3
2
2022
1682060063251_3053
73-95
http://brjisr.com/index.php/brjisr/article/download/115/152
http://brjisr.com/index.php/brjisr/article/view/115
الكلمات المفتاحيّة: الشعر الأردني الحديث إبراهيم العجلوني اللغة.
مُقدمة
لا شكَّ بأنَّ تفكيكَ اللُّغةِ، وإعادة صيَاغتها وفق رُؤية جماليّة تُعد سِمةً واضحة من سِمات الحداثة الشعريّة، التي تجعل القصيدة جسداً واحداً تَحْملُ في طيّاتها دلالات فكريّة لتصوّر جديد، فتشكيل اللُّغةِ يَقوم على ربط العلاقات بين العناصر ربطاً وثيقاً، وربط الدلالات بالسيّاق وكأنَّه جسراً واحداً يَعبُر من خِلاله المُتلقي وصولاً إلى ذروة العمل الإبداعي.
وحين تجتمع الأصالة والحداثة في العَمل الفنّي، فإنَّه سُرعان ما يتحوّل إلى مُناجاة تمتلئ منها الصدور، ويُمْكن من خِلالها رَصْد درجة عالية من الأصالةِ في التجربةِ والصوت القوي فهناك شاعرٌ قادرٌ على الغوص في أعماقِه بصورةٍ تُشفي الوجدان، وتُبهج القُلوب ويَشتعِل مِنها الفِكر، وهذا لا يَتحقّق إلاَّ أنْ يَكون الشّاعر مُبدع يَملك من الإحساسِ المُرهف والإبداع الفنّي ما يَملك، شاعرٌ يتحلّى بالإنسانيّة ليجعله قادراً على البوح بما يجولُ بخاطرهِ.
حيثُ أنَّ التّشكيلات اللُّغوية هي مَنْ تُسهم في الكشفِ عن الدلالات في النَّص التي يبُثّها الشّاعر؛ فالُّلغة هي حامل الرُّؤية مُنشِطة للمُتلقي، والنَّص بما يَحمِله من كلماتٍ وتراكيب، لا بُدَّ بأنْ يَحمل مضامين دالّة تدعو القارئ من خِلاله إلى الغوص في أعماقِ النَّص مُحاوراً تلك الكلمات والدلالات، ساعياً بها للكشفِ عن تلك المخبوءات رَغْبة منه لإزالة اللثام وكشف جماليّات العمل الفنّي فيها؛ فالصورة واللُّغة لهما دورٌ هامٌ في تلك العمليَّة.
التّمهيد
أوّلاً: سيرة الشّاعر وحياته.
هو: إبراهيم بن خليل بن إبراهيم بن خليل العجلوني، وُلِد في بلدة الصريح ــــ في مُحافظة اربد والتي تقع في شمال المملكة الأردنيّة الهاشميّة ـــــ في التاسع من أيلول عام 1948م. وعاش مُنْذُ الثالثة من عُمره في عمّان العاصمة الأردنيّة، وأنهى دراستهُ الثانويّة فيها، وقدْ حَصَلَ على الدّرجة الجامعيّة الأوّلى في الأدب العربي من جامعة بيروت العربيّة سنة 1976م. ويَعود لَقب العجلوني على جدهِ الثّالث وهو: إبراهيم بن تركي بن عُثمان بن أحمد الشايب الذي لُقّبَ بالعجلوني([1]).
حيثُ يُعتبر إبراهيم العجلوني من الكتّاب الأردنيّين الذي يُمكن القول أنَّه اتَّصف بالشموليّة، والتنوّع في نتاجه الأدبي؛ فهو من الأدباء والكتّاب المُتعددين فالعجلوني؛ شاعرٌ، وروائيٌ، وقاصٌ، وصحفيٌ، ومسرحيٌ، وكاتبٌ، وباحثٌ، فلمْ يَستقر على جنس أدبي مُعين، ولمْ يتصف بأسلوب خاص، فقد كان ينتمي إلى ذلك الأديب المُتنوّع الذي لا يَعْمد إلى جنس أدبي واحد، ونهجٌ مُكرر ونجد ذلك جليّاً من خلال إصداراته المُتعددة، والمُتنوعة التي لطالما نهجت التّغيير والتّشكيل والتّنوّع في نتاجه الأدبي([2]).
ثانياً: مفهوم اللّغة لغة.
لغا: اللغّوْ واللَّغا: السَّقَط وما لا يُعتدّ به من كلام وغيره ولا يُحصَل منه على فائدة ولا نفع. التهذيب: اللَّغْو واللَّغا واللَّغْوي ما كان من كلام غير معقود عليه. وقالوا كلُّ الأَولاد لَغاً أَي لَغْو إلاَّ أولاد الإبل فإنها لا تُلغْى، قال: قلت وكيف ذلك؟ قال: لأنك إِذا اشتريت شاة أو وليدة معها ولد فهو تبع لها لا ثمن له مسمى إلاَّ أولاد الإبل. واللًّغْة: اللِّسْنُ، وحَدُّها أنها أَصوات يُعبِّر بها كل قوم عن أغراضِهم وهي فُعْلةٌ من لَغَوْت أَي تكلَّمت، أصلها لُغوة ككُرةٍ وقُلةٍ وثُبةٍ، كلها لاماتها واوات([3]).
- مفهوم اللّغْة اصطلاحاً.
لمْ تنلْ اللّغْة تعريفاً واضحاً ومُحدداً ومُلائماً من قبل العلماء والمُتخصصين عبر العصور، ويمكن القول بأنَّ ابن جني استطاع تعريف اللّغْة بأكثر شموليّة وشهرة واسعة والذي وجدَ الاهتمام من علماء اللّغْة وأخذوه بالشرح والتحليل حين قال أَنَّ الّلغْة: أنَّها أَصوات يُعبِّر بها كل قوم عن أغراضِهم. مُؤكداً فيه على الجانب الصوتي للرموز اللغوية، وأنَّه وسيلة للتواصل والتفاهم فيما بينهم. وقد تعددت التعاريف اللغة حيث يعرفها موريس (MORRIS) بأنَّها: مجموعة من علامات ذات دلالة جماليّة مُشتركة مُمكنة النطق بين أفراد المُجتمع المُتكلم بها كافّة، وهي ذات ثبات نسبي في كل موقف تظهر فيه، ويكون لها نظام مُحدد وتتألف بموجبه حسب أصول معينة وذلك لتركيب علامات أكثر تعقيداً. ([4])
اللّغْة في شعر إبراهيم العجلوني
إنَّ التّشكيلات اللُّغوية هي مَنْ تَقوم في الكشفِ عن دلالات النّص التي يبُثها الشّاعر؛ فالُّلغة تَحْمِلُ الرُّؤيا وتُنشط المُتلقي، فالنّص بما يَحتوي من كلمات وتراكيب، فإنَّه لا بدّ بأنْ يَدُل على المضامين التي تدعو القارئ من خِلاله إلى الغوص في أعماق النّص، سعياً منه للكشف عن تلك المخبوءات، وكشف جماليّات العمل الفني فيها؛ وتعلب الصورة واللُّغة دورٌ هامٌ في تلك العمليّة الإبداعيّة لتتشكل منها النّص برؤيا الشّاعر.
