Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches > Volume 2 Issue 6 of Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

قراءة وصفية لنظرية المعرفة عند لايبنيز |
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches
Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

 






Descriptive reading for Leibniz's Theory of Knowledge

محمد سوسي: أستاذ مبرز في الفلسفة، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، وباحث بمختبر أبحاث التكامل المعرفي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، المغرب

 

Abstract:

If philosophical thinking since ancient times has made knowledge and what guarantees the conditions of its truthfulness and non-falseness an essential part of his interests, then addressing this problem has always been linked to what distinguishes every philosophy, just as it is linked on the other hand to the historical moment and the dominance of some theoretical issues during that era. Addressing this problem has evolved from being a problem related to Aristotle and his philosophical and logical language that is based on borders, issues and categories, to the problem of modern philosophy that is based on questioning sources of knowledge: between the rational and the sensory-experimental, and related issues such as the mechanisms of the mind's operation and the role of the sensory and emotions in the production of knowledge and science, as well as the status of mathematics and its methods in establishing and developing scientific and philosophical knowledge of man and nature. Hence the importance of this article addressing the position of "Leibniz" (Gottfried Wilhelm Leibniz) from the sources of knowledge, in order to reveal the basis of epistemology and its principles based on the concept of substance and monad and the integration of the relationship between faith and reason, based on divine providence.

Keywords: Theory of Knowledge, sources of knowledge, Principals of knowledge, Substance, Monad, Divine providence.


الإطار المنهجي للدراسة:

في الرسالة 72 إلى ''ج.هـ. شولر'' (G. H. Schuller)، والتي هي رد على الرسالة 70 التي بعث بها إليه سبينوزا، يقول هذا الأخير: إنه لديه معرفة بـ''لايبنيز''، لكنه يجهل ''السبب الذي جعله ينتقل إلى فرنسا والحال أنه مستشار في فرانكفورت. وعلى حد ما لمحته من رسائله، يبدو لي صاحب فكر متحرر ومتبحر في كل العلوم. ومع هذا فلا أرى من الحكمة أن تُسَلِّمَ له كتاباتي بمثل هذه السرعة. بِوُدِّي أولا أن أعلم ماذا يفعل في فرنسا وأن أَطَّلِعَ على رأي ''تشيرنهاوس''0 فيه بعد أن يُخالِطه مدةً أَطْوَلَ ويَتَعَرَّفَ على طَبْعِهٍ عن قُرب''0.

يمكن اعتبار مشكلة مصادر المعرفة مشكلةً تستغرق كل الإنتاج النظري الفلسفي الحديث، منذ التحول العميق الذي بدأ بالانفصال عن الباراديكمين اليوناني والوسطوي مع ديكارت، الذي وضع أسسا فلسفية جديدة للمعرفة والعلم. وقد تناول لايبنيز هذه الإشكالية، ضمن مجموع القضايا التي اهتم بها والتي ترمي إلى وضع أساس متين للقول في "نظرية المعرفة"، يتماشى مع "نظامه الفلسفي" القائم على قراءة في التوجهات الفلسفية والعلمية المعاصرة له، بدءا من ''ديكارت'' و''جون لوك'' و''بليز باسكال'' وغيرهم. وإذا كان الاهتمام بمشكلة مصادر المعرفة من المداخل الضرورية عند الرغبة في الحديث عن نظرية المعرفة في فلسفة لايبنيز، فإن هذا النقاش في الحقيقة أوسع من مجرد كونه حِوَارًا بين جون لوك ولايبنيز. إنه جَوْهَرُ النقاشات في الفلسفة الحديثة، لأنه نقاش يستوعب في ثناياه إشكالية المعرفة بين الحسية والعقلانية، بين الاستقراء والاستنباط، بين الأفكار الفطرية والأفكار المكتسبة، بين العقل كأفكار فطرية وبين العقل كلوح ممسوح، بين النفس والجسم.

فكيف تتحدد مصادر المعرفة، هل بالنظر إلى كونها مصدرًا واحدا أم مصادر مختلفة؟ كيف تم النظر إلى طبيعة مساهمة الحس والعقل في تكوين المعرفة، وبأي معنى يمكن القول بأن المعرفة تقوم على الاستقراء أو الاستنباط، على الأفكار الفطرية أو الأفكار المكتسبة، بين العقل كأفكار فطرية وبين العقل كلوح ممسوح، بين النفس والجسم؟ وإذا كان العقل يتحدد عند ''لايبنيز'' كأحد أهم مصادر المعرفة، فما العقل عند ''لايبنيز''؟ وما طبيعة المعرفة العقلية عنده؟

اعتمد الباحث على المنهج الوصفي لعرض مقومات وأسس نظرية المعرفة عند لايبنيز. ومن أجل ذلك تتبع الباحث من جهة تصور لايبنيز لأهمية الأفكار الفطرية، ودور الإيمان وتوفر الحماس لدى الإنسان، ومن جهة أخرى تصوره لمفهومي الجوهر والموناد كجوهر، بغاية الكشف عن المبادئ الأساسية التي تحكم المعرفة البشرية.

