2
6
2022
1682060055167_2352
https://drive.google.com/file/d/1rZkoR056IR8nVbq_7ZNF7FTAxZ4zG8O6/view?usp=sharing
السياسة اللغوية مدونة قرارات اللغة العربية المملكة العربية السعودية
Language policy and its manifestations in the Code of Arabic Language Decisions in the Kingdom of Saudi Arabia
إعداد: حميد خضر النفيعي: طالب ماجستير لغويات تطبيقية، جامعة أم القرى، السعودية
Abstract:
The research aims to find out the linguistic situation in the Kingdom of Saudi Arabia and to identify the official decisions and their communicative discourses in managing language problems. To achieve the goal of the research, the researcher used the descriptive approach, and the research reached a set of results, the most important of which is that the decisions related to the Arabic language covered almost all aspects of the life of the Saudi society. This is because it is the mother tongue of this region and because the spread of other languages negatively affects this language and the customs and traditions of the people of this virtuous part of this land.
Keywords: language policy, Arabic language decisions blog, Saudi Arabia
الإطار المنهجي للدراسة:
المقدمة:
إن السياسة اللغوية Policy Linguistics مظهر إستراتيجي تخطيطي يهيئ للغة مسارها داخل المجتمع، ويرسم لها الطريق والمنهج الذي تسير على منواله في مؤسساتها الرسمية، حتى تحقق الأهداف المرتبطة بحماية اللغة وبمستقبلها الآمن، ولا غنى للأمم عن الوصول إلى العمل الجيّد والنتيجة الحسنة من السياسة والتخطيط في مجالات شتى؛ اقتصادية، وثقافية، وسياسية، ولغوية، ولذلك عُرّفت السياسة اللغوية بأنها: "مجمل الخيارات الواعية المتخذة في مجال العلاقات بين اللغة والحياة الاجتماعية، وبالتحديد بين اللغة والحياة في الوطن"(0).
ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتهتم بموضوع السياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية انطلاقًا من مدونة مختارة للدراسة وهي مدونة: (قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية (الأوامر والقرارات والأنظمة واللوائح والتعاميم، وهي عيّنة من القرارات جمعها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية صدرت عام 2015م.
تتضمن هذه المدونة من القرارات دلالات الوعي باستعمال اللغة العربية في مؤسسات الدولة، صدر بعضها في مراسيم ملكية، لما تحظى به اللغة العربية من أهمية لدى واضع النظام، وصدر بعضها الآخر من قبل الدوائر العليا كالوزارات ونياباتها العامة.
ويتصل مصطلح "القرارات" في هذه المدونة بما يمليه الصراع اللغوي الذي تعيشه اللغة العربية مع اللغات الأجنبية في الوطن العربي، حيث تحاول دائمًا إضعاف اللغة العربية ومزاحمتها حتى في المواقع الرسمية للدولة، ولما كانت المؤسسات والهيئات الدولية تخطط لحماية لغاتها، كانت المملكة العربية السعودية سبَّاقة إلى صيانة اللغة العربية من أيِّ خطر يهدِّد كيانها، وذلك من خلال اقتراح سياسة لغوية صارمة، تمنح للعربية طريقًا للارتقاء، ودعمًا في الاستعمال.
وقد عبّر أصحاب الاختصاص عن هذا الهدف في مقدمة مدونة هذه القرارات بالقول: "تتأسس المملكة العربية السعودية على قيم رئيســـة وثوابت عليا في مسيرتها منذ توحيدها على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله وغفر له- ووفق ما سار عليه أبناؤه الملوك الكرام من مبادئ عليا يُعنى بها الملوك، وتسير عليها مؤسســـات الدولة، ويترسمها المجتمع، ومن جملة هذه المبادئ: العناية باللغة العربية وتطبيقاتها في مجالات الحياة المختلفة، وذلك انطلاقًا من أنها لغة الدولة، وهي لغة القرآن الكريم والدين الإسلامي، وفي هذا السياق جاء تأسيس مركز الملك عبـــد الله بن عبد العزيز الـــدولي لخدمة اللغة العربية؛ ليكـــون المرجع الوطني فيما يخص اللغة العربية وليطلق أعماله ومشروعاته داخل المملكة العربية الســـعودية وخارجها ضمن أهدافه العليا التي نص عليها تنظيمه"(0)، فدراسة السياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية في حاجة إلى المزيد من الأبحاث والدراسات، للعناية بتوجيهاتها عناية كافية في استقصاء جميع مظاهرها.
وقد أطلقت المدونة مصطلح "القرار" على كل أمر أو تعميم مبني على قرار، مع الإشارة في الغالب إلى رقم القرار الرئيس الذي اعتمد عليه التعميم وتاريخه، وسيحاول هذا البحث النظر في 149 قرارًا في مختلف القطاعات العامة كما هو واضح في ثنايا مدونة القرارات، واستخلاص مظاهر السياسة اللغوية التي بنيت عليها هذه القرارات، والوقوف على طبيعة الوعي بمشكلة مزاحمة اللغة الأجنبية للغة العربية في المراسلات العامة.
مشكلة البحث:
ترتبط مشكلة البحث بدراسة السياسة اللغوية ودورها في الوعي اللغوي وحماية اللغة العربية، وكذا دورها في معالجة مشكلة هيمنة اللغة الأجنبية في المراسلات الرسمية للدولة، ودورها في تعزيز الهوية اللغوية والوطنية، ويتطلع البحث إلى دراسة هذه الجوانب بناء على مدونة قرارات اللغة العربية الصادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز التي ستكون محورًا لمعالجة عدد من الأسئلة النظرية والتطبيقية ومنها:
-
ما دور السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في حماية اللغة العربية وخدمتها؟
-
ما دور السياسة اللغوية في حل مشكلات اللغة؛ كالمزاحمة اللغوية والهيمنة اللغوية، والتعدد اللغوي، والأمن اللغوي، وغيرها؟
-
ما دور الدولة ومؤسساتها في تعزيز الوعي اللغوي؟
-
ما مظاهر السياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية، وأهمية القرارات الصادرة بخصوص اللغة؟
-
كيف يمكن بناء جسور التعاون بين جهود الدولة والجامعات والمعاهد البحثية في تعزيز السياسة اللغوية والتخطيط لها؟
-
ما دور الأفراد والمؤسسات والوزارات في إنجاح السياسة اللغوية والانخراط في التخطيط اللغوي؟
-
ما الطرق التطبيقية المستفادة من قرارات الدولة التي تخدم اللغة العربية؟
-
ما دور مدونة القرارات الرسمية في خدمة اللغة العربية؟
منهج البحث:
يعتمد البحث المنهج الوصفي في وصف مظاهر السياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية، ووصف انعكاسها على الوعي اللغوي في تدبير مشكلات اللغة استنادًا إلى جزئيات البحث التي سنعتمد على استكشافها من معطيات مدونة قرارات اللغة العربية الصادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز يرحمه الله.
أسباب اختيار الموضوع:
من الأسباب الرئيسة التي دفعتني للبحث في هذا الموضوع:
-
الاستفادة من الدور المحوري لنشاط سياسة المملكة العربية السعودية في حماية اللغة العربية، والتعرف على تخطيطها وسياستها في نشر الوعي اللغوي، وتعميمه على المجتمع وتطبيقه عليه.
-
الاستفادة من السياسة اللغوية للدولة في بناء فرضيات الوعي اللغوي.
-
الوقوف على مظاهر الريادة للسياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية ودورها في حل مشكلة هيمنة اللغة الثانية.
-
الوقوف على جدوى السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في المملكة العربية السعودية وأهميتها ونتائجها ومدى تطبيقها.
-
الاستفادة من الدراسة التطبيقية لمدونة قرارات اللغة العربية، في المملكة العربية السعودية، واستخلاص قضاياها وانعكاسها على الواقع اللغوي السعودي.
أهمية الموضوع:
لا يخفى أن أساس النجاح في تدبير مشكلات اللغة مرتبط ببناء الوعي اللغوي والتخطيط لواقعه في المجتمعات العالمية، وهذا النجاح متوقف على السياسة والتخطيط لتعزيز جدواه وفاعليته، لذلك أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا ضمن سياستها الرشيدة لخدمة اللغة العربية والاهتمام بمشكلاتها الاجتماعية والتنموية، فأشركت مؤسساتها في القيام بهذه الرسالة عبر قرارات تحمل مضامينها رسالة الوعي اللغوي والتخطيط لاستمراره في جميع مؤسسات الدولة، وهو مطلب يعزز دور الهوية الوطنية في بناء الوعي اللغوي، الذي يخدم الثقافة والاقتصاد والسياسة للدولة.
فكانت أهمية هذه الدراسة واضحة في بيان الدور الريادي للدولة، والتعرف على السياسة اللغوية والتخطيط لها في المملكة العربية السعودية وفق مدونة القرارات الصادرة لحماية اللغة العربية.
حدود البحث:
-
حدود الموضوع: ينحصر في مدونة قرارات اللغة العربية الصادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز (من عام 1346هـ حتى عام 1435ه).
-
الحدود المكانية: المملكة العربية السعودية.
أهداف الموضوع:
-
الوقوف على الوضع اللغوي في المملكة العربية السعودية.
-
الوقوف على نشاط السياسة اللغوية في المملكة العربية السعودية.
-
استحضار البعد التاريخي لجهود المملكة العربية السعودية في التخطيط اللغوي.
-
استثمار نتائج السياسة اللغوية في دعم الجامعات والمراكز البحثية والأقسام ذات الصلة.
-
التعرف على القرارات الرسمية وخطاباتها التواصلية في تدبير مشكلات اللغة.
الدراسات السابقة:
مقال الربيع "اللغة العربية في الأنظمة والسياسات السعودية"، مقال مكون من إحدى عشرة صفحة ورد ضمن مجلة التخطيط السياسي الصادرة من مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو جزء من دراسة أنجزها ونشرت ضمن إصدارات مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تحدَّث فيه عن عدد من القرارات الصادرة من مجلس الوزراء، قسَّمها إلى ستة أنظمة: نظام الحكم، ونظام القضاء، ونظام التعليم، ونظام الإعلام، ونظام التجارة، والأنظمة المالية، وأورد على كل قسم أمثلة من قرارات المدونة.
تفيد هذه الدراسة في بيان مفهوم الأنظمة، بدل القرارات التي اعتمدتها في هذه الدراسة، ويقصد بها الأنظمة السعودية، والقوانين التي تحكم المعاملات والعلاقات في تاريخ المملكة العربية السعودية.
دراسة القنيعير "العربية في الأنظمة السعودية"، نشرت هذه الدراسة ضمن إصدارات مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، في كتاب "جهود المملكة العربية السعودية في خدمة اللغة العربية" (1434ه-2013م)، (من صفحة 71-84)، أوردت الباحثة في هذه الدراسة أهم الأنظمة التي تضمَّنت إشارةً أو توجيهًا يتعلق باللغة العربية، ومن ذلك: نظام الجنسية السعودية، ونظام وثائق السفر، ونظام الإذاعة، ونظام العمل والعمال، ونظام الدفاتر التجارية، وخلصت الباحثة إلى أنه لا يوجد التزام بالقرارات الصادرة، وعزت ذلك إلى عدم فاعليّة العقوبات المعلنة في الأنظمة ذات الصلة باللغة العربية.
وهذه الدراسة تطالب بضرورة إصلاح الأنظمة المتخصصة باللغة العربية الفصحى وضرورة استخدامها بدلًا من العامية.
دراسة المحمود "السياسة اللغوية السعودية: تحليل ودراسة"،مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 28، العدد 13، (1441هـ -2020م)، للباحث محمود بن عبد الله ، أستاذ اللغويات التطبيقية المشارك، قسم اللغويات التطبيقية، معهد اللغويات العربية، بجامعة الملك سعود، تحدث فيه عن الأيديولوجيات التي بنيت عليها السياسة اللغوية في السعودية، وقسَّمها إلى أيديولوجيات اجتماعية، وأيديولوجيات ثقافية، وأيديولوجيات لغوية، وذكر أمثلة على كل أيدلوجية من مدونة قرارات اللغة العربية.
هيكل البحث:
-
تمهيد: التعريف بمدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية.
-
المبحث الأول: مظاهر الوعي اللغوي في مدونة قرارات اللغة العربية.
-
المبحث الثاني: مظاهر استعمال اللغة وتطبيقاتها الاجتماعية في مدونة قرارات اللغة العربية.
-
المبحث الثالث: مظاهر المسؤولية اللغوية (الإلزام والزجر) في مدونة قرارات اللغة العربية.
-
قائمة المصادر والمراجع.
أولاً: التعريف بالمدونة
هي عبارة عن مجموعة من القرارات، والأوامر، والأنظمة، واللوائح، والتعاميم، التي تختص باللغة العربية واستخداماتها، صدرت إمّا بأوامر ملكية، أو من قبل دوائر حكومية عليا في الدولة، كالوزارات ونياباتها العامة.
ولقد قام بجمع هذه القرارات ونشرها مركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية، وكان ذلك في عام 2015م.
وبإجراء مسح شامل وإحصاء لهذه القرارات نجد أنها تعطي نتائج لما شهدته المملكة العربية السعودية من تطور في كافة المجالات، وحيثما استجد أمر في أيِّ مجال من المجالات تنبّهت له السلطات السعودية وأصدرت فيه قرارًا يُمكِّن اللغة العربية منه.
وهذا ما يؤكد على مدى حرص واهتمام القائمين على أمر المملكة بأهمية اللغة العربية في أن تكون هي اللغة الرسمية المتداولة بين جميع المؤسسات الحكومية والخاصة.
