Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 6 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

الكهنة والمبشرون بقدوم الرسول الكريم محمد (ص) قبل البعثة |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Article Info
Volume

2

Issue

6

Year

2022

ARI Id

1682060055167_2341

PDF URL

https://drive.google.com/file/d/10Tq7L0nP4JD6CYhxBZhrmC-kUezh-Fsi/view?usp=sharing

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

priests and heralds of the coming of the Holy prophet muhqmmad (pbuh) before the mission


م.د. رحمن منصور حسين الحسني: قسم التاريخ الإسلامي، كلية الامام الكاظم، العراق

 

Allah Almighty sent our Master Muhammad (PBUH) as a mercy to people to guide them to the path of guidance and to correct the affairs of their lives. Muhammad (peace be upon him) is the best person who was sent to complete this message and spread the religion of Islam to mankind. He was the only person in history to have achieved absolute success on both the religious and worldly levels. He was the one who called for Islam and spread it as one of the greatest religions, and after (14) centuries of his death, his impact is still lingering and renewed because it has the greatest impact on history and the world. The study aimed to show the extent of knowledge of the predictions that came through priests and missionaries, which was known through the heavenly books that preceded the coming of the beloved Mustafa (peace be upon him). The researcher used the objective method in the sequence of historical events. The study reached a set of results, the most important of which: The study confirmed the predictions of many priests and missionaries of advent Muhammad (PBUH), but the world was waiting for him for a long time, so we notice that the priests in the pre-Islamic era had talked about a prophet who would come in the future, but their vision of the next honorable prophet was a clear to the first minds. This became evident in the birth of the Prophet Muhammad (peace be upon him) and the events that accompanied him to his mission, thus those were credible to their sayings at that time.

Keywords: Priests, the Annunciation, the Prophet, Muhammad (PBUH), Al-Bay'ath

المقدمة:

النبي محمد (ص) هو خاتم الانبياء (ع)، أكمل الله به الدين، وأتم على يديه الرسالة، وجعله رحمة للعالمين، والحديث عنه دائماً متجدد، فهو حديث العالم من شرقه إلى مغربه، ولا يزال باقياً إلى اليوم وحتى يرث الله الارض ومن عليها.

لقد جرى كلام الله تعالى على شفاه الرسول الكريم محمد(ص)، وسكن قلبه، وقدمه للعالم، وتعرض (ص) للكثير من الاذى، حاربه الجميع قريباً كان أم بعيداً، وسواء من عاصروا بداية بعثته النبوية الشريفة، أو من أولئك الذين جاؤوا من بعده، وقد ذكر هذا أحد علماء المسيحية بقوله:"ربما لا يوجد صاحب دعوة تعرض للتجريح والإهانة ظلماً على مدى التاريخ مثل محمد، كذلك لا يوجد أي اتهام أساسه السياسة - لا الدين - مثل الإهانات التي وجهت إلى الإسلام"(0).

بالرغم من تنبئ العديد من الكهنة والعرّافين بقدوم محمد (ص)، ولكن كان العالم بانتظاره على مدى طويل، فنلاحظ أن الكهنة في العصر الجاهلي قد تحدثوا عن نبي يأتي في المستقبل وله علامات معينة، وفي أسفار العهد القديم ذكر النبي القادم محمد، أما في الدين المسيحي فقد حدد اسمه أحمد وما هي صفاته، وبغض النظر عن تصديقهم لقدوم النبي أو لا فالجميع اعترف وبعد زمان بصدق محمد وكمال رسالته المحمدية، وفي هذا البحث سوف نتناول أشهر كاهنين تنبأ بقدوم الرسول محمد (ص).. وهم سطيح الكاهن، والراهب بحيرة، لما لهما من أثر وقيمة في مجتمعاتهم قديماً.

تعود أهمية هذا لموضوع إلى أسباب عدة لضرورة هذه الدراسة؛ لكونها لها أهمية تاريخية في الامتداد التاريخي لنبي الامة الاسلامية، والتطورات التي حدثت في تلك المدة من خلال التنبؤات بمجيء نبي الامة، والتي صدق الكثير منها، وقد اعتمدت الدراسة على المصار التاريخية، وكان في صدارتها القرآن الكريم، ثم المصادر التاريخية الاسلامية، ومتبعاً المنهج التاريخي لتسسلسل الاحداث من خلال الدلالات التاريخية.

كما لابد هنا من الاشارة إلى أن المبشرين والكهنة بحاجة الى الدراسات والبحوث لمعرفة المزيد عن تاريخ الأنبياء (ع)، ولاسيما ما يتعلق بنبنا الكريم محمد (ص).

بشارات النبي محمد (ص)

تكررت البشارات في الكتب السماوية السابقة بخاتم النبيين محمد (ص)؛ إذ بشر الأنبياء بقدومه (ص)، وأمروا أتباعهم بالإيمان به وتصديقه(ص) إذا ظهر، فقد بشرت التوراة بقدومه، وذكر بعض أحبار اليهود بقرب مبعث النبي محمد (ص)، أهمها ما ذكر في سيرة ابن هشام؛ إذ روى قصة ابن الهيبان، الذي خرج من بلاد الشام ونزل في بني قريظة، ثم تُوفي قبل البعثة النبوية بسنتين، فإنه لما حضرته الوفاة قال لبني قريظة: "يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخَمْر والخَمير (الشام) إلى أرض البؤس والجوع (الحجاز)؟ قالوا: أنت أعلم، قال: إني قدمت هذه البلدة أتوكف (انتظر) خروج نبي قد أظل زمانه، وكنت أرجو أن يبعث فأتبعه"(0).

