Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 6 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

سيميائية اللّون واستراتيجية الدّلالة في شعر حازم رشك: دراسة نفسية تحليلية |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

Color semiotics and semantic strategy in Hazem Rashak poetry: an analytical psychological study




إعداد: م.م. رحمن عيسى صافي السعيدي: كلية الطب البيطري، جامعة ذي قار، العراق

Abstract:

It is an epistemological research into the influence of psychological colors and their artistic effect on the construction of the contemporary poem by Hazem Rashak, with its expressive capacity that is not available in the ordinary human language، which seems to be deficient in translating the psychological depths, and the element of nature in its infinite harmony of colors، which is a fertile material for flow Artistic for creative poets. In order to establish the facts، the study utilized a statistical analytical method and scientific grounds that revealed the tendency of some of them in a number of human situations to prefer certain colors. The study also confirmed that the tyranny of using certain colors is in fact nothing but an emotional artistic phenomenon that Al-Tamimi best used.

Keywords: semiotic approach, steps of the curriculum, approach in the Western and Arab perspective, meaning of color, poetry of Hazem Rashak.


المقدمة:

شهد الخطاب النقدي العربي المعاصر تحولات كبيرة وعميقة في العقود الاخيرة من القرن العشرين؛ ذلك بما احدثته المناهج – السياقية والنصية – الوافدة إلينا من الغرب من ثورة كبيرة على مستوى النص، لينكب الدارسون والنقاد لاستعمالها بمختلف قضاياها وضمنياتها في محادثة النصوص العربية القديمة والحديثة.

وقد كان المنهج السيميائي – خاصة – من القضايا النقدية التحليلية التي خاض فيها نقادها المحدثون وتأثروا بها بشكل أو بأخر؛ وذلك لما للنص الشعري القديم من أبعاد ثقافية وتاريخية في الذاكرة الإبداعية باعتبارها أول محطة شعرية قديمة يقابلها المتلقي والناقد على وجه الخصوص.

ومن هنا كان الاهتمام به أمراً حتمياً من طرف النقد العربي المعاصر؛ لأنه أول بدايات الأدب (النص الشعري) الذي يمكن من خلاله الولوج الى معالم النص.

مشكلة وسبب اختيار الموضوع:

تشكلُ تجربةَ الشاعرِ (حازم رشك) مثالاً للقصيدةِ العراقيةِ الحديثةِ، ومن توظيفه الدلالي ذات البعد السميائي الذي أثرى به نصوصه بشكل لافت ومميز؛ وعلى هذا الأَساسِ فقد تم اختيارُ هذا الموضوعِ مبنياً على الأَسس الاتية، أَهمها:

 

  • نحاولُ من خلال هذه الدراسة، تطبيق واحدة من أهم النظريات النقدية الحديثة التي عنيت بإعادة دراسة النص الأدبي، منطلقين من بوابة مفهوم (المنهج السيميائي) محاولين الربط بين النظريات الغربية والعربية المعاصرة من خلال تطبيق مفاهيم حديثة على احد الشعراء محدثين.

  • في هذه الدراسة نطرح اشكالية تمثلات المنهج السيميائي في نصوص التميمي؟ وما هي الآليات الاجرائية التي اعتمدها في ذلك التوظيف؟ وما مدى تمكنه من الاشتغال على هذه الآليات؟

  • كيف تجلت سيمياء اللون في شعر حازم رشك، وما الأَبعاد الدلالية والفنية والجمالية التي اكتسبتها قصائده من هذا التوظيف المستدعى؟

    • ما المصادر الأصلية التي استقى منها التميمي في توظيفه للألوان؟ وكيف خدمت هذه الالوان المعنى المُراد بثّه إلى القارئ؟.

    • ما تقانات التوظيف الرمزي (التآلف والتخالف) اللوني التي وظفها التميمي في سياق قصائده؟ وما دلالة ذلك في التعبير عن رؤيته الشعرية؟

    • ستقراء حضور ألفاظ الألوان وحصرها في أشعار حازم رشك والكشف عن دلالة اللون بأبعاده المختلفة.

    منهج البحث:

    ولا شك أن المناهج النقدية الحديثة ومن بينها المنهج السيميائي هي ثمرة ثقافة غربية (اوربية أو أميركية) وربما تكون هي حصيلة حضارتها المادية، وإنها انتقلت الى العالم العربي، فلم يعد بوسع نقادنا إلا التبني أو التقليد أو إعادة التصنيع – ان صح القول – بحسب ما يناسب الحضارة العربية، وهذا ما حدث عند ظهور علم السيمياء الذي عرفه الوطن العربي منذ منتصف السبعينيات(0)، ومن هنا جاءت رغبة الباحث في الدخول في هذا المضمار من خلال الكشف والتنقيب ليرتاي أن يقوم بتحليل نصاً شعرياً، معتمداً في ذلك على المنهج النفسي التحليلي، فهو يوظف النصوص الشعرية وأثرها النفسي، وهذه الدراسة النفسية للنصوص الشعرية التي تجسد الكاتب ويجسدها في الدواوينه تقوم على الدلالات ذات البعد النفسي ووصفها لذلك ثم تحليلها ثم استخراج النتيجة وتعميمها ضمن الحدود المناسبة، فهو في ذلك لا يخرج مجمله عن عملية الوصف و التحليل من أجل الإحاطة بآليات المنهج السيميائي و تمثلاته في المدونات المدروسة.

    المنهج السيميائي في المنظور النقدي الغربي:

    لقد كانت بدايات هذا العلم مع العالم اللغوي السويسري (دي سوسير) في كتابه "محاضرات في علم اللسانيات العام" عام 1916م، وهو اول من بشر بميلاد هذا العلم إذ قال: إن (اللغة نظام من العلامات التي تعبر عن الأفكار)(0)، اذ يرى أن اللسانيات هي جزء من علم الإشارات أو السيميولوجيا إلا أن بارت في كتابة "عناصر السيميولوجيا" يقلب الكفة فيرى بأن (السيميولوجيا هي جزء و اللسانيات هي الكل) (0). ومعنى هذا إن السيميولوجيا (في دراستها لمجموعة من الانظمة غير اللغوية كالأزياء والطبخ والموضة تعتمد على عناصر اللسانيات في دراستها وتفكيكها وتركيبها)(0)، علماً أن أهم العناصر اللسانية عند رولان بارت هي(الدال والمدلول، واللغة والكلام، والتقرير والإيحاء، والمحور الدلالي والمحور التركيبي النحوي)(0).

    تعددت الاتجاهات السيميولوجية ومدارسها في الحقل الفكري الغربي، اذ يمكن الحديث عن طبيعة وتطلعات (سيمياء تشارلز بيرس، وسيميولوجيا الدلالة، وسيميولوجيا التواصل، وسيميولوجيا الثقافة مع المدرسة الإيطالية (امبرتو إيكو)، ومدرسة الروسية لوتمان وتودوروف ومدرسة باريس (غريماس وجان كلود) واتجاه السيميوطيقا المادية التي تجمع بين التحليلين النفسي والماركسي مع جوليا كرستيفيا)(0).

    لكن على الرغم من هذه الاتجاهات العديدة يمكن ارجاع السيميولوجيا إلى قطبين رئيسين هما سيميولوجيا (دي سوسير) وسيميولوجيا (بيرس).

    إما سيميولوجيا دي سوسير فهي تعنى بـ(بعموم العلامات في نطاق المجتمع وهي بذلك ظاهرة سوسيولوجية – والعلامة اللغوية عند دي سوسير مركبة من طرفين متصلين بمثلات كياناً ثنائي المبنى، الطرف الأول هو المدلول او المفهوم الذي نعقله من الإشارة لها)(0)، بينما سيميولوجيا بيرس فهي (علم الإشارة الذي يضم جميع العلوم الإنسانية الطبيعية وتبحث عن التأويلات المتتالية في إغواء النص بل تتعداها إلى جميع العلامات الثانوية)(0)، ولكل إتجاه من هذه الإتجاهات اصوله المعرفية ومناهجه في التحليل وأدواته الإجرائية بل تجد الاختلاف ماثلاً في الإتجاه الواحد، فطريقة غريماس غير طريقة رولان بارت.

