، ثم قال: "وقد يكون وَقَّتَ بمعنى أوجب"(0)، والمواقيت على قسمين: زمانية، وهي: (شوال، وذي القعدة، وذي الحجة)، ومكانية، وهي المواقيت المذكورة في الحديث(0).

    قوله: (ذو الحُلَيْفَة): تصغير حلفاء، وهي نبت معروف، قال الجوهري: "والحلفاء: نبت في الماء، وذو الحليفة موضع"(0)، وقال ابن الأثير: "وقيل هو قَصَب لم يُدْرَك"(0)، وتسمى بأبيار علي، وهو ميقات أهل المدينة، ومن كان في جهتهم، ويبعد عن مكة ما يقارب 424كم2 شمالاً(0).

    قوله: (الجُحْفَة): قرية خربة، اجتحف السيل أهلها، وبذلك سُميت(0)، وهي التي دعا النبي  بنقل حمى المدينة إليها، إذ قال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا"(0)، قال ابن حجر: "واختصت الجحفة بالحمى فلا ينزلها أحد إلا حُمَّ"(0)، وهو ميقات أهل الشام، ومن في ناحيتهم، وكذا أهل المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر، تبعد عن مدينة رابغ حوالي 25كم2 جنوبًا، وعن مكة 181كم2 شمالاً تقريبًا، وتقدر المسافة بين الميقات والخط الدولي السريع بما يعادل 4,5كم2، وبها مسجد، ويحرم الناس من مدينة رابغ(0).

    قوله: (قرن المنازل): القرن هو الجبل الصغير، وهو مكان منخفض، وأخطأ من سمّى قرن المنازل قرن الثعالب؛ لاختلافهما، قال الفاكهي في أخبار مكة: "قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى"(0)، وقال العيني: "فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت"(0)، ويسمى الآن بالسيل الكبير، وهو ميقات أهل نجد، ومن نحا نحوهم، يبعد عن مكة قرابة 83كم2 شرقًا، وهو أقرب المواقيت إلى مكة، ويحاذيه ميقات ذات عرق الذي هو لأهل العراق – وسيأتي بيانه في فقه الحديث – وكذا وادي محرم، الذي هو لأهل الطائف ومن مرَّ بطريق الحجاز من أهل اليمن(0).

    قوله: (يَلَمْلَم): جبل من جبال تِهامة(0)، قال الخليل بن أحمد: "يلملم: هو ميقاتُ أهلِ اليَمَن، الموضع الذي يُحرمون منه إلى مكة"(0)، ويسمى بالسعدية(0)، وهو ميقات أهل اليمن، ومن جاء عن طريق البحر جنوبًا من أهالي المشرق كالصين و إندونيسيا والهند وماليزيا وغيرهم، ويحرم منه حجاج جنوب افريقيا كالصومال وإثيوبيا وجيبوتي وغيرها، ويبعد الميقات الحالي عن مكة 128كم2 جنوبًا تقريبًا(0).

    قوله: (من حيث أنشأ): أي: "من كان منزله دون المواقيت إلى مكة فيحرم من منزله، فحينئذ يصير منزله ميقاتًا خاصًّا به"(0).

    المبحث الثاني: التعريف بالراوي الأعلى، والمعنى الإجمالي.

    المطلب الأول: التعريف بالراوي الأعلى.

  • اسمه: أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي ، ابن عم النبي .

  • مولده: ولد – على الصحيح – في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، قال عن نفسه: "ولدت قبل الهجرة بثلاث سنين ونحن في الشعب، وتوفي رسول الله  وأنا ابن ثلاث عشرة سنة"(0).

  • إسلامه: ولد ابنُ عباس  مسلمًا؛ فقد وصف ذلك، حيث قال: لما كان رسول الله  في الشعب جاء أبي إلى رسول الله ، فقال: يا محمد، أرى أم الفضل قد اشتملت على حمل، فقال: "لعل الله أن يقر أعينكم" قال: فأتى بي رسولُ الله ، وأنا في خرقة فحنكني بريقه"، قال مجاهد: "فلا نعلم أحدا حنكه رسول الله  بريقه غيره"(0).

  • فضائله: إنَّ مما شرف به ابن عباس أن دعا له النبي ، إذ قال: "اللَّهمّ علمه الحكمة"(0)، وفي رواية: "الكتاب"(0)، قال أبو نعيم: "كان يسمى الحبر والبحر؛ لكثرة علمه، وحدة فهمه، وحبر الأمة وفقيهها، ولسان العشيرة ومنطقها، محنك بريق النبوة، ومدعو له بلسان الرسالة، فقه في الدين، وعلم التأويل، ترجمان القرآن"(0).

  • شيوخه: لقد تتلمذ حبر الأمة وترجمان القرآن بين يدي معلم البشرية ، فنهل من معينه العذب، صفو الحديث، وطيب الخصال. إنَّ مما لا يخفى أنَّ ابن عباس  كان من صغار الصحابة، "فقد صحب النبي  نحوا من ثلاثين شهرًا، وحدَّث عنه بجملة صالحة"(0). وروى عن عدد من الصحابة، منهم: "عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي سفيان، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وخلق"(0).

  • تلاميذه: لمـَّا كان ابن عبَّاس  ممَّن يُشار إليهم بالبنان من الصحابة، مفسرًا وفقيهًا ومحدثًا، علا نجمه، وذاع صيته، فأصبح الناس يأتونه من كل صوب، فكثر تلاميذه، والآخذون عنه، ومنهم: "عكرمة، وكريب، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله، وطاووس، وسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر"(0)، وخلق كثيرون.

  • عدد أحاديثه: صحب ابن عباسِ  النبيَ ، وروى عنه جملةً من الأحاديث، ذكرها الذهبيُّ في "السير": وأنَّ مجموع مروياته ألفًا وستَّ مائةٍ وستين حديثًا، في الصحيحين منها: خمسة وسبعون، وانفرد البخاريُّ: بمائة وعشرين حديثًا، ومسلمٌ: بتسعة أحاديث(0).

  • وفاته: توفي  في الطائف عام ثمان وستين من الهجرة، واختلف في سنه يوم وفاته، ورجَّح ابن حجر أنه مات عن إحدى وسبعين عامًا(0)، وصلَّى عليه محمد بن الحنفية، ثم قال: "اليوم مات ربانيُّ هذه الأمة"(0)، فرضي الله عنه وأرضاه.

    المطلب الثاني: المعنى الإجمالي للحديث

    إنَّ مما فرضه الله عزوجل على عباده الأركان الخمسة التي بها يستقيم دين المرء، ويتحقق فيه وصف الإسلام، وبدون هذه الأركان لا ينطبق على المرء كونه مسلمًا، وهذه الأركان أخبرنا بها نبينا  إذ قال – كما في حديث عبد الله بن عمر  – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ"(0).

    ومن أركان الخمس التي فرضها الله عزوجل على عباده حج بيت الله الحرام، وقد فرضه الله عزوجل على نبيه  في العام التاسع وحجَّ  في العام العاشر؛ لتواجد المشركين في العام التاسع، وحجَّ النبي  ومعه خلق كثير، بعد أن خرج من المدينة، فكان يعلم الناس مناسك الحج، وهو يقول: "لتأخذوا مناسككم"، فكان ذلك العام هو عام حجة الوداع.

    وأودع الله في كثير من عباداته حكمًا ومقاصد، قد يدركها بعض الناس، ولا يدركها البعض، لكنه في حكمة مشروعية الحج ومناسكه، يصل في النهاية إلى أنه عبادة تعبدية، وقد شاء الله تفضيل البيت الحرام عن بقاع الأرض، وجعل له من القدسية ما لم يجعله لغيره، وجعل لفريضة الحج من الفضل ما لم يجعله لعبادة من العبادات، فهو رغم أنه مرة واحدة في العمر، لكن هذه المرة تكفر ذنوبه وتمحو خطاياه، "فمن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"(0).

    وإنَّ مما افترضه الله عزوجل علينا لأداء مناسك الحج أو العمرة أن أوجبَ علينا مقدمات يفعلها الحاج والمعتمر قبل دخول مكة المكرمة، وخير من فعلها وعلَّمها الأمة محمد ، ونحن إلى اليوم نفعلها ولله الحمد.

    وإذا كانت الصلاة قد طلب لها قبل التلبس بها طهارة الثوب، والبدن، والمكان والوضوء قبلها، واستقبال القبلة عندها، مما يهيئ المسلم للدخول فيها، فإن الحج كذلك شرع الله له مقدمات تتناسب وقدسية مكانه وقدسية أعماله، فجعل التهيؤ لمكانه من مكان بعيد، والتهيؤ لأفعاله بالإهلال به، وقصده ونيته قبل الدخول في أعماله بوقت غير قصير.

    من هنا شرع الله نية الحج والإحرام به من الميقات المكاني الذي حدده رسول الله  بوحي من الله تعالى، ولا شك أن هذه المواقيت محيطة بالحرم، فذو الحليفة شامية ويلملم يمانية، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما أقرب من الأخرى بالنسبة لمكة، وقرن شرقية والجحفة غربية، فهي مقابلها، وإن كانت إحداهما كذلك، وذات عرق تحاذي قرنًا، ولو أوصلنا خطًا بين كل من هذه المواقيت، تمت إحاطة الحرم إحاطة تامة بهذا الخط، وأصبحت كل بقعة من بقاع الأرض لا محالة تمر به، وكل من سلك طريقًا ما برًا، أو بحرًا، أو جوًا له ميقات يحرم منه، إما محدد بتحديد رسول الله  حسب الطرق التي كانت معهودة آنذاك، وإما بمحاذة ما حدده رسول الله ، فمن سلك طريقًا يمر بالمكان الذي حدده رسول الله  فميقاته الذي عليه أن يحرم منه سواء أكانت فيه مدينة بهذا الاسم أم أقيمت مكانه مدينة باسم آخر أو به، فالعبرة بالمكان، والأسماء الواردة في الأحاديث إنما هي للإعلام عن المكان الذي كان معروفًا به في عهده .

    فلا يجوز لمريد النسك الحج أو العمرة أن يتجاوز هذه المواقيت، ومن تجاوزها لحاجة غير النسك فلا إحرام عليه، إلاّ إذا نوى النسك من دونها فيحرم من حيث أنشأ، فحاله كحال الميقاتي الذي مقر سكنه بين الميقات ومكة، وأهل مكة يحرمون بالحج من أماكنهم وبالعمرة من بيوتهم، ومن تجاوز هذه المواقيت مريدًا للنسك فقد خالف السنة التي أمر النبي  بها وحددها، وعليه دم على الراجح، ويستوي في ذلك العامد والجاهل والناسي؛ وإنما يختلفون في الإثم فالعامد يأثم، والآخران لا.

    ثمَّ إنَّ هذه المواقيت توقيفية لا يجوز تعديها أو تبديلها أو نحو ذلك، ولا يقولنَّ أحد: لم ميقات أهل اليمن أقرب من ذي الحليفة، فالأمور التعبدية لا علة يقاس عليها، ولا يسأل عنها، فيجب التسليم بأوامر الشرع في مناسك الحج، وإن لم تدرك عللها وحكم مشروعيتها، وإنما الحكمة من بعد بعض المواقيت عن بعض كما حرر ذلك بعض أهل العلم؛ كثرة الأجر والثواب(0).

    المبحث الثالث: فقه الحديث.

    المسألة الأولى: حكم الإحرام من المواقيت.

    إنَّ مما ينبغي معرفته قبل بيان هذه المسألة، أنَّ للحج شروطًا وأركانًا وواجباتٍ، فشروطه خمسة، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية والاستطاعة(0)، وأركانه أربعة، وهي: الإحرام – نية الدخول في النسك – والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة، والسعي(0)، وواجباته سبعة، وهي: "الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الليل، والمبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل، والمبيت بمنى، والرمي، والحلق، وطواف الوداع"(0)، فلا حجَّ على الكافر والصغير والمجنون والعبد والعاجز، كما أنَّ من ترك ركنًا من الأركان، لم يصح حجه إلاَّ به، ومن ترك واجبًا، فحجه صحيح وعليه دم؛ يجبر الواجب الذي تركه، قال ابن قدامة: "فمن ترك ركنًا لم يتم نسكه إلا به، ومن ترك واجبًا فعليه دم"(0).

    وبهذا يتبين أن الإحرام من المواقيت واجب عند الجمهور، يلزم من تركه دم(0) سواءٌ تركه ناسيًا أو جاهلًا؛ لقول ابن عباس : "وقّت": أي أوجب، خلافًا لما حكاه سعيد بن جبير: بأنه لا حج لمن ترك الميقات، وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي القائلين: بأنه لا شيء على من تركه(0).

    المسألة الثانية: المواقيـــــت المكــانيـــــة

    شرع الله عزوجل لعباداته مقدمات، لا تتم إلا بها، ولا تصح إلا بفعلها، فالصلاة لا تصح بلا وضوء، والزكاة لا تجب إلا ببلوغ النصاب وتمام الحول، فكذلك شرع للحج مقدمات لا يجوز تركها، ومن مقدماته الإحرام من المواقيت.

    لقد نصَّ حديث الباب على المواقيت المكانية التي حددها النبي ، وأوجب الإحرام منها لمريد النسك [الحج والعمرة]، ومن الحكمة الربانية أنَّ هذه المواقيت متفرقة في الجهات الأربع – الشمال والجنوب، والشرق والغرب - فلا يتعنى الشامي للإحرام من ميقات أهل الجنوب، ولا يشق الحاج القادم من الغرب على نفسه للإحرام من ميقات أهل الشرق، وبهذا تجلَّت حكمة التيسير على المسلمين.

    • إن المواقيت التي نصَّ عليها حديث الباب أربعةٌ، في كل الجهات الأربع، وهي كما يلي:

    أولًا: ميقات ذي الحليفة:

    حدَّ النبي  هذا الميقات لأهل المدينة، ومن مرَّ عليها شمالًا، فيكون ميقاتًا لأهل الشمال، ويسمى بأبيار علي، ويبعد عن مكة ما يقارب 424كم2(0)، ويعد من أبعد المواقيت عن مكة المكرمة، ولعل الحكمة في ذلك ما أشار إليه ابن حجر: "أن تعظم أجور أهل المدينة، وقيل رفقا بأهل الآفاق؛ لأن أهل المدينة أقرب الآفاق إلى مكة، أي: ممن له ميقات معين"(0).

    ثانيًا: ميقات الجُحْفة:

    إنَّ ميقات الجحفة مما وقَّته النبي  لأهل الشام، ومن حولها، وهو ميقات لأهل جهة الغرب، والجحفة: قرية صغيرة، تبعد عن مدينة رابغ حوالي 25كم2 جنوبًا، وعن مكة 181كم2 تقريبًا، وتقدر المسافة بين الميقات والخط الدولي السريع بما يعادل 4,5كم2، وبها مسجد، ويحرم الناس من مدينة رابغ(0).

    ثالثًا: ميقات قرن المنازل:

    وقَّت النبي  قرن المنازل، ويسمى بالسيل الكبير، لأهل نجد وما كان من جهتها، فيكون ميقاتًا لأهل المشرق، يبعد عن مكة قرابة 83كم2، ويعد من أقرب المواقيت إلى مكة، ويحاذيه ميقات ذات عرق الذي هو لأهل العراق – وسيأتي بيانه - وكذا وادي محرم، الذي هو لأهل الطائف ومن مرَّ بطريق الحجاز من أهل اليمن(0).


    رابعًا: ميقات يلملم:

    إنَّ الميقات الرابع الذي وقَّته النبي  لأهل اليمن، هو يلملم، ويسمى بالسعدية، وهو ميقات أهل الجنوب ممن يلي مكة، ومن جاء عن طريقهم، ويبعد عن مكة حوالي 128كم2 تقريبًا(0).

    قال ابن المنذر: "أجمعوا على ما ثبت به الخبر، عن النبي  في المواقيت"(0)، وقال ابن القطان: "واتفقوا على أن ذا الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل المغرب، وقرنًا لأهل نجد، ويلملم لأهل اليمن، والمسجد الحرام لأهل مكة، مواقيت للإحرام للحج والعمرة حاشا العمرة لأهل مكة فقط، وأجمع عوام أهل العلم على القول بظاهر هذا الحديث، واختلفوا فيمن مر بذات عرق، وفي المكان الذي يحرم منه من أتى من العراق على ذات عرق"(0)، وقال ابن عبد البر: "أجمع أهل العلم بالحجاز والعراق والشام وسائر أمصار المسلمين فيما علمت على القول بهذه الأحاديث واستعمالها لا يخالفون شيئا منها"(0).

    خامساً: ميقات ذات عرق:

    ذات عِرْقٍ: "بكسر العين، وسكون الراء، بعدها قاف، سمي بذلك؛ لأن فيه عرقا، وهو الجبل الصغير، وهي أرض سبخة، وهو الحد الفاصل بين نجد وتهامة(0)، بينها وبين مكة ما يقرب من مائة واثني عشر كيلًا، وهي محاذية للسيل الكبير، إذ إنَّ بينهما حوالي ست وخمسين كم2(0).

    اتفق على العلماء، بل انعقد الإجماع على أن الإحرام من ميقات ذات عرق صحيح معتبر، كغيره من المواقيت(0)، واختلفوا العلماء فيمن وقَّته، هل نصَّ عليه النبي ، أم هو باجتهاد عمر بن الخطاب ، على قولين:

    القول الأول: أن ميقات ذات عرق كان باجتهاد عمر ، ولم ينص عليه النبي ، فأعمل فيه المحاذاة؛ نظرًا لمحاذاته السيل الكبير، وبهذا قال مالك والشافعي والبخاري، وفي رواية لأحمد(0).

