Search from the Journals, Articles, and Headings
Advanced Search (Beta)
Home > Riphah Journal of Islamic Thought & Civilization > Volume 1 Issue 2 of Riphah Journal of Islamic Thought & Civilization

التطوير المهني للقادة في ضوء النَّظام الأخلاقي الإسلامي Professional development for leaders in the Light of Islamic moral system |
Riphah Journal of Islamic Thought & Civilization
Riphah Journal of Islamic Thought & Civilization

Article Info
Authors

Volume

1

Issue

2

Year

2023

ARI Id

1708415925413_3314

Pages

72 to 94-72 to 94

PDF URL

https://journals.riphah.edu.pk/index.php/jitc/article/download/1915/1079

Chapter URL

https://journals.riphah.edu.pk/index.php/jitc/article/view/1915

Subjects

Leadership Prophets Muslims Basis Nations

Asian Research Index Whatsapp Chanel
Asian Research Index Whatsapp Chanel

Join our Whatsapp Channel to get regular updates.

@page { size: 6.79in 9.25in; margin-left: 0.39in; margin-right: 0.39in; margin-top: 0.32in; margin-bottom: 0.12in } p { margin-bottom: 0.1in; direction: ltr; line-height: 115%; text-align: left; orphans: 2; widows: 2; background: transparent } h1 { margin-bottom: 0in; direction: ltr; color: #2e74b5; line-height: 108%; text-align: left; page-break-inside: avoid; orphans: 2; widows: 2; background: transparent; page-break-after: avoid } h1.western { font-family: "Calibri Light", serif; font-size: 16pt } h1.cjk { font-family: ; font-size: 16pt } h1.ctl { font-family: "Times New Roman"; font-size: 16pt } p.sdfootnote-western { margin-bottom: 0in; direction: ltr; font-family: "Alvi Nastaleeq", serif; font-size: 10pt; so-language: en-GB; line-height: 100%; text-align: left; orphans: 2; widows: 2; background: transparent } p.sdfootnote-cjk { margin-bottom: 0in; direction: ltr; font-size: 10pt; line-height: 100%; text-align: left; orphans: 2; widows: 2; background: transparent } p.sdfootnote-ctl { margin-bottom: 0in; direction: ltr; font-family: "Alvi Nastaleeq"; font-size: 10pt; line-height: 100%; text-align: left; orphans: 2; widows: 2; background: transparent } p.sdendnote { margin-bottom: 0in; direction: ltr; font-size: 10pt; line-height: 100%; text-align: left; orphans: 2; widows: 2; background: transparent } a:link { color: #0000ff; text-decoration: underline } a:visited { color: #954f72; text-decoration: underline } a.sdfootnoteanc { font-size: 57% } a.sdendnoteanc { font-size: 57% }

{RJITC} Vol: I, Issue: 02 July-December2023

Picture 3 Picture 1 Riphah Journal of Islamic Thought & Civilization Published by: Department of Islamic Studies,

Riphah International University, Islamabad

Email: editor.rijic@riphah.edu.pk

Website: https://journals.riphah.edu.pk/index.php/jitc

ISSN (E): 2791-187X




التَّطوير الـمِهَني للقادَة في ضوء النَّظام الأخلاقي الإسلامي

Professional Development for Leaders within the Islamic moral system

Faraz Ul Haqi

ABSTRACT

The leadership of nations is a role designated for prophets and messengers of Almighty Allah; they executed this duty with utmost excellence. Their distinctive leadership and skills were guided by divine revelation, complemented by inherent natural abilities crucial for guiding people. Following the era of Prophets and messengers, scholars, reformers, and noble rulers who succeeded them drew from this pure source. They derived principles of governance and successful leadership methodologies from the divine revelations, administering their people adeptly and fostering the consolidation of Islam in their lands. However, in later eras, these foundational elements waned. Many leaders disregarded the noble Islamic values they inherited. Consequently, weaknesses seeped in, and successful, impactful leadership shifted to other groups.

This article highlights the principles of leadership advocated by the prophets and messengers, particularly the final messenger, Prophet Muhammad ,It provide some examples of the leaders among this Ummah, It showcase exemplary leaders from our glorious history and provide guidance on returning to that greatness by reverting to the landmarks of leadership illustrated by the Prophet , It's in this return that the restoration of our former glory can be realized.

Keywords: Leadership - Prophets - Muslims - Basis – Nations

إن قيادةَ الأمم وظيفةُ الأنبياء والرسل، وكانوا خيرةَ خلق الله، وقد قاموا بهذا الواجب خيرَ قيام، وإن أهم ما كان يميز دورهم القيادي ومهاراتهم القيادية أنها كانت مسددة بوحيٍ من الله، مع ما وُفقوا به جِبِلَّةً ومِن واقع بيئتهم الفطريّة من مهارات مؤثرة في قيادة الناس.

ثم هؤلاء الأنبياء قد مارسوا أدوار القيادة بأنواعها، وذلك لهداية أقوامهم إلى توحيد الله ولتقويم اعوجاج أقوامهم ولجعلهم يسيرون على خطى واضحة ترزقهم التمكين من الأرض، ليستمر الدور الفعال لتلك الأمم.

ثم إن العلماء والمصلحين والسادة الملوك الذين تولوا أزمة القيادة بعد الأنبياء والرسل نهلوا من تلك المعين الصافية، وأخذوا من تلك التطبيقات المستفادة من الوحي الإلهي قواعدَ الحكم وأساليب القيادة الناجحة، فساسوا الناس وقاموا بشؤونهم خير قيام، وكان من آثار ذلك أن ترسخت شوكة الإسلام في أرض الله.

ثم أتت العصور المتأخرة فضعفت فيها تلكم المقومات، ومال كثيرٌ من القادة إلى مبادئ الفكر الغربي في قيادة الأمم والشعوب، والبعض الآخر لم يعبأ بالقيم الإسلامية النبيلة التي توارثوها، فتسرَّب إليهم الضعف، وأصبحت القيادة الناجحة والمؤثرة في نصيب قومٍ آخرين.

وقد أردتُّ جمع أسس ومبادئ القيادة التي دعا إليها الأنبياء والرسل، ولا سيما خاتمهم نبينا محمد ﷺ، ثم ذكرت بعض النماذج من القادة المتميزين في تاريخ أمتنا المجيدة، ثم ذكرت بعض النصائح في كيفية العودة إلى ذلك المجد، وذلك يتحقق بالرجوع إلى معالم القيادة التي رسمها لنا النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

وهذا البحث قد اشتمل على مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة.

المقدمة؛ وفيها ذكر أهمية البحث، وأسباب اختياره.

الفصل الأول: أسس ومبادئ القيادة المؤثرة في عهد النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

الفصل الثاني: نماذج من استلهام الأسس ومبادئ القيادة الإسلامية في العصور المتأخرة.

الفصل الثالث: تحديات وتوجيهات لاسترجاع أسس القيادة الناجحة في الظروف الراهنة.

الخاتمة؛ وهي مشتملة على نتائج البحث، والاقتراحات إلى المؤسسات العالمية.






الفصل الأول: أسس ومبادئ القيادة المؤثرة في عهد النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

إن الله جل وعلا جعل النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم قدوةً لجميع الناس، وخاطب جميع العباد بقوله: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21] فهو قدوة للصغير والكبير، وللحاكم والمحكوم، وللعالم والعامي، كل ينهل من حياته بما يجد فيه من الهدي العظيم.

ثم إن الرب عز وجل حياته صلـى الـلـه عليـه وسلـم هو المعيار الحقيقي الذي يقاس عليه نجاح الإنسان وتسديده وتوفيقه في الدنيا والآخرة، فجعل الهداية حليفة لمن يطيعه. قال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: 54].

وباتباعه صلـى الـلـه عليـه وسلـم يسعد الخلق والناس أجمعين، وقد أرسله الله تبارك وتعالى لغايةٍ عظيمة وهدفٍ نبيل، ولما حقق لنبيه صلـى الـلـه عليـه وسلـم هدفه الأساسي وهو إرشاد الناس إلى التوحيد وإخراجهم من الظلمات إلى النور، مكّن له في الأرض كما وعد به رسوله والخلّص من عباده، فقال جل وعلا: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور:55].

وكانت حياة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم مليئة بمختلف الأحداث العصيبة، فقد عايش ظروفا قاسية، وأحوالا متقلبة، فقد آذاه قومه في مكة وما آمن معه إلا قليل، وأوذي في أسفاره وهجرته، ثم ابلتي بفقد أصحابه في الغزوات والسرايات، كلُّ ذلك وهو يصبر ويصابر ويحتسب ما يلاقيه من الشدائد عند الله جل وعلا.