كما بشر به عيسى (ع)، وقد ذكر الله تعالى بشارة عيسى بالنبي (ص)، في قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}(0).

ثم لم تقتصر الأدلة على صدق نبوة النبي (ص)، ولم تتوقف هذه البشارات على الأنبياء السابقين (ع)، وعلماء أهل الكتاب، وإعجاز القرآن الكريم البلاغي والعلمي، وإنما ظهرت دلالات على نبوته (ص) قبل البعثة في العصر الجاهلي، إذ بشر بقدومه عدد من الكهنة والعرافين في ذلك الوقت.

الكهانة:

الكهانة علم ادعاء الغيب، والاخبار عن أمور غيبية بواسطة استراق الجن السمع من السماء، وإلقاء ما يسمعونه من الغيبيات إلى الكهنة(0).

ويدعي الكهنة: "أنّ الأرواح المنفردة - أي الجن - تخبرهم بالأشياء قبل كونها، وأن أرواحهم صفت حتى صارت لتلك الأرواح متفقة"(0).

وقد ألفت الشياطين الكهنة بسبب طباعهم النارية، وأذهانهم الحادة؛ مما جعلهم متشابهين في هذه الأمور، حتى أصبح الشياطين رعاة الكهنة، ويتكلمون بألسنتهم ويعينوهم في أداء وظائفهم بكل ما استطاعوا من قوة، فامتازوا على غيرهم بفضل أولئك الشياطين(0).

وبحسب قول الكتاني فإن للكهانة أنواع عديدة، قال:"الكاهن من يدعي معرفة الغيب بأسباب، وهي مختلفة؛ فلذا كانت الكهانة أنواعاً مختلفة... بما فيها من يدعي له صاحباً من الجن"(0).

وقد تحدث الباحث علي جواد عن بعض ظروف وطرق التكهن فقال:"يكون الكاهن في أثناء تكهنه في غيبوبة أو شبه غيبوبة في الغالب ذلك لأنه متصل في هذه الأثناء بعالم مجهد صعب لا يتحمله إنسان... واتصال الروح بجسم الكاهن شئ جد عسير، يتصبب العرق منه، خاصة إذا كان المتكلم الكاهن نفسه، ويكون التكهن في الغالب في مكان هادئ وتكتنفه ظلمة أو عتمة"(0).

عند النظر على سيرة النبي (ص) منذ ولادته، نقع على أخبار الكهنة والأحبار والقسيسين الذين تنبئوا بمستقبل رسالته ويبشرون بالمعجزات والعجائب التي تحدث له وتؤيده، بدءاً من النسوة اللاتي عرضن أنفسهن على عبدالله بن عبد المطلب قبيل زفافه إلى آمنة؛ لأنهن رأين نور النبوة في وجهه يسطع مثل كوكب دري وآخرهم كان سطيح الكاهن.

وقد وقعت عدّة أمورٍ للنبي (ص) قبل بعثته تدل على صِدقِ نبوّته؛ كتبشير الأنبياء به في كتبهم، وأخبار الكهنة والجان عنه، وتسليم الحجر عليه وهو في مكة، وحادثة شق الصدر التي وقعت معه، وهو في البادية عند بني سعد، وهذه الحادثة لم ترد في مصادرنا كما لم يرد عنها في روايات اهل البيت (ع) شيئاً بالرغم من اشتهارها في الكتب التاريخية والتفسيرية عند اهل السنة مع وجود اختلاف كبير من وقوعها من جهة الزمان والمكان، فضلاً عن الاختلافات الاخرى فيها، بالاضافة الى انها جاءت في بيان معنى قوله تعالى: (ألم نشرح لك صدرك)(الانشراح: 1)، والانشراح فيها لا يعني شق الصدر وفتحه، فالانشراح هذا هو بنفس المعنى الذي قال فيه الحق تبارك وتعالى على لسان نبيه موسى (ع): (ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل العقدة من لسان يفقهوا قولي)(طه: 25)، بالاضافة الى ما ورد فيها من اخراج علقة من قلب النبي (ص) تمثل حظ وشر الشيطان في قلبه وهو مناف لعصمته (ص)، مضافاً ان الشر والخير من الامور المعنوية لا المادية(0).

تعريف الكهانة:

بداية لابد من التعريف بسجع الكهان، وهو عبارة عن نوع من الخطابة عرف في الجاهلية وأنقرض بظهور الأسلام، أما الكهان فهم طبقة من الرجال كانوا في العصر الجاهلي يشغلون الوظائف الدينية الوثنية في أماكن العبادات وبيوت الآلهة، وكان يطلق عليهم أسم الكاهن، واشتهر منهم أكثم بن صيفي والمأمور الحارثي، ومن النساء كاهنة بني رئام التي نذرت قومها بالغارة عليهم فقالت: واللوح الخافق، والليل الغاسق، والصباح الشارق، والنجم الطارق، والمزن الوادق(0).

وحسب تعريف طاش كبري زادة فإن علم الكهانة هو: "مناسبة الارواح البشرية مع الارواح المجردة من الجن والشياطين واستعلامها، منها الأحوال الجزئية الجارية في الكون والفساد، ولكنها مخصوصة بالأمور المستقبلية "(0).

أما عند العرب فالكهانة هي الإخبار عن الغيب عن طريق تابع من الجن، وهي بذلك تختلف عن العيافة التي هي زجر الطير، والتفاؤل والتشاؤم باسمائها واصواتها وجهة طيرانها، وعن القيافة التي هي تتبع الأثر، وعن العرافة التي هي الإستدلال ببعض الحوادث الحالية على الحوادث الاتية بمناسبة بينها(0).