أولا: مصادر المعرفة عند لايبنيز؛

  • الأفكار الفطرية مصدر من مصادر المعرفة عند لايبنيز؛

    إذا كانت معارفنا في نظر لايبنيز، تُبْنَى انطلاقا من مبدأين أساسيين هما، مبدأ التناقض0 ومبدأ السبب الكافي0، وكُنَّا بِمُوجِبِ الأول نَحكم على كل ما هو متناقض وبالصادق على كل ما هو مضاد لما هو كاذب أو يناقضه0، وإذا كُنَّا نَعْتَمِدُ عَدَمَ التناقض أساسا عند الاشتغال على الحقائق الرياضية، وكانت الحقيقة التي نَصِلُ إليها بِفَضْلِهِ تكون ضرورية، فإننا بالمبدأ الثاني (السبب الكافي)، نُسَلِّمُ بأنه لا يمكن التَّثَبُّتُ من صِدْقِ واقعةٍ ولا صِحَّةِ عبارةِ بغيرِ أن يكون ثمة سبب كافي يجعلها على هذا النحو دون غيره0. إن مبدأ السبب الكافي هو ما يُنْبِئِنَا عن حقائق الواقع، ويجعلنا نستطيع تقرير وجود عِلَّةٍ أُولَى ضرورية وكافية لجميع حقائق الواقع التي يتشكل منها الوجود، وهي علة الإله.

    انطلاقا من ذلك، يدافع ''لايبنيز'' عن وجود أفكار فطرية مصدرها النفس، وهي أفكار مطبوعة فينا، ويولد الناس جميعا مزودين بها. لذلك فهي تَتَّصِفُ بصفات الكونية، ولا دور للحواس فيها، غير كونها تعمل كعلة تنبهنا على كونها مطبوعة فينا. فالذهن البشري حسب لايبنيز ليس وِعَاءً تَنْطَبِعُ فيه المحسوسات كما يرى توماس هوبز0، بل هو آلية نشيطة وذات فاعلية تعمل على درجاتٍ من الوضوح واليقين، الأمر الذي يمكنها من إنتاج وإعادة إنتاج معارفها التي تكون في الأول مُجَرَّدَ انطباعاتٍ حِسِّيَّةٍ غُفْلٍ.

    وهكذا، يحاور ''لايبنيز'' خصمه المفترض (جون لوك0 على لسان فيلاليت)، حول العقل ووظيفته وآليات اشتغاله (آليات الاستدلال) وينطلق معه من فحصٍ للعقل، يشير فيه إلى أنه قد يعني أحيانا المبادئ الواضحة والحقيقية، كما أنه قد يَدُلُّ على النتائج الْمُسْتَنْتَجَةِ من هذه المبادئ الواضحة والحقيقية، ومن جهة أخرى قد يدل على كونه عِلَّةً، وخصوصا العلة الغائية0.

    والملاحظ أن ''لايبنيز''، وهو يتناول إشكالية مصادر المعرفة، يعمل على التَّوْلِيفِ والتركيب عند القول بالأفكار الفطرية وذلك دون نفي قاطع لدور الحس. بل يرى أنه لابد للأفكار من فكرٍ وحِسٍّ يُخْرِجُهَا من الْكُمُونِ إلى الوجود، الأمر الذي يظهر من خلال دفاعه عن المناهج العقلانية الشكلية والصورية والرياضية، واعترافه ببعض النواقص التي يعترض بها على منهجه في إثبات وجود أفكار فطرية والسير في اتجاه البحث عن تركيبات ممكنة بين تجريبية وحسية وعقلية فطرية، بين الاستنباط والاستقراء، الأمر الذي أبعده عن كل إمكانية للسقوط في النزعة الأحادية في التفسير.

  • لإيمان مصدر من مصادر المعرفة عند "لايبنيز"؛

    يعالج "لايبنيز" إشكالية مصادر المعرفة من زاوية خاصة، فيأخذ بعين الاعتبار التصورات التي عالجت الإشكالية المطروحة ويبرز أهميتها وحدودها من جهة، ويضيف إليها عناصر لاهوتية يعتبرها أساسية لإمكانية المعرفة من جهة أخرى. فكيف يتحدد لديه مفهوم الإيمان، من حيث هو مصدر من مصادر المعرفة؟ وبأي معنى يمكن اعتبار الإيمان مصدرا من مصادر المعرفة؟

    يتأسس حديث "لايبنيز" عن الإيمان بالأساس على فحص التصور القائل بوجود وقائع تفوق قدراتنا واستعداداتنا الطبيعية، أي تتجاوز عقلنا، فيعمل على توضيحيها وتدقيق النظر فيها. ثم يعمل على فحص فكرة تفيد أن هناك عناية إلهية، بوصفها فكرة تأسيسية تتمثل في كون الإله يستطيع دائما أن يُوَسِّعَ من إمكاناتنا المعرفية ويقدم لنا الوسائل الجديدة لمعرفة أية حقيقة قد نَكُونُ إِزَاءَهَا.

    واعتبارا لذلك، فإن وجود وقائع تَفُوقُ الإحساس والتفكير بالنسبة لـ"لايبنيز" هو أمر يحتاج إلى تدقيق. ومن أجل ذلك، يقف عند التمييز الذي يُقِيمُهُ مُحَاوِرُهَ بين القضايا والأحكام التي تُعَارِضُ العقل وبين القضايا التي تَفُوقُ العقل. الأمر الذي يؤدي إلى الإقرار بأن ما يعارض العقل هو كُلُّ ما لا يتفق مع الأفكار الواضحة والمتميزة. كما أن ما يفوق العقل هو كُلُّ ما لا يخضع للإحساس أو التفكير العقلي تماما مثل الاعتقاد في البعث بعد الموت. ولا شك أن هذا التمييز قد يؤدي بنا إلى الاعتقاد بأن كل ما نَجْهَلُهُ ولا نستطيع معرفته في حالتنا الحاضرة سيفوق عقلنا0. ولعل ما ينبغي الانتباه إليه هو أن ثمة إمكانية لوجود وقائع قد تبدو لنا كشيء يتجاوز عقولنا، غير أنها في الواقع وقائع قابلة للفهم، شريطة أن تكون حالة استعداداتنا قد تطورت ومعها تطورت معارفنا ووسائل المعرفة، بنحو يغدو معه ما كان يظهر مُتَجَاوِزًا لِمَلَكَاتِنَا مُمْكِنًا معرفتُهُ معرفةً يقينيةً، وما كان يبدو في الظاهر أن معرفته تَفُوقُ حَوَاسَّنَا ليس كذلك، بل يمكن أن نعرفه ونحكم عليه كُلَّمَا حصلنا على أعضاء أكثر كَمَالًا ومَعْلُومَاتٍ أكثر عن الملابسات المرتبطة به0.