وقد انتشر الإسلام شرقًا وغربا في حياة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، وأصبح الناس يدخلون في الإسلام جماعات وفرادى.

والنظام الأخلاقي الإسلامي هو نظامٌ شامل لجميع شؤون الحياة، فأكثر ما يرتكز عليه هو تحقيق الغاية العظمى التي خلق الله الخلق لأجلها، وهي تحقيق عبودية الله جل وعلا، وإخراج الناس من عبادة الناس إلى عبادة رب الناس، والعبادة تحتاج إلى صبر وصابرة، فمن هنا جاء أمر الرب جل وعلا -وهو أعلم ما يصلح ديننا ودنيانا- بأن نعبده ونصابر عليها، فقال جل وعلا: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾[مريم: 65].

ومن رحمته جل وعلا أن جعل مفهوم العبادة شاملا لكثيرٍ من الأعمال الصالحة، فقد حقق بعضُ العلماء أن العبادة تعني مجموعة من كل ما يحبه الله ويرضاه، سواء كان ذلك في الأقوال أو الأفعال، سواء كان ذلك في السر أو الظاهر، وتشمل الصلاة، والصدقة، والصوم، والحج، والكلام الصادق، والوفاء بالأمانات، وبر الوالدين، والحفاظ على روابط الأسرة، والوفاء بالتعهدات، وتوجيه الناس نحو الخير ومنعهم عن الشر، والكفاح ضد الكفار والمنافقين، واللطف بالجيران والأيتام والمحتاجين والمسافرين والعبيد، سواء كانوا بشرًا أو حيوانات(1).

ثم إن الإنسانَ مأمورٌ أن ينظّم حياته الدنيوية ويعمر الأرض، فالشريعة وجهت تنظيم الحياة وإقامتها على أسس حكيمة، تيسر على المرء العيش في هذه الحياة، قال تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [الحجر: 99].

وإن من مقاصد الشريعة الإسلامية تحقيق مصالح الخلق بما يضمن سلامتهم وسلامة عرضهم وأموالهم، فقررت الشريعة أحكام المعاملات في أبواب مختلفة كالبيوع، والأنكحة، والحدود، وكلها أبواب عظيمة في المنظومة الأخلاقية الإسلامية.

وإذا تتبعنا سيرة النبي المهداة عليه أفضل الصلاة والتسليم نجد أنه قد رسخ القيم الأخلاقية الإسلامية في الناس، وعرض عليهم سيرته وقدوته قبل أقواله، وشهد له الرب جل وعلا بالأخلاق الفاضلة التي تستحق أن تقتدى، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم: 4]، فكان صلـى الـلـه عليـه وسلـم قائدًا وإمامًا للناس، أقام للناس أمور دينهم ودنياهم.

وفيما يلي عرض لبعض النماذج المشرقة والقيم العظيمة في الصفات القيادة في سيرة حبيبنا صلـى الـلـه عليـه وسلـم:

  • البدء بالأهم فالأهم:

    إن دعوة الناس إلى أهم ما يجب عليهم معرفته وتحقيقه هو أمر ظاهرٌ في حياة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فقد كان غاية بعثته وجل اهتمامه دعوة الناس إلى وحدانية الله جل وعلا وتحقيق توحيده، إذ إن مظاهر ربوبية الله جل وعلا وكمال خلقه لا يتصور أن تخفى عن أنظار الإنسان البالغ سن الرشد، فإن المرء يتأمل فيما يجري حوله، وينظر في أحوال الخلق، ولا بد أن يتساءل: مَن خلق هذا الكون العظيم ؟ من الذي أوجدنا من العدم؟ وإلى أين نسير بعد هذه الحياة؟

    ومن رحمة الله تعالى بالخلق أن أرسل إليهم رسلًا مبشرين ومنذرين، يعلمون الناس الغاية التي خلقوا من أجلها، وكيف يتقربون إلى الله جل وعلا، وما يصلح دينهم ودنياهم، فدعوا الناس إلى عبادة الله جل وعلا، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: 36].

    وإن دعوة الناس إلى تحقيق التوحيد كان من أهم ما كانت ترتكز عليه دعوة نبينا صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فكان يرسل الرسل والسفراء إلى البلدان والملوك، يدعوهم إلى الإيمان بالله جل وعلا وترك ما هم عليه من الإشراك بالله، فقد جاء عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم أرسل رسائل إلى كسرى وقيصر والنجاشي وإلى كل حاكم عظيم دعاهم لله تعالى(2).

    ومما يقرب صورة وأهمية تقديم الأهم فالأهم في الأمور والقضايا هو أن يأتي مريضٌ يعاني من أمراض خطيرة إلى طبيب، فيكشفه الطبيب ويكتشف أن به سرطان، وبه صداع وآلام، فلو انشغل الطبيب بعلاج الأمراض الصغيرة عن علاج المرض الأكبر لما كان ناصحا للمريض، إذ المرض الأكبر قد يهلك بإهماله الإنسان.

    والقائد الناجح يسعى في جميع قراراته إلى تقديم الأمور ذات أهمية قصوى، وتأجيل الأمور والقضايا ذات أهمية أقصر.

    ولما أرسل النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن داعيا ومعلما وقاضيا وقائدًا أوصاه بالبدء بالأهم فالأهم:

    فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه عندما بعث النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم معاذ بن جبل إلى أهل اليمن، قال له: "ستأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن دعوتك الأولى لهم دعوتهم إلى توحيد الله العظيم، فإذا آمنوا بها وصدقوها فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإذا صلّوا، فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من الأغنياء وتُرَدُّ على الفقراء...»(3).

    ويستفاد منه أنهم إذا ما آمنوا بما بجب عليهم البدء به فإن ما بعده لا ينفعهم، وهو المقصد من استعمال (إن) الشرطية في الحديث الشريف.

  • وضوح الهدف واليقين:

    إن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم كان القائد الذي ألهم التوفيق والتسديد من الله جل وعلا، فقد كان هدفه نبيلًا وواضحًا، ولم يكن فيه غموضٌ قط، فقد أرسله الله لهداية الناس، وليتم لهم الدين والنعمة، وليظهر الإسلام على الدين كله ولو كره المشركون.

    فقد كان صلـى الـلـه عليـه وسلـم يتحمل المشاق والصعاب في تحقيق هذا الهدف العظيم، ولم يتعثر يوما ولم يتردد يومًا ولم يقع في شكٍّ قط أن هذا الدين سيبلغ الآفاق، وأن الله ناصرٌ عباده ودينه.

    وهكذا يكون القائد الحصيف، فإنه يرسم لنفسه خطى واضحة، وأهداف سامية، ثم يبذل في تحقيقها الغالي والنفيس، ولا يتحسر ولا يتخلف في تحقيق أهدافه.

    ومن النماذج العظيمة في ذلك من سيرة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم ما رواه عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه أن قريشًا جاءت إلى أبي طالب، فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا، فانهه عنا، فقال: يا عقيل انطلق فأتني بمحمد...فلما أتاهم قال أبو طالب : ن بني عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم فانته عن أذاهم، فحلق رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم ببصره إلى السماء، فقال: "أترون هذه الشمس؟ قالوا : نعم، قال: "مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً"(4).

    ومن كمال وثوقه صلـى الـلـه عليـه وسلـم بأن الله سيحقق وعده ما قاله لأصحابه وهم في شدة يحفرون الخندق، ما رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم بحفر الخندق، ففي إحدى مواقع الخندق، ظهرت لنا صخرة لم يستطيعوا كسرها، قال: فقمنا بالشكوى للنبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فوضع النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم ثوبه ونزل إلى الصخرة، ثم أخذ المعول وقال: "بسم الله" ثم ضرب ضربة فانشق ثلث الصخرة، وقال: "الله أكبر، أُعْطِيَتْ مفاتيح الشام، والله إني أرى قصورها الحمراء من موقعي هنا." ثم قال: "بسم الله" وضرب ضربة أخرى فانشق ثلث الصخرة الآخر، وقال: "الله أكبر، أُعْطِيَتْ مفاتيح فارس، والله إني أرى المدن وقصورها البيضاء من هنا." ثم قال: "بسم الله" وضرب ضربة أخرى فاختلف الصخرة، وقال: "الله أكبر، أُعْطِيَتْ مفاتيح اليمن، والله إني أرى أبواب صنعاء من موقعي هنا(5).