ففي العصر الجاهلي لم يكن للعرب شريعة يحتكمون إليها، ولا رسالة ورسل تجيبهم عما يريدون معرفته، فعظم فيهم أمر الكهانة وكثر الكهان، يقول ابن خلدون: "أعلم أن من خواص النفس البشرية التشوف إلى عواقب أمورهم، وعلم ما يحدث لهم من حياة وموت، خير وشر، سيما الحوادث العامة كمعرفة ما بقي من الدنيا، ومعرفة مدد الدول أو تفاوتها، والتطلع إلى هذا طبيعة للبشر مجبولون عليها، لذلك نجد الكثير من الناس يتشوفون إلى الوقوف على ذلك في المنام والأخبار من الكهان لمن قصدهم بمثل ذلك من الملوك، وأكثر ما يعتني بذلك ويتطلع إليه الأمراء والملوك في آماد دولهم، وكل أمة من الأمم يوجد لهم كلام من كاهن او منجم او ولي في مثل ذلك، من ملك يرتقبونه أو دولة يحدثون أنفسهم بها...، وكان في العرب الكهان والعرافون يرجعون إليهم في ذلك، وقد أخبروا بما سيكون للعرب من الملك والدولة.." (0).

وقد اعتبر بعض العلماء أن الكهانة من أوابد العرب مما ابطله الإسلام فعلق القلقشندي بقوله: "أوابد العرب: وهي أمور كانت العرب عليها في الجاهلية، بعضها يجري مجرى الديانات، وبعضها يجري مجرى الاصطلاحات والعادات، وبعضها يجري مجرى الخرافات، وجاء الإسلام بإبطالها، وهي عدة أمور منها: الكهانة..." (0).

وقد اعتبرها بعض العلماء من علوم العرب، فقال القاضي عياض:"ثم إن الله تعالى بعث محمد (ص)، وجملة معارف العرب وعلومها أربعة: البلاغة، الخبر، والشع، والكهانة، فأنزل عليه القرآن الخارق لهذه الأربعة..." (0)ويقول الدكتور عبد الرزاق حميدة: "عدت الكهانة علماً، ويراد بذلك أنّ لها أصولاً وقواعد يتعلمها الكاهن، ولكنها تصير حرفة يزاولها قوم من الناس، للتنبؤ بالغيب والإخبار بالمستقبل، يمهر فيها صاحبها بطول الممارسة والمران"(0)

وبعدما جاء الإسلام قضى على الخرافات والتنجيم ودعوى علم الغيب والتنبؤ بالمستقبل، وتم تنظيم الحياة الاجتماعية وفقاً للشريعة، فأصبح التوحيد والفقه بمثابة حصن للنفس من الأهواء، ويرفع عنها غمة الغموض والخفاء التي كانت تحيط في الجاهلية بالنفس المتطلعة للحياة.

البشرى بنبوة الرسول الكريم (ص) قبل مولده:

هذا ما ورد في المصادر التاريخية؛ إذ حدثت مجموعة من الدلائل التي تدل على البشرى بنبوته (ص) قبل مولده، ومنها ما رأته أمه من خروج النور منها عند ولادته(0)وقد روى العرباص عن رسول الله (ص): "إني عند الله مكتوب بخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني، أنه خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام"(0)، وفي النور إشارة الى الهداية التي تحصل بنبوته (ص)، قال تعالى: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)(المادة: 15-16).

وإذا عدنا إلى تاريخ طفولة الرسول محمد (ص) نجد عدداً كبيراً من الكهان والمنجمين والعرافين الذين تنبئوا بقدومه وحذروا قومهم من ظهوره، ففي يوم مولد الرسول محمد (ص) جاء إلى مجلس قريش في مكة شخص يهودي اسمه يوسف، وسأل في المجلس: هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال قوم قريش: والله لا نعلم. فقال: احفظوا ما أقول لكم: "ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، وهو منكم على كتفه شامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس، وتلك هي خاتم النبوة "(0)، كما تنبأ أحد الرهبان المسيحيين يدعى عيص بولادة محمد (ص)، جاء في جملة ما ذكره تدين له العرب، ويملك العجم أرضها وبلادها، هذا زمانه، فمن أدركه واتبعه أصاب حاجته، ومن خالفه أخطأ حاجته، وإن نجمه طلع البارحة(0) وقال لعبد المطلب عند ولادته: "لا احفظ لسانك، فإنه لا يحسد حسده، ولن يبغى على أحد كما يبغى عليه، وإن طال عمره لا يبلغ السبعين، يموت في إحدى وستين أو ثلاث وستين "، وعندما ذهبت حليمة بمحمد (ص) وهو طفل إلى عراف، ونظر إليه و رأى حمرة عينيه وخاتم النبوة في ظهره، فصاح: يا معشر العرب فليقتلن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم، وليظهرن أمره عليكم، إن هذا لينتظر أمراً من السماء، كما حدثت بعض الدلائل التي تبشر بنبوة الرسول محمد (ص) لعل ابرزها حادثة شق الصدر، فقد جاء جبريل ّ(ع) الى النبي (ص)، وهو يلعب مع الفتية، فطرحه أرضاً وشق صدره، وأخرج منه قطعة من الدم، وقال هذا حظ الشيطان منك، ثم غسل قلبه بماء زمزم موضوع بوعاء من ذهب، ثم أغلق الشق، فاسرع الصبية إلى حليمة السعدية يخبرونها أن محمدا قد قتل، ففزع القوم إليه وإذا بلون وجهه تغير، ويروي أنس(رض) انه كان يرى أثر المخيط في صدره(0).