    كما أن هناك اختلاف في استعمال المصطلح، إذ أن من الدارسين من يستعمل السيميولوجيا تأثراً بـ(دي سوسير)، ومنهم من يستعمل مصطلح السميوطيقا على طريقة (بيرس)، ومنهم من (اعاد إلى التراث العربي فأستعمل مصطلح السيمياء)(0).

    ويستفيد من هذا العلم في دراسته للعلامة من جملة العلوم مثل اللسانيات والبلاغة والاسلوبية والشعرية وكذلك علم النفس؛ لكون العلامات ذات طابع نفسي واجتماعي ولها تأثير واضح في كيان النص(0)، كما ان العلامة فيه تأخذ دلالات متعددة حتى إنها لتصبح ذاته.

    يقول ريفاتير: (والحقل الأصلي للسيميوطيقيا هو انتقال العلامات من مستوى معين من الحديث إلى مستوى آخر، أي تصعيدها من دلالة مركبة في مستوى أول من قراءة النص إلى وحدة نصية تنتمي إلى منظومة أكثر تطويراً. وكل ما يرتبط باندراج العلامات من صعيد المحاكاة إلى مستوى أعلى من الدلالة فهو مظهر من مظاهر السمطقة)(0)، إي بمعنى أن السيمياء تتسع لتشمل الثقافة البشرية؛ لان المحلل السيميائي بطبيعته (لا يركن الى تفسير النص بلغته الظاهرة بل يركن إلى التحليل العميق للنص الأدبي بل يتجاوز ذلك بتفسيره للمعنى الذي خلف اللغة)(0)، وهذا ما نجده في دلالة العلامات التي يحتويها النص كاللون والحركة والإيقاع والصوت... الخ.

    خطوات المنهج السيميائي:

    إن التحليل السيميائي للنصوص الأدبية يقصد به دراسة النص من جميع جوانبه، دراسة تغوص في اعماقه، وتكشف مدلولاته المحتملة مع محاولة ربط النص بالواقع، وما يمكن الاستفادة وأخذ العبر منه، إذ هي دراسة (الشفرات والاوساط فلا بد لها أن تهتم بالأيديولوجية، وبالبنى الاجتماعية، والاقتصادية، وبالتحليل النفسي، وبالشعرية، وبنظرية الخطاب)(0).

    من هنا جاء الاهتمام في النص الأدبي بسيميائية العنوان والغلاف والإهداء والخاتمة والعلاقة بينهما أو سيمياء الصور، كما من العمل الأدبي ليس منغلقاً على نفسه، بل يندرج ضمن سياقات ثقافية إذ ان هذه (السيمياء لا تقف عند البنية الخارجية دون داخلية ولا تفصل النص عن القارئ، فهي تتجاوز البنية السطحية لتكشف عن البنية العميقة للنص)(0)، ويصفها الدكتور جميل حمداوي قائلاً: (إن السيموطيقا لا يهمها ما يقول النص، ولا من قاله، بل يهمها هو كيف قال النص ما قاله، أي ان السيميوطقيا لا يهمها المضمون ولا بيوغرافية المبدع، بقدر ما يهمها شكل المضمون)(0).

    ويرى هذا الأخير أن السيميائية تنتقل من الشكل الى المضمون، ومن الدال إلى المدلول وفق ثلاثة مبادئ هي:

      • التحليل المحايث: وهو يتطلب الاستقراء الداخلي للوظائف النصية التي تساهم في توليد الدلالة، أي إن السيميوطيقا تبحث عن الشروط الداخلية المولدة للدلالة التي تبحث عنها.

      • التحليل البنيوي: وهو القائم على النسقية والبنية وشبكة العلاقات، والسانكرونية، والسيميوطيقا لا تفهم المعنى إلا من خلال الاختلاف.

      • تحلـيل الخـطــاب: فهي لا تقف عند الجملة مثل اللسانيات ولكن تحاول البحث عن كيفية توليد النصوص واختلافها سطحياً واتفاقها عميقاً (0).

    ومن هنا يرى الدكتور بسام قطوس ان القراءة السيميائية هي (لا تلغي القراءات السابقة عليها، وأن كانت تفيد منها وتحتويها، فهي بتركيزها على قراءة إعماق الدال، بحثاً عن الانظمة الدلالية للشفرات والعلامات وطرق إنتاج المعنى، لتفتح المجال واسعاً لفعالية القراءة، وحفر الطاقة التخيلية لدى القارئ، ليشارك بفكره وثقافته في إبداع النص من خلال كشف مخبوئه، وتفتيق دلالاته)(0).

    المنهج السيميائي في المنظور النقدي العربي:-

    عرفت الحركة النقدية العربية المعاصرة رجة قوية بعد تسرب المنهج السيميائي إلى حدود العالم النقدي العربي وتغلغله في الممارسات التحليلية النقدية للنصوص الشعرية والروائية، فأنكب عدد من النقاد على التلقي النظري والاجرائي التطبيقي لمعطيات هذا المنهج الجديد فنجد ان بعض النقاد قد (يركز على ظاهرة معينة في الخطاب الشعري كاللون مثلاً، ومنها ما يتناول نصاً واحداً بالتحليل ومنها ما يحاول الوقوف عند جملة نصوص)(0).

    إما بالنسبة للدراسات التي تناولت نصاً شعرياً واحداً محاولة الوقوف على مستوياته المختلفة فمثالها:

    • دراسة محمد مفتاح (الرائية ابن عبدون / في كتابه ليلاي) لمحمد العيد ال خليفة.

    • دراسة قصيدة (شناشيل ابنة الجلبي للسياب / في كتابه التحليل السيميائي للخطاب الشعري).

    • دراسة عبد القادر فيدوح (لنونية بكر بن حماد / في كتابه دلائلية النص الأدبي).

    • دراسة اسر غيني لقصيدة (المواكب لجبران خليل جبران / في كتابه محاضرات في سيميولوجيا)، وغيرها من الدراسات في هذا المجال (0).

    إما الدراسات التي تناولت مجموعة من النصوص الشعرية أو المجموعات الكاملة فمثالها: دراسة صلاح فضل (شفرات النص والتي وقفت عند نصوص شعرية للبياتي وصلاح عبد الصبور وعلي الشرقاوي)(0).

    إما إجراءات التحليل المعتمدة في هذه الدراسة السيميائية فهي مختلفة؛ وذلك ان هذه الدراسات (لم يلتزم المنهج حرفياً كما هو الحال عند مفتاح والسيرغيني اللذين قسما النص إلى بنيات محددة، وتستفيد هذه الدراسات من اجراءات بلاغية ايضاً)(0).

    وقد استعانت بعض الدراسات بـ(الإحصاء إلى ما بعده من تجميع وتصنيف بحثاً عن الوظيفة الجمالية) (0)، وهذا يعني أن التحليل السيميائي يقوم على مناهج مختلفة، بل استطاع ان يذوبها في أطاره، فعبد الملك مرتاض يذهب إلى أن (الأسلوبية التحقت بالسيميائية وذابت فيها)(0).

    سيمياء التوظيف اللّوني وبعده الدلالي في شعر حازم رشك:

    تأخذ الفنون وضعها الخاص في حياة الإنسان؛ إذ تشكّل طرائقه المتفرّدة والمختلفة من حيث طبيعة وسائطها وبنائها واشتغالها الدلالي، فهي أنماط تعبيرية تقدّم تصوراته عن ذاته وعالمه؛ مما يجعلها صياغة للتجربة الإنسانية، بوسائط متعددة بصرية أو لفظية أو سمعية، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار التداخل الأجناسي الذي يشهده الإنتاج الإبداعي المعاصر، من خلال التجريب بابتكار بعض الأجناس الهجينة مثل الشعر النثري، أو استدعاء تقنيات بصرية داخل الأدب كما يظهر ذلك في استخدام التقنيات السينمائية داخل الشعر والرواية، ومن تلك الفنون المتفردة والمختلفة الدخيلة في اروقه النقد والأدب الألوان ودلالاتها.

    يشكّل اللون علامة مهمة من علامات النص الأدبي يحسُن بالباحث الوقوف عندها وتأمل إشاراتها لاستبطان رسائلها، وفكّ شفراتها، ومحاورة دلالاتها؛ فاللون يكتنز تحته بحرًا عميقًا من التاريخ الدلالي الذي تكوّن من خلال تراكمات معرفية، وخبرات سياقية، واختيارات شخصية.