وكما نعلم بأنَّ الأدبَ بكلماته هو: عِبارة عن تعبير لرُؤيا الشّاعر للواقع الذي يعيشه؛ فهو بعمله الفني يقوم بتشكيل هذا الواقع، ويَختار منه ما يتلاءم مع رغبته في الكشف عن هذه الرؤية، وهذا يتطلب من الشّاعر العُمق في الرُّؤية مُبتعداً عن السطحيّة والقُدرة على توظيف الُّلغة.
وبعد استقراء النّصوص الشّعريّة والتحاور معها وتحليلها، للوقوف على موَاطن الجمال وتوظيف الُّلغة فيها وقُدرة الشّاعر إبراهيم العجلوني على تشكيل القصائد الشّعريّة بأسلوب فني ذلك أنَّ استخدام اللغة هو جزءٌ لا يتجزأ في العمل الفني، ولا ينفصل عنه البتّة، وبذلك فإنَّ الُّلغة من الوسائل التي يستثمرها الشّاعر ليبني رؤيته بأسلوب فني تاركاً بُعداً جماليّاً في نفس المُتلقي تدعوه إلى الغوص في أعماق النّص، ذلك لأنَّ الُّلغة في الشعر هي أحد مُقوماته الأساسيّة فهي تكشف عمّا يدور في النفس من هواجس ومشاعر وأحاسيس.
إنَّ الُّلغة وما تَحمِل من دلالات فإنَّها قابِلة للتّطور في العمل الشّعري، وبفضل الُّلغة يقوم الشّاعر بخلق معاني جديدة من خِلال منح الألفاظ دلالات جديدة لمْ يتم التّطرق لها قبل ذلك، فالُّلغة هي مادة الإبداع ، ومن خِلالها تبرُز قيمة الخيال والجمال في الشعر.
فتوظيف اللغة عند الشاعر إبراهيم العجلوني تدل على قدرته في صياغة الألفاظ والتراكيب لخلق معاني ودلالات جديدة، وأثرها في تشكيل النّص الشّعري، ومدى الإبداع الفني التي حققته الُّلغة في رُؤيا الشّاعر من خِلال الوقوف على النّماذج الشّعريّة في شعر إبراهيم العجلوني وتحليلها ودراستها، ودورهما في تحريك الرُّؤيا عند الشّاعرِ وكذلك ودورها في توجيه المُتلقي للنّص وما أحدثا من خلق لمعانٍ جديدة لم يُسبق لأحد أنْ تطرق لها ومن تلك التشكيلات التي عمد عليها الشاعر.
أوّلاً: التّناص.
يُعدُ التّناص أحد بُنيات النّص الشّعري، والتي تُساهم في التّشكيلات الشّعرية في شعر إبراهيم العجلوني، وذلك من خِلال استحضار العجلوني لنصوصٍ سابقة للنص الحاضر لتؤدي وظيفتها الجماليّة والفنيّة والأسلوبيّة، وفي هذا المبحث ستتناول الدّراسة التّناص عند الشاعر للكشف عن مواطن الجمال في أعماله الشعريّة.
ويُشكّل التّناص ظاهرة من ظواهرِ الحداثة في الأدب الحديث، كما في التضمين الذي يُعد ظاهرة في الأدب العبّاسي، ولكن الذي يُميّز التّناص في الأدب الحديث عن التضمين في الأدب العباسي هو أنَّ التّناص يتخدُ شكلاً أكثر، وخفاء وباطنية في النّص وبذلك تجده يبتعد عن المُباشرة ويُوسع المسافة بين النص المُشار إليه، والنص المُشير([5]).
أمّا التّناص في النقد العربي القديم فكان له حُضور فإنَّه يَأخُذ معنى الاقتباس تارةً ومعنى التضمين تارةً أُخرى، أي الأخذ عن النُّصوص الأُخرى المُختلفة التي تدخل ضمن المخزون الأدبي والثقافي، فالتّناص ليسَ جديداً تماماً كما يرى بعضُ الباحثين بلْ إنَّ له جذوره القديمة في المُصطلحات النقديّة ولكنْ بتسمياتٍ مُختلفة منها التضمين والاقتباس والاستشهاد والقرينة والتشبيه والمجاز([6]).
كما يُعد التّناص من المُصطلحات الأوربيّة الحديثة، والذي برز في أواسط الستينات من القرن العشرين، والذي كان يعني التعالق؛ أي الدخول في علاقة بين نص أدبي ونصوص أُخرى مُختلفة وتُعتبر (جوليا كرستيفا) رائدة هذا المُصطلح الذي تُعرّفه بأنَّه: " النقل لتعبيرات سابقة، أو مُتزامنة، أو هو(اقتطاع) أو (تحويل) ثم توّضح أنَّ التّناص يَندرج في إشكاليّة الإنتاجيّة النّصيّة التي تتبلور في عمل النّص، وهو نص مُنتج بمعنى أنَّ النّص يتشكل من خِلال عمليّة إنتاج من نصوص مُختلفة([7]).
وبذلك فإنَّ التّناص يُعتبر وسيلة فنيّة لتطوير النّص الأدبي من خِلال انفتاح الأخير على نصوص مُختلفة، ويُعد هذا المفهوم من المفاهيم النقديّة الحديثة([8])، فالتناص يَدُل على ثقافة الشّاعر الواسعة، والتي يَخدمُ بها النّص، وفيما يلي سيتم عرض النّماذج الشعريّة والمُتضمنة التّناص عند الشّاعر إبراهيم العجلوني ومنها الديني والأدبي.
- التّناص الديني.
ومن التّناص الديني عند الشّاعر إبراهيم العجلوني استحضاره لسورة النور ولسورة النجم وذلك من خلال قصيدته (حلم) حيثُ يقول الشّاعر:
صاعـــــدٌ لله في بُرد الفداءِ اسمر الجبهة مخضوب اللواءِ
يطرق الأبواب مزهوّاً ويلقى أينمـــــــــــــــــــــــــــــــا حلّ ترانيم الثناء
طافحٌ بالنور، نور فوق نورٍ وعدُ ربّ العرش خلاّق الضياء([9]).
يَستحضر الشّاعر هُنا في هذا المقطع من سورة النّور من قوله تعالى:
"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَات وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَة لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"([10]).
فالشّاعر هُنا يصفُ منزلة الشهيد والتي يَرتقي بها إلى الله تعالى صاعداً إليه بكلِ ارتياح وطمأنينة، حيثُ لا هدوء كهدوئه ولا راحة كراحته، ويَقصدُ هنا بأسمر الجبهة ذلك الفدائي الذي قُتِلَ في سبيل الله تعالى وفي سبيل الوطن وكيف يرتقي إلى الله، وأنَّ الشهيد يطرق كلَ الأبواب مزهواً، وأينما يتلفت يُثنى عليه وعلى فعله الذي هو حُلم كل ثائر، وكذلك يصفه بالنّور الذي فوقه نور لتتشكل هُنا صورة النور التي باتتْ تُشع جرّاء ما ناله ذلك الشهيد وهذا الوعد الصادق الذي وعد الله به الشهيد هاهو يتحقق بارتقاء الشهيد للسماء ونوره مُشع.
وكذلك نجد الشاعر يستحضر أيضاً سورة النجم وذلك من خلال قصيدته (حلم) والتي يقول فيها الشّاعر:
قاب قوسين أو أدنى في جِنان صاغَها الرحمن من ذوب الصفاء
تبسم الأزهار فيها، والأماني دانيات.. والصبا محض انتشاء
هتف العاشق لمّا أن رآها نلتُ ما أرجو.. فيا ربّ السماء([11]).