    واستدلوا بعدة أدلة:

  • أنَّ النص – حديث الباب – لم يُذكر فيه سوى أربعة مواقيت فحسب.

  • تبويب البخاري بــ: "ذات عرق لأهل العراق"، وأورد فيه حديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا»، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ"(0).

    القول الثاني: أن ميقات ذات عرق نصَّ عليه النبي ، ولم يبلغ عمر  النص، فاجتهد فوافق اجتهاده النصَّ، إليه ذهب الحنفية(0) وبعض الشافعية(0) والحنابلة(0).

    واستدلوا بما يأتي:

  • عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "أنَّ رسول الله  وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ"(0).

  • أن عمر  لم يبلغه تحديد النبي  فحدده باجتهاده فوافق النص.

  • الإجماع، فقد أجمع العلماء على هذه المواقيت الخمسة(0).

    الترجيح: بعد عرض القولين السابقين فيمن حدَّ ميقات ذات عرض، يظهر لي أنَّ الراجح هو القول الأول؛ لأمور عدة:

  • قوة أدلتهم، وسلامتها من الاعتراضات.

  • نصَّ البخاري الصحيح الصريح الذي يفيد بأنَّ عمر  هو الذي حدَّه، وأنَّ إعراضه عن رواية حديث عائشة، دليل على عدم قبوله عنده.

  • كلام العلماء على الحديث الذي استدل به أصحاب القول الثاني، ومنها:

  • قال ابن خزيمة: "قد روي في ذات عرق أنه ميقات أهل العراق أخبار غير خبر ابن جريج، لا يثبت عند أهل الحديث شيء منها"(0).

  • قال ابن المنذر: "ثبت أن عمر بن الخطاب  وقت لأهل العراق ذات عرق، ولا يثبت فيه عن رسول الله  سنة"(0)، قال ابن حجر: "لكن الحديث بمجموع الطرق يقوى"(0).

    • تنبيهان:

  • قال النووي: "قال أصحابنا: أعيان هذه المواقيت لا تشترط، بل الواجب عينها أو حذوها، قالوا: ويستحب أن يحرم من أول الميقات، وهو الطرف الأبعد من مكة، حتى لا يمر بشيء مما يسمى ميقاتا غير محرم، قال أصحابنا: ولو أحرم من الطرف الأقرب إلى مكة جاز، بلا خلاف لحصول الاسم"(0)، فلا يشترط أن يحرم من هذه المواقيت بأعيانها، بل يكفي أن يحرم منها، أو من حذوها؛ لما سبق في توقيت عمر  لذات عرق، وقد أخذ في توقيتها بالمحاذاة، وأقر على ذلك. فدل ذلك على اتفاق الصحابة.

  • قال أيضًا: "قال أصحابنا: الاعتبار في هذه المواقيت الخمسة بتلك المواضع، لا باسم القرية والبناء، فلو خرب بعضها، ونقلت عمارته إلى موضع آخر قريب منه، وسمي باسم الأول، لم يتغير الحكم، بل الاعتبار بموضع الأول"(0).

    فائدة: جمع أحد الشعراء هذه المواقيت الخمسة في بيتين شعريين، حيث قال(0):

    عِرْقُ الْعِرَاقِ يَلَمْلَمُ الْيَمَنِيّ

     

    وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ الْمَدَنِيُّ

    وَالشَّامِيُّ جُحْفَةُ إنْ مَرَرْتَ بِهَا
    . .

     

    وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنُ فَاسْتَبِنِ

    المسألة الثالثة: الإحرام ممن ليس من أهل هذه المواقيت.

    لمـَّا فرض الله عزوجل الحجَ قدَّم له مقدمات، ومن هذه المقدمات الإحرام من المواقيت، ولذا وقَّت النبي  المواقيت للناس، من أجل الإحرام منها، والدخول في النسك، ومن رحمة الشارع الحكيم بالأمة أن جُعلت المواقيت الأربعة متفرقة حسب الجهات الأربع، وجعل الميقات الخامس وهو ميقات ذات عرق محاذيًا للسيل الكبير لأهل العراق؛ لأن المرور على السيل الكبير يشق عليهم، ثم قال النبي : "هنَّ لهنَّ"، ويريد بذلك: أنَّ هذه المواقيت إنما هي لأهل تلك البلاد والجهات، فأهل المدينة يحرمون من ذي الحليفة، كما يهل أهل اليمن من يلملم.

    تبقى هنالك مسألة، وهي: هل المواقيت المذكورة خاصةٌ لأهلها، أم أنها لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها؟؟ مثلًا: لو زار المدنيُّ أهلًا له في جازان، وأراد أن يحرم بالعمرة أو الحج، هل يحرم من يلملم، أم نلزمه بالرجوع إلى ميقاته الأصلي ذي الحليفة، ويحرم منه؟

    اتفق العلماء قاطبةً على أنَّ هذه المواقيت هي لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها، لا أعلم من خالف في ذلك، فلو مرَّ المدني بميقات يلملم وجب عليه الإحرام منه، ولو جاوز ففي المسألة خلاف، تبحث في مسألة [من تجاوز الميقات الأصلي لآخر]؛ واستدلوا بظاهر حديث الباب، وهو قوله النبي : "هنَّ لهنَّ، ولمن مرَّ عليهنَّ من غير أهلهنَّ"، حيث أفاد النصُّ أنَّ هذه المواقيت هي لأهلها ولمن قدم عليها ممن ليس من أهلها، قال أبو يوسف: "ولو حصل في شيء من هذه المواقيت من ليس من أهلها فأراد الحج أو العمرة أو دخول مكة، فحكمه حكم أهل ذلك الميقات الذي حصل فيه"(0)، وقال الإمام مالك: "وهذه المواقيت لمن مر بها من غير أهلها فميقاته من هذه المواقيت"(0)، وقال الشافعي: "إنهن مواقيت لمن أتى عليهم يريد حجا أو عمرة، فمن أتى عليهن لا يريد حجا ولا عمرة فجاوز الميقات ثم بدا له أن يحج أو يعتمر أهل بالحج من حيث يبدو له وكان ذلك ميقاته"(0)، وقال صالح: "قال أبي: أحرمتُ من يلملم -وهي قريبة من مكة- وأنا جاءٍ من عند عبد الرزاق"(0).

    قال ابن عبد البر: "ومن مر منهم بميقات ليس له فليهل من ميقات أهل ذلك البلد"(0)، وقال ابن حجر: "من أتى عليهن من غير أهل البلاد المذكورة ويدخل في ذلك من دخل بلدا ذات ميقات"(0).

    ومما استدلوا به – أيضًا –: أنَّ التيسير على الأمة مما أرشد به الشارع الحكيم، فكما حدَّ المواقيت في كل الجهات، أباح لمن مرَّ عليها من غير أهلها الإحرام منها، ولم يشق على أحد منهم ولا بد أن يحرم من ميقاته الأصلي، فتلك والله هي الحكمة الإلهية التي تقتضي التيسير على العباد، فللَّه الحمد والشكر.

    ومما اختلف فيه العلماء مما هو مندرج تحت هذه المسألة، مسألتان يأتي الكلام عنهما في المسائل الآتية، وهما كما يلي إجمالًا: المسألة الأولى: الإحرام لمن كان في طريقه ميقاتان، هل يحرم من الأول أم الثاني؟ والمسألة الثانية: حكم تجاوز الميقات الأصلي لميقات آخر؟

    المسألة الرابعة: الإحرام لمن كان في طريقه ميقاتان

    إنَّ مما سبق بيانه وإيضاحه أنَّ المواقيت المذكورة إنما هي لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها ممن أراد الحج أو العمرة، إلاَّ أنَّ هناك مسألة وهي: لو كان في طريق من أراد النسك ميقاتان، هل يحرم من الميقات الأول أم الثاني؟ مثلًا: لو مرَّ الشامي من طريق المدينة المنورة، هل يحرم من ميقات أهل المدينة ذي الحليفة، أم الواجب عليه التأخير إلى ميقاته الأصلي وهو الجحفة؟؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين، هما:

    القول الأول: يجب عليه الإحرام من ذي الحليفة، وإن أخره إلى الجحفة، أثم وعليه دم، وإلى هذا ذهب الشافعية(0) والحنابلة(0)، فمن جاوزه عندهم إلى الجحفة، كان حكمه حكم من جاوز الميقات من غير إحرام.

    واستدلوا بما يلي:

  • عموم قوله : "ولمن مرَّ عليهنَّ من غير أهلهن".

    وجه الدلالة: أن هذا العموم يدل على أن الشامي مثلا إذا أتى ذا الحليفة فهو ميقاته، لذا يجب عليه أن يحرم منه، ولا يجوز له أن يجاوزه غير محرم.

    القول الثاني: أن من يمر بميقاتين الثاني منهما ميقاته ندب له الإحرام من الأول، ولا يجب عليه الإحرام منه؛ لأن ميقاته أمامه، وبه قال مالك(0)، وقال الحنفية: الأفضل له الإحرام من الأول، ويكره له تأخيره إلى الثاني الأقرب إلى مكة(0)، ويفهم من ذلك: جواز الإحرام من كلا الميقاتين عندهما.

    واستدلوا بما يلي:

  • عموم قوله : "ولأهل الشام الجحفة".

    وجه الدلالة: يدل هذا العموم على أن النبي  وقَّت للشامي الجحفة، فهو يحرم منها؛ لأنها ميقاته الأصلي، فلا يجب عليه الإحرام من ذي الحليفة ولو مرَّ بها؛ لأنها ليست ميقاته، ولو لم يكن في طريقه إلاَّ هي لوجب عليه الإحرام منها، إلاَّ أنَّ ميقاته الأصلي بعيد عنها، فيحرم منه.

  • واستدلوا أيضًا بالعموم الأول؛ ليحصل من ذلك له جواز الأمرين.

  • فعل النبي  والصحابة، فإنهم أحرموا من ذي الحليفة، وهذا محمول عند الحنفية على فعل الأفضل.

  • ولأن المقصود من الميقات تعظيم الحرم المحترم، وهو يحصل بأي ميقات اعتبره الشرع المكرم، يستوي القريب والبعيد في هذا المعنى(0).

  • مناقشة:

    إلاَّ أنَّ هذا العموم معارض أيضًا بحديث الباب ذاته، وهو تحديد المواقيت، حيث وقَّت لأهل الشام الجحفة، وهذا دليل القول الثاني، فهذان عمومان متعارضان، فما العمل، من قال بالقول الأول استدل بالعموم الأول، ومن قال بالقول الثاني استدل بالعموم الثاني، ويمكن حل التعارض من خلال الآتي:

    قال ابن دقيق العيد: "قوله: "ولأهل الشام الجحفة": عام بالنسبة إلى من يمر بميقات آخر أولا، فإذا قلنا بالعموم الأول: دخل تحته هذا الشامي الذي مر بذي الحليفة، فيلزم أن يحرم منها. وإذا عملنا بالعموم الثاني - وهو أن لأهل الشام الجحفة - دخل تحته هذا المار أيضا بذي الحليفة، فيكون له التجاوز إليها، فلكل واحد منهما عموم من وجه. فكما يحتمل أن يقال "ولمن أتى عليهن من غير أهلهن" مخصوص بمن ليس ميقاته بين يديه، يحتمل أن يقال "ولأهل الشام الجحفة" مخصوص بمن لم يمر بشيء من هذه المواقيت"(0)، ونقله عنه ابن حجر في الفتح(0).

    قال ابن قدامة: "وخبرهم أريد به من لم يمر على ميقات آخر، بدليل ما لو مر بميقات غير ذي الحليفة، لم يجز له تجاوزه بغير إحرام، بغير خلاف"(0).

    الخلاصة: إن من كان في طريقه ميقاتان، فإنه يحرم من أولهما؛ لأن التعارض زال بكون العموم الثاني أصبح مخصصًا للعموم الأول، فحينئذ يكون العموم الثاني خاصًا بمن ليس في طريقه ميقاتان، فلو مرَّ الشامي بالساحل من جهة ينبع، فإنه لا يمر بذي الحليفة، ولا يلزم بالإحرام منها؛ لمحاذاتها، بل يحرم حينئذ من ميقاته الأصلي وهو الجحفة، وبهذا يزول الإشكال، ويتضح الراجح في المسألة، والله أعلم بالصواب، وإليه المآب.

    الترجيح: بعد عرض الآراء والأقوال حول هذه المسألة، ومناقشتها، تبين لي أن الراجح هو القول الأول؛ جمعًا بين الدليلين الذَين استدل بهما كلٌ من أصحاب القولين، فإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما.

    المسألة الخامسة: حكم تجاوز الميقات الأصلي لميقات آخر.

    إن الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة، أنَّ المسألة السابقة تحدثت فيها عمن في طريقه ميقاتان الثاني منهما هو ميقاته الأصلي، كالشامي ميقاته الجحفة، وقد مرَّ على ذي الحليفة؛ فإنه يحرم من ذي الحليفة على الراجح، وسأتحدث في هذه المسألة عن حكم من يترك ميقاته الأصلي ويتجاوزه إلى ميقات أقرب منه، كأهل المدينة يتركون الإحرام من ذي الحليفة، ليحرمون من الجحفة، فما حكم فعله؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

    القول الأول: يجب عليهم أن يحرموا من أول ميقات، ومن ترك الإحرام منه فعليه دم، وهذا مذهب مالك(0)، قال أبو عمر: "وقد اختلف في ذلك أصحاب مالك فمنهم من أوجب الدم ومنهم من أسقطه"(0)، والمعتمد عند الشافعية وجوب الدم(0).

    واستدلوا:

  • إنَّ تركه ميقات بلده، هو ترك للنسك، فيعتبر في حكم من تعدى الميقات قاصدًا النسك ولم يحرم، ومن ترك نسكًا فعليه دم.

  • إنَّ تركه لهذا الميقات؛ لأجل ميقاته الأصلي – كما في المسألة السابقة – فإن الأفضل أن يحرم من الأول ولا يجب. وهذا دليل المالكية.

  • إذا قلنا فيمن ترك الميقات الذي مرَّ به، من أجل الإحرام من ميقاته أنَّ عليه دم، فمن ترك ميقاته الأصلي إلى غيره من باب أولى.

    القول الثاني: لو أحرم المدني من ميقاته كان أحب، فإن لم يفعل فأحرم من الجحفة فلا شيء عليه، وبه قالت الحنفية، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور(0).

    واستدلوا:

  • بأن المقصود من الميقات تعظيم الحرم المحترم، وهو يحصل بأي ميقات اعتبره الشرع المكرم، يستوي القريب والبعيد في هذا المعنى(0).

    القول الثالث: يكره أن يترك المحرم ميقات بلده، إلى غيره، ولا يجب عليه دم، وهذا هو مذهب الحنابلة(0).

    واستدلوا:

  • بحديث الباب "هنَّ لهنَّ"، حيث دلَّ على أنَّ هذه المواقيت إنما وضعت لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها، فلا يجوز تجاوزها.

  • أن الأصل أن يحرم الإنسان من ميقاته الأصلي، ومن باب التيسير جعل أنَّ من مرَّ بميقات غير ميقاته، فهو ميقاته، فلا يجوز أن يترك الأصل ويتجاوزه.

    الترجيح: يظهر لي بعد عرض الأقوال السابقة، أنَّ الراجح هو القول الأول؛ لعدة أمور:

  • أنَّ هذه المواقيت محددة شرعًا لأهل تلك البلاد، لا يصح تجاوزها إلى غيرها، ممن كان من غير أهلها، فكيف بمن كان من أهلها، والعبادات توقيفية.

  • إذا قلنا في المسألة السابقة، فيمن ترك الميقات الذي مرَّ به، من أجل الإحرام من ميقاته أنَّ عليه دم، فمن ترك ميقاته الأصلي إلى غيره من باب أولى.

    المسألة السادسة: محــــــاذاة المواقيت.

    إنَّ المتأمل في الشريعة الإسلامية وتيسيرها، يجد – حقًا – عظم هذا الدين، وأنه رحمة للأمة، فبعد الحديث عن المواقيت المنصوص عليها، ووجوب الإحرام منها، وتحريم مجاوزتها لقاصد النسك، وما تم بيانه من المسائل حول ذلك، وما تم إيضاحه من جمل التيسير والتسهيل، جواز الإحرام من هذه المواقيت ممن ليس من أهلها إذا مرَّ بها، ولا يكلف بالرجوع إلى ميقات بلده، وهنا وفي هذه المسألة نتعرض إلى شيء من تلك النفحات والتيسيرات، سبق ذكر شيء منها في تعداد المواقيت، ألا وهي:

    [الإحرام من ميقات ذات عرق على الراجح أنها من اجتهاد عمر بن الخطاب ، وإجماع العلماء على أنَّ الإحرام منها صحيح(0)، وهذا أساس مسألتنا هذه؛ لأن عمر أخذ في توقيتها بالمحاذاة، وأقر على ذلك، فدل على اتفاق الصحابة على الأخذ بقاعدة المحاذاة].

    فمن لا ميقات في خط يسيره، هل يلجأ إلى المحاذاة، هذا ما يتناول دراسته في هذا المبحث.

    فالبحث في هذه المسألة يحل عدد من الإشكالات، منها: ما المقصود بالمحاذاة، ومتى يلجأ إليها، وهل هي معتبرة، وهل كل يمكن أن يكون هناك من لا يمر بميقات ولا يحاذي ميقات، وما القول الفصل في ميقات أهل جُدَّةَ(0)، كل ذلك سأحاول جاهدًا بيانه، وبالله التوفيق.