    وإنّ الألوان - وإنْ يكن لها دلالاتها المعروفة والشائعة - فإنّ لفظ اللون حين يحضر في نصّ ما - وبخاصة إذا كان نصًّا أدبيًّا - فإنه يكتسب دلالات إضافية، ويتلون بمعان فرعية تتفرع على أصل الدلالة الشائع.

    تميزت المجموعة الشعرية للشاعر حزم رشك بتنوع.... بتعدد الالوان ودلالاتها، واتسمت بتعدد اغراضها، كون اللون في الأدب سواء اكانت شعراً أم نثراً تؤدي دوراً إبداعيّاً في توظيف المعاني وتجسيمها بالإضافة إلى وظيفيتها الجمالية، ويضفي الوصف اللوني والضوئي على النصوص الشعرية حركة وحياة تقربها من الروح، وبهذا تبدو تمثيلاً حسياً لدواخل شخصية الشاعر وافكارها، وانتقائيته للألوان في نصوصه ترجع إلى مزاجية تفرضها طبيعة الموقف، أو التجربة الشعرية، أو محاكاته لواقعه، إذ أن اللون يعد احساساً يثير حركة جمالية تعطي للروح مساحة واسعة للراحة ببعض الألوان، وتنفر من أخرى.

    ويعد اللون الابيض في مقدمة الألوان التي استعملها الشاعر (حازم رشك) في قصائده؛ إذ يمثل اللون الأبيض الضوء الذي لولاه ما كانت رؤية الألوان ممكنة من دونه، فكل الألوان متضمنة في اللون الأبيض، فهو مكون من حزمة الاشعة، وهو من الألوان الحيادية حسب توصيف وتصنيف الفيزيولوجي الألماني "ايوالد هيرينغ " صاحب نظرية النظام الطبيعي للألوان(0).

    واللون الابيض من الألوان التي تشعر بالهدوء والطمأنينة؛ لذلك تعددت دلالاته في قصائد شاعرنا حازم رشك ففي قصيدته (مسيح الماء والذهب) يقول:

    يوماً

    سينزع كفاً

    من عباءتهِ

    بيضاءَ

    سيرتها الأولى

    بلا نُدُبِ

    يوماً

    سيُومئُ للريحِ

    احتمي بيدي

    فما هنالك

    مِن خَوفٍ على العنبِ(0)

    إذ يرسم لنا الشاعر لوحة جميلة لليد البيضاء والتي ترمز إلى النقاء والصفاء، تلك اليد التي لم تتلطخ بدم الابرياء، وكأنها طفل يولد من جديد، فسيميائية اللون الابيض في هذا النص اتسمت بالاستشراف والنظرة التأملية لمدلول فيه الكثير من الأمل بان الهموم والالام التي يعيشها شعبه ستزول، ويواصل تفاؤله بالمستقبل المملوء بالأمل والتفاؤل، مستعيراً بالرمز الدلالي للقرآن الكريم وتشبهه ليد موسى عليه السلام البيضاء التي تسر الناظر، حاملاً بين طياته ذلك الامل المنشود لرجلاً (الموعود) سوف ينير الحياة ويجلو التعب الذي يعانيه شعبه، وسيخرج كفه ناصعة البياض، خالية من اي ندب، ويعيدها لسيرتها الأولى الخالية من كل الخطايا، كأنها طفلا رضيع في أول يوم من ولادته، راسماً ابهى صور المجاز السيميائي والتي وضعها الشاعر في أطر مستقبل، وهو يصورها بهيئة الرجل الوقور القديس، متكأ بذلك على دلالة سيميائية اللون الابيض.

    ويستمر التميمي في توظيفها لرمزية اللون الابيض ودلالتها النقية، من خلال وربطها بالمقدس، فطبيعة دلالة البياض رمز القداسة، النقاوة، الصفاء، الفضيلة والطهارة، كيف لا وقد ربطها الشاعر بأعظم رجل حاملاً لتلك الصفات من خلال نصه الموسوم برمزية ذلك البياض لقصيدة اسماها (سرقة البياض)، فيها واصفاً ومذكراً:

    تريدونَ أنْ يبقى البياضُ بأمةٍ وقد غيلَ في وقتِ الصلاةِ بياضُها

    فمذ أطفأَ المـحرابُ قــنديلَ عـزّهِ أذلـتْ رقـاب العـــالمينَ مِراضُـها(0)

    فالنص فيه اشارة إلى حادثة تاريخية، وجريمة اهتز لها جبين الاسلام والإنسانية، كيف لا وهي استذكار استشهاد رمز العفة والطهارة والنقاء (الأمام علي عليه السلام)، لذا اقتصر الشاعر برمزية البياض بالإشارة له دون ذكر الاسم، عطفاً على تشبيه بالقنديل مضيء إشارة الى عدله ونقاءه، فأي نور يبزق واي سراج ينير على هذه الأمة، وقد اغتالت النور، والضياء، والعفة، وجميعها اشارات لتلك الرمزية المقرونة بالبياض.

    وبالعودة الى حقل امنيات الشاعر التفاؤلية ذوات الدلالة السميائية البيضاء حينما ينادي ذلك المستقبل النقي الخالية من كل الحسرات، وفيها الابتسامة معادلاً رمزياً للأمل الجديد وبعيد عن مصادر الاغواء التي ترفع عنها الشاعر كما هو الحال في نصه الشعري الموسم (حسرة اللبلاب) وفيه قال:

    غري بها غيري

    سحابكِ خلّبٌ

    والأمنياتُ البيضُ

    محضُ سرابِ(0).

    يشير الشاعر في هذه الابيات حول فعل الاغواء الذي يلعب دور كبير وهو معنى هذه القصيدة، حيث شبه الشاعر السحاب بالخلب، اي السحاب الذي لا مطر فيه، سَحَابٌ خَادِعٌ غَيْرُ مُمْطِرٍ لا قيمة له، فكأنه يَخْدَع، واعطى للبياض دلالات عديدة يدل عليها مخالفه لما هو معهود كلون يتصف بالطاقة والنور والبريق والأمل، إذ خرج اللون الابيض في هذا البيت تعبيراً عن دافع نفسي، حاول من خلاله الشاعر اعطاءه رمزاً موحياً إلى الاضطراب وعدم السكينة والهدوء، من خلال توصيفه لدلالة اللون الابيض بانه سراب الامنيات، وتلك هي ابهى صور المفارقة الدلالية التي تميز بها الشاعر في توظيفه لسيميائية الالوان في نتاجه الشعري.

    ليعود شاعرنا مرة ثاني بتوظيف اللون البيض المقرون بالأماني دعوة منه هذه المرة لستذكار السياب وغربته من خلال نصا ثلاثي الابعاد (البصرة والسياب والخصيبي) مناجيا، مستذكراً، وقائلاً:

    ألف سياب على أبوابها

    فأنحر الهدهد حتى تقبلك

    لم يعد في القمح تاريخ أسى

    يوم كوال الخصيبي انسفك

    الغد الحالم لم تحتفل به

    فالأماني البيض وهمٌ دون شك

    رئة السياب شباك إلى

    غربته تاه بها هذا الفلك(0).

    ليشهد لنا انعطافاً بالتوظيف الدلالي لرمزية البياض، الموحية للأماني الضالة البيضاء بعودة الى مدينته (البصرة)، فهما الرئة التي يتنفس بها السياب في غربته، فدلالة البياض المرفق طياً بالأماني ما هي إلا معادلاً رمزياً لحالة الاغتراب النفسي التي يمر بها السياب في دار الغربة.