    إذا كان الأمر على هذا الحال، فإن فهمنا لهذه الظواهر الممكنة هو الذي يتطلب جُهْدًا في وَضْعِ الفرضيات، وذلك بالاستناد على معلومات أكثر دقة عن الوقائع وأعضاء أكثر كمالا وذهنا أرفع0. وعلى سبيل المثال، يحيلنا "لايبنيز" على التجربة الذهنية التي قام بها "كاليلي" بخصوص سقوط الأجسام في وسط فارغ خلو من مقاومة الهواء؛ مع العلم أن الوسائل التجريبية لم تكن متوفرة آنذاك. بالإضافة إلى ما سبق، يعتبر "لايبنيز" أن ثمة إمكانية لمعرفة ما يفوق العقل، لكن ذلك لا يمكن حصوله بالطرق والْقُوَى العقلية الْمَخْلُوقَةِ، مهما كانت كبيرة وسامية. إن معرفة ذلك في نظره مخصوصة للإله وحده، لأنه هو القادر وحده على هذا الأمر. فضلا عن ذلك فإن ما نقوم به نحن من تحقيقها في الواقع هو أيضا من يمدنا به0.

    انطلاقا مما سبق، فإن العقل سيكون مرتبطا بآليات الاستدلال وبالتفكير والإحساس، بوصفها قدرات واسْتِعْدَادَاتٍ طبيعية للذات. وسيكون الإيمان مرتبطا بالوحي، مع العلم أن الوحي في حَدَّ ذاته معرفة ناتجة عن مصدر إلهي، باعتباره انْطِبَاعًا يَضَعُهُ الإله مُبَاشَرَةً في الذِّهْنِ. لكن ذلك، ليس معطى يحظى به جميع الناس، بل إنه أمر يتعلق ببعض الْمَخْصُوصِينَ من الأشخاص وهم الأنبياء؛ إذ هناك وحي أصيل ووحي تقليدي، فالأول يتم بكيفية مباشرة ويقوم على اتصال غير مألوف بالله، ويَخُصُّ الأنبياء فقط. أما الثاني، فيتم بالوساطة وبالطرق العادية للاتصال، كالرواية أو الكتابة، أي عن طريق النقل، وهو بذلك لا يمكنه أن يُقَدِّمَ أفكارًا بسيطة(فطرية)0.

    ولمزيد من التوضيح، يؤكد "لايبنيز" وجود عناية إلهية لا تتعارض مع العقل وآلياته المعرفية، فالإله لا يمنح العناية الداخلية أبدا إلا عندما ينبني الدافع للاعتقاد على أساس العقل وإلا ستنتقض وسائل معرفةِ الحقيقةِ0. إن تكامل العلاقة بين الإيمان والعقل، قائم على أساس أن للعناية الداخلية وظيفة تكميلية، بحيث تُكَمِّلُ الأحكام الناتجة عن الملكات الطبيعية وتُدَعِّمُهَا ضد اعتبارها احتمالية غير يقينية. وهذا ما يؤدي إلى ضرورة اعتبار القضايا التي تتجاوز الملكات الطبيعية قضايا إيمانية. فضلا عن ذلك، فإن تلك القضايا، خصوصا المتعلقة بالوحي التقليدي، لا يعني الاعتقاد فيها أن نُرَدِّدَ أَوْ نُكَرِّرَ أَوْ نَتْرُكَ الأمور تَمُرُّ بسهولة، فالأولوية فيها للمعرفة الحدسية باعتبارها معيارا لمصداقية القضايا الإيمانية0.

  • الحماس كمصدر من مصادر المعرفة:

    إذا كان مُحَاوِرُ "لايبنيز" يعتبر أن الحماس لا يعدو أن يكون مجرد وحي لا عقلاني ذي مصدر إلهي، فإن أول شيء يعمل "لايبنيز" على تجاوزه هو هذا الفهم المخصوص للحماس، فيعتبر بأن ربطه بالوحي يرجع أساسا إلى أن الناس يقدسون انفعالاتهم وأحلامهم على أساس أنها شيء إلهي، وقد ارتبط ظهور هذا المعنى للحماس بالكهنة والعرافين، الذين يعتقدون بأن أفكارهم ومعارفهم إنما تأتيهم مباشرة من الإله، ولذلك يعتقد من يمتلك معرفة حماسية أن الإله هو من مَدَّهُمْ بهذه المعرفة0.

    لا شك أن هذا النوع من المعرفة القائمة على رؤية الأنوار عن طريق الاستدلال الروحي، لا يعطي للروح أي نور. وصحيح أن هذه المعرفة القائمة على الوحي أو الاستدلال الروحي تقوم على عناية من الله، بحيث إن أولئك الذين يدعون أنهم يستمدون معارفهم من الله، يمكن أن يؤدي اختلافهم حول نفس الظاهرة إلى اقتناعهم بأن شهادتهم ليست إلهية.