  • توقيفية المواقيت:

    وقبل أن يخط القلم مداد الحروف، أحببت التنبيه والتنويه إلى مسألة مهمة، وهي [توقيفية المواقيت]، إنما مما ينبغي إثارته وتنبيه الناس عليه، أنَّ هذه المواقيت إنما وضعت لنتعبد الله بالإحرام منها، والعبادات توقيفية، فلا يقولنَّ قائل: لم ميقات ذي الحليفة أبعد المواقيت، وقرن المنازل أقربها؟ لماذا لا نقدم ميقات ذي الحليفة؛ ليتمتع الإنسان بحله حتى يصل الميقات، فالجواب: أنَّ تحديد المواقيت أمر تعبدي، ولا اجتهاد في العبادات، قال الشيخ عطية سالم: "المواقيت توقيفية عن رسول الله ، لا يملك أحدٌ أن يغير أو يبدل فيها، ولا نقول: المسافة طالت على أهل المدينة، دعونا نقدمها قليلًا، ولا نقول: المسافة قريبة على أهل اليمن، دعونا نبعدها قليلًا، فما دام أن رسول الله  وقتها فتبقى على توقيت رسول الله "(0).

    فلو قال قائل: كيف تقولون بأنها تعبدية، وقد وقَّت عمر بن الخطاب  ميقات خامسًا لأهل العراق، لم ينص عليه النبي ، بل انعقد الإجماع على صحة الإحرام منه؟

    فالجواب: أنَّ عمر بن الخطاب  لم يزد ميقاتًا خامسًا إضافة إلى ما وقّته النبي ، وما كان له أن يفعل ذلك، بل أوثر عنهم وتواتر وقوفهم عند النص، وعدم تجاوزه، إلاَّ أنَّ عمر اجتهد في هذه المسألة، وأعمل فيها قاعدة المحاذاة فحسب، فهي محاذية للسيل الكبير، ومن المعلوم الآن أنَّ أهل الشام يحرمون من رابغ وهي محاذية للجحفة، وأهل اليمن يحرمون من يلملم الذي هو محاذي للميقات القديم، والله تعالى أعلم بالصواب.

  • ما المقصود بالمحاذاة؟

    إن بيان المقصود بالمحاذاة يحل كثيرًا من الإشكالات، فبيانه من الناحية اللغوية والاصطلاحية يجعل الأمر أكثر وضوحًا، فمثلًا: من قال بأنَّ جدة محاذية لميقات الجحفة أو يلملم فإنه يعتبرها ميقاتًا، ومن لمن يعتبرها محاذية فسَّر المحاذاة بتفسير آخر، ومن قال إن معنى المحاذاة هي كون الموضع المحاذي واقعًا بين ميقاتين على خط واحد، قال إن جدة ميقات، ومن لم يفسرها بذلك فلا يعتبر جدة ميقاتًا.

    من أجل ذلك الاختلاف الذي بنيت عليه مسائل المحاذاة جميعًا، وجب بيان المقصود بالمحاذاة لغة واصطلاحًا.

    فالمحاذاة في اللغة: مأخوذة من حاذاه، أي: آزاه والحذاء الإزاء(0)، وقال في اللسان: "جاء الرجلان حذيتين أي كل واحد منهما إلى جنب صاحبه"(0)، و"حذوته أحذوه حذوًا وحاذيته محاذاة هي الموازاة، وحذوت النعل بالنعل قدرّتها بها وقطعتها على مثالها وقدرها"(0).

    فيتضح بذلك أنّ المحاذاة في اللغة تعني الإزاء والمماثلة والمساواة.

    والمحاذاة اصطلاحًا: قال ابن الأثير: هي أن تكون مسافتهما – المحاذِي والمحاذَى – من الحرم سواء(0)، وقال ابن حجر في قول عمر : "انظروا حذوها": اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير ميل فاجعلوه ميقاتا"(0).

    ومن خلال التعريف الاصطلاحي للمحاذاة يتضح أنَّ المراد بها كون المسافة بين الميقات المحاذي والحرم نفس المسافة بين الميقات المحاذى والحرم، فمثلًا: لو أنَّ شخصًا من أهالي قرى الساحل (الليث)، لم يمر بطريق الميقات، وإنما مرَّ بطريق جدة السريع، فهو حينئذ لا يمر على ميقات يلملم في طريقه، وإنما يحاذيه، فيجعل الميقات محاذيا له عن يمينه، وقد وضعت الدولة – أعزَّها الله – لوحةً إرشادية لمكان المحاذاة.

    وبهذا يترجّح لي أن تعريف ابن حجر أقوى؛ لسلامته من الاعتراض، ولأن تعريف ابن الأثير، يعترض عليه بأن ذات عرق محاذية للسيل الكبير، والمسافة منهما إلى الحرم بينهما بونٌ شاسع.

    قلت: ويسلم تعريفه من الاعتراض إذا قيدت المسافة بأن بكون المقصود منها المرحلة، فبين الحرم والسيل مرحلتان، كما بينه وبين ذات عرق، والله أعلم.

  • متى يلجأ الإنسان إلى المحاذاة؟

    لقد راعى الشارع الحكيم في تحديد المواقيت تقسيمها على الجهات الأربع، فجعل لك جهة ميقاتًا، إلاَّ أنَّ بعض الجهات الفرعية(0) يشق عليها الإحرام من تلك المواقيت، فلا يمرون عليها، فمثلًا: أهل العراق وإيران يعدون جهة فرعية؛ إذ هم في الشمال الشرقي، وقد وقت لهم النبي  قرن المنازل، فقال: "ولأهل نجد قرنا"، وهذا يشق عليهم؛ لأنهم ينزلون إلى جهة الجنوب، وفيه مشقة، ولأن أهل نجد في جهة الشرق، فلا يشق عليهم، فلما شقَّ عليهم ذلك سألوا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فأشار إليهم بمحاذاة قرن المنازل، فلا ينزلون إلى جهة الجنوب، وقد فعلوا، قال الشيرازي: "ومن سلك طريقًا لا ميقات فيه من بر أو بحر فميقاته إذا حاذى أقرب المواقيت إليه لأن عمر لما اجتهد في ميقات أهل العراق اعتبر ما ذكرناه"(0)، وقال ابن حجر: "والحكم فيمن ليس له ميقات أن يحرم من أول ميقات يحاذيه؛ لما سن عمر ذات عرق، وتبعه عليه الصحابة، واستمر عليه العمل كان أولى بالاتباع"(0).

  • الدليل على مشروعية المحاذاة لمن لا ميقات في طريقه:

    ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: "لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا»، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ"(0).

    فالإحرام من حذو الميقات معتبر شرعًا؛ لإجماع الصحابة والعلماء عليه.

  • حكم من لا ميقات له، ولا يحاذي ميقاتًا:

    إنَّ تحديد المواقيت الأربعة، وجواز المحاذاة لها، ينفيان مسألة من لا يحاذي ميقاتًا، قال ابن حجر: "فلا تخلو بقعة من بقاع الأرض من أن تحاذي ميقاتا من هذه المواقيت فبطل قول من قال من ليس له ميقات ولا يحاذي ميقاتا"(0). ويخرج من هذه الصورة مسألتان:

    الأولى: من جهل المواقيت ومحاذاتها، من أين يحرم؟

    الثانية: ميقات أهل جدة ومن كان في غربها.

    • المسألة الأولى: من جهل المواقيت ومحاذاتها، من أين يحرم؟

    سبقت الإشارة إلى أنَّ محاذاة المواقيت رخصةٌ لمن لا ميقات له، فلا مجال لقول القائل: من لا ميقات ولا يحاذي ميقات، فنفى ابن حجر ذلك، ثم حكى قوع ذلك في حق من جهل الميقات والمحاذاة، قال: "والفرض أن هذه الصورة لا تتحقق؛ لما قلته، إلا أن يكون قائله فرضه فيمن لم يطلع على المحاذاة كمن يجهلها"(0).

    واتفق العلماء على أنَّ من جهل الميقات أحرم من المحاذاة، فإن جهل المحاذاة فإنه يحتاط لنفسه، ويحرم من الأبعد، كمن حاذى ميقاتان، فإنه يحرم من أبعدهما احتياطًا(0)، ومن العلماء من ذكر أنه يحرم عن مرحلتين(0)؛ "اعتبارا بفعل عمر في توقيته ذات عرق"(0)، وتعقبه ابن حجر، قال: "وتعقب بأن عمر إنما حدها؛ لأنها تحاذي قرنا، وهذه الصورة إنما هي حيث يجهل المحاذاة، فلعل القائل بالمرحلتين أخذ بالأقل؛ لأن ما زاد عليه مشكوك فيه، لكن مقتضى الأخذ بالاحتياط أن يعتبر الأكثر الأبعد، ويحتمل أن يفرق بين من عن يمين الكعبة وبين من عن شمالها؛ لأن المواقيت التي عن يمينها أقرب من التي عن شمالها، فيقدر لليمين الأقرب وللشمال الأبعد، والله أعلم"(0).

    قلت: أنَّ القائلين بأنه يحرم عن مرحلتين؛ لأنهم قاسوا ذلك على أقرب المواقيت لمكة، وهو السيل الكبير، فهو على بعد مرحلتين، ومثله ذات عرق ويلملم، فكلاهما يبعد عن مكة مرحلتان، ومن خلال ذلك نقول: أنَّ أي بقعة بينها وبين مكة أقل من مرحلتين، فإنه يحرم منها إذا جهل الميقات ومحاذاة الميقات أو كان حاله كما سيأتي في المسألة التالية، وهم أهل جدة، فإنهم لا ميقات لهم، ولا يحاذون ميقاتًا، وكذا من هم على الغرب من جدة، والله أعلم.

    • المسألة الثانية: ميقات أهل جدة ومن كان في غربها.

    • وفيه [بيان الإحرام من الطائرات والسفن].

    إن بيان المقصود بالمحاذاة يحل لنا الكثير من الإشكالات، ومن الإشكال التي اختلف فيها العلماء المعاصرون كثيرًا [هل تعد جدة ميقاتًا، أم لا؟ ومن قال لا: فمن يجوز له الإحرام منها، وما الأسباب]، هذا الإشكال يحله – بإذن الله – تعريف المحاذاة، كما بينته سابقًا، فأقول وبالله التوفيق.

    اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على أربعة أقوال(0):

    القول الأول: إن جدة ميقات مكاني مطلقًا، فيجوز للقادم من جميع الجهات أن يحرم من جدة، سواءٌ كان قدومه برًا أو بحرًا أو جوًّا، وبهذا قال عبد الله بن زيد آل محمود، وعدنان عرعور(0).

    واستدلوا:

  • حديث ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: "لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا»، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ"(0).

    وجه الدلالة: أن القاعدة في تحديد المواقيت غير المنصوص عليها هي المحاذاة، وحدّها أن تكون مسافة المحاذي والمحاذي به عن مكة متساوية، أو يكون الموضع المحاذي واقعًا بين ميقاتين على خط واحد، فتبين بذلك أن مدينة جدة ميقات مكاني؛ لأنها محاذية لميقاتي الحجفة ويلملم حيث تقع بينهما، وهي جميعًا على خط واحد.

    الرد عليه:

    أن ما ذكرتموه لا يسلم بإطلاق، فتفسيركم المحاذاة بكلا المعنيين خطأ، بالمعنى الأول وهو كون مسافة المحاذي والمحاذى به عن مكة متساوية، وبالمعنى الثاني وهو كون الموضع المحاذي واقعًا بين ميقاتين على خط واحد؛ لعدة أسباب:

  • أنَّ هذا غير مسلَّم به لغة وشرعًا، وذلك أن كلمة "حذا" في اللغة لا تدل على تسمية المكان الواقع بين مكانين محاذيًا – كما سبق بيانه – .

  • لو سلمنا لكم صحة هذا المعنى لغة، فإنه لا يصح شرعًا؛ لأنه سيؤدي إلى أنّ أي مكان واقع بين مكة والمدينة يسمى محاذيًا للمواقيت، فيجوز الإحرام منه.

  • أنَّ المعنى الأول للمحاذاة وهو كون مسافة المحاذي والمحاذى به عن مكة متساوية فصحيح، إلا أن تنزيله على مدينة جدة وكونها محاذية للجحفة أو يلملم غير صحيح؛ وذلك لأن مسافتها عن الحرم متفاوتة وليست سواء، فمسافة جدة عن الحرم تقارب سبعين كم، بينما مسافة الجحفة عن مكة تقارب مائة وواحد وثمانين كم، ومسافة يلملم عن مكة تساوي مائة وثمان وعشرين كم، فكيف نقول بالمحاذاة وهي تساوي بعد المكانين عن الحرم مع هذا التفاوت الظاهر؟

    ولهذا قيَّدتُ سابقًا تعريف ابن الأثير بأنَّ المراد بالمسافة المرحلة.

  • أن أهل العلم قد اتفقوا على أن من قدم من مكان لا ميقات له يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، ولما كان القادمون إلى جدة من المغرب ليس لهم ميقات معين يحرمون منه وكان أقرب ميقات إلى لجدة هو يلملم وكانت مسافته عن مكة تساوي مرحلتين وكذا مسافة جدة عن مكة، فهما متساويتا المسافة عن مكة، فجدة إذن ميقات مكاني إضافي على المواقيت المنصوصة.

    الرد عليه:

  • بأنه لا يسلم حكاية الاتفاق على أن من قدم من مكان لا ميقات له أنه يحرم من مسافة أقرب المواقيت إليه إذا كان حذوه، بل لقد نقل ابن حزم الخلاف في ذلك على رأيين، فقالت طائفة: يحرم وقال آخرون لا يحرم(0).

  • أنَّ القادم إلى مكة من جهة الغرب، كالمغرب وموريتانيا، لا يحرمون من جدة على الإطلاق، بل فيهم تفصيل:

    • أن يسافروا عن طريق الجو أو البحر أو البر، وهم على ثلاثة أحوال:

    • أن يأتوا من جهة الشمال، فإنهم يحرمون بمحاذاة الجحفة.

    • أن يأتوا من جهة الجنوب، فإنهم يحرمون بمحاذاة يلملم.

      Shape1
    • أن يأتوا من جهة الغرب إلى الشرق شقًا هكذا فلن يكون في طريقهم ميقاتٌ، ولن يحاذوا ميقاتًا، فيحرمون حينئذ من جدة؛ لأن من لا يمر على ميقات ولا يحاذيه، فإنه يحرم على بعد مرحلتين كما بيَّناه آنفًا.

  • أنه لا محاذاة في البحر البتّة وذلك؛ لأنه يتعذر تعيين المواقيت فيها، ولم يقم على هذا دليل في الكتاب والسنة أو الإجماع، ولأنه لا تتحقق في البحر المحاذاة على المعنى الصحيح، فيتبين بذلك أنّ للقادم من البحر تأخير الإحرام إلى جدة.

    الرد عليه:

    عدم التسليم بأنه لا محاذاة في البحر فهذا مخالف لما ذهب إليه أهل العلم من وجوب الإحرام على من كان البحر طريقه إلى مكة إذا حاذى الجحفة أو يلملم، قال الشافعي: "ومن سلك بحرا أو برا من غير وجه المواقيت أهل بالحج إذا حاذى المواقيت"(0)، وقال الشيرازي: "ومن سلك طريقًا لا ميقات فيه من بر أو بحر فميقاته إذا حاذى أقرب المواقيت إليه"(0)، بل المحاذاة حاصلة لمن كان البحر طريقه ولا تتعذر المحاذاة في البحر كما أننا نقول بأنه لا ميقات في البحر، ولكن يمكن محاذاة ميقات الجحفة ويلملم، وهما قريبان من البحر وليست محاذاتهما متعذرة للقادم من الشمال أو الجنوب.

  • أنّ مدينة جدة لا تخلو من ثلاث حالات:

    إما أن تكون داخل المواقيت والمواقيت خلفها، وإما خارج حدود المواقيت، وإما على المحيط نفسه. أما الحالة الأولى: فيعني هذا الزيادة على مسافة المحاذاة وهذا مردود شرعًا وواقعًا. وأما الحالة الثانية: فلا يقول بها أحد، وأما الحالة الثالثة: فهي المتعينة فتكون جدة ميقاتًا.

    الرد عليه:

    أن هذا التقسيم قائم على تفسير أصحاب هذا القول للمحاذاة، وإثباتهم أن جدة محاذية لميقاتي الجحفة ويلملم، وهذا قد تقدم الجواب عنه، وإنما نقول إن مدينة جدة داخل المواقيت وليست محاذية لأحدها؛ لكونها أقرب إلى مكة من ميقاتي الجحفة ويلملم، ولذا فالواجب على القادم من الشام ومصر برًا وبحرًا وجوًا الإحرام من الجحفة أو ما كان حذوها، وكذا القادم من اليمن سواء كان ذلك برًا أو بحرًا أو جوًا فإنه يحرم من يلملم.

    القول الثاني: إن جدة ميقات القادمين بالطائرة جوًّا وبالسفينة بحرًا فقط، وممن قال به الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، ومحمد الحبيب بن الخوجه، وعبد الله كنون من المغرب، وعبد الله الأنصاري، ولجنة الفتوى بالأزهر الشريف.

    واستدلوا:

  • أن النبي  لم يعين مواقيت في الجو؛ لأن الطائرات لم تكن موجودة في عهد النبوة ولا متصورة، فلا يَصدق على أهل الطائرات أنهم أتو الميقات المحدد لهم لا لغةً ولا عرفًا؛ لكون الإتيان هو الوصل للشيء في محله.