ونجد أن الشركات الأجنبية قد وجدت نصيبًا وافرًا من الاهتمام بهذه القرارات من حيث صياغة العقود، والمكاتبات بينها وبين المؤسسات الحكومية، وترجمة لافتاتها، وذلك بما تمثله من خطر على اللغة العربية ومكانتها؛ إذ أنَّ نهضة المملكة في بداياتها قد قامت على هذه الشركات وخاصة شركات: البترول، والخدمات المختلفة من طرق واتصالات وكهرباء وإنشاءات وغيرها من الخدمات، وكنموذج لهذا ما نجده في القرار التاسع والذي ينص على موافقة مجلس الوكلاء "على أن تقوم هذه الشركات وكل شركة أجنبية قائمة بالتصدير في البلاد بكتابة (بوالسها) باللغة العربية إلى جانب اللغة الإفرنجية؛ ضمانًا لمصلحة تجار هذه البلاد من جهة، ومن جهة أخرى حفظًا لكرامة لغة البلاد التي يجب المحافظة على كرامتها"(0).
ولقد غطت هذه القرارات كافة الجوانب والأنشطة المجتمعية، التي تقوم بها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، من تجارة، واقتصاد، وتعليم عام وعالي، وإعلام، ودعوة وإرشاد، وصحّة وقضاء.
وشملت القرارات أيضًا الهوية الشخصية والمقدمين لها، وشركات الخطوط الجوية السعودية، باعتبارها تمثل هوية المملكة في جميع أنحاء العالم، كما اهتمت بعض القرارات بنشر اللغة العربية على نطاق العالم، في آسيا وأفريقيا، وأوروبا، عبر معاهد اللغة العربية للناطقين بغيرها، وعبر انتداب معلمين للدول لتعليم اللغة العربية -مالطا نموذجًا-وهذا ما يؤكد على العمل الجاد والدؤوب لنشر لغة القرآن.
ونصت المدونة على الترجمة للنتاج الفكري العالمي المميز؛ لأن ذلك يعود على أبناء الوطن بالفائدة، ويوصلهم بكل ما هو متميّز في العالم من أبحاث أو كتب أو أيِّ نتاج فكري آخر.
ونجد أن أكثر القرارات إمَّا أن تحث وتُلزم باستعمال اللغة العربية أو ترفض وتعاقب من لم يلتزم بها، أو تنبه وتصحح الأخطاء اللغوية أو الأخطاء الإملائية.
وكانت هذه القرارات على عدة فترات تناوب فيها حكام البلاد على كرسي الحكم ابتداءً بمؤسس المملكة الملك عبد العزيز، وانتهاءً بالملك عبد الله، رحمهم الله جميعًا وذلك على النحو الآتي:
فترة الحكم
عدد القرارات
الملك عبد العزيز
11
الملك سعود
9
الملك فيصل
9
الملك خالد
18
الملك فهد
53
الملك عبد الله
46
وهناك ثلاثة قرارات في المدونة لا تحمل تاريخ إصدار وهي على التوالي: القرار الخامس والأربعون بعد المئة، والسادس والأربعون بعد المئة، والسابع والأربعون بعد المئة.
ونلاحظ من الجدول السابق أن عدد القرارات زاد بصورة ملفتة في آخر عهدين للحكم، ولعلَّ ذلك بسبب انتشار العولمة في المنطقة وتأثيراتها على اللغة العربية فكان من المناسب تكثيف القرارات التي تعمل على حماية اللغة العربية من التأثيرات الخارجية عليها، وقد يكون ذلك أيضًا بسبب دخول الحاسوب الآلي إلى المؤسسات الحكومية؛ مما أدى إلى سهولة حفظ وتداول هذه القرارات بعكس الفترات السابقة لهذين العهدين.
واهتمت المدونة بعمل إحصاء بملخص القرارات في كل سنة وكانت سنة 1433هـ هي أكثر السنوات التي صدر فيها قرارات تخص اللغة العربية حيث بلغت هذه القرارات خمسة عشر قرارًا، "ومن الجدول هذا"(0) نلاحظ أن هناك تسعة وثلاثين سنة لم يصدر فيها أي قرار يخص اللغة العربية، وليس بالضرورة أنه لم يصدر، بل قد يكون صدر، ولكن لم تصل إليه يد الباحث عن هذه القرارات، فآلية الاهتمام متفاوتة في عدد من الجهات "ثم إن الأرشفة والتوثيق عزيز في عدة مؤسسات"(0).
ويوجد في المدونة تمثيل بياني للقرارات المرتبة بحسب التاريخ وفهرس للجهات التي أصدرت القرارات وفهرس أيضًا لملخص القرارات وملخص لعدد القرارات في كل سنة، ولقد ذُكر في هذا الملخص أن عدد القرارات في سنة 1374ه "أربعة قرارات"(0) بينما في الواقع هي خمسة قرارات وفقًا لما جاء في المدونة، وذكر أيضًا أن عدد القرارات في سنة 1416ه أربعة، ولكن الموجود في هذه السنة على حسب ما ذكر في المدونة هي خمسة قرارات أيضًا.
وبصفة عامة تعد هذه المدونة غنية وشاملة وموثقة لكل القرارات الخاصة بتمكين اللغة العربية في مجتمع المملكة العربية السعودية، ويمكن لأيِّ باحث أن يتناولها من الزاوية التي يراها، ويمكن أن تحلل بقراءات متعددة تضيف للمكتبة العربية كثيرًا من المعلومات، وذلك لأهمية المدونة في السياسات اللغوية والتخطيط اللغوي للملكة العربية السعودية، وكذلك يمكن للدول العربية الاستفادة من هذه المنهجية في جمع قرارات اللغة العربية التي اتبعها المركز في التصنيف والتبويب.
ثانيًا: الجهات المصدرة للقرارات
تنوعت الجهات المصدرة لهذه القرارات في مدونة قرارات اللغة العربية بحسب وزارات الدولة ومؤسساتها وإداراتها، حيث بلغ عدد الجهات التي أصدرت هذه القرارات ثمانيةً وثلاثين جهة، يأتي مجلس الوزراء في المرتبة الأولى في تصدير هذه القرارات بخمسة وأربعين قرارًا، تليه المراسيم الملكية بخمسة وعشرين مرسومًا ملكيًا، ثم تتوالى بقيت الجهات وتتفاوت في عدد القرارات ما بين قرار واحد إلى خمسة أو ستة قرارات.
وكلنا نعلم أن رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية والذي صدرت منه أغلب هذه القرارات هو الملك غالبًا أو نائبه في فترات سابقة من الحكم السعودي، وكذلك الأمر بالنسبة للمراسيم الملكية التي تصدر من الملك أيضًا.
ووفقًا لهذا فعدد القرارات الصادرة من الملوك المتتالين على سدة الحكم في المملكة العربية السعودية يقدر بنحو سبعين قرارًا، أي ما يقارب نصف هذه القرارات.
ونجد من هذه القرارات ما هو صادر بأمر ملكي، أو مرسوم ملكي، أو من المقام السامي، وهناك فرق بين كل جهة من هذه الجهات وذلك على النحو الآتي:
-
المرسوم الملكي: هو ما "يمثل الإرادة الملكية التي تصدر في شكل قرار مكتوب وبطريقة معينة بوصفه رئيسًا للدولة، وذلك للموافقة النهائية على بعض الشؤون الداخلية والخارجية بعد عرضها وإقراراها من مجلسي الشورى والوزراء"(0).
-
الأمر الملكي: هو ما "يمثل الإرادة الملكية التي تصدر في شكل قرار مكتوب وبطريقة معينة في أمر من الأمور دون مشاركة مجلسي الشورى والوزراء"(0)، ويوجد في المدونة أمر ملكي واحد يخص اللغة الرسمية للدولة.
-
المقام السامي: هو "إرادة ملكية يعبر عنها الملك أو أحد نواب رئيس مجلس الوزراء في شأن من شؤون الدولة سواء شفاهية أو كتابة للتأكد من صحة وصلاحية ما يتخذ من قرارات في شؤون معينة"(0)، ويوجد قرار واحد أيضًا صادر من المقام السامي.
ثالثًا: أهمية مدونة قرارات اللغة العربية
إن شبه الجزيرة العربية هي المستودع الحقيقي للغة العربية، فمنها خرجت وانتشرت؛ لذلك عرف الحكام الذين توالوا على الحكم السعودي أهمية هذه المنطقة والتي تمثل مساحتها أكثر من ثلثي مساحة شبه الجزيرة العربية، وأهمية اللغة العربية فيها، فهي المنبع الأساسي للعربية؛ لذلك نشاهد أن من أولويات اهتمام حكام هذه المنطقة الرعاية التامة للغة العربية، فهذه القرارات منحت للغة العربية طابع الشمولية، والتمكين لها في كافة المستويات الوزارية، وفي مختلف المؤسسات والإدارات الحكومية.
وتأتي هذه المدونة تأكيدًا على أن هذه القرارات لم تصدر إلا عن وعيٍ لغوي مدرك لأهمية اللغة العربية، ومدرك لخطر الإخلال بها، وإثباتًا لمسؤولية جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها عن اللغة العربية، فالمسؤولية مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فردية، يتفرد بها كيان واحد؛ وذلك لأن المجتمع اللغوي قائم على كيانات متعددة.
وهذه القرارات الموجودة في المدونة تبيّن لنا الصلة القوية والعلاقة المتينة الراسخة بين السلطات السعودية وبين اللغة العربية، وتوضح لنا مدى الرقابة الدقيقة، والمتابعة اللصيقة، لكلِّ طارئ يطرأ على هذه اللغة من قريب أو من بعيد؛ فتعد هذه المدونة من أفضل وأوضح الشواهد، على مدى الاعتناء والاهتمام الذي تجده اللغة العربية في المملكة العربية السعودية.
وتكمن الأهمية الحقيقة للمدونة، في كونها المرآة العاكسة للسياسة اللغوية وللتخطيط اللغوي في المملكة العربية السعودية، فمن هذه القرارات نستطيع رؤية اليد صانعة القرار السياسي اللغوي في المملكة العربية السعودية، ومدى حرصها وتدخلها في الحفاظ على اللغة العربية، وفي الحث على استخدامها والعمل على نشرها.
ولقد أصبحت هذه المدونة مرجعًا أساسيًّا لكل تعميم أو قرارا يخص اللغة العربية؛ يلجأ لها الباحث أو المسؤول للوصول للمعلومة التي يريدها في هذا الشأن.
رابعًا: هدف المدونة
يتضح من خلال مقدمة المدونة أن الهدف الأساسي من جمع هذه القرارات وإخراجها للمكتبة العربية هو إثبات لما تأسست عليه المملكة العربية السعودية من مبادئ وقيم وثوابت عليا تتمثل في العناية الفائقة باللغة العربية في مجالات الحياة المختلفة؛ لأنها لغة الدولة، ولأنها اللغة المعبرة عن هويتها، ولأنها لغة القرآن الكريم والدين الإسلامي.
ومن أهداف المدونة أيضًا "رصد القرارات احتفاءً بالجهد المميّز للدولة -أيدها الله-في دعم اللغة العربية وتطبيقاتها"(0)، "وذلك انطلاقًا من أن القرار مرتبط بالسياسة والتخطيط اللغوي"(0).
فجميع هذه القرارات التي في المدونة تؤكد أن لرجالات السياسة في المملكة العربية السعودية -بمختلف مسمياتهم ومناصبهم التي يتولونها-دورًا فاعلًا في دعم اللغة العربية وفي الاهتمام بها وفي محاولة حمايتها من الأخطار المحيطة بها، وخاصة مع كثرة الدعوات التي تهاجم اللغة العربية بين فترة وأخرى.
وهناك هدف مهم لمدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية، وهو أن تكون هذه المدونة نقطة البداية والانطلاق نحو عمل أكبر قد يشمل دول الخليج والعالم العربي، فالأمانة العامة لمركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية "ترى في هذا العمل أساسًا تنطلق منه أعمال أخرى؛ لإتمامه أو لتنميته أو للبناء عليه"(0).
خامسًا: منهجية جمع القرارات
لقد أوضحت الأمانة العامة لمركز الملك عبد الله لخدمة اللغة العربية بأنها -وفي سبيل تنفيذ هذا المشروع، وجمع مفرداته الأولى، وبناء منهجيته-تواصلت مع بعض الباحثين والمهتمين بهذا الشأن؛ لجمع ما تيسر من مادته، ثم أوكل المشروع بعد ذلك إلى فريق عمل متخصص، بناه وفق رؤية علمية منهجية، مرت بعدد من مراحل الجمع، والدراسة، والتدقيق، والإخراج.
وكانت المنهجية التي اتبعها المركز في تصنيفه لهذه القرارات منهجية فعّالة؛ من شأنها أن تسهل للجهة المطلعة على القرار أو المهتمة به من حيث: التنفيذ أو الرقابة أو المتابعة أو من أجل الدراسة والتحليل بأن تصل لأسرع نتيجة وبأقل جهد.
فمن حيث الشكل فقد اعتمدت المدونة على تصنيف القرارات في شكل جدول يحتوي على بيانات تشتمل على:
ملخص القرار، وجهة الإصدار، ورقم القرار، وتاريخ القرار، وفي الأسفل نص القرار، ويعلو الجدول كتابة الرقم، على نحو ما في الشكل الآتي:
الأول:
ملخص القرار
جهة الإصدار
الرقم
التاريخ
الاعتناء باللغة العربية والمحافظة على أساليبها الفصحى ومراعاة قواعدها
مجلس الشورى
14
24/7/1346هـ
النص
إنّ الواجب يقتضي بأن يُعتنى باللغة العربية اعتناءً تامًا؛ لأنها اللغة الرسمية للحكومة الحجازية النجدية، وبالأخص في التجارة التي تدور بين الدوائر، ويحتم لزوم المحافظة على أساليبها الفصحى مع انتقاء الألفاظ اللغوية، ومراعاة القواعد العربية.
أما من حيث الترتيب، فقد وردت هذه القرارات مرتبة بحسب التاريخ الهجري الذي أُصدرت فيه، ابتداءً بالتاريخ الأقدم، وانتهاءً بالتاريخ الأحدث.
ومن حيث المدة الزمنية التي كتب فيها كل قرار يخص اللغة العربية فالمدونة بدأت بالقرار الأول والصادر من مجلس الشورى بالرقم 14 بتاريخ 24/3/1346هـ، والخاص بوجوب الاعتناء باللغة العربية، وتنتهي بالقرار رقم (149) بتاريخ 9/6/1435هـ الخاص بقرار وزراء التعليم العالي بدول مجلس التعاون الخليجي الخاص باعتماد مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية مرجعًا رئيسًا لكافة البرامج في دول مجلس التعاون الخليجي في مجال اللغة العربية.