    ورغم كل هذا، فإن الحماس بالنسبة للايبنيز، يُعَدُّ مَصْدَرًا من مصادر المعرفة، لأن هذه المعتقدات، رغم ما يشوبها من نواقص ذكرناها أعلاه، فإنها -في نظره- تُخَلِّفُ أَثَرًا طَيِّبًا وتُقَدِّمُ خدمات كبرى، لأن الله يستطيع استخدام الخطأ ليقرر أو يدعم الحقيقة، لكن لا يجب أن ننجرِ استخدام الخداع من أجل غاية طيبة0.

    لا يعدو الحماس أن يكون بالنسبة لـ"لايبنيز" شيئا غريزيا وضعه الإله في البشر، بهدف اكتشاف الصواب من الخطأ، وهو ما وقع مع سقراط حينما اعتبر أن شيطانا أو إلها كان يمنحه إنذارات داخلية0، لذلك فإن الحماس هو بمثابة مُنَبِّهٍ فِطْرِيٍّ يستطيع الإنسان بموجبه معرفة الصواب والخطأ، لكن سوء استخدام هذه الملكة أدى إلى ما أدى إليه من النواقص.

    وهكذا يمكننا ملاحظة أنه مع "لايبنيز"، سَيُعَبِّرُ المجال العملي عن معقولية جديدة، إذ يحتفظ بغاياته التقليدية المتمثلة في تحقيق السعادة. كما سَيُعَبِّرُ من جهة أخرى على تأكيد شرعية القيم الأخلاقية باعتبارها محفورة في أعماق النفس الإنسانية، ليس في صورة مبادئ، ولكن بوصفها حقائق فطرية في نفس الإنسان. وهذا الأمر هو الذي يؤكده في الفصل الثاني من الأبحاث الجديدة في الفهم الإنساني تحت عنوان "في أنه لا توجد مبادئ عملية فطرية"0، فكيف إذن يؤكد "لايبنيز" وجود حقائق عملية فطرية؟

    إن الأخلاق وفق" لايبنيز"، لا تهتم بالبحث عن العلاقات المنطقية بين الأفكار والربط بينها بشكل منطقي، بل تهتم أساسا بالانتقال من"الفكرة إلى الفعل". وهذا الانتقال ليس ممكنا إلا إذا تجلت الفكرة للوعي عبر نُزُوعٍ أَوْ انْدِفَاعٍ أَوْ غَرِيزَةٍ، مما يجعلها غير قابلة للبرهان على نحو منطقي ورياضي. وكما أن التيقن منها لا يتم بالاستدلال وتشغيل الذهن، فإنه "من المستحيل على الإطلاق أن توجد حقائق عقلية بديهية بداهة القضايا المتطابقة أو المباشرة"0، كما هو حال " عدم التناقض "وقضية" كل ما هو موجود، كائن (tout ce qui est, est). لهذا يعتبر "لايبنيز" أن حقائق الأخلاق لا تُعْرَفُ بالعقل مباشرة، بل تتأسس على تجربة باطنية (expérience interne)، وعلى معارف مبهمة (connaissances confuses)؛ على أن أول هذه القضايا وأكثرها عملية هو "وجوب السعي وراء الفرح وتجنب الحزن" (il faut suivre la joie et éviter la tristesse).

    وعلى هذا الأساس، فإننا لا نعرف ما هو الفرح وما هو الحزن، لأنهما ليسا حقيقة تعرف بالوسائل العقلية. فالحقائق العملية لا تُعْرَفُ بالنور الطبيعي (la lumière naturelle)، كما هو الشأن بالنسبة للحقائق الفطرية النظرية، بل إنها تُعْرَفُ بِنَوْعٍ من الغريزة (instinct) ومن خلال مبادئ هذه المعرفة الغريزية يمكن استنتاج نتائج عملية أو حقائق لها درجة من البداهة تجعلها مقبولة حتى من قبل اللصوص والقراصنة وقطاع الطرق0. ولمزيد من التوضيح، يضيف "لايبنيز" إلى ما سبق اعتباره بأن باقي القوانين العملية تكون منقوشة سلفا في النفس، بوصفها مبادئ يتوقف خير الناس على احترامهم لها. لذلك، فما هو موافق للعقل أو للقانون الأخلاقي هو في الوقت ذاته ما يمكن أن يُؤُمِّنَ سعادة الناس.

    ويلي ذلك، أن الأخلاق، والقواعد الاخلاقية الحقة، هي وحدها التي تصدر عن الغريزة أو الفطرة، أي تلك التي تكون محفورة في النفس الإنسانية. ولهذا يعتبر "لايبنيز" أن اللذة والعدل وكافة القواعد الأخلاقية، هي تلك الناتجة عن توافق سلوكنا مع العقل والله -أساسا- مادام الله ليس شيئا أخر غير العقل الأسمى (la raison suprême). أما من يؤسسون العدل على ضرورات الحياة وحاجاتهم إليها وليس على اللذة التي يجدونها فيها، والتي هي من أعظم اللذات عندما يكون الله أساسها، فهم في نظره معرضون لأن يُشْبِهُوا قليلا جماعات قُطَّاعِ الطرق0. وعليه، فالعدل والخير- إذن- يَكْمُنَانِ في طلب اللذة التي تأتي من العقل. كما أن الظلم، أو الشر، هو طلب اللذة التي تأتي من الحواس.