وهُنا الشّاعر يستحضر أيضاً من نفس القصيدة (حلم) من سورة النجم قوله تعالى:
(فكان قاب قوسين أو أدنى)([12]).
فالشّاعر هُنا يتحدث عن الشهيد أنَّه ومن خِلال ارتقاءه إلى السماء فإنَّه أصبحَ قريبٌ من الوعد الصادق ألا وهي الجنة التي وعدَ الله بها الشهداء حيثُ يعود الشهيد بالنِعم الخالدة في الجنة والتمتع بها، ويَذكر ذلك النعيم الموجود في الجنة من عودة الشهيد إلى قوتهِ وشبابهِ ويتحدث أيضاً عن الأزهار التي لا تذبل وأنَّ جميع الأماني مُحققة واصفاً الشهيد بالعاشق الذي لطالما انتظر المعشوقة وهي الجنة، حيثُ أنَّ الشهيد وعند رؤيته لذلك النعيم يهتف بأنْ نلتُ ما كنتُ أُريد وصدق الله وعده، داعياً الله تعالى وشاكره على ما هو عليه، ونُلاحظ أنَّ قاب قوسين أو أدنى يُضرب مثلاً لشدّة قرب الشيء فإنَّ لكلِ قوسٍ قابان وهما ما بين المقِبض والسيّة، وهذا يَدُل دلالة على اقتراب الشهيد من منزلته في الجنة.
وقدْ استحضر الشّاعر التّناص القرآني في قصيدته (تقاسيم على الجراح) من خلال قوله:
يا هذا لا تسأل عني
اليوم أسافر للبرّاق
اليوم أمزّق ستر غدي
فالبصر اليوم حديدْ
. . . . . .
. . . . . .
في قلبي يرتعد البرّاقْ
لا شيْ جديد هناك ...([13]).
وهُنا الشّاعر من خلال قصيدته يستحضر من سورة (ق) من قوله تعالى:
(لقد كُنتَ في غَفلةٍ من هذا فَكَشَفْنَا عنك غِطاءَك فَبَصَرُكَ اليومَ حديدٌ)([14]).
فالشاعر أصبح ذو بصر نافذ عالم بتلك الغفلة التي كان يَعيشها، وكذلك يعود الشّاعر بِنا إلى التُراث العربي المُتمثل بشخصيّة عربيّة قديمة وهو (البرّاق بن روحان) عندما سُلبت ابنة عمِهِ ليلى من قِبل ملك فارس وسارع البرّاق إلى مُهاجمة بلاد فارس وتحرير ابنة عمه.
فحديث الشّاعر هُنا وفي هذا المقطع مُستلهماً من الآية الكريمة أنَّه أصبح ذو علمٍ وقد صحي من غفلته، فبصره اليوم نافذٌ وقادرٌ على التمييز بين الأشياء حيثُ يتفاءل الشّاعر بذهابه إلى البرّاق الذي يمنح الشّاعر صفة التحرير، كما حرّر ليلى من الأسر، ويوظّف شخصيّة البرّاق مُتفائلاً بالنصر القادم وتحرير الوطن من يدِ الاحتلال كما حُررت ليلى من يد فارس.
التّناص الأدبي.
ومن استحضار الشّاعر إبراهيم العجلوني أيضاً للتّناص أنَّه استحضر التّناص الأدبي من خلال قصيدته (رؤيا) والذي استحضر فيها قول سيدنا عمر بن الخطاب بمقولته المشهورة (يا سارية الجبل) حيثُ عبّر بها عن حُبهِ لفلسطين وتألمها جرّاء الاحتلال والظُلم التي تعرضت له حيثُ يقول الشاعر:
فقدسي هنالك خلف الحدود
وكرمي هنالك والساقيه
وذكرى طفولة حُبٍّ شريد
ذوى في الهجير مع لداليه
تنوس كطيف الغرام الوليد
لعينيَّ توقظ لي نارية
فتصرخ فيّ دماء الجدود
وتومض في الأفق أمجاديه
ويرسل في النفس خفق البنود
نداء يردد: يا ساريه :([15]).
ويُعبّر الشّاعر هُنا ومِن خِلال قصيدته عن البُعد المكاني بينه وبين فلسطين، وقد استحضر مقولة سيدنا عمر بن الخطاب حين ردّد بالنداء (يا سارية الجبل) مُوظّفاً الحدث التاريخي في التخاطر بين المسلمين، والتي حدثت بين عمر بن الخطاب وبين سارية بن زنيم أحد قادة جُيوش المُسلمين الذي كان في بلاد فارس وكان عُمر في المدينة على مِنْبر الرسول عليه الصلاة والسلام ونادى على ساريه، وسمعَ نداءه آنذاك.
فوظّف الشّاعر الحدث التاريخي هُنا للدّلالة على البُعد المكاني بينه وبين فلسطين، وحديثه عن طفولته فيها وكرمه هناك إلاّ أنَّ هذا الاحتلال قد مَنعه من الوصول إليها بأنْ وضع القيود ورغم هذا البُعد إلاّ أنَّ نداءه لفلسطين ولأهلها مسموع.
ومن استحضار الشّاعر إبراهيم العجلوني للتّناص أيضاً حيثُ استحضر التّناص الأدبي من خِلال قصيدته (ثلاث ترانيم على عتبات الليل) وذلك من قول الشّاعر:
نعم عدتُ
فحمتُ الصبح في جيش من الأوهامْ
وباسم الحب، باسم الله حاربت
وعانقت المدى المسحور خلف حدائق الأحلام
قتلت، سبيت، أحرقتُ
" أنا ابن جلا
متى أضع العمامة يزهِق زيفَكم موتُ "([16]).
وهُنا قدْ استحضر الشّاعر التّناص الأدبي والذي يتمثل بقول الحجاج بن يوسف الثقفي أثناء خطبته بأهل الكوفة في العراق حين قال:
أنا ابن جلا وطلاّع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني([17]).
فيُوظّف الشّاعر مَقولة الحجاج في قصيدته كنايةٍ عن الرجل المَشهور الذي إذا وضع عمامته فإنَّه يُعرّف، مُجسّداً شخصية الحجاج في القضاء على كل أسباب الفتنة وحزمه في كل الأمور، فالشّاعر هُنا يتحدث عن حال الوطن وما وصل إليه من ظُلم وعدوان وما فعل به العدو من قمع وقتل، ويقول لقد عاد واشتد عليه الأمر إذ وجدَ جيشاً من الأوهام.
فالشّاعر يتحدث هُنا عن حال فلسطين وما وصلت إليه جرّاء هذا الاحتلال حيثُ أنَّ الشّاعر قدْ جاءَ ووجدَ النفاق والفساد والقتل والخيانة مُنتشرة، وقد وقف فيهم وجمعهم ليقول لقد جئتُ هُنا حتى يستقيم الحال وتُخمد الفِتنة وأُزيل اللثام عن بعض الأمور، ورؤية الشّاعر هُنا أنَّه وبمُجرد وضع العمامة عن وجهه سيزهق الباطل والزيف وينقضي وينتهي حيثُ يكمُن الانسجام من خلال إظهار الصفات التي تُحقق عدلاً تاماً بين الناس من خِلال القضاء على الخيانةِ والفتنةِ.