ومن هذا نجد أن مدة التوثيق بلغت تسعة وثمانين عامًا، شهدت خلالها المملكة العربية السعودية كثيرًا من التطورات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والرياضية، والعلمية؛ مما يؤكد أن اهتمام ملوك المملكة والمسؤولين فيها بمواكبة هذه التطورات كان عاليًا جدًا، بالمتابعة الدقيقة لهذه التطورات، وربطها بالتخطيط اللغوي والسياسة اللغوية للملكة.
المبحث الثاني: مظاهر الوعي اللغوي في مدونة قرارات اللغة العربية
يعد الوعي اللغوي عاملًا أساسيًا في نمو اللغة وفي انتشارها وفي الذود عنها وفي ملاحظة الخطر المحدق بها وملاحقته ومحاولة القضاء عليه أو التقليل من تأثيره على اللغة، ووعي المسؤول مهم في التنبيه على الأفراد ومحاولة نقل الوعي اللغوي لهم ليصبح الوعي مسؤولية الجميع لا الفرد، فالوعي اللغوي هو بذرة التخطيط اللغوي ونواته الأولى منها ينطلق ليحقق أهدافه المستقبلية للغة وليرسم إستراتيجياته اللغوية، وفي هذه المدونة تتبين لنا مظاهر الوعي في عدة أمور منها:
-
-
الاعتناء بقواعد اللغة العربية:
من أهم مظاهر الوعي اللغوي هو الاعتناء باللغة العربية؛ وذلك بالمحافظة على أساليبها الصحيحة، وبالحث على الالتزام بقواعدها الثابتة، وبالتشجيع على تعلم مهاراتها المتعددة، وهذا لا يصدر إلا من شخص يمتلك المعرفة التامة عن هذه اللغة وعن قدراتها العالية والمميزة وعن أهمية الالتزام بالقواعد المنظّمة والمنسّقة لهذه اللغة؛ لذلك نجده دائمًا يفرض ضرورة المحافظة على أنماط اللغة العربية السليمة بوضع الدروع الحامية لها مما قد يصيبها من أخطاء أو أغلاط قد تتسبب في خلل فيها أو تشوه لها.
فالقرار الأول في المدونة والصادر في العام 1346هـ بالرقم 14 من مجلس الشورى آنذاك، والذي أكد على "أن الواجب يقتضي بأن يُعتنى باللغة العربية اعتناءً تامًا؛ لأنها اللغة الرسمية للحكومة الحجازية النجدية وبالأخص في التجارة التي تدور بين الدوائر، ويحتم لزوم المحافظة على أساليبها الفصحى مع انتقاء الألفاظ اللغوية ومراعاة القواعد العربية"(0) .
هذا القرار سبق توحيد المملكة والذي كان في عام 1351ه، فمن الواضح أن الحكومة أوْلت اللغة العربية اهتمامًا كبيرًا وهي في بدايات حكمها، وقبل توحيد أرجائها المعمورة، فهذا القرار المهم يمثل الوعي اللغوي المبكّر لدى السلطات في المملكة العربية السعودية، ويوضح لنا بداية العناية والرعاية باللغة العربية، وهو يجسد الإطار الذي بُنيت عليه بقية القرارات اللاحقة في المدونة.
ويشكل هذا القرار السياج الذي حمى المملكة لغويًا وثقافيًا وحضاريًا، وذلك بأن السلطات قد أدركت أن نهضة الأمة لا يمكن أن تتم بمعزل عن لغتها الأم، وعدم الاعتناء بها يعني تخلفها، وقد كانت التجارب العالمية للدول والشعوب التي نهضت من خلال لغتها حاضرة في ذهن هؤلاء المسؤولين: مثل اليابان، والصين، وروسيا وغيرها من الدول والشعوب.
وإن أول ما يطالعنا في هذا الشأن مقتطفات من كلمة خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله في رسالته إلى جيل الشباب والتي قال فيها "... يجب على المواطن، وخاصة الشباب أن ينهلوا من لغتهم العربية ليتمكنوا من خدمة دينهم ووطنهم أكمل الخدمة، وعليهم أن يحذروا من الشوائب والمفردات التي لا تتفق مع اللغة العربية، أو تؤثر سلبًا ..."(0)، فهذه الكلمات الخالدة توضح لنا مدى الوعي اللغوي لدى ساسة هذه البلاد وكيف هي نظرتهم للغة العربية في المستقبل حيث يأمل حفظه الله أن يكون كل شباب الوطن محبين للغتهم عاكفين عليها وناهلين منها ...
ومن الاعتناء بقواعد اللغة العربية، الحرص على سلامة أساليبها والحرص على كتابتها كتابة صحيحة خالية من الأخطاء النحوية والإملائية؛ ومن ذلك ما جاء في القرار رقم "عشرين" والصادر من نائب رئيس القضاء والذي حث فيه على "تجنب الأخطاء النحوية والإملائية في الخطابات والصكوك الصادرة من المحاكم"(0)، وذلك عندما لاحظ المسؤول كثرة الأخطاء في هذه الوثائق والتي تمثل جهات رسمية تمثل الدولة أو جزءًا منها، فأمر باستعمال الأفصح دائمًا في الكتابة وفي مراجعة ما يكتبونه ويصدرونه من وثائق رسمية؛ لكيلا تجعل من بلاد العربية ومنبعها دعوة للسخرية والاستهزاء، كما حذَّر المسؤول من التساهل في ذلك.
فعندما تكثر الأخطاء ونجد من يتابعها ويراقبها ويعمم بعدم تكرارها ويحاسب من يهملها نعرف أننا أمام مسؤول واعٍ لقيمة الكتابة وفقًا للصياغة التي تفرضها قواعد اللغة العربية، وواعي لقيمة البلاد التي تمثلها مثل هذه الكتابات، فهو يريد من جهازه هذا أن يمثل بلاده أفضل تمثيل في الالتزام بالقواعد النحوية والإملائية فيما يصدر عنه من وثائق.
ولما للخطابة والخطباء من أثر كبير في التأثير على النفوس لدى الأفراد، ولأنهم يمثلون القدوة الحسنة لدى الغالبية من المواطنين؛ بل ولهم الأثر الواسع في المستمعين لهم من غير العرب حيث ينهلون ويتعلمون منهم دينهم، نجد أن السلطات السعودية لم تهمل هذه الفيئة المهمة من القرارات، فالقرار الثاني والعشرون والصادر بالمرسوم الملكي من نظام الأئمة والمؤذنين وخدم المساجد نص على "وجوب معرفة الخطباء بقواعد اللغة العربية وعدم الوقوع في اللحن"(0)، وكذا الحال في القرار الثالث والعشرين والخاص بأئمة الجوامع.
ويتجلى لنا مدى تركيز السلطة السعودية أو من يمثلها في بث الوعي اللغوي لدى أفراد المجتمع، وذلك في القرار الثامن والخمسين والذي صدر من رئيس مجلس الوزراء في تجنب الأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام والذي جاء في نهاية نصه"... اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها بث الوعي لدى المواطنين؛ لإدراك أهمية اللغة العربية والالتزام بها في جميع المجالات"(0)، فالدعوة هنا واضحة للإعلام والهدف مرسوم وهو نشر الوعي -لدى القاطنين في المملكة العربية السعودية- بأهمية اللغة العربية وضرورة الالتزام بها في جميع المجالات.
وفي القرار التاسع والخمسين يأتي التأكيد من وزير التعليم العالي بالتأكيد على التزام قواعد اللغة العربية في جميع الاستعمالات محادثة وكتابة وتخاطبًا والذي جاء في نصه "... منعًا لاستشراء انتشار اللحن والاستعمالات غير الصحيحة في اللغة العربية، وحفاظًا على مكانتها، والتزامًا بالأسلوب الأصيل الذي درجت عليه هذه البلاد في تاريخها ومصادرها الرسمية، فقد رغب المقام الكريم التأكيد على وسائل الإعلام المختلفة بالتزام قواعد اللغة العربية في جميع الاستعمالات ..."(0).
وجاء في القرار الثالث والثمانين والصادر من نائب مجلس الوزراء التأكيد على إتباع الاسم بكلمة (ابن) وأن يؤخر اسم العائلة، فإثبات كلمة (ابن) جاء في هذا القرار بعدما لوحظ حذفها لدى كثير من الجهات وإن "الجاري في لسان العرب، وتأيد بلسان الشريعة المشرفة إثبات لفظة (ابن) في جر النسب، لفظًا ورقمًا، ولا يعرف في صدر الإسلام، ولا في شيء من دواوين الإسلام، وكتب التراجم وسير الأعلام حذفها البتة، وإنما هذا من مولدات الأعاجم"(0).
وكذلك للتفريق بين الاسم المركب وغير المركب وهذا ما يؤكده القرار السابع والثمانون والذي جاء في نصه "وحيث لاحظنا أن ترادف الاسم (مثل: علي/ محمد/ عمر) لا يزال يتردد؛ نرغب إليكم التأكيد على إنفاذ ما قضت به الأوامر المشار إليها أعلاه بكل دقة، بحيث توضع الأسماء بطريقة واضحة وأن يتبع الاسم بكلمة (ابن) أو (أل) في المكاتبات والمدارس والوثائق والجوازات وتسجيل المواليد ووسائل الإعلام"(0).
وفي القرار الحادي والتسعين نجد الاستماع والتنفيذ من المسؤول للخبير اللغوي والنحوي في مسائل التذكير والتأنيث في اللغة العربية، وتعميم ذلك لعدم الوقوع في هذه المسألة والتنبه لها في كتابة الخطابات والقرارات، ومن هذا نعلم مدى الوعي اللغوي لدى المسؤول بضرورة إصلاح الخطأ، ومدى الوعي اللغوي لدى الخبير بعدم سكوته عن ذلك، وبتقديم نصحه وتصويباته لما شاهده من أخطاء.
وفي القرار الثاني والتسعين يوجه المسؤول بضرورة "إجراء التصويبات اللغوية والإملائية اللازمة على مشاريع الاتفاقات قبل رفعها"(0)، ولا بد أن هذا القرار صدر بعدما رصد المسؤول الأخطاء؛ فوجه بوجوب المراجعة اللغوية، والإملائية، والتأكد من خلو هذه الاتفاقات من الأخطاء؛ لما قد تتسبب فيه هذه الأخطاء من خلل في هذه الاتفاقات.
وفي عام 1428هـ وفي القرار السابع عشر بعد المئة تبين لنا مدى الوعي اللغوي لدى إمارة منطقة القصيم في التقنية واستخدامها في تصحيح الأخطاء حيث كانت تحث الناسخ على تصحيح الأخطاء الإملائية باستخدام التقنية المتوفرة؛ لإنتاج نص دقيق خالي من الأخطاء.
وهذا الوعي اللغوي لم ينس قادة المستقبل وواجهة المملكة لدى العالم، وذلك بإدخال مناهج اللغة العربية في الكليات العسكرية وفي دورات الضبّاط وذلك لتعليمهم صحيح اللغة وفصاحتها وبيان أهميتها لهم، وهذا ما يمثله القرار الثلاثون بعد المئة والصادر من رئاسة هيئة الأركان العامة، ويكمل هذا القرار ما جاء في القرار السادس والثلاثين بعد المئة بتدريس المهارات الإملائية، والمهارات التعبيرية، والمهارات الخطابية في الكليات العسكرية بواقع (14) ساعة دراسية.
-
ترسيم اللغة العربية:
من المظاهر التي يظهر فيها وعي المسؤولين اللغوي هو مظهر ترسيم اللغة العربية؛ وذلك بجعلها لغة رسمية للدولة في نظام حكمها، وبجعلها أيضًا لغة رسمية لجميع المؤسسات التابعة للدولة.
وأول ترسيم للغة في المدونة هو ترسيم الإذاعة السعودية؛ وذلك لأنها كانت الوسيلة اليتيمة التي تنقل وتنشر المعلومات والأخبار ففي عام 1374هـ صدر المرسوم الملكي بأن "اللغة الرسمية للإذاعة السعودية هي اللغة العربية"(0) وذلك مثلما جاء في القرار السابع عشر.
وبعد ترسيم لغة الإذاعة يأتي ترسيم اللغة العربية في محاكم المملكة العربية السعودية في سنة 1395هـ، وذلك وفق القرار الحادي والثلاثين والذي نص على أن "اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمحاكم"(0).
وفيما يتعلق بالمحاكم وبيوت العدل يأتي ترسيم اللغة العربية عند النظر في الدعوى والحكم عليها أمام ديوان المظالم وذلك كان عام 1409ه، وفقًا لما جاء في القرار الخامس والستين.
ورابع ترسيم للغة العربية كان ترسيم لغة الدولة، وذلك عند صياغة النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، وهذا الترسيم مثَّل المادة الأول من النظام الأساسي للحكم والذي صدر في عام 1412هـ، والذي نص على أن اللغة العربية لغة الدولة.
ويعد هذا القرار أهم قرار في ترسيم اللغة العربية، حيث أعطى لها القوة والسيادة على المشهد اللغوي في المملكة العربية السعودية، كما منح للغة العربية الإطار القانوني الذي من خلاله تستطيع جميع مؤسسات الدولة التحدث بها وتستخدمها في جميع مخاطباتها ومراسلاتها الرسمية التي تكون بين دوائر وأجهزة الدولة.
وفي عام 1424هـ يأتي القرار السادس والتسعون ليعتمد اللغة العربية في المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، فهذه الخطوط هي السفير السعودي للخارج فهي تجوب كل أنحاء العالم وتحدث الناس بهوية المملكة وأصالتها وكيانها العربي لتمثل بذلك الوجه الحضاري والثقافي للملكة العربية السعودية، ويأتي القرار الثامن والأربعون بعد المئة تأكيدًا لهذا القرار وتجديدًا له.