    فما أعظم هذا الوثوق، وما أوضح هذا الهدف، وما أقوى هذا اليقين، فهم في حالة ضعف ونقص متاع، ولا يجدون ما يسدون به جوعهم، ومع ذلك يؤمنون بوعد الله، وأن اللهَ ناصرٌ أولياءه.

  • الشمولية:

    إن رسالة الإسلام رسالة متكاملة، تشمل جميع مجالات الحياة من العقائد والعبادات، والأخلاق والتجارات، وكان الرسول صلـى الـلـه عليـه وسلـم يرشد الناس إلى اتقان هذه المجالات كلها، ويربي الناس على التوازن في هذه الأمور.

    ويخطئ بعض الناس في يقصرون مفهوم الإسلام على العبادات والرقائق، وينسون أنه أرشدنا إلى قواعد الاقتصاد، وأنظمة الحكم، والعلاقات الاجتماعية، والدولية، وغير ذلك من شؤون الحياة.

    وهكذا كان النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم يؤم الناس في الصلوات، وكان أبًا، وكان زوجًا، وكان قاضيًا، وكان رئيس دولة ومؤسسها، وكان يقود الناس في المعارك، وينظم العلاقات بين الأقوام والأمم، فكان قائدًا تشمل دعوته واهتمامه جميع شؤون الحياة.

    فهو قدوة لجميع الناس: للتاجر، والعامل، وطالب العلم، والقاضي، والوالي، فالجميع يقتدي به ويسترشد بهديه الشريف، وهذا معنى بعثته إلى كافة الناس.

    كما أنه قدوة لجميع من يأتي من الناس إلى يوم القيامة، فرسالته المباركة لم تكن مقتصرة على زمنه، بل هي شاملة لجميع الأزمان والأماكن.

    والقائد الناجح هو الذي ينظر إلى الناس نظرةً شاملة، ولا تتمركز قراراته في باب معين في شؤون الناس.

    ومن الأمثلة من السنة النبوية على شمولية رسالة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم ما قاله سلمان الفارسي رضي الله عنه لمن أراد السخرية منه، فقال له: قد علمكم نبيكم صلـى الـلـه عليـه وسلـم كل شيء حتى الخراءة، فقال سلمان واثقًا من دينه معتزًّا بتعاليمه-: أجل، ثم وصف أمورا محظورة أثناء أداء الاستنجاء وتطهير النجاسة التي نهى عنها النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم ومنها: أن لا نتوجه بأجسادنا نحو القبلة أثناء التغوط أو التبول، ولا نستعمل اليد اليمنى في التطهير، وأن لا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، ولا نستخدم رجيعا أو عظم دابة(6).

    وفي خطبة حجة الوداع التي هي بمثابة دستور للأمة الإسلامية، قد ذَكَّرَ الرسول صلـى الـلـه عليـه وسلـم الناس بعبادة الله جل وعلا ومما قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلّغت؟»(7).

  • العدالة:

    إن العدل من الصفات المحبوبة في فطر الناس، وقد أرشدنا الإسلام بأن نحقق العدل في جميع مناحي الحياة، فالوالي مطالب بأن يحكم بين الناس بالحق والعدل، والقاضي إذا حكم فإنه يحكم بالعدل، والمرء مطالبٌ بالعدل بين الأبناء والزوجات، كما أن التاجر المسلم مطالب بأن يقسط الكيل والميزان، فالعدل جوهر الإسلام.

    وأفعال الله تبارك وتعالى جارية على العدل خالية من جميع الظلم؛ فهو توازن بين الفضل والرحمة، وبين العدل والحكمة، قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾[الأنعام: 115].

    وكان صلـى الـلـه عليـه وسلـم متصفًا بصفة العدل، فقد حكم في قضايا كثيرة، وإن أعدى أعدائه لم يتهموه بالجور في الأحكام، بل كانوا يتحاكمون إليه في حلّ نزاعاتهم، وهذه غاية في النزاهة والعدالة.

    وقد جاء هذا الوصف المبارك "العدل" لله جل وعلا ولرسوله صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فقد جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قصة معركة حنين، لما حين قرر النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم توزيع الغنائم، وفضَّل البعض في القسمة، مثل منحه مائة إبل لأقرع بن حابس ومثيل ذلك لعيينة وأشراف العرب، فردّ رجلٌ على هذا القرار قائلاً بأن هذا التوزيع لا يحمل العدل ولا يسعى لرضا الله، فلما سمع ذلك ابن مسعود أبلغ النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم بما قيل، فلما أخبر بهذه المقولة، تغيَّر وجهه تمامًا، ثم قال: "فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟(8).

    وقال ابن القيم في "نونيته"(9):

    والعدل من أوصافه في فعله ........ ومقاله والحكم بالميزان

    والقائد الفذّ هو الذي يحقق العدل في نفسه، وعلى الذين يحكم فيهم، ولا يظلم فيمن جعلهم الله أمرهم بيديه.

    ومن صور العدل المشرقة في حياة النبي الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم أنه في معركة بدر، وجد النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم صفوف أصحابه غير مرتبة، فأصلحها بقدح كان بيده ليوازن الصفوف، وفي أثناء ذلك، مر بسواد بن غزية - من قبيلة بني عدي بن النجار - رضي الله عنه، وكان غير مُنتظم في الصف، فطعن رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم في بطنه بقدح وقال: "استو يا سواد"، فردّ سواد قائلاً: "يا رسول الله، أوجعتني، وأنت الذي بعثك الله بالحق والعدل"، فهنا كشف النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم بطنه وقال: "استقد"، فاستقد سواد وقبَّل بطن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فسأله النبي متعجبا: "ما دفعك لفعلك هذا يا سواد؟!" فأجاب: يا رسول الله، الحال هو ما ترى، وأردت أن يكون آخر عمل أعمله في الدنيا أن يمس جلدي جلدك، فدعا النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم لسواد بالخير(10).

    فلنا أن نتخيل أن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم لم يتأخر في تحقيق العدل، بل عرض نفسه على فرد من أصحابه ليأخذ نصيبه، وعليه فتحقيق العدل والبعد عن الجور هو من أهم صفات القائد الناجح الذي لولاه انفر عنه الناس.

  • الشجاعة:

    الشُّجاعة وصف للثبات والجرأة وحسن التصرف في الاقدام والاحجام، فالشجاع هو الذي يملك الموقف ويتحكم فيه بحكمة وعقل، ولا يتعجل بل يدرس الأمر ومآله ثم يقرّر.

    والشجاعة لا تعني التهور وسرعة الاقدام إلى ما يراد، فإن هذا من التسرع المذموم.

    والقائد الناجح يكون متصفا بالشجاعة، فإنه يحتاج إلى اتخاذ القرارات المدروسة، فلو لم يكن صاحب شجاعة سيجبن في السعي إلى معالي الأمور وتحقيقها.

    وقد كان النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم أشجع الناس، وقبيلته من أشجع القبائل، بل ومن صفات العرب الحميدة قبل الإسلام أنهم كانوا ذوي شجاعة وإقدام.

    ومن الأمثلة على الشجاعة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه -خادم النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم- قال: إن رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم كان من أحسن الناس أخلاقاً، وأجودهم في العطاء، وأشجعهم في المواقف الصعبة، أصاب أهل المدينة الهلع في ليلة سمعوا فيها صوتاً ، فخرج النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم ليلاً على فرسٍ عريّ لأبي طلحة مقلِّدًا سيفَه، فلما تجمع القوم فإذا هو يقدم من بعيد قائلًا: «لم تُراعُوا، لم تُراعُوا»(11).

    فقد خرج صلـى الـلـه عليـه وسلـم وحده ليكشف حال العدو، وسبق أصحابه ليتخذ القرار المناسب، فلما لم يجد شيئا ذا بال رجع إليهم مسرعًا وطَمْئَنَهم.

    وكان صلـى الـلـه عليـه وسلـم يقود المعارك، ويساند أصحابه في الشدائد والمحن، وقد جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن في بدر كان الناس يلوذون برسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم، وكان النبي قريبًا من العدوّ، وكان من أشدّ الناس يومئذٍ بأسًا(12).

    وموافقه صلـى الـلـه عليـه وسلـم في الشجاعة كثيرة.

  • الاهتمام بالجميع:

    إن الناس كلهم من آدم، وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على عربيّ إلا بالتقوى، وكلّ ميسَّرٌ لما خلق له، وهذه من المسلمات في دين الإسلام.