وأيضاً الشّاعر هُنا قدْ استحضر التّناص الأدبي من خلال قصيدته (السقوط في بئر لو) حيثُ يقول الشّاعر إبراهيم العجلوني:
... وقلت للقمر
وجهك يا بدير لا يسرّ
فلم على زنديك لحني يحتضر
ولم خدعتني من قبل أيها المأفون
لكنت .. ثم كنت ... لكنّ الهوى يجري بما
لا تشتهي السفن
ومركبي العفن([18]).
هُنا الشّاعر يستحضر التّناص الأدبي من قول المتنبّي حيث قال:
ما كلُ ما يتمنى المرءُ يُدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ([19]).
فالشّاعر قدْ استلهم قول المتنبي من خِلال هذا التّناص المستخدم في قوله: (لكن الهوى يجري بما لا تشتهي السفن) حيثُ يُجسّد خيبة أمله وخذلانه بما يَحدث من تغيير الأحوال بما لا يُريد، حيث يطمح الشّاعر لشيء ويأتي عكسه، فقدْ عبّرَ الشّاعر عن حجم المُعاناة وخيبة الأمل التي سيطرت عليه حتى حلمه للشيء أصبح لا يَتحقق.
والشّاعر يتحدث عن حاله فيُخاطب القمر بأنَّ وجهك لا يسر ولا ينبعث فيه الأمل المُعتاد، حتى أنَّ نار الشاعرِ الموقدة والمُفعمة بالطاقة والحيويّة قدْ انطفأت كما يتحدث الشّاعر عن الخِداع من قبل أصحاب العُقول المُختلة، فقد جسّد فالشّاعر خذلانه وأحزانه بصورة تنبعث من اليأس وخيبة الأمل وعدم تحقق أحلامه وآماله، حيثُ أنَّ ما يُريده الشّاعر قد تحقق عكسه تماماً، فأمنياته وأحلامه لمْ تكُنْ لصالحه.
وأيضاً نجد الشّاعر قد وظّف التّناص الديني كما وظّف التّناص الأدبي جنباً إلى جنب حيث تجلّ ذلك من خِلال قصيدته (العنقاء ونيرات وطيء المطفأة) فيقول الشاعر:
..... قد يحلو الهمس على أبواب مدينتنا، للحارس
والمومس والسجّانْ
قد تحلو اللقمة يا ريما لكن لكلاب السّلطان
وأنا يا أخت الغربةُ والأحزان
بالنَّسعة شدّوا لي صوتي ورموني في الجب وقالوا :
عجبٌ ما قالوا يا أختي قد كان عذابي مقضيّاً([20]).
فاستحضر الشّاعر التّناص المُتضمن قصة يوسف عليه السلام حينما القوه إخوته في غيابة الجُب حيثُ يقول الله تعالى:
(قَاْلَ قَائل مِنهم لا تَقتُلُوا يُوسُفَ وألقُوهُ في غَيَابَة الجُبِ يَلتَقطهُ بَعضَ السّيّارة إن كُنتُم فَاعِلينَ)([21]).
وهُنا الشّاعر يتحدث عن عدم مقدرته عن الدفاع عن الأسيرة ريما في سجون الاحتلال حيثُ أنَّ الكلام أصبح ممنوع عليه ولمْ يَعُد الأمر باستطاعته فقد ربطوا لسانه ورموه في غيابه الجُب فبات بعيداً كلَ البُعدِ عن الأسيرة الذي عجز عن الدفاع عنها، ويَرى أنَّ الكلمة أصبحت لأصحاب السلطة الذين رموا به بالبئر كما فعل إخوة يوسف بيوسف عليه السلام حتى أصبحت حريّته مسلُوبة ومُصادرة ولا حول له ولا قوة.
ثانياً: التكرار.
إنَّ ظاهرةَ التكرارِ ليستْ غريبة على شعرِنا العربي سواءً في القديم أم الجديد، حيث تجدها بشكلٍ واضحٍ في الأدب القديم، والناظر إلى الشعر العربي القديم ومُتتبع تطوره يَلحظ وجود ظاهرة التكرار، والتي لا يَكاد شاعرٌ من الشّعراء إلاّ وتجدها في شعره، حتى أصبحتْ سِمةً أو خصيصةً من خصائص الشعر العربي سواءً في القديم أم في الحديث.
ومعنى التكرار في الُّلغة، مأخوذ من الفعل (كرّ) ويُقال: كرّ الفارسُ فهو كرّار، أو مُكر والشيء كرا: رده وكرّ الليل والنهار: عادا مرّة بعد أُخرى، كرر الشيء تكريراً، وتكراراً: أعاده مرةً بعد أُخرى، والكرّ خلاف الفر([22]).
وفي الاصطلاح هو: "إعادة اللفظ أو المعنى"، حيثُ بقيت رُؤية العلماء لحقيقة التكرار مُتقاربة رغم اختلاف وجهات نظهرهم([23]). فيُعرّفه ابن أبي الإصبع المصري بأنَّه: تكرار المُتكلِّم للفظة الواحدة لتأكيده الوصف، أو المدح، أو الذم، أو التهويل، أو الوعيد ([24]). وكذلك يُعرَّفه ابن معصوم المدني بأنَّه: عبارة عن تكرير كلمة فأكثر باللفظ والمعنى لنكتة ([25]).
ذلك أنَّ أسلوب التكرار داخل النّص الشّعري من الظواهر البلاغيّة والأسلوبيّة التي استخدمها القرآن الكريم، ثُمَّ سار على نهجهِ الشُّعراء قديماً وحديثاً، حيث أنَّه أسلوب فني وإيحائي للتعبير عمّا تجيش به نفوسهم من مشاعر وأحاسيس، ولمْ يَكن شيوعه وليد الصدفة ولكن كان هُناك بواعث أسهمت في نضوج هذهِ الظاهرة، حيثُ أدرك العلماء القدماء والمُحدثين بنظراتهم الثاقبة أنَّ التكرار أمرٌ لازمٌ في البشر وفي حياتِهم ([26]). فهو المُمثل للبُنية العميقة التي تَحكم حركة المعنى في مُختلف ألوان البديع إذا كان عنصر الإيقاع خاصيّة تتوفر بدرجة عالية في الشعر([27]).
ذلك أنَّ دور التكرار في مُوسيقى الشعر يَكمُن في استحضار الطاقات الانفعاليّة والتأثيريّة لدى الباث (المرسل) فتقوم بإثارة انفعال المُتلقي واستنفار مشاعره وعواطفه ومن ثُم التأثير به، وبذلك فإنَّ التكرار يقوم بوظيفتين أحداهما وظيفة جماليّة إيقاعيّة، والأخرى وظيفة إيحائيّة دلاليّة ([28]).
سيتم الحديث في هذهِ الدّراسة عن التكرار في شعر إبراهيم العجلوني، وأثره في تشكيل النّص الشّعري وبناءه، وكذلك مُساهمته في تحقيق رُؤية الشّاعر، ذلك أنَّ التكرار قد شكل ظاهرة في شعره، كَما ستقوم الدّراسة بعرض النّماذج الشّعريّة ودراستها ودراسة تحققها في النّص الشّعري، والتي تضمنت التكرار ممّا شكلت ظاهرة في أعماله الشّعريّة والتي كانت على النحوِ الآتي:
تكرار الجملة :
يُعد استخدام هذا التكرار بشكل مُكثف في الشّعر الحديث، ليؤدي إلى إحداث نوعٍ من الإيقاع؛ ذلك أنَّه يُكسِب النصُ طاقةً إيقاعيةً بفعل اتساع رُقعتها الصوتيّة بالإضافة إلى الدور الوظيفي الذي يُؤديه التكرار([29]). حيثُ أنَّ هذا النوع من التكرار إذا أُجيد استخدامه بالشّكل الصحيح فإنَّ له الأثر البليغ لما يَترُكه من دهشة وما يُثيره من مَشاعرٍ([30]).