روى أنس بن مالك (رض) فقال: "أن رسول الله (ص) أتاه جبريل (ع) وهو يلعب مع الغلمان، فاخذه مصرعه، فشق عليه قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقه، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى امه، فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره"(0). وقد تقدم الكلام في نقدها في هذا البحث آنفاً.

وقيل كانت هذه الحادثة؛ لأن الله أراد أن يهيئ الرسول لاستقبال الوحي وليطهر قلبه، ولا يتحصل ذلك إلا بإخراج حظ الشيطان منه(0)وقيل قد كانت هذه الحادثة أثناء وجود رسول الله في بادية بني سعد عند مرضعته حليمة السعدية(0).

الكهان المبشرون بقدوم النبي محمد (ص):

يُعد الكهان "من أهل العلم الغامض والمستور، والعرب يعرفون الكهانة بأنها الإخبار بالغيب، وأنها قدرة النفس الإنسانية على الانسلاخ من البشرية إلى الروحانية، والكاهن قبل كل شئ هو منجم يصاحب جنياً– اسمه التابع، أو الرائي – ينقل إليه ما يسترقه بالسمع من أخبار السماء"(0)، "وكان لكل قبيلة كاهن كما كان لها فارس وشاعر، ويسمى كلامهم المسجوع بـ (الزمزمة)" (0)، حيث كان للكهان شأن كبير في الحياة، فتستفتيهم القبائل في الحرب وعقد الاتفاقيات، "ويكشفون عن خفايا الجرائم فيخضع الناس لأحكامهم وكانوا جميعاً من طبقة الأمراء والأشراف، وللكاهن الاكبر سلطة تتعدى قبيلته، حتى أن الجاحظ قدمهم في البيان والتبيين على سائر الطبقات"(0).

كما اشتهر عدد كبير من كهان العرب في العصر الجاهلي منهم:

شق بن أنمار بن نزار، سطيح بن مازن بن غسان، وعراف اليمامة رباح بن عجلة، وعراف نجد هو الأبلق الأسدي، "وقد كان أكثرهم تميزاً في الجاهلية، هو سطيح الكاهن، واسمه ربيع بن ربيعة، وحسب وصف الكاهن سطيح في أساطيرهم لنعلم أنه أقرب إلى مخلوقات الخيال منه إلى عالم الحقيقة، فقد كان - على زعمهم - جسدًا ملقًى لا جوارحَ له، لا يقدر على الجلوس إلا إذا غضب، فإنه ساعتئذٍ ينتفخ فيجلس! وكان وجهه في صدره، ولا رأس له ولا عنق ولا عظم ولا عصب إلا الجمجمة والكفين! لا يتحرك فيه إلا اللسان، لأنه مخلوق من نطفة امرأة! وكان ميلاده ليلة موت طريفة الكاهنة اليمنية زوجة عمر مزيقية التي تكهنت بكارثة سد مأرب في اليمن، فأحضرته هو وشقًّا عند احتضارها وتَفَلَتْ في فمهما لتنقل إليهما علم الكهانة وقوة السحر فخلَفاها وحلَّا محلها!"(0) حيث أن "الكاهنة اليمنية هي مربية سطيح وحاضنته ومعلمته حتى موتها"(0)، وقد أصر الرواة إلا ان ينسبوه فسموه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب، وأوصلوه إلى بني ازد في غسان، وكان لسطيح سرير من الجريد، وإذا اراد التنقل يتم طوي رجليه إلى ترقوته، كما يطوى الثوب، ويوضع على السرير، ويذهب به حيث يشاء، وأما شق فسمي هكذا لانه حسب وصفهم "كان نصف انسان، يدا واحدة، و رجلا وعينا وأذنا"(0).

الكاهن سطيح والبشرى بقدوم النبي محمد (ص):

أجمعت المصادر جميعها، والمستشرقون، على حقيقة وجود الكاهن سطيح، وتم ذكر صفاته وتنبوأته، إذ كان له شان كبير، وزاد في شانه انه تنبئ بقدوم محمد (ص) قبل مولده وقبل بعثته بسنوات "مادة الكاهن في دائرة المعارف الاسلامية، طبع ليدن"، كما أجمع مؤرخو العرب وعلماء التاريخ(0)، وهو: ربيع بن ربيعة بن مسعود بن عدي بن الذئب، من بني مازن، من الأزد: كاهن جاهليّ يدعى - سطيح - كان العرب يحتكمون إليه ويرضون بقضائه، حتى أن عبد المطلب بن هاشم (رض) رضي به حكماً بينه وبين جماعة من قيس عيلان، في خلاف على ماء بالطائف، قال ابن الرومي: "تبدي له سرّ العيون كهانة يوحي بها رأي كرأي سطيح"(0) وقال الفيروز آبادي: سطيح، كاهن بني ذئب، ما كان فيه عظم سوى رأسه. وقال الزبيدي: "كان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض لا يقدر على قيام ولاقعود"(0)، ويقال: كان يطوى كما تطوى الحصيرة ويتكلم بكل أعجوبة. وهو من أهل الجابية، من مشارف الشام مات فيها بعد مولد النبي (ص) بفترة وجيزة وكان الناس يأتونه فيقولون: جئناك بأمر؟ فما هو؟ فيجيبهم على ما في أنفسهم"(0).