وفي القرار الثالث والعشرين بعد المئة في عام 1430ه يأتي ترسيم اللغة العربية في مركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات لمجلس التعاون حيث قرر المركز أن "اللغة العربية هي لغة المركز الرسمية"(0).
-
تعريب التعليم:
يُعد التعليم في السياسات اللغوية من أفضل الطرق لتعميم اللغة وانتشارها؛ وسبب ذلك أنه يستهدف جميع أفراد المجتمع؛ مما يؤدي بالتالي إلى سرعة تداول اللغة الهدف.
ومن مبدأ أن الأجيال الناشئة يجب أن تتربى في حضن لغتها وثقافتها وقيمها، اعتمدت السلطات في المملكة العربية السعودية اللغة العربية لغةً لنظامها التعليمي، فالسياسة اللغوية في المملكة تحمل "عددًا من الأيديولوجيات الثقافية التي يمكن استنتاجها، ومن أبرزها محورية اللغة العربية في النظام التعليمي"(0).
وإن تعريب التعليم "يسلم إلى تسيير عجلة اقتصادات الدول العربية؛ إذ يوفر فرص عمل هائلة، ويحد من البطالة، ويقلص العمالة الوافدة، ويزيد من حجم التكامل الاقتصادي والمهني العربي اعتمادًا على كفاءات مهنية عربية تتحدث لغة مشتركة، ويقلص حجم النفقات الهائلة المنفقة في استيراد المعرفة"(0)، ولأن اللغة العربية هي اللغة الأم لهذه المنطقة؛ فمن الأفضل للطفل أن يتعلم بها ليندمج مع بيئته اللغوية اندماجًا تامًا، ومدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية حافلة بهذه القرارات والتي تخص تعريب التعليم ومنها على سبيل المثال: القرار رقم سبعين والذي نص على أن "اللغة العربية هي لغة التعليم في الجامعات ..."(0)، وليس الأمر كذلك فقط، بل أوجب الأمر أن تكون اللغة العربية هي اللغة المعتمدة في كتابة رسائل الماجستير والدكتوراه كما نصّ على ذلك القرار "الثاني والثمانون"(0) والقرار السادس والأربعون بعد المئة.
-
نشر اللغة العربية خارج الحدود وبناء المعاهد الخاصة بتعليمها:
إن توسيع حدود اللغة إلى خارج البلاد هو توسيع للحضارة والثقافة لهذا البلد، ونشر اللغة العربية هو خدمة لهذه اللغة وخدمة للدين الإسلامي المرتبط بهذه اللغة؛ ولأن السعودية تمثل الثقل الاقتصادي والثقل الديني في هذه المنطقة وفي المناطق الإسلامية فإن ذلك يساعد على نشر هذه اللغة وتعميمها على بعض البلدان المجاورة وخاصة الإسلامية منها، فحينما "ترتبط بعض الأديان ارتباطًا مباشرًا بلغةٍ من اللغات، ولا سيما حين يكون للدين نص مؤسس، حينئذ ينعكس تقدم الدين تقدمًا في اللغة"(0)، وهذا ما وعاه مسؤولو هذه البلاد عندما عملوا على نشر هذه اللغة خارج حدود المملكة بإنشاء معاهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أو بمساعدة الدول بإرسال معلمين لتعليم هذه اللغة؛ وذلك لأن "الأمم الواعية اليوم تسعى جاهدة لنشر لغاتها وتبسيط قواعدها"(0)، وهذا ما فعلته المملكة العربية السعودية وفق ما سوف نشاهد من قرارات تضمنتها مدونة قرارات اللغة العربية.
ففي القرار الثاني عشر والصادر من وزير المعارف عام 1373هـ والذي احتوى على العمل على نشر اللغة العربية في باكستان، فمنذ ذلك الحين والسعودية تعمل جاهدة على نشر اللغة العربية عبر مؤسساتها الحكومية خادمة لها، وللمسلمين، ومفقهة لهم في الدين.
ومن نشر اللغة العربية إرسال المعلمين المتقنين لها ولقواعدها مثلما حدث في عام 1402ه حينما صدرت الموافقة على ندب (25) معلمًا لتعليم اللغة العربية في مالطة وفقًا لما ذُكر في القرار الثامن والأربعين.
وفي سبيل نشر اللغة العربية خارج البلاد تحمّلت المملكة العربية السعودية العديد من رواتب المعلمين غير السعوديين، الخاصين بمعاهد تعليم اللغة العربية التي كانت موجودة خارج البلاد، كما تكفّلت المملكة بتزويد هذه المعاهد بمعامل لغوية تخدمهم وتكون عونًا لهم في تعلم اللغة العربية، كما أن المملكة تقوم بدعوة المعلمين في هذه المعاهد لأخذ دورات تدريبة في معاهد اللغة العربية في المملكة لإعدادهم الإعداد الجيد والمناسب؛ لتعليم اللغة العربية في بلدانهم، وفي هذا الصدد يأتي القرار الرابع والخمسون على "موافقة اللجنة العليا لسياسة التعليم على تقرير اللجنة المكلّفة بدراسة أوضاع معهد اللغة العربية في تركيا ومقترحات دعمه"(0).
ودعمًا لما تقوم به المؤسسات الحكومية في نشر اللغة العربية أتت الموافقة على السماح للمعاهد الخاصة (الأهلية) بافتتاح معاهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وذلك في عام 1416هـ، كما بيّنه القرار الثالث والسبعون، والقرار السادس والسبعون.
وفي القرار الرابع بعد المئة، نشاهد فيه مشروعًا لنشر اللغة العربية في جزر القمر، والذي كان نصه "تفويض معالي وزير التعليم العالي -أو من ينيبه- بالتباحث مع الجانب القمري في شأن مشروع مذكرة تعاون في مجال نشر اللغة العربية ..."(0).
وللمحافظة على سلامة اللغة العربية، ولإيجاد البيئة المناسبة لنشر وتطوير اللغة العربية جاء القرار الرابع والعشرون بعد المئة والقاضي بتنظيم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية.
وفي الإطار العسكري تم إنشاء معهد اللغات العسكري، والذي تكون مهمته تأهيل ورفع مستوى المهارات اللغوية للعسكريين الناطقين بغير العربية، والذين يأتون للسعودية للتدريب، وللاستفادة من الدورات المنعقدة في المملكة، فلقد جاء في نص القرار الرابع والأربعين بعد المئة "اعتمدوا تكليف المعنيين بمعهد اللغات العسكري بالقوات البرية بوضع رؤية واضحة لتعليم العسكريين الأجانب غير الناطقين باللغة العربية والملتحقين بدورات عسكرية في المرافق التعليمية بالقوات المسلحة ..."(0).
-
الإعلام والإعلان:
الإعلام والإعلان سواء المقروء أو المسموع هو من أكثر الوسائل استخدامًا للغة، ولقد وعت السلطات السعودية أهميت الإعلام والإعلان في نقل الوعي والاهتمام باللغة العربية إلى أفراد المجتمع، وفي حماية الأجيال الناشئة من الغزو الثقافي والحضاري، والذي صارت وسائل الإعلام من ضمن أذرعه المؤثرة في محو اللغات والثقافات لدى الشعوب في عصر صارت فيه السماوات مفتوحة واللغات مشاعة بين العامة والخاصة.
فمن وعيها أنها أسندت إلى الإعلام مهمة تبسيط اللغة العربية الفصحى، كما جاء في القرار السادس عشر، وألزمت الإعلان المقروء بضرورة التقيد بقواعد اللغة العربية كما في القرار السابع والستين كما سيأتي معنا لاحقًا.
ففي القرار التاسع والخمسين -والذي صدر "بشأن ملاحظة بعض الظواهر المتفشية على اللسان العربي وفي أساليب الكتابة وفي وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من صحافة وإذاعة وتلفاز"(0)- تأكيدًا على أن مثل هذه المجالات غير مقبول فيها الخطأ واللحن؛ لأن لها ما لها من تأثير على المستمعين والقرّاء والمشاهدين، فالمسؤول هنا يعي أهمية اللغة العربية وأهمية الالتزام بقواعدها وبعدم السماح بانتشار الخطأ وتفشيه في مثل هذه الوسائل.
وعمومًا فقد اعتمدت السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية وفي مادتها السابعة عشرة ست نقاط في الحرص على استخدام اللغة العربية الفصحى، وملخصها فيما يلي: "التوجيه بالالتزام بقواعد العربية الفصحى لكلِّ من يعمل في هذا الجهاز، الارتفاع بلغة البرامج الشعبية من العامية إلى الفصحى، تشجيع البرامج التي تقدِّم بالفصحى، محاولة تعليم الفصحى لغير الناطقين بها"(0).
ولما يمثله الإعلان عن السلع من أهمية في التسويق والترويج لدى التاجر فيكسبه ذلك سرعة في الانتشار والوصول للمواطن صدر القرار السابع والستون من المرسوم الملكي والقاضي بوجوب مراعاة "قواعد اللغة العربية الفصحى في نص الإعلان"(0)؛ وذلك من أجل أن تصل المادة الإعلانية بشكلٍ صحيحٍ لغويًا، غير مؤثرة على لغة المتلقي سلبًا، بل يجب أن تكون صياغة الإعلان داعمة للمتلقي في تعلم الأسلوب الجديد أو تعزيز القاعدة الموجودة في ذهنه.
وفي القرار الرابع عشر بعد المئة أصدر مجلس هيئة سوق المال بأن إعلان الشركات للمساهمين يجب أن يصاغ وفقًا لقواعد اللغة العربية السليمة؛ وذلك لكي يفهمه جميع المساهمين في هذه الشركة أو تلك على مراده؛ وليضع سياجًا عن تأويله في غير سياقه.
-
الترجمة:
إن الاتصال بالحضارات الأخرى، وتقوية الروابط والصلات معها، ونقل العلوم والمعارف وتبادلها، وبناء الوعي الثقافي المتكامل للعلوم، وتنمية الفكر العلمي، لا يتم إلا عن طريق الترجمة للعلوم وللمعلومات الهامة التي من شأنها أن تفيد المتعلم وتقدم له كل ما هو جديد في شتى الميادين.
ولقد اعتنت المملكة العربية السعودية بهذا الموضوع ومنه ما نجده في مدونة قرارات اللغة العربية؛ فالقرار رقم ستين يلزم شركات الدواء بضرورة ترجمة النشرات والتعليمات الدوائية المرفقة بعبوات الدواء إلى اللغة العربية لما في ذلك من توعية صحية تنم عن وعي لغوي عن أهمية ترجمة مثل هذه الأشياء التي من شأنها أن تفيد المواطن في معرفة دواعي وموانع وأضرار وفوائد مثل هذه الأدوية.
وفي القرار الحادي بعد المئة والذي جاء فيه: نقل النتاج الفكري العالمي المتميز في المجالات ذات الصلة بنشاطات معهد الإدارة إلى اللغة العربية، وفي القرار التالي لهذا القرار جاءت ضرورة توثيق جميع ما يتعلق بحقوق الإنسان والترجمة من العربية وإليها.
وتزخر المدونة بضرورة الترجمة للعقود والمعاهدات والاتفاقات التي تعقدها الجهات الحكومية أو الشركات المحلية مع نظيراتها من الشركات الأجنبية؛ نظرًا للأهمية التي تمثلها مثل هذه المعاهدات والاتفاقات كما سوف يأتي.
المبحث الثالث: مظاهر استعمال اللغة وتطبيقاتها الاجتماعية في مدونة قرارات اللغة العربيةنجد في مدونة قرارات اللغة العربية تعميمًا للغة العربية في جميع المنشآت والمؤسسات العاملة في المملكة العربية السعودية، وهذا التعميم يؤكد الاهتمام بهذه اللغة من قبل المسؤولين ويؤكد الحرص على المجتمع السعودي وحمايته عبر لغته؛ لذلك كانت اللغة العربية في صلب اهتمام القائمين على أمر المملكة وكيانها السياسي، وتؤكد قرارات استعمال اللغة العربية وتطبيقاتها الاجتماعية الواردة في مدونة قرارات اللغة العربية على حماية الهوية العربية لهذه الدولة، وعلى التحريض للمحافظة على عربية المشهد اللغوي الاجتماعي من خلال الكتابة والمخاطبة والاعتزاز بالعروبة والتفاخر بها على نحو ما يلي:
-
فرض استعمال اللغة العربية في المراسلات والمكاتبات:
إن تأثير النهضة الاقتصادية التي شهدتها المملكة العربية السعودية -التي أعقبت اكتشاف النفط وإبرام العقود والاتفاقات مع الشركات والمؤسسات الكبرى المتخصصة في ذلك- ساعد في زيادة عدد العمالة الوافدة (الأجنبية) بكثافة إلى المملكة؛ فكان لذلك تأثير واضح على المشهد اللغوي في البلاد، تمثل في بعض المراسلات والمكاتبات وتحرير العقود مع الدوائر الحكومية أو مع الشركات الأخرى داخل البلاد بلغات أجنبية مغايرة للغة البلاد المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم؛ مما يؤدي ذلك إلى إضعاف اللغة العربية ومزاحمة اللغات الأجنبية لها في المواقع الرسمية للدولة، وهذا ما جعل من المسؤولين في الدولة أن يلتفتوا إلى وضع المحاذير والقيود على هذه الشركات والمؤسسات، والتي من شأنها أن تحافظ على جو صافٍ خالٍ من المنغصات للغة العربية ولمجتمع اعتاد على التخاطب والتحدث بها، فأصدرت في ذلك عددًا من القرارات التي تفرض على هذه الشركات استعمال اللغة العربية وترك سواها من اللغات الأجنبية، ومن هذه القرارات:
القرار الخامس والثلاثون والذي كان يوجب استعمال اللغة العربية في تحرير المراسلات حيث جاء في حيثياته "... ولما لانتشار هذا الأمر من خطورة على لغتنا التي هي جزء من تراث أمتنا؛ فإن سموه يرى التأكيد بشدة على الجهات التنفيذية بالالتزام بذلك، وإلزام الشركات باستعمال اللغة العربية في جميع أمورها داخل المملكة"(0)، ونجد هنا مدى إدراك المسؤول للتأثير الذي تتسبب فيه استعمالات اللغات الأجنبية على اللغة العربية وعلى التأثير فيما يخص تراث الأمة العريق على المدى البعيد.