ظَهرَ التكرار في شِعر إبراهيم العجلوني في كَثير من المَواطن ويبدو ذلك جليّاً من خِلال عدّة قصائد، مِنها قصيدته (أغنيات للحب والأمل) حيثُ يَقول الشاعر فيها:
يا ليتنا طفلان يلهوان خلف حائط عتيق
ضلاّ عن الدنيا، وضيّعا الطريق
ومات عنهما الغروبُ والشروق
........
يا ليتنا طفلان يعدوان في المدى
ويسخران بالرّدى
ويملآن مسمع لدّنا
بفرحة اللقاء والغِنا([31]).
يَستخدمُ الشّاعرُ هُنا أسلوب التكرار، بتكرارهِ للتّمني فقدْ كرّر جُملة (يا ليتنا طفلان) وذلك من أجل أنْ يُبيّن الشّاعر الأهميّة في صدق عاطفته تجاه فلسطين والذي صوّرها بالمحبوبة التي يَتمنى أنْ يَلهو معها خلفَ حائطٍ عتيق كِناية عن القُيود التي فرضها الاحتلال والذي حالَ بين الشاعر وبين محبوبته (فلسطين).
وكذلك وظّف الشّاعر التكرار من خِلال قصيدته (العنقود المر) والذي يقول فيها:
لا تفقأي عينيّ في حمّى العناقْ
عيناي في دمكِ انعتاق
..........
..........
أبكي وأصرخ في احتراق
لا تفقأي عينيَّ في حمّى العناق([32]) .
الشّاعرُ هُنا ومن خِلال استخدامه لأسلوب التكرار بتكرارهِ جُملة (لا تفقأي عينيَّ في حُمّى العِناق) حيثُ يَنتهي الشّاعر بما قدْ بدأ به وذلك حتى يُعطي الأهميّة لما يَقول ويؤكد عليها، فالشّاعر أراد أنْ يؤكد بعدم قُبول العِناق الذي فيه مُصادرة الحريّة مؤكداً على رفضه التام للعِناق الذي فيه سلب الحُرية، فكرر الشاعر الجُملة حتى يُولي الأمر الأهميّة الكُبرى، ويُثير عاطِفة المُتلقي، ليؤكد على عدم قُبوله ذلك الأمر؛ لِما فيه خُطورة بالغة، ويُريد أيضاً أنْ يؤكد أنَّ هذا العِناق ما هو إلاّ عِناق مُزيف.
فالشّاعر هنا استخدم بما يُسمى التكرار الدائري فقد ختم المقطع الشعري بما قدْ بدأ فيه مُحققاً التوازن العاطفي ما بين الكلام ومعناه والتي تمثلت برفضه العِناق باسم الحب المُزيف والتي تعود نتائجه بُمصادرة الحُرية وانتزاع الكرامة،
ومن تكرارات الجُمل الواردة عند الشّاعر أيضاً التكرار الوارد في قصيدته (للصحو والشهادة) والتي يَقول فيها:
لا لستَ ميتاً، قد يكون الأمسُ، تاريخ العواهر،
غصّة الذكرى،
وتبقى أنت،
تبقى أنت دمدمة، نذيراً ،عاصفاً
وواقفاً كنت وتبقى واقفا.. ([33] ).
الشّاعر هُنا وظّف تكرار الجُملة والمُتمثّل (تبقى أنت) حتى يُغني دلالة اللفظ، ويُسلط الضوء على المعنى الذي يُريده، فهو يُريد القول أنَّ الشهيد رغم موته هو باقٍ بذكره وأثره الطيب، مُؤكداً أنَّ الموت للجسد فقط ولكن روحه حيّة معنا نتذكره ونذكره ونذكر أفعاله وخصاله وما قدّمه من نضال ضد الاحتلال.
ومن خِلال استخدام الشّاعر لهذا التكرار تتجسّد رُؤيته التي أرادها هُنا والمُتمثلة بتأكيده لبقاء الشهيد رغم موته، ويُجري الشّاعر المُقارنة بين الشهيد الباقي ذكره رغم موته وبين الحي القاعد عن المُقاومة ورد الظُلم والصامت أمام العدو بأنَّ رغم وجوده معنا إلاّ أنّ ذكره ميت.
تكرار الكلمة :
إنَّ تكرار الكلِمة من أبسط أنواع التكرار وأكثرها شُيوعاً من بين أشكاله المُختلفة، ولعلَّ القاعدة الأوّلية لِمثل هذا التكرار هو أنْ يكون اللفظ المُكرر وثيق الصلة بالمعنى العام للسيّاق الذي يَرد فيه، وخِلاف ذلك يُصبح لفظ مُتكلف لا فائدة منه([34]). فقد يَقْصُد الشّاعر في بعضِ الأحيان من تكرار الكلِمة دلالة لتأكيد الفِكرة وتقرير المعنى في نفس المُتلقي أو تحريك هاجس المُتلقي للتّفاعل مع تجربتهِ([35]).
ومن خِلال ما سبق فستقوم الدّراسة بعرضِ النّماذج الشّعريّة والتي تَدُل على تكرار الكلِمة عند الشّاعر إبراهيم العجلوني ودورها في تشكيل النّص، وتأثيرها في نفس المُتلقي ومن تلك النّماذج ما يلي:
يوّظف الشّاعر تكرار الكلِمة من خِلال قصيدته (العنقود المر) والتي يقول فيها:
أنا وأنتْ
وكلُّ من يلوك هذا الصمت
وكلُّ من يضحك هذا المقت
وكلُّ من ينفخ في حريق هذا البيت
وكلُّ من (يعيش) وهو ميت
جميعنا.. نبيع في المزاد طُهر الصوت
لكنني يا صاحبي لو شئت ... لجزت نهر الصمت([36]).
الشّاعر هُنا ومن خِلال المقطع الوارد نجده يُكرر كلِمة (كلُّ) بِواقع أربع مرات ليُحدثنا عن سبب مُعاناة الأمّة العربيّة والأسباب التي أوصلتهم إلى هذا الحال من ضعف وهوان، وتثبيت المعنى في نفس المُتلقي، فيقول الشّاعر أنَّه وصاحبه جُزء من حُزن هذهِ الأمّة وإنَّ ما يَحدث للأمّة من ضعف وظُلم هو أحد أسباب حُزن الشّاعر.
ثُم يُتابع الشّاعر حديثه ويُشرك معه كلُّ من لازمه الصمت هو أيضاً شريك في حُزن هذهِ الأمة، وكلُّ من يَضحك في زمن الظُلم، وكلُّ من يُساعد الاحتلال في دمار الأمُة، وكلُّ من يَعيش وهو مَيت أيضاً جميعهم يتحمّلون المسؤوليّة لما يَحدث للوطن من قُهر وظُلم وعِدوان، فنجد أنَّ الشّاعر أراد من تكرار كلمة (كلُّ) بأنْ يؤكد رويته بضياع الوطن الذي يشترك فيه كل هذه الفئات من الأفراد والجماعات على حد سواء.