حكى أنّ ملك اليمن نصر بن ربيعة رأى رؤيا مخيفة، وشعر أنها تدل على شيء سيحدث في المستقبل، فلم يترك عرافًا ولا كاهنًا من أهل مملكته إلا وأتى به وطلب تأويل الرؤية، وعندما كانوا يسألون الملك عن تفاصيل الرؤيا حتى يفسروها كان يقول إنه لا يمكنه الوثوق بتأويل الرؤيا إذا أخبرهم بتفاصيلها فمن يعلم الرؤيا من دون ما يخبره بها، سيكون بلا شك عالم بتأويلها؛ فقالت له الناس: "عليك بشق وسطيح، فلا أحد أعلم منهما بهذا الأمر، فبعث إليهما"(0).

وعند وصول سطيح، فقال له الملك: "إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها، فإن أنت أصبتها أصبت تأويلها"، فقال له سطيح: "رأيت حمحمة، خرجت من ظلمة فأوقعت بأرض تهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة"، ومعنى كلام سطيح أن الملك رأى جمرة من نار خرجت من أرض مظلمة بالقرب من البحر فوقعت بأرض منخفضة، فأكلت كل ذات روح، فقال له الملك:" ما أخطأت في شيء منها يا سطيح، فما عندك في تأويلها"(0)، فقام سطيح الكاهن بإخبار الملك بتأويل هذه الرؤيا أنه "سيهبط في أرضهم الحبش، ويملكون من أبين إلى جرش باليمن، فسأله الملك عن موعد تحقق ذلك، فأخبره أنه بعد ستين أو سبعين سنة، ثم سأله هل يدوم ملكهم، فأخبره أنه سينقطع، وسيخرجون منها هاربين، فسأله من سيقطع ملكهم، قال إرم بن ذي يزن، فسأله هل يدوم ملكه، فأخبره أنه سينقطع بنبي كريم من ولد فهر بن غالب بن مالك بن النضر، وأن الملك سيكون فيه لآخر الدهر. فسأله: "هل للدهر من آخر؟" فقال: "نعم، يوم يجمع الأول والآخر"(0).

وبحسب ما نقل عن الخشني قوله: "لما احتضر نزار بن معد بن عدنان، تَرَكَ أربعةَ بنين: مُضَر، ورَبيعة، وأنمار، وإيَّاد، وأوصَى أن يَقسم ميراثهم بينهم سطيح الكاهن". وأضاف الخشني " فلمَّا مَاتَ نِزار، صفَّهم سطيح بين يديه، ثُمَّ أعطاهم على الفِراسة، فأعطى ربيعة الخيل، ويُقال له: ربيعة الفَرَس، وأعطى مُضر الناقةَ الحَمراء، فيُقال له: مُضر الحَمراء، وأعطى أنماراً الحِمار، وأعطى إيَّاداً أثاثَ البيت"، قال الخشني: فقيل لسطيح: "من أين علِمت هذا العلم؟ قال: سمعتهُ من أخي حين سمعهُ من موسى يوم طور سَيناء"(0).

بشرى بحيرة الراهب:

حسب روايات المصادر التاريخية فقد تحدثت عن لقاء الراهب بحيرى بالنبي محمد (ص)، حيث خرج أبو طالب قاصدا الشام للتجارة وبالتحديد مدينة بصرى التجارية آنذاك، فصحب معه النبي محمد (ص)، وكان في بصرى من أرض الشام صومعة، وكان فيها الراهب بحيرى الذي كانت لديه تنبؤات عن قرب ظهور نبي في شبه الجزيرة العربية، وبحسب الرواة التاريخيين فقد اجمعوا على نفس الرواية فقالوا: "خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي (ص)، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا ووضعوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، قال: فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك ؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما اتاهم به، وكان هو في رعية الإبل، قال: أرسلو إليه فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجد القوم قد سبقوه إلى فئ الشجرة عليه فقال: انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه"(0).

تم ذكرُ عن الرّاهب "بَحيرا" في اكثر من مصدر من مصادرنا الاسلامية، كشاهد على نبوته، ومنها "فخرج مع غلامها ميسرة وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدما بصرى من الشام فنزلا في ظل شجرة فقال نسطور الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم قال لميسرة أفي عينيه حمرة قال قال نعم لا تفارقه قال هو نبي وهو آخر الأنبياء ثم باع سلعته فوقع بينه وبين رجل تلاح فقال له احلف باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حلفت بهما قط واني أمر فأعرض عنهما فقال الرجل القول قولك ثم قال لميسرة هذا والله نبي تجده أحبارنا منعوتا في كتبهم"(0).