وفي القرار السادس والثلاثين أصدر وزير الداخلية قرارًا بإلزام الشركات باستعمال اللغة العربية في جميع أمورها داخل المملكة، وأن يكتب هذا الأمر و"ينص عليه في العقود"(0) المبرمة مع هذه الشركات. ويأتي القرار السابع والثلاثون تأكيدًا على هذا القرار.
ولأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للملكة العربية السعودية، ولأن صياغة العقود باللغة الأجنبية غالبًا ما تخدم طرفًا واحدًا وهو الطرف الأجنبي الذي صيغ العقد بلغته؛ جاء القرار التاسع والثلاثون؛ ليؤكد إلزام الشركات والمؤسسات الأجنبية العاملة في المملكة العربية السعودية باستعمال اللغة العربية في العقود، والمراسلات، والوثائق المختلفة، ونصه "... وحيث إن العقود المحررة باللغات الأجنبية غالبًا ما تكون مصوغة بطريقة تخدم الطرف الأجنبي عند تفسيرها وترجمتها إلى اللغة العربية، ولأنه من الواجب استعمال اللغة العربية، باعتبارها اللغة الرسمية للملكة؛ فيقضي أن تلتزم جميع الجهات الحكومية والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة باستعمال اللغة العربية في مراسلاتها وفي تحرير العقود ومرافقاتها ووثائقها المختلفة التي تتم بين هذه الجهات والشركات والمؤسسات الأجنبية ..."(0)، وتأكيدًا لهذا القرار جاء القرار الأربعون، والقرار الحادي والأربعون.
وفي القرار السادس والخمسين وصفٌ شاملٌ لجميع استعمالات اللغة العربية كما يصف الأثر السلبي اللغوي بسبب كثرة العمالة الوافدة وخاصة في المنطقة الشرقية حيث جاء نص القرار على النحو الآتي: "إن مجلس القوى العاملة وبناءً على المادة الثانية من نظام مجلس القوى العاملة، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/31) وتاريخ 10/8/ 1400هـ، وبناء على خطاب وكيل وزارة الداخلية رقم (3س/7271) وتاريخ 27/5/1403ه، بشأن ما لُوحظ في الآونة الأخيرة من انتشار اللغة الأجنبية المصاحبة للعمالة الوافدة التي ترد إلى وزارة الداخلية بشأنها من جهات عديدة، مؤداها أن اللغة الأجنبية طغت على المتاجر والمكاتب والفنادق، خاصة المنطقة الشرقية بسبب كثرة الأجانب فيها، وأنه قد يترتب على ذلك من آثار سلبية على الحياة في البلاد، والذي رأى صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، وبناء على جلسة المجلس بتاريخ 7 رجب 1404هـ أن يقرر الآتي: -
-
تنمية الشعور بأهمية اللغة العربية، ويتم ذلك عن طريق وسائل الإعلام والمدارس، والجامعات، وخطب الجمع، والمواعظ.
-
يجب استخدام اللغة العربية كأساس للتعامل في المؤسسات والمصالح مثل المستشفيات والفنادق والمطارات والبنوك وما شاكلها، ويجوز استخدام اللغة الأجنبية في المصطلحات عند الضرورة.
-
حث وسائل الإعلام على ترجمة المسلسلات الأجنبية وأشرطة الصور المتحركة إلى اللغة العربية صوتًا وكتابةً.
-
حث الجامعات ودور النشر على أن تعمل بأقصى طاقة ممكنة على ترجمة المصطلحات الأجنبية الشائعة والاستفادة مما أنتجته المجامع اللغوية.
-
حث الجهات الرياضية على استعمال اللغة العربية في ميادينهم بدلًا من المصطلحات الأجنبية، ولا سيما عند نقل المباريات، واعتماد ذلك في أنظمتهم وتدريباتهم.
-
التأكيد على الشركات بأن تكون اللغة العربية لغة العقود والإعلانات، وعلى وزارة التجارة مراعاة ذلك.
-
التأكيد على الشركات المورّدة بكتابة أسماء البضائع وأوصافها باللغة العربية، وعلى وزارة التجارة والجمارك مراعاة ذلك.
-
التأكيد على وزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية بعدم الترخيص لأيِّ محلٍّ أو مؤسسه تحمل اسمًا أجنبيًا.
-
قصر استخدام العاملين في الوظائف ذات الاتصال المباشر بالجمهور (كموظفي الاستقبال، ومأموري السنترال في الفنادق والمطارات والموانئ والبنوك والمستشفيات وغيرها) على المتحدثين باللغة العربية، وعلى وزارة الداخلية مراعاة ذلك.
-
تشجيع غير العرب على تعلّم اللغة العربية، بإيجاد الوسائل الملائمة لذلك، عن طريق برامج التلفزيون.
-
على جميع الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ ما ورد أعلاه كلٌّ فيما يخصه"(0).
إن التوجيهات التي وردت في هذا القرار كانت شاملة لكثير من أوجه الحياة الاجتماعية إن لم نقل كلها، فتنمية الشعور الوطني للمواطن السعودي بأهمية اللغة العربية يعود ذلك على تعزيز الهوية الوطنية لدى كل مواطن ويساعد على حبه لموروثه ولثقافته، والسبيل الوحيد للوصول لذلك يكون عن طريق وسائل الإعلام، والمدارس، والجامعات، وخطب الجمع والمواعظ، وهذه تقريبًا جميع الأوجه الممكنة للوصول إلى أفراد المجتمع كما ذكرت في القرار؛ وذلك من أجل تنمية الشعور بأهمية اللغة العربية، ونتيجة لهذه التنمية تُصنع أجيال مدافعة عن لغتها حريصة على دراستها وإتقانها من جميع جوانبها متقبلة لكل قرار أو أمر يأتي من ساسة البلاد يخص تنمية اللغة وتطويرها أو يحرص عليها ويحميها.
وفي هذا القرار إيضاح بأن اللغة العربية أساس للتعامل في كل من المنشآت التي كان يتوقع منها أن تتعامل باللغة الأجنبية (المستشفيات، المطارات، الفنادق، البنوك)؛ وخاصة أن هذه المنشآت تكثر فيها العمالة الأجنبية، ولكن هذه القرار يوضح أنه لا يجوز استخدام اللغة الأجنبية في هذه المواقع، بل يجب استعمال اللغة العربية، وينحصر استعمال اللغة الأجنبية في استعمال المصطلحات فقط وعند الضرورة، وهذه المنشآت التي وردت في هذه النقطة تمثل لنا الجانب الاقتصادي للملكة وكيف تم ربط هذا الجانب باللغة العربية اعتزازًا بهذه اللغة وإيمانًا بأن هذه اللغة تؤدي الغرض المطلوب منها في جميع الجوانب الحياتية وعلى الوجه الأكمل.
ونقف في هذا القرار على مدى إدراك المسؤول لتأثير التلفاز على المجتمع السعودي وخاصة ما يعرض فيه من مسلسلات ورسوم متحركة والتي عادة ما تستهدف طائفة غالية لدى أفراد مجتمعنا متمثلة في الجانب النسوي وفي الجانب الآخر فلذات الأكباد؛ لذلك كانت عين الرقيب يقظة لمثل هذه الأشياء لعمل حاجز منيع لتقليل التأثير على اللغة العربية وعلى مكانتها المرموقة والمعهودة لدى أفراد المجتمع السعودي.
ولم ينس هذا القرار الدور الريادي الذي يجب أن تتخذه الجامعات ودور النشر في العمل بالطاقة القصوى في ترجمة المصطلحات الأجنبية الشائعة لما يعود من ذلك من فائدة نفعية للمجتمع السعودي في فهم وإتقان هذه المصطلحات.
وحيث إن الرياضة (كرة القدم) في المملكة العربية السعودية تعد الرياضة الشعبية التي يتابعها أغلب المجتمع السعودي وخاصة فئة الشباب منهم جاء هذا القرار حاثًا للجهات الرياضية على استعمال المصطلحات العربية بدلًا من الإنجليزية خاصة عند نقل المباريات؛ نظرًا لما تحويه من عدة مصطلحات إنجليزية.
ويؤكد هذا القرار على ضرورة استخدام اللغة العربية عند صياغة العقود وبنودها والإعلانات ومحتوياتها وباستخدام اللغة العربية أثنـاء التعامل مع المراجعين والذين يمثلون المجتمع السعودي وضرورة التعامل مع هذا المجتمع بلغته.
كما أوجب هذا القرار على الشركات الموردة للسوق السعودي، بكتابة أسماء البضائع وأوصافها باللغة العربية؛ وذلك من أجل حماية المجتمع بحصوله على ما يريده من مواصفات واعتمادات بشكل مبسط ويسير بلغته الأم، فربط الاقتصاد بلغة المجتمع أمر هام لم يغفله هذا القرار.
واحتوى هذا القرار على عقوبة عند عدم استخدام اللغة العربية وذلك بسحب أو عدم منح التراخيص اللازمة لافتتاح أي محل أو أي مؤسسه تحمل اسمًا أجنبيًا، حيث إن "الاعتبارات الوطنية تقضي بألا ترفع لوحة إلا بلغة الدولة التي تقيم فيها الشركات والمؤسسات"(0).
وحمايةً للمجتمع من التيه والضياع يجب توظيف العاملين -في الاستقبال ومأموري السنترال في الفنادق والمطارات والموانئ والبنوك والمستشفيات- المتحدثين بلغة المجتمع (اللغة العربية) ليسهل لهم عملية التواصل والاتصال المباشر لما يريدون.
وفي النقطة الأخيرة من هذا القرار دعوة إلى تشجيع غير العرب لتعلم العربية وذلك من أجل نشر العربية وزيادة عدد المتحدثين بها ويكون هذا بإيجاد الوسائل الملائمة لذلك.
وفي القرارين السابع والسبعين والثامن والسبعين الصادرين من المؤسسة العامة لتحلية المياه ومن هيئة الري والصرف بالأحساء على التوالي تأكيدٌ على استعمال اللغة العربية في تحرير العقود التي تتم بين الجهات الحكومية.
واستعمال اللغة العربية لم يقتصر على كتابة المراسلات وتحرير العقود والوثائق التي تتم بين هذه المؤسسات، بل شمل أيضًا استعمال اللغة العربية في الكتابة على المعدات وعلى السيارات الخاصة بهذه المؤسسات أو الشركات، وشمل أيضًا الكتابة على المباني الخاصة بهذه المؤسسات أو بهذه الشركات، وذلك مثلما جاء في القرار التاسع والسبعين الصادر من وزارة الداخلية حيث جاء فيه: "نرغب إليكم إلزام الشركات والمؤسسات التي لها علاقة معكم بأن تستعمل اللغة العربية وتكتب ذلك على جميع معداتها وسياراتها ومبانيها إضافة إلى لغتها"(0).
كما أن استعمال اللغة العربية يجب أن يكون في التعليمات التي يصدرها صاحب العمل إلى موظفيه أيضًا، والنص العربي هو النص المعتمد دون غيره من النصوص الأخرى التي تستعمل لغة غير اللغة العربية، ويوضح ذلك ما جاء في القرار الثالث بعد المئة الصادر بمرسوم ملكي "اللغة العربية هي الواجبة الاستعمال في البيانات والسجلات والملفات وعقود العمل ... وكذلك التعليمات التي يصدرها صاحب العمل لعمّاله"(0).
وفي القرار السابع بعد المئة الصادر من مجلس الوزراء توضيح للجهات الحكومية وللمؤسسات العامة وللشركات المملوكة للدولة لطريقة مراسلة وتحرير العقود بينها وبين الشركات والمؤسسات الأجنبية وأن تلتزم باستعمال اللغة العربية في جميع وثائقها المختلفة، وهذا القرار أصدر أيضًا من وزارة المياه والكهرباء ومن وزارة المالية، ومن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، ومن هيئة الري والصرف بالأحساء، ومن إدارة التربية والتعليم بمحافظة عنيزة، ومن إمارة منطقة القصيم.
إن مثل هذه القرارات جعلت توظيف اللغة العربية في العقود وفي المراسلات شيئًا أساسيًا يحمي ويحافظ على اللغة الرسمية للملكة العربية السعودية.
-
حصر استعمال اللغة الإنجليزية:
عندما تفرض اللغة العربية على الاستعمال لدى الشركات الأجنبية أو الحكومية فلا بد من أن يكون هناك محاصرة ومحاولة تضييق على اللغات الأخرى المنافسة للغة العربية في الاستعمال لدى هذه الشركات والمؤسسات.
ولأن المنافسة تتمثل في اللغة الإنجليزية لأنها واحدة من أقوى اللغات الأجنبية في هذه المنطقة والتي تحاول السيطرة دائمًا على كتابة المعاهدات والوثائق وما في حكمها في المملكة العربية السعودية؛ لذلك وجدنا في مدونة قرارات اللغة العربية أن يد المسؤول تحاول جاهدة في دحر هذه السيطرة، ومنع استعمال هذه اللغة إلا في أنماط وأطر محددة مدركةً بذلك للخطر الذي قد تمثله اللغة الإنجليزية في مزاحمة اللغة العربية، فتم حصر استعمالاتها في نطاقات معدودة لا مناص فيها من استخدام هذه اللغة، ومن ذلك حصرها في المجالات "التي تتضمن نواحي فنية يصعب صياغتها باللغة العربية"(0)، كما ذكر ذلك القرار الثامن عشر.
وفي الخطوط الجوية العربية السعودية وهي الواجهة الحضارية والمعبر الأساسي لدخول وخروج الأجانب، وللمتحدثين بغير العربية، تم حصر استعمالات اللغة الأجنبية فيها على النحو التالي:
-
استعمال اللغة الإنجليزية في المراسلات الخارجية أو مع الجهات غير العربية.
-
استعمال اللغة الإنجليزية في كتابة تذاكر الرحلات الخارجية فقط.