    يتميّز شعر حازم رشك بالفيض الفني في أبعاده الإنسانية والوطنية، كما يتصف فنه بغلبة ظاهرة (موتيف الوطن) في إطار الولاء والانتماء، إذ تشكل صورة لافتة للنظر، ضمن محاور متنوعة، تجعل من المتلقي او المستمع يعيش الحدث الشعري المكرر وتنقله إلى أجواء الشاعر النفسية، اذ يرى أن الحكام والزعماء والرؤساء ممن حكموا العراق لم يمثلوا الوطنية ولا الحرية، ولم يحملوا همّها وهم شعبها، ولا سعوا إلى عزّها، بل حاولا خدمة مصالحهم على حساب شعوبهم، معتقداً بأنَّ هؤلاء هم أخطر تركة تركت فوق ظهر الشعوب، فكان خطابه الشعري فيه دعوة الى النصرة والتواضع والاهتمام من خلال توظيفه لسيميائية ودلالة ورمزية اللون الابيض، اذ دعا فيها الرئيس ان يكن حامياً للعراق، وواضحاً وبعيداً عن التدليس واِلاحْتِيَال وتَضْليل، وان يتحلى الرئيس بإخْلاص، صِدْقٌ، نَزاهَةٌ، وفاءٌ عبر قصيدة حصراً (الى رئيس جمهورية العراق) يقول فيها:

    كن من تكونُ ولا تكن قدّيسا

    فقط الرئيس يصافح المرؤوسا

    وكنِ البياضَ على العراقِ واهلهِ

    فلقد مللنا قبلكَ التدليسا

    كنْ ملتقى الأضداد لا تكُ مائلاً

    وكن السياسة لا تكُ التسييسا

    كنْ واحداً منّا ولا تكُ آخراً

    منهم ولا تكُ طائراً محبوساً

    كنْ وجه فانوسٍ بمحنه ليِلنا

    فلقد عجزنا أنْ نرى الفانوسا

    وكنْ العصا (عوجيةً) ما سحرُها

    إلا ليسندَ عاجزاً وجليسا

    كنْ طيباً فأبو اليتامى طيبٌ

    وكنِ انتماء أبوةٍ محسوسا(0).

    متكأ في ذلك على دلالة سميائية اللون الابيض ورمزيته التي اشار عليها الشاعر في توجيه دعوة صادقة الى رئيس الجمهورية بعيداً عن تَلْفِيق، تَمْوِيه، خِدَاع، غِشّ، مَكْر، مُخَادَعَة، مُرَاوَغَة، اذ خرجت دلالة البياض في نصه ليس فقط نوع من انواع النقاء والوضوح الممزوج بالوفاء، وإنما دعوة إلى يصبح كالأب حامي اسرته وان يصبح كالبياض في وفاءه ونقاءه واخلاصه إلى وطنه.

    ويواصل الشاعر حازم رشك استلهامه لرمزية اللون الابيض ودلالته في قصيدته الموسومة بـ(جنوب قلبك ملح)، وفيها يقول:

    نتشهّى البياضَ

    لا نصطفيهِ

    مذ رسمنا على الحروفِ

    (السّمارا)

    إلتقينا طيفا

    فما وسعَ اليلُ

    رمادَ المؤرقينَ السكارى (0).

    يورد الشاعر هنا ان اللون الابيض وكل ما فيه من دلالات عدة سواء أكانت تدل على محاسنِ الوجه الأبيض ام على ملامح الحسن، فانه لا يمثل شيء عنده أمام الوجه الأسمر، فالبياض لا يحبذه بالتفضيل أمام طبيعة ولون السمار (الوجه الأسمر) وهي دلالة على جنوبية الشاعر وتمسكه بعراقة أصله وجمال لونها، وما تحمله من ملامح الجنوب من صفات السمار الذي يعني اللبن المخلوط بالماء، وهو لون البشرة المألوف والمعروف عن العرب، رغم عنفوان الرغبة لطبيعة اللون الابيض وجماله لكنه غير مرحبٌ لدى ذات الشاعر، محاولاً ان يرصد لنا معطيات جديدة للون الأبيض الذي لا يعده إلا اشتهاء فقط.

    لطالما عُومل الأبيض والأسود كلونين نقيضين ونُظر إليهما كضدين، وطوال التاريخ المعروف للبشرية بكل ما فيها من ثقافات وحضارات، كان يتم إسقاط هذين اللونين على أمور وأشياء لا حصر لها، بدءاً بالخير وكذلك الشر والليل والنهار والعدل والظلم إلى السعادة والحزن والغِنى والفقر والكراهية والحُب إلى الحياة والموت، وكأن نهاية الأبيض هي بداية الأسود أو العكس، أو لكأنهما رغم كل تناقضهما يكملان بعضيهما، فلا ضوء بلا عتمة، ولا ظلّ بلا شعاع، ولا سواد مطلق ولا بياض مطلق، لتشكل لنا خرافة الالوان عند حازم رشك تلك المتلازمة اللونية، من خلال لوحته الشعرية المكناة (لوّحْ إلى الاثداء):

    وخرافةُ الألوانِ

    تحتَ عباءتي

    مطويةٌ

    سوداءُ في بيضاءِ(0)

    يمكن لبوصلة العقل أن تفقد الاتجاه السليم في التطلع إلى دلالات الأبيض والأسود، فإطلالة اللون الابيض في عتمة اللون الأسود تمثل انتشاراً واسعاً للضوء الابيض، ومزج اللونين تمثل علامة سيميائية لتقلبات الزمن الغابر والذي عبر عنه الشاعر في نصه الموسوم بـ (لا شيعي ولا سنّي)، وفيها قال:

    لا لستُ شيعيّا ولا سنَّي

    فقط العراقُ يصيحُ في أذني

    لا فرق عندي أن أرى عمرا

    أو حيدرا في ساعةِ الدفن

    يا ربِّ حزنٌ في البلادِ وفي

    لونين تأتي دمعةٌ الحزن؟!

    ما ضاعَ فوق الأرض من وطنٍ

    مثلُ الّذي ضيّعتهُ منّي كمةُ اللهِ أنْ يعيشَ سوادٌ

    بيننا والّذي يموتُ البياضُ(0).

    عندما جعل من ثنائيات الضدية للألوان، معادلاً موضوعياً ودلالياً لما يمر به العراق من العنف والتوتر بين السنة والشيعة يهدّد آمن واستقرار العراق، ويندب الشاعر حال الوطن والبلاد من خلال ثنائية اللون الابيض والاسود وما يعتريهما من مناسبات الحزن الدائم، اذ اقتضى ان يكون ألم السواد والحزن قدرنا في الحياة، لتخرج سيميائية البياض دلالة للموت.

    يعبر اللون الاسود في الخطاب الشعري في دلالته عن معان عدة، كـ(الصراع والغلبة)، أو(المرجعية والقوة)، وكذلك يعد اللون الاسود (الاكثر هيمنة على حياة البشر، والأكثر تدخّلاً في مصائرهم منذ أقدم الازمنة وفي معظم الثقافات على مرّ العصور أيضاً، والأكثر تشكيلاً لتقاليدهم وحساسية لتعاملهم مع الأشياء في الحياة، والأوسع استجابة لخوفهم وأحزانهم ومعاناتهم والتفافهم حول ذواتهم وتشبّثهم بالمكان)(0).

    كما يحمل اللون الأسود العديد من الرموز التي تعني أموراً مختلفةٌ لكل شخص وبالإضافة إلى خصائص اللون الأسود في علم النفس فإنّ هذا اللون يرتبط بشخصية الإنسان بشكل كبير ومؤثر، ولطبيعة هذا اللون لها تأثير كبير في ذات شاعرنا حازم ففي قصيدة السوداوية (لوح الى الاثداء) يعتريها افقه ظلام حالك، ليطلق عنانه قائلاً:

    أطلق عصافيري،

    مللتُ وقوفها

    عند احتفالِ الخرقةِ السوداءِ

    زدني سماءً

    كلُّ أفقي مظلمٌ

    وقصيدتي

    افقٌ بغيرِ سماءِ

    أشْرب تقهقرَ أحرفي

    مسكوبةٌ

    زهراتُ عمري

    في كئيبِ إنائي(0).

    نلحظ ان الشاعر قد وظف اللون الأسود توظيفاً رمزياً يوحي إلى شحذ الهمم ورص الصفوف، واطلاق الصيحات المنادية بالثورة ضد الواقع الحزين الذي آلت اليه مدينته، والذي عبر عنه بعلامة سيميائية تمثلت بـ(الخرقة السوداء) التي هي دلالة على الموت الذي أضفى على مدينته وشاحاً أسود في كل اروقة شوارعه، وغطت افق تطلعاته حتى اصبح من دون أمل او سماء تضيئ مستقبل مدينته والتي ترجمتها قصيدته.