    ولقد كان صلـى الـلـه عليـه وسلـم نموذجًا يقتدى به في اهتمامه بأصحابه، وبتقديره إياهم، وإشعاره الجميع بأن لهم أهمية ودورا أساسيا في المجتمع، فقد كان يكرم أصحابه ويحبهم، وكان أصحابه يجدون منه قدرا عاليا من الحفاوة بحيث يظن الواحد منهم أنه أحب الناس إلى رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

    فعن أبي عثمان النهدي عن أبي عثمان: أن عمرو بن العاص كان قائد جيش ذات السلاسل بأمر من النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، فلما رأى اختياره سأله عن أحب الناس إليه، فأجاب النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم: "عائشة"، فذكر أن يقصد من الرجال، فأجاب صلـى الـلـه عليـه وسلـم: "أبوها"، فسأل: ثم من؟ فقال: "عمر"، ثم توقف عمرو بن العاص عن السؤال خوفًا من أن يذكر في النهاية(13).

    ويروي لنا سهل بن سعد رضي الله عنه ما حصل في صباح يوم الخندق، حيث إن رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم قال يوم خيبر: سأُعطي الراية غدا لرجل يفتح الله خيبر على يديه، وهذا الرجل يحب الله ورسوله ويُحبهما الله ورسوله، فبات الناس طيلة الليل يتمنون أن يحصلوا على هذه الراية، وعندما أصبح الناس قد اصطفوا أمام النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، كل واحد منهم يتمنى أن يُعطى تلك الراية، فنادى عليّا وناوله الرّاية(14).

    ما أجمل هذا الاحساس، وكيف كانوا يشعرون بأن اللهَ جلَّ وعلا يحبهم، ورسولَه صلـى الـلـه عليـه وسلـم يحبهم، فكلهم يرجون أن يكونوا هم مَن قيل فيهم هذا الوصف.

    وهكذا يكون القائد الناجح، فلا ينحاز إلى أناسٍ دون أناس، وإنما يهتم بالجميع، ويشعر الجميع أنهم ذوو مكانة عالية لديه، وكلُّ واحد له دوره الفعّال الخاص به لتحقيق أهداف المنظومة.

  • الصبر:

    إن طبائع الناس تختلف من شخص إلى آخر، فالبعض يفهم بمجرد إشارة وأدنى كلام، وآخر لا يفهم حتى لو كُرر له الأمر مرات وكرات، والبعض يحسن التصرف، وآخر يخطئ وربما ترتب على أخطاءه خسائر وأمورا لا تحمد.

    فالقائد المتميز يكون متّصفا بصفة الصبر، فيصبر على أذى الناس ولا يفقد الوقار، ويصبر على أخطاء الناس، ويعالجها بروية وتؤدة، ولا يتعجل النتائج.

    إن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم وضع أروع النماذج في الصبر، فصبر على أذى الناس، وأذى أعداءه حيث رموه بالسحر والكهانة، وسخروا منه، وحاربوه جماعات وفرادى، فصبر لله واحتسب.

    وقد وعد الله الصابرين بالثواب الجزيل والأجر العظيم، فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[الزمر: 10].

    قال قتادة: (لا والله ما هُناكم مكيال ولا ميزان)(15).

    أي: لن يكون الجزاء على مقدار معين، بل يكون بلا حساب.

    ومن نماذج صبره المشهورة ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم كان يصلي ذات يوم في الكعبة وحوله مجموعة من المشركين من قريش، إذ تقدم الشقي عقبة بن أبي معيط فطلب سلى جذور ذبحت من قريب، ورماه على ظهر النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم وهو ساجد، فلم يرفع نبي الله رأسه حتى أتت فاطمة -عليها السلام- فأزالت الأذى من ظهره الشريف ولعنت من قام بفعل هذا العمل(16).

    فانظروا هذا الأمر، وكيف تحمل هذا النوع من الأذى والمشاق، مع أنه كان مكرما ومعززا في قومه قبل إعلان النبوة، لكن سنة الله تعالى مضت في اختبار أوليائه.

    ولقد صبر الحبيب صلـى الـلـه عليـه وسلـم على مشقة العيش وشدة الحياة، وهذا له نماذج كثيرة، وجاء عن عروة بن الزبير حين تحدث عن كيفية عيش خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مع النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم أنهم كانت تمر الأهلة تلو الأهلة، ولا يشتعل النار في بيوتهم للطبخ، وكان طعامهم التمر والماء(17).

    أي كانوا يعيشون ببساطة وبأقل ما يمكن، دون الحاجة إلى إشعال النيران.

    والابتلاء سنة الحياة، وإن الله يبتلي من عباده المخلصين ليمحص الذين آمنوا، والقائد الفذ يكون مخلصا لأهدافه، مجتهدا في تنفيذها، ومركزا على معالي الأمور، فلا يمنعه مشقة وصعوبة من سبيل تحقيق مقاصده، لأن نظرته تكون للأفق والقمم.

    والقادة المسلمون تتقدمهم الأنبياء، وهم أشد الناس بلاء، ويكونون بذلك قوة للأمم.

    فقد سُئل النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم من قبل سعد بن أبي وقاص عن أشد البلاء على الناس، فأجاب النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم قائلاً: "الأنبياء، ثم الأمثل، والأمثل" ثم ذكر أن البلاء يأتي الإنسان حسب قوة دينه، فإذا كانت قواعد دينه قوية وصلبة، كان ابتلاؤه أشد، وإذا كان دينه أكثر رقة وضعفًا، كان ابتلاؤه على حسب ذلك، وذكر أن البلاء لا يزول عن الإنسان حتى يتركه سالمًا من الخطايا(18).

    فهذا فضل عظيم لمن صبر واحتسب على هذه المشاق، وبذلك يحقق المقاصد النبيلة في هذه الحياة.

  • الحزم:

    القائد المتميز يكون حازمًا في أموره وتصرفاته، فلا يلين في تطبيق القرار، ولا يتساهل مع أناس دون أناس، وإنما يمارس دور القيادة باعتدال دون الشدة الزائدة واللين المفرط.

    وكان النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم حازما وصارمًا في القيام بأوامر الله جل وعلا، ولكنه مع حزمه وجديته لم يكن فظا ولا غليظا، بل كان سمحا ليِّنًا حليمًا رحيمًا.

    قال الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران: 159].

    ومن مواقف حزمه صلـى الـلـه عليـه وسلـم ما تعامل به مع بني قريظة حين غدروا في غزوة الأحزاب، فلما نزل أهل قريظة تحت حكم سعد بن معاذ، أرسل النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم إليه لاستشارته في الأمر، فأتى سعد، راكبًا على حمار، وعندما اقترب من المسجد، قال للأنصار: "قوموا إلى سيدكم"، وأبلغهم بأن قريظة وافقت أن تنزل على حكمه، فأمر سعد بن معاذ رضي الله عنه بقتل الذين شاركوا في القتال وأسر ذراريهم، فقال له النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم مؤيدًا: "قضيت بحكم الله"، أو ربما قال: "بحكم الملك"(19).

    وسبب ذلك أن الأوس رغبوا لرسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم في العفو عنهم؛ لأنهم كانوا مواليهم، وسألوه أن يفعل بهم ما فعل في بني قينقاع من العفو عنهم، حين سأله فيهم عبد الله بن أبى بن سلول الخزرجي، وكان هؤلاء الأشخاص حلفاء لقوم الخزرج، فسأل النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم: "ألا توافقون أن يحكم فيهم رجلٌ من بينكم"، وكان يقصد رجلاً من قبيلة الأوس، لكي يكونوا مرتاحين مع هذا الحكم، فقرروا أن يردوا الحكم إلى سعد بن معاذ الأوسي، وقبلوا ذلك برضا(20).

  • اختيار الرجل المناسب للمكان المناسب:

    إن من أهم الصفات التي دعا إليها الإسلام هو إسناد الأمور إلى أهلها، وذلك بالنظر إلى الأهلية والكفاءة، فإن القائد تناط به مسؤوليات كبيرة، ويحتاج أن يكون فريق عمله كفؤا ويتقن الأعمال المكلفة به، وهذا لا يتأتى إلا إذا تم اختيارهم على أساس الأهلية.

    وإن من المشاكل التي نراها في عالمنا اليوم هو أنه يتم انتخاب الأشخاص بالنظر إلى نفوذهم ووجاهتهم، وهذا تضييع للأمانة، وقد قال صلـى الـلـه عليـه وسلـم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة»(21).