-
استعمال اللغة الإنجليزية في المصطلحات الفنية التي يصعب ترجمتها باللغة العربية.
وكان هذا ملخصًا لنص القرار الحادي والعشرين الصادر من رئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة.
ومن صور حصر استعمال اللغة الإنجليزية ما جاء في القرار الرابع والأربعين بعدم استعمالها إلا في كتابة المصطلحات الفنية المتعارف عليها عالميًا ويكون ذلك بكتابتها بين قوسين، إضافة إلى ذكرها باللغة العربية.
ولقد تم منع استعمال اللغة الأجنبية إلا فيما تقتضيه الحاجة الماسة لاستعمالها، ومن ذلك ما ورد في القرار السابع والخمسين والذي ألزم "الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات الأهلية والفنادق وسواهم ممن درج في مخاطباته ومكاتباته على غير العربية بجعل العربية هي الأولى في المخاطبة والمكاتبة، ومنع استعمال لغة أخرى إلا فيما تقتضيه الضرورة"(0).
ومن حصر استعمال اللغة الإنجليزية ما صدر من وزير التجارة في الاسم التجاري بأن يكون اسمًا ذا شهرة عالمية، أو اسمًا لشركة ذات رأس مال مشترك (مختلط) ويتم تحديدها بقرار من الوزير، وإلا فالواجب "أن يتكون الاسم التجاري من ألفاظ عربية أو معربة، وألا يشتمل على كلمات أجنبية"(0).
-
استعمال التاريخ الهجري:
يُعد التاريخ الهجري الضابط الأساسي في عبادة المسلمين لربهم يقول عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[البقرة: 189].
فالتاريخ الهجري تاريخ يعرف به المسلمون المواقيت الخاصة بعبادتهم، وبالتاريخ الهجري تم توثق وقائع وأحداث الأمة الإسلامية، وبواسطته دُونت الأيام الخالدة للمسلمين، ومن هذه الأهمية للتاريخ الهجري نجد أن السلطات السعودية جعلت استخدامه والعمل به من جميع الأجهزة الحكومية ملزمًا وواجبًا، فالمادة الثانية من النظام الأساسي للحكم وبعد ترسيم اللغة العربية الذي كان في المادة الأولى نصَّت على أنَّ "عيدا الدولة هما عيدا الفطر والأضحى، وتقويمها هو التقويم الهجري"(0).
ومدونة قرارات اللغة العربية تزخر بالدعوة إلى استخدام هذا التاريخ مقرونًا باستخدام اللغة العربية ليؤكد كل هذا على التزام المملكة العربية السعودية بهويتها الدينية والثقافية بما يمثله التاريخ الهجري من رمزية للملكة باعتبارها موطن المقدسات الشريفة الممثلة في الحرمين الشريفين، ومن ذلك ما جاء في القرار الخامس والخمسين الصادر من وزير التعليم العالي والذي جاء فيه "... والكل يدرك أن اعتزاز الإنسان بلغته وتاريخه الهجري أمر واجب إسلاميًا ووطنيًا، ولا مجال لتبرير سلوك هذا الطريق؛ لذا فإني أؤكد على الجميع وجوب الالتزام بما يلي:
أولًا: استعمال اللغة العربية والتاريخ الهجري في كافة الإجراءات والمخابرات والعقود داخل المملكة وخارجها ومع أي جهة، وإذا كانت المخاطبة مع جهات لا تتكلم العربية، أو لا تستعمل التاريخ الهجري، فلا مانع من استعمال لغة المخاطب والتاريخ الذي يستعمله إضافة إلى اللغة العربية والتاريخ الهجري"(0).
والتاريخ الهجري يمثل الأساس في الاستخدام الرسمي للدولة، وهذا ما يؤكده القرار الصادر من وزارة الدفاع والطيران/ رئاسة الطيران المدني حيث جاء فيه "نؤكد على جميع الإدارات والمطارات بضرورة استخدام اللغة العربية والتاريخ الهجري كأساس في إعداد وثائق المنافسات؛ لخدمات التشغيل والصيانة وصياغة العقود الخاصة بها والمخاطبات الرسمية"(0).
وفي القرار الحادي والثلاثين بعد المئة الصادر من إمارة الرياض توجيه بالتقيد باستخدام التاريخ الهجري في جميع المخاطبات حفاظًا لهوية التاريخ الهجري الإسلامي، وجاء القرار الثالث والثلاثون بعد المئة تأكيدًا لهذا القرار، وعند الحاجة للتاريخ الميلادي يمكن أن يقرن بالتاريخ الهجري كما نص على ذلك القرار الرابع والثلاثون بعد المئة.
-
استعمال الأرقام الهندية:
إن المملكة العربية السعودية تستخدم في كتاباتها ومراسلاتها وفي جميع استخداماتها الأرقام الهندية (المستخدمة حاليًا) (1، 2، 3، ...) بدلًا من الأرقام العربية الغبارية والمستعملة في العالم الغربي (1، 2، 3، ...)؛ وذلك لأن الأرقام الهندية كانت سابقة للأرقام العربية واستخدمت في جميع كتب التراث، وما الدعوة إلى استخدام الأرقام العربية إلا خطوة أولى نحو استخدام الحرف اللاتيني ليصبح قرينًا للرقم المستخدم لديهم، فالأخذ "بالرقم كما طوره الأجانب تنكر للتراث العربي الإسلامي الذي سارت معه الأرقام قرونًا طويلة، وسيؤدي ذلك إلى حرمان الأجيال الجديدة منه، وليس في ذلك مصلحة للعرب والمسلمين، وسيؤدي أيضًا إلى صرف أموال طائلة من أجل اعادة طبع الكتب بالأرقام الجديدة"(0).
وهناك عدة أسباب أخرى ذكرت في القرار الخمسين حيث قال: "لا يجوز تغيير الأرقام المستعملة حاليًا إلى الأرقام المستعملة في العالم الغربي؛ لأسباب كثيرة، منها: أن ذلك خطوة من خطوات التغريب، ولأنه مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائقه، ولأن جميع المصاحف والتفاسير والمعاجم والكتب المؤلفة تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها أو في الإشارة إلى المراجع"(0).
وفي القرار الحادي والخمسين تأكيدٌ على الاستمرار في استعمال الأرقام المستعملة حاليًا حيث أوصت هيئة كبار العلماء بذلك.
-
العقوبة على استعمال غير اللغة العربية:
العقاب سبب من أسباب التوازن والاستقرار الاجتماعي، وعادةً ما يفرض العقاب من أجل التصحيح، وعدم تكرار الفعل المعاقب عليه في المستقبل، وهذا ما جعل من السلطات السعودية أن تشرع في فرض بعض العقوبات على بعض المؤسسات أو الشركات التي تخالف أنظمتها وقوانينها اللغوية؛ لكي يستقيم المشهد اللغوي الذي ترتئيه الدولة.
وبالنظر إلى العقوبات الواردة في مدونة قرارات اللغة العربية نجد أنها على نوعين: النوع الأول عقاب بالرفض، والنوع الثاني عقاب بالجزاء النقدي أو عقاب بالحرمان من التوريد أو التصدير.
-
الرفض:
ويكون ذلك برفض الطلب المقدم من الهيئات والمؤسسات والشركات للسلطات السعودية، والتي تطلب فيه غالبًا استعمال اللغة الإنجليزية بدلًا من اللغة العربية في بعض من مراسلاتها وعقودها، ومن ذلك رفض الطلب المقدم من الهيئة الملكية والذي كان يطالب فيه باستثناء وثائق العقد وملاحقه من أن تكون باللغة العربية، وهذا ما يمثله القرار الثاني والأربعون.
ومن الطلبات التي كانت تطالب بالاستثناء من استعمال اللغة العربية طلب وزير البرق والهاتف استثناء تحرير المواصفات الفنية لمشاريع الوزارة حيث جاء فيه "بسبب عدم توفر الخبراء المهندسين العرب الذين يمكنهم صياغة المواصفات بلغة عربية، وأن ترجمتها إلى اللغة العربية مهما روعي فيها الدقة تظهر مشوهة وركيكة، كما أنها تستغرق الكثير من الوقت والتكاليف، فضلًا عن أن العديد من المصطلحات والكلمات لم يجر تعريبها؛ بسبب التسارع المذهل في تقنية علوم الاتصالات"(0)، ورغم هذه المبررات التي وردت في النص إلا أنّ ذلك لم يكن سببًا كافيًا لاستخدام اللغة الأجنبية على حساب اللغة العربية عند المسؤول السعودي، ومهما كانت قوة المبررات، فلا سبيل لاستعمال لغة غير اللغة العربية.
وعندما تستخدم بعض المؤسسات أو الشركات أو الهيئات لغة غير اللغة العربية فيما يتعلق بوثائقها وعقودها ومرافقاتها فإن ديوان المراقبة لا يقبل كل هذا ما لم تكن باللغة العربية كما جاء ذلك في القرار الخامس والأربعين.
وفي القرار الثالث والخمسين نجد الرفض والغرامة معًا والغرامة سوف تكون جزافًا لردع تكرار مثل هذا الأمر في استعمال لغة غير اللغة العربية في مسك الحسابات وإعداد بيانتها التي تقدم من أجل تحصيل الضريبة فمصلحة الزكاة "ترفض قبول أي حسابات معدة في الخارج وبغير اللغة العربية، وسوف تقوم بتقدير الضريبة جزافًا لأيِّ شركة لا تتقيد بذلك"(0).
وفي المجال التعليمي رفضت اللجنة العليا لسياسة التعليم الطلب الذي تقدمت به مدارس نجد والتي كانت تطالب فيه بتدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية، فتم رفضه وتم إلزامها بالتدريس باللغة العربية، وهذا ما ذكر في القرار الحادي والستين.
-
الجزاء النقدي والحرمان من التوريد والتصدير:
ويستحق هذا الجزاء كل من استعمل اللغة الأجنبية في كتابة القيود أو في المكاتبات أو في المعاملات الخاصة بالشركات أو المؤسسات الأجنبية التي تعمل في المملكة العربية السعودية.
والتشريع الأول لهذه العقوبات فرض منذ عام 1371هـ كما جاء في النص المشرع لهذه العقوبات والوارد في القرار الحادي عشر حيث جاءت فيه العقوبات على النحو الآتي:
"للمرة الأولى: جزاء نقدي لا يقل عن خمسة آلاف ريال عربي.
للمرة الثانية: جزاء نقدي لا يقل عن خمسة آلاف ريال عربي مع الحرمان من التوريد والتصدير لمدة سنة"(0).
ولقد نُفِّذ هذا الجزاء على شركة طيران الشرق الأوسط "بدفع الغرامة المالية المستحقة للمرة الأولى وقدرها خمسة آلاف ريال"(0) نظرًا لاستعمالها اللغة الإنجليزية في مكاتبتها الرسمية بدلًا من اللغة العربية.
وفي القرار السابع والعشرين الصادر من مصلحة الزكاة والدخل تنويه بأن أي مكاتبات أو حسابات تقدم بغير اللغة العربية تعرض مقدمها إلى غرامة مالية.
والقرار التالي لهذا القرار هو قرار تنظيمي يتم فيه تحديد الجهة التي توقع الجزاء النقدي على الشركات الأجنبية التي لم تستعمل اللغة العربية في قيودها.
وفي القرار الثاني والثلاثين تلويح من وزارة التجارة بوقف فسح السلع الغذائية للشركات والمؤسسات التي لا تستعمل اللغة العربية من ضمن اللغات المستعملة في بطاقات المواد الغذائية.
والقرار الثالث والثلاثون الصادر من نائب مجلس الوزراء فيه إلزام بكتابة المراسلات باللغة العربية وكل من يخالف ذلك يعاقب بغرامة مالية لا تزيد على عشرة آلاف ريال.
وفي القرار الثاني والخمسين تأكيد على الغرامات المالية على الشركات التي لا تستعمل اللغة العربية في سجلاتها وقيودها، وتأكيد على الرفض لكل حساب مُعد في الخارج بغير اللغة العربية.
ومن كل هذه المظاهر لاستعمالات اللغة العربية نجد أن القيادة السعودية حرصت على استعمال اللغة العربية في جميع المجالات التي تخص المجتمع السعودي، وهذا الحرص يعبر عن مدى المحافظة على المجتمع السعودي وعلى ضرورة تماسكه، فاللغة العربية تعد مكونًا أساسيًا من مكونات هذا المجتمع، واستعمال غير اللغة العربية لهذا المجتمع يقود إلى التشوه الثقافي والفكري.
المبحث الرابع: مظاهر المسؤولية اللغوية (الإلزام والزجر) في مدونة قرارات اللغة العربيةإن مظاهر المسؤولية اللغوية في مدونة قرارات اللغة العربية تتجلى لنا من خلال الاهتمام والاعتناء باللغة العربية من جميع الجهات المصدرة لهذه القرارات في هذه المدونة وفي مقدمتهم الملك أو من ينوب عنه؛ وذلك لأن المسؤولية اللغوية مسؤولية جماعية لا تقتصر على أفراد أو على مؤسسات بعينها، فهي مسؤولية الجميع؛ لأنها لغة الجميع في هذا البلد.
ومظاهر المسؤولية اللغوية تأتي غالبًا عبر آليتي (الإلزام والزجر) باعتبار أن التهاون في أمر استعمال اللغة العربية يضر بالمجتمع وهويته وسيادته وخصوصيته الثقافية والفكرية، فأولى مظاهر المسؤولية اللغوية هي استشعار المسؤولين فيها أهمية اللغة التي تمثل هوية الدولة وعنوانها، ويأتي ذلك عبر السياسات اللغوية التي تضعها الدولة وتخطط لها لتمكين لغتها الوطنية.
ولأن لغة المملكة العربية السعودية هي اللغة العربية فيجب أن تكون السياسة اللغوية للمملكة هادفة لتمكين اللغة العربية في كافة أنظمتها وشؤون حياتها كما قررت القيادة ذلك؛ فالسياسة اللغوية هي مظهر إستراتيجي يحدد للغة مسارها داخل المجتمع، ويرسم لها الطريق والمنهج الذي تسير على منواله في مؤسساتها الرسمية، حتى تحقق الأهداف المرتبطة بحماية اللغة ومستقبلها الآمن، ولا غنى للأمم عن الوصول إلى الصنيع الجيد والنتيجة الحسنة من السياسة والتخطيط في قطاعات شتى، سواء أكانت اقتصادية، أم لغوية، أم ثقافية، أم سياسية ...