    من المعروف أن اللون الاسود هو اللون الاكثر تأثيراً لدى عامة الناس، فهو كثيراً ما يرمز- عادة وعموماً إلى (الخوف من المجهول والميل إلى التكتّم، ولكونه سلبي اللون يدل على العدمية والفناء)(0)، وهذا ما ظهر جلياً في عتبة خاتمة قصيدة (حسرة اللبلاب)، ففيها التميمي قال:

    عاشرتُ ليلَ الثاكلاتِ

    كأنني

    رئةٌ بصدرِ الشاعرِ السيّابِ

    اتنفس السلِّ الطّريدَ

    وأخوتي

    رسموا الرحيلَ على سوادِ البابِ(0)

    فلم يكن التميمي بعيداً عما يجري على ارض الوطن من حروب وآهات واسى وحرمان، فتناول اللون الأسود بصورة شعرية موحية وعبرة ورامزة إلى بؤس الحياة، وضنك العيش، عندما خط اوجاعه بكراس الألم، ورسم معاناته في غياهب الرحيل على الباب الأسود، الذي هو علامة سيميائية للعتمة التي صاحبت الحيارى، ولطخت جدرانهم بألوان السخرية المقيتة.

    ما زلنا ندور في فلك دائرة اللون الأسود لنجد ان التميمي هذه المرة قد وظف دلالته هذا اللون بما ينسجم مع تطلعاته التي يحاكي بها واقعه وواقع مجتمعه من خلال لغته الشعرية الدارجة والمحكية (المشاحيف / جرفك) الممزوجة بدلالة الالوان (الاسود / الحناء)، في نصه المشار اليه سلفاً (ما وراء الهدهد)، اذ فيه يقول:

    لذْ

    بالمشاحيفِ

    انظارَ هواءِ

    اشربْ

    صديدَ حقيبةٍ سوداءِ

    لا يجرمنّكَ

    أنّ جرفكَ بومةٌ

    مَزجتْ مسيلَ الدّمعِ

    بالحنّاءِ. (0)

    سوف نلاحظ ان (الدوال) الالوان التي يتشكل منها المقطع النصي تُحيل إلى دلالات محددة، اذ نلحظ تمازج الالوان بين اللون (الأسود) لون الحقيبة وطائر البوم الذي يحمل اللون الابيض و(الحناء) مادة ذات اللون الجوزي ليعطي لنا إشارة سيميائية تدل على الهروب من معاقل الألم، ليلوذ بوسادة الوجع التي تضفي عليه سيلاً من الدموع بسبب تركه الأرض التي انجبت حروفه وتمخضت فيها عراقة جنوبيته قبل أن يخضب دمه بسمار وجهة الجنوبي، وفي النص الرثائي خالص بامتياز، والذي يعنى فيه شاعرنا مدينته المنكوبة، مستعيراً سيمائية اللون الاسود ورمزيته الدلالية ليرثي به مدينته (الناصرية)، وما طالها من دمار وتخريب جراء الانفجار، الذي راح ضحيته أناساً أبرياء، ذلك المشهد الذي أثر بشكل كبير في عامة الناس وشاعرنا على وجه الخصوص، اذ فيه ينوح قائلاً:

    هكذا بينَ جَــميعِ الأنبياءِ سقّـطَ الفرقدُ مسـلوب الضياءْ

    أو تبكي؟ رُبَّما؛ إذْ ليسَ لي للنبــــيين ســـوى هـذا البـكاءْ

    الجنوبــــيّونَ في حَــــارتنــــا ركَضوا خلفَ نُعوشِ الشُهداءْ

    واسـتقروا عِندَ نـعشٍ مـفردٍ شاهدوهُ صاعِداً نحو السماءْ

    فرِّغتْ كـــلُّ يَدِ مِـــن طينهاوالفراتُ الرحبُ أمسى دونَ ماءْ

    وارتدى النخلُ ســواداً فاقعاوانحنى وهوَ الذي مـلّ انحناء(0).

    ليبن لنا النص من خلال توظيف التميمي لدلالة اللون الاسود لباس للنخيل تعبيرا عن ما يلوج بداخله من حزن وألم، فارتدى ما كان بلون الحكل ذلك الوشاح الفاقع، أي شديد الزرقة المائلة إلى السواد (حالك / حانك)؛ تعبيرا عن كمية الحزن والازدراء والوجع التي عانت منها ذات الشاعر أزاء ما تعرضت له مدينته من دماء وهول ودمار ذلك الانفجار، فأتكأَ على رمزية اللون الاسود وانطباع رمزيته لبيان حجم وألم وحزن الشاعر.

    كان اللون كما أسلفنا من أهم الأشياء التي أُستعملت كرموز، إذ يمكن للون أن شاكلة تعبير رمزي، أو تكوين جمالي، لمختلف الأغراض الحياتية او الفنية ذات الرؤية المختلفة، كما يمكن ان يكون واسطة للتعبير عن العاطفة الإنسانية على اختلاف نزعاتها ودوافعه، لهذا بقيت رمزية اللون محتفظة بقيمتها التقليدية بالرغم من التطور الكبير الذي عرفته دراسة الألوان خلال السنوات، وبخاصة تحت تأثير النقاد (كالانسكي، وهاربن، وهنري بفايفر)(0).

    ومن تلك الالوان التي توظيفها التميمي في النص الشعري، والتي عبر من خلالها عن خلجاته، وتطلعاته، ودوافعه، وعواطفه، اللون الاخضر رمز الحياة، والطبيعة، والتجدد، والانبعاث، والخضرة، ولون الحقول الزاهية، والأمل المفعم بالبهجة، إذ يقول في قصيدته الموسومة (لوح الأثداء):

    كلٌّ سليمانٌ

    بردّةِ طرْفِه

    يأتي

    بِعرشِ التمرِ

    للفقراءِ

    أنا

    آخرُ الباقينَ

    خلفَ رحيّلهم

    رُوحَــاً

    بأوراقِ الهَوى الخَضْراءِ(0).

    للون الأخضر دلالات عدة يبث للروح وهجا وجمالا، كما يبعث الطمانينة والسكون، فنجد ان الشاعر وظفه اللون الأخضر بصورة شعرية ترمز إلى روح الشباب المتدفق، العاشق، الصامد، كما يرمز أيضا إلى بعث الروح بالجسد، لكن بكيفية العشق الممزوج برمزية اللون المقدسة التي ترجمت كمية ألم تلك الذات القابعة خلف رحيلهم، ومجسداً روحاً على هيئة القلوب الخضراء لا تميتها معالم الغياب، ومتجددة بربيع العمر الزاهر، ناهيك عن النهوض من رقود طال كثيراً، توحي إلى رصد الوجع الذي خلفه رحيل هؤلاء الفقراء.

    كما شهد خطاب التميمي الشعري توظيفه لرمزية اللون الأخضر وارتباطها بالمقدس، ظهر ذلك وهو يمتدح فيه نبي الرحمة والإنسانية الرسول الكريم محمد، في قصيدة اسمها (المحمدية)، اذ فيها يقول:

    تَخطرُ الأحـرفُ كِبرا وجـَلالا فتعالى نافـثَ الشـعرِ تَعَــالى

    لبستْ خَارطةُ الحُسن الدُّنا وتشبهتْ مُقلةُ الماء الرّمالا

    ركبَ الطيفُ بِساطاً أخضراً وتثنتْ قامـَةُ الجدبِ اخـتيالا

    فـــإذا زمَّ جِــمـــالا راحـــلٌ فلقدْ زمِّ مَدى الدهرِ الخيالا (0).

    وفي قصيدة اخرة يمتدح فيها رسول الامة رسولنا الكريم محمد ، وموظفاً لدلالة اللون الاخضر ورمزيته للتكريم والتقديس والتبجيل وهو في ثنايا حضرة ومقام شخصه الشريف، إذا امتدحه بنص اسماه (في حضرة الرسول)، قال فيه واصفاً من السحر:

    سحرٌ من العشقِ الحلالِ وقُبلةٌ رسمت على ثغرِ الزمانِ شِفاهيا

    ما لامسـتْ كــفّ الضياء يبيسةٌ إلا ونــطّ الأخضــرارُ مفانيــا

    ولذا استطالَ بِه الجلالُ وفُتّحتْ أبــواب رحــمتهِ هُـــناكَ ثَمانيــا

    طيفُ الولادةِ والهُدى في آيـةٍ فيها الخلودُ يضجّ وا إسـلاميــا(0).