    انطلاقا مما سبق، يمكن ملاحظة كون "لايبنيز" يتفق مع "جون لوك" في أن هناك قواعد أخلاقية ليست أبدا مبادئ فطرية. لكن هذا لا يمنع في نظره من أن تكون حقائق فطرية، مادامت قد اشْتُقَّتْ من المبادئ الفطرية. فالحقيقة ستكون فطرية عندما يتم استخراجها من الذهن. وهنا يميز "لايبنيز" بين نوعين من الحقائق التي يكتشفها المرء في ذاته بطريقتين: إما بالنور الطبيعي) العقل) وإما عن طريق الغريزة، فالحقائق التي نُبَرْهِنُ عليها هي حقائق مُشْتَقَّةٌ (vérité dérivatif)، وهي حقائق بالقياس إلى النور الطبيعي. أما تلك المرتبطة بالغريزة فهي مبادئ، بمعنى أن الغريزة تُمْلِيهَا علينا قبل كل استدلال وتَحْمِلُنَا على القيام بالأفعال التي تُمْلِيهَا علينا. ولهذا نجد أنفسنا نميل من جهة بدافع الغريزة إلى القيام بأفعال تميزنا كبشر لأننا نَلْتَذُّ بهذه الأفعال. كما أننا من جهة أخرى نَفْعَلُ الأشياء بدافع من العقل، ولأن ذلك الأمر عادل0.

    يرفض "فيلاليت"، الذي هو هاهنا "جون لوك"، مسالة وجود مبادئ فطرية عملية من هذا النوع التي يَزْعُمُ "لايبنيز" أنها موجودة، وذلك بدليل ما يعرفه العالم من أحداث ووقائع في منتهى الوحشية. لكن "لايبنيز" يرد على هذا الاعتراض بالتأكيد على أن الناس عادة ما لا يدركون ما في دواخلهم ولا يقرأون بسرعة كافية رموز القانون الطبيعي الذي نَقَشَهُ الإله فينا. فهذه الانطباعات الغريزية ماهي في العمق إلا مُعِينَاتٍ للعقل ومُؤَشِّرَاتٍ لِنُصْحِ الطبيعة0، تساهم في توجيه الغرائز الإنسانية نحو الاستقامة المطلوبة.

    غير أن جهل الناس بالجانب النظري لهذه المبادئ والقواعد لا يجعل منهم أشرارًا. ففي الواقع، يظهر أن الناس يتصرفون في الكثير من الأحيان ضد معارفهم، أو يُخْفُونَهَا أو يَتَغَافَلُونَ عنها بِغَرَضِ إتِّبَاعِ أَهْوَائِهِمْ. ومن أمثلة ذلك، أن الكثير من الناس أحيانا يأكلون ويشربون ما يعلمون أنه مِمَّا يُسَبِّبُ لهم الأمراض والموت. الشيء الذي يؤكد حقيقة كون الإنسان عادة ما ينصرف إلى الانشغال بالحاجات والملذات.

    انطلاقا مما سبق عرضه، يؤكد" لايبنيز" أن اهتمام الناس بمشاغلهم وحاجاتهم المادية وتقديمها على القواعد العملية، لا يرجع إلى جهلهم بقواعد الأخلاق، وإنما إلى تجاهلهم لها وتفضيلهم لما هو حيوي بالنسبة لهم. أما انتهاك هذه القواعد العملية والأخلاقية كأكل الأطفال، فلا يقوم كدليل على أن محبة الأطفال ليست عاطفة غريزية، بل هو دليل على أن هذه القواعد العملية لَمْ تُقرأ جيدا أو أنها مُغَطَّاةٌ باضطرابات أو عادات فاسدة. ولهذا يعتبر "لايبنيز" أنه لو كانت قضايا الهندسة تتعارض مع أهواء الإنسان ومصالحه كما هو حال القواعد الخلقية لما تَرَدَّدَ الناس في مُجَادَلَتِهَا وانْتْهَاكِهَا، كما لو كانت براهين أقليدس وأرخميدس ملآى بالأغاليط والأوهام0. إن فطرية الغرائز والمبادئ الأخلاقية لا تَعْنِي حسب "لايبنيز"، أنها معروفة بوضوح وتميز وحاضرة لكل عقل مُتَّزِنٍ (بلغة ديكارت)؛ بل إن معرفتها تقتضي كثيرا من الانتباه والتركيز.

    وبهذا، فالاعتراض القائل بأن ما ليس معروفا ليس فطريا0، هو اعتراض باطل لأن الحديث عن قواعد فطرية ذات طبيعة عملية مُجَرَّدُ عَبَثٍ، مادام أن هذه القواعد التي يجب أن تكون ضرورية، تبقى مجهولة عند الكثير من الناس أو عند معظمهم، ولا تظهر لهم إلا بِجُهْدٍ وانْتِبَاهٍ كبيرين. غير أن السؤال هو: ما نفعها إذن؟ للإجابة على هذا الاعتراض، يؤكد "لايبنيز" أنه لا يمكن بتاتا التشكيك في جميع المبادئ الفطرية، مادام أنه قد بين أن هناك مبادئ لا جدال فيها كمبدأ عدم التناقض والمتطابقات. وعلاوة على ذلك، يضيف "لايبنيز" أن المبادئ الحقيقية للأخلاق ينبغي الاستناد فيها إلى العقل لا إلى اتفاق البشر وإجماعهم، إذ يقول: ''أنا لا أستعمل التوافق الكلي كدليل أساسي، بل كتأكيد''0. فالحقائق الفطرية مثل حقائق العقل تحمل معها يقينها وسِمَاتِهَا المُميزة التي تجعلها تفرض ذاتها على العقل. لكن الأمر يختلف بالنسبة للقواعد الأخلاقية التي يعتريها الاختلاف والتغير بتغير المجتمعات، نظرا لكونها تتداخل مع بعض العادات وأنماط السلوك التي تميز كل مجتمع) الشعوب المتحضرة /الشعوب المتوحشة (.