    الرد عليه:

    إن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، وأن الهواء تابع للقرار كما قرره أهل العلم، ولذا فلو صلى في الطائرة أو وقف بعرفه في الجو صحت صلاته وحجه، ولم يوقت  هذه المواقيت في هذه الأماكن؛ إلا ليتخذ من النصوص قدوة وأسوة لحرمة البيت العتيق سواء كان طريق الحاج برًا أو جوًا، ثم إن الإتيان متحقق في المرور به مع عقد نية الدخول في النسك، ويصدق على راكب الطائرة أنه مرّ بالميقات؛ إذ لا يشترط في المرور المماسّة.

  • أن المحاذاة لا يمكن أن تتصور في الجو ولا تنضبط، وكذا في البحر.

    الرد عليه:

    عدم التسليم بل المحاذاة متصورة في الجو والبحر؛ لأن المحاذاة تقريبية، كما يمكن الاحتياط لذلك حتى لا يتجاوز الناسك الميقات دون أن يحرم.

  • أنّ في إلزامهم بالإحرام في الجو مشقةً عليهم والمشقة تجلب التيسير.

    الرد عليه:

    لا نسلم لكم بوجود المشقة، بل يمكن الإحرام في الجو بيسر، كما أنه يمكن تقديم الإحرام قبل ركوب الطائرة وعقد النية عند المرور بالميقات، وكذا الحال بالنسبة لركاب السفينة بل هي أيسر من الطائرة من جهة السعة وبطء الحركة بحيث يتمكن المحرم من لبس إحرامه بسهولة.

  • أن الحكمة في وضع المواقيت في أماكنها الحالية، كونها بطرق الناس وعلى مداخل مكة، وكلها تقع بأطراف الحجاز، وقد صارت جدة طريقًا لجميع ركاب الطائرات والسفن، ويحتاجون بداعي الضرورة إلى ميقات أرض يحرمون منه لحجهم وعمرتهم، فوجبت إجابتهم؛ كما وقَّت عمر لأهل العراق ذات عرق؛ إذ لا يمكن جعل الميقات في أجواء السماء أو في لجة البحر، وهذا ما تقتضيه الضرورة، وتوجبه المصلحة، ويوافقه المعقول، ولا يخالف نصوص الرسول .

    الرد عليه:

    إنَّ وضع المواقيت في طريق الناس لا يلزم منه أنه كلما استحدث الناس طريقًا وضع لهم ميقات بدون نظر إلى المواقيت المنصوصة ولا محاذاة لها؛ إذ لو كان كذلك لما صار لتلك المواقيت شرعية، ولم يكن لوضعها كبير أثر، ثم إن تفاوت مسافاتها يدل على مقصد تعبدي تجب مراعاته وربط المواقيت الأخرى بها، وأما كون الميقات في جو السماء أو لجة البحر فلا إشكال فيه؛ إذ الشريعة جاءت لكل الأزمان، والله لا يخفى عليه صنع تلك الطائرات والسفن، فهو القائل: ﴿وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ٨﴾ [النحل: 8].

    القول الثالث: إنّ جدة ليست ميقاتًا إلا للقادم من غربها مباشرةً، كأهل السواكن في جنوب مصر وشمال السودان، وبه قال الشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ أبو بكر محمود جوفي، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، والشيخ محمد بن عثيمين، وغيرهم.

    واستدلوا:

  • حديث الباب.

    وجه الدلالة: دلَّ الحديث على وجوب إحرام من مرّ على هذه المواقيت وليس من أهلها، ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى جدة أو غيرها مما يلي الميقات الذي مر عليه، ولما كانت المواقيت محيطة بالحرم عدا جهة الغرب لمدينة جدة، لذا لا يجوز تجاوز الميقات للإحرام من جدة إلا للقادم من غربها وهي جهة جنوب مصر وشمال السودان.

  • حديث ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: "لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ  حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا»، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ"(0).

    وجه الدلالة: إن الإحرام يكون في الميقات أو حذوه، وجدة ليست محاذية لأحد المواقيت فمسافتها إلى مكة أقرب كما تقدم، فلا تكون ميقاتًا إلا للقادم من غربها مباشرة؛ لعدم وجود محاذى به قبل جدة.

    القول الرابع: إنّ جدة ليست ميقات مطلقًا، وممن قال به أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في الدورة الثالثة.

    استدلوا:

  • بما استدل به أصحاب القول الثالث نفسها إلا أنهم لم يستثنوا جهة غرب جدة.

    الرد عليه:

    أنه يشكل عليهم القادم من غرب جدة، فإنّه لا يمر بميقات ولا يحاذي ميقاتًا، وأول منزل له هو مدينة جدة، ولا ينضبط إحرامه قبلها في البحر، ومسافتها مقاربة لمسافة أقرب المواقيت وهو قرب المنازل وقد نص الفقهاء أن من كانت هذه حاله فإنه يحرم من مسافة مرحلتين عن مكة؛ لأنها مسافة أدنى المواقيت إلى مكة.

    الترجيح: إنَّ مما ظهر لي بعد عرض الأقوال ومناقشتها دليلًا دليلًا، أنَّ الراجح هو القول الأول؛ لأسباب عديدة:

    أولًا: إنَّ مدار المسألة – كما بينته – على بيان المقصود من المحاذاة.

    ثانيًا: قوة أدلة القول الثالث، وكثرة الاعتراضات على بقية الأقوال.

    ثالثًا: جواز الإحرام في الطائرات والسفن إذا حاذت المواقيت؛ الهواء تابع للقرار.

    رابعًا: إن القول بتوقيت جدة لا يلزم منه جواز الإحرام منها مطلقًا، فالراجح – كما سبق عرضه في مسألة حكم تجاوز الميقات الأصلي لميقات آخر – على أنه لا يجوز لمريد النسك مجاوزة ميقاته لميقات آخر، والله أعلم.

    • قرار مجمع الفقه الإسلامي حول حكم الإحرام في الطائرات والسفن(0):

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

    قرار رقم (7) د 3/07/86. بشأن: "الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة"

    إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمرة الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر 1407 هـ/11-16 أكتوبر 1986م.

    بعد اطلاعه على البحوث المقدمة بخصوص موضوع "الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة".

    قرر:

    أن المواقيت المكانية التي حددتها السنة النبوية يجب الإحرام منها لمريد الحج أو العمرة، للمار عليها أو للمحاذي لها أرضًا أو جوًا أو بحرًا؛ لعموم الأمر بالإحرام منها في الأحاديث النبوية الشريفة. والله أعلم.

    المسألة السابعة: حكم الإحرام قبل الوصول إلى الميقات.

    لقد حدد النبي  المواقيت، وبيَّن معالمها وحدودها، وأرشد إلى الإحرام منها، وعدم تجاوزها لمريد النسك الحج أو العمرة، وبيَّن ابن عباس  الواجب على من ترك شيئًا من هذه المواقيت.

    إنَّ مما ينبغي طرحه وإثارته ومناقشته، بعد أن أشرنا إلى حكم تجاوز المواقيت لقصد النسك أو لحاجة غير ذلك، أن نذكر حكم الإحرام قبل الوصول إلى المواقيت؛ لأن النبي  إنما حدَّ المواقيت؛ لئلا يتعداها الناس ويتجاوزوها(0).

    إنَّ الإحرام قبل الوصول إلى الميقات قد أجمع عليه أهل العلم على صحة من فعله، كما حكى ذلك ابن المنذر، حيث قال: "وأجمعوا على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم"(0)، وقال ابن القطان: " ومن أحرم قبل أن يأتي الميقات فقد أحرم بإجماع من أهل العلم"(0).

    لكن اختلفوا في الأفضلية بينهما، هل الأفضل التقدم عليها، أو الإحرام منها، على قولين:

    القول الأول: يكره له الإحرام قبل الميقات، وإليه ذهب المالكية وهو المعتمد من مذهب الشافعية والحنابلة، وبه قال البخاري(0).

    واستدلوا:

  • بأن النبي  وأصحابه أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل.

  • وأنَّ ذلك هي السنة التي سنَّها النبي .

  • أن ذلك يشبه الإحرام بالحج قبل أشهره، فيكون مثله في الكراهة.

  • أن الإحرام قبل المواقيت مخالف لحكمة تشريعها.

    القول الثاني: ذهب الحنفية، وبعض الشافعية، إلى أن تقديم الإحرام على الميقات المكاني أفضل، إذا أمن على نفسه مخالفة أحكام الإحرام، فقد "روي عن أبي حنيفة: أن ذلك – قدم الإحرام على المواقيت – أفضل إذا كان يملك نفسه أن يمنعها ما يمنع منه الإحرام"(0).

    واستدلوا:

  • عن أم سلمة -رضي الله عنها - أن رسول الله  قال: "من أهلَّ من المسجد الأقصى بعمرة أو حجة غفر له"(0).

  • سئل علي  عن معنى قوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّواْ ٱلۡحَجَّ وَٱلۡعُمۡرَةَ لِلَّهِۚ ١٩٦﴾ [سورة البقرة: 196]. قال: "أن تحرم من دويرة أهلك"(0).

  • بأن " المشقة فيه أكثر، والتعظيم أوفر " فيكون أفضل.

  • فعل بعض الصحابة، حيث أحرموا من أماكن شتى، فابن عمر أحرم من إيلياء(0).

  • عن الصبي بن معبد، قال: أهللت بالحج والعمرة، فلما أتيت العذيب لقيني سلمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان، وأنا أهل بهما، فقال أحدهما: ما هذا بأفقه من بعيره. فأتيت عمر، فذكرت له ذلك. فقال: «هديت لسنة نبيك »(0)، وهذا إحرام به قبل الميقات.

    الترجيح: تبين لي بعد ذكر الأقوال وأدلتها، أنَّ الراجح هو القول الأول، وهو قول الجمهور؛ لعدة مرجحات:

  • قوة أدلة القول الأول، وضعف بعض ما استدل به أصحاب القول الثاني.

  • بيَّان أن المراد بقول علي  "تحرم من دويرة أهلك"، أي: تعزم على السفر.

  • أن غالب الصحابة لم يحرموا إلا من الميقات.

  • لأن الإحرام من البلد فيه تغرير بالإحرام، وتعرض لفعل محظوراته، وفيه مشقة على النفس، فكره، كالوصال في الصوم.

  • أنَّ قول عمر للصبي: هديت لسنة نبيك. يعني في القران، والجمع بين الحج والعمرة، لا في الإحرام من قبل الميقات، فإن سنة النبي  الإحرام من الميقات.

    المسألة الثامنة: حكم من جاوز المواقيت قاصدًا النسك.

    اتفق جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنَّ الإحرام من المواقيت واجب، يحرم مجاوزتها لقاصد النسك، ويجب عليه الرجوع(0)، ويلزم من جاوزها أو حذوها، وهو مريد قاصد للنسك، وأحرم قبل أن يرجع، فعليه دمٌ، وهو آثمٌ، وحجه صحيح (0).

    واختلفوا فيمن عاد وأحرم من الميقات، بعد أن تجاوزها محرمًا، هل يجب عليه الدم أم يسقط؟ على ستة أقوال:

    القول الأول: أن الدَّم وجب عليه بمجرد تركه الميقات والإحرام بعده، ولا يسقط عنه وإن عاد وأحرم من ميقاته، وبه قال بعض المالكية(0)، وعدد من الشافعية(0)، وهو مذهب الحنابلة(0)، وقال به من الحنفية زفر(0).

    أدلتهم:

  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: "مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا"(0).

    وجه الدلالة: أنَّ من ترك نسكًا فعليه وجب، وترك الإحرام من الميقات نسك، فلزمه الدم، وهذا قول صحابي، لم يخالفه أحد؛ فكأن ذلك إجماعًا سكوتيًا، يجب العمل به.

  • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: "إِذَا جَاوَزَ الْوَقْتَ فَلَمْ يُحْرِمْ، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ، وَأَهْرَقَ لِذَلِكَ دَمًا"(0).

    وجه الدلالة: أنَّ من تجاوز الميقات بلا إحرام، وهو مريد للنسك، ثم أحرم دون الميقات، فإن عليه الرجوع إلى الميقات، إلاَّ إذا خشي فوات الجح، أو ذهاب الرفقة... ، لم يرجع، وعليه دم.

  • ووجه قول زفرُ: أن وجوب الدم بجنايته على الميقات بمجاوزته إياه من غير إحرام، وجنايته لا تنعدم بعوده، فلا يسقط الدم الذي وجب(0).

    القول الثاني: إن رجع إلى الميقات، فلبَّى سقط عنه الدم، وإن لم يلبِّ، لم يسقط عنه، وبهذا قال أبو حنيفة، وخالفه صاحباه محمد بن الحسن وأبو يوسف، حيث قالا: إن رجع إلى الميقات، سقط عنه الدم، لبَّى أم لم يلبِّ، وخالفهم زفر، قال: لا يسقط عنه الدم، لبَّى أم لم يلبِّ (0).

    أدلتهم:

  • عن ابن عباس  أن رجلا سأله، وقال: إني أحرمت بعد الميقات، فقال له: ارجع إلى الميقات فلب، وإلا فلا حج لك فإني سمعت رسول الله  يقول: «لا يجاوز أحد الميقات إلا محرمًا»(0).

    وجه الدلالة: أنَّ الدم يسقط عمَّن تجاوز الميقات محرمًا دونه، ثم عاد إليه ملبيًا منه، وأمَّا من عاد إليه ولم يلبِّ منه فلا حج له؛ "لأن الفائت بالمجاوزة هو التلبية، فلا يقع تدارك الفائت إلا بالتلبية، بخلاف ما إذا أحرم من دويرة أهله، ثم جاوز الميقات من غير إنشاء الإحرام؛ لأنه إذا أحرم من دويرة أهله صار ذلك ميقاتا له، وقد لبى منه فلا يلزمه تلبية، وإذا لم يحرم من دويرة أهله كان ميقاته المكان الذي تجب التلبية منه، وهو الميقات المعهود"(0).

    القول الثالث: القول بالتفصيل: وهو إن عاد إلى الميقات قبل التلبس بالنسك، فلا شيء عليه، وإن عاد إلى الميقات بعد التلبس بالنسك، فعليه دم، وبهذا قال صاحبا أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني، والقاضي أبو يوسف(0)، وهو المعتمد في مذهب الشافعية، نصَّ على ذلك الشافعي في "الأم"(0)، وحكاه المرداوي روايةً عن أحمد(0).

    أدلتهم:

  • لأنه استدرك الفائت قبل تقرر الجناية بالشروع في أفعال الحج، فيسقط الدم(0).

  • أن حق الميقات في مجاوزته إياه محرما، لا في إنشاء الإحرام منه، بدليل أنه لو أحرم من دويرة أهله، وجاوز الميقات، ولم يلب لا شيء عليه، فدل أن حق الميقات في مجاوزته إياه محرما، لا في إنشاء الإحرام منه، وبعد ما عاد إليه محرما فقد جاوزه محرما، فلا يلزمه الدم(0).

  • لأنَّ ابن عباس  كان يَرُدُّ من جاوز الميقات غير محرم(0).

    القول الرابع: أنَّ من ترك الميقات لا شيء عليه، وحجه صحيح، وبهذا قال الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي(0).

    دليلهم:

    يغلب على الظن أنهم استدلوا بعدم ورود حديث صحيح عن النبي ، وأنَّ ما روي عن ابن عباس ، إنما هو من قوله، ولسنا نلزم أحدًا بقول الصحابي؛ للاختلاف في حجيته.

    القول الخامس: أنَّ من ترك الميقات، ولم يحرم منه، فلا حجَّ إلاَّ أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه، وبه قال سعيد بن جبير، وابن حزم الظاهري(0).

    دليلهم:

    ظاهر حديث الباب، وهو قول ابن عباس : "وقَّت رسول الله "، فمن تعدَّى هذه المواقيت، فلا حج له؛ لمخالفته النص الصريح الصحيح.

    القول السادس: أنَّ من ترك الميقات لا شيء عليه، يقضي حجته ثم يعود إلى الميقات فيحرم بعمرة، وبهذا قال ابن الزبير(0).

    الترجيح: يظهر مما سبق عرضه من الأقوال أن الراجح في هذه المسألة هو القول في الثالث، وهو القول بالتفصيل، وهو مذهب الجمهور كما قاله النووي في المجموع(0)؛ لأمور عدة، هي:

  • أن المحرم استدرك الفائت قبل تقرر الجناية بالشروع في أفعال الحج.

  • قوة أدلة أصحاب هذا القول، ورجحان أدلة بقية الأقوال، بكثرة الاعتراضات عليها.

  • أن القول بالتفصيل فيه جمع بين الأقوال والأدلة، ويسر لعامة المسلمين.

  • كثرة الاعتراضات على بقية الأقوال، وهي كما يلي:

  • الرد على أصحاب القول الأول: بأنَّ ما استدللتم به صحيح على من لم يعد إلى الميقات، أما من عاد فقد جاء بالنسك فلا دم عليه، وهذا المحرم إنما رجع إلى ميقاته، فأحرم منه، وتدارك النقص الذي فاته، فلا نسلم لكم أنه ترك نسكًا.

  • الرد على أصحاب القول الثاني: " أن التلبية ليست بشرط في الابتداء حتى لو مر به محرما ساكتا جاز"(0).

  • والرد على الأقوال الثلاثة الأخيرة: قال أبو عمر: "فهذه الأقاويل الثلاثة شذوذ ضعيفة عند فقهاء الأمصار لأنها لا أصل لها في الآثار ولا تصح في النظر"(0).

    المسألة التاسعة: حكم من جاوز المواقيت غير مريد للنسك.