والمسؤولية اللغوية في المملكة العربية السعودية تتضح لنا بوضوح من خلال تغيير مسمى البلاد من (المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها) إلى (المملكة العربية السعودية)، فوصف "المملكة (بالعربية) في المقام الأول يحمل دلالات رمزية كبيرة لقيمة العربية في هذا الكيان السياسي"(0)، ويبين لنا هذا التغيير مدى المسؤولية عند حكام وساسة هذه البلاد في أن جعلوا من العربية أن تمثل ثلث المسمى الذي يطلق على هذه البلاد.
وفي مدونة قرارات اللغة العربية عدد من المسؤوليات اللغوية المناطة برعاية اللغة العربية توضح لنا الدور الذي لعبته الدولة وساستها في المحافظة على هذه اللغة وعلى صيانتها المستمرة والدؤوبة لتستمر اللغة العربية ويستمر عطاؤها لنا، ومن القرارات التي تضمّنتها هذه المدونة وأعربت لنا عن المسؤولية اللغوية لدى المسؤولين في المملكة العربية السعودية ما يلي:
-
تصحيح الخطأ:
من المسؤوليات اللغوية المناطة بالسياسة اللغوية تصحيح الأخطاء والأغلاط التي تقع في الكشوفات أو في الأوراق الرسمية للدولة؛ لأن تركها يؤدي إلى انتشارها، وإلى سقم في الكتابة وفي اللسان العربي الصحيح، وإلى تشويه في المنظر العام لهذه السجلات.
ففي القرار الثامن والثلاثين "... لاحظنا أن إدارات الأمن العام تستبق (أل) التعريف على اسم فريق أول في خانة التوقيع، ولا نرى داعيًا لذلك؛ فيعتمد أن تذكر الرتبة بدون (أل) التعريف بحيث يصبح (فريق أول)"(0).
فهذا القرار تصحيح لقاعدة نحوية معروفة وهي مطابقة النعت للمنعوت، فلقد تنبَّه لها المسؤول وأصدر قراراه هذا بتصحيحها، حتى وإن كانت في كشوفات التوقيع؛ فهذا يدل على أن هناك مسؤولًا متابعًا يرمق هذا الخطأ ويصححه.
وفي هذا الإطار يأتي القرار التاسع والعشرون في تصحيح قاعدة الأعداد وذلك عندما كُتب على القطعة المعدنية الخاصة (بالربع الريال)، (خمسة وعشرون هللة) بدلًا من (خمس وعشرون هللة)، فرغم التكلفة التي يتضمنها مثل تصحيح هذا الخطاء إلا أنه لم يترك ولم يهمل، بل أتى القرار لتعديله على الفور.
-
اشتراط اللغة العربية للوظيفة وللجنسية:
إن اشتراط اللغة العربية في الوظائف يعد خدمة إنسانية لقاطني هذه البلاد حيث لا يكلفون بتعلم لغات جديدة قد تشق عليهم وتكلفهم ماديًا في سبيل الحصول على قوت يومهم، كما أن اشتراط العربية للحصول على الوظائف يساعد المواطنين في فهم المطلوب منهم عند المراجعات وإنهاء التزاماتهم الخاصة من هذه المؤسسات أو تلك.
ولأن المملكة العربية السعودية هي الموطن الذي يجتمع فيه ملايين المسلمين من العرب ومن غيرهم من الأجناس الأخرى لأداء فرضية الحج وجب أن تكون لغة البلاد شرطًا أساسيًا من شروط الحصول على هذه الوظيفة، ففي القرار الثامن نصٌّ على أنه "يشترط في طالب المعلمانية علاوة على ما جاء في نظام المطوفين ما يأتي:
أولًا- أن يكون ممن يجيد اللغة العربية"(0)، فالمسؤولية اللغوية هنا أوجبت التعامل مع الحجيج وإرشادهم وتقديم المساعدة لهم بلغة القرآن ولغة البلد لا بلغات أخرى.
وتبرز المسؤولية اللغوية في الربط بين الهوية السعودية واللغة العربية وذلك من خلال الجنسية السعودية حيث إن الإلمام باللغة العربية شرط أساسي للتقديم على الجنسية السعودية كما جاء في القرار الخامس عشر والذي نص على "أن يكون ملمًا باللغة العربية"(0)، كل من أراد الحصول على الجنسية السعودية.
وعندما تشترط بعض المؤسسات والشركات في إعلاناتها عن الوظائف إجادة اللغة الإنجليزية نجد المسؤول يتصدى لذلك ويقصر الوظائف ذات الاتصال المباشر بالجمهور على المتحدثين باللغة العربية، ففي القرار الرابع والسبعين يصدر وزير الداخلية قراره الذي جاء فيه "ولما لوحظ من استمرار انتشار استخدام اللغة الأجنبية المصاحبة للعمالة الوافدة في أوساط العديد من المنشآت والمؤسسات والمصالح في المملكة، وذلك إضافةً إلى التركيز على شرط إجادة اللغة الإنجليزية في إعلانات الوظائف في حالات كثيرة؛ مما يؤدي إلى بعض الآثار السلبية على المجتمع بصورة عامة، وعلى سياسات توظيف العمالة الوطنية والسعودة على وجه الخصوص"(0).
وتأكيدًا على هذا القرار جاء القرار الرابع والثمانون الذي أصدر من وكيل جامعة الإمام للدراسات العليا والبحث العلمي.
-
الترجمة القانونية:
عندما تتعلق الأمور بالعقود ومذكرات التفاهم والاتفاقات وتكون بلغة أجنبية فإن من الصعب معرفة نواياها وأهدافها الخفية التي قد تكون صيغت من أجلها؛ ولتدارك أي أخطاء قد تصدر وتضر بأحد أطراف هذه العقود والمعاهدات، فرضت كتابة هذه العقود باللغة العربية إذا ما كانت هذه العقود بين طرفين داخل المملكة، مثلما مرَّ معنا في استعمال اللغة العربية في مثل هذه الأمور في المبحث السابق.
أما إذا كانت هذه الاتفاقات والعقود ومذكرات التفاهم مع طرف خارج المملكة، فهي إما أن تكون باللغة العربية أو باللغة الأجنبية التي عقدت معها هذه الاتفاقات وهذه العقود فإن كانت باللغة الأجنبية فالقرار يأمر ويوجب بدقة الترجمة لتكون مطابقة للنص المترجم عنه بنسبة 100%، ونظرًا لأهمية هذه المستندات تكمن هنا أهمية الترجمة لها؛ لفهم المطلوب، ولمعرفة كل البنود الخاصة بها؛ من أجل الالتزام والتقيد بما جاء فيها، فالترجمة هنا ضرورية وعنصر أساسي هام لسد الفجوة التي قد تكون بين المتلقي وبين اللغة المنقـول منها.
ومن ذلك ما أصدره رئيس مجلس الوزراء في عام 1430ه بتاريخ 21 رمضان، بالتأكيد "على جميع الجهات الحكومية العناية بدقة ترجمة النسخة العربية وسلامتها؛ لتكون مطابقة للنص المرجِّح في الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تبرم مع الأطراف الخارجية"(0)؛ ونظرًا لأهمية هذا القرار أُصدر من ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، ومن وزير المالية، ومن رئيس الهيئة العامة للطيران المدني، ومن وزير الشؤون البلدية والقروية.
وفي عام 1433ه صدر أمر من رئيس مجلس الوزراء بضرورة تضمين هذه العقود والاتفاقات التي تتم خارج البلاد نصًّا يفيد بتكافؤ اللغة العربية مع سواها من اللغات الأخرى في المحاكم القانونية؛ وذلك نظرًا للحساسية التي تمثلها مثل هذه الوثائق وما يترتب عليها من ربح أو خسارة في المال أو في القضايا العامة الخاصة بالدولة.
ففي القرار الخامس والثلاثين بعد المئة توجيه للجهات الحكومية "بتضمن تلك الاتفاقيات أو المذكرات نصًا يفيد بمساوة اللغة العربية للغة الأخرى في الحجية"(0)، ولقد صدر هذا القرار من عدد من الجهات المسؤولة في البلاد منها: وزارة المياه، ووزارة المالية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والمؤسسة العامة لتحلية المياه، وأمانة العاصمة المقدسة.
وفيما يتعلق بوثائق تأسيس الشركات الأجنبية داخل المملكة فيجب أن تكون هذه "الوثائق مصدقة من جهات الاختصاص مع ترجمة عربية معتمدة"(0).
وإذا كان الحكم صادرًا من هيئة التحكيم بغير اللغة العربية يجب ترجمة هذا الحكم إلى اللغة العربية.
أما إذا كتبت العقود باللغة العربية فإن السلطات السعودية تجيز وتسمح بترجمة هذه العقود، ولكن مع شرط اعتماد النص العربي في حالة وجود أي خلاف بين النصين، ففي "حالة وجود تعارض بين نصوص النشرتين؛ فإن العبرة بما جاء في النسخة العربية"(0).
كما سمحت السلطات في المملكة العربية السعودية بجواز ترجمة عقود غير السعوديين إلى غير العربية، ولكن عند "وقوع خلاف في التـرجمة بين النص باللـغة العربــية والنـص في الـترجمة فإن المـعمول عليـه هـو النـص: باللغـة العربيـة"(0).
واللغة العربية هي اللغة المعتمدة في توضيح وتفسير جميع الإعلانات والإشعارات والتقارير الصادرة من هيئة سوق المال السعودي ويسمح للمصدر ترجمة ذلك إلى اللغة الإنجليزية "وفي حال وجـود أي تعـارض بين النـص العـربي والنـص الإنجـليزي؛ يـؤخـذ بالـنص الـعربي"(0).
كما أن عقود الوحدات العقارية السياحية تجوز ترجمته إلى لغات أخرى، ولكن بشرط "أن تكون النسـخة الـعربية مـن الـعقد هـي المـعتمدة"(0).
وعقود المشتريات الحكومية يجوز فيها استخدام لغة أخرى إلى جانب اللغة العربية "علـى أن تـكون الـلغة الـعربيـة هـي الـلغة المـعتمدة في تفسـير العـقد وتنفـيذه وتحديـد مـواصفاته ومخطـطاته والمراسـلات المتعـلقة بـه"(0).
وفي عقد قرض صندوق التنمية الصناعية يجب "اعتماد النص العربي إذا وجد اختلاف بين النصين العربي والإنجليزي في عقد قرض صندوق التنمية الصناعية"(0).
وعمومًا فالمحاكم السعودية توجب التكلم باللغة العربية أثناء المحاكمة، وإذا "أراد أحد الطرفين أن يكتب مدافعة بنفسه"(0) يجب أن تكون هذه الكتابة باللغة العربية، أما إذا "كان أحد الطرفين المتداعين لا يمكنه التكلم باللغة العربية فعلى المحكمة أن تقرر تعيين ترجمان له"(0).
وهذه القرارات تثبت لنا المدى الذي تنم عنه المسؤولية اللغوية لهذه البلاد في إحقاق الحق ورد الباطل، وفي جعل اللغة العربية هي اللغة القانونية في بيوت العدل؛ ضمانًا لحق المواطن وحق الدولة بعدم التلاعب في ألفاظ العقود أو الوثائق المشابهة لها، فاللغة العربية تخلو من التعقيدات القانونية التي قد نجدها في لغات أخرى، فهي لغة رائدة في هذا المجال في المملكة العربية السعودية ولقد كتبت بها مثل هذه الوثائق والمذكرات واعتمدت من قبل الأطراف الأجنبية.
-
كتابة اللغة العربية بجانب أو أعلى من اللغة الإنجليزية:
عندما تريد الشركات أو المؤسسات الأجنبية استخدام لغتها في مسمياتها أو إعلاناتها للمحلات الخاصة بها فوق مبانيها أو في متاجرها، فإن السلطات السعودية المتمثلة في هيئاتها ونياباتها العامة تَعدُّ ذلك حقًّا خاصًّا لها، ولكن من المسؤولية اللغوية الواجبة على الساسة في المملكة العربية السعودية أن تجعل اللغة العربية مشاركة في هذا الحق؛ وذلك بوضع الاسم العربي بجانب الاسم الأجنبي أو فوقًا منه ليستطيع مشاهدته المواطن ومعرفة المقصود منه.
ومن ذلك ما جاء في القرار التاسع من إلزام للشركات الأجنبية بكتابة (البوالس) الخاصة بالشحن باللغة العربية إلى جانب اللغة الإفرنجية "حفظًا لكرامة لغة البلاد التي يجب المحافظة على كرامتها"(0).
وكذلك الأمر في محل بيع الآثار فيتوجب على صاحب هذا المحل أن يعلق إعلانًا محررًا باللغة العربية والإنجليزية "في مكان ظاهر من محله"(0).
ومن أوجب المسؤوليات اللغوية الاهتمام بصحة المواطن؛ لأن الوطن المعافى يعني المواطن السليم جسديًا ونفسيًا، واللغة العربية هي الكفيلة بتوصيل هذه المعاني؛ لأن الإنسان أكثر ما يفهم بلغته الأم وليس باللغات الأجنبية، ففي بطاقات المواد الغذائية يجب أن تكون البيانات الإيضاحية "من اسم المادة الغذائية المعبـأة، ومن صافـي المـحتويات، ومن قائمة المكـونات"(0)، مكتوبة باللغة العربية إلى جانب اللغة الأجنبية.
وفي الفنادق يجب أن تكون الأسعار والإعلان عنها مكتوبة باللغة العربية إلى جانب إحدى اللغات الأخرى (الإنجليزية أو الفرنسية) وأن "تكون واضحة وبشكل ظاهر لاطلاع النزلاء"(0).