    وخلاصة القول، إن الأفكار الفطرية العملية حسب "لايبنيز"، هي تلك التي لا تخضع لقواعد الاستدلال والبرهنة شأن المبادئ النظرية، بل تُعْرَفُ بِنَوْعٍ من الغريزة التي لا تشمل فقط حقائق النظر، بل حقائق العمل أيضا. ومثلما تُؤَثِّرُ حقائق النظر في معارفنا الرياضية والبرهانية، فإن حقائق العمل تُؤَثِّرُ في إرادتنا. أما القول بالصفحة البيضاء فهو مجرد وهم لا تحمله الطبيعة وليس له أي أساس إلا في تصورات ناقصة لبعض الفلاسفة بعض الفلاسفة الناقصة والتي تستكين للكسل عوض الاستدلال والمُحَاجَجَةِ. فلا وجود في نظر "لايبنيز" لِمَلَكَاتٍ عَارِيَةٍ، بل إن هناك دائما اسْتِعْدَادٌ (disposition) ونُزُوعٌ (tendance) لِلفِعْلِ والذي يوجد دائما بشكلٍ لَامُتَنَاهٍ في كل ذات0.

    وعليه، فالحقائق الفطرية العملية لا تُعْرَفُ بالعقل، بل بِضَرْبٍ من الغريزة والتي تحتوي على كافة الحقائق، وما على الإنسان إلا أن يسعى جَاهِدًا لِكَشْفِهَا وإخراج ما تَتَضَمَّنُهُ. على أن اتفاق الناس على هذه الحقائق لا يعتبر دليلا على وجودها، بل هو تأكيد.

    ثانياً: أساس نظرية المعرفة عند "لايبنيز":
  • مفهوم الجوهر بوصفه أساسا لنظرية المعرفة،

    الحديث عن مفهوم الجوهر واعتباره من المفاهيم الأساسية في فلسفة "لايبنيز"، وخاصة بنظرية المعرفة عند "لايبنيز"، نابع من كون هذا المفهوم ظل على امتداد تاريخ الفلسفة يفتح إمكانات نظرية مهمة من أجل تجاوز الصعوبات التي تواجهها نظرية المعرفة في مجالات المنطق والميتافيزيقا ونظرية المعرفة والأخلاق. لذلك يرى "لايبنيز"، ضدا على "جون لوك"، أن ''مفهوم الجوهر هو أحد المفاهيم الأساسية لكل فلسفة حقيقية''0. ويبدو أن هذا الموقف هو تعبير عن ضرورة تجاوز الموقف الذي يعبر عنه مُحَاوِرُهُ "فيلاليت" حين يقول بأنه لا أهمية للجوهر، وأنه يفقد قيمته كلما تم النظر إليه بوصفه "مقولة من مقولات الوجود". إن الجوهر انطلاقا من هذا النقد فكرة من تركيب الذهن. لذلك، ومن أجل وصف الخصائص الواقعية للأجسام المادية، يقترح "فيلاليت" الفرضية التجسيمية التي يعتبرها مُؤَسِّسَةً لِكُلِّ تفسيرٍ مُمْكِنٍ ولِكُلِّ قَابِلِيَّةٍ للفهم.

    واضح مما سبق، أن الخصم النظري لـ"لايبنيز" يَرُومُ استبعاد الأساس الميتافيزيقي لمفهوم الجوهر، وينحو نحو توظيفه مرجعا تحمل عليه الصفات المادية للأشياء المحسوسة دون أن نمتلك أي معرفة خاصة به. لذلك يمكن القول، إن من الجوانب الأساسية في نقد ''لايبنيز'' للرأي السابق في مشكلة تحديد ومعرفة الجوهر، اعتباره أن هناك ضرورة للتمييز بين الماهية الإسمية والماهية المادية عند الرغبة في تحديد جوهر الأشياء، وأن الأفكار البسيطة لا تُقَدِّمُ للفهم مُحْتَوًى معرفيا أساسيا، خِلاَفًا لِمُحَاوِرِهِ الذي يعتبرها أساسا لكل معارفنا، الشيء الذي جعل "لايبنيز" يرى ضرورة استبعادها لأنها تطرح بعض المشكلات في المعرفة. وبالإضافة إلى ذلك، يرفض "لايبنيز" بشكل قَاطِعٍ القول بأي معيار زماني أو مكاني عند التمييز فيما بين الأشياء المادية.

  • الموناد كجوهر، مبدأ أساسي من مبادئ المعرفة البشرية:

    ينطلق "لايبنيز" من "التأملات الميتافيزيقية" لـ"ديكارت"، فيعتبرها تأملاتٍ تَفْتَقِرُ لِلدِّقَّةِ واليقين، مادامت لا تُقَدِّمُ في نظره تَبْرِيرًا واضحا لعلاقة الرياضيات بالميتافيزيقا؛ حتى وهي تروم هذه الدقة واليقين، ومن ثم الوضوح، انطلاقا مما تعتمده من براهين وأدلة0. غير أنه إذا كانت موضوعات الميتافيزيقا تَفْتَقِرُ إلى هذه الميزة، أي ميزة البرهنة، فلأننا كَبَشَرٍ لا نستطيع إدراك هذه الموضوعات. وهذا الأمر يتطلب حسب "لايبنيز" البحث عن أَدَاةٍ أخرى لإثبات وجود موضوعات الميتافيزيقا من خلال تسليط الضوء على الجوهر بما هو جزء من هذه الموضوعات.