    إن الإحرام من الميقات أمر واجب، لا يجوز لمريد النسك أن يتعداه بلا إحرام، ومن جاوز الميقات بغير إحرام فعليه أن يعود إليه ويحرم منه، فإن لم يرجع فعليه دم سواء أترك العود بعذر أم بغير عذر، عامدا كان أم ناسيًا(0). إلا أنه إذا خاف فوات الوقوف بعرفة لضيق الوقت أو المرض الشاق فيحرم من مكانه وعليه الدم، قال الشافعي: "إذا انتهى الآفاقي إلى الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أو القران حرم عليه مجاوزته غير محرم بالإجماع"(0).

    أمَّا من تعدَّى الميقات، وهو لا يريد النسك، فإن العلماء قد جعلوا لهذه المسألة قسمان، هما:

  • من تعدى الميقات يريد مكة؛ لحاجة، ولم يتعدَّ حد الحرم:

    قال ابن قدامة: "فهذا لا يلزمه الإحرام بغير خلاف، ولا شيء عليه في ترك الإحرام، وقد أتى النبي  وأصحابه بدرًا مرتين، وكانوا يسافرون للجهاد وغيره، فيمرون بذي الحليفة، فلا يحرمون، ولا يرون بذلك بأسًا"(0).

    واستدل بعدة أدلة، منها:

  • أنَّ النبي  وأصحابه أتوا بدرًا مرتين، وكانوا يسافرون للجهاد وغيره، فيمرون بذي الحليفة، فلا يحرمون، ولا يرون بذلك بأسًا.

  • لقول النبي : «فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد حجا أو عمرة».

    وحكى ابن المنذر، عن أحمد: في الرجل يخرج لحاجة، وهو لا يريد الحج، فجاوز ذا الحليفة، ثم أراد الحج، يرجع إلى ذي الحليفة، فيحرم. وبه قال إسحاق.

    الرد عليه: قال ابن المنذر: "ظاهر الحديث أولى، وقد أحرم ابن عمر من الفرع"(0).

  • من تعدى الميقات يريد مكة، وتعدَّى حد الحرم، فهؤلاء على ضربين:

    • الضرب الأول: من دخلها لقتال مباح، أو خوف، أو لحاجة متكررة، كالحشاش، والحطاب، أو المكي إن كان أهله في الحل، ونحو ذلك.

    يجوز دخول الحرم في هذه الحال بغير إحرام؛ لعدة أمور:

  • لأن النبي  دخل مكة يوم الفتح، وعلى رأسه المغفر، بغير إحرام.

  • ولأن في وجوب الإحرام على من تتكرر حاجته مشقة(0).

  • لو أوجبنا الإحرام على كل من يتكرر دخوله، أفضى إلى أن يكون جميع زمانه محرما، فسقط للحرج.

    • الضرب الثاني: من دخلها لغير قتال ولا حاجة متكررة، كما ذكر آنفًا، أو جاءها لتجارة، أو أداء غرض ما كاختبار فيها، أو مراجعة، ونحو ذلك.

    اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

    القول الأول: لا يجوز له تجاوز الميقات غير محرم، وبه قال أبو حنيفة، وبعض أصحاب الشافعي، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة(0).

    واستدلوا بما يلي:

  • لأن هذا هو فائدة التأقيت؛ لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «لَا تَجَوَّزُوا الْوَقْتَ إِلَّا بإِحرامٍ»(0).

  • تفضيل مكة في الدخول على سائر البلدان، بالإحرام، فلو لم يوجد الإحرام؛ لأشبه في دخوله أي بلدة، واستدلوا بالآيات والأحاديث التي تعظّم البيت الحرام(0).

    القول الثاني: لا يجب الإحرام عليه من الميقات، وهذا هو المشهور عن الشافعية(0)، ورواية عن أحمد(0)، وبه قال البخاري(0)، وابن حزم(0)، وابن القيم(0).

    استدلوا بالآتي:

  • حديث الباب، الذي يفيد بأن هذه المواقيت لمن أراد النسك.

  • روي عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحرام.

  • لأنه أحد الحرمين، فلم يلزم الإحرام لدخوله، كحرم المدينة، ولأن الوجوب من الشرع، ولم يرد من الشارع إيجاب ذلك على كل داخل، فبقي على الأصل(0).

  • ثبت بالاتفاق أن الحج والعمرة عند من أوجبها إنما تجب مرة واحدة، فلو أوجبنا على كل من دخلها أن يحج أو يعتمر لوجب أكثر من مرة(0).

    الترجيح: بعد عرض الأقوال وبسطها، يظهر لي أنَّ الراجح هو القول الثاني؛ لعدة مرجحات، هي:

  • حديث الباب الدَّال على أن المواقيت محددة لمن أراد النسك.

  • ضعف الأحاديث التي استدل بها الآخرون، والردود عليها.

  • عدم قيام أدلة صريحة صحيحة لما ذكره أصحاب القول الأول.

  • أنه لا اجتهاد مع النص، وقد نصَّ حديث الباب على أن المواقيت لمريدي النسك.

  • أنَّ الأصل براءة الذمة.

    المسألة العاشرة: من خرج من بيته قاصدًا عمل ما داخل المواقيت، ومتى انتهى اعتمر، هل يرجع إلى الميقات، أم يحرم بالنسك من مكانه؟

    لما انتهى الحديث في مسألة من جاوز الميقات مريدًا أداء النسك، ومن جاوزها لحاجة غير النسك، والتفصيل فيها، وبيان والراجح منها، يستشكل على كثير من الناس، مسألة من خرج من بيته وكان سبب سفره أداء عمل ما داخل المواقيت، ولما ينتهي منه سيعتمر أو يحج، هل نلزمه بالرجوع إلى الميقات؛ لأنه قصد النسك من بيته، أم يحرم من مكانه؛ لأنه ما أراد النسك إلا بعد انتهاء عمله، وهو داخل المواقيت فيحرم منها، مثلًا: من يذهب لجدة لعمل أو سياحة وفي نيته الحج بعد ذلك، فهل يلزمه الإحرام من الميقات؟

    اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:

    القول الأول: يجب عليه الإحرام من الميقات ولو كانت مدة عمله طويلة، كشهر ونحوه، أو يرجع للميقات بعد فراغه من عمله فيحرم منه، وهو قول ابن حجر الهيتمي الشافعي(0)، وظاهر قول المرغيناني الحنفي(0)، وظاهر فتاوى الشيخ ابن عثيمين(0) واللجنة الدائمة(0).

    استدلوا:

  • حديث الباب: "ولمن أتى عليهن ممن أراد الحج أو العمرة".

    وجه الدلالة: أنَّ هذا مريد للحج ولو تخلل سفره عمل، فيبقى أن الإرادة موجودة.

    القول الثاني: التفصيل: إن كان الباعث له على سفره العمل الذي قصده، أو المؤتمر الذي سيحضره، ونية العمرة تبع فلا يلزمه الإحرام، وإذا أراد النسك أحرم من موضعه.

    أما إن كان الباعث على السفر النسك، وأراد أن يقضي شغله على طريقه فيلزمه الإحرام من الميقات، ولو كان سيبقى في شغله أياما، أو يتجاوز غير محرم وإذا أراد الإحرام رجع للميقات وأحرم منه. وبه قال بعض الحنفية(0)، والشهاب الرملي والشرواني الشافعيين(0)، والشيخ عبد الرزاق عفيفي(0).

    واستدلوا:

  • حديث أبي قتادة  قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ  حَاجًّا، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، قَالَ: فَصَرَفَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى تَلْقَوْنِي» قَالَ: فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قِبَلَ رَسُولِ اللهِ  أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ"(0).

    وجه الدلالة: أن أبا قتادة  ومن معه لما خرجوا إلى الساحل لم يحرموا من ذي الحليفة مع وجود نية النسك، وإنما أحرموا لما فرغوا من عملهم وتوجهوا قِبل النبي عليه الصلاة والسلام، فدل على اعتبار الباعث على السفر، وأنه يحرم من حين انتهاء عمله.

  • أنه عند سفره ومجاوزته الميقات غير مريد للنسك، وإنما يريد ذلك الموضع الذي فيه عمله، فهو الذي نهزه وبعثه لأجل السفر، فكيف نوجب عليه الإحرام ونية النسك ليست حاضرة عنده؟

  • أن إلزامه بالإحرام وهو غير قاصد للنسك حرج لا تأتي الشريعة بمثله(0)، وفيه من المشقة عليه والتنفير عن أداء النسك لصعوبة وعسر الجمع بينهما عليه(0).

    الترجيح: إن مما ظهر لي وترجَّح بعد عرض الأقوال في هذه المسألة، أن الراجح هو القول الأول وارتحت لتقييد الميقات، فيجب عليه الإحرام من الميقات إما من ميقاته الأصلي، أو أي ميقات آخر، ولا تقاس هذه المسألة على مسألة (حكم تجاوز الميقات الأصلي لميقات آخر)، فهما مسألتان مختلفتان؛ لعدة أسباب:

  • لصراحة النص الوارد في حديث الباب "ممن أراد الحج أو العمرة"، فمتى قصد الإنسان ونوى النسك وهو خارج من بيته، فإنه يحرم من ميقاته.

  • أنَّ العمل به أحوط، وبه يخرج الإنسان من الخلاف.

  • ضعف أدلة الفريق الثاني.

    إضافة: يمكن أن نقسم حال من خرج من بيته قاصدًا العمل، وبعد الانتهاء سيؤدي النسك إلى عدة أقسام:

    • القسم الأول: أن يحرم من ميقاته قبل أن يدخل جدة، فيؤدي العمل وهو بإحرامه ثم يؤدي النسك بعد الانتهاء من عمله، ويكون قد أدى ما عليه إجماعًا.

    • القسم الثاني: أن يرجع إلى ميقاته الأصلي ويحرم منه بعد انتهاء عمله، وهنا يكون قد أدى ما عليه اتفاقًا.

    • القسم الثالث: أن يرجع لميقات آخر ليس هو ميقاته الأصلي كمن يقدم من المدينة إلى جدة وبعد انتهاء عمله يحرم من قرن المنازل أو وادي محرم أو يلملم، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

      • القول الأول: ذهب الحنابلة والمالكية إلى أن عليه الرجوع إلى ميقاته(0).

      • القول الثاني: وذهب الشافعية إلى أن عليه أن يرجع إلى ميقاته أو إلى مثل مسافته من ميقات آخر(0).

      • القول الثاني: وذهب الحنفية إلى أن له الرجوع إلى أي ميقات من المواقيت ولو كان أقرب ميقات(0).

    الترجيح: والراجح – والعلم عند الله – من أقوال أهل العلم فيجوز له أن يعود لأقرب ميقات له ولو لم يكن هو ميقاته الأصلي؛ لعدة أدلة:

  • عموم قوله : "ولمن أتى عليهن من غير أهلهن".

  • أنه الراجح في المسألة السابقة، وهو وجوب الإحرام من الميقات الأصلي أو غيره.

  • أنَّ هذا من باب التيسير، وعدم المشقة.

    وهذا ما تميل إليه النفس، مع قوة بقية المذاهب، والله أعلم بالصواب وإليه المآب.

    المسألة الحادية عشرة: حكم إحرام من كان دون المواقيت.

    إن المواقيت التي حددها النبي  للناس للإحرام منها تنقسم بحسب أهلها ومن في جهتهم إلى ثلاثة أقسام(0):

    القسم الأول: أهل الآفاق، وهم من كان خارج المواقيت: كأهل جازان، يحرمون من يلملم.

    القسم الثاني: أهل الحل، وهم من كان داخل المواقيت ودون الحرم: كأهل قرية "طفيل" الواقعة بين ميقات يلملم وحد الحرم.

    القسم الثالث: أهل الحرم، وهم من كان داخل حدود الحرم: كمن يسكن العزيزية.

    فأما القسم الأول: فقد سبق الحديث عنه في المسائل السابقة، وكل ما ذكر فيها إنما هو لهذا القسم دون غيره من بقية الأقسام.

    وأما القسم الثاني والثالث: يتناول الباحث الحديث عنهما الآن، مبتدئًا بالقسم الثاني ثم الثالث.

    • إحرام من هم دون المواقيت بالنسك:

    اتفق العلماء على أنَّ من كان أهله بين المواقيت والحرم أن يحرم من مكانه، وحكى ذلك ابن القطان وابن عبد البر(0)، وفي المسألة قولان آخران شاذان.

    القول الأول: يحرم من موضعه، وبه قال الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة(0)، إلا أن المالكية قالوا: يحرم من داره، أو من مسجده، ولا يؤخر ذلك. والأحسن أن يحرم من أبعدهما من مكة.

    وقال الشافعية والحنابلة ميقاته القرية التي يسكنها، إن كان قرويا، أو المحلة التي ينزلها إن كان بدويا، فإن جاوز القرية وفارق العمران إلى مكة ثم أحرم كان آثما، وعليه الدم للإساءة، فإن عاد إليها سقط الدم، على التفصيل الذي سبق، وبيان المذاهب فيه. وكذا إذا جاوز الخيام إلى جهة مكة غير محرم، وإن كان في برية منفردا أحرم من منزله. ويستحب أن يحرم من طرف القرية أو المحلة الأبعد عن مكة، وإن أحرم من الطرف الأقرب جاز.

    استدلوا:

  • حديث الباب، قوله  : "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ".

    فحمله المالكية على منزله، وقالوا: إن المسجد واسع للإحرام "؛ لأنه موضع الصلاة؛ ولأن أهل مكة يأتون المسجد فيحرمون منه، وكذلك أهل ذي الحليفة يأتون مسجدهم.

    وفسره الشافعية والحنابلة بالقرية والمحلة التي يسكنها؛ لأنه أنشأ منها.

    وجه الدلالة: أن من كان دون هذه المواقيت، فيمقاته من حيث أنشأ النية في دخول النسك، سواءٌ كان في بيته أم خارج بيته.

    القول الثاني: يحرم من أي مكان داخل الحل، فميقاته منطقة الحل أي جميع المسافة من الميقات إلى انتهاء الحل، ولا يلزمه كفارة، ما لم يدخل أرض الحرم بلا إحرام. وإحرامه من دويرة أهله أفضل، وهذا مذهب الحنفية (0).

    واستدلوا:

    إن خارج الحرم كله كمكان واحد في حق الميقاتي، والحرم في حقه كالميقات في حق الآفاقي، فلا يدخل الحرم إذا أراد الحج أو العمرة إلا محرما.

    القول الثالث: يحرم من مكة، وبه قال مجاهد.

    الترجيح: يظهر لي أنَّ الراجح هو القول الأول؛ لسببين:

  • ظاهر حديث الباب.

  • شذوذ القولين الآخرين، كما حكاه ابن القطان وابن عبد البر.

    • حكم من مرّ بالميقات لا يريد حجًا ولا عمرة، ثم بدأ له أن يحرم بعد أن جاوز الميقات:

    اختلف العلماء في مسألة من مرّ بالميقات لا يريد حجًا ولا عمرة، ثم بدا له أن يحرم بعد أن جاوز الميقات على قولين:

    القول الأول: يحرم من مكانه الذي بدا له أن يحرم منه ولا شيء عليه، وبه قال أبو حنيفة ومالك، والثوري، والشافعي، والحنابلة وأبو ثور(0).

    واستدلوا: بظاهر حديث الباب؛ ولأن ابن عمر أحرم من الفرع.

    القول الثاني: وقال أحمد – في رواية – في الرجل يخرج لحاجة وهو لا يريد الحج فجاوز ذا الحليفة ثم أراد الحج قال: يرجع إلى ذي الحليفة ويحرم، وبنحوه قال إسحاق(0).

    والراجح هو القول الأول.

    المسألة الثانية عشرة: إحرام أهل مكة بالنسك.

    لما انتهى بنا المطاف في ذكر أقسام الناس بحسب المواقيت وتحديدها، وبعد بيان القسمين الأولين، لم يتبق إلا القسم الثالث والأخير، وهو: ميقات أهل مكة للحج والعمرة، هل يحرمون من المواقيت، أم من الحل، أم يحرمون من أماكنهم، هذا ما سأحاول الكلام عنه في هذه المسألة.

    اتفق العلماء على أنَّ من كان داخل حدود الحرم [المكي/الحرمي] فإن أراد النسك فإما أن يكون حجًا أو عمرة، على قسمين:

    النسك الأول: إذا أراد الحج، فإنه يهل من مكانه.

    النسك الثاني: إذا أراد العمرة، فإنه يهل بها من الحل.

    ويدخل في ذلك المكي وغير المكي ممن هو فيها وأنشأ النية منها حجًا كان أو عمرة على الاتفاق.

    قال ابن قدامة: "كل من كان بمكة فهي ميقاته للحج؛ وإن أراد العمرة فمن الحل، لا نعلم في هذا خلافا"(0).

    واستدلوا لذلك بحديث الباب: "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة"، ولحديث عائشة – رضي الله عنها - قالت: "يا رسول الله، أتنطلقون بعمرة وحجة وأنطلق بالحج؟ فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر  أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة"(0).

    واختلفوا في أفضلية المكان الذي يحرم منه المكي بالحج والعمرة على الأقوال، نبدأ بالحج ثم العمرة:

    أولًا: الأفضل لأهل مكة من أين يحرمون بالحج؟

    اختلف العلماء في الأفضلية لمريد الحج من أهل مكة من أين يحرم على ثلاثة أقوال:

    القول الأول: ذهب الحنفية إلى أن من كان مكيًا، أو منزله في الحرم، كسكان منى، فوقته الحرم للحج وللقران، ومن المسجد أفضل، أو من دويرة أهله، وهو قول عند الشافعية بالنسبة للمكي فقط، وهذا على سبيل الوجوب عندهم، فلو أنه أهل من خارج منطقة الحرم، لزمه العود إلى الحرم، وإلا وجب عليه الدم(0).