وأما لما جاء في سيرة ابن هشام حيث نقل الواقعة بأنه لم خرج أبا طالب بمعية النبي (ص)؛ لأنه لما تهيئ للرحيل وأجمع المسير، رق له [أبو طالب] وقال: "والله لأخرجن به معي ولا يفارقني، ولا أفارقه أبداً" ولما نزل الركب في منطقة بصرى في أرض الشام، وفيها صومعة لراهب يدعى بحيرى من أهل علم النصرانية، وكان كثيرا ما يمرون به، ولكن في هذا العام، صنع له طعاماً كثيراً وما كان يفعل ذلك سابقاً(0)، ويذر أنه رأى وهو في صومعته رسول الله (ص) في الركب حين أقلبوا نحوه وغمامة تظلله من بين القوم، ولما نزلوا في ظل شجرة قريبة منه، فنظر إلى الغمامة حينما أظللت الشجرة وتهصرت أغصانها عليه (ص) حتى استظل تحتها، فنزل إليهم ودعاهم الى طعامه وقال لهم يا معشر قريش أحب أن يحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، عبدكم وحركم، فقال له رجل من قريش يا بحيرى أن لك شأن اليوم ما كنت تصنعه بنا قبل ذلك، وقد كنا نمر بك كثيراً؟ فأجابه بحيرى صدقت، ولكنكم ضيف وأحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً فتأكلوا منه كلكم، واجتمعوا كلهم إليه إلا الرسول (ص) لحداثة سنه، وبقي مستظلاً تحت الشجرة، فلما لم يجده بينهم قال يا معشر قاريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي، فقالوا له ما تخلف أحد إلا غلام وهو أحدث القوم سناً، تخلف في رحالهم، فقال لهم ادعوه فليحضر معكم الطعام، فقام أحدهم بعدما أقسم باللاتي والعزى، وأحضره، فلما رآه بحيرى، جعل ينظر إليه ويلحظه لحظاً شديداً، وينظر إلى أشياء في جسده، حتى اذا فرغوا من طعامه وتفرقوا، قام بحيرى وقال له: يا غلام أسالك بحق اللاتي والعزى الا اخبرتني عما أسالك عنه، فأجابه النبي (ص) لا تسألني بهما، فما أبغضت شيئا قط بغضهما، فقال له بحيرى بالله الا ما أخبرتني عما أسالك عنه، فقال له (ص): سلني عما بدا لك فجعله يساله وهو يجيبه، الى ان طلب ان ينظر في جسده فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته عنده، ولما فرغ اقبل الى ابي طالب وقال له ما هذا الغلام منك ؟ قال هو ابني، فقال له ما ينبغي ان يكون ابنك ولا يكون ابوه حياً، فقال له هو ابن اخي، قال فما فعل ابوه؟ قال مات وامه حامل به، قال صدقت، فقال له ارجع بان اخيك الى بلده واذر اليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً، فأن له شأن عظيم فأسرع به الى بلاده، فخرج به ابو طالب سريعا الى مكة حين فرغ من تجارته في الشام(0).

وإذا أردنا الابتعاد عن المصادر العربية الإسلامية، فنجد في المكتبة السريانينة مجموعة من المخطوطات تطرقت إلى ذكر الراهب النسطوريّ "بَحيرى" ولقائه بمحمد، حيث قام أحد العلماء RichardGottheil بدراسة ثلاث مخطوطات سريانية، وتم ترجمتها إلى الإنجليزية ومقارنتها بمخطوطات المؤَلف العربية، والمخطوطات السريانية التي اعتمدَ عليها في بحثه هي:

  • Ms Sachau 87: مخطوطة حديثة، لكنها الوحيدة الكاملة، مخطوطة بيد سرطو يعقوبي، وعلى الأغلب هي نسخة عن مخطوطة قديمة أصلية. فيلاحظ تأثير اللغة العربيّة فيها (في الأسماء، كاسم "محمّد")، وكذلك اللاتينيّة (نادرًا).

  • Ms Sachau 10: وهي نسخة أكثر قدما من السابقة، ويقدر تاريخ كتابتها بين القرنين 14 و15. مخطوطة بيد سرطو النسطوري. ويلاحظ في هذه المخطوطة هوامشها الموجهة ضد المحمديين.

  • Ms C: وهي خاصة بالسيد أ. يوحنا أستاذ اللغات الشرقيّة في جامعة كولومبيا Columbia. وهي مخطوطة حديثة مكتوبة بخط نسطوري دقيق.

    وقد اعتمد عبد الأحد ملكي شابو (مطران السويد للسريان الأورثوذكس حاليًّا) في رسالة الماجستير التي قدمها حول هذا الموضوع بدراسة مخطوطين آخرين غير ما تم ذكره، الأول سرياني اتم كتشافه في ديرِ الزعفران في مدينة ماردين (تركيّا)، وهو أقدم من المخطوطات الثّلاثة التي ذكرت سابقا، والتي اعتمدَ عليها الباحث RichardGottheil، والثاني "جرشونيّ" أي (عربيا بحروف سريانيّة) موجود في مخطوطات جامعة برمنجهام، معروف باسم (Mingana Ms 107).

    أما المخطوطات العربية المتعلقة بقصة الراهب بحيرى، فيوجد منها 7 في المكتبات الأوروبية وبعضها غير مكتمل، وهي كالتالي:

  • مخطوط المكتبة الوطنيّة في باريس (عربي 215): يعود إلى سنة 1590.

  • مخطوط المكتبة الوطنيّة في باريس (عربي 70): من القرن الخامس عشر.

  • مخطوط المكتبة الوطنيّة في باريس (عربي 71): نسخة مكتوبة في القرن السّابع عشر، وهي نسخةٌ بحالة جيدة جدا وتُقرأ بسهولة.

  • مخطوط المكتبة الوطنيّة في باريس (عربي 258): القرن الخامس عشر. الكتابة سيّئة.

  • مخطوط Gotha (عربيّ 2875): كتابة ممتازة من القرن الثالث عشر.

  • مخطوط Bodleian 199: نسخة مكتوبة على الورق.

  • مخطوط المكتبة الفاتيكانيّة 199: مكتوبة في سنة 1594. ( مدونة إشراق واغتراب، ديانا نعمة، 2010).

    يتألف النص السرياني من ثلاثة أقسام، يروي القسم الأول منها قصة لقاء كاتب النص ويُدعى "إيشوعياب" (بالسريانيّة يعني "عطيّة يسوع" أو "عطا يسوع") بـ"بَحيرى" الذي يخبرُه عن حياتِه والاضطهاد الذي تعرض له في منطقة الآراميّين في العراق وهربه إلى جنوب سورية، وعن رؤياه النبوية على جبل سيناء ولقائه بالإمبراطور موريق والملك كسرى. وينهي الكاتب هذا المقطع بموت الرّاهب بعد سبعة أيام من ذلك اللقاء.