    اما عن توظيفه لرمزية اللون الاخضر في قصيدة (جيم الجواهري)، جاءت هذه المرة بصورة مغايرة لما هو عليه من دلالات المعهودة، بل جاءت طبيعته دموية ونازفة ومترجمة لكمية الحزن والآهات التي صورها لنا الشاعر حينما قال:

    وأخضرارٌ دامٍ

    وسوطٌ شحيحٌ

    وانتفاخٌ

    أعادَ فيه النّحولا(0).

    اذ نراه هنا يرمز إلى الوجوه الشحيحة التي ألفها المرض واخذ منها مأخذاً كبيراً وجلياً، حتى اصبح الـ(أخضرار)، لون تلك الوجوه (دامٍ) أي مائل للاحمرار لا لكونها مثمرة، بل لأنها تعاني من إرهاصات، وحرمان، وجوع مرير، ترجمت لنا ذلك الانتفاخ والنحول الذي اصبح سمة ملازمة لها.

    أما في قصيدة (بغداد مصطفى جمال الدين)، الموجهة الى مصطفى جمال الدين، يتحدث عن سوء الاحوال في بغداد، والّتي غدت ساحتها ميادين للموت وحدائقها أصبحت محترقة، كما يلفت النظر إلى مياهها وعن لياليها عندما وظف تضاد الالوان وامتزاجه، وهذه المرة عبر توظيف اللون الاصفر المقرون بالاخضرار، عندما قال:

    لو كان ينهضُ من لذيذِ رقادهِ

    ماذا تراهُ يَقُولُ عن بغدادهِ

    عن عمرهِ المنهوبِ في ساحاتها

    وعن اشتباكِ الموتِ في ميلادهِ

    وعن اصفرارِ الاخضرارِ بغصنها

    وعن انطفاء الماءِ في إيقادهِ

    وعن الليالي وهي ألفُ مصيبةٍ

    لو كان يبصرها على أحفادهِ(0).

    في هذا التشكيل الشعري الذي يقود المتلقي إلى الدهشة ويخلخل مشاعره من خلال إسناد معطيات دلالة النار إلى ما هو ضدها وهو الماء، تعبير شعري عن ضياع الحياة في المكان وضياع الحركة فيه، بالإضافة ما يتخلل النص ايضا دوال تعجّ بالنكبات والمصائب حتى اصبح الحلم فيها مجحضةً، وما يلفت النظر في هذا الخطاب الشعري هو تمازج اللوني المتضاد، فاللون الأصفر في تضاد كامل مع الدال اللوني المتمثل في الأخضر وهو لون يرتبط في طبيعة مرجعيته الثقافية بدلالات متعددة أهمها وبشكل كبير كرمزاً للحياة والتجديد والانبعاث، واللون الأصفر هو اللون الّذي يغطي الموتى قبل موتهم دال سيميائي على معاني الموت والضياع؛ واصفرار الأخضر تعبير شعري عن الحالة المأساوية الّتي يعيش فيها المكان وهو العراق الحضاري الّذي صار ضحية العنف والخيانة(0).

    ونبقى في حضرت اللون الأصفر، لون رمال الصحراء، لون الشحوب، ومصير الورق، اذ يستلهم دلالته الرمزية المتجلية برسم تعابير شكل، وما طرأ عليه من تغيير ملامح وجهُ، في نص اسماه (حسرة اللبلاب) فيقول:

    وجعي

    تراثُ النّاي

    يشربُ من دمي

    مصل الغروب

    وصفرةَ الأهدابِ

    عودي

    لمسكينِ الهلالِ غريبةً

    وتشمسي في معجم الأغرابِ

    شقي حواصلَ قُبراتِ ثمالتي

    وتنزلي وحياً بألف كتابِ

    زمي شفاهَ الباءِ

    خبزكِ باردٌ

    ولقد فَنْيتُ على الجحيم شبابي(0).

    ويأتي اللون في النص الشعري أعلاه، كدلالة سيميائية عن حالة الوجع والألم التي اصاب الشاعر عندما مزج بين (مصل الغروب)، أي الحمرة التي تحيط بالشمس وانعكاسها على الوجوه مصفرة الأهداب، وهي دلالة عن المحنة التي يمر بها الجنوب وما حل به من آسى وحرمان واضطهاد على مدار سنين طوال من ناحية، ومن حالة الاغتراب النفسي وحالة من التيه وهو يندب شبابه الضائع بلا جدوى من جهة ثانية.

    ومن الألوان التي حضر توظيفها في خطاب التميمي الشعري، سيمائية اللون الأزرق ودلالته، اذ يعتبر هذا اللون لون الوقار والهدوء والصداقة والحكمة والتفكير، واللون الذي يشجع على التخيل الهادئ والتأمل الباطني، ويخفف من حدة ثورة الغضب، ويهدئ النفس، بالإضافة اللون القوة والهيمنة، ولون السماء التي تضفي جمالاً اتساعاً.

    اخذ توظيف اللون الازرق في شعر شاعرنا التميمي دلالة الهدوء والبرودة المستمدة من طبيعة واقعه الجغرافي الجنوبي(المائي)، حيث الهور والانهار والجداول، فأصبحت صفةً جماليةٌ مرغوباً فيها عند الشاعر وعند المتلقي على حد سواء، فيقول رشك في قصيدته المهداة بالكليل الزهري (وردٌ لنافذة الأيتامِ)، يقول فيها:

    يا (ماي الاهوار)

    ليل (الرّيل)

    ما ذبلت

    نجومهُ الزّرقُ

    لكن عمرنا ذبلا (0).

    اذ تعددت الدلالات في نص التميمي اعلاه وارتسمت ملامحها من خلال التركيب الشعري بين (ماي الأهوار) و(الليل) و(النجوم الزرق)، اذ نجد لوحة الشعرية تفيض فيها أشواق الشاعر، فيكتبها على الأرواح متهللة، تشرق من تحت السماء تحمل نجوما زرقاء منعكسة بماء الأهوار التي تظهر فيها السماء صافية، وهي علامة سيميائية لصفاء النفوس، والماء الذي ينبعث من تلك الوجوه الجنوبية المفعمة بالعطاء.

    ويتميز شعر التميمي من حيث توظيفه للألوان بشكل لافت ومميز لا من حيث اللغة فقط وإنما من حيث الدلالات المغايرة، والتي تخرج في الكثير من الاحيان عن معانيها الحقيقية والمألوفة، كما شهد نصه الموسوم (لوحة إلى الأثداء) يقول فيها:

    نعدو

    بأسمالِ الحروفِ

    وَخلفنا

    يعدو السّحابُ

    شريطةَ الإغماءِ

    لم تعرف الريحُ التي بجيوبنا

    إلا صليل

    دعابلٍ

    زرقاءِ(0)

    في النص الشعري السالف يورد الشاعر صورة شعرية، وعلامة سيميائية ترمز إلى الحرمان والجوع، وترمز ايضاً إلى الطفولة البريئة التي لم تجنِ إلا الوباء والقهر، فيعبر عنها بالجيوب الفارغة التي تفتقر إلى أي شيء سوى تلك (الدعابل الزرقاء) التي محط لعبهم التي ينتشون بها احلامهم التي غدت سراباً.