    واستدلوا:

    بحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: "أَمَرَنَا النَّبِيُّ  لَمَّا أَحْلَلْنَا، أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى، قَالَ: فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ"(0).

    القول الثاني: وذهب المالكية إلى التفرقة بين من أهلَّ بالحج ومن أهلَّ بالقران، على حالين(0):

    • الأولى: جعلوا ميقات القران ميقات العمرة الآتي تفصيله، وهو قول عند الشافعية.

    • الثانية: أما من أهل بالحج وهو من سكان مكة أو الحرم فإما:

    • أن يكون مستوطنًا: فهذا يندب له أن يحرم من مكة، ومن المسجد الحرام أفضل، وإن تركها وأحرم من الحرم أو الحل فخلاف الأولى، ولا إثم، فلا يجب الإحرام من مكة.

    • أو آفاقيًا نازلًا بمكة: فهذا إن كان له سعة من الوقت - وعبروا عنه بــ " ذي النفس " - فيندب له الخروج إلى ميقاته والإحرام منه، وإن لم يكن له سعة من الوقت فهو كالمستوطن.

    القول الثالث: أما الشافعية والحنابلة، فقالوا بالتفصيل في ذلك(0):

    أولًا: ذهبوا إلى أن الحرمي (الذي ليس بمكة) حكمه حكم الميقاتي، في أنه يحرم من موضعه.

    ثانيًا: وأما المكي: أي المقيم بمكة ولو كان غير مكي، فعند الشافعية وجهان:

  • الأصح أن ميقاته نفس مكة للحج مفردًا كان أم قارنًا.

  • ميقاته كل الحرم؛ لاستواء مكة، وما وراءها من الحرم في الحرمة.

    ثالثًا: أما عند الحنابلة: فإنه يحرم بالحج من مكة من المسجد من تحت الميزاب، وهو أفضل عندهم، وجاز وصح أن يحرم من بمكة من سائر الحرم كما هو عند الحنفية، فإن أحرم به من الحل فعليه دم مع التفصيل فيما لو أحرم من الحل الذي يلي الموقف، أو من التنعيم، فالدم على الأولى لا الثانية(0).

    الترجيح: يتبين لي أن الراجح هو الإحرام من مكانه الذي عقد فيه نية النسك؛ لعدم ورود دليل على الأقوال السابقة، والله أعلم.

    ثانيًا: الأفضل لأهل مكة من أين يحرمون بالعمرة؟

    اتفق العلماء على أن ميقات من كان بمكة من أهلها أو غير أهلها الحل من أي مكان، ولو كان بعد الحرم، ولو بخطوة.

    واختلفوا في الأفضل منهما، على قولين:

    القول الأول: فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه من التنعيم أفضل(0).

    واستدلوا:

    أمر النبي  عبدَ الرحمن بن أبي بكر  أن يخرج مع عائشة -رضي الله عنها- إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة"(0).

    وجه الدلالة: أن أمر النبي  لعبد الرحمن بن أبي بكر  بالذهاب بأخته عائشة -رضي الله عنها- إلى التنعيم دليل على أفضليته.

    القول الثاني: وذهب المالكية والشافعية إلى أنه من الجِعِرَانَة أفضل(0).

    واستدلوا:

    حديث أنس بن مالك  قال: «اعتمر النبي  من الجعرانة، حيث قسم غنائم حنين»(0).

    وجه الدلالة: أن اعتمار النبي  من الجعرانة أفضل؛ لأن ما باشره النبي  بنفسه مقدَّم على غيره.

    الترجيح: يظهر لي أنَّ الراجح أن يحرم من أي مكان في الحل؛ لعدة أسباب:

  • أنَّ الأصل في أهل مكة أن يحرموا من الحل للعمرة مطلقًا، فمن كان قريبًا من التنعيم يحرم منها، ومن كان قريبًا من الجعرانة يحرم منها، ومن قريبًا من بقية جهات الحل أحرم منه، ولا يشق على أحد منهم.

  • أن أمر النبي  لعبد الرحمن بن أبي بكر  بالذهاب بأخته عائشة -رضي الله عنها- إلى التنعيم؛ لأنها أقرب الحل إلى الحرم، فأمر بالقريب، ولم يشق عليها.

  • أن اعتمار النبي  من الجعرانة، إنما كان مع تقسيمه لغنائم حنين، فكان قريبًا منها، فيكون الأمر كما أصلناه سابقًا، وهو أن كل مكي يحرم بحسب استطاعته والقريب منه، والله تعالى أعلى وأسلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين.

    فائدة: إن من شأن الإحرام أن تكون هنا رحلة بين الحل والحرم، ولما كانت أركان العمرة كلها في الحرم، كان لا بد أن يكون الإحرام في الحل، ولا يعلم في ذلك خلاف بين العلماء.

    المبحث الرابع: الفوائد المستنبطة من الحديث.

    إنَّ مما ينبغي إظهاره بعد هذا البحث، والعناية به هي تلك الملح والفوائد العلمية الموجودة في غياهب الكتب، والتي حاولت جمعها من خلال قراءتي وبحثي حول هذا الموضوع، ومنها:

  • اتفق العلماء على أنَّ المواقيت المنصوصة أربعة والمختلف فيه واحد.

  • أجمع العلماء على أنَّ من أحرم من ذات عرق فقد أحرم.

  • اتفق الأئمة الأربعة على الأخذ بقول ابن عباس  فيمن ترك نسكًا.

  • انعقد الإجماع على أنَّ الإحرام قبل الميقات صحيح.

  • أجمعوا على أنَّ ميقات الميقاتي من مكانه حجًا وعمرة، وميقات المكي مكانه في الحج، والعمرة من الحل.

  • يؤخذ من قوله: [وقَّت]، أو [يُهل]: أن الإحرام من الميقات واجب.

  • يؤخذ من قوله: [ممن أراد الحج أو العمرة]: أن الحج على التراخي لا على الفور.

  • أن المراد بالمحاذاة: إما تساوي الميقاتين في المراحل، أو أن يوازي الميقات ويماثله.

  • مشروعية المحاذاة.

  • جواز الإحرام من الطائرات والسفن، وتكون بالمحاذاة.

  • لا تعد جدة ميقاتًا مطلقًا، بل هي ميقات لأهلها، ومن هو في حذوها من الغرب، ممن لا يحاذي ميقاتًا.

  • من جهل الميقات والمحاذاة فإنه يحرم من مرحلتين عن مكة، أو يأخذ الأبعد احتياطًا.

  • أن النسيان والجهل لا يعذر بهما من ترك الميقات.

  • الأفضل الإحرام من أول الميقاتين.

  • من تعدى الميقات ولم يحرم فإن عليه الرجوع ولا دم عليه إجماعًا.

  • جواز الإحرام ممن ليس من أهل هذه المواقيت.

  • يسر الشريعة الإسلامية.

  • المواقيت توقيفية لا يجوز استحداث ميقات غيرها ما لم يكن محاذيًا.

  • من حكم المواقيت: ميزة البلد الحرام على غير من البلاد، فلا يدخله أحد إلا بإحرام لمريد النسك.

  • الاحتياط أبرأ للذمة فيمن يجهل الميقات أو المحاذاة، أو لا يعلم طرفي الميقات الأقرب والأبعد ... فإن الأفضل الاحتياط.

    الخاتمة:

    من خلال دراستي للمواقيت المكانية، ومدى أهمية معرفة أحكامها، وما بينت فيها من المسائل والأقوال، أورد ما توصلت إليه من النتائج في ختام هذا البحث، وهي على ما يأتي:

  • وجوب الإحرام من المواقيت، ومن تركه عليه دم.

  • أنَّ المواقيت توقيفية لا تجوز مجاوزتها لمريد النسك.

  • أن الراجح أن ميقات ذات عرق من توقيت عمر بن الخطاب .

  • مشروعية المحاذاة وأنها معتبرة.

  • أنَّ مدار الخلاف في مسألة هل جدة ميقات، هو بيان المقصود بالمحاذاة.

  • جدة ليست ميقاتًا إلا لأهلها ومن حاذاها من الغرب.

  • أن المواقيت لأهلها ولمن مرَّ عليها من غير أهلها.

  • لا يجوز تجاوز الميقات الأصلي لآخر.

  • من مرَّ على ميقاتين فالأصل أن يحرم من أولهما.

  • أن عموم قوله [ولأهل الشام الجحفة]، مخصص بمن لم يمر بميقات.

  • جواز الإحرام من الطائرات والسفن بالمحاذاة.

  • من خرج من بيته قاصدًا النسك بعد الانتهاء من عمله، فيجب عليه الإحرام من الميقات، أو أي ميقات قريب له، أو يحاذي ميقاتًا، أو يحرم عن مرحلتين.

  • أن الناس باعتبار المواقيت ثلاثة أقسام: الأول: الآفاقي، وهذا يحرم من الميقات. الثاني: الميقاتي: وهذا يحرم من مكانه. الثالث: المكي: وهذا يحرم بالحج من مكانه، والعمرة من أدنى الحل.

  • جواز الإحرام قبل الوصول إلى الميقات.

    التوصيات:

    يوصي الباحث بالأمور الآتية:

  • دراسة المسائل المستجدة في الحج وتطبيقاتها.

  • مسائل الدماء في الحج جمعًا ودراسة.

  • تقرير مسألة المحاذاة دراسة مسحية وصفية.


    قائمة المصادر والمراجع:

  • ابن أبي شيبة، المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد – الرياض، الطبعة: الأولى، 1409.

  • ابن الجعد، مسند ابن الجعد، تحقيق: عامر أحمد حيدر، مؤسسة نادر – بيروت، الطبعة: الأولى، 1410هـ – 1990م.

  • ابن العربي، المسالِك في شرح مُوَطَّأ مالك، قرأه وعلّق عليه: محمد بن الحسين السُّليماني وعائشة بنت الحسين السُّليماني، دَار الغَرب الإسلامي، الطبعة: الأولى، 1428هــ-2007 م.

  • ابن القطان، الإقناع في مسائل الإجماع، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة: الأولى، 1424 هـ- 2004 م.

  • ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت-مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، الطبعة: السابعة والعشرون، 1415هـ -1994م.

  • ابن المنذر، الإجماع، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد، دار المسلم للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى لدار المسلم، 1425 هـ/ 2004 م.

  • ابن المنذر، الإشراف على مذاهب العلماء، تحقيق: صغير أحمد الأنصاري أبو حماد، مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة-الإمارات العربية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1425هـ-2004 م.

  • ابن تيمية، شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، تحقيق: صالح بن محمد الحسن، مكتبة الحرمين – الرياض، الطبعة: الأولى، 1409 هـ-1988 م.

  • ابن جزي الكلبي، القوانين الفقهية، بدون بيانات الطبعة.

  • ابن حجر العسقلاني:

    الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى-1415 هـ.

    التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تحقيق: أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب، مؤسسة قرطبة – مصر، الطبعة: الأولى، 1416هـ/1995م.

    تقريب التهذيب، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، ط1، 1406ه.

    فتح الباري شرح صحيح البخاري، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، إشراف محب الدين الخطيب، دار المعرفة، 1379ه.

  • ابن حجر الهيتمي، الفتاوى الفقهية الكبرى، جمعها: عبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي المكي، المكتبة الإسلامية.

  • ابن حزم، المحلى بالآثار، دار الفكر – بيروت، بدون طبعة وبدون تاريخ.

  • ابن دقيق العيد، إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام، مطبعة السنة المحمدية، بدون طبعة وبدون تاريخ.

  • ابن رشد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الحديث – القاهرة، 1425هـ-2004 م.

  • ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر-بيروت، الطبعة: الثانية، 1412هـ-1992م.

  • ابن عبد البر:

    الاستذكار، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1421 – 2000م.

    الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، الطبعة: الأولى، 1412 هـ-1992 م.

    التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، ومحمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب، 1387 هـ.

  • ابن عثيمين، اللقاء الشهري، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية.

  • ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ.

  • ابن قدامة المقدسي:

    الكافي في فقه الإمام أحمد، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1414 هـ-1994م.

    المغني، مكتبة القاهرة، 1388هـ-1968م.

  • ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر، ط1، 1418ه.

  • ابن ماجه، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية.

  • ابن منظور، لسان العرب، دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة-1414هــ.

  • أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، حققه وعلق عليه وقدم له: محيي الدين ديب ميستو وآخرون، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، دار الكلم الطيب، دمشق – بيروت، الطبعة: الأولى، 1417هـ-1996 م.

  • أبو داود، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية.

  • أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة: الأولى 1419هـ-1998 م.

  • أحمد ابن حنبل:

    الجامع لعلوم الإمام أحمد، خالد الرباط وآخرون، دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق: التراث، الفيوم-جمهورية مصر العربية، الطبعة: الأولى، 1430 هـ-2009 م.

    مسند أحمد، تحقيق: شعيب الأرنؤوط-عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط: الأولى، 1421هـ-2001 م.

  • الأزهري، تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي، ط1، 2001م.

  • البخاري، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله  وسننه وأيامه، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار المنهاج، طوق النجاة، ط1، 1433هـ.

  • بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، دار إحياء التراث العربي – بيروت.

  • البسام، تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وصنع فهارسه: محمد صبحي بن حسن حلاق، مكتبة الصحابة، الأمارات-مكتبة التابعين، القاهرة، الطبعة: العاشرة، 1426هـ-2006 م.

  • البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، دار الكتب العلمية.

  • البيهقي:

    السنن الكبير، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنات، الطبعة: الثالثة، 1424 هـ-2003 م.

    معرفة السنن والآثار، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي-باكستان)، دار قتيبة (دمشق -بيروت)، دار الوعي (حلب-دمشق)، دار الوفاء (المنصورة-القاهرة)، الطبعة: الأولى، 1412هـ-1991م.

  • الترمذي، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط2، 1395ه.

  • الجوهري، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، ط4، 1407هـ.

  • الحاكم، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1411ه – 1990م.

  • الحطاب الرُّعيني، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، الطبعة: الثالثة، 1412هـ-1992م.

  • الخرقي، متن الخرقي على مذهب أبي عبد الله أحمد ابن حنبل الشيباني، دار الصحابة للتراث، الطبعة: 1413هـ-1993م.

  • الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ-1994.

  • الدارقطني، سنن الدارقطني، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الأرناؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1424 هـ-2004 م.

  • الدارمي، سنن الدارمي، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ-2000 م.

  • الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدرير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي، دار الفكر، بدون طبعة وبدون تاريخ.

  • الدمياطي، إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، دار الفكر للطباعة والنشر والتوريع، الطبعة: الأولى، 1418 هـ-1997م.

  • الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرون، دار الرسالة، ط3، 1405ه.

  • الرافعي، فتح العزيز بشرح الوجيز، دار الفكر.

  • الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية.

  • الزيلعي، نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر-بيروت -لبنان/ دار القبلة للثقافة الإسلامية- جدة – السعودية، الطبعة: الأولى، 1418هـ/1997م.

  • زين الدين المُنَجَّى، الممتع في شرح المقنع، تحقيق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، الطبعة: الثالثة، 1424 هـ-2003 م.

  • سحنون، المدونة، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ-1994م.

  • الشافعي، الأم، دار المعرفة، 1410ه.

  • الشرواني، حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج في شرح المنهاج، دار الكتب العلمية – بيروت، 2010م.

  • الشيرازي، المهذب في فقه الإمام الشافعي، دار الكتب العلمية، بدون طبعة وبدون تاريخ.

  • الصنعاني، سبل السلام شرح بلوغ المرام، دار الحديث، بدون طبعة وبدون تاريخ.

  • الطبراني، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية – القاهرة، الطبعة: الثانية، دار الصميعي – الرياض، الطبعة الأولى، 1415 هـ-1994 م).

  • عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية.

  • الفراهيدي، كتاب العين، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال.

  • الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق: مكتب تحقيق: التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط: الثامنة، 1426هـ-2005م.

  • الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية – بيروت.

  • القاضي عياض، إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم، تحقيق: يحْيَى إِسْمَاعِيل، دار الوفاء، ط1، 1419ه.

  • القرافي، الذخيرة، تحقيق: محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي- بيروت، الطبعة: الأولى، 1994 م.

  • الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1406هـ-1986م.

  • اللجنة الدائمة، فتاوى اللجنة الدائمة، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء-الإدارة العامة للطبع – الرياض.

  • مالك بن أنس، الموطأ، علق عليه محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1406 هـ-1985م.

  • مجد الدين ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، المكتبة العلمية-بيروت، 1399هـ-1979م.

  • مجد الدين الحنفي، الاختيار لتعليل المختار، علق عليه: محمود أبو دقيقة، مطبعة الحلبي-القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية-بيروت، وغيرها)، 1356 هـ-1937 م.

  • مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الطبعة: (من 1404-1427هـ)، دار السلاسل – الكويت، مطابع دار الصفوة – مصر، طبع الوزارة.

  • محمد بن الحسن الشيباني، الأصل المعروف بالمبسوط، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية – كراتشي.

  • محمد المحمودي، مناهج البحث العلمي، دار الكتب، صنعاء، الجمهورية اليمنية، ط3، 1441ه – 2019م.

  • محمد ناصر الدين الألباني:

    إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، إشراف: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة: الثانية 1405ه - 1985م.

    سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة: الأولى، 1415ه - 1422ه.

    سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، دار المعارف، الرياض-الممكلة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، 1412ه - 1992م.

    صحيح سنن أبي داود، مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، ١٤٢٣ه - ٢٠٠٢م.

  • المرداوي:

    الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (المطبوع مع المقنع والشرح الكبير)، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة-جمهورية مصر العربية، الطبعة: الأولى، 1415 هـ-1995 م.

    الفروع ومعه تصحيح الفروع، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى 1424 هـ-2003 مـ.

  • المرغيناني، الهداية في شرح بداية المبتدي، تحقيق: طلال يوسف، دار احياء التراث العربي-بيروت – لبنان.

  • مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ، للإمام مسلم بن الحجاج، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار المنهاج، طوق النجاة، ط1، 1433هـ.

  • موسى شاهين، فتح المنعم شرح صحيح مسلم، دار الشروق، الطبعة: الأولى (لدار الشروق)، 1423 هـ-2002 م.

  • نجم الدين الحراني، الرعاية في الفقه، تحقيق: علي بن عبد الله بن حمدان الشهري، الرياض، 1428هـ.

  • النسائي:

    المجتبى، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، ط2، 1406ه.

    السنن الكبرى، حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي، أشرف عليه: شعيب الأرناؤوط، قدم له: عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، ١٤٢١ه - ٢٠٠١م.

  • النووي:

    المجموع شرح المهذب (مع تكملة السبكي والمطيعي)، دار الفكر.

    المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، تحقيق: موفق مرعي، دار الفيحاء، المنهل ناشرون، ط1، 1431هـ.

  • ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1995 م.

  • يوسف الصمعاني، الآثار المسندة عن الصحابة في المناسك، دار المأثور، الرياض، ودار المثنى، مصر، ط1، 1432ه-2011م.

  • مواقع أخرى:

  • مجلة الرسالة الإسلامية.

  • مجلة الفقه الإسلامي.

  • الشبكة العنكبوتية.

  • المكتبة الشاملة.

  • المكتبة الوقفية.

  • دروس صوتية.


    0() أخرجه مسلم في "صحيحه"، تحقيق محمد زهير الناصر، دار المنهاج، طوق النجاة، ط1، 1433هــ، حديث رقم: 1297.

    0() مناهج البحث العلمي، د. محمد المحمودي، دار الكتب، صنعاء، الجمهورية اليمنية، ط3، 1441هـ – 2019م، ص60.

    0() قدمتُ حديث ابن عباس  على حديث ابن عمر  - وهو: "أن رجلا قام في المسجد فقال: يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال رسول الله : يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن، وقال ابن عمر: ويزعمون أن رسول الله  قال: ويهل أهل اليمن من يلملم"، أخرجه الشيخان؛ لتصريح ابن عباس  بسماع المواقيت الأربعة من رسول الله ، قال ابن دقيق العيد: "فلذلك حسن أن يقدم حديث ابن عباس ". "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"، مطبعة السنة المحمدية، 2/50.

    0() نصَّ على ذلك أبو داود.

    0() مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمدهارون، دار الفكر، 1399ه، 6/131.

    0() النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر الزاوي، ومحمود الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت، 1399ه -1979م، 5/212.

    0() المسالك في شرح موطأ مالك، قرأه وعلّق عليه: محمد بن الحسين السُّليماني وعائشة بنت الحسين السُّليماني، دَار الغَرب الإسلامي، ط1، 1428هـ -2007م، 4/300. بتصرف

    0() الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، ط4، 1407هـ، 4/1347.

    0() النهاية في غريب الحديث والأثر، 1/426.

    0() بناءً على المقاييس الحديثة، وهو على خريطة [GPS]: "24°24'49. 3"N 39°32'34. 6"E".

    0() مقاييس اللغة، 1/428.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، تحقيق محمد زهير الناصر، دار المنهاج، طوق النجاة، ط1، 1433هـ، حديث رقم: 1889، 5654، 5677، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1376.

    0() فتح الباري، لابن حجر، ترقيم محمد فؤاد عبدالباقي، إشراف محب الدين الخطيب، دار المعرفة، 1379هـ، 3/385.

    0() هو على خريطة [GPS]: "22°42'16. 9"N 39°08'48. 1"E".

    0() تحفة المحتاج، 4/282.

    0() عمدة القاري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 9/140، وقال – أيضًا –: "إن المكان الذي يسمى القرن موضعان أحدهما في هبوط، وهو الذي يقال له: قرن المنازل، والآخر في صعود وهو الذي يقال له: قرن الثعالب، والمعروف الأول".

    0() هو على خريطة [GPS]: "21°37'59. 5"N 40°25'38. 8"E".

    0() انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، القاضي عياض، تحقيق يحْيَى إِسْمَاعِيل، دار الوفاء، ط1، 1419ه، 4/170. وحكى الشيخ البسّام عن أهالي تلك البلدة، فقالوا: إنه وادٍ، ولا نعرف جبلًا بهذا الاسم. انظر: تيسير العلام، ص 359.

    0() العين، تحقيق مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، 8/323.

    0() نسبةً إلى البئر الذي حفرتها فاطمة السعدية، وهي قرية صغيرة، يوجد بها مركز صحي ومدرسة، مطلة على وادي يلملم، ويوجد بها الميقات القديم، الذي يبعد عن الميقات الحالي ما يقرب من 27كم2 في الشمال الشرقي، وقد وقفتُ عليه قبل عدة سنوات.

    0() هو على خريطة [GPS]: "20°31'01. 4"N 39°52'15. 8"E".

    0() المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، حققه وعلق عليه وقدم له: محيي الدين ديب ميستو وآخرون، دار ابن كثير، دمشق – بيروت، دار الكلم الطيب، دمشق، بيروت، ط1، 1417ه - 1996م، 3/264.

    0() قال الواقدي: "وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل العلم"، انظر: البداية والنهاية، لابن كثير، تحقيق عبد الله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر، ط1، 1418ه. 12/79. وقال ابن حجر: "والأول أثبت -يقصد قبل الهجرة بثلاث سنين-". انظر: الإصابة، لابن حجر، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415ه، 4/122.

    0() البداية والنهاية، 12/78-79.

    0() الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الجيل، ط1، 1412ه – 1992م، 3/ 933.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 75، 3756، 7270.

    0() معرفة الصحابة، لأبي نعيم، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، دار الوطن للنشر، الرياض، ط1، 1419ه - 1998م، 3/1699-1700.

    0() سير أعلام النبلاء، للذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون، دار الرسالة، ط3، 1405ه، 3/332.

    0() انظر: المصدر نفسه.

    0() انظر: المصدر نفسه.

    0() انظر: المصدر نفسه، 3/359.

    0() الإصابة في تمييز الصحابة، 4/131.

    0() الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 3/934.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 8، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 16.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 1521، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1350.

    0() فتح المنعم شرح صحيح مسلم، لموسى شاهين، دار الشروق، ط1، 1423ه - 2002م. 5/95-96.

    0() انظر: بدائع الصنائع، للكاساني، دار الكتب العلمية، ط2، 1406ه - 1986م، 2/120، وبداية المجتهد، لابن رشد، دار الحديث، القاهرة، 1425ه - 2004م، 2/83-84، والأم، للشافعي، دار المعرفة، 1410ه، 2/127، 123، 120، والمغني، لابن قدامة، مكتبة القاهرة، 1388ه - 1968م، 3/213. قال ابن قدامة: "لا نعلم في هذا كله اختلافًا"، وكأنه غفل عن الشرط السادس – وهو وجود المحرم للمرأة – وقد ذكره أبو القاسم الخرقي في المختصر، دار الصحابة للتراث، 1413هـ – 1993م، ص53، فقال: "وحكم المرأة إذا كان لها محرم كحكم الرجل"، ونسبه المرداوي في الإنصاف، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، وعبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، القاهرة، جمهورية مصر العربية، ط1، 1415ه - 1995م، 3/410 إلى المذهب، قال: "هذا المذهب مطلقًا".

    0() انظر: بدائع الصنائع، 2/125، ومواهب الجليل، للرعيني، دار الفكر، ط3، 1412ه - 1992م، 3/8، والمهذّب، للشيرازي، دار الكتب العلمية، 1/423، والمقنع، لابن قدامة، حققه وعلق عليه: محمود الأرناؤوط، ياسين محمود الخطيب، مكتبة السوادي للتوزيع، جدة، المملكة العربية السعودية، ط1، ١٤٢١ه - ٢٠٠٠م، ص131، وقد ذكر عدة روايات، فذكر في رواية: الوقوف والطواف، [شرح العمدة، لابن تيمية، تحقيق صالح بن محمد الحسن، مكتبة الحرمين، الرياض، ط1، 1409هـ - 1988م، ص50]، وفي رواية زاد الإحرام عليهما، [الكافي، لابن قدامة، دار الكتب العلمية، ط1، 1414هـ - 1994م، 1/531]. نصَّ على أنها أربعة، وصححها عن المذهب، ابن المنجي والمرداوي. انظر: الممتع، لابن المنجي، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، ط3، 1424ه - 2003م، 2/218-219، وتصحيح الفروع، للمرداوي، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1424ه - 2003م، 6/68.

    0() انظر: بدائع الصنائع، 2/133، بداية المجتهد، 2/110، 109، 115، 114، 119، والمجموع، للنووي، دار الفكر، 8/265، والمقنع، ص131، وفي رواية السعي، [شرح العمدة، ص50]، قال: "وفي الحلق والمبيت بمنى روايتان"، [الكافي، 1/531].

    0() انظر: الكافي، 1/531. وعمدتهم في ذلك حديث ابن عباس  موقوفًا، أنه قَالَ: «مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا»، أخرجه مالك في "الموطأ"، علق عليه محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، 1406ه - 1985م، حديث رقم: 951، والدارقطني في "سننه"، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الأرناؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط1، 1424ه - 2004م، حديث رقم: 2534-2536، 2538، والبيهقي في "سننه الكبير"، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط3، 1424ه - 2003م، حديث رقم: 9016، 9792. والصحيح أنه موقوف على ابن عباس ، قال ابن حجر: "وأما المرفوع فرواه ابن حزم من طريق علي بن الجعد، عن ابن عيينة، عن أيوب به، وأعلَّه بالراوي عن علي بن الجعد: أحمد بن علي بن سهل المروزي، فقال: إنه مجهول، وكذا الراوي عنه، علي بن أحمد المقدسي قال: هما مجهولان". انظر: التلخيص الحبير، لابن حجر، تحقيق أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب، مؤسسة قرطبة، مصر، ط1، 1416ه - 1995م، 2/437.

    0() انظر: الأصل "المبسوط"، لمحمد بن الحسن، تحقيق أبو الوفا الأفغاني، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي 2/521، والمدونة، لسحنون، دار الكتب العلمية، ط1، 1415ه - 1994م، 1/406، والأم، 2/152، ومختصر الخرقي، ص54.

    0() انظر: التمهيد، لابن عبد البر، تحقيق مصطفى بن أحمد العلوي، ومحمد عبد الكبير البكري، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1387ه، 15/149، والمغني، 3/252.

    0() بناءً على المقاييس الحديثة، وهو على خريطة [GPS]: "24°24'49. 3"N 39°32'34. 6"E".

    0() فتح الباري، 3/386.

    0() هو على خريطة [GPS]: "22°42'16. 9"N 39°08'48. 1"E".

    0() هو على خريطة [GPS]: "21°37'59. 5"N 40°25'38. 8"E".

    0() هو على خريطة [GPS]: "20°31'01. 4"N 39°52'15. 8"E".

    0() الإجماع، لابن المنذر، تحقيق فؤاد عبد المنعم أحمد، دار المسلم للنشر والتوزيع، ط1، 1425ه - 2004م، ص51.

    0() الإقناع في مسائل الإجماع، لابن القطان، تحقيق حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، ط1، 1424ه - 2004م، 1/249.

    0() التمهيد، 15/140.

    0() فتح الباري، 3/389.

    0() هو على خريطة [GPS]: "21°55'47. 8"N 40°25'32. 0"E".

    0() انظر: التمهيد، 15/143، وقال: "كل عراقي أو مشرقي أحرم من ذات عرق فقد أحرم عند الجميع من ميقاته"، والإقناع في مسائل الإجماع، 1/249.

    0() انظر: المدونة، 1/405، والأم، 2/150، وصحيح البخاري، 2/135، والإنصاف، 8/106.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 1531.

    0() انظر: الأصل "المبسوط"، 4/166، والهداية، للمرغيناني، تحقيق طلال يوسف، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 2/131، ورد المحتار، لابن عابدين، دار الفكر، بيروت، ط2، 1412ه - 1992م، 2/207.

    0() المجموع، 7/194.

    0() الإنصاف، 8/106.

    0() أخرجه أبو داود في "سننه"، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، حديث رقم: 1739، والنسائي في "سننه الكبرى"، حققه وخرج أحاديثه: حسن عبد المنعم شلبي، أشرف عليه: شعيب الأرناؤوط، قدم له: عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، ١٤٢١ه - ٢٠٠١م، حديث رقم: 3619، وله شواهد من حديث جابر بن عبد الله والحارث بن عمرو، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، الكويت، ط1، ١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م، 5/507.

    وقد أعلَّ جماعة من العلماء – كالدارقطني، كما قال ذلك النووي في شرحه لمسلم، تحقيق موفق مرعي، دار الفيحاء، المنهل ناشرون، ط1، 1431ه، 8/81، هذا الحديث بحجة أنَّ العراق لم تفتح آنذاك، فقال ابن عبد البر: "هذه غفلة من قائلي هذا القول، بل رسول الله  هو الذي وقَّت لأهل العراق ذات عرق والعقيق، كما وقت لأهل الشام الجحفة، والشام كلها يومئذ دار كفر، كما كانت العراق يومئذ دار كفر، فوقَّت المواقيت لأهل النواحي؛ لأنه علم أنه سيفتح الله على أمته الشام والعراق، وغيرهما من البلدان، ولم تفتح الشام ولا العراق جميعا إلا على عهد عمر، وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل السير". [التمهيد، 15/141]؛ لحديث ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا. . . ". [أخرجه مسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 2889.

    0() انظر: التمهيد، 15/143، والإقناع في مسائل الإجماع، 1/249.

    0() في "صحيحه"، حديث رقم: 2592.

    0() الإشراف على مذاهب العلماء، لابن المنذر، تحقيق صغير أحمد الأنصاري أبو حماد، مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 1425ه - 2004م، 3/177.

    0() فتح الباري، 3/390.

    0() المجموع، 7/198.

    0() المصدر نفسه. وخالفه ابن قدامة في المغني 3/246: "وإذا كان الميقات قرية فانتقلت إلى مكان آخر، فموضع الإحرام من الأولى، وإن انتقل الاسم إلى الثانية؛ لأن الحكم تعلق بذلك الموضع، فلا يزول بخرابه"، قلت: والراجح الأول؛ لعدم المشقة.

    0() رد المحتار، 2/207، ومواهب الجليل، 3/33.

    0() بدائع الصنائع، 2/164.

    0() المدونة، 1/405.

    0() الأم، 2/153.

    0() الجامع لعلوم الإمام أحمد، خالد الرباط وآخرون، دار الفلاح للبحث العلمي وتحقيق التراث، الفيوم، جمهورية مصر العربية، ط1، 1430ه - 2009م، 7/595. وصالح هو ابن الإمام أحمد.

    0() التمهيد، 15/148.

    0() فتح الباري، 3/386. بتصرف

    0() المجموع، 7/198، والمنهاج شرح صحيح مسلم، 8/83.

    0() المغني، 3/249-250، والجامع لعلوم الإمام أحمد، 7/595.

    0() المدونة، 1/405، والتمهيد، 15/148.

    0() بدائع الصنائع، 2/164-165: "وروي عن أبي حنيفة أنه قال في غير أهل المدينة: إذا مروا على المدينة فجاوزوها إلى الجحفة فلا بأس بذلك، وأحب إلى أن يحرموا من ذي الحليفة؛ لأنهم إذا حَصَلُوا في الميقات الأول لزمهم محافظة حرمته، فيكره لهم تركها".

    0() الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، الطبعة: (من 1404-1427هـ)، دار السلاسل، الكويت، مطابع دار الصفوة، مصر، طبع الوزارة 2/148.

    0() إحكام الأحكام، 2/48.

    0() 3/386، قال: "وأطلق النووي الاتفاق ونفى الخلاف في شرحيه لمسلم والمهذب في هذه المسألة فلعله أراد في مذهب الشافعي، وإلا فالمعروف عند المالكية صحة مجاوزته إلى الجحفة". إ. ه مختصرًا.

    0() المغني، 3/250.

    0() التمهيد، 15/147، والاستذكار، 4/40-41، ومواهب الجليل، 3/35.

    0() وهم من أشار إلى وجوب الدم، وكذا ابن رشد في بداية المجتهد، 2/90، وممن لم يوجب الدم ابن القاسم في المدونة، 1/405.

    0() المجموع، 7/198، والمنهاج شرح صحيح مسلم، 8/83.

    0() بدائع الصنائع، 2/164-165.

    0() الموسوعة الفقهية الكويتية، 2/148.

    0() المغني، 3/249-250، والإنصاف، 8/108-109، قال ابن مفلح: "ويتوجه لنا مثله"، أي: له أن يحرم من الجحفة. الفروع، 5/301. حكى الأقوال السابقة ابن عبد البر في كتابيه، التمهيد، 15/147، والاستذكار، تحقيق سالم محمد عطا، ومحمد علي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421ه – 2000م، 4/40-41.