    أما في القسم الثاني فكان على شكل حوار فيه أسئلة وأجوبة بين الرّاهب بَحيرى والرسول محمّد (ص) الذي يلتقي به حينَ رافقَ عمّه أبا طالب في إحدى رحلاته الجارية في بلاد الشام وهو ما يزال في الثانية عشرة من العمر. هذا القسم الثاني شبية بماورد في "القصّة" عند ابن هشام وغيره من المصادر الإسلاميّة، حين يلتقي الراهب بالرسول محمد (ص)، فيسأله وهذا يجيبه، وقد يكون هذا القسم أقدم أقسام النصّ مضمونًا.

    وفي القسم الثالث، فيمكن أن ينسب إلى الأدب الديني فهو يتضمن مجموعة من التنبّؤات عن مستقبل العالم الإسلاميّ وانتشارة حتى ظهور المسيح الثاني، وفيه اختصار لما وردَ من رؤى على جبل سيناء.

    ومن هنا، نرى مما سبق أن مفهوم الكهانة في العصر الجاهلي ومكانة الكهان فيهم يوضح لنا انها لم تكن طريقا للعبادة ولا دينا من أديان الجاهلية بل هي أقرب لما وصفه بعض القدامى أنها من علومهم ومهاراتهم، وللعلماء كلام طويل فيما بقي منها حتى يومنا هذا(0).

    ومن أعظم النعم التي أكرم الله عز وجل بها الناس، النبوأت والتبشير وأفضل الرسالات وأعظمها وأشملها هي رسالة نبينا محمد (ص)، ولذلك أحاطها الله برعايته وعنايته، وجعل لها دلائل وعلامات ظاهرة، قبل ولادته وقبل بعثته وبعدها صلوات الله وسلامه عليه.

    النتائج:

    على رغم ان جذور الصراع حول مجيء كانت حاضرة قبل ولادة النبي محمد (ص) الا ان الدراسة توصلت من خلال تنبئ العديد من الكهنة والعرافين بقدوم محمد (ص) ولكن كان العالم ايضا بانتظاره على مدى طويل فنلاحظ ان الكهنة في العصر الجاهلي قد تحدثوا عن نبي يأتي في المستقبل وله علامات معينة، وفي أسفار العهد القديم ذكر النبي القادم محمد، أما في الدين المسيحي فقد حدد اسمه أحمد وما هي صفاته، وبغض النظر عن تصديقهم البعض لقدوم النبي الا ان الجميع اعترف وبعد زمان بصدق التنبأت والبشارات بمحمد وكمال رسالته المحمدية.

    الخاتمة

    أوردت مصادرالتاريخ الاسلاميي بعض القصص التي لاتخلو من الغرابة، في التحدث عن مناقب القران الكريم والسنة النبوية المطهرة والتي وهي مصداقا لما حدث في مستقبل خلال المدة من الزمن. ولكن هناك روايات مخالفة للعقل والمنطق كحادثة شق صدر النبي محمد (ص) اذ ان هذه الحادثة لاتتناسب مع مقام النبوة ومكانة الرسول الاعظم. ومن خلال القران الكريم، والتحليل العقلي يمكن القول بان النبي محمد هو " الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا على كلا المستويين الديني والدنيوي فهو دعا إلى الاسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات في العالم.


    قائمة المصادر والمراجع:
  • القرآن الكريم

  • ابن حبان، صحيح ابن حبان، رواه عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 6404، أخرجه في صحيحه.

  • ابن حبان، كتاب الثقات، مؤسسة الكتاب الثقافية، ط1، 1393هـ.

  • ابن خلدون، عبد الرحمن: المقدمة، تحقيق ودراسة وتعليق: علي عبد الواحد وافي، دار نهضة مصر، ط7، 2014.

  • ألياس بلكا، النظرية الإسلامية في الكهانة، مؤسسة الرسالة، 2003م.

  • ابن سعد، الطبقات الكبرى، دار صادر بيروت، ط1، 1321هـ.

  • ابن الاثير، اسعد الغابة، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1.

  • ابن عبد ربه الاندلسي، العقد الفريد، تحقيق: محمد سعيد العريان.

  • ابن كثير،البداية والنهاية، الجزء الثاني ص 162، 163، مكتبة المعارف، طبعة 1990م.

  • ابن مصطفى، أحمد الشهير بطاش كبرى زادة: مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ن دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1985م.

  • ابن هشام، تهذيب سيرة ابن هشام، عبد السلام هارون، مؤسسة الرسالة، 1985م.

  • إسماعيل الأصبهاني، دلائل النبوة ط1، الرياض: دار طيبة، 1409هـ

  • البخاري، صحيح البخاري ط1، بيروت: دار طوق النجاة، 1422هـ.

  • جمول، ياسين: أسجاع الكهان الجاهليين وأشعارهم، جمع وتحقيق ودراسة، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، ط1، 2013م.

  • حميدة، عبد الرزاق، شياطين الشعراء، ط1، مكتبة الانجلو المصرية، 1956م.

  • جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ط1.

  • سيرة ابن هشام، تهذيب السيرة النبوية، دار الكتاب العربي، ط3.

  • شوقي ضيف، تاريخ الأدب الجاهلي، دار المعارف بمصر، ط11.

  • الطبري، تاريخ الأمم والملوك، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط1.

  • علي القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ط1، بيروت: دار الفكر، 2002م.

  • عياض، القاضي أبو الفضل بن موسى: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، تحقيق: علي محمد البجاوي، الكتاب العربي، بيروت، 1984م.