    وهذا الخلق العظيم قد اتصف به رسولنا الحبيب صلـى الـلـه عليـه وسلـم في عامة مواقفه، ومن ذلك ما تعامل به صلـى الـلـه عليـه وسلـم مع الصحابي الجليل أبي ذر، حيث رآه رقيق القلب، لين الجانب فنصحه النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم قائلاً: "يا أبا ذر، إنك تبدو لي ضعيفًا، وأنا أحب لك ما أحب لنفسي، فلا تتولَّ مسؤولية اثنين، ولا تكن وصيًا على مال اليتيم(22).

    وهكذا أعطى النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم قيادة جيش ذات السلاسل للصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، وذلك بعد إسلامه بخمسة أشهر، فلقد كان داهية ومن أعقل الناس، فبعثه رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم يستنفر العرب إلى الشام يستألفهم لذلك، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام، يقال له السلاسل، فلما كان عليه خاف، فبعث إلى رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم يستمده، فبعث إليه رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين، فيهم أبو بكر وعمر(23).

    فاستعمله النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم في الأمر الذي كان يتقنه، وأثبت في ذلك جدارته رضي الله عنه.

    وهكذا لما أسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه قد فرح بإسلامه النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم وسرّ به، وفي معركة مؤتة، نعى النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم أمراء المسلمين الذين قادوا الجيش، فذكر أن زيدا أخذ الراية، فأصيب، ثم تلاها جعفر، فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة، وعينا رسول الله تذرفان، حتى أخذها سيفٌ من سيوف الله - خالد بن الوليد - ففتح الله عليه(24).

    شارك خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في معارك عديدة، بما في ذلك حرب الردة ومعاركه ضد مسيلمة الكذاب، كما غزا العراق وشهد الحروب في بلاد الشام، ولقد كان قائدًا فذًا وجنديًّا مخلصًا، وله مناقب كثيرة وإنجازات عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين.

    وهكذا يكون القائد ينظر إلى أهلية الناس حوله، ويسلم الأمور والمهم للرجل المناسب لها، ولا يحابي في ذلك أحدًا، وهذا العمل يساعده في تحقيق أهدافه.

  • الشورى:

    إن الإسلام يدعو إلى التشاور بين المسلمين، والمطلوب من المسلمين أن تكون هممهم عالية ومقاصدهم نبيلة، فيحتاجون إلى تحقيق معالي الامور إلى شورى ورأي، وهذا كمال قال الله جلّ وعلا -مادحًا أهل الإيمان-: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾]الشورى 38[.

    وقد كان النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم يستشير أصحابه في كثيرٍ من القضايا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما رأيتُ أحدًا أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله صلـى الـلـه عليـه وسلـم) (25).

    وهذا الوصفُ الشامل من أبي هريرة رضي الله عنه كاف في معرفة أهمية الاستشارة في سيرة الرسول الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم، وهذا منه تواضع وتربية لأصحابه لفهم القضايا وفهم الظروف ليساهم ذلك في قيادة الأمم.

    عندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بنية مشركي قريش لغزو المدينة في معركة أحد، استشار أصحابه حول ما إذا كان ينبغي لهم الخروج لمواجهتهم أم التحصين داخل المدينة، فتباينت الآراء بينهم، ومال النبي صلى الله عليه وسلم نحو رأي الذين يرون الخروج، وعندما بدأ النبي في لبس درعه وأظهر عزمه على الخروج، قالوا: 'ابق، لا تخرج، ولكنه لم يمل إلى رأيهم بعد أن أظهر عزمه، قائلاً: ما ينبغي للنبي أن يلبس درعه للقتال ثم يخلعه، حتى يحكم الله»(26).

    فالقائد الناجح هو الذي لا ينفر عن مشاورة أصحابه، بل يأخذ برأي أصحابه، ويشعرهم بذلك بالأهمية والمكانة والتقدير.

    هذه بعض الصفات التي تجلّت بوضوح في حياة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، وهي من الصفات العظيمة التي يمكن الإنسان من أن يكون ذا تأثير عظيم ذات مهارات قيادية مؤثرة في الناس.


    الفصل الثاني: نماذج من استلهام الأسس ومبادئ القيادة الإسلامية في العصور المتأخرة.

    إن النبي الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم الإسلام رسم قواعد الدين الإسلامي الحنيف، وعلّم الناس كيف يعملون به، وترك تعاليم نيرة يهتدى بها إلى قيام الساعة، والأسوة المباركة التي تركها النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم كل من تمسك بها نجا، ومن أعرض عنها ذل وخاب.

    ونجد في تاريخ أمتنا الإسلامية الممتدة إلى أربعة عشر قرنًا صورا ونماذج مشرقة في قيادة الناس، وإرشادهم إلى معالي الأمور، مما ساهم في نهوض الأمة الإسلامية وجعلها في متقدم الدول والشعوب.

    وفيما يلي ذكر ثلاثة من نماذج القادة المسلمين الذين قادوا أممًا بعد عصر النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم والصحابة الكرام، ونجد في سيرتهم مهارات وقيم في قيادة الناس التي أخذوها من الإسلام ونبي الإسلام صلـى الـلـه عليـه وسلـم:

    الأول: القائد المسلم موسى بن نُصير (19 - 97هــ):

    موسى بن نصير بن عبد الرحمن اللخمي بالولاء، أبو عبد الرحمن، الشهير بـ: فاتح الأندلس.

    أصله من وادي القرى في الحجاز، وكان والده يخدم في حرس معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ونشأ موسى في دمشق، وتولى قيادة حملة عسكرية بحرية نظمها معاوية رضي الله عنه، وقاد غزوًا إلى قبرص وأقام بها حصونًا، خدم أيضًا بني مروان وازدهرت مكانته بشكل كبير.

    وكان مسؤولًا عن جباية الضرائب في البصرة أثناء حكم الحجاج، ولقد شارك في غزو إفريقيا أثناء حكم عبد العزيز بن مروان، ولما تولى الوليد بن عبد الملك الخلافة، سلّم له إدارة إفريقيا الشمالية والمناطق الغربية للمغرب، وذلك سنة (88هـ)(27).

    وقد شارك في فتح عدد من البلدان، ومن مشاهير أقواله أنه لما دخل المغرب سنة (85هـ) قام في الناس خطيبا وذكر أنه رجل مثلهم، فإذا رأيتم مني خيرًا فاحمدوا الله ولنحاول جميعًا السير على ذلك الخير، وإذا رأيتم مني خطأً، فعليكم أن تنكروه، فأنا أخطئ كما تخطؤون، وأصيب كما تصيبون، ثم بشرهم أن الأمير وجَّه لهم بالعطاء المضعف، فاستلموا ذلك برضى وسعادة، ومن لديه ضرورة فليطلب منا وسنكون معه في المساعدة بإذن الله، والقوة والقدرة بيد الله(28).

    ومن هنا يظهر اهتماه بتعاليم الدين الإسلامي، واعتزازه بها، حيث ألقى درسا مؤثرا في المساواة بين القائد والجند، وبين أنه مستعد لإكمال حوائجهم.

    وذكر الذهبي قصة دخوله إفريقية وفيها فوائد حيث لما وصل إليها، وجد المدن خاوية بسبب الصراعات بين القبائل، وكانت هناك مجاعة شديدة، فأمر الناس بأداء الصلاة والصيام والتوبة، ثم قادهم خارج المدن إلى الصحراء، وكان يحمل معه جميع الحيوانات، فلما وصلوا إلى الصحراء، صلَّى وخطَب وبقي معتكفًا هناك حتى وقت الظهيرة، ثم فرق بين الأمهات وأولادها من الحيوانات مما أثار البكاء والصراخ، ثم صلى وخطب، ولم يذكر اسم الوليد في خطبته، ولما سُئل عن عدم دعائه لأمير المؤمنين، قال: "هذا الموقف هو للدعاء لله وحده" ثم طلبوا المطر وأُغيثوا(29).

     ومن أبرز أعمال موسى بن نصير أنه قام بنشر الإسلام بين البربر، فكان يهتم باختيار أشخاص ذوي سمعة طيبة لنشر الدين في المناطق الواسعة، وقام بتكليف جماعة من أصحابه لتعليم البربر الجدد في الإسلام، وتعليمهم القرآن والمبادئ الأساسية للدين، فأمر العرب بتعليم البربر القرآن وتعميق فهمهم في الإسلام(30).