    0() الإجماع، ص51، والإقناع في مسائل الإجماع، 1/249.

    0() بالضم والتشديد، بلد على ساحل بحر اليمن. معجم البلدان، للحموي، دار صادر، بيروت، ط2، 1995م، 2/114.

    0() شرح بلوغ المرام، لعطية سالم، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، 5/164.

    0() القاموس المحيط، للفيروز آبادي، تحقيق مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط8، 1426ه - 2005م، ص1273.

    0() لسان العرب، لابن منظور، دار صادر، بيروت، ط3، 1414هـ، 14/169.

    0() المصباح المنير، للفيومي، المكتبة العلمية، بيروت، 1/126.

    0() النهاية في غريب الحديث، 1/358، وهو المفهوم من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة، كتاب الحج، 1/336.

    0() فتح الباري، 3/389.

    0() التي تقع بين الجهات الرئيسة، شمالًا وجنوبًا، وشرقًا وغربًا، نحو: الشمال الشرقي، أو الجنوب الغربي.

    0() المهذب، 1/372، والمجموع، 7/198-199.

    0() فتح الباري، 3/390.

    0() سبق تخريجه.

    0() فتح الباري، 3/390.

    0() فتح الباري، 3/390.

    0() رد المحتار، 2/476-477، ومواهب الجليل، 3/43، والمجموع، 7/199، والرعاية، لابن حمدان، تحقيق علي ابن عبد الله بن حمدان الشهري، الرياض، 1428هـ، ص476، والفروع، 5/302، قال: "هذا متجه"، والإنصاف، 8/117، وحكاه عنهما.

    0() والمرحلة: بريدان، وكل بريد أربعة فراسخ، كل فرسخ ثلاثة أميال، فهي ثمانية وأربعون ميلا، والمشهور: أن الميل ألفا ذراع، والصحيح أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة. انظر: الشرح الكبير، للدردير، 1/358. "والذراع على ما نُرجِّحه = 0,48 م. فالمسافة كلها: 48×3500×0,48=80,640 كم، ومن ذلك يتَّضح أن المرحلة الواحدة =40,320كم، والفرسخ =5,40كم والميل =1,680كم. والله أعلم بالصواب. موقع رابطة العلماء السوريين، نقلًا عن مجلة الرسالة الإسلامية ـ بغداد ـ العدد 12 من السنة 23: (1400-1981).

    0() المجموع، 7/199.

    0() فتح الباري، 3/390-391.

    0() مجلة مجمع الفقه الإسلامي، 3/528-744. واستفدت من بحث عبد الله الغفيلي على الشبكة العنكبوتية، المسمى بــ: "توضيح المبهمَات في مسألة كون جدة ميقات".

    0() مجلة مجمع الفقه الإسلامي، [الإحرام من جدة لركاب الطائرات في الفقه الإسلامي]، 3/554، و [جواز الإحرام من جدة لركاب الطائرات والسفن البحرية]، 3/692، وأدلة إثبات أن جدة ميقات، العرعور، ص40.

    0() سبق تخريجه.

    0() المحلَّى، لابن حزم، دار الفكر، بيروت، 7/73.

    0() الأم، 2/152.

    0() المهذب، 1/372، والمجموع، 7/198-199.

    0() سبق تخريجه.

    0() مجلة مجمع الفقه الإسلامي، 3/744، بترقيم الشاملة آليًا.

    0() الموسوعة الفقهية الكويتية، 2/148.

    0() الإجماع، ص51. قال ابن حجر: "وفيه نظر، فقد نقل عن إسحاق وداود وغيرهما عدم الجواز وهو ظاهر جواب ابن عمر ويؤيده القياس على الميقات الزماني فقد أجمعوا على أنه لا يجوز التقدم عليه وفرق الجمهور بين الزماني والمكاني فلم يجيزوا التقدم على الزماني وأجازوا في المكاني". [فتح الباري، 3/383].

    0() الإقناع، 1/250. وخالف في ذلك ابن حزم، حيث يرى ألاَّ حج لمن تقدم على الميقات. [المحلَّى، 5/52].

    0() بداية المجتهد، 2/89، والمجموع، 7/199-203، والمغني، 3/250، وفتح الباري، 3/383: "هو ظاهر نص المصنف وأنه لا يجيز الإحرام بالحج والعمرة من قبل الميقات"؛ لأن البخاري بوَّب بقوله: " باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلوا قبل ذي الحليفة" [صحيح البخاري، 2/134]. قال النووي: فيه قولان للشافعي أصحهما من الميقات أفضل للاقتداء برسول الله  والله أعلم". [المنهاج، 8/87].

    0() بدائع الصنائع، 2/164، الاختيار، 1/141، وبداية المجتهد، 2/89، والمجموع، 7/199-203.

    0() أخرجه أبو دواد في "سننه"، حديث رقم: 1741، وابن ماجه في "سننه"، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، حديث رقم: 3001-3002. قال الألباني: "ضعيف؛ فيه حكيمة هذه فإنها ليست بالمشهورة". [السلسلة الضعيفة، دار المعارف، الرياض-الممكلة العربية السعودية، ط1، 1412ه - 1992م، 1/378].

    0() أخرجه الحاكم في "المستدرك"، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411ه – 1990م، حديث رقم: 3090، قال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "وقد رواه البيهقي من طريق عبد الله بن سلمة المرادي عن علي موقوفا ورجاله ثقات، إلا أن المرادي هذا كان تغير حفظه، وعلى كل حال، هذا أصح من المرفوع". [السلسلة الضعيفة، 1/377].

    0() أخرجه مالك في "الموطأ"، حديث رقم: 26، مرسلًا عن الثقة عنده.

    0() أخرجه النسائي في "المجتبى"، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، ط2، 1406ه، حديث رقم: 2719، وأبو دواد في "سننه"، حديث رقم: 1798-1799، وابن ماجه في "سننه"، حديث رقم: 2970. قال الألباني: "صحيح". [صحيح سنن النسائي، 6/291].

    0() ويستثنى من ذلك: من جاوزها قاصدًا ميقاتًا آخرَ، نحو: لو مرَّ الشامي بذي الحليفة، هل يحرم منها، أم من ميقاته الأصلي وهو الجحفة؟ سيأتي بيانها لاحقًا.

    0() بدائع الصنائع، 2/164، والمدونة، 1/406، والأم، 2/151، ومختصر الخرقي، ص54. إلاَّ ما حكي عن ابن حزم: بأنه لا حج له. انظر: المحلَّى، 5/52.

    0() بداية المجتهد، 2/89: وحكاه عن الإمام مالك، والذخيرة، للقرافي، تحقيق محمد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي- بيروت، ط1، 1994م، 3/208، والقوانين الفقهية، لابن جزي، ص88، والشرح الكبير، لابن قدامة، 2/24. قال ابن عبد البر: "قال مالك إذا جاوز الميقات ولم يحرم منه فعليه دم ولا ينفعه رجوعه". [التمهيد، 15/148].

    0() فتح العزيز، للرافعي، دار الفكر، 7/92، ومغني المحتاج، للشربيني، دار الكتب العلمية، ط1، 1415ه - 1994م، 2/228، والمجموع، 7/207.

    0() المغني، 3/252، والإنصاف، 8/125: نسبه المرداوي إلى المذهب.

    0() بدائع الصنائع، 2/165، والهداية، 1/172، والاختيار، لمجد الدين الحنفي، علق عليه محمود أبو دقيقة، مطبعة الحلبي، القاهرة (وصورتها دار الكتب العلمية-بيروت، وغيرها)، 1356ه - 1937م، 1/142.

    0() أخرجه مالك في "الموطأ"، حديث رقم: 240، وابن الجعد في "مسنده"، تحقيق عامر أحمد حيدر، مؤسسة نادر، بيروت، ط1، 1410ه – 1990م، حديث رقم: 1749، والدارقطني في "سننه"، حديث رقم: 2534-2535)، عن ابن عباس موقوفًا، [صحيح موقوفًا]، قال ابن حجر: "رواه مرفوعًا ابن حزم من طريق علي بن الجعد، عن ابن عيينة، عن أيوب به، وأعله بالراوي عن علي بن الجعد"، [التلخيص الحبير، 2/437]، وقال الألباني: "ضعيف مرفوعًا، وثبت موقوفًا"، [الإرواء، إشراف زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405ه - 1985م، 4/299].

    0() أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي-باكستان)، دار قتيبة (دمشق -بيروت)، دار الوعي (حلب-دمشق)، دار الوفاء (المنصورة-القاهرة)، ط1، 1412ه - 1991م، حديث رقم: 9438، معلقًا، وأورده الزيلعي في نصب الراية، تحقيق محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ودار القبلة للثقافة الإسلامية، جدة، السعودية، ط1، 1418ه - 1997م، 3/15، وعزاه إلى إسحاق ابن راهويه في مسنده، ولم أجده في مسند ابن راهويه. قلت: فيه الليث بن أبي سليم، قال عنه ابن حجر: "صدوق، اختلط جدًا، ولم يتميز حديثه، فتُرك"، [التقريب، تحقيق محمد عوامة، دار الرشيد، ط1، 1406ه، ص464]، وأورده د. يوسف الصمعاني في "الآثار المسندة عن الصحابة في المناسك"، دار المأثور، الرياض، ودار المثنى، مصر، ط1، 1432ه - 2011م، 1/156، قال: والأثر لا بأس به.

    0() بدائع الصنائع، 2/165.

    0() الأصل، لمحمد بن الحسن، 2/521، وبدائع الصنائع، 2/165، والاختيار، 1/142.

    0() لم أجد من أخرج هذا الأثر، وأورده الكاساني في بدائع الصنائع، 2/164 معلقًا، وأخرج الحديث منه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، تحقيق كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1409هـ، حديث رقم: 15463 من طريق سعيد بن جبير مرسلًا عن النبي . وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط2، دار الصميعي، الرياض، ط1، 1415ه - 1994م، حديث رقم: 12236، موصولًا من طريق ابن جبير عن ابن عباس  عن النبي . قلت: في هذا الحديث علتان: الأولى: أن المتن معارض بحديث الباب، الذي يقضي بأن هذه المواقيت لمن أراد النسك، ولو صحَّ الحديث فيمكن حمله على من أراد النسك، والثانية: أنَّ فيه خُصَيْف، وهو متكلم فيه، قال ابن حجر: "صدوق سيء الحفظ خلط بأخرة ورمي بالإرجاء". [التقريب، ص193].

    0() بدائع الصنائع، 2/165.

    0() الأصل، لمحمد بن الحسن، 2/521، وبدائع الصنائع، 2/165.

    0() 2/151، ومغني المحتاج، 2/228، والمجموع، 7/207. والمقصود بالتلبس بالنسك أشار إليه ابن قدامة، حيث قال: "لأنه أحرم دون ميقاته، فاستقر عليه الدم، كما لو لم يرجع، أو كما لو طاف عند الشافعي، أو كما لو لم يلب عند أبي حنيفة"، [المغني، 3/252]، فأشار إلى معنى التلبس عند الحنابلة، ثم الشافعية، والحنفية.

    0() الإنصاف، 8/125.

    0() الاختيار، 1/142.

    0() بدائع الصنائع، 2/165.

    0() أخرجه الشافعي في "الأم"، 2/151، قال: هو في معنى السنة.

    0() الإشراف على مذاهب العلماء، 3/180، والتمهيد، 15/149، والمجموع، 7/208، والمغني، 3/252.

    0() المصادر السابقة، والمحلَّى، 5/52.

    0() الإشراف على مذاهب العلماء، 3/180، والتمهيد، 15/149، والمجموع، 7/208.

    0() 7/207، قال: "وهو الصحيح وبه قطع المصنف والجمهور أنه يفصل فإن عاد قبل التلبس بنسك سقط الدم وإن عاد بعده لم يسقط".

    0() الاختيار، 1/142.

    0() التمهيد، 15/150.

    0() اتفاقًا، وإنما يفترقون في الإثم، قال النووي: "لكن يفترقون في الإثم، فلا إثم على الناسي والجاهل". [المجموع، 7/207].

    0() المجموع، 7/207.

    0() المغني، 3/253.

    0() الإشراف على مذاهب العلماء، 3/180

    0() الاختيار، 1/141-142، ورد المحتار، 2/155، والمجموع 7/10، والشرح الكبير، 2/25، والمغني، 3/353-354، وكشاف القناع، للبهوتي، دار الكتب العلمية، 2/402-403.

    0() الاختيار، 1/141-142، ورد المحتار، 2/154، والشرح الكبير، 2/24، ومغني المحتاج، 1/474، والمغني، 3/354، وكشاف القناع 2/402.

    0() سبق تخريجه.

    0() بدائع الصنائع، 2/164.

    0() المجموع، 7/11، ومغني المحتاج، 1/474.

    0() المغني، 3/353، والإنصاف، 8/118، قال ابن مفلح في الفروع [5/309]: "وهي أظهر؛ للخبر".

    0() بوَّب - رحمه الله: "باب دخول الحرم، ومكة بغير إحرام"، ودخل ابن عمر وإنما "أمر النبي  بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة"، ولم يذكر للحطابين وغيرهم". [صحيح البخاري، 3/17].

    0() المحلى، 7/266.

    0() زاد المعاد، لابن القيم، مؤسسة الرسالة، بيروت، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط27، 1415ه - 1994م، 3/429.

    0() المغني، 3/353.

    0() سبل السلام، للأمير الصنعاني، دار الحديث، 1/612.

    0() تحفة المحتاج، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010م، 4/43، والفتاوى الفقهية الكبرى، لابن حجر الهيتمي، جمعها: عبد القادر بن أحمد بن علي الفاكهي المكي، المكتبة الإسلامية 2/124، وإعانة الطالبين، للدمياطي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوريع، ط1، 1418ه - 1997م، 2/344.

    0() الهداية، 1/172.

    0() اللقاء الشهري، (41/10، بترقيم الشاملة آليا)، و(36/17)، و(56/14)، ودروس للشيخ العثيمين فرغها موقع الشبكة الإسلامية (11/4، بترقيم الشاملة آليا).

    0() فتاوى اللجنة الدائمة-2، (10/99)، فتاوى اللجنة الدائمة-1، (11/122)، فتاوى اللجنة الدائمة- 2(10/19).

    0() رد المحتار، 2/580.

    0() فتاوى الرملي، 2/81، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج، دار الكتب العلمية، بيروت، 2010م، 4/43.

    0() فتاواه، ص143.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 1824، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1196.

    0() حاشية الشرواني على تحفة المحتاج، 4/43-44.

    0() ما سبق ذكره في هذه المسألة بعضه استفدته من الشبكة العنكبوتية.

    0() كشاف القناع، 2/404، ومواهب الجليل 3/42.

    0() مغني المحتاج، 2/227، ونهاية المحتاج، 3/261.

    0() رد المحتار، 2/580. وينظر تفصيلها في: مسألة حكم تجاوز الميقات الأصلي لميقات آخر.

    0() بدائع الصنائع، 2/164.

    0() الإقناع، 1/250، والتمهيد، 15/152.

    0() مواهب الجليل، 3/34، والمجموع، 7/194، 201-202، والمغني 3/262.

    0() بدائع الصنائع، 2/166.

    0() بدائع الصنائع، 2/166، ومواهب الجليل، 3/34، والمجموع، 7/194، 201-202.

    0() الجامع لعلوم الإمام أحمد، 7/601-602، وفي رواية فيه أنه يحرم من موضعه. وحكى المرداوي أنَّ المذهب هو إن يحرم من موضعه كالجمهور، والإحرام من الميقات رواية، قال: "ثم إنْ بَدَا له النُّسُكُ، أحْرَمَ مِن مَوْضِعِه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَلْزَمُه أنْ يرْجِعَ فيُحْرِمَ مِنَ المِيقاتِ، ولا دَم عليه"، الانصاف، 8/123.

    0() المغني، 3/246.

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 1785، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1213.

    0() بدائع الصنائع، 2/167.

    0() أخرجه مسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1214، وعلَّقه البخاري في "صحيحه"، 2/160، بصيغة الجزم، حيث قال: "عن جابر : قدمنا مع النبي  فأحللنا، حتى يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر، لبينا بالحج، وقال أبو الزبير: عن جابر : أهللنا من البطحاء".

    0() مواهب الجليل، 3/26-28.

    0() المجموع، 7/193.

    0() المغني، 3/248، والجامع لعلوم الإمام أحمد، 7/606-608، والإنصاف، 8/111-115، وحكى المرداويُ المذهبَ على جواز إحرام المكي من الحل، حيث قال: "يجوزُ لهم الإحْرامُ مِنَ الحَرَمِ والحِلِّ، ولا دَمَ عليهم، على الصَّحيحِ مِنَ المذهب".

    0() بدائع الصنائع، 2/167، والإنصاف، 8/110.

    0() سبق تخريجه.

    0() مواهب الجليل، 3/28، والمجموع، 7/204-205. والجِعِرَانَة: "بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر العين وتشدد الراء"، كما قاله ابن الأثير في [النهاية، 1/276]، وقال النووي: "فبكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء، هذا قول الشافعي، وبه قال أهل اللغة والأدب وبعض المحدثين، وقال ابن وهب صاحب مالك هما بالتشديد وهو قول أكثر المحدثين والصحيح تخفيفهما". [المجموع، 7/204-205].

    0() أخرجه البخاري في "صحيحه"، حديث رقم: 3066، ومسلم في "صحيحه"، حديث رقم: 1253.

    Bandar Aati || Spatial timings: an objective analytical study || Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 6 || Pages 95 - 157.

    0



Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...