    إن الجوهر بوصفه حيويا (خصبا)، يمكننا من أن نستنبط منه جميع الحقائق الأولى (الأبدية)، عن الإله، وعن النفوس، وعن طبيعة الأجسام. "إنه بذلك مبدأ ننطلق منه لمعرفة الحقائق وهو شرط لكل معرفة. وإذا كانت بعض معارفنا معروفة لدينا قبليا"0، أي موجودة في الذهن قبل التجربة، ويتعلق الأمر بحقائق العقل الضرورية الأبدية، والعلوم التي تدخل ضمن نظام هذه الحقائق هي المنطق والرياضيات والميتافيزيقا، فإنها تَبْدُو-مع ذلك-غير واضحة بحيث إنها تحتاج إلى إثبات عن طريق التحليل.

    إن الجوهر بالتعريف السابق هو "الموناد" كما يسميه "لايبنيز"، خاصيته أنه بسيط ويدخل في تعريف كل ما هو مركب، الأمر الذي يعنى أنه ليس له أجزاء0. وبالإضافة إلى البساطة فالموناد له خصائص الإدراك والشعور (النزوع) والتذكر. وللموناد الْمُدْرِكِ، خاصية الاستدلال. فالناس كما يقول لايبنيز يصبحون مثل الحيوانات عندما تغيب العمليات الاستدلالية عن إدراكاتهم، ولا تحضر إلا عن طريق مبدأ الذاكرة فقط.

    إن موناد الإنسان يمتلك حقائق العقل الضرورية الأبدية التي تميزه عن الحيوانات. فهي التي ترفعه إلى معرفته بذاته وبالإله أيضا، "وتسمى هذه الحقائق بالنفس العاقلة أو العقل''. فالعقل بما هو موناد الإنسان، يتأمل ذاته ويفكر فيها، وعندما يفكر في ذاته، فإنه يوجه تفكيره في نفس الوقت إلى كل شيء. الموناد إذن، هو أساس كل معرفة، إنه يحمل معه كل شيء، إنه يفكر في ذاته وفي غيره وفي العالم وفي الإله دفعة واحدة. ومادام يفكر في غيره من الموضوعات الأخرى، فإنه يفكر بذلك في كل الموناد بقدرما لديه من إدراكات ملتبسة أو متميزة عنها. لذلك فهو شرطٌ ومصدرٌ أساسيٌّ لكل معرفة ممكنة.

    الخاتمة؛

    تتجه فلسفة "لايبنيز" إلى قراء يقظين ذوي أذهان متحررة ، ومهيئين للانخراط في أبحاث عقلية. وخلاصة القول، فهو حين ناقش الأفكار الفطرية العملية، بين بأنه يقصد أيضا تلك التي تعرف بنوع من الغريزة، ولا تخضع لقواعد الاستدلال والبرهنة شأن المبادئ النظرية. وقد اعتبر أن هذه الأفكار لا تشمل فقط حقائق النظر، بل حقائق العمل أيضا. غير أن إضافته النوعية تكمن في اعتباره أن حقائق النظر تُؤَثِّرُ في معارفنا الرياضية والبرهانية، مثلما تُؤَثِّرُ حقائق العمل في إرادتنا. للك يرى بأن القول بالصفحة البيضاء مجرد وَهْمٍ وشيء لا تَحْتَمِلُهُ الطبيعة. فلا وجود في نظر "لايبنيز" لأي ملكات عَارِيَةٍ، بل كل ما هناك دائما اسْتِعْدَادٌ ونُزُوعٌ، دائم ولَامُتَنَاهٍ، لِلفعلِ موجود في كل ذات. وسيكون الجوهر بوصفه حيويا هو الموناد، الذي يمكننا من أن نستنبط منه جميع الحقائق الأولى (الأبدية)، عن الإله، وعن النفوس، وعن طبيعة الأجسام. إنه بذلك شرط لكل معرفة والمبدأ الذي ننطلق منه لمعرفة كل الحقائق.

    فالمعرفة حسب لايبنيز هي معرفة لحقائق هي إما حقائق ضرورية (رياضية منطقية)، وإما حقائق عرضية )حقائق الواقع). ويلزم لتعقُّل هذه الحقائق اتباع مبدئين أساسيين من مبادئ المعرفة هما مبدأ التناقض ومبدأ السبب الكافي. وأن مبدأ السبب الكافي أحد امتدادات عدم التناقض. كما أنه يصبح تارة مبدأ للبرهنة الرياضية وتارة أخرى يصبح مبدأ للتفسير الميكانيكي، الشيء الذي يجعل منه مبدأ للسببية وأيضا مبدأ للغائية.

    قائمة المصادر والمراجع:

  • François Duchesneau, Jérémie Girard. Leibniz Selon Les Nouveaux Essais Sur L'entendement Humain. Lettre à Burnett de 20-30 janvier 1699.

  • G. LEIBNIZ, THEODICY, Essays on the Goodness of God, the Freedom of Man and the Origin of Evil; BiblioBazaar, 2007.

  • G.LEIBNIZ, la Monadologie, édition annotée par Emile Boutroux, initialement publiée, 1881.

  • G.LEIBNIZ, Nouveaux Essais sur l'Entendement Humain, Gf Flammarion, 1990.

  • John Locke, Essai sur l'entendement humain, Livres I-II, Introduction, traduction et notes de J.-M. Vienne. Vrin, 2002.

  • Leibniz, Essais de Théodicée - Préface et Abrégé de la controverse, 1710.

  • Thomas Hobbes, Léviathan ou Matière, forme et puissance de l'État chrétien et civil, Traduction, introduction, notes et notices, par Gérard Mairet, Gallimard, 2014.