فيُوّظف الشّاعر التكرار هُنا للدّلالة على الحُزن الواقع عليه نتيجة لما حَصل للوطن، وتأكيداً للمعنى الذي يُريد الشّاعر إيصاله؛ وهو عِبارة عن رفضه التّام لكلِ أسباب الضعف والهوان فضلاً عن الانسجام الإيقاعي الذي حققه التكرار والذي تميّز بقوة تأكيد رفض المُتكلّم ذلك الواقع.
وهُنا الشّاعر يَستخدم تكرار (الكلمة) فيكرر اللفظة الواحدة كما في قصيدته (البحث عن مرآة) والتي يقول فيها:
وأهمس الحنين في أُذن حصانه، وأملأ الخرجا
بكل أشواقي لفجر الفجرْ
ففجري المحبوب بات ينشُدُ الفجرا.
نُلاحظ أنَّ الشّاعر قدْ كرر لفظة (الفجر) أربع مرات، وهذا التكرار يُجسّد ويؤكد حالة ونفسيّة الشّاعر الذي أصبح بأمسِ الحاجة للتخلّص من القيد والتطلُع للحُريّة والخلاص، ذلك أنَّ الفجر يَرمز إلى الحُريّة التي تتحقق مع زوال الليل والظُلام، ويَرى أنَّ فجره أصبحَ هو من يَطلبها، فالتكرار هُنا أعطى الألفاظ وأكسبها قوة تأثيريّة لحال الشّاعر الذي ينتظر الفجر ليحصل على حُريّته من خِلال إصراره وتأكيده لطلب الفجرِ.
ومن مواطن تكرار الكلِمة في شعر إبراهيم العجلوني كلِمة (إليَّ) في قصيدته (بكائية المُهرج الذي انتحر) والتي يقول فيها الشاعر:
"إليَّ أطلال النفوس
إليَّ نكرع الكؤوس
إليَّ نرقص الطقوس
في المعبد المزيف" ([37]).
كرر الشّاعر في هذا المقطع من القصيدة كلِمة (إليَّ) ثلاث مرات للدّلالة على مُعاناة الشّاعر وحُزنه، وأنَّ الأمرَ قدْ بلغ مُنتهاه، فهو لا يُريد أنْ يَرى الأمور على حقيقتها، لذلك يَخلق عالماً مُزيفاً عسى الزيف أنْ ينجيه من الواقع المرير، فهو يَهرُب من سطوة الواقع المرير إلى رحابة عالمٍ يَخلقه ويكوّنه ليكون ملاذاً آمناً له، فيكرر كلمة (إليَّ) عسى أحدٌ يُلبي نداءه ويُخرجه من أغلال الواقع الأليم، ولكنْ هيهات هيهات، فكُلّها مُجرد تمنيات لنْ تتحقق.
فنجد أنَّ التكرار هنا جاء ليخدم المعنى الأساسي الذي أراده العجلوني في رفضه للواقع وخلق واقع أكثر أملاً.
تكرار الحروف:
إنَّ الدّلالة الفنيّة لتكرار الحروف تنبُع من تكرار الصوت داخل النسيج الشّعري وذلك لخلق امتداد صوتي داخل النّص الأدبي من أجل تسليط الضوء على الصوت المُكرر لبيان أهميّته في النص([38]).
ومن خِلال من ما سبق فستقوم الدّراسة بعرض النّماذج الشّعريّة والتي تَدل على تكرار الحروف عند الشّاعر إبراهيم العجلوني ودورها في تشكيل النّص، وما حققه من تجانس صوتي يَخدم السيّاق ومن تلك النّماذج ما يلي:
ويتجلّى تكرار الحُروف عند العجلوني من خِلال قصيدته (العنقود المر) والذي يقول فيها الشاعر:
على ضفاف الغَسَقِ
بقية من ألقِ
تلوذ فيه تتقي
أمواج ليل محدق
لمحُتها كبيرق
أحمر لون الزنبق
فقلت ذاك خافقي
ينزو بعُرض الأفق
كغجري المحترق
لمّا هوى في المشرق
عانقت حظي الشقي
كفضلة من ألق
على ضفاف الغسق...([39]).
إنَّ الناظر للمقطع الشّعري في قصيدة العجلوني يَلْحظ أنَّ هناكَ تكراراً لحرف (القاف) ممّا يسترعي انتباه القارئ والسامع، حيث أنَّ حرف القاف من الحُروف المُفخمة في اللُّغة ثُمَّ أنَّه يَمتلك صفة القلقة، فالتفخيم في هذا الحرف إنَّما يَدُل على ضخامة الأزمة النفسيّة التي يَمرُ بها الشاعر، إضافةً إلى حُزنهِ وأسفهِ الدفين ممّا تمرُ به الأُمّة من ضياع فلسطين، أمّا القلقة التي يَمتاز بها حرف القاف فهي الرجع والصدى والأنين الذي يُخيّم على كافة مُجريات حياة الشّاعر خاصة الأوضاع السياسيّة التي تُحيط بالقضيّة الفلسطينيّة، وكافة أثاراها السلبيّة سواءً من الناحية النفسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، فقد تكرر حرف القاف بواقع ستة عشرة مرة، ولعلَّ في تكرار هذا الحرف تجسيداً للحُزن الدائر في نفس الشّاعر.
فمِن خِلال تكرار الحرف في هذا المقطع يتجلّى شُعور الشّاعر بالحُزن والكآبة ومُعاناته الواضحة في مُصارعة الهُموم التي حلّت به ورغم هذا الحُزن في نفس الشّاعر إلاَّ أنَّه يَبحث عن بصيص أمل من خِلال الضوء الذي يَبحث عنه، فقدْ جاءَ التكرارُ هُنا لتأكيد الفِكرة في نفس المُتلقي وإبرازها ، ووصف حالة الشّاعر النفسيّة التي يَعيشها وإبراز الانفعال في نفسه، وتحقيقاً للتّجانس الصوتي في هذا المقطع.
ويَظْهَر تكرار الحُروف أيضاً عند الشّاعر إبراهيم العجلوني من خِلال مقطع من قصيدته (العنقود المر) حيثُ يقول فيها الشّاعر:
تحمّلْ ..
فمن أجل ألاّ يكون سقوط في بئر الفهاههْ
وألاّ يموت حنينٌ،
وإلاّ يُحَدَّ سفار
وألا تهبّ بقلبك ريح الخريفْ
وألا يخيفك مرأى اللهيب([40]).
الشّاعر هُنا يُوظّف تكرار حرف (ألاّ) بواقع خمس مرات وذلك لتأكيده على الحُزن الذي بات يُسيطر على الشّاعر وشعوره بالأسى والألم الذي يعتريه، وبتكرار (ألا) نجد الشّاعر يُثير المُتلقي ويُعطيه طاقة حيويّة تكمُن بانتظار الجواب بعد (ألا) وكأنَّ الشّاعر يُحرّض المواطن العربي ويدعوه لضرورة التحمّل والصبر في مُقاومة المُحتل حتى الوصول للهدف المنشود والمُتمثل بالتحرير وفك القيود.
فالتكرار هنا أكسب النّص الدّلالة التي يُريدها الشّاعر والتي تمثّلت برؤيته أنَّه ومن خِلال التحمّل والصبر وعدم الخوف والتسليم وعدم التخاذل في الدّفاع عن الوطن فيه منافع كثيرة كُلَّها تصب في مصلحة الوطن والعيش الكريم من خِلال إخراج الأُمّة من ذُلّها وظُلمها إلى عزّها ومجدها.