    وفي عهده تم فتح الأندلس على يد القائد طارق بن زياد الليثي (50-102 هـ): من قبائل البربر التي تعيش شمال أفريقيا، وذلك سنة 92 هـ، ويعتبر طارق بن زياد من أشهر القادة العسكرين في التاريخ.

    فرحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرًا.

    الثاني: القائد المسلم عبد الرحمن الداخل (113-172هــ):

    هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، أبو المطرف، صاحب الأندلس، مولده بالشام سنة ثلاث عشرة ومائة ، وأُمُّه أم ولد اسمها راح.

    موسى بن نصير اشتهر بالداخل، حيث لجأ إلى الأندلس عندما انهارت خلافة بني أمية وظهرت دولة بني العباس، فهرب ونجا، ودخل الأندلس، ثم استولى عليها وأخذت تحت سيطرته.

    كان دخوله الأندلس مستترًا سنة ثمان وثلاثين ومائة في زمن أبي جعفر المنصور متغلبا على قُرطبة، وكانت دولة عبد الرحمن ثلاثا وثلاثين سنة وأشهرا.

    وذكر الذهبي أن الإسلام، كان عزيزا منيعا بالأندلس في دولة عبد الرحمن الداخل، فانظر إلى هذا الأمان الذي كتب عنه للنصارى: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الكتاب مأمون لحفظ الأمان ومنع سفك الدماء، وحماية الناس، عهده الأمير الكريم، الملك العظيم عبد الرحمن بن معاوية، ذو الشرف العالي والخير الوافر، إلى البطارقة والرهبان وسائر سكان قشتالة وأقاليمها، بشرط البقاء على الطاعة في أداء الرسوم المحددة لهم، فأعلن أنهم يجب عليهم دفع عشرة آلاف أوقية من الذهب، وعشرة آلاف رطل من الفضة، وعشرة آلاف رأس من أجود الخيول ومثلها من البغال، ومع ذلك، ألف درع وألف رمح مع دروع مماثلة سنويًا، وعندما ينتهكون العهد بأسر أحدهم كأسير أو يغدرون بمسلم، يُلغى هذا العهد الذي وقعوا عليه، وهذا الأمان ممتد لخمس سنوات، ابتداءً من شهر صفر للعام 242 هجريًا(31).

    وذكروا من حاله أن عبد الرحمن الداخل كان راجح العقل، راسخ الحلم، واسع العلم، كثير الحزم، نافذ العزم، لم ترفع له قط راية على عدو إلا هزمه، ولا بلد إلا فتحه، شجاعاً، مقداماً، شديد الحذر، قليل الطمأنينة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دعة، ولا يكل الأمر إلى غيره، كثير الكرم، عظيم السياسة، يلبس البياض ويعتم به، ويعود المرضى ويشهد الجنائز، ويصلي بالناس في الجمع والأعياد، ويخطب بنفسه، جند الأجناد وعقد الرايات واتخذ الحجاب والكتاب، وبلغت جنوده مائة ألف فارس(32).

    فهذه الصفات الطيبة هي التي رسمت شخصيته القيادية المؤثرة، فجزاه الله عن المسلمين خيرا.

    الثالث: القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي (532 - 589 ه):

    السلطان الكبير، والملك الناصر، يوسف بن أيوب، أبو المظفر صلاح الدين الأيوبي التكريتي الكردي، قاهر الفرنج، ومعيد بيت المقدس، أصله من أكراد أذربيجان.

    بلغت سيرته العطرة وذكراه الحسن الآفاق لما له من أياد مباركة لنهضة الأمة وقيادتها في معارك عظام، فجزاه الله عن المسلمين خيرا.

    ومن أعظم إنجازاته التي لا تنسى هي استعادته لبيت المقدس (فلسطين) للمسلمين عام 583هــ، وتخليصه من رجس الصليبيين.

    وكان نور الدين محمود بن زنكي قد كلفه وأرسله في إطار جيشه مع عمه أسد الدين شيركوه، الذي حكم مصر بعد وفاته، وعندما توفي شيركوه، تولى صلاح الدين الحكم، وحظي بدعم العساكر وتمكن من هزيمة سلالة بني عبيد "ملوك الدولة العبيدية"، وأخضع دولتهم وقهرهم، ثم استولى على قصر القاهرة ونال منه الكثير من الثروات والكنوز(33).

    وكان مهيبًا حازمًا شجاعًا ذو همة عالية.

    ولم يقتصر في استعادة فلسطين فقط للمسلمين، بل أخذ أماكن ومناطق كثيرة كانت تحت ظلمهم وقبضتهم، منها: الرملة، والرقة، وحران، وتملك دمشق وحلب، وحاصر الموصل، وعدة بلاد بالجزيرة، وبعث أخاه، فافتتح له اليمن، وسار بعض عسكره، فافتتح له بعض المغرب، وغير ذلك من المناطق والمدن.

    في عام 1187، فتح صلاح الدين طبرية ونزل في عسقلان، ثم وقعت معركة حطين بينه وبين الفرنجة الذين كان عددهم يُقدر بحوالي أربعين ألف جندي، فنشبت المعركة وانتصر صلاح الدين على تلك القوات الفرنجية، وجاوروا الماء على تلة صغيرة واستسلموا، فأسر المسلمون أمراءهم وقادتهم، ومن ثم تقدم صلاح الدين وأخذ مدنًا مثل عكا وبيروت وكوكب، وبعد ذلك حاصر القدس، وبعد فترة من الصراعات، استسلمت له القدس بأمان(34).

    ولم يكتف بفتح بيت المقدس، بل دافع عنه في حملات التي تلت فتح بيت المقدس من قبل الأعداء لاسترجاعه من المسلمين، فقام أمام الأعداء كحصن منيع ولم يستطيعوا أخذ أنملة منه.

    وكان يستلهم الصلاح والتقى من تعاليم الدين الإسلامي، فقال العماد: (لا يلبس إلا ما يحل لبسه كالكتان والقطن، نزه المجالس من الهزل، ومحافله آهلة بالفضلاء، ويؤثر سماع الحديث بالأسانيد، حليما، مقيلا للعثرة، تقيا نقيا، وفيا صفيا، يغضي ولا يغضب، ما رد سائلا، ولا خجل قائلا، كثير البر والصدقات، أنكر علي تحلية دواتي بفضة، فقلت: في جوازه وجه ذكره أبو محمد الجويني، وما رأيته صلى إلا في جماعة) (35).

    وقال الذهبي عنه: (كان رحمه الله كريما، جوادا، بطلا، شجاعا، كامل العقل والقوى، شديد الهيبة) (36).

    وهكذا نجد في سيرته الحرص على العلم، وتقدير العلماء، والتواضع للمسلمين، والحكم بينهم بالعدل.

    وتوفي الملك الصالح صلاح الدين الأيوبي بقلعة دمشق، بالشام بعد الصبح من يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة(37).

    فهذه نماذج يسيرة في ذكر بعض القادة المشهورين في العالم الإسلامي، الذين مكّن الله لهم في الأرض، وفتح على أيديهم فتوحات عظيمة، ولو تتبعنا سيرهم والأحداث في زمانهم نجد الصلاح في عامة أمورهم ظاهرا، ونجد أنهم كلما طبقوا هدي النبي الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم في الحروب والعهود قد مكن الله لهم في الأرض، فرحمهم الله وجزاهم عنا خيرا.

    الفصل الثالث: تحديات وتوجيهات لاسترجاع أسس القيادة الناجحة في الظروف الراهنة.

    إن التحدي الذي يواجه المسلمين اليوم هو تهيئة القادة المتميزين الذين يقودون الأمة، ويحافظون على بيتها، وإن من أعظم الواجبات على المسلمين القادة اليوم هو الحفاظ على الدول والشعوب من الغزو الفكري، والحفاظ على الهوية الإسلامية، والوقوف صفًّا واحدا أمام هجمات الأعداء الحربية والفكرية، هو تحدّ عظيم، ويتطلب منا الرجوع إلى تعاليم الشرع الحنيف، فإن الله تعالى قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[الرعد ١١[.

    والآية توضح أن العباد إذا تابوا وتركوا الخطايا والمعاصي، سيجدون أنفسهم ينتقلون من حالة الشقاء والضيق إلى حالة الخير والسرور والسعادة والرحمة التي من الله.

    والواجب على المسلمين هو الاستعداد بأقصى قدر ممكن من القوة، بدايةً من تعزيز الإيمان والتقوى، ومن ثم يأتي تطوير العلم والمعرفة، لكي يستفيدوا من التقنيات والمعرفة التي يتمتع بها الآخرون، ومع ذلك، لم يقم المسلمون بما ينبغي عليهم في هذا الصدد.