وفي القرار السابع والأربعين الصادر من هيئة إدارة وتشغيل مشروع الري والصرف بالأحساء الصادر عام 1402ه إلزام للشركات والمؤسسات العاملة في المملكة "بكتابة اللغة العربية إلى جانب لغتها"(0).
وعندما انتشر استخدام اللغة الإنجليزية لوحدها في لوحات الإعلان عن الوجبات السريعة داخل المطاعم وخارجها أُلزمت هذه المحلات بوضع "لوحات مناسبة باللغة العربية، وبشكل واضح أعلى لوحات اللغة الإنجليزية"(0).
وفي القرار الخامس بعد المئة إلزام للمحلات التجارية والشركات والمؤسسات بكتابة أسمائها باللغة العربية وأن تكون بشكل واضح وأعلى من الاسم الإنجليزي "وألا يطغى -بأي حال من الأحوال-على الاسم باللغة العربية"(0)، وفي هذا منع لتصغير الخط العربي ودعوة إلى جعله بارزًا وظاهرًا؛ ليتسنى للمارة مشاهدته.
وفي جميع هذه القرارات نلاحظ كلمة (وجوب) أو كلمة (إلزام) وهي تدل على الأمر بالتنفيذ وضرورة التقيد بما جاء في نص القرار، وهذا يعني أن هناك زجرًا ولومًا على عدم التنفيذ؛ لذلك ذُيِّلت هذه القرارات بعبارة من مثل: على الجهات المعنية تنفيذ القرار "ومعاقبة من لم يلتزم به"(0) أو بإغلاق "المحل إذا لم يمتثل لهذا التكليف"(0) ونحوها من هذه العبارات.
وبصفة عامة تُعدُّ كل القرارات التي صدرت بشأن اللغة العربية هي قرارات مذيَّلة بهذه العبارات أو ما يتضمَّن معناها، فهي ملزمة التطبيق موجبة العمل بها؛ لأنها تستند على مرجعية قانونية منصوص عليها في نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، وهذا يدل على حضور اللغة العربية في أذهان المسؤولين في كافة المستويات ويصعب تجاوزها لما لها من مكانة في المجتمع السعودي وفي أنظمته المعمول بها لإدارة هذه البلاد.
-
إنشاء المراكز البحثية والأندية الأدبية لخدمة اللغة العربية:
إن إنشاء المراكز والأندية التي تخدم اللغة العربية يجعلنا نقف على عمق المسؤولية اللغوية التي يوليها حكام هذه البلاد وساستها للغة العربية من توفير الإمكانات المادية والبشرية التي تمكن العمل المستمر لهذه المراكز والأندية ويجعل منها مرجعًا أساسيًا لهذه اللغة، فكلنا يعرف أهمية هذه المراكز في تطوير اللغة وفي صيانتها والمحافظة عليها والدفاع عنها من اللغات الأجنبية ومن مظاهر العولمة والغزو الحضاري والتشويش الذي غزا كل مجالات الحياة، وكيف أن هذه المراكز أعدت الخطط والدراسات والبحوث والمعالجات لمشكلات اللغة التي ظهرت في المجتمع السعودي وأن لها الدور بعد الله في حماية المجتمع من آثار الهجرات التي وفدت إلى المملكة العربية السعودية بعد بروز علامات النهضة والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والانفتاح على العالم الخارجي، والذي جلب إلى المملكة العديد من الثقافات واللغات والتي كادت أن تؤثر على اللغة العربية لولا الله ثم تدخل المسؤولين في إصدار العديد من القرارات التي كانت الدرع المتين ضد هذا الغزو بفعل الوافدين إلى المملكة.
فمنذ عام 1395ه تم إنشاء الأندية الأدبية في مناطق متعددة من مناطق المملكة العربية السعودية لتلعب دورًا هامًّا في توعية المجتمع وفي نشر الأدب والثقافة وفي رعاية المواهب الأدبية الناشئة وتوفير الجو الأدبي لها والهدف الرابع من المادة الرابعة من لائحة الأندية الأدبية هو "نشر الأدب والثقافة باللغة العربية الفصحى"(0).
وفي القرار الرابع والعشرين بعد المئة صدر القرار من رئيس مجلس الوزراء في عام 1431ه بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية وباستقلال مالي واستقلال إداري.
ومن أهداف المركز كما جاء في القرار ما يلي:
-
المحافظة على سلامة اللغة العربية.
-
إيجاد البيئة الملائمة لتطوير وترسيخ اللغة العربية ونشرها.
-
الإسهام في دعم اللغة العربية وتعلمها.
-
العناية بتحقيق ونشر الدراسات والأبحاث والمراجع اللغوية.
-
وضع المصطلحات العلمية واللغوية والأدبية، والعمل على توحيدها ونشرها.
-
تكريم العلماء والباحثين والمختصين في اللغة العربية.
-
تقديم الخدمات ذات العلاقة باللغة العربية للأفراد والمؤسسات والهيئات الحكومية(0).
وفي عام 1435هـ تم اعتماد هذا المركز مرجعًا رئيسًا لكافة البرامج الخاصة باللغة العربية في جميع مجلس دول التعاون كما نص على ذلك القرار الأخير في هذه المدونة.
الخاتمة:
إن المتأمل لهذه القرارات الخاصة باللغة العربية يجد أنها غطَّت جميع نواحي الحياة الخاصة بالمجتمع السعودي تقريبًا؛ وذلك لأنها اللغة الأم لهذه المنطقة ولأن تفشي غيرها من اللغات يؤثر سلبًا على هذه اللغة وعلى عادات وتقاليد أهل هذه البقعة الفاضلة من هذه الأرض.
والسياسة اللغوية لهذه البلاد موجودة ومنتشرة في جميع الإدارات والوزارات التي تمثل السلطة السعودية مثلما لاحظنا ذلك من خلال هذه المدونة الجامعة لهذه القرارات، وأهداف السياسة اللغوية تتضح لنا من خلال هذه المدونة في عدد من الأمور منها على سبيل المثال: المحافظة على المشهد اللغوي العربي في كافة الأصعدة ومختلف المجالات، وفي التنقية اللغوية وذلك بتصحيح الأخطاء وبعدم السماح لها بالنفاذ إلى المجتمع، وفي محاصرة انتشار اللغات الأجنبية وحصر تأثيرها اللغوي على الواقع اللغوي، وفي نشر اللغة العربية من خلال عدد من الوسائل سواء من خلال الإعلام أو انتداب المعلمين لهذه اللغة للدول الناطقة بغير العربية أو من خلال بناء المنشآت الداعمة للغة العربية في عدد من أقطار العالم غير العربي، وفي نشر الوعي اللغوي بين أفراد المجتمع السعودي.
ونتيجة لذلك ما زال المجتمع السعودي متمسكًا بلغته العربية محبًا لها ومدافعًا عنها غيورًا عليها من بقية اللغات يفضِّلها ويفضِّل التحدث بها عن سائر اللغات الأخرى.
كما أن هناك بعضًا من القرارات التي تحتاج إلى تجديد ومتابعة في التنفيذ وفي وضع الخطط الناجحة للوصول بها إلى الهدف المرجو منها، كما أن العقوبات الواردة في بعض القرارات تعد قديمة نسبيًا لذا تحتاج هذه القرارات إلى دراسة فرض الغرامات وطرق تفعيلها على من لم يلتزم بهذه القرارات لتكون وسيلة من وسائل الردع وعدم التكرار.
واللغة العربية تستحق بذل المزيد من الجهد في خدمتها وفي خدمة ترسيخها، فمراقبة السلع التي تحمل الكلمات الأجنبية وخاصة ما نشاهده من ألفاظ وعبارات على بعض الملابس الرجالية منها أو النسائية يحتاج إلى تحرك المسؤول؛ ويكون ذلك بإلزام الموردين لها بتعريبها أو بصياغة نظام يمنع بيع مثل هذه الملابس التي تحمل ألفاظًا أجنبية، كما أن انتشار الأسماء الغربية في تسمية المواليد يحتاج كذلك إلى قرار يمنع مثل هذه المسميات الدخيلة علينا من المجتمعات الغربية.
قائمة المصادر والمراجع:
-
وليد العناتي، اللسانيات الاقتصادية ومنزلتها في التخطيط اللغوي: مثل من تعريب التعليم، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 28، العدد 8، 2020م، ص204.
-
مركز الملك عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، مدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية، ط1، 2015م.
-
محمود المحمود، السياسة اللغوية السعودية: تحليل ودراسة، مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الآداب والعلوم الإنسانية، م28، ع13، ص194.
-
مجموعة مؤلفين، الجهود السعودية في خدمة اللغة العربية السياسات والمبادرات، ط1، المملكة العربية السعودية، الرياض، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، 1438ه، 2017م.
-
مازن المبارك، نحو وعي لغوي، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1979م.
-
لويس جان كالفي، حرب اللغات والسياسات اللغوية، ط1، ترجمة حسن حمزة، لبنان: بيروت، المنظومة العربية للترجمة 2008م.
-
السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية، المادة السابعة عشرة، صدرت بقرار مجلس الوزراء رقم (169)، بتاريخ 20/10/1402هـ.
-
بلال دربال، السياسة اللغوية المفهوم والآلية، مجلة أبحاث في اللغة والأدب، جامعة بسكرة، الجزائر، 2014، ع10/325.
-
بكر بن عبد الله أبو زيد، معجم المناهي اللفظية، ط3، المملكة العربية السعودية، الرياض، دار العاصمة للنشر والتوزيع، 1996م.
-
أهم إنجازات خادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في المجال التنظيمي والإداري، هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، 2001م.
-
أحمد مطلوب، الأرقام العربية، ط2، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1983م.
-
أحمد بن باز، النظام السياسي والدستوري للملكة العربية السعودية، ط5، المملكة العربية السعودية، الرياض، مكتبة الرشد-ناشرون، 2015م.
0) بلال دربال، السياسة اللغوية المفهوم والآلية، مجلة أبحاث في اللغة والأدب، جامعة بسكرة، الجزائر، 2014، ع10/325.
0) مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، مدونة قرارات اللغة العربية في المملكة العربية السعودية، ط1، 2015، ص5.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، ص11.
0) انظر مدونة قرارات اللغة العربية، ص-ص 93-95
0) مدونة قرارات اللغة العربية، ص6.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، ص93.
0) أحمد بن باز، النظام السياسي والدستوري للملكة العربية السعودية، ط5، المملكة العربية السعودية، الرياض، مكتبة الرشد-ناشرون، 2015م، ص226.
0) المرجع السابق، ص226.
0) المرجع السابق، ص226 (بتصرف يسير).
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص5.
0) المرجع السابق، ص5.
0) المرجع السابق ، ص7.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، ص8.
0) مجموعة مؤلفين، الجهود السعودية في خدمة اللغة العربية السياسات والمبادرات، ط1، المملكة العربية السعودية، الرياض، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، 2017م، ص6.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص18.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص20.
0) المرجع السابق ، ص39.
0) المرجع السابق ، ص40.
0) بكر بن عبد الله أبو زيد، معجم المناهي اللفظية، ط3، المملكة العربية السعودية، الرياض، دار العاصمة للنشر والتوزيع 1996م، ص479.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص57.
0() المرجع السابق ، ص60.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص15.
0) المرجع السابق ، ص24.
0) المرجع السابق ، ص77.
0) محمود المحمود، السياسة اللغوية السعودية: تحليل ودراسة، مرجع سابق، ص213.
0) وليد العناتي، اللسانيات الاقتصادية ومنزلتها في التخطيط اللغوي: مثل من تعريب التعليم، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 28، العدد 8، 2020م، ص204.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص46.
0) المرجع السابق ، ص53.
0) لويس جان كالفي، حرب اللغات والسياسات اللغوية، ط1، ترجمة حسن حمزة، لبنان، بيروت، المنظومة العربية للترجمة 2008م، ص193.
0) مازن المبارك، نحو وعي لغوي، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1979م، ص143.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص36.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص67.
0) المرجع السابق ، ص90.
0() المرجع السابق ، ص40.
0() السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية، المادة السابعة عشرة، صدرت بقرار مجلس الوزراء رقم (169)، بتاريخ 20/10/1402هـ، ص6 "بتصرف".
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص44.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص26.
0) المرجع السابق ، ص27.
0) المرجع السابق ، ص28.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص38.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص32.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص52.
0) المرجع السابق ، ص67.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص 16.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص39.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص56.
0) أهم إنجازات خادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في المجال التنظيمي والإداري، هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، 2001م، ص8.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص37.
0) المرجع السابق، ص59.
0) أحمد مطلوب، الأرقام العربية، ط2، لبنان، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1983م، ص21.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص34
0) المرجع السابق، ص30.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص35.
0) المرجع السابق، ص13.
0) مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص17.
0() محمود المحمود، السياسة اللغوية السعودية: تحليل ودراسة، مرجع سابق، ص212.
0() مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص28.
0() المرجع السابق، ص11.
0() مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص15.
0() المرجع السابق، ص49.
0() مدونة قرارات اللغة العربية، مرجع سابق، ص74.
0) المرجع السابق، ص84.
0) المرجع السابق، ص50
0) المرجع السابق، ص26.
0) المرجع السابق، ص51.
0) المرجع السابق، ص65.
0) المرجع السابق، ص73.
0) المرجع السابق، ص73.
0) المرجع السابق، ص91.
0) المرجع السابق، ص10.
0) المرجع السابق، ص9.
0) المرجع السابق، ص 11.
0) المرجع السابق، ص21.
0) المرجع السابق، ص21.
0) المرجع السابق، ص24.
0) المرجع السابق، ص32.
0) المرجع السابق، ص46.
0) المرجع السابق، ص68.
0) المرجع السابق، ص68.
0) المرجع السابق، ص46.
0) المرجع السابق، ص90.
0) المرجع السابق، ص78.
Hamid Khader Al-Nafi'i || Language policy and its manifestations in the Code of Arabic Language Decisions in the Kingdom of Saudi Arabia ||Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 6|| Pages 496 - 541.
0
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Volume 2 Issue 6 | 2022 | ||
Article Title | Authors | Vol Info | Year |