كما استخدم الشّاعر أسلوب تكرار الحرف في قصيدته (تقاسيم على الجراح) ووظّفه هُنا من خِلال قوله:
لو يُدرَك معنى الصمت
لو يُكسف ستر الموتْ
تُلقى الأضواء على رحم الأيامْ
لو نلمس جدران الآتي ونحطّم أسوار الأوهام
لو وهج الموت يذيب بنا صَنَم الأمس المخنوق
لو نتقن فنّ التحديقْ
لبكينا اليوم رفات الغدْ
وقنعنا برؤانا والعدْ([41])
.
كرّر الشّاعر حرف (لو) بواقع خمس مرات وكُلَّها تُفيد النفي، ولو حرف امتناعٍ لامتناع؛ فينفي وقوع الفعل الذي يأتي بعده وكأنَّه يقول ويؤكد أنّه لنْ يُدرك معنى الصمت، ولنْ يُكسف سترُ الموت، ولنْ يُلمس الجدران، ولنْ يُحطم أسوار الأوهام، ولا يستطيع وهج الموت أنْ يذيب ضيم الأسى المخنوق فينا، ولن نتقن فن التحديق، مُتمنياً حدوث كل ما ذكره الشّاعر ولكنَّه لنْ يَحدث.
ويرى الشّاعر أنَّه ولو تحققت الأفعال الواردة بعد (لو) المُكررة لبَكينا على رفات المُستقبل فنجد أنَّ بهذا التكرار في قول الشّاعر قد أعطى الألفاظ الواردة بعد الحرف المُكرر أبعاداً قد كشفت حالة الشّاعر النفسية التي يَعيشها فجاء التكرار حتى يُقوي المعنى ويؤكد المضمون.
الخاتمة
وخُلاصة الأمر فيما سبق فإنَّ الشّاعر العجلوني ومن خِلال استخدامه أسلوب التكرار الذي يُعدُ ظاهرة في أعماله الشّعريّة قد اكسب النّص الشّعري أبعاداً دلاليّة تُحّفز المُتلقي في البحث والغوص في دلالات القصيدة، فقد حقّق الشّاعر من خِلال استخدامه للتكرار جانبين: تَمثل الجانب الأول في تحقيق رؤية الشّاعر، والجانب الأخر هي الفائدة المُوسيقية والإيقاعية ممّا يُضفي على النّص المُشكل بُعداً جماليّاً، حيثُ وجدت الدّراسة أنَّ العجلوني قد أكْثر من تكرار الجُملة في معظم قصائده.
أنَّ الشّاعر إبراهيم العجلوني استطاع تحقيق واحدة من أهم الوظائف التي يؤديها الشّعر، من خّلال قدرته على توظيف اللغة متخذاً من شعره طريقاً للوصول إلى رؤيته فقد تنوّع بين الشكل التقليدي والشكل المُحدّث في شعره، ومحاولته السير على خُطى النّماذج القديمة، انعكاس الثقافة الدينيّة عند الشّاعر والمُتمثّلة بكثرة التناص من القرآن الكريم، والتناص الأدبي الذي جاء لخدمة رؤيا الشّاعر في إيصال معناه الذي يُريد.
قد برعَ العجلوني في توظيفه لظاهرة التكرار، فحفلت قصائده بتوالي التكرار سواء في الجمُلة، أو في الكلِمة، أو في الحرف، بصورة بعيدة عن التصنّع والتكلّف وبما يخدم الغاية المرجوة، وتمكّن الشّاعر من استخدام أدواته الفنيّة في التعبير عن حالته النفسيّة.
كما إنَّ الشّاعر إبراهيم العجلوني ومن خِلال استعراض بعض من نماذجه الشعريّة بالتحليل والشرح وقدرته على توظيف اللُّغة نجده تَمكّنَ من توظيف التّناص الذي يَدل على ثقافته الواسعة ممّا شكلت ظاهرة في أعماله الشعريّة وخدمتْ النّص الشّعري للوصول إلى رُؤية الشّاعر من خِلال تشكيل النّص.
([1]) إبراهيم العجلوني، الشذرات ، الجزء الثاني، دائرة المكتبة الوطنية، عمان، الأردن، سنة 1998م، صفحة 223.
([1]) Ibrahim aleajluni, alshadharat , aljuz' althaani, dayirat almaktabat alwataniati, eaman, al'urduni, sanatan 1998ma, safhat 223
([2]) يحيى القيسي، كتاب عمان ــ حوارات ثقافية في الرواية والنقد والفكر والفلسفة، المؤسسة الصحفية الأردنية، عمان، العدد الأول، بلا تاريخ، صفحة 232.
[2] , Yahyaa alqisi, kitab eumaan hiwarat thaqafiat fi alriwayat walnaqd walfikr walfalsafati, almuasasat alsahafiat al'urduniyati, eaman, aleadad al'awala, bila tarikhi, safhat 232.
([3]) جمال الدين محمد ابن مكرم ابن منظور،لسان العرب، دار صادر، بيروت، مجلد الخامس عشر، الطبعة الأولى، (د.ت) صفحة 252.
([3])Jamal al-Din Muhammad Ibn Makram Ibn Manzoor, Lisan al-Arab, Dar Sader, Beirut, Volume Fifteen, First Edition, (Dr. T), page 252.
([4]) بليغ حمدي إسماعيل، المرجع في تدريس اللغة العربية بين النظرية والتطبيق، وكالة الصحافة العربية، الطبعة الأولى، سنة 2021م. صفحة 10 / 11 .
([4]) Baligh hamdi 'iismaeil, almarjie fi tadris allughat alearabiat bayn alnazariat waltatbiqi, wikalat alsahafat alearabiati, altabeat al'uwlaa, year 2021A.D. Page.10 / 11 .
([5]) محمد سليمان، ظواهر اسلوبية في شعر ممدوح عدوان ، دار اليازوري العلمية ، عمان الأردن، 2007 م، صفحة 127 .
([5]) Muhammad sulayman, zawahir aslubiat fi shier mamduh eudwan , dar alyazurii aleilmiat , eamaan al'urduni, 2007 A.D, page 127
([6]) عبدالله مسلم الكساسبة، تجربة سليمان القوابعة الروائية، دار اليازوري العلمية ، عمان الأردن،2006 م. صفحة 201
([6])Abdallah muslim alkasasibatun, tajribat sulayman alqawabieat alriwayiyatu, dar alyazurii aleilmiat , eamaan al'urduni,2006A.D,Pg. 201
([8]) الغالي بنهشوم، التناص الشعري بين الخفاء والتجلي، دار الخليج للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2020 م. الأردن، عمان، صفحة 18.
([8])Alghali binahshuma, altanasu alshieriu bayn alkhafa' waltajli, dar alkhalij lilnashr waltawziei, altabeat al'uwlaa, 2020 A.D. al'urduni, Aaman, Pg. 18
([9]) إبراهيم العجلوني ، الأعمال الأدبية، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2009م. وزارة الثقافة، عمان ، الأردن، صفحة 51 .
([9])Ibrahim aleajluni , al'aemal al'adabiatu, dar ward al'urduniyat lilnashr waltawziei, altabeat al'uwlaa, 2009A.d. wizarat althaqafati, eamaan , al'urduna. pg.51
([11]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 51 .