    وإن من أسباب ضعف المسلمين هو رضاهم بالتركيز على العلوم الدنيوية التي تُمكِّنهم من الحصول على الوظائف والمكاسب المادية دون النظر إلى العلوم التي تعزز التعايش والسلام وتقود إلى التخلص من العداء والصراعات، والأمر الآخر هو عدم اتباع أوامر الله والابتعاد عن ما يغضبه، فهو يؤدي إلى فقدان القوة الروحية والروحانية التي تدعم الفرد والجماعة.

    وقال الأديب علي الطنطاوي: (ليعمد كل واحد منّا إلى أسرته فيحاول إصلاحها، فإن الأمّة هي مجموعة أسر، فإذا صَلُحت الأسر صَلُحَت الأمّة، والله لا يبدّل ما بقوم حتى يبدّلوا ما بأنفسهم)(38).

    وإذا تأملنا في أسباب نجاح قيادة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم نستطيع أن نقيّم واقعنا من خلالها، ونتأمل في الأسباب التي يمكن استرجاع مجد الأمة والتميز في قيادتها من خلالها.

    فلو نظرنا إلى السبب الأول وهو البدء بالأهم فالأهم نجد أن كثيرًا منا قد ترك الغاية التي وجدنا من أجلها وهو توحيد الله جل وعلا، فعلينا أن نركز في خطبنا ودروسنا ومناهج تعليمنا بتذكير الناس بهذا الواجب العظيم، فإن الرفعة وعلو الشأن لا تنال إلا بالإيمان والتوحيد.

    ثم إن وضوح الهدف أمر في غاية الأهمية، فكثير من الشباب والمسؤولين يعيش اليوم بلا هدف فضلا أن يكون الهدف واضحا، وهذا يجعلهم أمام مصيرٍ مجهول، ويدب اليأس في قلوبهم، فعلينا أن نرسم أهدافنا في تحقيق التقدم والتطور لمجتمعاتنا الإسلامية.

    ثم الشمولية في القيادة أمر مهم، فلا يُغفل جانب دون الآخر، ويجب أن يكون التخطيط شاملا، فيشمل الرقي والتحسين في مجال التربية والتعليم، والاقتصاد، والبناء والتطوير، والعلاقات بين الدول.

    وأما العدالة فهو الكنز المفقود اليوم، فنجد المحاباة للأقارب في المحاكم والأقضية، ونجد أن كثيرا من القضاة وأصحاب المناصب تتحكم فيهم الأهواء وحب المال، ونجد في الإدارات والوزارات أن الناس ذوي كفاءة أقلّ ربما يقدمون على الأكفاء المتميزين، لوجود العلاقة والمعرفة.

    وهذا داءٌ عضال، يجعل الدور القيادي ضعيفا ما لم نرجع إلى تحقيق العدالة في القيادة.

    ثم الشجاعة في الأقوال والأفعال مطلوبة، فالقائد الناجح يتمسك بأحلامه ويفعل كل ما بوسعه لتحقيقها، ولما يدرس الأمر من جميع أطرافه، يبدأ بتنفيذه وتشريعه، ولا يخاف من المثبطين المحبطين.

    والقائد الفذ لا بد أن يُشعر فريقه بأنهم كلهم محل اعتبار وثقة عنده، ولا يقرب البعض دون البعض، فإن هذا يعطل عملية التطور والتميز، ويصبح الفريق غير مركز على تحقيق الهدف، بل يشعر الفريق بالتخاذل وعدم التقدير، وهذا داء دبّ في كثير من البلدان والشعوب، ويجب على القادة التنبه له.

    وأما الصبر فما أحوجنا إليه، فإن كثيرا من القرارات الغير مناسبة التي تتخذ تكون نتيجة للاستعجال والتهور، وعدم ضبط النفس في حالة الانفعال، فإن مثل هذه القرارات تجعل من القائد أضحوكة، ومحل سخرية من العقلاء، فإن صبر وتأمل، وفكر بهدوء النفس علم التصرف الصحيح.

    ثم إن القائد يجب أن يكون حازمًا في اتخاذ القرارات وتحقيق تنفيذها، فإن أشعر فريقه أنه غير جاد، وأن العمل ليس بذاك الأهمية تكاسل الجميع، وتناكسوا عن أداءه بأفضل وسيلة ممكنة.

    ثم إن القائد يجب أن يحتار الناس المناسبة للعمل المناسب، وينظر إلى الكفاءات والمهارات عند الاختيار، وإن قدّم القائد المعارف دون الأكفاء سيعرض للمنظومة إلى أخطار وخسائر كبيرة.

    ولذا فإنّ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب أمر لا ينبغي المراهنة عليه.

    ولا يغفل القائد الحصيف عن استشارة ذوي العقول والحجا، فإن المرء قوي بإخوانه، والاستشارة سنة الأنبياء والصالحين، فإن المرء قد يقف على آراء وأفكار فذة التي تفيده في مجاله القيادي الذي لو لم يستشر لما أمكنه الوصول إليها.

    ثم إنه يورث في الفريق الأمل، ويشعرهم بالاهتمام والتقدير مما يحفزهم على مزيد من الاعتناء وحسن الأداء.

    هذا ونسأل الله أن يعلي مجد هذه الأمة الإسلامية، وأن يرزقنا الاقتداء بالنبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

    وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.


    خلاصة البحث

    تبين بهذا البحث المختصر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وهبه الله الصفات الجميلة للقائد الفذّ، ويظهر ذلك جليا لمن يتتبع سيرته المباركة، وكيف ساس الناس، وكيف حلّ المعضلات، ومن أظهر ما يبين ذلك مدى انتشار الدعوة الإسلامية في العالم، فجاء ذكر الصفات العشر التي تميز بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كقائد الأمة الإسلامية، ثم تطرق البحث إلى ذكر نماذج منتخبة لبعض الأمراء وقادة المسلمين الذين اقتدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم في السياسة والقيادة، وكان لهم قدم صدق في الحياة، فوُجد لهم التأثير الإيجابي في أمورهم وسياستهم، وجعل الله لهم قبولا بين عباده، وهذا مما يرشدنا ويحفزنا إلى أن رجوع قادة اليوم إلى تطبيق تلك الصفات المباركة المستمدة من سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك يضمن لهم النجاح والتوفيق في الحياة الدنيا، وتكون الأمة الإسلامية في مقدمة مصاف دول العالم.


    نتائج البحث

  • إن الاطلاع والتأمل في الصفات القيادية والمهارات العظيمة التي وهبها الله لرسول الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم أمر متحتم على القادة، إذ أن البشرية لم تعهد قائدا مثله صلـى الـلـه عليـه وسلـم، ونحن مأمورون كمسلمين بالاقتداء به في جميع شؤون الحياة.

  • ذكرتُ عشرةً من الصفات القيادية التي تحققت وبرزت في شخصية النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم، والناظر فيها وفي دلائلها يعترف لا محالة أنه صلـى الـلـه عليـه وسلـم خير وأكملُ من اتُّصف بها.

  • ذكرتُ نماذج رائعة للقادة المسلمين عبر تاريخ أمتنا الإسلامية الذين تركوا أثرا كبيرا، وساهموا في رفعة الأمة وعلو شأنها والدفاع عن مقدساتها، وقد ذكرتُ ثلاثة نماذج منها، والغرض منه أنه يبعث الأمل في المسلمين بأنهم إذا رجعوا إلى تعاليم الدين الإسلامي، واقتدوا بالرسول الحبيب صلـى الـلـه عليـه وسلـم فلا شيء يمنع من أن ترجع الأمة إلى قيادة دول العالم كما تحقق ذلك لمن أتوا بعد عصور الصحابة.

  • ذكرتُ حال القادة المعاصرين، وأن بعضهم قد دبّ فيهم الضعف، وابتعدوا عن المهارات القيادية، فحاولت ذكر بعض الطرق لاسترجاع تلك المهارات من خلال سيرة النبي صلـى الـلـه عليـه وسلـم.


    التوصيات

  • أوصي بضرورة نشر السيرة النبوية مع إبراز القِيم القيادية التي اتصف بها الرسول الكريم صلـى الـلـه عليـه وسلـم.

  • أوصي بإدراج مادة (القيادة) في مقررات الجامعات في كافة التخصصات، وبكون التركيز فيها على ضرب الأمثلة بالقياديين المسلمين المتميزين من عهد الصحابة إلى من بعدهم.