    أما عن توظيفه لسيميائية اللون الأحمر ودلالاته في خطاب الشاعر حازم رشك ورمزيته فقد يمثل اللون الأحمر عند (حازم رشك التميمي) رمزاً لتجربته الشعرية في التعبير عن طبيعة الإنسان المقهور والصراع اليومي من أجل حياة كريمة، وقد استخدم اللون الأحمر بدلالاته الحقيقية والتي ترمز لتجربة واقعية في التعبير عن الإنسان المقهور والصراع اليومي من أجل حياة كريمة وتحدي المنظور الاجتماعي واستذكار الطفولة الأليم، فقد ورد اللون الأحمر في دواوين التميمي بكثافة كلون أساسي، تتعدد دلالاته من استخدام لآخر، وكثافة تكراره جعله ضمن التوظيفات السيميائية ذوات الدلالة الرمزية ظهرت على شكل مراثي ومناجاة، منها مرثيته التي يرثي فيها جسراً في مدينته الناصرية، ويتذكر أيام طفولته التي قضاها عند ذلك الجسر، والذي تعرض للخراب مع مرور الزمن، تلك الذكريات المعبئة بالألم تظل على لسانه كطلقة حمراء فتثير ذكرياته الأليمة، وتولد في قلبه حرارة الألم، اذ يرثي الجسر في مرثية جسر الناصرية مخاطباً:

    ما زلتَ يا صنو الطفولةِ سَامِقاً أبَدا تُحلّقُ في القصيدةِ شاهقاً

    ابدا تَظـلُ على لســانيْ طلـــــقةً حـــمراءَ عَمّـَدتِ الفــراتَ الدافقا

    كنتَ المـــكلّفَ بالهموم تـشيلُها وأراكَ وحــدكَ بالــهُمــومِ الغــارقا

    عَــجبِوا لصــدركَ كيف رتّق جُـرحَهُ فهَووا- وشان الحاسدينَ- فواتِقا(0).

    كما يصف لنا حازم رشك حالة الفقر والجوع التي مر بها مدينته والناس في فترة الحصار وزمن قلة الموارد، وطبيعة الحياة المؤلمة، وضنك العيش آنذاك، والتي ظهرت على شكل دوال حاكت ذلك الواقع المرير إذ يقول:

    أصغيتُ

    هدهدُك الطّليقُ نحرتهُ

    إذ لم يعدْ بالخبزِ للفقراءِ

    أطبقتُ جوعي

    كي أنيم قصائدي

    فوجدتُهنّ:

    وسادتي

    وغطائي

    .........

    وعلى الرصيفِ

    أساورٌ ممجوجةٌ

    يبصقنَ

    تَبغ اللّيلةِ الحمراء(0).

    اذ يصور لنا الشاعر حالة عدم الاستقرار التي يعيشها هو وبلده آنذاك، مستخدماً كل عبارات البؤس والتشاؤم، واصفاً قلة الموارد وصعوبة المعيشة بأنها اشبه بآهات مفروشة على الرصيف يبصقن تبغ الليلة الحمراء، فالجوع قتل في داخله الحب، وانسته ملامح العشق، فالعادة ما يستخدم الأحمر للتعبير عن الحب او الرغبة، ولكنه في الواقع يتعلق بالجنس والرغبة الحميمية أكثر من الحب، ويشير إلى الحركة البدنية ويعطينا الحيوية.

    ومما يؤكد صور حازم التميمي اللونية أنها غير مباشرة، فهو لا يصرح باللون بل يضمنه تضميناً في شعره، فصورة التميمي اللونية تكشف عن شفافية كثيرة، يثير فيها اللون عاطفة سامية روحانية تأخذ القارئ إلى صورة بصرية لونية(0)، فيقول حازم التميمي في قصيدته الموسومة (وردة لنافذة الأيتام)، إذ فيها يقول:

    أصفارُه الصّفر يبقيها لساريةٍ

    حمراءَ

    تنزع عن أشلائها الوجلا

    وراودته الّتي في مائها وشلٌ

    فراحَ يشكوْ على شطآنها

    الوشلا

    نهارَ أنْ أرعبته الشمسُ

    الشاحبةً

    رمى على الليلِ

    ظلاً

    باهتاً خجلا(0).

    تتجلى في هذه المقطوعة الشعرية بساطة الأسلوب وعمق الدلالة رمزية الألوان، إذ تشيع فيها حالة من التأني والهدوء، فبث فيها الشاعر مزيداً من أحزانه وشجونه، مستوفياً كثيراً من المعاني التي يعبر الشاعر ما في بيئته من هم ونكد وتعب، إذ يتكأ في توظيفه لطبيعة امتزاج الالوان لينقلها إلى صفات الحياة وتأثيرها في المرء والتغيرات التي تطرأ عليها، إذ يضيف لنا الشاعر لها صورة حية أخرى متمثلة بالشمس وتحول لونها إلى لون الاصفار واصبحت شاحبة من شدة التعب وتلك الصورة إحالية مجازية يرسمها الشاعر في مخيلته.

    الخاتمة:

    لقد وجد الشاعر العراقي حازم رشك طاقات غنية في الألوان لا يمكن إغفالها، فأتخذ منها أداة للإفصاح عن مشاعره، أو تجسيد أفكاره، إذ تنوعت أساليب توظيف الألوان في تشكيله الشعري، وهذا التنويع حقق دوافع بلاغية ودلالات سيميائية، ورمزية، وفنية، وجمالية، إذ أنطلق من حالته النفسية، ولا سيما الألم والوجع الذي عانته بلاده، بسبب الظلم وجور السلطة، والاحتلالات، وهذا يدخل في مراعاة السياق الوارد فيه شعره، واتضاح الأمر عند المتلقي، إذ أجبرته السياقات الاجتماعية، والثقافية، والسياسية على هذا البناء، فحاول إيصاله المقاصد التي تدور في ذهنه.

    النتائج:

    كشفت هذه الدراسة عن أهم النتائج التي خلصت اليها، وكان أهمها تسليط الضوء على هذا المنهج وتتبعه منذ بداياته حتى نضجه واكتماله، وإيضاح المساحة المسموح للنص الشعري بالتداخل مع الألوان في كل ما هو كائن وممكن، والتعريف بآلياته وقوانينه وأجزائه والمرجعيات التي تداخل معها، وبعد هذا الطواف البحثي الدائر في أشواط شعر التميمي، والحديث عن ماهية نصوصه وتوظيفه للألوان، انتهت بها الرحلة الى مجموعة من النقاط توصل اليها البحث بنتائج ختامية التي يمكن إيجاز أميزها بما يأتي:

    • تُعدُّ الألوان علامة بصرية تسهم في تكثيف دلالة النصوص لما لها من تأثير عميق في حمولة تجليات النص الخفية، إلى جانب ماتثيره في نفسية المتلقي من معانٍ تثير الدهشة بأبعادها الرمزية والدلالية والجمالية؛ لذلك احتلت سيمياء اللون مساحة مفتوحة الحدود في دواوين التميمي الشعرية، وكأن الشاعر قصد ذلك قصدًا مما زاد شعرية نصه وجماليته ورفع سيميائية اللون لمصاف الرمز ليحكي لنا عن هموم الفرد والمجتمع في لوحات فنية بديعة الألوان.

    • تظهر آثار اللون في خطاب التميمي الشعري على القيم الدلالية، وتصاحبها تحولات عاطفية لذات الإدراك الحسي، فتظهر انفعالاته المتعددة للتفاعل مع كل لون على حدة، كما لا ينفصل اللون عن مرجعياته المعرفية والثقافية التي تتحكم فيه. تتدخل في ذاته داخل سياق النص وتسهم في تكثيف دلالته.

    • ومن النتائج التي توصل إليها البحث هو دور الألوان وطبيعة توظيف المغاير لدلالتها المعهودة في المواقف المختلفة، ودلالاتها المغايرة توظف حسب السياق التي ترد فيه، محاولاً إضفاء عليها نفسيته المتألمة، وكذلك أبراز ثقافته التي انبثقت من تلك البيئة التي عاش الشاعر بكنفها، جاعلاً من الخيال والطبيعة والألوان مصاديقٍ لصوره الشعرية.

    • أن دواوين حازم رشك التميمي حوت كثيراً من الصور الشعرية الجميلة، التي اعتمدت على الإيحاء والرمزية في بعضها؛ إذ أنحاز الشاعر إلى بيئته الجنوبية بوصفها رحماً بريئاً امناً يهرب إليها من وطأة المدينة.

    • مما توصلنا له في هذه الدراسة أن اللون من أهم ما يميز عناصر الصورة عند التميمي، حيث لعبت المفردات اللونية العديد من الوظائف داخل صوره الشعرية، واستطاعت أن تضيف لها قيمة عالية ومذاقاً خاصاً.

    قائمة المصادر والمراجع:

    اولاً: الكتب:

    • الأسلوبيات وتحليل الخطاب، رابح بوحوش، منشورات باجي، الجزائر، (د.ت).