([11])Ibrahim Ajlouni al'aemal al'adabiatu, masdar sabiqi,pg. 51
([13]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية ، مصدر سابق، صفحة 47 .
([13])IbrahimAjlouni al'aemal al'adabiat masdar sabiqi,pg.47
([15]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 41 .
([15]) Ibrahim Ajlouni, al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq Pg.41
([16]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 29 .
([16])Ibrahim Ajlouni, , al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq,Pgae 29.
([17]) أبي الفضل احمد بن محمد الميداني : من مجمع الأمثال ، الجزء الأول ، المطبعة الخيرية سنة 1310 هــ ، صفحة 31 .
([17]) Abi alfadl ahmad bin muhamad almaydani : min mujmae al'amthal , aljuz' al'awal , almatbaeat alkhayriat Year.1310A.H, pg.31
([18]): إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 59 .
([18])Ibrahim Ajlouni, al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq, Page.59.
([19]): ديوان المتنبي، دار بيــروت للطبـاعة والنشــر ، بيــروت لبنــان، 1983 م. صفحة 472 .
([19])diwan almutanabi, dar birut liltabaeat walnushr , birut Lebanon, 1983 A.H. pg 472 .
([20]): إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 89 .
([20])Ibrahim Ajlouni al'aemal al'adabiatu, masdar sabiqun, Pg.89.
([22]) إبراهيم مصطفى ومجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية ، الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث، الجزء الأول، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر، سنة 1972 م، صفحة 782 .
([22])Ibrahim mustafaa wamajmueat mualifina, almuejam alwasit , majmae allughat alearabiat , al'iidarat aleamat lilmuejamat wa'iihya' altarathu, aljuz' al'awala, almaktabat al'iislamiat liltibaeat walnashri, year.1972 A.H, pg. 782 .
([23]) خالد فرحان البداينة، التكرار في شعر العصر العباسي الأول، وزراة الثقافة ، عمان الأردن، 2014م . صفحة 11 .
([23]) khalid farhan albidaynatu, altakrar fi shier aleasr aleabaasii al'awala, wazarat althaqafat , eamaan al'urduni, 2014A.D.Pg.11
([24]) ابن أبي الإصبع المصري، تحرير التجبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القران، تحقيق وتقديم حنفي محمد شرف، الناشر لجنة إحياء التراث الإسلامي ، الجزء الثاني، ( د. ت )، ( د. ط )، صفحة 375 .
([24]) Ibne 'abi al'iisbie almisria, tahrir altajbir fi sinaeat alshier walnathr wabayan 'iiejaz alqurani, tahqiq wataqdim hanafay muhamad sharaf, alnaashir lajnat 'iihya' alturath al'iislamii , aljuz' althaani, ( D.T), (D.I ), pg.375
([25]) ابن معصوم المدني ، أنوار الربيع في أنواع البديع ، حققه وشرحه شاكر هادي شكر، مطبعة النعمان / النجف ، 1969 م. الجزء الخامس صفحة 345.
([25]) Ibne masoom almadania , 'anwar alrabie fi 'anwae albadie , haqaqah washarhah shakir hadi shakra, matbaeat alnueman / Najaf, 1969 AD. Part V, page 345.
([26]) خالد فرحان البداينة ، التكرار في شعر العصر العباسي الأول، مرجع سابق، صفحة 11 / 12 .
([26])khalid farhan albidaynat , altakrar fi shier aleasr aleabaasii al'awala, marjie sabiq, pg. 11 / 12 .
([27]) عصام عبد السلام شرتح، أساليب التكرار في لغة الحداثة الشعرية السورية، دار المعتز للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى ، 2020م. صفحة 7 .
([27])Asam eabid alsalam shartah, 'asalib altakrar fi lughat alhadathat alshieriat alsuwriati, dar almuetazi lilnashr waltawzie, altabeat al'uwlaa , 2020A.D. P.g. 7 .
([28]) وسيم حميد القبلاوي، اثر التكرار في موسيقى شعر البحتري ودلالالته، دار امجد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الأردن ، عمان، 2017 م.
صفحة 13 .
([28]) Wasim humid alqiblawi, athar altakrar fi musiqaa shaer albahtari wadalalialatiha, dar amjid lilnashr waltawziei, altabeat al'uwlaa, al'urduni - eaman, 2017 A.D. P.g.13
([29]) معتز قصي ياسين، جمالية التكرار في شعر احمد مطر، مجلة الخليج العربي، جامعة البصرة، مركز دراسات البصرة والخليج العربي، مجلد 46، عدد 1,2، 2018م. صفحة 227 .
([29]) muetaz qusay yasin, jamaliat altakrar fi shier aihmad mutari, majalat alkhalij alearabii, jamieat albasrat, markaz dirasat albasrat walkhalij alearabii, Volume 46, Number 1,2, 2018A.D.P.g 227
([30]) عمران خضر الكبيسي، لغة الشعر العراقي المعاصر، وكالة المطبوعات الكويتية، الكويت، الطبعة الأولى ، 1982م . صفحة 164 .
([30]) Imran khadir alkibisi, lughat alshier aleiraqii almueasiri, wikalat almatbueat alkuaytiati, Kuwait, altabeat al'uwlaa , 1982A/D,Pg.164
([31]): إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 94 .
([31])Ibrahim Ajlouni al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq,pg.94.
([33]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 80 .
([33])Ibrahim Ajlouni, al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq,Pg.80
([34]) فهد ناصر عاشور، التكرار في شعر محمود درويش، دار الفارس للنشر والتوزيع، الأردن / عمان، الطبعة الأولى، 2004م. صفحة 60 .
([34]) Fahd Nasir Ashour, altakrar fi shier mahmud darwish, dar alfaris lilnashr waltawziei, al'urduni / Aamman, altabeat al'uwlaa, 2004A.D,pg.60
([35]) محمد سالم الرجوبي، التكرار في الشعر العربي الحديث (قصيدة السياب) ، مجلة شمالجنوب، جامعة مصراتة، كلية الاداب، العدد الثاني عشر، 2018م. صفحة 107 .
([35]) Muhammad Salim alrajubi, altakrar fi alshier alearabii alhadith (qasidat alsayab) , majalat shamalijnubi, jamieat misratatin, kuliyat aladabi, aleadad althaani eashra, 2018A.D,P.g.107 .
([36]): إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 70 .
([36])IbrahimAjlouni, al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq, P.g.70
([37]) إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 152.
([37])Ibrahim Ajlouni , al'aemal al'adabiatu, masdar sabiq Pg,152
([38]) يوسف إبراهيم قطريب، أدب الوفادة لدى أدباء الأندلس داخل وخارج الاندلس، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 2017م. لبنان ، بيروت، صفحة 268 .
([38]) Yousif 'iibrahim qitriba, 'adab alwifadat ladaa 'udaba' al'andalus dakhil wakharij Andalusia, Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah, first edition, 2017. Lebanon, Beirut, page 268.
([39]): إبراهيم العجلوني، الأعمال الأدبية، مصدر سابق، صفحة 68 /69 .
([39]) Ibrahim Ajlouni al'aemal al'adabiatu, masdar sabiqi, P.g.68 /69
Article Title | Authors | Vol Info | Year |
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Volume 3 Issue 2 | 2022 | ||
Article Title | Authors | Vol Info | Year |