  • إمام عبد افتاح إمام، مدخل إلى الميتافيزيقا مع ترجمة للكتب الخمسة الأولى من ميتافيزيقا أرسطو، الطبعة الأولى، نهضة مصر 2005.

  • باروخ سبينوزا، مبادئ فلسفة ديكارت، أفكار ميتافيزيقية، مراسلات، ترجمة جلال الدين السعيد مراجعة صالح مصباح، (الرسالة رقم 72 إلى ج. ه. شولر). منشورات دار سيناترا- المركز الوطني للترجمة، تونس 2015.

  • توماس هوبس، اللفياثان: الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة: دنيا حرب وبشرى صعب، مراجعة وتقديم د. رضوان السيد، دار الفارابي، الطبعة الأولى 2011.


    0 - تشيرنهاوس: Ehernfried Walther de Tschrnhauss، فيزيائي وهندسي ألماني ولد سنة 1651 وتوفي سنة 1708. عاش مدة بهولندا وأتم تعليمه بجامعة لايدن.

    0 - باروخ سبينوزا. *مبادئ فلسفة ديكارت، *أفكار ميتافيزيقية، *مراسلات، ترجمة جلال الدين السعيد مراجعة صالح مصباح، (الرسالة رقم 72 إلى ج. ه. شولر). منشورات دار سيناترا- المركز الوطني للترجمة، تونس 2015. الصفحة رقم: 450.

    0 - انطلاقا من هذا المبدأ، كلما كانت لدينا قضيتين متناقضتين فإن إحداهما ستكون صحيحة، بينما تكون الأخرى بالضرورة خاطئة.

    0 - يثير حضور هذا المفهوم (المبدأ) في أغلب مؤلفات لايبنيز الإنتباه إلى كونه يستعمله للاستدلال على حقيقة الأشياء، باعتباره أساس جميع القضايا غير المتطابقة. وهو مبدأ يؤكد من خلاله لايبنيز أنه لا شيء يحصل دون أن تكون له علة أو على الأقل أن يكون له سبب محدد. الشيء الذي يعني أنه مبدأ يمكن الاستعانة به لفهم الأشياء ومعقوليتها، من قبيل إدراك لماذا هذا الشيء يوجد بدل ألا يوجد، ولماذا هذا الشيء يوجد بهذه الكيفية دون غيرها؟ بعبارة اجمالية، فالسبب الكافي مبدأ غائي، ضروري لفهم معقولية سلسلة الأسباب والآثار ونسقها الذي يحكم تشكل العالم، والذي هو اختيار إلهي، ويعبر عن كونه أفضل العوالم الممكنة.

    0- G. LEIBNIZ, la Monadologie, édition annotée par Emile Boutroux, initialement publiée, 1881, Paragraphe, 31.

    0 - Ibid. Paragraphe ,32.

    0 - Thomas Hobbes, Léviathan ou Matière, forme et puissance de l'État chrétien et civil, Traduction, introduction, notes et notices, par Gérard Mairet, Gallimard, 2014. P. 74.

    0 - John Locke, Essai sur l'entendement humain, Livres I-II, Introduction, traduction et notes de J.-M. Vienne. Vrin, 2002. Livre I.

    0- G. LEIBNIZ, Nouveaux Essais sur l'Entendement Humain, Gf Flammarion, 1990, p : 375.

    0 - Ibid., livre 4, chapitre 17, P. 390.

    0 - Ibidem.

    0 - Ibidem.

    0 - Ibid. P. 391.

    0 - Ibid. livre 4, chapitre 18, P. 394.

    0 - Ibidem.

    0- livre 4, chapitre 17, P. 391

    0- Ibid. P. 399.

    0- Ibid. P. 402.

    0- Ibid. P. 399

    0 - « Qu'il n'y a point de principes de pratique qui soient innés ». Leibniz. Chapitre 2. P. 69.

    0 - Ibid. P. 70.

    0 - Ibidem.

    0 - Ibid. P. 70.

    0 - Ibid. P. 72.

    0 - « Mais dans le fond ces impressions naturelles, ne sont que des aides à la raison et des indices du conseil de la nature. » Ibid. P. 73.

    0 - « Si la géométrie s'opposait autant à nos passions et à nos intérêts présents que la morale, nous ne la contesterions et ne la violerions guère moins, toutes les démonstrations d'Euclide et d'Archimède, qu'on traiterait de rêveries ; et croirait pleines de paralogismes. » Ibid. P. 75.

    0 - Ibidem.

    0 - Ibid. P. 77.

    0 - Ibid. Livre : 2, Chapitre 1, P. 88.

    0 - François Duchesneau, Jérémie Girard. Leibniz Selon Les Nouveaux Essais Sur L'entendement Humain. Lettre à Burnett de 20-30 janvier 1699, P. 181.

    0 - Ibid. Chapitre : 6 (sur la réforme de la philosophie première et sur les notions de substance), P. 491.

    0 - Ibidem.

    0- LEIBNIZ, la Monadologie, Op. Cit, chapitre I. P. 11.

    MOHAMED SOUSSI || Descriptive reading for Leibniz's Theory of Knowledge || Ibn Khaldoun Journal for Studies and Researches || Volume 2 || Issue 6 || Pages 624 – 638 .

    0



Loading...
Issue Details
Id Article Title Authors Vol Info Year
Id Article Title Authors Vol Info Year
Similar Articles
Loading...
Similar Article Headings
Loading...
Similar Books
Loading...
Similar Chapters
Loading...
Similar Thesis
Loading...

Similar News

Loading...