  • القلقشندي، أبو املعباس احمد بن علي: صبح الأعشى في صناعة الإنشى، الهيئة المصرية للكتاب، 1985م.

  • الكتاني، عبد الحي، تبليغ الأمانة في مصادر الإسراف والتبرج والكهانة، تحقيق: د. محمد بن عزوز، مركز التراث المغربي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 2008م.

  • محمد اللاسُّلَميُّ، عبد الرحمن قصَّاص، سعد الموسى، وغيرهم، صَحِيحُ الأثَر وجَمَيلُ العبر من سيرة خير البشر (ص)، ط1 جدة: مكتبة روائع المملكة، 2010م.

  • محمد سهيل طقوش، تاريخ العرب قبل الإسلام، ص، دار النفائس، ط1.

  • محمود شكري الالوسي البغدادي، بلوغ الارب في معرفة احوال العرب، تحقيق محمد بهجة الاثري، دار الكتاب المصري، 2009، ج1.

  • محمد لطغي جمعة، ثورة الاسلام وبطل الاسلام ابو القاسم محمد بن عبدالله، ط1.

  • المسعودي، علي بن الحسن، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: يوسف أسعد داغر، ط1، بيروت، دار الأندلس، 1965م.

  • مظهر الدين الزيداني، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة الأولى)، دمشق: دار النوادر، 2012م.

  • موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة الأولى)، الكويت: المكتبة العامرية، 2011م.

    0() كتاب النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام، الفصل الرابع نبي العالمين محمد خاتم النبيين، ص115. منقول عن بحث للدكتور ميجيل ايرناندث في المؤتمر الإسلامي المسيحي بقرطبة عام 1977م.

    0() ابن هشام، السيرة النبوية، ص340.

    0() القران الكربم، الصف، الاية6.

    0() القشقندي، صبحي الاعشى، ص454.

    0() المسعودي، مروج الذهب، 152.

    0() حميدة، الشياطين الشعراء، ص75

    0() الكتاني، تبليغ الامانة، ص107. 7- 8- 9- 10-

    0() علي، جواد، في تاريخ العرب قبل الاسلام، ص761.

    0() الاسلمي، محمد، صحيح الاثر وجميل العبر، ص45.

    0() القيسي، نوري حمودة، تاريخ الادب العربي، ص،358.

    0() ابن المصطفى، مفتاح السعادة ومصباح السيادة،ص340.

    0() جمول، ياسين، اسجاع الكهان، الباهلي، ص22.

    0() ابن خلدون، المقدمة، ص382.

    0() القلشقندي، صبحي الاعشى، ص358.

    0() عياض، الشفاء في تعريف حقوق المصطفى، ص526.

    0() حميدة، الشياطين الشعراء، ص72.

    0() اسماعيل الاصبهاني، دلائل النبوة، ص31

    0() ابن حبان، صحيح ابن حبان، ص640.

    0() البيان والتبيين، ج1، ص6.

    0() الحلبي، السيرة الحلبية، ج1، ص113.

    0() علي القارىء، ملاقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح، ج9، ص743.

    0() البخاري، صحيح البخاري، ج4، ص206.

    0() الزيداني، مظهر الدين، المفاتيح في شرح المصابيح، ج6، ص 320.

    0() العازمي، موسى، اللؤلو المكنون في سيرة النبي المأمون، ج1، ص93.

    0() محمد لطغي جمعة، ثورة الاسلام وبطل الاسلام ابو القاسم محمد بن عبدالله، ص345، وما بعدها.

    0() المصدر نفسه.

    0() المصدر نفسه.

    0() المصدر نفسه.

    0() المصدر نفسه.

    0() المصدر نفسه.

    0() الاصفهاني، الاغاني، ج3، ص181.

    0() السمعاني، جمهرة الأنساب، ص354 والمسعودي، تاريخ المسعودي، طبعة باريس، ج3، ص364 واليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج1، ص206 الآلوسي، بلوغ الأرب ج3، ص281 والأصفهانين الأغاني، ج4، ص305.

    0() الزبيدي، تاج العروس: مادة سطح، وهو فيه (ربيعة ابن عدي بن مسعود بن مازن بن ذئب بن غسان).

    0() السمعاني، جمهرة اتساب العرب، ص354.

    0() شوقي ضيف، تاريخ الادب الجاهلي، ص420.

    0() ابن هشام السيرة النبوية، ص34.

    0() الطقوش، محمد حسين، تاريخ العرب قبل الاسلام، ج6، ص150-152.

    0() ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص340.

    0() اسماعيل، دلائل النبوة، ص53.

    0() ابن سعد، الطبقات، ج1، ص130؛ ابن الاثير، اسد الغابة، ج5، ص435؛ ابن حبان، الثقات، ج1، ص45؛ الطبري، تاريخ الطبري (تاريخ الامم والملوك)، ج2، ص35.

    0() ابن هشام، تهذيب السيرة النبوية، ج5، 520-521.

    0() المصدر نفسه، ص181-185.

    0() الياس بلكا، النظرية الاسلامية في الكهان، ص276.

    Rahman Mansour Hussain Al- Husna || priests and heralds of the coming of the Holy prophet muhqmmad (pbuh) before the mission ||Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 6 || Pages 265 - 282.

    0



Loading...
Issue Details
Article TitleAuthorsVol InfoYear
Article TitleAuthorsVol InfoYear
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...
About Us

Asian Research Index (ARI) is an online indexing service for providing free access, peer reviewed, high quality literature.

Whatsapp group

asianindexing@gmail.com

Follow us

Copyright @2023 | Asian Research Index