  • أوصي المراكز الإعلامية والحكومات بضرورة إنشاء أفلام تعريفية بأساليب شيقة لعرض الشخصيات الإسلامية المتميزة ذات مهارات قيادية التي تركت أَثَرًا حميدًا في النهوض بمجد الأمة.




    مصادر البحث

  • ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، ط. قام بتصويرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، 1425 هـ.

  • الإمام مسلم، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط. دار إحياء التراث العربي – بيروت.

  • الإمام البخاري، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الأولى، 1422هـ.

  • الإمام البخاري، التاريخ الكبير، اعتنى بتصحيحه: الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، ط. دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد بالهند، 1380 هـ.

  • الإمام أحمد، المسند، تحقيق: مجموعة من الباحثين، ط. مؤسسة الرسالة بيروت، الثانية، 1420 هـ.

  • ابن القيم، الكافية الشافية، تحقيق: محمد العريفي وآخرون، طبعة دار عالم الفوائد.

  • أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة، تحقيق: عادل العزازي، ط. دار الوطن بالرياض، الأولى، 1419 هـ.

  • ابن جرير الطبري، تفسير ابن جرير، تحقيق: الدكتور عبد الله التركي، ط. دار هجر، الأولى 1422هــ.

  • ابن ماجه، السنن، تحقيق شعَيب الأرناؤوط ومن معه، ط. دار الرسالة العالمية، بيروت، الأولى، 1430 هـ.

  • القاضي عياض، إكمال المعلم، تحقيق الدكتور يحيى إسماعيل، نشر دار الوفاء للنشر بمصر، الأولى، 1419 ه

  • ابن هشام، سيرة ابن هشام، بتحقيق مصطفى السقا ومن معه، ط. البابي الحلبي وأولاده بمصر، الثانية.

  • الترمذي، جامع الترمذي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط. دار الرسالة العالمية، بيروت، الطبعة الأولى 1432ه.

  • ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، تحقيق عزت الحسيني، نشر الخانجي، القاهرة، الثانية، 1408هــ.

  • أبو عبد الله الحميدي، جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، الدار المصرية للتأليف والنشر، 1966م.

  • شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤوط، ط. مؤسسة الرسالة ببيروت، الثالثة، 1405 هـ.

  • الدكتور علي الصلابي، الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار، نشر دار المعرفة، عام 1429هــ.

  • المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، نشر دار صادر بيروت.

  • الذهبي، تاريخ الإسلام، تحقيق: د/ بشار عواد معروف، ط. دار الغرب الإسلامي ببيروت، الأولى، 1424 هـ.

  • ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبدالمحسن التركي، ط. دار هجر، الأولى، 1418 هـــ.

  • السيد علي الطنطاوي، الذكريات، صححه حفيد المؤلف مجاهد مأمون، نشر دار المنارة 1427هــ.

    مراجع:

    i Assistant Professor, Department of Essential Studies, NED University of Engineering & Technology, Karachi, Pakistan

    1() تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، ط. قام بتصويرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، 1425 هـ. (10/149).

    2() مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ط. دار إحياء التراث العربي – بيروت، كتاب الجهاد والسير، 3/1397، رقم: 1774.

    3() محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، الجامع الصحيح، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، الأولى، 1422هـ، كتاب التوحيد، 9/114، رقم: 7372.

    4() محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، أبو عبد الله، التاريخ الكبير، اعتنى بتصحيحه: الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، ط. دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد بالهند، 1380 هـ. (2/119).

    5() أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، المسند، تحقيق: مجموعة من الباحثين، ط. مؤسسة الرسالة بيروت، الثانية، 1420 هـ، (30/625-626، رقم: 18694).

    6() صحيح مسلم (كتاب الطهارة، 1/223، رقم: 262).

    7() صحيح البخاري (كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، 2/176، رقم: 1741).

    8() صحيح البخاري (كتاب فرض الخمس، 4/95، رقم: 3150)، وصحيح مسلم (كتاب الزكاة، 2/739، رقم: 1062).

    9() محمد بن أبي بكر بن أيوب، شمس الدين ابن قيم الجوزية، الكافية الشافية، تحقيق: محمد العريفي وآخرون، طبعة دار عالم الفوائد (ص210).

    10() أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني أبو نعيم، معرفة الصحابة، تحقيق: عادل العزازي، ط. دار الوطن بالرياض، الأولى، 1419 هـ، (3/1404).

    11() صحيح البخاري (كتاب الجهاد والسير، باب إذا فزعوا بالليل، 4/66، رقم: 3040).

    12() مسند أحمد (2/81، رقم: 654).

    13() صحيح البخاري (كتاب المغازي، باب غزوة ذات السلاسل، 5/166، رقم: 4358).

    14() صحيح البخاري (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 5/134، رقم: 4210).

    15() محمد بن جرير بن يزيد، أبو جعفر الطبري، تفسير ابن جرير، تحقيق: الدكتور عبد الله التركي، ط. دار هجر، الأولى 1422هــ، (20/179).

    16() صحيح البخاري (كتاب الجزية، 4/104، رقم: 3185).

    17() صحيح البخاري (كتاب الرقاق، 8/97، رقم: 6459).

    18() مسند أحمد (3/87، رقم: 1494)، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، ابن ماجه، السنن، تحقيق شعَيب الأرناؤوط ومن معه، ط. دار الرسالة العالمية، بيروت، الأولى، 1430 هـ. (5/152، رقم: 4023).

    19() صحيح البخاري (كتاب المغازي، 5/112، رقم: 4121).

    20() القاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي، أبو الفضل، إكمال المعلم، تحقيق الدكتور يحيى إسماعيل، نشر دار الوفاء للنشر بمصر، الأولى، 1419 ه، (6/105).

    21() صحيح البخاري (كتاب الرقاق، باب رفع الأمانة، 8/104، رقم: 6496).

    22() صحيح مسلم (كتاب الإمارة، 3/11457، رقم: 1826).

    23() ابن هشام، عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين، سيرة ابن هشام، بتحقيق مصطفى السقا ومن معه، ط. البابي الحلبي وأولاده بمصر، الثانية، (2/623).

    24() مسند أحمد (3/278-279، رقم: 1750).

    25() محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى، جامع الترمذي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط ومن معه، ط. دار الرسالة العالمية، بيروت، الطبعة الأولى 1432ه، (أبواب الجهاد، باب ما جاء في المشورة، 3/330، رقم: 1714).

    26() صحيح البخاري (كتاب الاعتصام، 9/112، قبل الحديث: 7369).

    27() عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي، أبو الوليد، المعروف بابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، تحقيق عزت الحسيني، نشر الخانجي، القاهرة، الثانية، 1408هــ (2/144)، محمد بن فتوح بن عبد الله الأزدي الحَمِيدي أبو
    عبد الله، جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، الدار المصرية للتأليف والنشر، 1966م. (ص338).

    28() مصر في العصر الأموي (ص155).

    29() أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤوط، ط. مؤسسة الرسالة ببيروت، الثالثة، 1405 هـ، (4/498).

    30() الدكتور علي محمد الصلابي، الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار، نشر دار المعرفة، عام 1429هــ، (2/19-25).

    31() سير أعلام النبلاء (8/250).

    32() شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس، نشر دار صادر بيروت، (3/49).

    33() سير أعلام النبلاء (21/279).

    34() سير أعلام النبلاء (21/280).

    35() سير أعلام النبلاء (21/280)، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، تاريخ الإسلام، تحقيق: د/ بشار عواد معروف، ط. دار الغرب الإسلامي ببيروت، الأولى، 1424 هـ، (12/890)، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبدالمحسن التركي، ط. دار هجر، الأولى، 1418 هـــ. (16/579-581)، (16/658).

    36() تاريخ الإسلام (12/890).

    37() تاريخ الإسلام (12/892)، والبداية والنهاية (16/579-581).

    38() محمد علي بن مصطفى الطنطاوي المعروف بـ «علي الطنطاوي»، الذكريات، صححه حفيد المؤلف مجاهد مأمون، نشر دار المنارة 1427هــ. (5/394).

    [84]

  • Loading...
    Similar Articles
    Loading...
    Similar Article Headings
    Loading...
    Similar Books
    Loading...
    Similar Chapters
    Loading...
    Similar Thesis
    Loading...

    Similar News

    Loading...
    About Us

    Asian Research Index (ARI) is an online indexing service for providing free access, peer reviewed, high quality literature.

    Whatsapp group

    asianindexing@gmail.com

    Follow us

    Copyright @2023 | Asian Research Index