    • الألوان (دورها، تصنيفها، مصادرها، رمزيتها، دلالتها)، كلود عبيد، مراجعة وتقديم: محمد حمود، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 2013م.

    • التحليل السيميائي للخطاب الشعري، عبد الملك مرتاض، دار الكتاب العربي، الجزائر، 2001م.

    • التجربة العربية في مجال السيمياء، محاضرات الملتقى الوطني الثاني للسيمياء والنص الأدبي، حفناوي بعلي، منشورات جامعة بسكرة، الجزائر، 2002م.

    • دلائلية النص الأدبي دراسة سيميائية للشعر الجزائري، عبد القادر فيدوح، ديوان المطبوعات الجامعة، وهران، 1993م.

    • السيمياء والتأويل، روبرت شولز، تر: سعيد الغانمي مؤسسة العربية للدراسات والنشر، الاردن، ط1، 1994م.

    • شفرات النص دراسة سيميولوجية في شعرية القص والقصيد، صلاح فضل، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، مصر، ط2، 1995م.

    • اللغة واللون، احمد مختار عمر، مكتبة علام الكتب، القاهرة، ط2، 1997م.

    • اللون لعبة سيميائية؛ بحث إجرائي في تشكيل المعنى الشعري، فاتن عبد الجبار جواد، دار مجد لاوي للنشر والتوزيع، دمشق، ط3، 2009م.

    • المدخل الى مناهج النقد المعاصرة، بسام قطوس، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الجزائر، 2016م.

    • مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، 1996.

    ثانياً: الدواوين الشعرية:

    • ديوان الاحرف المشبه بالمطر، حازم رشك التميمي، مؤسسة صهيل الأدبية، مصر، 2019

    • ديوان ديوان ما رواهُ الهدهد، حازم رشك التميمي، دار الرشاد للنشر، سوريا-حمص، ط1، 2009م.

    • ناعية القصب، حازم رشك التميمي، مطبعة تموز- دمشق، ط1، 2013م.

    ثالثاً: المجلات والدوريات والرسائل:

    • أنظمة العلامات في اللغة والأدب والثقافة، شكري عياد، مجلة فصول، مج 6، ع 4.

    • التحليل السيميائي للخطاب الشعري في النقد العربي المعاصر (سنويات وإجراءات)، فاتح علاق، مجلة جامعة دمشق، مج 25، ع 1+2، 2009م.

    • حازم رشك التميمي حياته وشعره، وسام حاشوش خويط، رسالة ماجستير- جامعة مؤتة، 2015م.

    • السيموطيقيا والعنونة، جميل حمداوي، عالم الفكر، مج25، ع3، 1997م.

    • المناهج النقدية المعاصرة ومشكلاتها (السيميائية/ الأسلوبية / التداولية)، عامر رضا، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، الجزائر، العدد 14، 2017م.

    • موتيف الوطن في شعر حازم رشك التميمي (ديوان الأحرف المشبهة بالمطر نموذجا)، د. عواد كاظم لفتة واخرون، مجلة آفاق الحضارة الاسلامية، إيران، عدد2، 1440هـ.



    0() ينظر: حفناوي بعلي، التجربة العربية في مجال السيمياء، محاضرات الملتقى الوطني الثاني للسيمياء والنص الأدبي، منشورات جامعة بسكرة، الجزائر، 2002م، ص164، وينظر: عامر رضا، المناهج النقدية المعاصرة ومشكلاتها (السيميائية/ الأسلوبية / التداولية)، مجلة البحوث والدراسات الإنسانية، الجزائر، العدد 14، 2017م، ص133.

    0() بسام قطوس، المدخل الى مناهج النقد المعاصرة، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الجزائر، 2016م، ص191.

    0() روبرت شولز، السيمياء والتأويل، تر: سعيد الغانمي، ط1، مؤسسة العربية للدراسات والنشر، الاردن، 1994م، ص15.

    0() المصدر السابق، ص19.

    0() ينظر: بسام قطوس، المدخل الى مناهج النقد المعاصرة، ص193.

    0() ينظر: الاسلوبيان وتحليل الخطاب، رابح بوحوش، ص17.

    0()المصدر السابق ص17.

    0()المصدر السابق، ص18.

    0() صلاح فضل، مناهج النقد المعاصر، ميريت للنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 2002م، ص86.

    0() ينظر: عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي، ص7.

    0() شكري عياد، انظمة العلامات في اللغة والأدب والثقافة، مجلة فصول، مج 2، ع 4، ص168.

    0()المصدر السابق، ص165

    0() دوبرت شولز، السيمياء والتأويل، ص15.

    0() فاتح علاق، التحليل السيميائي للخطاب الشعري في النقد العربي المعاصر (سنويات وإجراءات)، مجلة جامعة دمشق، مج 25، ع 1، ص151

    0() جميل حمداوي، السيموطيقيا والعنونة، عالم الفكر، مج25، ع3، ص79.

    0()المصدر السابق، ص80.

    0() بسام قطوس، المدخل الى مناهج النقد المعاصرة، ص198.

    0() فاتح علاق، التحليل السيميائي للخطاب الشعري في النقد العربي المعاصر، ص152.

    0() المصدر السابق، ص153.

    0() المصدر السابق، ص154.

    0() المصدر السابق.

    0() صلاح فضل، شفرات النص، ص8.

    0() عبد الملك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري، ص29.

    0() كلود عبيد، الألوان (دورها، تصنيفها، مصادرها، رمزيتها، دلالتها)، مراجعة وتقديم: محمد حمود، بيروت، ط1، 2013م، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ص18.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، مصر، 2019م، مؤسسة صهيل الأدبية طباعة ونشر وتوزيع، ص12.

    0() حازم رشك، ديوان الأحرف المشبّهة بالمطر، حازم رشك التميمي، القاهرة، 2019م، مؤسسة صهيل الأدبية طباعة ونشر وتوزيع، ص76.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص81.

    0() حازم رشك، ديوان الاحرف المشبه بالمطر، ص43.

    0() حازم رشك، ديوان الاحرف المشبه بالمطر، ص49.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص63.

    0() المصدر السابق، ص47.

    0() حازم رشك، ديوان الأحرف المشبه بالمطر، ص58.

    0() فاتن عبد الجبار جواد، اللون لعبة سيميائية؛ بحث إجرائي في تشكيل المعنى الشعري، دمشق، ط3، 2009م دار مجد لاوي للنشر والتوزيع، ص44.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص50.

    0() احمد مختار عمر، اللغة واللون، القاهرة، ط2، 1997م، مكتبة علام الكتب، ص186.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص82.

    0() المصدر السابق، ص133.

    0() حازم رشك التميمي، ديوان ناعية القصب، دمشق، ط1، 2013م مطبعة تموز، ص22.

    0() ينظر: كلود عبيد، الألوان (دورها، تصنيفها، مصادرها، رمزيتها، دلالتها)، ص40.

    0() ديوان ما رواهُ الهدهد، ص42.

    0() ديوان ناعية القصب، ص145.

    0() المصدر السابق، ص205.

    0() ديوان ما رواهُ الهدهد، ص94.

    0() ديوان الأحرف المشبه بالمطر، ص130.

    0() ينظر: د. عواد كاظم لفتة واخرون، موتيف الوطن في شعر حازم رشك التميمي (ديوان الأحرف المشبهة بالمطر نموذجا)، ايران، عدد2، 1440ه، مجلة آفاق الحضارة الاسلامية، ص124.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص75.

    0() المصدر السابق، ص30.

    0() المصدر السابق، ص40.

    0() حازم رشك، ديوان ناعية القصب، التميمي، ص121.

    0() حازم رشك، ديوان ما رواهُ الهدهد، ص133.

    0() ينظر: وسام حاشوش، حازم رشك التميمي حياته وشعره، ص96.

    0() حازم رشك، ديوان ما وراهُ الهدهد، ص27.

    Rahman Issa Safi Al-Saidi || Color semiotics and semantic strategy in Hazem Rashak poetry: an analytical psychological study ||Ibn Khaldoun Journal for Studies and Research || Volume 2 || Issue 6|| Pages 429 - 458.

    0



 

Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...